التوظيف السياسي: قراءة نقدية في تقرير هيومان رايتس
أثار تقرير هيومن رايتس
ووتش بخصوص فض اعتصامي رابعة والنهضة جدلاً كبيراً على كافة الأصعدة، خاصة فيما
يتعلق بردات الفعل السريعة التي هاجمت التقرير وشنت ضده حرباً ضروس حيث رأته
مغايراً للحقائق ومعتمداً على وجهة نظر واحدة، فيما أخذ البعض يعظم من هذا التقرير
وكيف قام بكشف حقائق كثيرة تدين النظام المصري الحالي على شاشات فضائيات وجرائد
بعينها.
في ظل هذا التطويع، أدرك المركز العربي مسئوليته
الفكرية والتنويرية ورأي أنه من المهم بمكان محاولة تقديم رؤية مغايرة عن كيفية
التعاطي مع هذا التقرير بموضوعية وشفافية بعيداً عن الآراء المتعصبة المستترة خلف
آراء مسيسة ومأدلجة. من هنا كانت فكرة عقد ندوة بعنوان "المعايير المزدوجة
والتوظيف السياسي للمنظمات الحقوقية الدولية... قراءة نقدية في تقرير هيومان رايتس
بشأن فض اعتصام رابعة".
أدار الندوة الأستاذ نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وتحدث الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، والدكتور يسرى العزباوى نائب مدير المركز والخبير بالأهرام، والشيخ نبيل نعيم مؤسس تنظيم الجهاد.
نبيل عبد الفتاح: المنظمة لا يجب أن يكون لها انتماءات سياسية .. والتقرير استخدم لغة عدائية وبها الكثير من العنف
افتتح الأستاذ نبيل
عبد الفتاح الندوة متحدثاً عن ملاحظاته العامة والقانونية حول التقرير،
مؤكداً على استخدامه لغة عدائية وبها الكثير من العنف، متسائلاً عن انتماءات
القائمين على هذا التقرير، موضحاً أن هناك أمورا يجب أخذها في الاعتبار وهي الفرق
بين الناشط السياسي والناشط الحقوقي، مؤكداً أن الأخير لا ينبغي أن يكون لديه
انتماءات سياسية.
بالإضافة لوجود علامات
تعجب حول قدرة ''هيومان رايتس ووتش'' على جمع المعلومات، مؤكداً أن التقرير تحدث
بلغة عامية دون إعطاء بيانات دقيقة.
أوضح عبد الفتاح أنه لا
يتعين التعامل مع التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية بذات المنطق الذي تتعامل
به منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، وأن الطريقة التي تتعامل بها هذه
المنظمة في كتابتها للتقرير لا تلتزم الحيادية من حيث المفردات والمصطلحات العنيفة
وعدم الدقة في المعلومات التي تدليها.
وأكد على أن ما جاء في التقرير لا يعني اننا لم نحزن على أبناءنا الذين قتلوا في ميداني رابعة والنهضة، ومن غُرر بهم، وأن الدم الذي أُهدر هو في الأول والأخر دم مصري خالص.
سعد الدين إبراهيم: التقرير
أغفل المعايير الموضوعية وانحاز للإخوان .. "هيومان رايتس"
تكيل بمكيالين
كان أول المتحدثين الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن
خلدون للدراسات الإنمائية وأستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية
بالقاهرة، والذي أكد على أن هناك ضوابط معينة أغفلها التقرير، ومنها شهادات أهالي
وسكان رابعة العدوية والنهضة، وهم الذين عانوا على مدى شهر ونصف، وهي مدة هذا
الاعتصام الذي نظمه أنصار وأعضاء جماعة الإخوان عقب ثورة 30 يونيو.
وتابع إبراهيم "أن هذا الاعتصام أصاب ثلث العاصمة المصرية بشلل
تام"، مضيفا أن هذا التقرير به الكثير من التحيز وعدم الحياد والموضوعية، وهي
أهم أساسيات كتابة التقارير الحقوقية، مشيرًا إلى أنه إبان الاعتصامات والتظاهرات
التي نظمها أعضاء جماعة الإخوان كانت نيويورك تشهد أيضًا تظاهرات واحتجاجات قامت
الشرطة الأمريكية بفضها باستخدام كل أشكال العنف، وهو ما لم يشر إليها أي منظمة
حقوقية في العالم.
