المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

تُعتبر الأزمة مشكلة إدارية في أساسها، إلا أنّها سرعان ما تتحول إلى حدث إعلامي تهتم وسائل الإعلام بنقل أخبارها، ما يجعل هذه الوسائل عنصرًا مهمًا في إدارتها واحتوائها

دور الإعلام في إدارة الأزمات ... الأزمة السورية نموذجًا

الأحد 22/نوفمبر/2015 - 10:57 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
أ.د. شريف درويش اللبان ، أحمد علي إبراهيم
تُعتبر الأزمة مشكلة إدارية في أساسها، إلا أنّها سرعان ما تتحول إلى حدث إعلامي تهتم وسائل الإعلام بنقل أخبارها، ما يجعل هذه الوسائل عنصرًا مهمًا في إدارتها واحتوائها، إذ تؤدي ظروف الازمة إلى أهمية الدور الوسيطي (Intermediary Role) الذي تقوم به وسائل الإعلام وخاصةً فيما يتعلق بفورية نقل الحدث من موقعه بالعمق والشمول الذي يساعد على فهم أبعاد الأزمة وتطوراتها وآثارها المختلفة، إضافةً إلى الابتعاد عن مبدأ حجب المعلومات أو إخفائها، والاهتمام بالتحليلات والتعليقات الإخبارية عنها، كما تؤدي الأزمة إلى دعم ومساندة أدوار وسائل الإعلام ، إذ تجذب اهتمامها واهتمام الري العام الذي يصبح أكثر تعرضًا لها، وهو ما يفسر حقيقة أنَّ ظروف الأزمة تتميز دائمًا بالاستخدام المكثف لوسائل الاتصال.
يتكون الجيش الحر من مجموعة كتائب "خالد ابن الوليد، القاشوش، أبي الفداء، أبو عبيدة الجراح، معاوية بن أبي سفيان، الرشيد وغيرها، إضافةً إلى مجموعة من الألوية
أولًا: مراحل الأزمة
يمر التناول الإعلامي للأزمات بثلاث مراحل يلعب فيها الإعلام دورًا محددًا في كل مرحلة، على النحو الآتي:

1-    مرحلة نشر المعلومات
تتمثل المرحلة الأولى بتقديم حجم معرفي شامل ومتنوع يغطي الجوانب المختلفة للأزمة، ويُمكِّن المتلقي من الوقوف على أرضية صلبة من المعلومات الغنية والمتنوعة المصادر، التي تتيح له أن يمتلك المعرفة الكافية المتعلقة بجوانب الأزمة وعناصهر وأسبابها وأطرافها، بعيدًا عن التغطية الوصفية والسردية التي تقوم على أسلوب خطابي وانفعالي وتوجيهي، وهو ما يسمى بإعلام الضجيج.
ويمكن للقائمين على وسائل الإعلام التعبير عن رأيهم ومواقفهم من خلال المنظور الذي تقدم فيه هذه الوسائل المعلومات والوقائع والحقائق، ومن خلال نوعية هذه المعلومات وطرق معالجتها وصياغتها وترتيبها وأشكال تقديمها.

2-    مرحلة تفسير المعلومات وتحليلها
إذا كان الطابع الإخباري (الإنبائي- المعلوماتي) هو السائد في المرحلة الأولى، فإنّ الطابع (التحليلي- التفسيري) هو السائد في هذه المرحلة، إذ تقوم وسائل الإعلام بتحليل عناصر الأزمة والبحث في أسبابها وجذورها، ومقارنتها بأزمات أخرى، وهنا تفسح وسائل الإعلام المجال أمام كل ما يساعد على استجلاء الحقائق وتوضيحها، سواء أكانت مواد إيضاحية مفسرة أو تحليلات وآراء الخبراء، إضافةً إلى مواقف المسئولين وصانعي القرار تجاه الأزمة واحتواء آثارها.
ويجب في هذه المرحلة التركيز على التفسير والتحليل والنقد، نتيجة تعرض المواطن لكم هائل من المعلومات من مصادر مختلفة ومتنوعة، ما قد يؤدي إلى تشويش ذهنه نظرًا إلى كثرة المعلومات، لكنّه لا يفهم ولا يستوعب ولا يدرك بعمق وشمولية حقيقة ما يحدث، فيأتي التحليل والنقد ليحقق مهمة تعريفه وشرح ما يحدث له، إذ تشحن المعالجة التحيلية- التفسيرية للأبعاد المختلفة للأزمة (الحضارية، النفسية، الاقتصادية، العسكرية، ...) التغطية بمضومن يُثري معرفة المواطن بها، ويعمّق فهمه لها، ويحشد حول هذه التغطية قوى وشرائح واسعة مهتمة ومعنية بالأبعاد المختلفة للأزمة، ومن شأن ذلك أن يجعل المواطن مُطّلعًا على أخبار الأزمة ومدركًا وفاهمًا ومستوعبًا لأسبابها وتاريخا وعواملها، ومحصنًا أيضًا ضدّ أيّ خطابٍ إعلامي مختلف، نتيجة وضوح الفكرة في ذهنه من خلال المعلومة الصحيحة والتحليل السليم، كما يجب على الإعلام في هذه المرحلة التمهيد إلى النتائج المتوقعة للأزمة، بغض النظر عن طبيعة هذه النتائج.

