هذا تاريخهم.. الملفات السرية للإخوان الحلقة الأولى اغتيال النقراشي باشا
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 12:01 م
بقلم : عبد الرحيم علي
· الأقوال الكاملة لقاتل النقراشي باشا
· سرية يقودها ضابط شرطة يدعى “,”أحمد فؤاد“,” تولت عملية التنفيذ
· القاتل ومجموعة التنفيذ تدربوا في عزبة الشيخ محمد فرغلي بالإسماعيلية
· والشيخ سيد سابق أفتى بجواز القيام بعملية الإغتيال
في هذا الشهر من عام 1948 ، أغتال الإخوان المسلمون النقر اشي باشا رئيس وزراء مصر الأسبق، وفي هذا الشهر من عام 2012 قامت كتائب الإخوان بموقعة جمل جديدة راح ضحيتها ستة من شباب الثورة، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم خرجوا ليعبروا عن رأيهم في حكم بلادهم، لذا كان قرارى أن أفتتح الكتابة فى ملف “,”الإخوان والعنف“,” بداية بهذه القضية، التي شكلت نقطة فاصلة في علاقة الإخوان بالسلطة، أي سلطة.
لذا كان قراري أن افتتح الكتابة في هذا النوع من العلاقة الملتبسة بين الإخوان والسلطة (أي سلطة) منطلقا من قضية النقراشي باشا، شارحا كيفية فهم الإخوان لهذه العلاقة، والأسس التي كانت تقوم عليها، وما هي أهداف الإخوان – دائما- من ورائها.
وطبيعي أن تفتتح مثل هذا النوع من الكتابات التاريخية بالبدايات (بداية العلاقة بين الإخوان وحكومة النقراشي، والظروف التي أحاطت بها ، صعودا نحو قمة التراجيديا التي انتهت بمقتل الرجل وما تلاه من مقتل حسن البنا مؤسس الجماعة أيضا).
إلا أن التشكيك في النوايا، من جانب الإخوان، وكتائب الردع الخاصة بهم، جعلني أبدأ من حيث أردت أن انتهي (من لحظة الإغتيال) وفق أسلوب (الفلاش باك)، عائدا من ثم الى البدايات، في محاولة لشرح الخريطة الغامضة لعلاقة الإخوان بالسلطة، في كافة العهود، وعبر كل الأزمنة، خاصة ما يتعلق منها بجانب استخدام العنف، عندما لا يصلح التطويع (تطويع السلطة أيا كانت ا تجاهاتها) لصالح أهداف الجماعة، والتي غالبا ما تتناقض وتتعارض في مجمل الأوقات والمواقف مع مصلحة الوطن والأمة.
وقد رأيت أن أسد كل باب على المتنطعين، وهم كثر، بأن أبدأ باعترافات الجناة، والمنفذين، والمخططين، من خلال أوراق القضية الأصلية، ومذكرات النيابة العامة، وما خطوه بأيديهم من شهادات ومذكرات، بعد عشريات من السنين، مضت على تلك الحوادث.
واستبعدت عمدا تحقيقات البوليس السياسي، ليعدل من عدل عن بينة، وليمض في غيهم المبطلون.
والطبيعي، وفقا للأسلوب الذي اخترته، أن أبدأ قصة اغتيال النقراشي، من اعترافات المتهم الأول، طالب الطب البيطري عبد المجيد أحمد حسن، وملاحظات النيابة العمومية، المحررة في 11/7/1949، بمعرفة السيد محمود منصور النائب العام آنذاك، والتي تضمنتها أوراق القضية رقم 5 لسنة 1949 جنايات عسكرية – عابدين، ويحمل ملفها رقم (1/3/197) عموم الأمن العام، القسم المخصوص .
وتبدأ المذكرة بإتهام النائب العام لكل من :
1- عبدالمجيد احمد حسن
السن 22 طالب بكلية الطب البيطري ويقيم بحدائق القبة شارع حسني رقم 6 ومحبوس بسجن الاجانب.
