المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

تطلعات وتحديات: قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية الأردنية 2024

الإثنين 23/سبتمبر/2024 - 06:29 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

تحت شعار "تحديث المنظومة السياسية" في المملكة، شهدت الأردن في العاشر من سبتمبر 2024 إجراء الانتخابات التشريعية في تجربة هي الأولى منذ تحديث المنظومة السياسية في ظل قانون الانتخاب الجديد الذي تم إقراره في يناير 2022، واستحدث حزمة من الإجراءات الجديدة، على رأسها إنشاء دائرة عامة على مستوى الدولة بـ41 مقعدًا مخصصة للأحزاب، و18 دائرة محلية لها 97 مقعدًا. كما نص القانون على ما يعرف بالعتبة الانتخابية كشرط للتنافس على المقاعد الحزبية بنسبة 2.5% في القائمة العامة وبنسبة 7% في النطاق المحلي، في حين جاء القانون بفرص زيادة تمثيل المرأة بواقع تخصيص مقعد امرأة لكل دائرة انتخابية، ومقعدين من أول ستة مترشحين في القائمة الحزبية، وهي الفرص ذاتها التي مُنحت للشركس والمسيحيين، مع ضمان تمثيل الحد الأدنى لهم ضمن حصص العضوية للمجلس.

وقد جاءت هذه الانتخابات في ضوء استراتيجية الأوراق النقاشية وعددها سبعة والتي أقرها الملك عبدالله الثاني بن الحسين في أكتوبر 2016، وتمثل رؤيته لتحقيق الإصلاح الشامل؛ حيث احتوت الأوراق الثانية والثالثة والرابعة والخامسة منها على خارطة واضحة لخطوات التحول نحو تحويل النظام السياسي إلى حكومة برلمانية. وبالتالي فإن هذه الانتخابات وفق القواعد الديموقراطية تمثل نقلة نوعية؛ إذ تجرى لأول مرة ضمن قانون يحقق أهداف عمل منظم من خلال كتل حزبية فاعلة تحت سقف البرلمان. كما تمثل هذه الانتخابات خطوة أولى في تغير المشهد البرلماني، من خلال إيجاد مجلس نيابي قائم على الأحزاب ووفق أسس وبرامج عمل واضحة بعيدًا عن القواعد التقليدية القائمة على العشائرية. بالإضافة إلى ذلك رأى البعض أن انتخابات 2024 ستكون بمثابة أبرز المحطات الديموقراطية التي يحتفي بها الأردنيون ضمن احتفالاتهم باليوبيل الفضي لجلوس الملك عبدالله الثاني على العرش.

أولًا: الظروف المحيطة بالانتخابات البرلمانية الأردنية

جاءت هذه الانتخابات بعد إنجاز مجموعة من التعديلات الدستورية وصدور قوانين جديدة ناظمة للانتخابات والعمل الحزبي والتي تهدف في مجملها إلى تمكين الشباب والمرأة والتأسيس لثقافة العمل وفق برامج حزبية بعيدًا عن القواعد التقليدية الحاكمة للمشهد السياسي الأردني.

وفي هذا السياق، ظهر تياران رئيسيان استحوذا على مساحات النقاشات الداخلية وتصاعدت الانقسامات حول مستقبل النظام السياسي الأردني والتحول الدستوري نحو تعزيز مكانة الأحزاب في النظام الأردني؛ حيث تمثل التيار الأول في النخب التقليدية التي تهدف إلى مواجهة التشريعات التي تم تمريرها في قانون الأحزاب والانتخابات، في حين تمثل التيار الثاني في مناصري التوجهات الملكية والاستراتيجية الأردنية لتحديث المنظومة السياسية وانطلاق عملية التحول الديموقراطي، وهذا الانقسام انعكس بصورة كبيرة على اتجاهات الرأي العام الداخلي تجاه هذه الانتخابات وما يعقبها من تغيرات وتحولات سياسية ودستورية في طبيعة النظام السياسي الأردني، وفيما يلي أبرز المحددات المؤثرة في هذه الانتخابات:

