المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

البحث عن بديل: القيود البيئية والاعتبارات الإقتصادية لاستخدام الفحم

الخميس 22/مايو/2014 - 11:40 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
إبراهيم نوار

 لم يعد هناك شك الآن في أن مصر تواجه أزمة طاقة. وأدرك المصريون بعد عقود طويلة من التصرف أن بلدهم هي إحدى الدول المصدرة للطاقة، إنما هي في واقع الأمر دولة قد أصبحت منذ سنوات دولة مستوردة للطاقة تعاني حاليا من أزمة حادة بسبب العجز في إنتاج الوقود التقليدي، على الرغم مما أضافته اكتشافات الغاز من موارد إضافية لميزان الطاقة وللموازين المالية للدولة، وبسبب التخلف الشديد عن تنفيذ استثمارات كافية في تطوير مصادر الطاقة المتجددة التي تتمتع فيها مصر بمزايا طبيعية هائلة. المشكلة إذن ليست ندرة (scarcity) في مصادر الطاقة، وإنما هي عجز (deficit) في الإنتاج. الآن يعاني المصريون من انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي مما يؤدي إلى إظلام مساكنهم ومكاتبهم، وإلى توقف دوران الآلات في مصانعهم وإلى مشاكل مستديمة في تشغيل وسائل النقل. وأدرك المصريون بعد عقود من "وفرة الطاقة" أنهم في حاجة إلى سياسة جديدة للطاقة تغطي منظومة الطاقة بأكملها من مصادر واستثمارات وتسعير وإدارة واستهلاك تكون قادرة على التعامل مع " عجز إنتاج الطاقة". ولا يعني عجز إنتاج الطاقة في مصر عن تغطية احتياجات الاستهلاك، أن مصر فقيرة في مصادر الطاقة بشكل عام. قد تكون مصر فقيرة وتعاني من ندرة نسبية في ثروتها النفطية، لكنها بالتأكيد تتمتع بوجود احتياطيات ضخمة غير مستغلة في موارد ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومخزون الأرض من الطاقة الحرارية، إلى جانب احتياطيات الغاز في المياه العميقة داخل المنطقة الإقتصادية الخالصة (exclusive economic zone) قبالة السواحل المصري، وفي باطن الأرض خصوصا في دلتا النيل وكذلك احتياطيات الصخور الزيتية أو الطفلة البترولية، التي تدل شواهد كثيرة على توفرها بكميات اقتصادية في منطقة المثلث الذهبي (قنا – القصير- سفاجه) ولم يتم بعد تقييمها من الناحية الفنية والاقتصادية.

 وقد زاد من حدة العجز في إنتاج الطاقة في مصر، غياب رؤية لمستقبل الطاقة وعدم وجود إستراتيجية واضحة ومتصلة مبنية على أسس علمية واضحة، إضافة إلى تطبيق سياسات خاطئة في مجالات التسعير والإنتاج والتجارة والاستهلاك والإستثمارات الجديدة مما أدى إلى تراجع معدلات الإنتاج خلال السنوات التالية لثورة يناير2011، وتفاقم العجز نتيجة زيادة الاستهلاك بمعدلات تفوق زيادة الإنتاج، وعجز الدولة عن سداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع النفط والغاز، الأمر الذي أدى عمليا إلى توقف الإستثمارات الجديدة في آبار قائمة بالفعل وأعمال التنقيب في مناطق جديدة بحثا عن موارد إضافية. وعلى الرغم من أن الحكومة خصصت ما يقرب من ربع الإستثمارات المنفذة في السنة المالية 2012/2013 لقطاع النفط والغاز (24% من إجمالي الإستثمارات المنفذة بالفعل) ثم قررت (خلال فترة حكومة الببلاوي) سداد نحو 1.5 مليار دولار من مستحقات شركات البترول والغاز، فإن أزمة انقطاع الكهرباء ونقص الوقود وتعطل المصانع لا تزال تلقي بظلال كئيبة على الاقتصاد ككل.

 

وكان من المنطقي في ظل استمرار أزمة الطاقة أن تحاول الحكومة (في وزارة المهندس  إبراهيم محلب) دراسة عدد من البدائل العاجلة للخروج من هذه الأزمة أو لتخفيف حدتها خصوصا مع تزايد معدلات الاستهلاك وتزايد معدلات الأعطال في محطات إنتاج الطاقة والمصانع على السواء.  ومع أن حكومة المهندس إبراهيم محلب لا تزال تتمتع بمزايا الحصول على مساعدات مجانية في مجال النفط والمشتقات النفطية والغاز والبوتاجاز من السعودية والإمارات والكويت، فإنها في الوقت نفسه تبحث عن بدائل تساعد على تخفيف أزمة الطاقة خصوصا في مجالات ثلاثة رئيسية هي الإنارة (المنزلية والتجارية) ووقود السيارات والطاقة اللازمة لتشغيل المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة خصوصا مصانع الأسمنت والحديد والصلب. وتركز هذه البدائل على سياسات يمكن أن تنتج آثارا سريعة أو قصيرة الأجل يركز معظمها على ترشيد الاستهلاك باستخدام اللمبات الموفرة في إضاءة المنازل والمكاتب أو استخدام البطاقات الذكية في توزيع وقود السيارات وإدخال تكنولوجيا استخدام الفحم إلى مصانع الأسمنت. وبرزت على السطح من جديد قضية ترشيد دعم الطاقة والمعايير الضرورية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.