3-    المرحلة الوقائية
تعتبر الأزمة حدثًا مهمًا يترك آثاره العميقة على مختلف جوانب الحياة، وإذا كانت الأزمة قد اختفت أو انتهت، فإنّ آثارها ذات حضور قوي، وبالتالي تمارس تأثيرًا، لذلك لا يجب أن تتوقف وسائل الإعلام عند مجرد تفسير الأزمة والتعامل مع عناصرها، بل يجب أن يتخطى الدور الإعلامي هذا البعد ، لتقدم هذه الوسائل للجماهير طرق الوقاية وأسلوب التعامل مع أزمات متشابهة.
وعلى الرغم من وضوح دور وسائل الإعلام في الأزمات في المراحل الثلاثة، فإنّ تلك الوسائل قد تواجه مجموعة من العقبات والمشاكل أهمها:
•    تعدد الجهات التي تقوم بالأنشطة الاتصالية والإعلامية، ما يؤدي إلى افتقار التنسيق فيما بينها، لا سيما في الإعلام الرسمي.
•    عنصر المفاجأة وضغط الوقت الذين تتسم بهما الأزمة، يؤديان إلى عدم قدرة وسائل الإعلام على مواكبة الحدث بشكلٍ فوري، ما يعرض الجمهور للوقوع تحت تأثير الشائعات والدعايت المضادة، لذلك يسود اتفاق عام بين الباحثين في مجال الإعلام على ضرورة التحرك السريع ونشر الرسائل التحذيرية في التوقيت المطلوب، وصياغة المعلومة بطريقة واضحة بسطية بعيدة عن التعقيد الفني أو العبارات المتخصصة التي لا يستوعبها الجمهور العام.
يُعتبر الإعلام سلاحًا عصريًا فاعلًا في تغطية الأزمات بكل فروعها وأشكالها، لما له من قدرات هائلة في الانتقال عبر القارات
ثانيًا: الأزمة السورية

1-    الأزمة السورية النشأة والتطور
تمت الدعوة عبر موقع فيس بوك  إلى «يوم غضب سوري» في الخامس من فبراير/ شباط، للتضامن مع  ثورة 25 يناير في مصر، والتي بدأت يوم 29  يناير/ كانون الثاني  واستمرت حتى 2 فبراير/شباط ، لتخرج مظاهرة لا يتجاوز المشاركون فيها عدد أصابع اليد الواحدة، وذلك في منطقة الحريقة بدمشق.
وفي 22  فبراير/ شباط،  اعتصم عشرات السوريين أمام السفارة الليبية تضامنًا مع ما يجري في ليبيا، واستمر الوضع على حاله حتى إطلاق ناشطين سوريين "مجهولي الهوية" دعواتٍ إلى يوم "غضبٍ سوريٍّ" على موقع الفيسبوك، ليشكل ذلك الشرارة الأولى لأحداث الأزمة السورية التي بدأت بشكلٍ فعلي في منتصف شهر آذار (مارس) عام 2011، وذلك عند خروج مظاهرات محدودة العدد في مناطق سورية عدة، تحت ذريعة الحرية وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون ورفع حالة  الطوارئ – وفق رواية ما يُطلَق عليه المعارضة السورية -  ليرتفع سقف المطالب تدريجيًا ويصل إلى إسقاط النظام السوري.
وفي 31 من الشهر نفسه، ألقى الرئيس السوري بشار الأسد خطابه الأول، الذي تضمن مجموعة إصلاحات وعد بتنفيذها في محاولةٍ للسيطرة على المظاهرت المحدوة، ليأتي مرسومٌ رئاسيٌ يقضي بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين ألقي القبض عليه خلال الاحتجاجات، باستثناء مرتكبي الجرائم بحق الوطن والمواطن السوري، إضافةً إلى رفع حالة الطوارئ في الحادي والعشرين من شهر أبريل/ نيسان عام 2011، وبعد يومٍ من إلغائِه، وتنفيذ القيادة السورية لمطالب المتظاهرين، بدأت المعارضة السورية تتحدث عبر وسائل الإعلام عن سقوط عشرات القتلى في ما سًميَّ بالجمعة العظيمة، لتثبت الحكومة السورية وبمقاطع الفيديو التي التقطتها عدسات الإعلام وجود مسلّحين في المظاهرات يطلقون النار على المتظاهرين، مادفع برجال الأمن السوري إلى التدخل لحماية المتظاهرين وتأمين المظاهرات التي انطلقت من مدينة درعا في الجنوب السوري، لتتطوَّر الاحتجاجات إلى اعتصاماتٍ مفتوحة  محدودة العدد في بعض المدن، تخللتها مواجهات مسلّحة من قبل مسلحين مجهولي الهوية قاموا بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ما دفع بقوات الأمن إلى التدخل لحمايتهم وتأمين المظاهرات من العصابات المسلّحة المرتبطة بأجندات خارجية.
