المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الحروب غير المتكافئة: الجيل الرابع وما بعده (2-2)

السبت 29/نوفمبر/2014 - 10:58 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
أ.د. ضياء الدين زاهر

تناولنا في الحلقة الأولى الاشباكات الأساسية للحرب غير المتكافئة و"الفوضى الخلاقة"، والتكنولوجيا وعدم التكافؤ العسكري، وتبلور مفهوم "الجيل الرابع" للحروب في ظل عدم التكافؤ المتصاعد، وسوف تناول في هذا الحلقة العديد من النقاط، خاصة تلك الأمور المتعلقة بمستقبل الجيل الرابع وما بعده من الحروب.

ينشأ عدم التكافؤ في "التركيب الطبولوجي" عند استخدام التقنيات الأساسية الجديدة لصنع الأسلحة

أولا- عدم التكافؤ (الطبولوجي) Topological Asymmetry:

يوضح الجدول التالي تأثير التقنيات الأساسية الجديدة على الحروب غير المتكافئة .. فالإطار المتصور هو: التحول من التكافؤ التقليدي إلى عدم التكافؤ "الانتقالي" .. ثم إلى عدم التكافؤ الطبولوجي حيث إن مصطلح (التقليدي Traditional) يشير إلى: قوى العصابات التي واجهت أمريكا في فيتنام. في حين أن (الانتقالي Transitional) يشير إلى: الخصوم المبعثرين والمنتشرين مثل المقاتلين المنتمين إلى مجموعات متفرقة لا تمتلك أيًا من الثوابت الأيديولوجية في الأغلب.. أو الأهداف المحددة التي لدى قوى العصابات التقليدية. وكما لا تعتمد على أثر تدحرج كرة الثلج، أي تجمع كل الموالين ليكونوا قوة مركزية تزداد في الحجم، والقوة العسكرية بما يكفى لاحتلال مدينة من المدن، كما حصل في هافانا (كوبا) أو في سايجون (فيتنام).

وينشأ عدم التكافؤ في "التركيب الطبولوجي" عند استخدام التقنيات الأساسية الجديدة لصنع الأسلحة. واستخدامًا لذلك المصطلح، أي الطبولوجي، والذي يراد منه توضيح "عدم التكافؤ المتطرف" الذي يتجاوز "عدم التكافؤ التدرجي" الذي ظهر خلال حروب القرن الماضي. (فعلى سبيل المثال: وفى مسرح حرب عدم التكافؤ في التركيب الطبولوجي .. تصبح القدرة التدميرية للأسلحة الأساسية الجديدة "لا محدودة" من الناحية العملية .. بينما يصبح التأثير العسكري (حجم الجيوش، وعدد القنابل والأساطيل .. إلخ) "معدومًا تقريبًا").

ومن الجدير بالذكر أن حروب عدم التكافؤ الطبولوجي لا تنحصر فقط في الجيل الرابع من الحروب، بل إنها تمتد مع التقدم التكنولوجي والمعلوماتي الهائل، فقد ظهر "الجيل الخامس" وهو جيل من الحروب التآمرية يستهدف تشكيل "حكومات ظل" يعهد إليها تولي مسئولية الكيانات الصغيرة التي تتشكل من الدولة الفاشلة والتي تستهدف الدولة القوية إيجادها. وتعمل هذه الحكومات غير الشرعية من خلال تشكيلات عصابية وتنظيمات إرهابية تهدف إلى هدم التعليم في الجامعات وإشاعة الفوضى وارتكاب أفعال إجرامية للتشكيك في قدرة الدولة على السيطرة الأمنية وفبركة الحقائق وترويع المواطنين، وبدهي أن هذا الجيل يرتكز بشكل أساسي على إمكانات التقدم المعلوماتي والاتصالي المذهل والمتسارع.

وهناك كذلك "الجيل السادس من الحروب" والذي "تدار معاركه عن بعد" بشكل شبه تام من خلال استخدام أحدث الأسلحة الذكية عالية الدقة (كأدوات التجسس والحيوانات بكل أنواعها وغيرها من الأساليب التكنولوجية المتميزة.... إلخ) والتي تهدف إلى تحريض المجتمع، عبر التجنيد الكامل لشبكات الإنترنت، بما يحقق فشل الدولة المستهدفة وهدم أركانها.