 

على أن واحدة من القضايا المثيرة للجدل والتي طفت أخيرا على السطح فيما يتعلق بالبدائل المطروحة للتخفيف من أزمة الطاقة تمثل في اقتراح استخدام الفحم لتوليد الطاقة سواء في الصناعة أو في تشغيل محطات القوى. ومنذ تم طرح هذا الإقتراح والموافقة عليه في مجلس الوزراء (2 إبريل 2014) لم يهدأ الجدل حول الموضوع وتنوعت وجهات النظر إلى حد التضارب والتناقض الحادين بين المؤيدين والمعارضين لاستخدام الفحم في الصناعة أو في توليد الطاقة في مصر حتى في داخل الحكومة نفسها حيث تتبنى وزيرة البيئة وجهة نظر مخالفة تماما لما قرره مجلس الوزراء وتعارض بقوة استيراد الفحم واستخدامه في تشغيل محطات الكهرباء أو استخدامه في الصناعة بما في ذلك صناعتي الأسمنت والحديد والصلب. ومن الملاحظ أن وزارة البيئة فشلت فشلا ذريعا في فرض المعايير البيئية على الصناعة بشل عام وعلى الصناعات الملوثة للبيئة بشكل خاص، وهي المعايير التي قررها القانون رقم 4 لسنة 1994. ويقدر البنك الدولي (2002) بأن الخسائر البيئية الناتجة عن التلوث تكلف مصر سنويا ما يقرب من 2.4 بليون دولار. وهذا يعني من الناحية الاقتصادية أن تكلفة التلوث تعادل نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك فإن الخسائر الفعلية قد تكون  أكبر من ذلك بكثير نظرا لانتشار أمراض الكبد والكلى والرئة الناتجة عن التلوث في مياه الشرب ومياه الزراعة والهواء.   

 

وتتناقض النظرة إلى الفحم لدى بعض الجماعات (مثل حملة لا للفحم) في مصر، كواحد من مصادر الطاقة، تناقضا حادا مع واقع استخدام الفحم على المستوى العالمي كواحد من بدائل الطاقة المستخدمة بالفعل في توليد الكهرباء وفي الصناعة خصوصا في صناعة الحديد والصلب وصناعة الإسمنت. وتستمد هذه النظرة غير المتسقة مع المعايير العالمية أصولها من متغيرين أحدهما تاريخي يتمثل في ضآلة استخدام الفحم في صناعة الطاقة في مصر التي اعتمدت تاريخيا على البترول ثم على توليفة من البترول والغاز والطاقة الكهرومائية. وثانيهما متغير بيئي يتعلق بضرورة الحد من التلوث خصوصا مع الارتفاع الحاد في معدلات تلوث الهواء والمياه والتربة في المناطق المأهولة سكانيا في مصر وعلى رأسها المدن الكبرى مثل العاصمة القاهرة. والحقيقة إن معدل تلوث الهواء في مصر يعتبر واحدا من المعدلات المنخفضة على المستوى العالمي بشكل عام. ولكن نظرا لأن المساحة المأهولة بالسكان تعتبر مساحة ضئيلة قياسا بالمساحة الكلية (نحو 7% من المساحة) فإن معدلات التلوث ترتفع إلى مستوى خطير في المناطق المأهولة خصوصا في المناطق الصناعية مثل جنوب القاهرة (حلوان) وشمال القاهرة (شبرا) حيث يوجد في كل منهما حزام من المصانع يعاني عدد كبير منها من انخفاض شديد في معايير السلامة البيئية مما يزيد معدلات تلوث الهواء والمياه والتربة في المناطق المحيطة. وتفتقر مصر إلى قياس دقيق ومنتظم لمعدلات السلامة البيئية. ويعتبر تلوث الهواء ومصادر مياه الشرب من أخطر مظاهر التلوث التي تركت آثارها المباشرة على صحة الناس والحيوانات وعلى جودة السلع الزراعية الغذائية التي تنتجها الحقول المحيطة بالقاهرة الكبرى وفي داخلها والتي لا تتوفر فيها معايير السلامة الصحية بسبب تلوث مياه الري وارتفاع نسبة متبقيات المبيدات والأسمدة المهددة لصحة البشر والحيوانات التي تتغذى على  محاصيل العلف الأخضر.

 

وبسبب هذين العاملين، ضآلة استخدام الفحم تاريخيا في مصر وارتفاع معدلات التلوث في المناطق السكانية المأهولة، فإن النظرة السلبية المعارضة لاستخدام الفحم بشكل عام كأحد البدائل المقبولة لتوليد الطاقة أو لتشغيل الصناعة تستمد قوة لا يستهان بها. وقد جاءت الاعتراضات العلنية التي أثارتها وزيرة البيئة على استخدام الفحم بعد ان اتخذ مجلس الوزراء في شهر إبريل قرارا يجيز استيراد الفحم واستخدامه في توليد الطاقة وفي الصناعة لتفتح نقاشا حادا في المجتمع بين تيارين: الأول يعارض بقوة استخدام الفحم والثاني يميل إلى استخدام الفحم والتوسع فيه مع أخذ المعايير البيئية في الاعتبار. 

زاد من حدة العجز في إنتاج الطاقة في مصر غياب رؤية لمستقبل الطاقة وعدم وجود استراتيجية واضحة ومتصلة مبنية على أسس علمية واضحة