2- محمد مالك يوسف محمد مالك
السن 25 موظف بمطار الماظة ويقيم بشارع الصحافة رقم 181 بالسبتية.
ومحبوس بسجن الاستئناف ـــ
3- عاطف عطيه حلمى
السن 25 طالب بكلية الطب ويقيم بشارع الجوالي رقم 13 بالمنيرة.
ومحبوس بسجن مصر برقم 4325/1932
4- كمال سيد سيد القزاز
السن 26 نجار موبيليات ويقيم بشارع الرحبة رقم 4 بقلعة الكبش.
ومحبوس بسجن مصر برقم 7762/1658
5- عبدالعزيز احمد البقلى
السن 26 ترزي افرنكي ويقيم بشارع الحكومة رقم 7 بقلعة الكبش.
ومحبوس بسجن مصر برقم 7760/2748
6- سيد سابق محمد التهامي
السن 34 مقرئ دلائل ويقيم بشارع التبانة زقاق سوق الغنم رقم 6
ومحبوس بسجن مصر برقم 6196/2873
بأنهم في يوم 28 ديسمبر سنة 1948 م الموافق 27 صفر سنة 1368هـ بدائرة قسم عابدين بمدينة القاهرة أرتكبوا الجرائم التالية :
المتهم الأول:
أولاً:- قتل حضرة صاحب الدولة محمود فهمي النقراشي باشا عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن عقد النية هو والمتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس على قتله وأعد بمعونتهم مسدسا وسترة عسكرية لضابط بوليس برتبة الملازم اول ومرن على ارتدائها والظهور بها وفي صبيحة يوم الحادث ارتداها وحمل المسدس وقصد إلى مقهى قريب من وزارة الداخلية في انتظار اشارة تليفونية من أحد شركائه باقتراب موعد وصول المجني عليه فلما تلقاها دخل بهو الوزارة متوسلا بتلك السترة وتربص للمجني عليه واقفا بالقرب من المصعد المؤدي إلى مكتبه حتى اذا قدم وهم بدخول المصعد فاجأه المتهم باطلاق مقذوفات نارية عليه من ذلك المسدس قاصدا قتله فاصابه بالجروح النارية المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته على الاثر.
ثانياً- أحرز سلاحا نارياً –مسدسا- بدون ترخيص.
والمتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس :
اشتركوا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب هاتين الجريمتين بأن انعقدت ارادتهم على قتل دولة المجني عليه بوصف كونهم هم والمتهم الاول أعضاء في جمعية ارهابية من وسائلها القتل ووقع اختيارهم على المتهم الأول لتنفيذ الجريمة فأمروه بارتكابها وساعدوه على الاعمال المسهله والمتممة لها اذ جهزوه بالسلاح والسترة الرسمية ورسموا له كيفية ارتكابها وحددوا له الزمان والمكان فوقعت الجريمتان بناء على ذينك الاتفاق والتحريض وهذه المساعدة.
وبناء عليه ، ووفقا لذات التقرير :
يكون المتهم الأول قد ارتكب الجريمتين المنصوص عليهما في المواد 230 و 231 و 232 من قانون العقوبات والمادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 1917 الخاص باحراز وحمل السلاح والمادتين الاولى والثانية من الامر العسكري رقم 35 بشأن الاسلحة النارية والذخائر المعدل بالامر العسكري رقم 49.
ويكون باقي المتهمين قد ارتكبوا الجريمة المنصوص علهيا في المواد سالفة الذكر والمادتين 40 فقرة اولى وثانية وثالثة و 41 من قانون العقوبات.
ولذلك، وعملاً بالقانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الاحكام العرفية – والمادة الاولى من القانون رقم 73 سنة 1948 الخاص باضافة حالة جديدة الى الحالتين اللتين يجوز فيهما إعلان الأحكام العرفية – والمرسوم الصادر في 13 مايو سنة 1948 باعلان الاحكام العرفية والامرين العسكريين رقم 67 (ثانيا) و 72 بشأن جواز احالة بعض جرائم القانون العام الى المحاكم العسكرية والقانون رقم 59 سنة 49 بشأن استمرار العمل بالقانون رقم 73 سنة 1948.
