المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

قانون «الرئاسية»: المشروعية والشرعية

الخميس 20/مارس/2014 - 11:59 ص

يبدو دفاع رئيس الجمهورية المؤقت عن تحصين اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بالغ الغرابة، ومثيرا للقلق، ويثير العديد من الشكوك السياسية حول صناع القرار الحقيقى. مصدر الغرابة أنه رجل قانون بارز ويعرف أن المعيار الذى يحدد صفة القضاء عن غيره من الصفات الموضوعية والإجرائية، يتمثل فى الفصل فى الخصومة القضائية، أو النزاعات الإدارية. لا يكفى فى شأن تحديد طبيعة عمل لجنة الانتخابات الرئاسية أن يقال إن تشكيلها من كبار شيوخ القضاة، لأن عملهم إدارى محض، ومن ثم تعد كل قراراتهم إدارية بامتياز ويجوز الطعن عليها أمام محكمة القضاء الإدارى بما فيها الطعن على دستورية قانون تشكيلها واختصاصاتها وإجراءاتها وقراراتها أمام المحكمة، وذلك عن طريق نظام الدفع الفرعى الذى يأخذ به المشرع. تبدو التبريرات المقدمة من رئيس الجمهورية المؤقت ومعه مستشاره الدستورى تنطوى على بعض من الاضطراب فى الرؤية السياسية على النحو التالى:

1- تقديم مشروع القانون قبل إصداره إلى الحوار المجتمعى، وذلك لتلقى وجهات نظر القوى والأحزاب السياسية المختلفة، ورجال القانون، والمستقلين، والمثقفين فى نصوص المشروع ومدى ملاءمته لتحقيق أفضل الشروط القانونية بل والسياسية لتنظيم عملية التنافس السياسى بين المرشحين لموقع رئيس الجمهورية.

2- الحوار المجتمعى، هدف إلى تحقيق قدر كبير من التوافق العام ولو عند الحد الأدنى بين القوى المتنافسة- حول شروط الترشح، واختصاصات اللجنة وقراراتها. ومن ثم شكل اللجوء إلى هذه الآلية المرسلة والغامضة محاولة لخلق تعبئة وشرعية - حول مشروع القانون. ورغماً عن ردود الأفعال السياسية الرافضة، إلا أن رئيس الجمهورية ومستشاره الدستورى تجاهلوا هذه الانتقادات الموضوعية.

3- قيام مستشار رئيس الجمهورية بإرسال مشروع القانون إلى إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، والتى أبدت اعتراضاً على تحصين اللجنة، لأن طبيعة أعمالها إدارية محضة وليست قضائية وفق رأى جمهور الفقه وما استقرت عليه المعايير والمبادئ القضائية. من هنا بدا التناقض واضحاً فى الإدارة السياسية لمشروع القانون.

4- تم إرسال مشروع القانون إلى المحكمة الدستورية العليا، والهيئة العامة لإبداء الرأى حوله، وهو أمر بدا غريباً لأنه يفترض أن نصوص القانون قد تعرض عليها، إذا ما تم الطعن على أى إجراء من إجراءات اللجنة، أو قرار من قراراتها، وذلك عن طريق الدفع الفرعى. من هنا شكل اللجوء إلى الدستورية العليا لإصدار بيان من الجمعية العمومية حرجا دستوريا وقانونيا بالغا، وتجاوز لغالب الفقه والقضاة والمفكرين والقوى السياسية المختلفة، فى أمر بدا كأنه إعادة إنتاج للفكر القانونى والسياسى التسلطى فى إعداد القوانين وإصدارها على مألوف تقاليد التسلطية القانونية والسياسية فى مصر منذ أكثر من ستين عاماً مضت. ما الذى يؤدى إليه هذا الفكر والسلوك التسلطى فى إصدار هذا القانون بما حفل به من مطاعن على دستورية بعض نصوصه؟.

أولاً: تعميق الفجوة بين السلطة الانتقالية، وبين بعض القوى السياسية والأجيال الشابة التى قامت- وبعض مفكرى جيل السبعينيات وما بعده- بالانتفاضة الثورية فى 25 يناير 2011، التى قامت رفضاً للدولة التسلطية وهو ما سيدفع بعضها إلى الامتناع عن التصويت.

ثانياً: فتح الأبواب أمام تشكيكات سياسية فى العمق على أن هذا القانون وضع لمصلحة المشير السيسى، من ناحية أخرى دعم واضعوه الانتقادات التى تذهب إلى عودة النظام القديم بكل مكوناته، وأدواته وأساليب عمله، ومن ثم اعتبر هذا القانون وكأنه صنع على مقاس أحد المرشحين.

ثالثاً: القانون أياً كان هو عمل سياسى وتشريعى بامتياز من حيث شروط وضعه ومضمونه وطبيعة المصالح التى يدافع عنها ويحميها أياً كانت، ومن ثم إذا لم يكن تعبيراً عن التوافق وبعض التوازن فى المصالح يغدو تعبيراً عن الغلبة والهيمنة السلطوية أكثر من كونه تعبيراً عن حياد المشرع الانتقالى. من هنا كان ينبغى مراعاة أن ثمة هجوما شرسا من دوائر سياسية وإعلامية أمريكية وغربية وعلى عديد المستويات لوضعية السلطة الانتقالية وما تقوم به من أعمال سياسية وقانونية.

رابعاً: أن الدستور الجديد فى المادة (97) ينص وبحسم على عدم تحصين أى قرار إدارى من الطعن عليه أمام القضاء، ورغماً عن تفسير الهيئة العامة للدستورية ورأى رئيس الجمهورية ومستشاره، كان يتعين من حيث اللياقة السياسية، وضرورات تحقيق الطمأنينة وروح الحياد إزاء المرشحين، أن يتم اصطحاب هذه المادة، أثناء وضع القانون لاعتبارات الملاءمة السياسية والأمنية ودرءاً لأية شبهات قد تحيط بعمل الرئاسة وكذلك اللجنة التى ستجرى الانتخابات مع كل الاحترام لهم جميعاً-، ومن ثم رفض تحصين عمل اللجنة، وإجازة الطعن على قراراتها واختصاصاتها، مع قصر المدد الزمنية للطعن والفصل فيها.

خامساً: أهدر القانون مبدأ المساواة بين المواطنين فيما يخص شروط الترشح، وضرورة الحصول على مؤهل عالٍ، من ناحية ثانية عدم مواجهة حاسمة بالعقاب الجنائى المشدد على من يتجاوزن السقف المحدد لميزانية الدعاية لكل مرشح لمواجهة ظاهرة المال السياسى الحرام، وكذلك ما يتعلق بالشفافية بخصوص الجهات الممولة حتى لا نتحول إلى سوق سياسى مفتوح لجهات أجنبية- للعبث بالإرادة العامة للأمة المصرية. نحترم رئيس الجمهورية لكن قراراته وقوانينه أياً كانت ليست مقدسة أو فوق النقد الموضوعى.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