أولا: الوضع العالمي

تشير الإحصاءات العالمية التي تصدرها الرابطة العالمية للفحم على موقعها الإلكتروني  (www.worldcoal.org) للعام 2012 إلى أن الفحم يعتبر المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء على مستوى العالم، حيث أسهم الفحم في ذلك العام في إنتاج 41% من الكهرباء المولدة على مستوى العالم. ويزيد من أهمية الفحم طبقا لهذه الإحصاءات إنه يوفر ما يقرب من 30% من احتياجات الطاقة على مستوى العالم. ولا يتوقف استخدام الفحم على تشغيل محطات الكهرباء فقط وإنما يدخل مباشرة في إنتاج الطاقة الحرارية لتشغيل عدد مهم من الصناعات مثل الحديد والإسمنت. ويستخدم الفحم على سبيل المثال في إنتاج ما يقرب من 70% من الحديد والصلب على مستوى العالم. ومن  المتوقع طبقا لتقديرات بيت الخبرة العالمي جولدمان ساكس (Goldman Sachs) أن يزيد الطلب العالمي على الفحم الحراري (thermal coal) بين عامي 2014 و2017 بنسبة 2.75% سنويا في المتوسط في الوقت الذي ستواصل فيه الدول الصناعية والدول الصاعدة على السواء التوسع في إنشاء محطات توليد الطاقة بالفحم. ويثير بعض الباحثين هنا علامات استفهام بسبب إقدام بعض الدول على إغلاق بعض محطات القوى القديمة المشتغلة بالفحم. وهذا صحيح، فالاتجاه في العالم الآن هو إغلاق محطات القوى القديمة العاملة بالفحم، وهي في أغلبيتها محطات تستخدم تكنولوجيا قديمة ملوثة للبيئة وتقوم بتوليد طاقة كهربائية محدودة، واستبدالها بمحطات ضخمة تتراوح طاقتها الإنتاجية بين 1000 ميجا إلى نحو 4000 ميجا وات/ساعة تستخدم تكنولوجيا متطورة قادرة على تقليل معدل التلوث إلى نحو 27% فقط من الإنبعاثات الضارة (التي تشمل الكبريت والرصاص والزئبق والجزيئات المعدنية المتحجرة وثاني أوكسيد الكربون).

 

ويبين الجدول التالي أهم الدول المنتجة للفحم على مستوى العالم (بالمليون طن عام  2012)

 

الدولة

الإنتاج

الصين

3549

الولايات المتحدة

935

الهند

595

إندونيسيا

443

أستراليا

421

روسيا

359

جنوب أفريقيا

259

ألمانيا

197

بولندا

144

كازاخستان

126

إجمالي الإنتاج العالمي

7831

(المصدر: www.worldcoal.org/resources/coal-statistics)

 

وطبقا للإحصاءات العالمية زاد إنتاج الفحم في عام 2012 بنسبة 2.9% مقارنة بما كان عليه في العام السابق. وتستخدم صناعة الحديد والصلب وحدها ما يقرب من 13% من إنتاج العالم من الفحم (ما يصل إلى نحو مليار طن). ومن الملاحظ إن هناك اتجاها متزايدا إلى استخدام الفحم وفقا لمعايير بيئية محددة محل البترول والغاز حيث إن تكلفة الحصول على مليون وحدة حرارية بريطانية (BTU)   باستخدام الفحم تعادل أقل من ثلث مثيلتها باستخدام الغاز على سبيل المثال. لكن المؤكد هنا هو إن الإعتبارات البيئية تسبق في الدول الصناعية التقليدية والصاعدة غيرها من الإعتبارات في السنوات الأخيرة بسبب زيادة الوعي بخطورة تلوث البيئة والآثارالكارثية المتوقعة لظاهرة الاحتباس الحراري وما قد ينتج عنها من ذوبان جبال الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات مما قد يسفر عن غرق مساحات كبيرة من الأراضي الواطئة ومنها الأجزاء الشمالية من دلتا النيل في مصر. صحيح إن الفحم هو ارخص مصادر الطاقة حاليا من ناحية التكلفة السعرية ولكنه يبدو أخطرها من ناحية التكلفة البيئية والصحية.

 

ويبين الجدول التالي أهم الدول المصدرة للفحم في العام (بالمليون طن عام 2012)

 

الدولة

الصادرات

إندونيسيا

388

أستراليا

301

روسيا

134

الولايات المتحدة

114

كولومبيا

82

جنوب أفريقيا

74

كندا

35

(المصدر: www.worldcoal.org/resources/coal-statistics)

 

وتعتبر إندونيسيا كبرى دول العالم المصدرة للفحم الحراري عالي الجودة في حين تحتل أستراليا المكانة الأولى في تصدير فحم الكوك الذي يستخدم في تشغيل أفران صناعة الحديد والصلب. كذلك يلاحظ أن كل صادرات الفحم من جنوب أفريقيا إلى العالم عبارة عن فحم حراري في حين إن صادرات كندا من فحم الكوك تعادل 90% من صادراتها من الفحم. على إن نوعية الفحم تختلف من بلد إلى آخر ومن منجم إلى غيره. وكلما ارتفعت درجة ونوعية الفحم كلما ارتفع سعره وانخفضت خطورة الانبعاثات الغازية والجزئيات الضارة الناتجة عن حرقه. 

وعلى نطاق التجارة العالمية للفحم تبرز الدول الصناعية الصاعدة مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية والدول الصناعية التقليدية مثل اليابان وألمانيا وبريطانيا على قمة قائمة الدول المستوردة للفحم في العالم وذلك على الرغم من كل القيود والمعايير البيئية المفروضة عالميا بمقتضى بروتوكولات كيوتو ((Kyoto. ويبين الجدول التالي أهم الدول المستوردة للفحم على مستوى العالم (تقديري بالمليون طن للعام 2012)

 

الدولة

الوارادات

الصين

289

اليابان

184

الهند

160

كوريا الجنوبية

125

تايوان

64

ألمانيا

45

المملكة المتحدة

45

(:المصدر www.worldcoal.org/resources/coal-statistics)

 