وأخيرًا وليس بآخر، هناك إرهاصات لظهور "جيل سابع" من الحروب قائم بشكل شبه تام على إمكانات المعلوماتية في التخفي والتحكم عن بُعد واستهداف الدولة أو الجماعة الخصم بشكل غير مألوف. ويجدر بنا التأكيد على أنه من التعسف الفصل القاطع بين هذه الأجيال جميعًا؛ فهي تتداخل مع بعضها البعض وتمثل منظومة متكاملة لاستبعاد الاشتباك البشري المباشر والاعتماد الكامل على إنجازات العلم والتقدم التكنولوجي والأفكار المصاحبة للتطور في الحروب.

ويوضح الجدول التالي أبعاد "التغيير المستقبلي" الذي يتوقع أن تؤثر به الحروب المختلفة القائمة على عدم التكافؤ (التقليدي والانتقالي والطبولوجي) من حيث تطورها وإستراتيجيات الصد والردع، والبحث والتطوير ومجريات الحرب ذاتها ومسلكها.

الجدول رقم (1)

عدم التكافؤ التقليدي (Traditional Asymmetry)

عدم التكافؤ الانتقالي

((Transitional Asymmetry

عدم التكافؤ الطبولوجي  (Topological Asymmetry)

عدم التكافؤ الكمي

عدم التكافؤ المجزئ

عدم التكافؤ المطلق: صفر = œ

العصابات، المجموعات غير المنتظمة

الإرهابيون، المخترقون والإلكترونيون

الأسلحة الخفية وغير البشرية

الأفراد المنظمون

الهواة المحفزون والمجيشون

البواعث الفردية العشوائية

القوات المركزة والمتوسعة في الوقت عينه

الخلايا الصغيرة المندسة

القوات المبعثرة/ المنتشرة، مع الاعتماد القليل على الأفراد

الأهداف الأخلاقية والأيديولوجية الساخنة

السخط والانتقام والإحباط

التدمير بدم بارد لغرض التدمير البحت

القضايا والمواضيع الثقافية الحرجة

الثقافة المجزأة والمستقطبة

القضايا والمواضيع الثقافية غير المهمة

الأهداف السياسية الواضحة

الأهداف السياسية الغامضة

لا توجد أفكار منطقية

الدعم الشعبي المحلي

الدعم المحلي والتحالفات

ليس هناك حاجة لوجود الدعم

الاندماج المحلي

الاندماج والتنقل من منزل إلى آخر

الاندماج التام مع عدم وجود صفات فارقة ومميزة

مواقع القتال المبنية على الأرض (أرض المعركة)

النقاط المستهدفة، العبوات الناسفة المرتجلة، المباني

ساحة المعركة مفتوحة وغير محددة

مخابئ السلاح

الإمدادات المتاحة محليا

كميات صغيرة من الإمدادات مخبأة ويصعب اكتشافها

الإستراتيجية التقليدية مثل الموجودة لدى (Mao, Ho)

إستراتيجية التشتت والانتهازية

لا تدعو الحاجة إلى وجود إستراتيجية

أهداف موضوعية، ومحددة

أهداف صغيرة، وأهداف كثيرة

الأنظمة الكبرى والبيئة والاقتصاد والبنية التحتية مستهدفة

مركز السلطة = المقر الرئيسي

مركز السلطة = المراكز/ التجمعات

مركز السلطة = لا يوجد مقر أو مكان محدد

متحرك، وسريع

قابل للشحن عبر القوارب والشاحنات والسيارات

الانتقال الآني

انطلاق رد قاسٍ

انطلاق رد متردد ومشوش

 انطلاق رد فوضوي

لا توجد مراكز/ تجمعات، وتوجد روابط كثيرة

مراكز/ تجمعات قليلة، وروابط كثيرة

لا توجد مراكز/ تجمعات، وتوجد روابط لا تحصى

يقوم الجيل الخامس من الحروب على التأمر بهدف تشكيل "حكومات ظل" يعهد إليها تولي مسئولية الكيانات الصغيرة التي تتشكل من الدولة الفاشلة والتي تستهدف الدولة القوية إيجادها