وعلى الرغم من سقوط القتلى المدنيين والعسكريين، فإنَّ القيادة السورية استمرت في تنفيذ وعودها بالإصلاحات، ليصدر الرئيس السوري في الرابع من أغسطس/ آب مرسوم التعددية الحزبية في سورية، والتعهد بإجراءٍ انتخاباتٍ قبل نهاية عام 2011.
وفي التاسع من الشهر نفسه بدأ التصعيد الدولي غير المسبوق ضد الدولة السورية، إذ أعلنت السعودية والكويت والبحرين سحب سفرائها من سوريا، لتبدأ بذلك إرهاصات التدخل الخارجي في الشأن السوري، والتي تمثلت بدعوة الملك السعودي السابق عبد اللـه بن عبد العزيز الرئيس السوري إلى بدء الإصلاحات فورًا، وإصدار جامعة الدول العربية في اليوم نفسه بيانها الأول داعيةً إلى وقف العنف في سوريا،، وفي السابع عشر من الشهر نفسه سحبت الأمم المتحدة العديد من موظفيها في البلاد وقيّدت الولايات المتحدة الأميركية حركة الدبلوماسيين السوريين فيها، في الوقت الذي استدعت فيه تونس السفير السوري لديها، وفي اليوم التالي اتخذ الخطاب الدولي منعطفًا آخرًا تمثّل بإعلان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، ثم الاتحاد الأوربي فكندا فقدان الرئيس السوري شرعيته، ومطالبته بالتنحي الفوري، و في الرابع من أكتوبر/ تشرين الاول بدأ أكبر تحرُّكٍ  في مجلس الأمن الدولي، حيث حاولت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال طرح مشروع قرار يُدين النظام السوري للاحتجاجات "السلمية" ويُطالبه بوقف "القمع واحترام حقوق الإنسان وبدء إصلاحات سياسية فورية" حسب تعبير تلك الدول، لكنَّ روسيا والصين استخدمتا حق الفيتو  في وجه ذلك المشروع.
وفي السادس عشر من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني علّقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا فيها، مطالبةً إياها بالتوقيع على بروتوكول إرسال مراقبين عرب إليها خلال مدةٍ لا تتجاوز الثلاثة أيام ، ما أثار حفيظة الحكومة السورية، ودفع البعض إلى اقتحام سفارتي قطر والسعودية في دمشق وقنصليتي تركيا وفرنسا في حلب واللاذقية، لتتمدد المهلة حتى الخامس والعشرين من الشهر نفسه، إلا أنَّ الحكومة السورية أصرّت على عدم التوقيع ما أدى إلى فرض عقوباتٍ اقتصادية عربية عليها، طالت الشعب السوري بشكلٍ مباشرٍ، لتقوم الجامعة العربية بتمديد المهلة مجددًا ، حتى موافقة الحكومة السورية على توقيع المبادرة في التاسع من شهر ديسمبر/ كانون الأول، لتصل البعثة إلى سوريا في الثاني والعشرين منه، متكونة من مائتي مراقب.
وفي يوم الأحد الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني لعام 2012،  وقبل انتهاء مهمة المبعوثين العرب، قررت جامعة الدول العربية تعليق أعمال البعثة، وعدم إرسال المزيد منهم حتى اجتماعها المُقبل في الأحد التالي الذي ستُقرَّر فيه الخطوة التالية، وقبل أن يأتي موعد الاجتماع، قال أمين الجامعة السَّابق عمرو موسى أن الاجتماع قد يَبحث إرسال قوة عربية إلى سوريا، وذلك بعد أيام من ذكر أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني لمثل هذا الاقتراح للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، وفي الثاني والعشرين من الشهر نفسه، اجتمعَ وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة بالقاهرة لإيجاد حل للأزمة، لتطرح قطر اقتراحها إرسال قوة عربية إلى سوريا، كما اقترحت أيضًا إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي، وفي الثالث والعشرين من يناير في العام نفسه، أصدرت جامعة الدول العربية  مبادرةً جديدةً لحل الأزمة السورية، تقضي بإجراء حوارٍ بين المعارضة والنظام السوري لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بشرط تسليم الرئيس الأسد لكامل صلاحياته إلى نائبه فاروق الشرع على غرار المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، وهو ما ردّت عليه الحكومة السورية بالرفض التام، واعتبرته تدخلًا سافرًا في شؤونها الداخلية وانتهاكًا لسيادتها الوطنية، واعتبرتها خرقًا فاضحًا لأهداف إنشاء الجامعة العربية، بالإضافة إلى تناقضها مع مصالح الشعب السوري، كما رأت أن  هذه المبادرة تتجاهل عن عمد الجهود التي بذلتها القيادة السورية في تنفيذ إصلاحات شاملة.