وبسبب انخفاض أسعار الفحم قياسا إلى أسعار البدائل الأخرى فإن هناك اتجاها للتوسع في استخدامه على مستوى العالم في الدول الصناعية التقليدية والدول الصناعية الناشئة على السواء. ويقوم العلماء بتشجيع من وكالة الطاقة الدولية (IEA) وغيرها من المؤسسات الدولية العاملة في مجالات تحسين استخدام مصادر الوقود وتنويعها وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة على ابتكار تكنولوجيات جديدة تقلل من نسبة الإنبعاثات الملوثة للبيئة الناتجة عن حرق الفحم أو استخدامه في الصناعة. وتظهر دراسة أعدتها وكالة الطاقة الدولية بعنوان (Focus on Clean Coal) تم إجراؤها عام 2006 إلى أنه أصبح من الممكن تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وغيره من الملوثات الناتجة عن احتراق الفحم إلى ما يعادل 40% فقط مما هي عليه والتي تصدر عن وحدات الاحتراق القديمة العاملة في أفران الاحتراق الموجودة حاليا. وتقدر الدراسة إن متوسط الكفاءة حاليا على المستوى العالمي يعكس نجاحا في تخفيض هذه الانبعاثات إلى 33% فقط ومن الممكن تخفيض عوادم احتراق الفحم بنسبة 27% من مستوياته الحالية باستخدام تكنولوجيا أكثر تطورا، وهو ما يسهم في تخفيض الانبعاثات الملوثة على مستوى العالم بنسبة 7%. واقترحت الدراسة عددا من الإجراءات لتطوير كفاءة محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم من أهمها تغيير المحطات التي وصل عمرها التشغيلي إلى 25 سنة لأن هذه المحطات تعتمد على تكنولوجيا قديمة أقل كفاءة من التكنولوجيا المتاحة، وأيضا إستبدال محطات القوى القديمة ذات الطاقة المحدودة التي تقل عن 300 ميجا وات بمحطات حديثة عالية الكفاءة بطاقة تزيد على 300 ميجا وات. وسيكون من شأن الأخذ بنتائج هذه الدراسات على المستوى العالمي تحسين أداء محطات الكهرباء العاملة بالفحم على مستوى العالم وتخفيض التلوث الناتج عنها خصوصا وأن الفحم يمثل أكبر مصادر توليد الكهرباء في العالم.

 

وقد تم في السنوات الأخيرة إبتكار أساليب تكنولوجية أكثر تطور من أجل تحسين كفاءة استخدام الفحم في الصناعة وفي توليد الكهرباء وفي تخفيض نسبة الإنبعاثات الضارة. ومن هذه التكنولوجيات الجديدة تكنولوجيا الدورة الغازية المدمجة  (Integrated Gasification Combined Cycle) التي يمكن استخدامها في محطات توليد الكهرباء ويقوم بتطويرها حاليا المعهد العالمي لأبحاث القوى الكهربائية (Electric Power Research Institute) وكذلك تكنولوجيا استخدام وسادة من خليط من الفحم والمخلفات الصلبة والطرية (Fluidized Bed Combustion)  في تشغيل أفران القوى في مصانع الإسمنت التي تقلل انبعاثات التلوث بنسبة 90% مقارنة بالطرق التقليدية.

 

ويبين الجدول التالي أهم الدول التي تستخدم الفحم في توليد الكهرباء في العالم ونسبة الكهرباء المولدة باستخدام الفحم من إجمالي طاقة إنتاج الكهرباء في هذه الدول وذلك طبقا لإحصاءات عام 2012 الصادرة عن الرابطة العالمية للفحم (World Coal Association) .

 

الدولة

نسبة مساهمة الفحم في توليد الكهرباء (%)

جنوب أفريقيا

94

بولندا

86

الصين

81

أستراليا

69

الهند

68

إسرائيل

59

إندونيسيا

44

الولايات المتحدة

43

ألمانيا

43

(المصدر:  www.worldcoal.org/resources/coal-statistics)

 

تتبنى وزيرة البيئة وجهة نظر مخالفة تماما لما قرره مجلس الوزراء وتعارض بقوة استيراد الفحم واستخدامه في تشغيل محطات الكهرباء أو استخدامه في الصناعة بما في ذلك صناعتي الإسمنت والحديد

ثانيا: التجربة الهندية

تزايد اعتماد الهند على الفحم المستورد خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن لجأت الحكومة إلى وضع سياسة سعرية جديدة للغاز تأخذ في اعتبارها اسعار الغاز المسال المستورد من الخارج وأسعار البدائل الأخرى. ونطرا لانخفاض أسعار الفحم قياسا إلى اسعار البدائل الأخرى للطاقة ووجود احتياطي كبير لديها إضافة إلى قربها من مصادر الإنتاج والتصدير الرئيسية في العالم، فإن الهند توسعت إلى حد كبير في الاعتماد على الفحم المستورد، حيث تمددت احتياجاتها من الفحم إلى ما وراء قدراتها الإنتاجية وأصبحت الآن تحتل المركز الثالث في قائمة مستوردي الفحم على مستوى العالم بعد كل من الصين واليابان على الرغم من أنها تحتل المركز الخامس بين أهم الدول صاحبة أكبر احتياطيات من الفحم في العالم. ويغطي الإنتاج المحلي من الفحم ما يقرب من 80% من احتياجات محطات توليد الكهرباء والصناعة، لكن هذه النسبة تميل حاليا إلى التراجع بسبب عجز المنتجين المحليين عن زيادة إنتاجهم بنسبة تقابل نسبة الزيادة في الطلب.

 

وقد سجلت واردات الهند من الفحم في السنة المالية 2013/2014 زيادة بنسبة 21% مقارنة بنسبة 13% في السنة المالية السابقة. وتعزى هذه الزيادة في الواردات إلى وفرة المعروض من إنتاج أستراليا وإندونيسيا والولايات المتحدة الأمر الذي تسبب في انخفاض الأسعار إلى أقل مستويات لها منذ 4 سنوات. وتشير أرقام وزارة النفط والغاز الهندية إلى أن إندونيسيا هي أكبر مورد فحم إلى الهند (50% من الواردات) وأن متوسط سعر الطن من الفحم الإندونيسي بلغ نحو 59.6 دولارا مقارنة بنحو 77 دولارا قبل اربع سنوات. ومن المتوقع أن تستمر واردات الهند من الفحم في الزيادة خلال السنوات المقبلة حيث تتوسع الهند في إقامة محطات لتوليد الكهرباء تدار بالفحم لمقابلة الزيادة الكبيرة في الطلب على الكهرباء. ويبلغ متوسط نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء في الهند بما يقرب من 778 ك.و/ساعة (إحصاءات الهند في نهاية 2013) وهو ما يقل كثيرا (30%) مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يعادل نحو 2600 ك.و/ساعة للفرد. ويبلغ إنتاج الهند الإجمالي من الكهرباء حاليا (السنة المالية المنتهية في 31 مارس 2014) نحو 975 مليار كيلو وات ساعة بزيادة تصل إلى 7% في المتوسط كل عام.

