المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تداعيات خطرة...مسارات التصعيد الإسرائيلي مع إيران

الإثنين 07/أكتوبر/2024 - 06:29 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أثار الرد الإيراني على تل أبيب في إطار عملية "الوعد الصادق 2" حفيظة القيادات والمجتمع في إسرائيل، ولاسيما إنه جاء في إطار تجهيزات إسرائيلية لشن عملية عسكرية برية في الضاحية الجنوبية في لبنان، وتعظيم حكومة نتنياهو مما تزعم إنها إنجازات لها في مواجهة قوى محور المقاومة، بالنظر إلى تفوقها على حماس في فلسطين وتوقيفها لطائرة إيرانية في مطار بيروت والتهديد بضربها، ومنع المزيد من التحركات على الحدود السورية اللبنانية والعراقية سواء لنقل السلاح أو الجنود في إطار تصعيد حدة الأوضاع مع تل أبيب في ظل الدعم الأمريكي المطلق لها.

ومن هذا المنطلق، هددت إسرائيل بالرد على إطلاق إيران حوالي 200 صاروخ باتجاه أراضيها انتقاما لاغتيال زعيمي حزب الله وحركة حماس فيما توعدت طهران بأنها ستضرب "كل البنى التحتية" الإسرائيلية في حال مهاجمتها؛ حيث كشفت تل أبيب عن أنها تتمتع حالياً بحرية أكبر في الرد بقوة على الهجوم الصاروخي الإيراني، مقارنة بما كانت عليه في أبريل 2024.

وتأسيساً على ذلك قد يأتي الرد الإسرائيلي على إيران في عدة سيناريوهات يتضح أبرزها في:

أولاً: استهداف المنشأت الحيوية

بالنظر إلى قيام إيران بمهاجمة إسرائيل مباشرة في إطار عملية " الوعد الصادق 2"، أكد المسؤولين في تل أبيب على إمكانية مهاجمة بعض المنشأت النووية في إيران ولاسيما فيما يتعلق بالمفاعلات النووية وأجهزة الطرد المركزي؛ حيث أشار الجنرال الإسرائيلي المتقاعد ياكوف عميدرور إلى أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية التي كانت مصدراً للخوف لفترة طويلة بالنسبة لإسرائيل التي تخشى من حصول طهران على سلاح نووي، يجب أن يؤخذ في الاعتبار.

وفي السياق ذاته، ذكر موقع أكسيوس الأمريكي أن إسرائيل ستوجه رداً كبيراً على الهجوم الصاروخي الإيراني في غضون أيام، وقد يستهدف الرد منشآت إنتاج النفط داخل إيران، ومواقع استراتيجية أخرى. ويأتي ذلك في إطار الرغبة الإسرائيلية بالابتعاد عن إيقاع المزيد من الضحايا الأمر الذي ستدخل من خلاله في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران. ولكن تستهدف إسرائيل من مهاجمة المواقع الاستراتيجية أو القطاعات الحيوية ولاسيما على الصعيد الاقتصادي تكبيد إيران المزيد من الخسائر، وخاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور للغاية في الداخل الإيراني. وبالتوازي مع ذلك، من المؤكد أن قيام تل أبيب باستهداف البنية التحتية الإيرانية سيؤدى إلى توجيه المزيد من الانتقادات من قبل المجتمع في إيران ولاسيما المحسوبين على التيار الإصلاحي إلى نظام الولي الفقيه على خلفية إنه في الوقت الذي من المفترض أن ترتكز فيه جهود الحكومة والنظام على تحسين الأوضاع في الداخل، فإن هذا الأخير يدخل في حرب مع إسرائيل قد يتكبد على إثرها الكثير من الخسائر.

ثانياً: مواصلة مخطط الاغتيالات

ربما يأتي ذلك كخطوة لاحقة على استهداف إسرائيل لبعض المواقع العسكرية أو المنشأت النووية في إيران، ولاسيما من خلال التركيز على القيادات العسكرية والعلماء النوويين؛ حيث تستهدف إسرائيل قيادات الحرس الثوري الموجودين في دول محور المقاومة ولاسيما في لبنان وسوريا، باعتبارهم الأقرب إلى جوارها وتأثيراً على مصالحها. كما يأتي استهداف العلماء النوويين كجزء من المخطط الإسرائيلي لإضعاف القدرات النووية الحالية الموجودة لدى إيران ومنعها من الوصول إلى مرحلة القنبلة النووية.