وفي 4 فبراير استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض "الفيتو" للمرة الثانية ضد مشروع قرارٍ عربي أوربي يدين العنف ويدعم خطة الجامعة العربية لتسوية الأزمة السورية، لتتوالى سبحة استخدام كل من روسيا والصين لحق الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار غربي يهدد بفرض عقوبات غير عسكرية على سوريا تحت الفصل السابع، وذلك يوم الخميس التاسع عشر من شهر يوليو/ تموز، واستخدامه مرة رابعة ضد قرارٍ يحيل النظام السوري إلى محكمة الجنايات الدولية يوم 22 مايو/ آيار عام 2014.
    
2-    المجموعات المسلحة السورية
تتعدد تسميات المجموعات المسلحة في الداخل السوري،  والمدعومة خليجيًا وأوربيًا وأمريكيًا، إلا أنّها تتفق على تقسيم الداخل السوري بما يتوافق والمصالح الإسرائيلية، تحت حجة إسقاط النظام السوري، ولعلَّ أهم هذه المجموعات، الآتي:

•    الجيش الحر:
يعتبر الجيش الحر قوة عسكرية مدعومة من قبل المملكة العربية السعودية، تأسس في التاسع والعشرين من شهر يوليو/ تموز عام 2011، برئاسة عقيد منشق عن الجيش السوري يدعى رياض الأسعد الذي دعى الضباط في وصف الضباط والأفراد في الجيش العربي السوري إلى الانشقاق والانضمام لمجموعته المسلحة التي يُطلق عليها اسم "الجيش الحر"، إلا أنّ دعوته تلك لم تلقَ آذانًا صاغية، ما دفع بالسعودية إلى وضع خطة  مع مسؤولين في الولايات المتحدة الأميريكية لدفع أموال له، لتشجيع انشقاقات جماعية في الجيش العربي السوري وزيادة الضغظ على النظام، كما دًعم هذا التشكيل من قبل تركيا التي سمحت بإنشاء مركز قيادة في إسطنبول، وساهمت بشكلٍ رئيسي في نقل الإرهابيين من مختلف دول العالم إلى الداخل السوري، كما ساعدت بنقل الأسلحة وفتحت حدودها لإمداد المسلحين بالذخيرة، إذ شهدت صحيفة الجارديان البريطانية عملية نقل الأسلحة في بداية شهر يونيو/ حزيران 2012 قرب الحدود التركية، وذلك بعد وصول خمسة رجال بزيٍّ خليجيٍ إلى مخفر شرطة  في قرية ألتيما  الحدودية في سورية، ووضع الصيغية النهائية  لنقل نحو 50 صندوقًا من البنادق والذخيرة من بلدة ريهانلي التركية، إضافةً إلى دعم إسرائيل له من خلال قيامها بغاراتٍ جوية على مناطق تمركز للجيش العربي السوري نتيجة عدم تمكن ما يسمى بالجيش الحر من السيطرة على مناطق إستراتيجية في الداخل السوري.
يتكون الجيش الحر من مجموعة كتائب "كتيبة خالد ابن الوليد، كتيبة القاشوش، كتيبة أبي الفداء، كتيبة أبو عبيدة الجراح، كتيبة معاوية بن أبي سفيان، كتيبة الرشيد وغيرها من الكتائب"، إضافةً إلى مجموعة من الألوية كلواء الإسلام، ولواء التوحيد، ولواء خالد ابن الوليد، لواء درع الشمال، ولواء تحرير الجنوب.
وتعتبر مجزرة جسر الشغور إحدى المجازر التي ارتكبها ما يسمى بالجيش الحر، وذلك في شهر يونيو من عام 2011، راح ضحيتها عشرات رجال الأمن السوري، بعد هجومٍ كثيفٍ لعناصر الحر على المراكز الأمنية الحكومية في محافظة أدلب، مستخدمين الأسلحة المتوسطة والرشاشات وقاذفات الصواريخ والقنابل اليدوية، إضافةً لمجازرَ أخرى في محافظة حمص وبانياس ودرعا وحلب تكتّم الإعلام عليها، ولم تُظهر الحكومة السورية الأعداد الحقيقة لضحايا تلك المجازر.

•    جبهة النُصرة لأهل الشام
وهي منظمة مدعومة من قبل قطر، تنتمي للفكر السلفي الجهادي، وتعتبر ذراع القاعدة في سوريا، تشكّلت أواخر عام 2011، لتصبح من أبرز المجموعات المسلّحة، وتتكون عناصرها من سوريين وعرب وأتراك وأوزبك وشيشان وطاجيك وأفغان وأوربيين، الذين انضموا إليها بعد استيفائهم لعدد من الشروط كالالتزام بالفروض الدينية والحصول على تزكية من شخص موثوق وإثبات الجدية والانضباط، كما جاء في بيان الجبهة.