 

وتظهر متابعة سياسة الطاقة في الهند زيادة في الميل إلى استهلاك الفحم على حساب الغاز خصوصا بعد أن اعتمدت اللجنة القتصادية الوزارية في يوليو 2013 باعتماد صيغة جديدة لاحتساب أسعار الغاز المسال وذلك على أساس متوسط أسعار تداول الغاز في أسواق الغاز الرئيسية في العالم (economictimes.indiatimes.com). وعلى اساس هذه الصيغة يبلغ سعر الغاز حاليا (اعتبارا من أول أبريل 2014) 8.4 دولار للمليون وحدة حرارية مقارنة بنحو 6.7 دولار في الفترة التسعيرية السابقة. ومن المقرر طبقا للصيغة السعرية أن تستمر هذه الأسعار لمدة 5 سنوات. (رويترز 13 مارس 2014 وإنديا تايمز في 6 فبراير 2014).  ومع ذلك فإن هناك مخاوف كثيرة من إسراف الهند في الإعتماد على الفحم المستورد لتشغيل محطات الكهرباء الكبرى التي  يتم إنشاؤها في الوقت الحاضر والتي تصل قدرة الواحدة منها إلى 4000 ميجا وات/ساعة وذلك بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار الفحم العالمي في السنوات المقبلة نظرا لزيادة تكاليف الإنتاج في مناطق الإنتاج الرئيسية في العالم خصوصا في أستراليا.

 

وتظهر التجربة الهندية بوضوح أن الحكومة لجأت إلى اتباع سياسة سعرية محددة لإعادة توجيه الصناعة ومحطات الكهرباء إلى التقليل من الميل إلى تقليل الاعتماد على الغاز وزيادة الميل إلى الاعتماد على الفحم. ونظرا لأن إنتاج الفحم المحلي حاليا يقل عن احتياجات الإستهلاك بنحو 155 مليون طن سنويا، فإن الحكومة سمحت للشركات باستيراد الفحم من الخارج لتعويض هذه الفجوة. كذلك فإن سياسة الطاقة الجديدة في الهند سمحت لشركات الطاقة بنقل عبء الزيادة في تكاليف استيراد الفحم إلى المستهلك وذلك اعتبارا من يونيو 2013. وسوف تسمح هذه السياسة لشركات الطاقة بزيادة اسعار الكهرباء للمستهلكين بما يضمن استمرار تدفق واردات الفحم بالكميات المطلوبة في السنوات المقبلة. ويقترح الخبراء ضرورة التوسع في استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بديلا عن التوسع في استخدام الفحم وذلك للحد من الضغوط التي يمكن أن تتسبب فيها التغيرات في الكميات المتاحة أو الأسعار في السوق العالمية على  الاقتصاد المحلي.

 

وتوضح الخبرة الهندية في مجال استخدام الفحم إن الحكومة تعتمد على وضع الفحم في إطار منظومة متكاملة لمصادر الطاقة سواء المحلية أو المستوردة، فليست هناك إستراتيجية أو سياسة تتعلق باستخدام الفحم في معزل عن مصادر الوقود الأخرى. كذلك فإن هذه السياسة تعتمد على معادلات سعرية مستقرة لفترة زمنية/تسعيرية محددة (5 سنوات) وذلك بغرض توفير الحد الأقصى من الاستقرار في العقود بين المنتجين وبين المستهلكين خلال تلك الفترة الزمنية. وتضمنت السياسة السعرية أن الحكومة الهندية ابتعدت عن سياسة دعم أسعار الطاقة وسمحت للمنتجين بنقل عبء ارتفاع الأسعار إلى المستهلكين وهو ما يعني عمليا أن الأسعار في أسواق الاستهلاك من الضروري أن تعكس تكاليف الإنتاج في كل فترة تسعيرية.

 

ومع ذلك فإنه من الضروري الإشارة هنا إلى أن إفراط الهند في الإعتماد على الفحم المستورد من شأنه أن يؤدي إلى اختلالات واسعة النطاق في صناعة الطاقة حال اضطراب إمدادات الفحم من الخارج بسبب نضوب المناجم أو بسبب عجز الدول المنتجة عن تطوير مناجم جديدة لاستخراج الفحم. ويقدر بعض الخبراء أن تكاليف توليد الطاقة عن طريق الفحم سوف تزيد تدريجيا في السنوات المقبلة وسوف تواصل ارتفاعها لتتجاوز تكاليف توليد الطاقة بواسطة حرارة الشمس أو بواسطة الرياح. ويقدر بعض خبراء الطاقة الكهربائية إن تكاليف الاستثمار في تطوير مناجم الفحم الجديدة في بلدان رئيسية منتجة ومصدرة للفحم مثل أستراليا سترتفع كثيرا بسبب ارتفاع تكاليف إقامة خطوط السكك الجديد لنقل الفحم وتشييد محطات القوى اللازمة لتشغيل المناجم ومن ثم فإن سعر الطن من الفحم خلال 10 سنوات من الآن قد يزيد عن ضعف ما هو عليه حاليا مما سيرفع تكلفة إنتاج المليون وحدة حرارية عن طريق الفحم إلى أكثر من 8 دولارات مقابل ما يترواح بين 4 إلى 5 دولارات في الوقت الحاضر.