1. عودة الاهتمام بالداخل: أجريت هذه الانتخابات بعدما تصاعدت الأصوات الداخلية التي شككت في إمكانية انعقادها، وهو ما يحمل إشارات عودة الشأن الداخلي إلى صدارة اهتمامات مركز القرار في البلاد، مع التأكيد بأن إدارة الشأن الداخلي لا تتعارض والحذر من انعكاسات ما تشهده الساحة الفلسطينية والإقليمية من تصعيد، بما يسفر عنه انفجار الأوضاع في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وتستحوذ هذه الملفات على أهمية كبيرة في التأثير على الأردن الذي يتأثر بتطورات الساحة الفلسطينية، ويرتبط القرار السياسي عادة بما تشهده الأراضي المحتلة من تطورات، خصوصًا وأن الرأي العام الأردني شديد التأثر بهذه الأحداث، وينعكس ذلك على ارتفاع سقف المطالب لدعم الفلسطينيين وإلغاء معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية. ويمكن الإشارة هنا إلى أن هناك حالات تأثرت بها الانتخابات الأردنية نتيجة الأحداث الفلسطينية؛ حيث تم تأجيل الانتخابات لمدة عامين مطلع الألفية بين الأعوام (2000 - 2003) بعد الانتفاضة الثانية التي أشعلتها زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى باحات المسجد الأقصى، وعلى الرغم من أهمية هذا العامل إلى أنه بالمجمل لم تؤثر على المسار الانتخابي الذي تحكمه عوامل أخرى.

2. إطار دستوري وقانوني جديد: أجريت هذه الانتخابات ف ظل إطار دستوري وقانوني جديد بما يتيح في النهاية تشكيل حكومة برلمانية بعدما تم رفع عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138، وتخصص 41 مقعدًا للأحزاب في خطوة أولية على طريق تمكين الأحزاب السياسية، وجاء هذا التطور في قانون الانتخاب بعد حوار التيارات السياسية المتنافسة في لجنة منظومة التحديث السياسي التي أمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتشكيلها في 10 يونيو 2021، ليوكل لها وضع قانون للأحزاب والانتخابات والنظر في التعديلات الدستورية، المتصلة بالقانونين وبآليات العمل النيابي. وصولًا إلى حالة يكون فيها معظم التمثيل البرلماني منوطًا بالأحزاب السياسية؛ حيث سيشهد الأردن وفق هذه التعديلات غيابًا للمكونات الاجتماعية المحافظة والتقليدية، ومراكز الثقل التي كانت تؤثر في الانتخابات عن واجهة البرلمان والسلطة التشريعية في المرحلة المقبلة. ومن ثم ستفرز الانتخابات ممثلين عن قواعد حزبية أكثر تمثيلًا للشارع الأردني وبعيدًا عن القواعد الشعبية التقليدية القائمة على العشائرية والمناطقية.

وامتدادًا لذلك، سيكون هناك مخرجات للعمل الحزبي داخل البرلمان من خلال البرامج الحزبية، إلا أن تخصيص هذه المقاعد للأحزاب لن يمنحهم القدرة على تشكيل حكومة، وهو ما يتطلب منهم بناء تحالفات وشراكات حزبية مع المستقلين التي تعزز من فرص التحول للحكومة البرلمانية خاصة أن قانون الانتخاب يتحدث عن تدرج هذه العملية وتطورها خلال 12 عامًا.