وفي ديسمبر/كانون الثاني 2012  صنّفت الحكومة الأمريكية جبهة النصرة على أنها جماعة إرهابية، وهو ما  لقي رفضًا من ممثلي المعارضة السورية وقادة ما يسمى بالجيش الحر، وفي 30 مايو/ أيار 2013 قرر مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة بالإجماع إضافة "جبهة النصرة لأهل الشام" إلى قائمة العقوبات التي تضم الكيانات والأفراد التابعة لتنظيم القاعدة.
تبنت جبهة النصرة عددًا من الهجمات أبرزها عمليات تفجير بمبنى قيادة الأركان في العاصمة دمشق أوائل أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٢، وتفجير مبنى المخابرات الجوية في حرستا، بالإضافة إلى تفجير بمبنى نادي الضباط بحلب.

•    تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"
وهو تنظيم إرهابي مسلَّح يتّبع الأفكار السلفية الجهادية والوهابية، إضافةً إلى رؤى الخوارج، وانبثق داعش من تنظيم القاعدة في العراق الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي عام 2004، لببدأ داعش في الانتشارر تحت قيادة أبو بكر البغداد في العديد من المناطق العراقية والسورية، إضافةً إلى وجوده في مناطق جنوب اليمن وليبيا وسيناء والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان.
يُحارب التنظيم كل من يُخالف آراءه وتفسيراته من المدنيين والعسكريين ويصفهم بالرِّدة والشِّرك والنفاق ويستحل دماءهم، وارتكب داعش الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان، كاضطهاد الأقليات الدينية والإثنية وتجنيد الأطفال، وسبي النساء وبيعهن وختانهن، والعبودية الجنسية، وقطع الرؤوس، والإعدام الجماعي، وتدمير المساجد الإسلامية والمعابد الدينية والآثار التاريخية.
وشن تنظيم داعش العديد من المعارك أبرزها، معركة مطار الطبقة ومعركة عين العرب/كوباني، ومعركة حقل الشاعر في حمص.
ونتيجةً للأعمال الإرهابية المتواصلة التي قام بها التنظيم، وتصاعد العنف في العراق، أُعلن إنشاء ما يسمى التحالف الدولي ضد داعش، وذلك بمشاركة "الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وأستراليا، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا، والإمارات، والسعودية، والأردن، ولكلِّ دولةٍ دوافع لهذه المشاركة، بعضها مشتركٌ بها لتخفيف الانتقادات الموجهة لها كدعمها للجماعات الجهادية المصنّفة بالإرهابية مثل قطر والسعودية، بينما تتمثل دوافع مشاركة الدول الغربية وأمريكا بتأمين الحلفاء الرئيسيين لها وعلى رأسهم إسرائيل ودول الخليج، وتأمين موارد النفط التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، إضافةً إلى القلق من عودة المواطنين الأوربيين والأمريكيين المنضمين للتنظيم إلى أوروبا وأمريكا، الأمر الذي استدعى حكومات هذه الدول إلى إصدار قرار أممي يجرِّم هذه الظاهرة، كذلك الضغوط التي مارستها دول الخليج كالسعودية والإمارات على الرئيس الأمريكي باراك أوباما ودول أوربية عدة للتدخل وسط مخاوف من تهديد الجماعات الجهادية من ناحية، وعجز دول الخليج عن منازلة سوريا والعراق وإيران.

3-    سوريا والتدخل الخارجي
أصبح عالم اليوم مرتعًا لإنتاج الأزمات التي يزداد عددها وتتنوع توجهاتها، ما يستدعي توافر إرادة حقيقة وجهودًا منظمةً لمواجهتها، وتحدث أغلب الأزمات في المجتمعات والانظمة نتيجة تغييرات مفاجئة تطرأ في بنائها الداخلي أو الخارجي بعيدًا عن التوقع او فرض تجنبها، وتعتبر الأزمة السورية واحدة من الأزمات الدولية الكبرى الي تعددت أطرافها وتشابكت أحداثها، حتى تحولت سوريا إلى ميدان لتدخلات دولٍ كثيرة، تبلورت في اتجاهين، تمثل الأول بالتدخلات الغربية والإقليمية بما فيها العربية، والتي وفقت في صف ما أُطلق عليه إعلاميًا بالحراك الشعبي، بينما تمثل الاتجاه الثاني بتدخل روسيا والصين ، إضافةً إلى إيران ودول أخرى محدودة العدد.
وعلى الرغم من التجانس العام في مواقف الطرفين وتناقضهما في الموقف من النظام  والأزمة، فإن هنالك تفاوتًا واضحًا ومتدرجًا في موقف كل واحدٍ من الأطراف المنضوين في الكتلتين. ففي الوقت الذي بدا أن موقف الكتلة المؤيدة للنظام وسياساته بقيادة روسيا إلى جانب إيران والصين تتسم بالجدية والعملية في مواقفها السياسية والإعلامية، الأمر الذي أفاد النظام بصورة كبيرة، كانت مواقف الكتلة المؤيدة للحراك من قبل القوى الدولية والإقليمية، أقل تجانسا وضعيفة ومترددة، وتغلب عليها المواقف الإعلامية والدعائية والمتناقضة في بعض الأحيان، ما يعتبر مؤشرًا ضعيفًا في مبادراتها لمعالجة الأزمة، التي كان منها المبادرة العربية ثم خطة الموفد الدولي والعربي كوفي أنان، ومبادرة الأخضر الإبراهيمي، إضافةً إلى مؤتمر جنيف،  والتي لم يتمخض عنها أية نتائج عملية أو تأثيرات سياسية إيجابية فيما يتعلق بالوضع السوري.