ثالثا: طبيعة أزمة الطاقة في مصر

استهلاك الصناعة من الغاز في مصر يعادل نحو 37% من الإستهلاك الإجمالي للغاز بكميات تتراوح بين 21 إلى 22 مليون طن من الغاز سنويا. لكن بسبب النقص في إنتاج الغاز، فإن الصناعة تحصل منها بالفعل على 13 مليون طن ويتم تعويض الكمية المتبقية عن طريق استخدام المازوت. وتشمل الصناعات  كثيفة الاستهلاك للطاقة إنتاج الحديد والصلب والنحاس والألومنيوم والإسمنت والأسمدة والبتروكيماويات (133 مصنعا) تستهلك وحدها ما يقرب من 68.7% من استهلاك الصناعة من الغاز الطبيعي. وفي هذا السياق فإن صناعة الأسمدة (18 مصنعا) تستهلك وحدها 28.1% من استهلاك الصناعة من الغاز. أما الصناعات الأخرى بما فيها صناعات الطوب فإن عددها يصل إلى نحو 1846 مصنعا تستهلك ما يقرب من 25% من استهلاك الصناعة من الغاز. وهناك صناعات تستخدم كميات أقل من الطاقة مثل صناعة الزجاج المسطح والبورسلين والسيراميك (64 مصنعا تقريبا) كان يتم معاملتها على أساس واحد مع الصناعات كثيفة الاستهلاك، لكنها تعامل حاليا كصناعات متوسطة الاستهلاك وليس كثيفة.

 

تم الاتفاق خلال فترة حكومة الدكتور هشام قنديل (إجتماعات مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للطاقة) على رفع أسعار الغاز تدريجيا إلى الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة. وتم رفع الأسعار في المرحلة الأولى إلى 6 دولارات للمليون وحدة حرارية بينما يتم محاسبة الصناعات الأخرى على أساس 3 دولارات للمليون وحدة حرارية. وقد تبنت الحكومة خلال فترة توليها خطة تقضي بإلغاء الدعم عن الطاقة تدريجيا خلال 4 سنوات. وطبقا للتقديرات التي بنيت عليها خطة الحكومة في ذلك الوقت فإن:

-          دعم الطاقة الموجه للصناعة يبلغ نحو 1.4 مليار دولار (يتكلف استيراد طن المازوت نحو 4000 جنيه (2013) بينما يباع للمستهلك بسعر 1600 جنيه (1620 شاملا تكاليف النقل)، وهو ما يعني تحميل الخزانة العامة للدولة بأعباء ثقيلة تزداد كلما راتفعت الأسعار في الأسواق العالمية.

-         الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تستخدم نحو 1% فقط من القوة العاملة، تسهم بنسبة تعادل نحو 6% من الإنتاج الصناعي، تستفيد من نسبة 75% من دعم الطاقة الموجه للصناعة. عدد المصانع المصنفة كثيفة الاستهلاك للطاقة يبلغ نحو 100 مصنع (75% من الدعم) مقابل نحو 100,000 مصنع في القطاعات الصناعية المختلفة تستفيد بنسبة 25% من دعم الطاقة الموجه للصناعة.

-         المسار السريع لإلغاء دعم الطاقة للصناعة يتضمن خطوتين: الأولى تقليل دعم الطاقة بنسبة 50% والثانية إتاحة نسبة 50% من الطاقة المستخدمة بأسعار السوق مع السماح للقطاع الخاص (خصوصا شركات إنتاج الأسمنت  والحديد) باستيراد الطاقة من الخارج. (طبعا هناك مشكلات إنشاء محطات توليد الكهرباء وسياسة التسعير وتأمين الإمدادات وتأمين تسويق الإنتاج والعلاقة مع الشبكة القومية والشركة المصرية القابضة لإنتاج الكهرباء).

-         التكاليف المقارنة لإنتاج كل مليون وحدة حرارية بريطانية (BTU) باستخدام المازوت 18 دولارا، باستخدام الغاز الطبيعي من 10 إلى 12 دولارا، باستخدام الفحم من 4  إلى 5 دولارات، باستخدام السولار 20 دولارا.

-         تنبغي دراسة حزمة من المحفزات لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة (renewables) وتوفير الطاقة وإعادة تدوير المخلفات.

-         تكنولوجيات إنتاج الكهرباء في المحطات الجديدة (توربينات صينية على مستوى تكنولوجي متقدم تستخدمها حاليا شركة جنرال إليكتريك الأمريكية) تخفض تكلفة إنتاج الكهرباء بنسبة 20% تقريبا عن متوسط التكاليف العالمية حاليا.

-         زيادة سعر الطاقة في صناعة الإسمنت يكلف الصناعة ما يترواح بين 50 إلى 60 جنيها زيادة في تكلفة إنتاج الطن من الإسمنت.

-         الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة: الحديد- النحاس- الألومنيوم- الإسمنت- الحديد- البتروكيماويات (نحو 133 مصنعا تستهلك نحو 68.7% من استهلاك الصناعة من الطاقة).

-         الصناعات متوسطة الاستهلاك للطاقة: الزجاج المسطح- البورسلين (64 مصنعا).

-         الصناعة وحدها تستهلك ما يعادل 37% من إجمالي استهلاك مصر من الطاقة .

-         الصناعة تحتاج سنويا (2013) إلى ما يتراوح بين 21 مليونا إلى 22 مليون طن غاز، وتحصل بالفعل على 13 مليون طن غاز وتستعوض بالمازوت بقية احتياجاتها. (متوسط السعر العالمي للمازوت 640 دولارا للطن – متوسط السعر العالمي للسولار 940 دولار للطن).

