المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تحديات واضحة.... هل يمكن أن تدخل إسرائيل في حرب إقليمية شاملة؟

الإثنين 07/أكتوبر/2024 - 06:19 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

كشفت بعض التقديرات عن إنه في الأسابيع اللاحقة على مدير المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، زعيم حماس في طهران وأحد كبار قادة حزب الله فؤاد شكر في بيروت، كثرت التكهنات حول صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط. وتأسيساً على ذلك، إذا قررت إيران وحزب الله الرد من خلال هجمات مباشرة كبيرة على إسرائيل، فإن الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة قد تتحول إلى حرب إقليمية. وفي هذا السيناريو، ستخوض القوات الإسرائيلية معارك عالية الكثافة على جبهات عدة مع مجموعات مسلحة، وميليشيات إرهابية، وجيش دولة على وشك أن تصبح دولة نووية، ومجهزة بترسانة ضخمة من الصواريخ بعيدة المدى والطائرات بدون طيار.

أولاً: تعدد الجبهات

مع تقدم الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة سرعان ما وجدت إسرائيل ذاتها متورطة في سبع جبهات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. بالإضافة إلى جبهة قطاع غزة، شنت إسرائيل عمليات دفاعية ضد حزب الله، الذي شن هجمات منتظمة بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل. وفي الأشهر التالية، شنت إسرائيل ضربات في إيران واليمن، ونفذت عمليات لمكافحة الإرهاب في الضفة الغربية، واستهدفت الجماعات المدعومة من إيران ومواقع الأسلحة المتقدمة في سوريا.

وعلى الرغم من النجاحات العسكرية الكبيرة، فقد ارتبطت الحرب بتكاليف بشرية واقتصادية وسياسية باهظة. وبعد ما يقرب من عام من الصراع، تحتاج إسرائيل إلى المزيد من الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار. وعلى المدى القصير، يعني هذا اعتماداً أكبر على الولايات المتحدة؛ وعلى المدى المتوسط ​​والطويل، ستكون هناك حاجة إلى استثمارات أكبر بكثير في مجال الدفاع. فمنذ هجمات 7 أكتوبر، فقد الجيش الإسرائيلي أكثر من 700 جندي وأصيب آلاف آخرون. أصبح الضغط على جنود الاحتياط ثقيلاً للغاية. وفي هذا السياق، هناك دعوات متزايدة لتجنيد المزيد من قطاعات المجتمع الإسرائيلي في الجيش، وخاصة بين الجماعات الأرثوذكسية المتطرفة والطلاب الدينيين الذين يتم إعفاؤهم إلى حد كبير من الخدمة ويعارضون بشدة أي تجنيد جديد.

بالإضافة إلى هذه التحديات القائمة، فإن حرباً إقليمية واسعة النطاق من شأنها أن تجلب ضغوطاً وتكاليف جديدة وأعلى. ويتطلب الاستعداد لمثل هذا الوضع مراجعة واسعة لاستراتيجية إسرائيل الأمنية للعودة إلى النهج الذي اتبعته في العقود الأولى من تأسيسها.

ثانياً: تهديدات وجودية

بينما تهدد الحرب في غزة بالتحول إلى صراع إقليمي شديد الحدة، فإنها تشكل عودة إلى التهديد الذي واجهته إسرائيل عند تأسيسها وفي عقودها الأولى. خلال تلك السنوات، حاربت إسرائيل مراراً وتكراراً ضد تحالف من القوى العربية. وكان الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت مبنياً ومستعداً للتعامل مع ما عرف بـ "حالة كل شيء"؛ حالة تعرضت فيها بلاده لهجوم متزامن من قبل عدة أعداء من عدة جبهات.

وفي الحرب الحالية في غزة، يتجلى بوضوح عدم فعالية الإطار الأمني ​​القائم في إسرائيل أولاً، في 7 أكتوبر 2023، فشلت إسرائيل في تنفيذ ثلاثة من مبادئها الأمنية الأربعة: كان ردعها غير فعال، وفشلت أنظمة الإنذار المبكر، وانهارت دفاعاتها الأرضية الضعيفة في مواجهة هجوم ضخم من حماس. وبنفس القدر من الأهمية، مع تقدم الحرب، تم انتهاك العديد من المبادئ والافتراضات الأساسية للعقيدة والتخطيط الأمني ​​؛ خاضت إسرائيل حرباً بدأت على أراضيها، وتم إخلاء مجتمعاتها الحدودية في الشمال والجنوب.

في الماضي، كانت إسرائيل تدرك تمامًا الحدود الزمنية المحلية والدولية القصيرة لحملاتها العسكرية، ولذلك سعت إلى تحقيق أقصى قدر من المكاسب بسرعة قبل أن تضطر إلى التوقف تحت ضغط من الولايات المتحدة والقوى الأخرى. وفي المقابل، فإن إطالة أمد الحرب الحالية، قد فرض تكاليف باهظة على الجيش والمجتمع والاقتصاد. لقد أدى الدمار الواسع النطاق الذي لحق بقطاع غزة والخسائر الفادحة في صفوف المدنيين إلى تقويض صورة إسرائيل وزيادة الانتقادات الدولية واتخاذ الخطوات العقابية الأولية.

