المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الإدارة الأمريكية والإخوان: مصالح واشنطن وأمن إسرائيل

الأحد 09/فبراير/2014 - 11:58 ص
مرشد الإخوان مع السفيرة
مرشد الإخوان مع السفيرة الأمريكية السابفة آن باترسون
اعداد: أحمد ذكي*
في يناير الماضي، نشر اثنان من أبرز الخبراء الأمريكيين في شئون الشرق الأوسط، هما دانيال بايمان وتمارا كوفمان ويتس، ملامح رؤيتهما المشتركة حول العلاقات المصرية- الأمريكية فيما بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. واعتبر الخبيران أن وجود جماعة الإخوان المسلمين كفاعل سياسي في مصر هو ضمانة أساسية لتحقيق هدفين من أولويات السياسة الأمريكية، وهما الحفاظ على مصالح واشنطن، ودعم أمن إسرائيل. 
ودانيال بايمان (Daniel Byman) هو أستاذ دراسات الأمن في جامعة جورج تاون، ويشغل منصب مدير البحوث في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز. شغل بايمان عضوية "لجنة 11 سبتمبر"– اللجنة النافذة التي  شكلها الكونجرس للبحث في أسباب هجمات 11 سبتمبر 2001. أما تمارا كوفمان ويتس (Tamara Cofman Wittes) فهي مديرة مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في نفس المعهد، وقد خدمت في وزارة الخارجية الأمريكية  كمسئولة رفيعة عن قضية الديمقراطية في الشرق الأوسط خلال الفترة من 2009 حتى 2012. 
وقدم بايمان وويتس رؤيتهما حول المخاطر المحتملة لتطرف جماعة الإخوان المسلمين في دراسة أصدرها معهد بروكينجز ونشرت مقتطفات منها في صحيفة واشنطن بوست. 
قدم الخبيران مجموعة نصائح ووصايا للإدارة الأمريكية تتركز حول ضرورة أن تنتهج إدارة أوباما اقتراباً جديداً للتعامل مع الحكومة المصرية بموجبه تضغط الإدارة الأمريكية على الحكومة المصرية من أجل إتاحة الفرصة للإخوان المسلمين للمشاركة في الحياة السياسية. 
وحسب الدراسة، فقد اعتبر الخبيران أن عزل الرئيس السابق محمد مرسي وحالة عدم الاستقرار التي أعقبت العزل ستشكل ضرراً على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من اعتراف الكاتبين بأن الإدارة الأمريكية  لن تستطيع أن تمنع لجوء الإخوان إلى الإرهاب، إلا أنه يمكنها تخفيف الآثار السلبية لتطرف الإخوان التي ستنعكس سلباً بالضرورة على المصالح الأمريكية وأمن الأمريكيين. 
ويقدم الخبيران جملة من النصائح للإدارة الأمريكية منها أن السياسة الأمريكية يجب أن تسعي إلى كبح انتشار تطرف الإخوان المسلمين والتخفيف من تأثيراته السلبية على الاستقرار الإقليمي ككل. 
وفي هذا السياق يربط الخبيران ما بين نصيحتين الأولى "عليك  (الرئيس الأمريكي) بأن توسع من نطاق الجهود الاستخباراتية لمراقبة التطرف الإسلامي، وأن تجعل نقطة التركيز مع مصر والحلفاء العرب الآخرين هي مكافحة التطرف، وعمليات مكافحة الإرهاب". ثم ما لبثت هذه النصائح أن تحولت لنوع من الإملاءات التي يجب أن تفرضها الإدارة الأمريكية على الحكومة المصرية. يقول الخبيران نصاً: "ننصحك بالضغط على الحكومة المصرية بصورة أكبر من أجل أن تسمح لأنصار جماعة الإخوان بالمشاركة في عملية سياسية شرعية".
وحسب القناعة الأمريكية، فإن واشنطن تعتقد أن "تحول" الإخوان لتبني العنف يعد خياراً غير محتوم ويمكن كبح جماحه عن طريق دمج الحركات الإسلامية غير العنيفة ومنها الإخوان في الحياة السياسية مرة أخرى. وحسب بايمان وويتس، فإن على الإدارة الأمريكية أن تحض الحكومة المصرية على إطلاق سراح القياديين الملتزمين بالنهج السلمي، والسماح للأحزاب الإسلامية بأن تعيد تنظيم نفسها وتنافس في الانتخابات. 
تحفظات أمريكية على إعلان الإخوان جماعة إرهابية؟ 
في أواخر ديسمبر الماضي أعلنت الحكومة المصرية، رسمياً، جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية" بعد أن اتهمتها الحكومة بتنفيذ الهجوم الانتحاري على مديرية أمن الدقهلية، ما أدى إلى سقوط 17 قتيلاً، معظمهم من رجال الشرطة. وقتها علقت جين بساكي، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، بالقول: إن الإدارة الأمريكية تدين "بأقوى العبارات التفجير الإرهابي المروع (في المنصورة). لا يمكن أن يكون هناك مكان لمثل هذا العنف. الشعب المصري يستحق السلام والهدوء". إلا أن المتحدثة أضافت قائلة: إن على الحكومة المصرية أن تنتهج "عملية سياسية شاملة"؛ أي لا تستبعد منها جماعة الإخوان المسلمين، خاصة أنهم "أدانوا التفجير بعد وقت قصير من حدوثه"!  