-         صناعة الأسمدة في مصر (18 مصنعا) تستهلك وحدها 28.1% من استهلاك الصناعة من الغاز.

-         الصناعات الأخرى تضم نحو 1846 مصنعا تستهلك نحو 25% من استهلاك الصناعة من الغاز (ما يعادل نحو 12% من استهلاك البلاد من الغاز).

-         متوسط استهلاك المصنع الواحد من مصانع الحديد القائمة يتراوح بين 29 مليونا إلى 60 مليون متر مكعب من الغاز.

-         الإنتاج الحالي (2013) لمحطات الكهرباء في مصر 29000 مليون ميجا وات (29 جيجا وات) وهناك تعاقدات ومشروعات قائمة من المتوقع دخولها في الإنتاج قريبا بطاقة إنتاج 3000 مليون ميجا وات.

-         مشكلة نقص إمدادات الغاز اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. اتفقت الحكومة مبدئيا مع الشركاء الأجانب العاملين في إنتاج الغاز على سداد  أكثر من 2 مليار دولار من المتأخرات المستحقة للشركاء (15 مليار جنيه) وتم فعلا سداد ما يترواح بين 8 إلى 9 مليارات جنيه بالعملة المحلية. كذلك تبحث الحكومة في خطوتين أخريين هما: السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي والتفاوض مع الشركاء لشراء حصة الشريك الأجنبي (gas swaps) .

-       80% من صناعة الأسمنت في العالم تعتمد على الفحم وليس على الغاز الطبيعي. وفي حين أعدت وزارة الصناعة 11 رخصة جديدة لمصانع أسمنت فإن منح هذه الرخص متوقف بسبب مشكلة توفير إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع الجديدة.

-       الصناعات التي لن تطبق عليها معايير إعادة تسعير الطاقة: الصناعات الغذائية- المخابز- الصناعات كثيفة العمل بشكل عام مثل صناعات الغزل والنسيج والملابس االجاهزة.

-       ضرورة إنشاء مصانع لإنتاج الخلايا الشمسية.

-       العمل على إعادة هيكلة خليط الطاقة (الوقود) في مصر: الفحم الأرخص (إقتراح إنشاء ميناء متخصص في تسلم الفحم المستورد في سفاجا) مع الرياح (مناطق الزعفرانة وشرم الشيخ) في المرتبة الثانية من حيث التكلفة ثم الطاقة الشمسية (مناطق العلمين وسيناء) في المرتبة الثالثة.

-       شركات الأسمدة تحصل على الغاز بأسعار متدنية حيث تحصل الشركة المصرية (السويس) على الغاز بسعر 1.25 دولار للمليون وحدة حرارية. وتحصل شركات الأسمدة الأخرى على الغاز بسعر يترواح بين 3 إلى 4 دولار للمليون وحدة حرارية. (المفترض أن يتدفق الغاز بضغط مقداره 17 بار لكن انخفاض الضغط يؤدي إلى توقف خطوط الإنتاج) وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر من الناحية الإقتصادية.

-       في اعتقادي إنه من الضروري في حال استمرار الأسعار المتدنية للغاز للصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة يجب فرض رسم صادر على الصادرات إلى الأسواق الخارجية يعادل الفرق بين السعر العالمي للطاقة وبين السعر المحلي الذي تدفعه هذه الشركات للموردين المحليين للطاقة (الحكومة حاليا) على أن يعقب ذلك إنهاء التزام الدولة بعقود توفير الطاقة للمصانع وتحرير سوق الطاقة تدريجيا مع وضع قواعد بيئية وتكنولوجية وتجارية ومالية صارمة لضمان حرية المنافسة في سوق الطاقة وعدم قيام احتكارات أو اتفاقات احتكارية تضر بمصالح المستهلكين.

-       في اعتقادي إنه من الضروري تنويع الشركاء في مجال إنتاج النفط والغاز بإضافة شركات روسية وصينية وغيرها إلى المستفيدين من امتيازات التنقيب عن النفط والغاز. وكان وفد من شركة غاز بروم الروسية قد قام بزيارة مصر في شهر مارس 2013 بصحبة نائب وزير التنمية الروسي يفجيني بوبوف وسعى الوفد إلى عقد لقاءات بهذا الخصوص مع وزارة البترول والشركة القابضة للبترول. 

أن الفحم يعتبر المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء على مستوى العالم حيث ساهم الفحم في ذلك العام في إنتاج 41% من الكهرباء المولدة على مستوى العالم.

رابعا: تقييم الوضع الراهن

لا تتوفر في مصر احتياطيات تجارية لها قيمة من الفحم الحجري باستثناء تلك الموجودة في منجم فحم المغارة الذي كانت إسرائيل قد استنزفته تقريبا خلال فترة احتلالها لسيناء. وليست هناك تقديرات مؤكدة بشأن كمية الإحتياطي القابل للإستغلال التجاري لفحم المغارة في الوقت الحاضر. وكانت شركة تركية قد تقدمت باقتراحات لتطوير منجم فحم المغارة 0طبقا لتقديرات تفيد ن احتياطي الفحم القابل للإستغلال الإقتصادي تبلغ قيمته نحو 2 مليار دولار) لكنها لم تتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن مع الإدارة المسؤولة. وأظن إنه في حال التأكد من أن احتياطيات الفحم الموجودة حاليا في منجم المغارة هي بالكمية والنوعية القابلة للإستغلال التجاري فإن الأولى بها أن تستخدم في تشغيل مصنع أسمنت العريش الذي يعمل بالغاز في الوقت الحاضر. ومن الضروري الإشارة هنا إلى إن هناك احتمالات قوية لتوفر مصدر آخر من مصادر الطاقة في الصحاري المصرية خصوصا فيما يسمى بمنطقة المثلث الذهبي الممتدة بين قنا وسفاجه والقصير، وهذا المصدر هو الصخور الزيتية أو الطفلة البترولية وهو نوع من الصخور الغنية بمحتواها من المواد الزيتية والغازية القابلة للإحتراق وتوليد الطاقة. ويمكن استخدام هذه الصخور أيضا بديلا للفحم في أفران صناعة الأسمنت. ولن يتيسر حساب القيمة الإققتصادية لمخزون الصخور الزيتية في مصر وإمكان استغلالها إلا بعد إجراء الدراسات والإختبارات اللازمة لتحديد كمية الإحتياطي  ونوعية الصخور ثم دعوة الشركات العالمية المتخصصة في تشغيل هذه الصخور للإستثمار في مصر.