تطلب النيابة العمومية من المحكمة العسكرية العليا معاقبة المتهمين طبقا للمواد والأوامر العسكرية سالفة الذكر.
اعترافات قاتل النقراشي:
وقد أورد تقرير مقدم من نيابة الاسئناف تم تحريره في في 10 اغسطس سنة 1949، بمعرفة وكيل نيابة الاستئناف، عددا من الملاحظات المهمة، يأتي في مقدمتها أقوال المتهم الأول عبد المجيد أحمد حسن، الطالب بكلية الطب البيطري والتي جاءت على النحو التالي (أوردنا النص الكامل طبقا لما جاء في تقرير النيابة العمومية لأول مرة ، لتعرف الأجيال الجديدة الحقيقة كاملة دون تزييف) .
أولا : قرر عبدالمجيد احمد حسن المتهم بقتل المغفور له دولة محمود فهمي النقراشي باشا انه انضم في أوائل سنة 1946 الى جمعية سرية تكونت من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين وأقسم في أحد المنازل اليمين الخاص بها على المصحف والمسدس وأنه شاهد المتهم الأول السيد فايز عبدالمطلب في شهر يناير سنة 1948 وهو يرأس نفرا منهم يتدربون على استعمال السلاح في منطقة الاسيمرات بجبل المقطم ومن بينهم شفيق ابراهيم أنس المتهم الثالث وأنه حوالي شهر مايو أو يونيو سنة 1948 عرّفه أحد أعضاء مجموعته السرية المدعو احمد عادل كمال (المتهم في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي) في منزله بالسيد فايز بوصفه رئيسا لمجموعات القاهرة السرية وكلفه احمد عادل كمال هذا بعد ذلك بنحو شهر بمقابلة السيد فايز في منزله في موعد حدده له قبل عيد الاضحى بأيام قلائل فقابله فيه حيث وجد عنده كلا من المتهمين الرابع والسادس والسابع محمود كمال السيد محمد ومحمود حلمي فرغل ومحمد احمد على وكذا جمال الدين ابراهيم فوزي (المتهم في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي) (وهي القضية المعروفة بقضية السيارة الجيب) وأفهمهم السيد فايز أنهم أصبحوا يكونون مجموعة جديدة تحت رئاسة جمال فوزي واجتمع أعضاء هذه المجموعة في منزل رئيسهم في اليوم الأول من أيام هذا العيد واتفقوا على القيام برحلة إلى مدينة الاسماعيلية في اليوم الثالث (يوافق 15 اكتوبر سنة 1948) وسافروا في الموعد المحدد الى عزبة تابعة لهذه المدينة ومعروفة باسم “,”عزبة الاخوان المسلمين“,” وقضوا ليلتهم فيها وفي الصباح أخذوا منها مدفع سريع الطلقات ومسدسات وقنبلة يدوية وتوغلوا نحو نصف ساعة سيرا على الأقدام في الصحراء الواقعة في الجهة الغربية من العزبة وهناك تدربوا على استعمال المدفع والمسدسات كما ألقى محمد احمد على القنبلة اليديوية – ووصف عبدالمجيد هذه العزبة وصفا دقيقا تبينت من المعاينة صحته وأرشد عنها فتبين أنها العزبة التي يزرعها كل من محمد محمد فرغلى ومحمد ابراهيم سويلم (المتهمين في القضية سابقة الذكر) والتي ضبطت فيها أسلحة ومفرقعات وأوراق للجمعية السرية – وأرشد عن مكان التدريب في تلك الصحراء فعثر فيه على أظرف رصاصات مطلقة وغلاف قنبلة يدوية.