3. تمكين المرأة والشباب: ستكون الانتخابات النيابية فرصة تاريخية غير مسبوقة للمرأة الأردنية لزيادة نسبة تمثيلها تحت قبة البرلمان، باعتبار أنه تم تخصيص 18 مقعدًا للمرأة على نظام الكوتا وفق قانون الأحزاب الجديد بعد أن كان 15 مقعدًا، علاوة على أنه يلزم الأحزاب بتخصيص مقعدين على الأقل للمرأة من ضمن المقاعد الستة الأولى في قوائمها التي ستخوض بها هذه الانتخابات والانتخابات القادمة، وبالتالي من المتوقع في ضوء الحسابات الموضوعية أن يصل عدد المقاعد النيابية التي ستشغلها الأردنيات في البرلمان لأكثر من 20 بالمئة. وبالتالي فإن فرص المرأة في الانتخابات كبيرة بحكم التشريعات والقوانين الحالية الناظمة للحياة السياسية، فضلًا عن أن السياسة العامة للدولة الأردنية، سواء الحكومة والمؤسسات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني تهدف إلى تحقيق مسار التحديث السياسي وتمكين المرأة سياسيًا لما لها من تداعيات إيجابية على مختلف المستويات باعتبار إن كوتا المرأة جاءت لتصحيح مسار سياسي استبعد النساء لفترات طويلة على صعيد الانتخاب وليس على صعيد التعيين وبما يضمن تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار. وفيما يتعلق بتمكين الشباب، فقد ألزم القانون ترشيح شاب أو شابة دون سن 35 عامًا في المواقع الخمسة الأولى للقوائم الحزبية، وهو ما سيعزز من اتجاهات المشاركة السياسية للمرأة والشباب وتمكينهم سياسيًا ومجتمعيًا بما يضمن التمثيل العادل للمجتمع الأردني.

4. تعزيز نسب المشاركة: سعى صانع القرار الأردني إلى تقديم مختلف التسهيلات والاقتراحات والقوانين والتشريعات التي سنتها ضمن استراتيجية إزالة المحظورات فيما يتعلق بالعمل الحزبي وتعزيز تمثيل الأحزاب في البرلمان، ويأتي هذا التوجه في إطار العمل على رفع نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بـــــ 15% أكثر من النسب السابقة والتي لم تتجاوز متوسط نسب الاقتراع في الانتخابات النيابية الأردنية للمواسم الانتخابية الثلاثة الماضية نحو 32%. وإذا كانت هذه النسبة متدنية، ففي أفضل الحالات لم تتخطَّ نسب المشاركة حاجز الـ40% طوال السنوات الـ25 الماضية.

وفي إطار تعزيز نسبة المشاركة، أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب عن سجل الناخبين إلكترونيًا، كما تم تحديد 1600 مركز اقتراع واختيار 19 لجنة انتخابية رئيسة. كما أنه تم إطلاق خدمة إلكترونية تمكّن المواطن من تغيير مركز اقتراعه ضمن دائرته الانتخابية، وإطلاق خدمة للناخب المسيحي أو الشركسي أو الشيشاني لتغيير دائرته الانتخابية إن لم يكن ضمن دائرته مقعد مخصص لهم.

من ناحية أخرى، هناك اتجاه يرى بوجود مخاوف خاصة وأن مرحلة التحديث السياسي أنتجت 38 حزبًا، بعدما كان عدد الأحزاب 56 حزبًا وهذا التحول لم يختصر عدد الأحزاب فقط، بل إنه لم يأت بالتنوع في التيارات التي تمثل المجتمع الأردني بل برزت ثلاث تيارات رئيسية هم تيار اليسار والقوميين والتيار الوسطي واليمين الإسلامي، بالإضافة إلى ذلك، حدد القانون الحد الأدنى للتمثيل (العتبة الانتخابية) بنسبة 2.5%، وبالتالي فإن التوقعات تنسحب على تراجع عدد هذه الأحزاب بعد الانتخابات وتراجع فرصها في الحصول على الدعم الحكومي المخصص لها.