ثانيا- مستقبل الحروب غير المتكافئة

إذا كنا قد عرضنا لبعض الإمكانات والقدرات التي تمثلها تقنيات لأجيال مختلفة للحرب وما صاحبها من أفكار وطرق تفكير مصاحبة فلابد أن نشير إلى:

·        أن ذيوع وانتشار تكنولوجيات أساسية جديدة مثل: "تكنولوجيات الناتو، وعلم الروبوت، والهندسة الجينية، والحواسيب الفائقة، وعلوم المغناطيس، وعلوم البصريات وعلوم الميكانيكا التطبيقية، والتصوير الإشعاعي والرادار التموّجي ... تندرج تحت قدرات عسكرية لم يكن من المتصور الحصول عليها حتى في الفترات الحديثة مثل حرب فيتنام.

·        إن طبيعة تلك التقنيات الأساسية الجديدة توضح "المعضلة العسكرية" الوشيكة التي تجسدها، فمعظم تلك التقنيات مبنيٌّ على:

التصغير المتناهي حتى مستوى الذرة، التخفي الافتراضي، سلاسل الإمدادات الرفيعة والخفيفة، التكاليف المخفضة بعشرات المرات، القدرات التدميرية الهائلة، القدرة على استهداف الأنظمة البيئية والبنية التحتية والأنظمة العسكرية والرقمية والاقتصادية والبيولوجية الكبرى، ذلك لأن التقدم يحدث في عدة صناعات، ويؤهل لظهور مجموعات جديدة من الأسلحة، مما سوف يغير كل المفاهيم الحديثة حول عمليات التخطيط والبرتوكولات والإجراءات العسكرية.

·        على أنه من ناحية أخرى يصعب توقع الطبيعة الصحيحة للمخاطر المستقبلية، حيث إنها عادة ما تعتبر دربًا من دروب الخيال.. على الرغم من أنها تقوم على العلم والهندسة المعاصرة. على سبيل المثال: إثارة أي حالة عقلية – (التشويش) وفقدان الذاكرة، والخضوع الروبوتي، والضحك الذي لا يمكن إيقافه ... ومن الممكن إثارته في مدينة أو جيش أو بين مجموعة من الموظفين الحكوميين من خلال مجموعة من التقنيات النانوية أو الهندسة الحيوية أو العوامل الكيميائية العصبية.

        تخيل إطلاق أي عملية بموجب نظام بنية تحتية، فإن عواقب ذلك سوف تتمثل في التآكل والانهيار السريعين للكباري، والأنفاق، والمباني، والأنابيب. وسوف تصبح المياه عبارة عن راسب غير صالح للشرب.. وسوف يكون الهواء مليئًا بالشفرات النانوية التي من شأنها إهلاك الرئتين، وإحداث نزيف شديد. ومن الممكن إثبات أي من هذه الأشياء بشكل معقول.

·        لا تجد أي من هذه الآثار نتيجة لتصميم الأسلحة العسكرية .. حيث إن "البحث النانوني" الذي تم إجراؤه على التطبيقات الطبية والتجارية أثبت أن التهديدات المحتملة التي لا يمكن السيطرة عليها .. تنشأ عن سوء الاستخدام المتعمد للهندسة الحيوية.

وفيما يلي بضعة أمثلة على ذلك:

1-                "الجنود السوبر" (Super-Soldiers)، الذين يتمتعون بقوة وسرعة غير عاديتين والذين يمكنهم تدمير مدينة قبل تنظيم قوة نارية كافية لقهرهم.

2-                "الفيروسات المصممة" (Designer Viruses) التي تبحث عن مضيفين بشريين بتعمد غير طبيعي، والتي تعمل طبقًا لجدول إصدار زمني أو استجابات جانبية تقليدية بيئية وبيولوجية.

3-                "النانو بوت" بحجم الجزيء (Molecule Sizednanobots) الذي يحدث تشويشًا كبيرًا  في السكان.

4-                "الحمض النووي لفيروس الحيوان المستنسخ" (Cloned Animal-Virus DNA) الذي يصدر أوبئة مميتة.