مالك يوسف ودوره:
وتمضي مذكرة نيابة الإستئناف لتذكر أن عبدالمجيد احمد حسن قد قرر أنه هو وأعضاء مجموعته صاروا يجتمعون بعد ذلك في منزل رئيسهم جمال الدين ابراهيم فوزي وبعد بضع اجتماعت عرفهم بالمتهم محمد مالك يوسف وقال انه انضم لمجموعتهم وانه سيدربهم على قيادة السيارات والموتسكيلات وسافر جمال فوزي الى فلسطين في 16 نوفمبر سنة 1948 وأصبح محمد مالك هو الصلة بينهم وبين القيادة وصاروا يعقدون اجتماعاتهم احياناً في منزله وأحيانا أخرى في قاعة البنج بنج بنادي جمعية الشبان المسلمين اذ كان محمد مالك عضوا قديما فيها والتحق باقي أعضاء المجموعة بها لهذا الغرض – وبعد صدور أمر حل الجماعة بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1948 اجتمع عبدالمجيد احمد حسن ومحمود كامل السيد ومحمود حلمي فرغل ومحمد احمد على ومحمد مالك يوسف في منزل هذا الأخير حيث عرفهم بالمتهم الثاني محمد صلاح الدين عبدالمعطي باعتباره من رؤساء الجمعية السرية وكان أحد اصابع يديه مربوطا وأبلغهم صلاح هذا بأن الجمعية قد اعتزمت ان تقتص لأمر الحل ممن تسببا في صدوره وهما النقراشي باشا وعبدالرحمن عمار بك – وقرر عبدالمجيد انه في يوم السبت الأسبق على تاريخ حادث قتل دولة النقراشي باشا (اي يوم 18 ديسمبر سنة 1948) حضر اليه محمد مالك في منزله حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا وطلب منه ان يذهب لمقابلة احمد فؤاد في منزله بالعباسية لأمر سيخبره به وقابله فيه وجلس معه في غرفة في فناء هذا المنزل وأبلغه بأن الاختيار قد وقع عليه لقتل النقراشي باشا ثم حصلت وقائع هذا اليوم على التفصيل المذكور في القائمة الاصلية من مقابلة عبدالمجيد لعاطف عطيه والذهاب إلى دكان كمال القزاز ثم دكان عبدالعزيز البقلى لأخذ المقاس واجراء البروفة الاولى في دكانه مساء – وفي يوم الأحد التالي (19 ديسمبر سنة 1948) اتصل به احمد فؤاد صباحا في قهوة الاعلام باسم حسني على سبيل التجربة ثم ذهب عبدالمجيد الى المقهى المقابل لوزارة الداخلية حيث وجد كلا من المتهمين الرابع والسابع محمود كامل السيد ومحمد احمد على – وفهم أنهما يجلسان فيها لمراقبة سيارة النقراشي باشا وحوالي الساعة الواحدة بعد الظهر قابل الترزي عبدالعزيز احمد البقلى بناء على موعد سابق أمام سينما ايزيس وذهبا معا إلى منزل هذا الترزي حيث أجرى له البروفة الثانية كما اشترى في هذا اليوم حذاء أسود اللون وتقابل في المساء بناء على اتفاق سابق مع الضابط احمد فؤاد امام دار الحكمة في شارع القصر العيني وذهبا معا إلى منزل عاطف عطيه حيث وجداه هو والسيد فايز عبدالمطلب المتهم الاول وعبدالحليم محمد احمد المتهم الخامس وجلال الدين يسن المتهم الثامن ثم وافاهم السيد سابق محمد التهامي وقال السيد فايز ان الخطة تقضي بأن يرتدي جلال الدين يسن سترة كونستابل ويصحب عبدالمجيد وقت ارتكاب الجريمة – وتلا السيد سابق على عبدالمجيد بعض الآيات والأدعية مبررا له ارتكابها وأوصاه بتلاوة دعاء خاص في طريقه إلى محل الحادث وسرد رواية مؤداها ان شخصا يدعى عبدالرحمن عبدالخالق استشهد في فلسطين ودخل الجنة ثم انصرف عبدالمجيد مع عبدالحليم محمد احمد وذهبا بارشاد هذا الأخير في سيارة تاكسي إلى المنزل رقم 25 شارع على يونس بشبرا ليتعرف عبدالمجيد على موقعه وأفهمه عبدالحليم أنه هو المنزل الذي أعد لتغيير ملابسه فيه.