5. التأثير العشائري: تعد العشيرة والقبلية في الأردن بمثابة الحزب السياسي والاجتماعي النافذ في تحديد مجريات العمليات والتفاعلات الداخلية وعاملًا فاعلًا في تأكيد القيم التقليدية والعادات وتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية، كما أنها أحد مصادر السلطة والتأثير في المجتمع ولها دور فاعل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما تتحكم في تحديد نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، بيد أن ما ذهبت إليه التعديلات الدستورية الحالية والممتدة لأكثر من 12 عام سيعمل على كسر هذه القواعد التقليدية للمشهد السياسي الأردني وتفكيك هذه الروابط لصالح الدائرة الوطنية بما يتجاوز التمثيل الأضيق لحساب التمثيل الأوسع؛ حيث سيذهب الناخب لاختيار من يمثله على اتساع الرقعة الجغرافية الكاملة للمملكة، وهو ما يساهم في صهر المجتمع، وتجاوز الفوارق التنموية والديموغرافية.

وقد أفرزت التعديلات الدستورية والقانونية التي تم إقرارها مجموعة من التحديات الخاصة بمدى قدرة العشائر على استيعاب هذه التحولات والعمل على تأكيد تواجدهم وحضورهم في المعادلة السياسية الداخلية الأردنية، في مواجهة عمل حكومي ممنهج ومستمر لتحجيم نفوذهم بعدما قلصت هذه التعديلات من حصة المكون العشائري والقبلي داخل البرلمان، وهو ما دفع العديد من العشائر إلى إجراء انتخابات داخلية لضمان عدم تشتت الأصوات واختيار ممثليها وقوائمها الانتخابية من أجل بناء تكتل انتخابي يضمن تحقيق فوز ممثليها وبما يسمح لها بالحفاظ على تأثير قوي داخل قبة البرلمان المقبل.

وتجب الإشارة هنا إلى أن صانع القرار الأردني لم يهدف من وراء هذه التعديلات الجديدة في قوانين الانتخابات والمجالس التشريعية إلى حدوث انقسامات مجتمعية داخلية، بل إنها سمحت للعشائر والقبائل بإجراء الانتخابات الداخلية ولم تتدخل فيها والتأثير على مجرياتها على العكس من بعض الدول في المنطقة التي بدأت في محاربة هذه الظاهرة بصورة عنيفة لما لها من تأثيرات سلبية على مسار عملية التحول الديموقراطي، ومن جانب آخر، فإن عامل التوقيت مهم في تمرير هذه التعديلات، فإلى جانب تنامي التوترات الإقليمية، شهدت العلاقة بين الدولة والعشائر نوعًا من الفتور في السنوات الأخيرة وتعمقت مع تفجر قضية التآمر على أمن الدولة في عام 2021، والذي كان أحد المتهمين فيها الأمير حمزة الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني، ومن ثم تهدف الأردن إلى تحقيق نوع من أنواع التوازن الداخلي بين نفوذ العشائر والأحزاب السياسية في البرلمان وعدم تعرضهم للمؤثرات الإقليمية.

6. صعود الإسلاميين: برزت مجموعة من الأسباب المتعلقة بالتخوف من فوز الحركة الإسلامية في الأردن بحصة الأسد من أصوات الناخبين المشحونين بعاطفة الانتصار للمقاومة الإسلامية في غزة خاصة ممن لديهم أصول فلسطينية، فاستمرار الحرب على قطاع غزة، تركت تأثيرات على اتجاهات الرأي العام في الشارع الأردني المرتبط بصورة مباشرة بتطورات القضية الفلسطينية جغرافيًا وديموغرافيًا. وهذه الأحداث أدخلت الرأي العام في حالة من الإحباط بعد غياب آفاق وقف الحرب في المدى المنظور.

وضمن السياق ذاته، حاول حزب جبهة العمل الإسلامي -الذراع السياسي لجماعة الإخوان غير المرخصة في الأردن-، تعزيز عدد مقاعده الحالية (8) مقاعد في مجلس النواب الحالي من خلال توظيف واستثمار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في دعايتهم الانتخابية، بالإضافة إلى تنظيمهم لعدد من الاعتصامات بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان، وبالتالي انقلبت الأحداث بحسب موازين القوى في الحرب على غزة، خصوصًا بعد عودة الدعم الغربي والأميركي لحكومة اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتانياهو بعدما تصاعدت التوترات الإقليمية مع إيران.

