صدمت
احتجاجات إيران عام 2022 التي حملت الشعار الراديكالي "المرأة، الحياة،
الحرية" النظام في طهران، وفي هذا السياق، هناك عشرة أسباب واضحة تجعل
الاحتجاجات الحالية في إيران غير مسبوقة وسيكون لها آثار بعيدة المدى وراديكالية
على مستقبل واستدامة جمهورية إيران الإسلامية.
1-
تغييرات جذرية في الشعارات والمطالب
في
الثورات والاحتجاجات السابقة، وخاصًة في عام 2009، كانت المطالب الرئيسية هي إصلاح
النظام أو استعادة الأصوات المسروقة في الانتخابات. ففي احتجاجات عامي 2017 و2019،
ارتبطت المطالب بتحسين الظروف المعيشية والاقتصاد. ولكن هذه المرة، في عام 2022،
تركزت الاحتجاجات على مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق، وكذلك إلغاء الحجاب
الإجباري الذي يُعرف بالركيزة الأساسية للنظام بالإضافة إلى هويته. فالمطلب ليس
إصلاح النظام، بل تغييره، ويعد هذا الأمر بمثابة نقطة تحول جوهرية فيما يتعلق
بمستقبل الجمهورية الإسلامية.
2-
الدور الريادي للمرأة
جذبت
دورة الثورة الإيرانية انتباه الرأي العام ووسائل الإعلام الدولية لاحتوائها على
مطالب من النساء، وقد أدى ذلك أيضًا إلى مشاركة جميع شرائح المجتمع الإيراني. شعار
"المرأة والحياة والحرية" يتردد في جميع أنحاء إيران، في الشوارع
والجامعات ووسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية وكانت النساء والفتيات الجهات
الفاعلة الرئيسية في هذه المظاهرات.
3-
ظهور جيل الجديد
من أبرز
سمات الثورة الإيرانية الحالية أن غالبية المتظاهرين في مختلف المناطق والمدن هم
من الشباب دون سن الخامسة والعشرين، وهؤلاء الشباب يعتبرون الجيل الثالث من
الإيرانيين المولودين بعد ثورة 1979 ويرفضون النظام كليًا.
4-
خبرة في التعبئة والقتال
في
الثورات السابقة والاحتجاجات الحاشدة، مثل الانتفاضات التي عمّت البلاد في الأعوام
2009 و2017 و2019، كان هناك نوع من "الليونة" في مواجهة الشرطة وقوات
الأمن والحرس الثوري والباسيج، إلخ، لكن هذه المرة، يواجه المتظاهرون قوات الأمن،
مما أدى إلى زيادة مستوى العنف.
5-
وحدة الجماعات العرقية والدينية والثقافية
شهدت هذه
الثورة تضامنًا وطنيًا بين جميع المجموعات العرقية والثقافات، وهو ما لم نشهده من
قبل. في الماضي، كانت هناك انقسامات بين الجماعات العرقية والدينية والمناطق،
فضلاً عن المدن والضواحي الرئيسية في إيران. في هذه الجولة من الاحتجاجات، نرى
أوجه تشابه في مطالب المتظاهرين لأنها تتجاوز المطالب الإقليمية أو الجغرافية أو
الإقليمية أو حتى المطالب الجندرية المحدودة. هذه المرة، أصبحت الاحتجاجات تحديًا
غير مسبوق للحكومة الإيرانية بسبب تضامن المجتمعات والجماعات المتنوعة في البلاد.
6-
ردود فعل الشخصيات العامة
ما يميز
هذا الاحتجاج عن جولات الاحتجاجات والثورات الأخرى في إيران أنه هذه المرة كانت
هناك موجة من الغضب ضد الحكومة ومؤسساتها وسلوك قوات الأمن من قبل مشاهير
الرياضيين والفنانين. وقد دفع هذا حتى الأشخاص المعروفين المقربين من الحكومة إلى
التعبير علانية عن دعمهم، والانضمام إلى المتظاهرين على الشبكات الاجتماعية، وحتى
المشاركة في الاحتجاجات.