ويرى البعض أن الموقع الجيوبوليتيكي السوري يحتّم تحول الأزمة الداخلية الى حالة اصطفاف إقليمي ودولي غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة (Butterfly Effect). ويشيرون إلى أن الحالة الصراعية تتكوّن من معسكرين يتألف كل منهما من ثلاث دوائر رئيسة محلية وإقليمية ودولية. يشمل الأول، معسكر التغيير (Change)، الذي يسعى الى إطاحة النظام السوري ويدعمه إقليميًا كل من تركيا ودول الخليج العربية والأردن ومن ورائهم جميعًا يقف الغرب بجناحيه الأوروبي والأمريكي. المعسكر الآخر هو معسكر الحفاظ على الوضع القائم (Statu Quo) ويُمثله محليًا النظام السوري الذي يدعمه إقليميًا كل من إيران والعراق وحزب اللـه اللبناني، ويقف وراء هذه القوى دوليًا كل من روسيا والصين وإلى درجة أقل البرازيل والهند وجنوب إفريقيا وهو التجمّع المعروف اختصارًا بـ (BRICS).
يشكل الإعلام السوري مثلًا في بداية الأزمة القدرة الكافية على إقناع المواطنين بما يجري في الشارع، وذلك بسبب الانبهار بالفضائيات المتطورة، وضعف إمكانيات الإعلام السوري
ثالثًا:الإعلام والأزمة السورية
من المعروف أنَّ الازمات تحظى باهتمام وسائل الإعلام التي تلعب دورًا مهمًا في توجيه الرأي العام، إذ يُعتبر الإعلام سلاحًا عصريًا فاعلًا في تغطية الأزمات بكل فروعها وأشكالها، لما له من قدرات هائلة في الانتقال عبر القارات، واجتياز الحدود دون عقبات مهما كانت القوانين المانعة. وبإمكانه نشر الخبر أو الأخبار لأحداث عدة، والتأثير بدرحة كبيرة في الرأي العام العالمي، وإجراء تحولاتٍ تحولًا في المسار السياسي العام، إضافةً إلى رد الأزمة لفاعليها.
وفي ظل خيبة أمل المواطنين من إعلام السلطات الموجه غير الفاعل والقابل للإقناع الذي يعمل على (تجميل صورة الواقع) وتزيينه (ميتافيزيقيًا)، فإنّهم يتوجهون إلى متابعة الإعلام الغربي العالي التصنيع والتقانة، والذي يبني خطته على أسس علمية واضحة مدروسة بواسطة خبراء ومتخصصين وأكاديميين ومستشارين يملكون الخبرات العلمية، ولهم باع في إنتاج الأزمات السياسية وإرباك النظام العربي، وإشغاله في البحث عن السبل والوسائل (مهما كانت) للخروج من هذه الأنفاق، ورغم وجود من يخطط من الخارج، إلاَّ أن الأسباب الداخلية هي الأرض الخصبة الجاذبة.
فلم يشكل الإعلام السوري مثلًا في بداية الأزمة القدرة الكافية على إقناع المواطنين بما يجري في الشارع، وذلك بسبب الانبهار بالفضائيات المتطورة، وضعف إمكانيات الإعلام السوري، إضافةً إلى تجاهله للكثير من الأحداث، فهذا الإعلام يقول إن وسائل الإعلام "المحرضة والمضللة" تشكل (90%) من الأزمة التي تمر بها سورية، بعدما ابتعد عن الموضوعية في حربه النفسية لقلب الحقائق، وتشريع التفتيت والإيحاء بضرورة تقسيم سوريا والاعتداء على الرموز الوطنية مثل محاولة تغيير العلم الوطني والإساءة إلى الجيش العربي السوري وكل منظمات الدولة ومؤسساتها الحكومية، وبحسب التعبير الرسمي فإن إطلاق الأكاذيب والفبركات الإعلامية يندرج ضمن الحرب النفسية التي تهدف إلى التأثير على نفسية المواطنين السوريين لإسقاط الدولة.
وكما هو الحال في جميع الأزمات السابقة التي واجهتها الدولة السورية، فقد مثّل الإعلام الرسمي السوري نقطة تجاذب حادة في المعركة التي يواجهها نظام الرئيس بشار الأسد منذ أكثر من عامين ونصف عام، بين منتقد لدور هذا الإعلام وعمله كأداة بيد النظام وعدم قدرته على التحول إلى إعلام مهني قومي يتحدث باسم الدولة السورية ككل، ومدافع عنه كإعلام ملتزم وموجه، وإن كان يعترف بمعاناة هذا الإعلام بوسائله المختلفة من نقاط ضعف مهنية وتقنية ولوجستية كثيرة.