كما أكد على أننا نحمل
مشاعر الألم والحب لضحايا رابعة والنهضة ونشارك أسرهم واصدقائهم في مشاعرهم من
ألم, وبالتالي فان هذا الموضوع لا يكون محل نزاعات وصراعات.
في السياق ذاته
قال الدكتور "سعد الدين ابراهيم" مدير مركز أبن خلدون لحقوق
الإنسان اننا نحمل للهيئات الحقوقية العالمية احتراما شديدا ومنها منظمة
"هيومن رايتس ووتش", فان هذا المرصد ظهر بعد المنظمة العربية لحقوق
الإنسان ولنا تاريخ كبير مع هذه المنظمة الدولية, واننا هنا لا نريد مزايدات مع أي
منظمات ومنها هذه المنظمة الكبيرة, ولكننا نراجع ما كتب فيها من معلومات ونعاود
معالجتها.
وأشار
"ابراهيم" انه لم يستعان بأي من سكان منطقة رابعة العدوية كشهود عيان
على حد قوله, للإدلاء بأقواله فيما حدث في الاعتصام من انتهاكات في حقوق
أهالي المنطقة, وأن هذا الاعتصام تسبب في إصابة شرق القاهرة بالشلل المروري, وأن
كل الدساتير في العالم تنص على أن الاعتصام لا يكون على حساب مصلحة الأخرين.
و ألمح
"ابراهيم" أنه بالتزامن مع أحداث رابعة العدوية والنهضة كان هناك حدثين
هامين إحداهما في "نيويورك" التي حاولت أن تحتج على تجاوزات سوق المال
والأعمال، وأن هذا الحدث قوبل بالرفض من قبل الشرطة الأمريكية وفض هذا
الاعتصام بالقوة في وسط العاصمة.
والآخر كان في
"لندن" والتي تعتبر أم الديموقراطيات الحديثة, وذلك عندما حدثت احتجاجات
شديدة أستخدم فيها رئيس الوزراء الحالي مقولته الشهيرة بأنه " حينما يكون
الأمر متعلق بسلامة وأمن المجتمع من ناحية وحقوق الإنسان من ناحية أخري, فانه يجب
على حقوق الإنسان أن تأخذ خطوة للخلف", كما انه لم يكن هناك قوة رادعة في فض
اعتصام رابعة العدوية كما أشار التقرير وأن الشرطة المصرية بدأت فض الاعتصام عن
طريق الغاز المسيل للدموع والتحذير للمعتصمين من قبل استخدام الغاز.
وأكد أنه في غضون 4 أيام
من فض الاعتصامين عقد اجتماع للاتحاد الأوروبي لإصدار بيان بشأن الأوضاع في مصر
وأقر البيان ان الشرطة المصرية لم تستخدم القوة إلا بعد تجاوز الاعتصام 40 يوماً
و4 إنذارات وهو ما لم يذكره تقرير هيومان رايتس مخاطبا إياهم "كونوا جزءا من
الحل بدل أن تكونوا جزءا من المشكلة".
ولفت "إبراهيم" إلى عدم استبعاده ان تكون جماعة الإخوان سارعت بتوصيل رؤيتها عن الفض إلى هيومان رايتس ووتش بما يخدم مصالحها، وفقا لوجهة نظرهم، مبيناً أن الجماعة لديها كتائب إلكترونية ينقلون الموقف للعالم في اسرع وقت من خلال وسائل الإعلام الداعمة لهم.
العزباوي: "هيومن رايتس" تجاهلت جهود الدولة
لفض اعتصام رابعة سلميًا
ومن جانبه استنكر
الدكتور يسري العزباوي تعمد استخدام الفاظ وكلمات توحي بأن الدولة تبنت خطة
مسبقة لإعداد ما يسمى بجرائم القتل الجماعية، مشيرا إلى أن التقرير تجاهل جهود
الدولة مع قيادات الجماعة بفض الاعتصام بطرق سلمية وهي ما باءت جمعيا بالفشل نتيجة
لتعنت أعضاء الجماعة ورغبتهم في مواجهة الدولة المصرية مستخدمين في ذلك المواطنين البسطاء.