والى لقاء في الحلقة القادمة لنشرح كيف تمت عملية الإغتيال على لسان منفذيها.
· سرية يقودها ضابط شرطة يدعى “,”أحمد فؤاد“,” تولت عملية التنفيذ
· القاتل ومجموعة التنفيذ تدربوا في عزبة الشيخ محمد فرغلي بالإسماعيلية
· والشيخ سيد سابق أفتى بجواز القيام بعملية الإغتيال
في هذا الشهر من عام 1948 ، أغتال الإخوان المسلمون النقر اشي باشا رئيس وزراء مصر الأسبق، وفي هذا الشهر من عام 2012 قامت كتائب الإخوان بموقعة جمل جديدة راح ضحيتها ستة من شباب الثورة، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم خرجوا ليعبروا عن رأيهم في حكم بلادهم، لذا كان قرارى أن أفتتح الكتابة فى ملف “,”الإخوان والعنف“,” بداية بهذه القضية، التي شكلت نقطة فاصلة في علاقة الإخوان بالسلطة، أي سلطة.
لذا كان قراري أن افتتح الكتابة في هذا النوع من العلاقة الملتبسة بين الإخوان والسلطة (أي سلطة) منطلقا من قضية النقراشي باشا، شارحا كيفية فهم الإخوان لهذه العلاقة، والأسس التي كانت تقوم عليها، وما هي أهداف الإخوان – دائما- من ورائها.
وطبيعي أن تفتتح مثل هذا النوع من الكتابات التاريخية بالبدايات (بداية العلاقة بين الإخوان وحكومة النقراشي، والظروف التي أحاطت بها ، صعودا نحو قمة التراجيديا التي انتهت بمقتل الرجل وما تلاه من مقتل حسن البنا مؤسس الجماعة أيضا).
إلا أن التشكيك في النوايا، من جانب الإخوان، وكتائب الردع الخاصة بهم، جعلني أبدأ من حيث أردت أن انتهي (من لحظة الإغتيال) وفق أسلوب (الفلاش باك)، عائدا من ثم الى البدايات، في محاولة لشرح الخريطة الغامضة لعلاقة الإخوان بالسلطة، في كافة العهود، وعبر كل الأزمنة، خاصة ما يتعلق منها بجانب استخدام العنف، عندما لا يصلح التطويع (تطويع السلطة أيا كانت ا تجاهاتها) لصالح أهداف الجماعة، والتي غالبا ما تتناقض وتتعارض في مجمل الأوقات والمواقف مع مصلحة الوطن والأمة.
وقد رأيت أن أسد كل باب على المتنطعين، وهم كثر، بأن أبدأ باعترافات الجناة، والمنفذين، والمخططين، من خلال أوراق القضية الأصلية، ومذكرات النيابة العامة، وما خطوه بأيديهم من شهادات ومذكرات، بعد عشريات من السنين، مضت على تلك الحوادث.
واستبعدت عمدا تحقيقات البوليس السياسي، ليعدل من عدل عن بينة، وليمض في غيهم المبطلون.
والطبيعي، وفقا للأسلوب الذي اخترته، أن أبدأ قصة اغتيال النقراشي، من اعترافات المتهم الأول، طالب الطب البيطري عبد المجيد أحمد حسن، وملاحظات النيابة العمومية، المحررة في 11/7/1949، بمعرفة السيد محمود منصور النائب العام آنذاك، والتي تضمنتها أوراق القضية رقم 5 لسنة 1949 جنايات عسكرية – عابدين، ويحمل ملفها رقم (1/3/197) عموم الأمن العام، القسم المخصوص .
وتبدأ المذكرة بإتهام النائب العام لكل من :
1- عبدالمجيد احمد حسن
السن 22 طالب بكلية الطب البيطري ويقيم بحدائق القبة شارع حسني رقم 6 ومحبوس بسجن الاجانب.
2- محمد مالك يوسف محمد مالك
السن 25 موظف بمطار الماظة ويقيم بشارع الصحافة رقم 181 بالسبتية.