وبناءً على ذلك، فإن الحديث عن واقع هذا الإعلام من الداخل، وفي ظروف استثنائية، كتلك التي مرت بها البلاد منذ منتصف شهر آذار/مارس 2011، يمكن أن يغيّر العديد من القناعات والرؤى المتكوّنة من علاقة وسائل الإعلام الرسمية بالسلطة السياسية وأجهزتها المختلفة، ويوضح على نحو أعمق وأدق نقاط القوة والضعف وتأثيراتها المباشرة في أداء وسائل الإعلام الرسمية، تتضافر عوامل عدة في المسؤولية عن الحالة التي وصل إليها الإعلام الرسمي، منها ما هو مرتبط بموقف وطريقة تعامل مؤسسات السلطة السياسية مع هذا الإعلام، ونظرتها إلى أهمية إصلاح مؤسساته، ومنها ما هو متعلق بالواقع المؤسساتي والمهني للمؤسسات الإعلامية الرسمية، والتشريعات والقوانين الناظمة لعملها.
ففي الشق الأول المتعلق بموقف السلطة السياسية، تؤكد الوقائع المتكوّنة خلال السنوات السابقة أن مؤسسات السلطة السياسية لم تقتنع إلى اليوم بضرورة البدء بإصلاح جذري لمؤسسات هذا الإعلام، وإن كانت تبدي بين الفينة والأخرى رغبتها في ذلك، ولا سيما في ظل الأزمة الحالية، لكن ثمة فرق كبير بين إبداء الرغبة وتوافر الإرادة. ويمكننا تحديد أبرز تلك الوقائع بالنقاط التالية:
-    عدم اقتناع مؤسسات السلطة السياسية بضرورة إطلاق حرية العمل الصحافي، وما يتطلبه ذلك من منح الصحافيين ومؤسساتهم الاستقلالية الكاملة والحصانة من الملاحقة خارج إطار تشريعات المهنة وتدخلات السلطة التنفيذية.
-    تعثر جميع المشاريع والأفكار الرامية إلى إحداث إصلاح جذري في عمل مؤسسات الإعلام الرسمي، وتحديدًا تلك التي طرحت خلال العام الأول من عمر الأزمة، وذلك نتيجة افتقادها في المقام الأول تغطية ودعم مؤسسات صناعة واتخاذ القرار السياسي في البلاد.
-    إضعاف منصب وزير الإعلام مهنيًا، وتحويله من موقع مهني وإداري يفترض أن يكون صلة وصل بين الحكومة والإعلام، إلى موقع وظيفي يستخدم للسيطرة والضغط على وسائل الإعلام العامة والخاصة، وهذا الضعف المهني تحقق من خلال إسناد منصب وزير الإعلام إلى شخصيات غير إعلامية، لا تملك المعرفة الكافية بنقاط الضعف التي يعانيها الإعلام الرسمي وسبل تطويره، والأنكى من ذلك أن يترافق ذلك مع تعيين معاونين للوزير لم يمارسوا فعليًا العمل الصحافي بمتاعبه وهمومه.
-    استحواذ الحكومة على صلاحيات تعيين مديري المؤسسات الإعلامية ورؤساء تحرير الصحف الرسمية.، وهو ما كان كفيلًا بالقضاء على أي محاولة لتطوير العمل الإعلامي خارج منظومة سيطرة الحكومة ومتنفذيها من جهة، وبإبعاد أي مدير عام أو رئيس تحرير يغرد خارج السرب من جهة ثانية.
-    إفراغ قانون الإعلام الصادر عام 2011 من مضمونه المتقدم تشريعيًا على كثير من قوانين الإعلام والصحافة في العالم. فمؤسسات الإعلام الرسمي كانت ملزمة خلال عام واحد بتوفيق أوضاعها بما يتلاءم وبنود القانون الجديد وهذا لم يحدث إلى اليوم.
-    تغليب معايير الولاء والمحسوبيات والعلاقات الشخصية على معايير الكفاءة المهنية والخبرة والنزاهة في اختيار الشخصيات المناط بها إدارة المؤسسات الإعلامية ومفاصل التحرير، وأن كانت هناك استثناءات سمحت لبعض الكفاءات بتولي مسؤوليات معينة إلا أنها تبقى محدودة جدًا.
-    إبقاء نقابة الصحافيين خارج دائرة التأثير الفعال في الحياة الإعلامية السورية، وتخليها عن مهماتها الرئيسية في حماية حقوق الصحافيين والدفاع عنهم، والإسهام فعليًا في تغيير واقع الإعلام الرسمي بما يتفق والتقاليد المهنية ويواكب المتغيرات التي يشهدها الإعلام في العالم.