7-
دعم واسع النطاق للشتات الإيراني
سمة ميزة
أخرى لاحتجاجات 2022 هي العدد الكبير من الاحتجاجات والتجمعات خارج إيران لدعم
الاحتجاجات الإيرانية. وهاجم المتظاهرون سفارات ومراكز الجمهورية الإسلامية. ومن
المثير للاهتمام أيضًا أن المعارضة خارج إيران، التي لم تتحد أبدًا مع بعضها البعض
في التنظيم وحتى الشعارات والمطالب، لديها مطلب واحد هذه المرة: انتصار الثورة
وانهيار هذا النظام.
8-
صعود طلاب الجامعات
بعد
سنوات من السلبية والصمت والقمع بين طلاب الجامعات بعد نجاح السلطات الإيرانية في
إنهاء احتجاجات 1999 و2009، عاد طلاب الجامعات الشهيرة ومدن مختلفة إلى الاحتجاجات.
وأعرب بعض أساتذة الجامعات عن دعمهم لطلابهم، ويطالب أساتذة الجامعات بالإفراج عن
طلابهم المحتجزين - وإلا فإنهم يهددون بعدم العودة إلى الفصول الدراسية، كما
استقال بعض الأساتذة بسبب قمع المتظاهرين.
9-
قوة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي
الطريقة
التي تُستخدم بها شبكات التواصل الاجتماعي لتنظيم الاحتجاجات والتعبير عنها غير
مسبوقة؛ حيث تنشر الصور والشعارات والرموز والمقاطع بلغات أجنبية مختلفة لإعلام
جمهور العالم. وقد أدى ذلك إلى قيام جمهورية إيران الإسلامية بإبطاء اتصالات
الإنترنت بشدة أو حتى قطعها. وقد أدى ذلك إلى موجة من التعاطف والدعم الخارجي للاحتجاجات،
حتى السياسيين البارزين على تويتر للتنديد بقمع الجمهورية الإسلامية واستخدام هاشتاغ
(#مهسا أميني). ساعدت شبكات التواصل الاجتماعي المتظاهرين على تبادل المعلومات
وإعلام العالم الأوسع، والتواصل مع بعضهم البعض، وتحديد وقت ومكان الاحتجاجات.
10-
حق تقرير المصير للإيرانيين
في
الماضي، طلب المتظاهرون في كثير من الأحيان المساعدة من الولايات المتحدة ودول
ديمقراطية أخرى، لكن هذه المرة اكتشفوا أنهم وحدهم القادرون على تغيير مصيرهم؛ حيث
يعتبر هذا نقطة تحول غير مسبوقة ونهاية لتوقع أن تحررها قوة أجنبية.
وفي الختام: رغم أن الاحتجاجات الحالية في إيران ليس لها زعيم سوى
الشعب نفسه، لم تعد الاحتجاجات مركزية ولم تقتصر على المدن الكبرى، بل انتشت في
غالبية إ لم يكون كافة المدن الإيرانية. وعلاوة على ذلك، في هذه الموجة من الاحتجاجات،
لم يعد المتظاهرون يؤمنون بالدعاية الحكومية حول الاحتجاجات، مثل مزاعم التدخل
الخارجي.
وفي هذا السياق، يتداخل عامل مهم آخر هو أن قضية
خلافة آية الله علي خامنئي ومرضه أعطت الناس الأمل في نجاح التغيير في النظام
السياسي الحالي وحتى نهاية نظام ولاية الفقيه.
لذا، يبدو أن العملية الثورية للإطاحة
بالنظام، أو على الأقل التغيير الجذري، قد بدأت بسرعة داخل إيران، والتي تختلف
تمامًا عن الاحتجاجات السابقة. وينعكس ذلك في الشعارات المتطرفة وقيادة النساء
والشباب الإيرانيين. ما لوحظ حتى الآن هو أن الانقسام بين السلطات وأغلبية المجتمع
الإيراني قد تعمق، وبدأت الاحتجاجات حيث كانت الجمهورية الإسلامية أقوى.