ومحبوس بسجن الاستئناف ـــ
3- عاطف عطيه حلمى
السن 25 طالب بكلية الطب ويقيم بشارع الجوالي رقم 13 بالمنيرة.
ومحبوس بسجن مصر برقم 4325/1932
4- كمال سيد سيد القزاز
السن 26 نجار موبيليات ويقيم بشارع الرحبة رقم 4 بقلعة الكبش.
ومحبوس بسجن مصر برقم 7762/1658
5- عبدالعزيز احمد البقلى
السن 26 ترزي افرنكي ويقيم بشارع الحكومة رقم 7 بقلعة الكبش.
ومحبوس بسجن مصر برقم 7760/2748
6- سيد سابق محمد التهامي
السن 34 مقرئ دلائل ويقيم بشارع التبانة زقاق سوق الغنم رقم 6
ومحبوس بسجن مصر برقم 6196/2873
بأنهم في يوم 28 ديسمبر سنة 1948 م الموافق 27 صفر سنة 1368هـ بدائرة قسم عابدين بمدينة القاهرة أرتكبوا الجرائم التالية :
المتهم الأول:
أولاً:- قتل حضرة صاحب الدولة محمود فهمي النقراشي باشا عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن عقد النية هو والمتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس على قتله وأعد بمعونتهم مسدسا وسترة عسكرية لضابط بوليس برتبة الملازم اول ومرن على ارتدائها والظهور بها وفي صبيحة يوم الحادث ارتداها وحمل المسدس وقصد إلى مقهى قريب من وزارة الداخلية في انتظار اشارة تليفونية من أحد شركائه باقتراب موعد وصول المجني عليه فلما تلقاها دخل بهو الوزارة متوسلا بتلك السترة وتربص للمجني عليه واقفا بالقرب من المصعد المؤدي إلى مكتبه حتى اذا قدم وهم بدخول المصعد فاجأه المتهم باطلاق مقذوفات نارية عليه من ذلك المسدس قاصدا قتله فاصابه بالجروح النارية المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته على الاثر.
ثانياً- أحرز سلاحا نارياً –مسدسا- بدون ترخيص.
والمتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس :
اشتركوا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب هاتين الجريمتين بأن انعقدت ارادتهم على قتل دولة المجني عليه بوصف كونهم هم والمتهم الاول أعضاء في جمعية ارهابية من وسائلها القتل ووقع اختيارهم على المتهم الأول لتنفيذ الجريمة فأمروه بارتكابها وساعدوه على الاعمال المسهله والمتممة لها اذ جهزوه بالسلاح والسترة الرسمية ورسموا له كيفية ارتكابها وحددوا له الزمان والمكان فوقعت الجريمتان بناء على ذينك الاتفاق والتحريض وهذه المساعدة.
وبناء عليه ، ووفقا لذات التقرير :
يكون المتهم الأول قد ارتكب الجريمتين المنصوص عليهما في المواد 230 و 231 و 232 من قانون العقوبات والمادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 1917 الخاص باحراز وحمل السلاح والمادتين الاولى والثانية من الامر العسكري رقم 35 بشأن الاسلحة النارية والذخائر المعدل بالامر العسكري رقم 49.
ويكون باقي المتهمين قد ارتكبوا الجريمة المنصوص علهيا في المواد سالفة الذكر والمادتين 40 فقرة اولى وثانية وثالثة و 41 من قانون العقوبات.
ولذلك، وعملاً بالقانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الاحكام العرفية – والمادة الاولى من القانون رقم 73 سنة 1948 الخاص باضافة حالة جديدة الى الحالتين اللتين يجوز فيهما إعلان الأحكام العرفية – والمرسوم الصادر في 13 مايو سنة 1948 باعلان الاحكام العرفية والامرين العسكريين رقم 67 (ثانيا) و 72 بشأن جواز احالة بعض جرائم القانون العام الى المحاكم العسكرية والقانون رقم 59 سنة 49 بشأن استمرار العمل بالقانون رقم 73 سنة 1948.