5-                "البلازميدة المقاومة للمضاد الحيوي" (Anitbiotic-Resistant Plasmids) المزروعة في السكان الجرثوميين.

هذه مجرد بعض الطرق التي تتجاوز تلك الأفعال الإرهابية الانتقالية غير المتماثلة مثل: تفجير معمل أحياء من المستوى الرابع، أو إرسال "الجمرة الخبيثة" إلى المكاتب الحكومية.

* وإن كانت هناك تكنولوجيات عديدة كتكنولوجيا الروبوتات والأعصاب والحوسبة الفائقة والضوئيات وغيرها ولا نستطيع في هذه المساحة الضيقة التعرض للمتوقع بخصوص تقنياتها فيما يتصل باستخدامها

ثالثا- مناهج التصدي لحروب ما بعد الجيل الرابع

        بداية، تتمثل الأخبار الجيدة بالنسبة للمستقبل في أنه، على خلاف السابقين لنا في سباقات التسلح الماضية، لا نحتاج إلى التوافق مع القوة التدميرية لأعدائنا لمقاومة هذه الأسلحة الجديدة.. فإننا نحتاج فقط إلى معرفة كيفية إزالة مفعولها.

        إنها تعتبر بلا جدوى بالنسبة للجانب الأقوى من المعادلة غير المتماثلة (أي الدول المتقدمة) التي تمتلك بالفعل قدرات انتقامية وتدميرية .. على الرغم من ذلك .. يوجد إنذار بأننا قد قمنا بتسليح العوامل البكتيرية والفيروسية من معامل الأحياء الخاصة بنا .. ومن المحتمل أن تتكشف بحوث جديدة في التكنولوجيا الأساسية لتطوير هذه الأسلحة. لذا فإن:

-             عدم التماثل العسكري المتطرف ـ يعتبر وظيفة من وظائف الأسلحة الجديدة التي توفر أثرًا مضاعفًا على أحد جوانب المعادلة أو على الجانب الآخر. فالقنبلة النووية مثلًا ضاعفت ميزة القوى العظمى النووية التي كانت بالفعل القوى الحربية الأكثر قوة على الكوكب .. إلا أن "عدم التماثل" الحالي يكون في مصلحة الخصوم "الأخف".

·        إن تعديل المنتجات المشروعة لاستخدامها كأسلحة ليس معقدًا جدًا مثل تلك المعامل الخاصة بالأدوية المزيفة أو الكوكايين، ومماثلة لتلك المعامل الموجودة في أي مكان، حيث إن معمل "الميثامفيتامين" (وهو دواء منتشر) الموجود على طاولة المطبخ أصبح من الممكن اليوم أن يصبح مصنع سلاح غدًا.

إن التنوع الكامل للتطبيقات المحتملة وعدم اليقين بشأن الشكل الدقيق يتطلب مجهودًا عالميًا لمواجهة هذه التهديدات الناشئة.

من المؤكد بشكل واقعي أنه في خلال عقد واحد أو عقدين سوف يكون "الإرهابيون" و"الدول المارقة" و"الاتحادات الجنائية" والناقمون العشوائيون قادرين على الوصول لمثل هذه الأسلحة.

·        سوف تظل القوات المقاتلة تلعب دورًا مهمًا في الصراعات غير المتماثلة طوبولوجيا (وبالتأكيد سوف يتم مقاومة بعض الصراعات في صيغة "الجيل الثالث" للحروب وصيغة "الجيل الرابع" للحروب).

·        وينبغي أن تتخذ إجراءات لمواجهة التهديدات العالمية ... وأن توسع الدول من رأس مالها الوطني الفكري ـ مهندسين وعلماء وفلاسفة ومؤرخين وواضعي إستراتيجيات ـ من خلال تحسين النظام التعليمي للدولة.

ويجب أن يتلقى المخططين والضباط العسكريين تدريبًا على التكنولوجيا الجديدة، وكذلك يمكن دمج ألعاب الحرب والمحاكاة والسيناريوهات التي تشتمل على هذا المستوى من الخطر في التخطيط العسكري.

ولا يجوز اعتماد أي تكنولوجيا نانونية بدون مجموعة من المحسات وضمانات التحييد المرفقة بها.