وتحدث العزباوي، عن أن المنظمة تكيل بمكيالين، حيث تغض الطرف عن
المجزرة التي تحدث في قطاع غزة .
كما عبّر عن اعتراضه على
المصطلحات التى وردت بالتقرير، ومنها على سبيل المثال: "جريمة حقيقية، مذبحة
وقتل جماعي".
متسائلاً: "لماذا لا
تدين هيومان رايتس تعامل الولايات المتحدة مع المتظاهرين"،
وتساءل العزباوى قائلاً: "لماذا انتقلت كل قيادات الإخوان إلى رابعة قبل
الفض, ألم تكن الجماعة على دراية بموعد الفض؟"، لافتاً إلى أنه إذا كانت
الإجابة بنعم.. فالمسئولية تقع على عاتق الجماعة.
أشار العزباوى تجاهل التقرير لموقع الإعتصام، حيث لم يرد به أن
الاعتصام احتل ميدان رابعة ولم يتطرق إلى عدم ملاءمة الموقع للاعتصام لما يتضمنه
من ثكنات شرطية ومرافق حيوية للمواطنين تعطلت خلال فترة تجاوزت الشهر.. مضيفاً أنه
أحد سكان منطقة رابعة العدوية ولذلك تابع عن قرب وقائع الاعتصام والفض.
أشار إلى التضارب بشأن
عدد الجثث الناتجة عن فض الاعتصام فجاء فى مؤتمر الطب الشرعى فى مصر فى أغسطس 2013
أن عدد الجثث بلغ 624، فى حين ذكر التقرير أن عدد الضحايا 1150، لافتاً إلى أن
التقرير ذكر أن الشرطة تعاملت بعنف أثناء الفض ودخلت بالجرافات، وتم تحديد أنواعها
وبالرغم من ذلك أحتمى المعتصمون خلف "أكياس رملية" مما يدل على نيتهم
الواضحة لعدم ترك الميدان.
كما استنكر على تجاهل منظمة هيومان رايتس
أحداث العنف وحرق الكنائس والبلطجة التى تطرقت اليها الجماعة بعد فض اعتصامى رابعة
والنهضة.
وأكد الغرباوى، خلال كلمته فى ندوة المركز العربى للبحوث والدراسات للنظر فى تقرير منظمة هيومان رايتس لحقوق الانسان حول احداث الفض، أن المنظمة تمول بشكل مباشر من المخابرات الامريكية، فهى سياسية من الدرجة الاولى، موضحا انها لم تتناول المجازر التى ترتكبها اسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى.
واعتبر نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد، أن منظمة هيومين رايتس ووتش هي
إحدى أذرع المخابرات الأمريكية لتحقيق أهدافها الاستعمارية في دول العالم الثالث،
مضيفًا أن مصطلحات مثل حقوق الإنسان والديمقراطية هي المصطلحات التي تستخدمها تلك
الدول لتحقيق أهدافها الاستعمارية.
وتابع نعيم حديثه قائلا: "إن الدولة لا ينبغي لها الالتفات إلى
مثل هذه الأمور إذا أرادت تحقيق نهضة حقيقة وبناء دولة حديثة".
وفي نهاية الندوة طالب الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، الدولة ومنظمات حقوق الإنسان بضرورة إصدار بيان حقوقي دولي مضاد لإيضاح حقيقة ملابسات فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، مشيرا إلى أن مثل هذه التقارير الدولية هدفها أسباب إستراتيجية أخرى ومنها إقامة محاكم دولية أو التأثير في الراي العام، مشددا على أهمية إصدار تقرير دولي مضاد لشرح وتبني وجهة النظر الوطنية. الدولة ومنظمات حقوق الإنسان بضرورة إصدار بيان حقوقي دولي مضاد لإيضاح حقيقة ملابسات فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، مشيرا إلى أن مثل هذه التقارير الدولية هدفها أسباب إستراتيجية أخرى ومنها إقامة محاكم دولية أو التأثير في الراي العام، مشددا على أهمية إصدار تقرير دولي مضاد لشرح وتبني وجهة النظر الوطنية.