المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

التحليــل الثقافى للتنميـــة والبيئـــة

الخميس 24/مارس/2016 - 09:36 ص

دعانى الدكتور «خالد فهمى» وزير البيئة لملتقى فكرى هام شاركت فيه مجموعة من المسئولين التنفيذيين فى وزارة البيئة والخبراء وعدد من الصحفيين وأعضاء مجلس الشعب، وذلك لمناقشة موضوع التنمية والبيئة ولعرض خطة وزارة البيئة التى تقوم بتنفيذها فعلاً.

وقد رحبت بالدعوة من منطلق كونى باحثا علميا فى العلم الاجتماعى ولى إسهامات متعددة فى الميدان.

وقد تبلورت هذه الخبرات المتعددة فى البحث الذى قدمته لمؤتمر التنمية الاجتماعية عام 2000 وكان عنوانه «آفاق التنمية الشاملة فى المجتمع المصرى» والذى ضمنته مجموعة من التوصيات لعل أهمها التوصية الخامسة وكانت كما يلى: «ضرورة إقامة» مرصد اجتماعى يقوم بمهمة الرصد الدقيق للمتغيرات الاجتماعية ويؤدى وظيفة الإنذار المبكر للظواهر السلبية وضروب التوترات الاجتماعية التى يمكن أن تحدث فى غمار عملية التنمية البشرية الشاملة. ويقتضى ذلك الاعتماد على نظريات ومناهج العلم الاجتماعى بكل فروعه وعلى وجه الخصوص مناهج الدراسات المستقبلية، وقد لاقت هذه التوصية إجماعا من أعضاء المؤتمر. وقد اهتمت الدكتورة «أمينة الجندى» -وزيرة الشئون الاجتماعية فى هذا الوقت ورئيس مجلس إدارة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- بتحويل هذه التوصية إلى واقع، وكلفتنى- باعتبارى أستاذا غير متفرغ لعلم الاجتماع بالمركز- بتأسيس المرصد والإشراف على إدارته.

وقد تشكل المرصد فعلا من خمسة عشر أستاذا يمثلون مختلف تخصصات العلم الاجتماعى. وقد مارست هيئة بحث المرصد عقد اجتماعات أسبوعية لمدة عام كامل عكفت فيه على وضع الإطار النظرى للمرصد على أساس تقديم عروض علمية عن عدد من الموضوعات الجوهرية التى تتعلق بعمل المرصد.

ومن بين هذه العروض المهمة إطار نظرى مقترح للمرصد الاجتماعى، والمراصد فى العالم أضواء دروس، ومؤشرات التنمية والسيناريوهات العلمية وطرق بنائها، وملامح مجتمع المخاطر، واتجاهات الدراسات المستقبلية ومفهوم التنمية المستدامة.

وقد نشر المرصد الاجتماعى كتابا مرجعيا ضم هذه العروض بعنوان المرصد الاجتماعى: الإطار النظرى والعروض النقدية وبرنامج العمل صدر عام 2003 عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية. وقد استقرت هيئة بحث المرصد على اختيار أربعة مشكلات أساسية لبحثها بحثا متعمقا وهى القضية السكانية باعتبار أن الزيادة المطردة فى السكان يمكن أن تبدد ثمار برامج التنمية المختلفة.

والقضية الثانية هى مشكلة الأمية. ولو عرفنا أنه بحسب أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء- أن معدل الأمية فى مصر هو 26% لأدركنا أننا أمام كارثة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. والقضية الثالثة هى مشكلة التعليم الذى فشل حتى الآن فى تحقيق الكفاءة التعليمية المطلوبة والتى يمكن أن تحقق متطلبات التنمية. والقضية الرابعة هى مشكلة البطالة وارتفاع معدلاتها وخصوصا بين الشباب مما يجعل المجتمع المصرى من مجتمعات الخطر.

والقضية الخامسة والأخيرة هى مشكلة الفقر الذى يعد أحد أهم المشكلات التى تؤثر فى واقع الحياة المصرية والتى تثير توترات عديدة خاصة مع توقع زيادة معدلات الفقر. وقد صدقت هذه النبوءة لأن معدل الفقر الآن فى مصر يشير إلى أن 26 مليون مصرى يقعون تحت خط الفقر.