7. تغير الخريطة السياسية: شهدت الساحة السياسية الداخلية تغيرات في طبيعة الكوادر الحزبية والمستقلة والعشائرية المشاركة في الانتخابات؛ حيث تصاعدت وتيرة الانسحابات وخروج العديد من الشخصيات ذات التأثير في الحياة النيابية والتشريعية، على سبيل المثال أعلن النائب عبد الكريم الدغمي، انسحابه من الترشح في هذه الانتخابات وهو البرلماني المخضرم وعراب التشريعات الذي لم يغب عن مجالس النواب منذ عام 1989 وحتى اليوم، كما أعلن كل من النائب خليل عطية الذي قرر العزوف عن خوض الانتخابات التي داوم على حضورها منذ عام 1997، ثم أيمن المجالي، ورئيس مجلس النواب الأسبق عبد المنعم العودات، والنائب خير أبو صعيليك. ولعل خروج هذه الشخصيات المؤثرة من المشهد السياسي سيلقي بتأثيرات كبيرة على مجريات الانتخابات البرلمانية خاصة فيما يتعلق بصعود كوادر وشخصيات جديدة وإفساح المجال أمامهم.

وضمن السياق ذاته، وبسبب المحاصصة العشائرية المتعلقة بتصعيد الكوادر الجديدة للترشح للانتخابات وفق منظور منح فرص متساوية لأبناء العشائر في المقاعد النيابية، فإن ذلك يعني حدوث تغيرات في حركة استمرار النواب الحاليين في الترشح، وهو ما يفسر التغيرات الجديدة في طبيعة المرشحين.

من ناحية أخرى، شهدت الساحة الداخلية وجود 25 قائمة انتخابية تعبر عن مختلف أطياف واتجاهات المجتمع الأردني، ولعل هذا الزخم في وجود هذه التيارات يؤشر على تغيرات في الخريطة السياسية سواء في هذه الانتخابات وما يعقبها بما يساهم في تحسين الأداء البرلماني وتمكين الأحزاب السياسية ورفع نسبة تمثيلها من 30 في المائة إلى 65 في المائة بحلول انتخابات عام 2032، وهذه الارهاصات الجديدة ستكون بداية لتغيرات أوسع في خريطة التفاعلات الداخلية.

وبالنظر إلى الثقل العشائري داخل المملكة فإن العديد من الأحزاب سعت إلى استقطاب شخصيات عشائرية في العديد من المناطق والمحافظات خاصة حزب جبهة العمل الإسلامي الذي دمج مجموعة من الأسماء ضمن قائمته لخوض هذا الاستحقاق مثل عشيرة بارز من خلال توظيف حالة الغضب الناتج عن إقصائهم وتهميشهم من المعادلة السياسية الجديدة. ومن جهة أخرى، أعلنت عشائر أخرى مقاطعتها مثل عشيرة العوران في سابقة هي الأولى من نوعها، وهو ما يمثل رد فعل من هذه العشائر على ما تعتبره تهميشًا لها من قبل الحكومة وإبعادهم عن مختلف الدوائر والوظائف في أجهزة الدولة.

8. المراقبة الدولية: ترأست زيليانا زوفكو بصفتها كبيرة المراقبين وعضو البرلمان الأوروبي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية الأردنية لعام 2024؛ حيث نشرت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية الأردنية 28 مراقبًا في كافة أنحاء البلاد والتي تشمل كافة محافظات المملكة الاثنتي عشرة، كما تلقى هؤلاء المراقبون قبيل نشرهم إحاطة مفصلة تضمنت قوانين الانتخاب الأردنية وظروف البيئة السياسية وشمل عملهم مجريات سير العملية الانتخابية بأكملها قبل وأثناء التصويت وحتى بعد إغلاق صناديق الاقتراع بجانب لقاء مسئولي الانتخابات والمرشحين وممثلين عن القوائم والتحالفات، إلى جانب عدد من أفراد المجتمع المدني وممثلين عن وسائل الإعلام، وستعمل بعثة المراقبة في وقت لاحق على  إصدار بيانها النهائي الذي ستستعرض من خلاله مجموعة من التوصيات الفنية التي تهدف إلى تحسين سير العملية الانتخابية مستقبلًا.