تطلب النيابة العمومية من المحكمة العسكرية العليا معاقبة المتهمين طبقا للمواد والأوامر العسكرية سالفة الذكر.
اعترافات قاتل النقراشي:
وقد أورد تقرير مقدم من نيابة الاسئناف تم تحريره في في 10 اغسطس سنة 1949، بمعرفة وكيل نيابة الاستئناف، عددا من الملاحظات المهمة، يأتي في مقدمتها أقوال المتهم الأول عبد المجيد أحمد حسن، الطالب بكلية الطب البيطري والتي جاءت على النحو التالي (أوردنا النص الكامل طبقا لما جاء في تقرير النيابة العمومية لأول مرة ، لتعرف الأجيال الجديدة الحقيقة كاملة دون تزييف) .
أولا : قرر عبدالمجيد احمد حسن المتهم بقتل المغفور له دولة محمود فهمي النقراشي باشا انه انضم في أوائل سنة 1946 الى جمعية سرية تكونت من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين وأقسم في أحد المنازل اليمين الخاص بها على المصحف والمسدس وأنه شاهد المتهم الأول السيد فايز عبدالمطلب في شهر يناير سنة 1948 وهو يرأس نفرا منهم يتدربون على استعمال السلاح في منطقة الاسيمرات بجبل المقطم ومن بينهم شفيق ابراهيم أنس المتهم الثالث وأنه حوالي شهر مايو أو يونيو سنة 1948 عرّفه أحد أعضاء مجموعته السرية المدعو احمد عادل كمال (المتهم في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي) في منزله بالسيد فايز بوصفه رئيسا لمجموعات القاهرة السرية وكلفه احمد عادل كمال هذا بعد ذلك بنحو شهر بمقابلة السيد فايز في منزله في موعد حدده له قبل عيد الاضحى بأيام قلائل فقابله فيه حيث وجد عنده كلا من المتهمين الرابع والسادس والسابع محمود كمال السيد محمد ومحمود حلمي فرغل ومحمد احمد على وكذا جمال الدين ابراهيم فوزي (المتهم في قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي) (وهي القضية المعروفة بقضية السيارة الجيب) وأفهمهم السيد فايز أنهم أصبحوا يكونون مجموعة جديدة تحت رئاسة جمال فوزي واجتمع أعضاء هذه المجموعة في منزل رئيسهم في اليوم الأول من أيام هذا العيد واتفقوا على القيام برحلة إلى مدينة الاسماعيلية في اليوم الثالث (يوافق 15 اكتوبر سنة 1948) وسافروا في الموعد المحدد الى عزبة تابعة لهذه المدينة ومعروفة باسم “,”عزبة الاخوان المسلمين“,” وقضوا ليلتهم فيها وفي الصباح أخذوا منها مدفع سريع الطلقات ومسدسات وقنبلة يدوية وتوغلوا نحو نصف ساعة سيرا على الأقدام في الصحراء الواقعة في الجهة الغربية من العزبة وهناك تدربوا على استعمال المدفع والمسدسات كما ألقى محمد احمد على القنبلة اليديوية – ووصف عبدالمجيد هذه العزبة وصفا دقيقا تبينت من المعاينة صحته وأرشد عنها فتبين أنها العزبة التي يزرعها كل من محمد محمد فرغلى ومحمد ابراهيم سويلم (المتهمين في القضية سابقة الذكر) والتي ضبطت فيها أسلحة ومفرقعات وأوراق للجمعية السرية – وأرشد عن مكان التدريب في تلك الصحراء فعثر فيه على أظرف رصاصات مطلقة وغلاف قنبلة يدوية.