ينبغي مراقبة المعامل النانونية بشكل مشدد كما هو الحال مع المعامل الحيوية التي نرغب في تنظيمها بمستوياتها المختلفة المحددة بناء على "احتمالية التسليح".

·        هذه بعض "المناهج العامة" لمواجهة هذا الخطر طويل المدى، وسوف يكون من المفيد كذلك تنفيذ مسار تخطيط متوازٍ عن كيفية الحفاظ على الحريات المدنية، في حين الإعداد للهجمات التي تتسبب بطبيعتها في حدوث خوف وجنون الاضطهاد.

تتمثل الحاجة الماسة – على الرغم من ذلك – في خطة من أجل التخطيط في حد ذاته ومنهجيته لتقييم التقدم المستمر متعدد المتغيرات للثروة التكنولوجية التي سوف تنبثق منها أنواع من الأسلحة الجديدة والفعالة من الناحية التدميرية.

 

الخلاصة

نخلص إلى أن يعرض منحنى تطور كل تقنية جديدة من التقنيات المستقبلية المتوقعة لها عقبات ومرتفعات، وتتمثل العقبة الأكثر صعوبة بالنسبة للتكنولوجيا الجديدة في النموذج المبدئي الأول، (فلم ينجح أحد في ابتكار طائرة ذات أجنحة ثابتة حتى عام 1903، ومع ذلك وفي غضون عشرات السنوات تم إجراء الرحلة الثانية للأخوين رايت 59 في 14 ديسمبر من ذلك العام)، وكان الطيارون المحاربون يبارزون بعضهم البعض في الحرب العالمية الأولى. منذ أن تم ابتكار رقائق السليكون، توقع "قانون مور" بشكل دقيق المقدم الأساسي للكمبيوتر.

ولعلنا نستطيع التوقف عند تكنولوجيا النانو كنموذج ودورها العسكري على وجه التحديد(*) يعملون بشكل فعلى، وكما يقول "كاكو" عبر تاريخ الإنسانية كله، كان إتقان استخدام الأدوات هو ما حدد مصائرنا .. فعندما أتقن الإنسان صنع القوس والسهم منذ آلاف السنين، صرنا قادرين على إطلاق المقذوفات لمسافات أبعد كثيرًا مما تستطيع أيدينا، فزاد ذلك من كفاءة صيدنا... والآن نحن على وشك إتقان استخدام نمط مختلف تمامًا من الأدوات وهو أقوى بكثير من أي شيء شهدناه من قبل. هذه المرة، سوف نصبح قادرين على التحكم في الذرات نفسها التي خلق منها كل شيء وخلال هذا القرن، ربما نمتلك أهم أداة تخيلها بشر على مر العصور؛ (تكنولوجيا النانو Nanotechnology) التي ستتيح لنا التحكم في كل ذرة على نحو منفرد.

وتعتمد التكنولوجيا النانوية على الاستنساخ الذاتي، ومن ثم يمكن برمجة تفاعلات السلسلة لتستنسخ بدون حسيب أو رقيب، تشبه إلى حد كبير فيروس أو دودة الكمبيوتر، ومثل هذا الاستنساخ يستطيع تغيير البيئات أو نشر المرض أو تعطيل الآلات الموجودة على الأنظمة الضخمة. وهناك كذلك النانو تيوب الكربونية التي تعتمد في غذائها على الكربون (مادة عضوية) وتنمو طبقًا لذلك.

ولكن قد يكون أي تطبيق طبي مبرمج مسبقًا من الممكن أن ينقلب لأغراض تدميرية. كما يمكن إطلاق أعداد مهولة من الجسيمات النانوية في الهجوم الإرهابي أو المعركة.

ومن ناحية أخرى، تعتبر التكنولوجيا النانوية مشارك رئيسي في تصنيع دروع الجسم خفيفة الوزن وقمرات القيادة المعززة والعبوات والبطاريات الأخف وزنًا والأكثر طاقة، وجميعها تمنح مزايا غير متوقعة بخصوص الإرهابيين والحماية، مثل سائقي السيارات المفخخة.