أما في ما يتعلق بالشق الثاني الخاص بالواقع المؤسساتي والمهني، فإن هناك نقاط ضعف عديدة لم تعد بحاجة إلى كبير عناء حتى يستدل عليها من قبل المهتمين، ومن هذه النقاط نذكر باختصار ما يلي:
-    ضعف كفاءة وخبرة الكادر الصحافي والفني العامل في مؤسسات الإعلام الرسمي، على الرغم من ضخامته عدديًا، ومؤشرات ذلك تتمثل في تسرب الكثير من الموظفين الإداريين والفنيين غير المؤهلين إلى منظومة التحرير والعمل كمحررين وصحافيين.
-    إخضاع المؤسسات الإعلامية لسلطة الأنظمة والقوانين الإدارية والمالية المطبقة على سائر مؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية، دون مراعاة خصوصية العمل الإعلامي وما يتطلبه من أنظمة خاصة تشجع على الإبداع واجتذاب الكفاءات الصحافية الوطنية وتدعم استقلالية هذه المؤسسات.
-     تخلف البنية التقنية والتكنولوجية لهذه المؤسسات نتيجة إهمال الحكومات وتقاعسها عن توفير الاعتمادات المالية لتجاوز تلك الثغرة، فمثلًا تعاني صحيفتا تشرين والثورة قدم آلاتهما الطباعية التي يزيد عمرها على 20 عامًا.  وهو ما تسبب في تراجع جودة الطباعة، وعدم القدرة على زيادة عدد صفحات الصحيفتين والتأخر في الصدور.

رابعًا: مستقبل الإعلام السوري
يرتبط مستقبل الإعلام الرسمي السوري بتطورات الأزمة خلال الفترة القادمة، ومصير الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي، وعلى ذلك يمكن القول إن هناك سيناريوهين مختلفين لما سيكون عليه الإعلام السوري على المدى القريب، أو البعيد، هما:
•    السيناريو المتشائم الناجم عن استمرار الأزمة وتصاعد تداعياتها السلبية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. ففي ظل هذا الواقع، يتوقع أن يحافظ الإعلام الرسمي على وضعه الحالي مع إمكانية تراجع دوره ومكانته نتيجة لاعتبارات تتعلق بنقص التمويل وضعف الإمكانات البشرية والتكنولوجية، عدم القدرة على اتخاذ وتنفيذ قرارات إصلاحية جريئة، واستمرار سيطرة الحكومة على مؤسساته الرسمية وغياب أي مبادرات استثمارية للقطاع الخاص في هذا الميدان ، ويمكن أن تصبح الأمور أكثر تشاؤمًا فيما لو تطورت مجريات الأزمة على نحو سلبي، واستمرت الحرب الدائرة على حالها من التدمير والتخريب. ففي مثل هذه الحالة سيكون الإعلام الرسمي مجبرًا على التقوقع أكثر، وإعادة إنتاج الخطاب السابق الواحد.
•    السيناريو المتفائل والقائم على نجاح الجهود المحلية والدولية في التوصل إلى حل سياسي للأزمة، يلبي طموحات الشعب السوري، ويفتح الباب أمام بناء سوريا الديمقراطية الجديدة. ففي مثل هذا السيناريو سيكون الإعلام الرسمي على باب مرحلة جديدة، تقوم على حرية التعبير والرأي والعمل، كما هي الحال في عدد من الدول المجاورة والمتقدمة، ويمكن تحديد أبرز الانعكاسات المتوقعة لهذا السيناريو على القطاع الإعلامي المحلي في البنود التالية:
1-    زيادة عدد وسائل الإعلام الخاصة وتنوع اختصاصاتها، وهذا من شأنه رفع قيمة الاستثمارات في قطاع الإعلام، واجتذاب الكفاءات والخبرات الوطنية، والأهم إغناء الساحة الإعلامية المحلية وخلق منافسة شريفة ومشروعة تحفز الإعلام الرسمي على التغيير والتطور.
2-     تطوير أداء المؤسسات الإعلامية العامة في إطار مشروع مرتقب لإصلاح البنية المؤسساتية للدولة، وذلك عبر معالجة مشاكلها المتراكمة بجدية وموضوعية وتوفير بيئة العمل المناسبة لها من خلال تحويلها إلى مؤسسات تابعة للدولة، لا للحكومة استنادًا لتجارب كثيرة.
3-     توسع هامش الحرية واضطرار وسائل الإعلام الرسمي إلى محاولة مجاراة ذلك الهامش سعيًا نحو تعزيز قدراتها التنافسية في مواجهة المنافسين الجدد في السوق.
4-    تنوع العمل الإعلامي وملكيته، وهذا من شأنه خلق حراك مهني وسياسي كبير، فإلى جانب الإعلام الرسمي والخاص ثمة توقعات بنشاط كبير للإعلام الحزبي. فالإصلاحات السياسية التي سيجري الاتفاق عليها بين أطياف المجتمع السوري، من إصدار قانون جديد للأحزاب السياسية، والسماح لكل حزب بإصدار صحيفة خاصة، خطوات من شأنها توسيع مساحة التأثير لوسائل الإعلام في الحياة السورية خلال الفترة القادمة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