مالك يوسف ودوره:
وتمضي مذكرة نيابة الإستئناف لتذكر أن عبدالمجيد احمد حسن قد قرر أنه هو وأعضاء مجموعته صاروا يجتمعون بعد ذلك في منزل رئيسهم جمال الدين ابراهيم فوزي وبعد بضع اجتماعت عرفهم بالمتهم محمد مالك يوسف وقال انه انضم لمجموعتهم وانه سيدربهم على قيادة السيارات والموتسكيلات وسافر جمال فوزي الى فلسطين في 16 نوفمبر سنة 1948 وأصبح محمد مالك هو الصلة بينهم وبين القيادة وصاروا يعقدون اجتماعاتهم احياناً في منزله وأحيانا أخرى في قاعة البنج بنج بنادي جمعية الشبان المسلمين اذ كان محمد مالك عضوا قديما فيها والتحق باقي أعضاء المجموعة بها لهذا الغرض – وبعد صدور أمر حل الجماعة بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1948 اجتمع عبدالمجيد احمد حسن ومحمود كامل السيد ومحمود حلمي فرغل ومحمد احمد على ومحمد مالك يوسف في منزل هذا الأخير حيث عرفهم بالمتهم الثاني محمد صلاح الدين عبدالمعطي باعتباره من رؤساء الجمعية السرية وكان أحد اصابع يديه مربوطا وأبلغهم صلاح هذا بأن الجمعية قد اعتزمت ان تقتص لأمر الحل ممن تسببا في صدوره وهما النقراشي باشا وعبدالرحمن عمار بك – وقرر عبدالمجيد انه في يوم السبت الأسبق على تاريخ حادث قتل دولة النقراشي باشا (اي يوم 18 ديسمبر سنة 1948) حضر اليه محمد مالك في منزله حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا وطلب منه ان يذهب لمقابلة احمد فؤاد في منزله بالعباسية لأمر سيخبره به وقابله فيه وجلس معه في غرفة في فناء هذا المنزل وأبلغه بأن الاختيار قد وقع عليه لقتل النقراشي باشا ثم حصلت وقائع هذا اليوم على التفصيل المذكور في القائمة الاصلية من مقابلة عبدالمجيد لعاطف عطيه والذهاب إلى دكان كمال القزاز ثم دكان عبدالعزيز البقلى لأخذ المقاس واجراء البروفة الاولى في دكانه مساء – وفي يوم الأحد التالي (19 ديسمبر سنة 1948) اتصل به احمد فؤاد صباحا في قهوة الاعلام باسم حسني على سبيل التجربة ثم ذهب عبدالمجيد الى المقهى المقابل لوزارة الداخلية حيث وجد كلا من المتهمين الرابع والسابع محمود كامل السيد ومحمد احمد على – وفهم أنهما يجلسان فيها لمراقبة سيارة النقراشي باشا وحوالي الساعة الواحدة بعد الظهر قابل الترزي عبدالعزيز احمد البقلى بناء على موعد سابق أمام سينما ايزيس وذهبا معا إلى منزل هذا الترزي حيث أجرى له البروفة الثانية كما اشترى في هذا اليوم حذاء أسود اللون وتقابل في المساء بناء على اتفاق سابق مع الضابط احمد فؤاد امام دار الحكمة في شارع القصر العيني وذهبا معا إلى منزل عاطف عطيه حيث وجداه هو والسيد فايز عبدالمطلب المتهم الاول وعبدالحليم محمد احمد المتهم الخامس وجلال الدين يسن المتهم الثامن ثم وافاهم السيد سابق محمد التهامي وقال السيد فايز ان الخطة تقضي بأن يرتدي جلال الدين يسن سترة كونستابل ويصحب عبدالمجيد وقت ارتكاب الجريمة – وتلا السيد سابق على عبدالمجيد بعض الآيات والأدعية مبررا له ارتكابها وأوصاه بتلاوة دعاء خاص في طريقه إلى محل الحادث وسرد رواية مؤداها ان شخصا يدعى عبدالرحمن عبدالخالق استشهد في فلسطين ودخل الجنة ثم انصرف عبدالمجيد مع عبدالحليم محمد احمد وذهبا بارشاد هذا الأخير في سيارة تاكسي إلى المنزل رقم 25 شارع على يونس بشبرا ليتعرف عبدالمجيد على موقعه وأفهمه عبدالحليم أنه هو المنزل الذي أعد لتغيير ملابسه فيه.
والى لقاء في الحلقة القادمة لنشرح كيف تمت عملية الإغتيال على لسان منفذيها.