كما راقب العملية الانتخابية أكثر من 61 منظمة، بإجمالي قرابة 700 مراقب يتبعون لبعثات رقابة دولية وجهات تمثل سفارات ومنظمات دولية عاملة في الأردن، كمراقبين دوليين ضيوف، ومؤسسات رقابية محلية وعربية ودولية مستقلة، وهيئات تابعة لمنظمات إقليمية ودولية ذات تجربة بمراقبة الانتخابات في دول العالم.

نتائج ومؤشرات

أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن أن نسبة الاقتراع في انتخابات البرلمان الـ20 بلغت 32.25%، وذلك بعد إغلاق صناديق الاقتراع لتسجل زيادة طفيفة عن انتخابات 2020، وجاءت النتائج الأولية للقوائم الحزبية في الدائرة العامة بتجاوز 10 قوائم حد العتبة في الدائرة العامة من أصل 25 قائمة. وبينت أن حزب جبهة العمل الإسلامي حصل على 17 مقعدًا على مستوى القوائم الحزبية و14 مقعدًا على مستوى القوائم المحلية، كمستقلين. في حين حصل حزب ميثاق على 3 مقاعد بالإضافة إلى مقعد عن الشركس، كما حصل كل من حزب إرادة وحزب الوطني الإسلامي على 3 مقاعد، حصل حزب تيار الاتحاد الوطني على مقعدين، بالإضافة إلى مقعد مسيحي. بجانب ذلك حصل حزب تقدم على مقعدين، بالإضافة إلى مقعد مسيحي. أما أحزاب الأرض المباركة، والعمال، ونماء والعمل، وعزم، فحصل كل منها على مقعدين لكل حزب.

وقد بلغ عدد السيدات الفائزات 27 امرأة، منهن 9 على القائمة العامة، و18 على القوائم المحلية وهو ما يمثل ضعف عدد المقاعد التي كانت موجودة في مجلس النواب السابق، كما أظهرت النتائج أن عدد الفائزين في الانتخابات ممن تقل أعمارهم عن 35 عامًا، 6 بينهم 3 في القائمة العامة وعدد مماثل في القائمة المحلية.

وفيما يتعلق بفوز جبهة العمل الإسلامي، فإن هناك مجموعة من العوامل التي ساعدت على ذلك خاصة وأن نصف الناخبين من أصول فلسطينية ومتأثرين بما يحدث في فلسطين، وهو ما دفع الجبهة إلى استغلال الاحتقان الشعبي تجاه ما تشهده الساحة الفلسطينية من أجل دعم فوز مرشحيها بمقاعد كافية في البرلمان. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا لا يعني تمكنها من تشكيل حكومة حزبية في المرحلة الحالية، بل على العكس أثبتت هذه النتائج أن الدولة الأردنية مصرّة على التعددية السياسية، وعلى مشاركة جميع أبنائها في العمل السياسي وفي صنع القرار.

في الختام: يمكن الإشارة إلى أن المتتبع لقانون الانتخاب الاردني يجد أن عملية الانتقال الى مجلس نواب حزبي بالكامل سيكون على مدار ثلاث دورات انتخابية للوصول الى حكومة حزبية. أول هذه الدورات كانت دورة 2024 والتي ستكون نواة لعملية التحديث السياسي التي ستوثر على خريطة الأحزاب والتحالفات الحالية والمستقبلية للوصول إلى الغاية النهائية من تطبيق قانون الانتخابات الجديد.

 


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