وأيضًا قد يمكن إطلاق جسيمات نانوية متآكلة أو سامة (ذاتية الاستنساخ) على أسطول من السفن أو الطائرات أو المدرعات أو المركبات أو غيرها. لا يكمن الهدف في الحاجة المعدنية، حيث أن المطاط أو البترول أو الأنسجة الحية المدمرة سوف تتسبب في حدوث دمار معادل.

وبشكل عام فإن الواقع يشير إلى النجاح التكنولوجي النانوي قد بدأ يؤتي ثماره في إجراء تجارب باستخدام الحاسوب القائم على الكم، وتم إجراء هندسة حيوية للفئران باستخدام الأنظمة العضلية الضخمة وتم استنساخ الخراف، علاوة على استمرار التقدم في مجال الروبوتات. أوضحت آلات الموجات التي تتحكم في الحشود والبرنامج البحثي عالي التردد القدرة على المعالجة واستهداف أسلحة موجهة مع التأثير الذي يغير البيئة والآثار المحتملة المضادة للجاذبية الناتجة عن المعالجة الأيونية في الطيران والتي قد تزيل أحد القيود القديمة (الجاذبية) من أداء الطائرات العسكرية.

بشكل موجز، من المحتمل أن يحدث أي من أو جميع النماذج المبدئية التجريبية وفى بعض الحالات المعدات العاملة الموجودة من أجل جميع التكنولوجيات المذكورة من قبل، وكذلك من أجل التقدم السريع. وفى حين أن معظمها سوف يواجه بلا شك "صعوبات غير متوقعة" إلا أن العديد منها سوف يحقق حالات تقدم لم تكن متوقعة. كما يعتبر نفس الأمر صحيحًا بالنسبة للجهود المبذولة لتحويل هذه الأعاجيب العلمية إلى أسلحة دمار شامل، وهذا يعطينا سببًا إضافيًا للبدء في عملية تخطيط إستراتيجي ومستقبلي يعتمد على رؤية شاملة في أسرع وقت ممكن على المستوى البشري.


المراجع

-          إريك شميدت وجاريد كوين؛ العصر الرقمي الجديد: إعادة تشكيل مستقبل الأفراد والأمم والأعمال (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2013).

-          آلفن وهايد توفلر: الحرب والحرب المضادة: الحفاظ على الحياة في القرن المقبل (بنغازي، ليبيا: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، 1992).

-          بودريس درهمان: الثورات وتقنيات الجيل الرابع من الحروب، الحوار المتمدن، العدد 3333 في 11/4/2011.

-          ج. ستورس هول: المستقبل النانوي، ترجمة صباح صديق الدملوجي، (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2005).

-          روتغر فان سانتن وآخرون، تكنولوجيا 2030 تغير وجه العالم، ترجمه جنى الحسن، (الرياض: المجلة العربية، 2012).

-          سماح منصور: حروب الجيل الرابع .. خطر قادم، جريدة الأهرام 2/9/2014.

-          معتز باللـه عبد الفتاح: مصر وقعت في فخ الجيل الرابع، هل هذه نهاية مصر؟ جريدة الوطن، 29/11/2013.

-          ميتشو كاكو: فيزياء المستقبل: العلم يشكل مصير البشرية عام 2100، ترجمة طارق راشد عليان (الرياض: كتاب العربية، 163، 2012).

-          هيفاء زنكنة؛ الجيل الرابع من الحروب الأمريكية على العالم، عرب نيوز، 8/12/2012.

-          ويكييديا (الموسوعة الحرة)؛ الجيل الرابع من الحروب، 2/9/2014.

-          صحيفة الملأ الإلكترونية: الأجيال الجديدة من الحروب تستبدل البندقية والمدفع بطلقات الإعلام وذخيرة المواقع الإلكترونية في http://almala.net/news.php?action=show&id=8274

المراجع الأجنبية:

-          Antutio J. Echevarria II; Fourth – Generation War and Other Myths, November 2005, http:www.strategic studies Institute. Army mil.

-          Willaim S. Lind, Understanding fourth Generation war January 15, 2004, http://www.antiwar.com/Lind;articleid=1702.

-          Barton Kunstler, Extreme Asymmetric warfare of the future: Insidious Inevitable, Iconoclastic World future Review, fall 2011.

 


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