وهكذا يمكن القول إن هيئة بحث المرصد الاجتماعى منذ عام 2001 نجحت فى اختيار أهم المشكلات التى تواجه جهود التنمية فى مصر، والتى من شأن عدم مجابهتها بالأسلوب التخطيطى والعلمى الأمثل يمكن أن يؤدى إلى انفجار اجتماعى. وقد تحققت هذه النبوءة بقيام ثورة 25 يناير 2011. ومعنى ذلك لو أن السلطة السياسية فى مصر دعمت جهود المرصد الاجتماعى منذ عام 2002 لبحث هذه المشكلات بالإضافة إلى تدعيم إدارة المركز القومى للبحوث الاجتماعية لهذه الجهود لكان من الممكن تصويب مسار التنمية المصرية وإشباع الحاجات الأساسية للجماهير العريضة.

فى ضوء هذه الخبرات النظرية والعملية ركزت فى العرض الذى قدمته فى الملتقى الفكرى الذى دعا إليه الدكتور «خالد فهمى» وزير البيئة على أهمية الاستعانة بالمؤشرات الكمية والكيفية لرسم صورة واقعية للمشكلات المصرية مع استخدام لغة التخطيط فى التفرقة بين المدى القصير والمدى المتوسط والمدى الطويل.

كما أكدنا على مفهوم «استدامة» التنمية والتى تعنى فى المقام الأول وضع مستقبل الجيل القادم فى الاعتبار فى التخطيط لبرامج التنمية، والحرص على تكامل أبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

فى ضوء ذلك كله قدمنا إطارا متكاملا للربط الوثيق بين التنمية والبيئة. وهذا الإطار الثلاثى يقوم على أساس التحليل الثقافى، والتحليل السوسيولوجى للمجتمع، وأخيرا التحليل السوسيولوجى للقانون.

والتحليل الثقافى للمجتمع يركز عادة على أنماط القيم السائدة فى المجتمع مع الاهتمام بفرز القيم السائدة فى مختلف الطبقات الاجتماعية فى مجال الإنتاج والاستهلاك فذلك له علاقة وثيقة بموضوع البيئة. وينبغى أن يتم الالتفات إلى أن القيم الاجتماعية تختلف بحكم تقسيم المجتمع إلى ريف وحضر وصحراء، وبالتالى فإن البيئة من شأنها أن تتأثر بشكل مختلف فى هذه البيئات الاجتماعية المختلفة.

أما التحليل السوسيولوجى للمجتمع فينبغى أن يركز على مراكز القوة فى المجتمع بالإضافة إلى الاهتمام بالتركيب الطبقى والذى يجعل السلوك الاجتماعى يختلف فى الطبقات العليا والوسطى والدنيا.

ونصل أخيرا إلى التحليل السوسيولوجى للقانون والذى يهتم به أساسا علم الاجتماع القانونى.

وهذا العلم -عكس المنهج التقليدى فى القانون- يقوم على أساس التفرقة بين عدة مراحل تمر بها القاعدة القانونية والتى من الضرورى الاستعانة بها فى مجال الحفاظ على البيئة.

العملية الأولى هى وضع القاعدة القانونية وهنا نفرق بين المشرع «الظاهر» والذى يتمثل فى الحكومة أو مجلس النواب والمشرع «الخفى» والذى يأخذ صورة جماعات المصالح وجماعات الضغط التى تضغط أحيانا للتأثير على صياغة القاعدة القانونية بما يلبى مصالحها، أو تحاول الإفلات بصورة أو بأخرى من توقيع العقوبات السالبة للحرية على مخالفات أعضائها.

وفى هذا المجال لابد من تحقيق المشاركة الجماهيرية فى وضع القاعدة القانونية من خلال إجراء حوار مجتمعى لمشروعات القوانين قبل إصدارها.

والعملية الثانية هى الإعلام بالقاعدة القانونية فى مجال حماية البيئة حتى لا يدفع أحد بالجهل بالقانون.

والعملية الثالثة تتمثل فى تطبيق القاعدة القانونية ومواجهة مراكز القوى التى تحاول تعطيل القانون أو عدم إنفاذه أو التحايل على تطبيقه من خلال شبكات الفساد المنتشرة. ونصل بعد ذلك إلى تحديد الآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتطبيق القواعد القانونية. على أنه ينبغى فى هذا المجال التفرقة بين الآثار المتوقعة لتطبيق القاعدة القانونية والنتائج غير المقصودة.

كان هذا هو مجمل المداخلة التى تقدمت بها فى الملتقى الهام الذى نظمه فى 20 مارس 2016 وزير البيئة الدكتور «خالد فهمى».  

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