وبالتوازي مع ذلك، من المرجح أن تقوم إسرائيل بالتركيز على اغتيال قيادات قوى محور المقاومة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني، باعتباره الحليف الأهم والأقرب إلى إيران، ثم أتباعه الموجودين في سوريا ولبنان، وكذلك العراق. والجدير بالذكر، إنه من المتوقع أن تكون الساحتين العراقية واليمنية هي ساحات المواجهة القادمة في إطار المواجهة الإسرائيلية مع إيران باعتبار أن كل من سوريا ولبنان دخلتا في هذه المعركة.

وما يعزز ذلك هي التصريحات التي أشارت إلى أن الدفاعات الأمريكية في قاعدة "عين الأسد" اعترضت صواريخ إيرانية كانت في طريقها إلى إسرائيل في إطار عملية "الوعد الصادق 2". وكذلك، فإنه في ظل التحسب العراقي من الدخول في هذه المواجهة الأمر الذي اتضح في طلب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني طلب من شخصيات شيعية، التوسط لكبح جماح الفصائل، ومنعها من التورط في الحرب الدائرة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل أو هذه الأخيرة وإيران، وخاصة بعد تداول معلومات بأن إسرائيل حددت 35 هدفاً عراقياً لضربها حال تورط العراق في دائرة حربها مع غزة.

ثالثاً: العودة إلى الهجمات السيبرانية

قد يأتي استهداف إسرائيل لإيران من خلال هجمات سيبرانية كأولوية ثالثة أو بالتوازي مع السيناريوهات السابقة من أجل تعزيز التهديدات وقد ترد عليها إيران بالمثل، ولاسيما في ظل القدرات السيبرانية المتطورة الموجودة لدى كل منهما والخبرة التي قد لا تبدو هينة في شن العمليات السيبرانية الهجومية. ويأتي ذلك في سياق الرد المقابل على ما أشارت إليه التقديرات بارتفاع الحرب الصامتة الدائرة بين إيران وإسرائيل في الفضاء السيبراني وتصاعد معدل الهجمات من هذا النوع على إسرائيل من قبل إيران وحلفائها، وخاصة منذ السابع من أكتوبر 2023 أي شن عملية طوفان الأقصى من قبل حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل.

والجدير بالذكر، إنه طورت إسرائيل منذ سنتين قبة سيبرانية تعمل على التصدي للهجمات المعلوماتية تعمل مثل القبة الحديدية في وجه الصواريخ، فهي عبارة عن نظام دفاعي استباقي قادر على جمع معلومات مشتتة لإعطاء لمحة عامة عن التهديد ومواجهته بطريقة منسقة وشاملة. ولدى إسرائيل أجهزة مسح ضوئي تحلل على مدار الساعة المجال السيبراني الإسرائيلي لرصد مكامن الهشاشة وإبلاغ الجهات الفاعلة في الدفاع السيبراني بسبل الحد منها باستمرار.

 وتكمن قوة إسرائيل في التعاون القائم بين الجهات المختلفة، من مؤسسات حكومية وأمنية وشركات خاصة ومجموعات تكنولوجيا وأمن تكنولوجي، وجامعات ومعاهد بحثية، فضلاً عن بعض قراصنة المعلوماتية الإسرائيليين، كما تتعاون تل أبيب مع بعض القوى الكبرى في هذا المجال مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا للاستفادة من خبراتهم في كيفية تطوير القدرات السيبرانية وصد الهجمات المعادية وخاصة من قبل إيران وحلفائها.

وفي النهاية: يمكن القول إن الفترة القادمة ستشهد تصعيداً ملحوظاً بين إسرائيل وإيران، ولاسيما في ظل قيام تل أبيب بعملية برية في جنوب لبنان، وهو ما يسميه البعض بجولة الحرب الخاطفة، لإجبار حزب الله على التراجع إلى ما وراء نهر الليطاني، ومن ثم تتمكن من إعادة النازحين إلى منازلهم في شمال إسرائيل. ومع ذلك يظل سيناريو الحرب الشاملة احتمالاً قائماً في ظل وجود بعض الاعتبارات الإقليمية والدولية المتغيرة، والتي قد تؤثر على سير الأحداث في المستقبل، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