وإذا أصبحت هذه الحرب أوسع وأطول أمداً، فلن تقاتل إسرائيل الجيوش والميليشيات المدعومة من إيران فحسب، بل ستقاتل أيضا إيران نفسها. سيهاجم هؤلاء إسرائيل معاً من غزة والحدود الشمالية والضفة الغربية، وكذلك من أماكن أبعد، من الشرق والجنوب.

ثالثاً: تحديات الحرب الشاملة

إن حرباً أوسع نطاقاً ستكون أكثر تدميراً. ومن المرجح أن تتصرف إيران ومحورها بتنسيق عملياتي أكبر بكثير. ومن المرجح أيضاً أن تهاجم قوات المقاومة القوات الأمريكية في المنطقة، وقد تنجر الصين وروسيا أيضاً إلى هذه الحرب، ونتيجة لذلك، ستفتح جبهة نشطة أخرى في منافسة القوى العظمى مع الغرب.

كما أن ترسانة حزب الله الهائلة سوف تتحدى الدفاعات الجوية الإسرائيلية بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تشن إسرائيل هجوماً برياً على الأراضي اللبنانية، وسيحاول حزب الله توجيه عمليات عبر الحدود إلى داخل إسرائيل. ومن المتوقع أيضًا أن تهاجم الميليشيات الإيرانية إسرائيل من كل من لبنان وسوريا، وإذا نجحت، عبر الأردن أيضاً.

وسوف تتغير أيضاً طبيعة الخسائر في صفوف الإسرائيليين. وفي حرب واسعة النطاق، من المرجح أن تمتد التكلفة البشرية إلى شرائح أوسع من سكان إسرائيل والدول المجاورة لها وكذلك المنخرطة في الحرب، وأن تُلحق أضراراً أكبر بكثير بالمراكز السكانية والبنية التحتية الوطنية، بما في ذلك مرافق الطاقة والنفط الحيوية. كما يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى 15 كتيبة إضافية للتعامل مع المهام الحالية والمستقبلية.

من شأن العدد الكبير من الأطراف الفاعلة في هذه الحرب ان يحول المنطقة إلى فوضى كبيرة. وكما أدى القرار الذي اتخذه أحد اللاعبين الثانويين المتمركزين حول إيران، أي حماس، إلى إطلاق سلسلة الأحداث الحالية، فإن الدخول المباشر لمزيد من الجهات الفاعلة في الحرب، بما في ذلك الميليشيات العراقية والسورية وكذلك حزب الله، سيجعل الصراع أكثر صعوبة للتنبؤ والسيطرة. وهذا التعقيد الإضافي، سواء لدى الخصوم أو الشركاء، سيجعل من الصعب ليس فقط صياغة وتنفيذ استراتيجية مشتركة، ولكن أيضاً السيطرة على تصعيد الصراع وإنهاء الحرب.

وفي ظل التهديدات المتعددة على حدود إسرائيل، قد يضطر الجيش الإسرائيلي إلى العمل في لبنان وغزة والضفة الغربية، وربما سوريا، في حين يقوم أيضاً بتأمين حدوده مع مصر والأردن. وفي الوقت الحالي، سوف تحتاج القوات البرية الإسرائيلية المتمركزة في غزة إلى المزيد من الجنود إذا امتدت الحرب إلى لبنان، وسوف يتعين على القوات الاحتياطية المنهكة بالفعل أن تتحمل عبئاً أثقل.

ومن المتوقع أن تتفاقم الأوضاع بسبب فشل الحكومة الإسرائيلية إلى حد كبير في معالجة الجوانب القانونية والسياسية للحرب. وكلما طال أمد الحرب، كلما واجهت إسرائيل عزلة سياسية وتساؤلات حول شرعية عملياتها، حتى مع بقاء وجهات النظر الدولية السلبية تجاه معسكر– غزة وطهران – مستقرة نسبياً. أحد الأسباب وراء ذلك هو أن إسرائيل رفضت تقديم أي توقعات إيجابية "لليوم التالي" للحرب، بعيداً عن هزيمة حماس. وفي صراع إقليمي أوسع، قد تمتد هذه المشكلة إلى ساحات أخرى: في لبنان على وجه الخصوص، سيكون من الضروري لإسرائيل أن يكون لديها خطة نهائية واضحة وتشرح كيف ستحافظ على العلاقات والهياكل الأمنية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

في النهاية: يمكن القول إنه في حال اندلعت حرب إقليمية ستواجه إسرائيل تحديات عدة يتمثل أبرزها في زيادة ميزانيتها الدفاعية، وإنشاء خطوط إنتاج جديدة للذخيرة، وتعزيز البنية التحتية الحيوية مثل الطاقة والاتصالات، وتوسيع نطاق قواتها العسكرية لتشمل المزيد من شرائح المجتمع الإسرائيلي.. لكن النقطة الأهم هي حل الأزمة السياسية التي تعيشها إسرائيل، وإلى أن تتمكن الحكومة من توحيد بيتها المشتت واستعادة الوحدة، فلن يكون من الممكن استعادة الأمن والسلام في إسرائيل والمنطقة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