هذه الكلمات المختصرة للإدارة الأمريكية- غير الناقدة لجماعة الإخوان المسلمين- تكشف عن وجود رؤية كاملة يجرى التسويق لها في واشنطن حالياً وهي الأضرار التي ستعود على واشنطن جراء اعتبار جماعة الإخوان "منظمة إرهابية". ويفصل كل من بايمان وويتس ملامح هذه الرؤية. فهما يعتبران أن  "جماعة الإخوان المسلمين في مصر ليست حركة إرهابية، على الأقل حتى ذلك الحين" (مقال واشنطن بوست في العاشر من يناير الماضي)، ومن شأن قرار الحكومة المصرية وصف الجماعة على أنها إرهابية أن يؤدي بالجماعة إلى انتهاج التطرف والإرهاب.  
ويعدد الكاتبان الآثار السلبية لقرار الحكومة. فمن ناحية أولى، سيؤثر قرار الحكومة بالسلب على "شبكة المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات الاجتماعية التي تديرها الجماعة، وعلى فقراء المصريين الذي اعتمدوا طويلاً على هذه الخدمات"! 
علاوة على هذا فهناك "العشرات من أعضاء الجماعة الذين قتلوا خلال الأسابيع الماضية في التظاهرات." (لم يشر الكاتبان إلى أعداد عناصر الجيش والشرطة الذين قتلوا خلال نفس الفترة، حيث لقى 350 شخصاً، على الأقل، مصرعهم في حوادث تفجيرات وحوادث إطلاق نار). وهو ما يعني - حسب الكاتبين- أن حملة القمع هذه ستؤدي ببعض أعضاء الجماعة إلى اللجوء إلى الإرهاب بسبب غلق النظام منافذ المشاركة أمامهم. قد يلجأ بعض أنصار الجماعة إلى حمل السلاح بسبب حالة الإحباط التي يشعرون بها. من ناحية ثالثة، فحصار الإخوان المسلمين سيعني جاذبية أكبر لمنطق تنظيم القاعدة القائل إن السياسات الانتخابية عبارة عن خيانة للمشروع الإسلامي الذي لا يمكن أن يتقدم إلا من خلال العنف. وحسب الكاتبين: "لطالما استبعدت التنظيمات الجهادية تنظيم الإخوان بسبب ميل الإخوان للمشاركة في انتخابات غير حرة كلية. الآن هم (التنظيمات الجهادية) تستشهد بالانقلاب بوصفه دليلاً على أن الولايات المتحدة وأذنابها المحليين لن يسمحوا بازدهار المشروع الإسلامي".
السيناريو المتوقع خارج مصر سيكون، كما يقول الكاتبان، أن "يراقب الإسلاميون في الدول العربية الأخرى (الوضع في مصر)، وهم سيستخلصون العبر مما يحدث. لهذا فإن واحدًا من مخاطر التطرف الإسلامي في مصر يكمن في خلق جيل جديد من المتطرفين لخدمة قضية الجهاد العالمي". 
يعزز هذا الافتراض أن سجن الأعضاء الكبار في الجماعة ممن ينبذون العنف سيؤدي إلى إضعاف النظام الداخلي للجماعة، وهو ما يعني أن مصر أمام احتمالين كلاهما يصب في خانة العنف: الأول: أن تنتهج خلايا إخوانية العنف، أو أن تجذب الجماعات الإرهابية القائمة بالفعل أعضاء الإخوان إلى تبني نهج العنف. 
ويصل الكاتبان إلى ذروة السيناريو بالقول: لو حدث أن فصيلاً من الإخوان الذين يقدر عددهم بالملايين حملوا السلاح، فإن النتيجة ستكون في تحول عشرات الآلاف من الإسلاميين إلى جهاديين محتملين. 
أما بخصوص تأثير ذلك على واشنطن وتل أبيب، فإن الكاتبين يطرحان سيناريوهات سوداوية متخيلة على واشنطن وتل أبيب. فمن شأن تحول الإخوان إلى العنف أن يزيد معدل إطلاق الصواريخ من سيناء على إسرائيل. ولم يفت الكاتبين أن يذكرا الإدارة الأمريكية بأنه خلال الفترة التي قضاها مرسي في الرئاسة، استطاع الإخوان احتواء حماس في غزة، لكن "الانقلاب" يعطي الإخوان حوافز أكبر لتعميق العلاقات أكثر مع "أبناء عمومتهم الإرهابيين في حماس". ما يعني زيادة التطرف في "غزة وفي ليبيا وفي باقي شمال إفريقيا." أضف إلى هذا، أن عناصر الإخوان تلقي باللوم على أمريكا على أنها "مهندسة الانقلاب" ضد مرسي، وهو ما يعني أن أعضاء الجماعة ربما يوجهون غضبهم إلى أهداف أمريكية. 
***
هذا التقرير عرض لمقال المؤلفين في صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 10 يناير الذي حمل عنوان "Muslim Brotherhood Radicalizes" فضلاً عن الدراسة المشتركة للمؤلفين المعنونة بـ "Now That The Muslim Brotherhood is Declared a Terrorist Group, It Just Might Become One" التي نشرها موقع بروكينجز. 
الباحث في العلوم السياسية

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