 

وحتى لا نقع في مصيدة الإختيارات الضيقة أو غير الرشيدة في الأجل القصير تحت ضغوط الأزمة فإنه يجب أن تكون لدينا رؤية مستقبلية واضحة للطاقة بشكل عام في مصر. ونظرا لأن مصر غنية بمصادر الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) ونظرا لأن هذه المصادر نطيفة وغير ملوثة للبيئة مهما زاد استغلالها، وكذلك نظرا لأن مصر تتمتع بمساحات شاسعة من الأراضي غير المأهولة وغير المستغلة (93%من مساحة مصر) فإن أي استراتيجية للطاقة يجب أن تنطلق من رؤية ترتكز على تطوير مصادر الطاقة المتجددة ووضع أهداف كمية محددة لاستراتيجية الطاقة تضع تطوير هذه المصادرفي قمة أولوياتها حتى لو أدى الأمر إلى طرح امتيازات للإستثمار في بناء مزارع الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح في المناطق القابلة من النواحي الطبيعية والتكنولوجية والتجارية لمثل هذه الإستثمارات ومنها على سبيل المثال المناطق المثلي لإنشاء مزارع توليد الطاقة بقوة الرياح في شمال غرب خليج السويس والمناطق الغنية بأشعة الشمس ومعدلات سطوعها على مدار العام في الصحراء الغربية. وفي هذا السياق فإن أي استراتيجية للطاقة لن تأخذ الفحم في اعتبارها كأحد الحلول طويلة المدى لأزمة الطاقة الحالية وإنما كواحد من الحلول قصيرة المدى (مع الأخذ في الإعتبار أن العمر الإنتاجي الإفتراضي للمحطة يصل إلى 25 عاما) على أن يخضع استخدامه لأشد المعايير البيئية والتكنولوجية والتجارية صرامة حتى لا تصبح مصر ضحية لكوراث بيئية ناتجة عن التلوث الناتج عن حرق الفحم. ومع ذلك فإنه من الممكن أن تضع تلك الإستراتيجية في اعتبارها إن الفحم قد يكون أحد الحلول طويلة الأجل في تنمية صناعات الأسمنت والحديد والصلب بشكل عام إلى جانب إمكان تطوير استخدام الصخور الزيتية في هاتين الصناعتين والصناعات الأخرى الكثيفة الإستهلاك للطاقة. ومن المتوقع أن يزيد الطلب على منتجات هذه الصناعات وغيرها من صناعات البناء والتشييد في السنوات والعقود المقبلة خصوصا لمساندة عمليات إعادة البناء في بلاد دمرتها الحروب مثل سوريا وليبيا وفلسطين والعراق وجنوب السودان وفي بلدان سوف تشهد في العقود المقبلة معدلات نمو مرتفعة بالمعايير العالمية في أفريقيا على وجه الخصوص.

 

خامسا: حلول عاجلة لمواجهة الأزمة

لا أظن إن مصر تواجه مشكلة هيكلية في مصادر الطاقة، بل إن مصر على العكس من ذلك تتمتع بوفرة طبيعية مدهشة في مصادر الطاقة المتجددة ومن ثم بفرص فريدة في إمكان أن تصبح مركزا عالميا (global energy hub) رئيسيا من مراكز إنتاج وتبادل الطاقة (التقليدية والمتجددة) خصوصا وأن موقعها الفريد الذي يتوسط قارات العالم القديم وامتدادها في مناطق التنمية السريعة في غرب آسيا وفي أفريقيا يمنحها مزايا لا تتوفر لغيرها من دول العالم. لكن مصر تواجه بالقطع أزمة طارئة قصيرة الأجل في توفير احتياجاتها من الطاقة. ويحتاج حل هذه الأزمة إلى حلول عاجلة على جانبي العرض والطلب، وليس على جانب الطلب فقط (ترشيد الإستهلاك) كما يعتقد البعض. ونظرا لحساسية قطاع الطاقة بسبب علاقات التشابك القائمة بينه وبين كل قطاعات الإقتصاد وبين كل نواحي الحياة، ونظرا لأن أزمة الطاقة الحالية طالت المصانع وعطلت نسبة منها كليا أو جزئيا، ونظرا لأن أسعار المحروقات المستخدمة في تشغيل وسائل النقل لم تتوقف عن الإرتفاع منذ الثورة، فإن اتخاذ إجراءات سريعة عملية تترك تأثيرا سريعا وملموسا على  أداء صناعة الطاقة في مصر أصبحت أمرا شديد الإلحاح. وكما قلت فإن الإجراءات المطلوبة يجب أن تغطي في وقت واحد جانبي العرض (الإنتاج) والطلب (الإستهلاك).

 

ومن أكثر الإجراءات إلحاحا على جانب العرض:

1-    وضع برنامج لسداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط والغاز العاملة في مصر بالإتفاق بين مصر والشركات المعنية. إن سداد مستحقات الشركات سيضمن عودة هذه الشركات إلى الإستثمار مرة أخرى ومن ثم زيادة الإنتاج بسرعة من آبار قائمة بالفعل. وسيضمن ذلك زيادة إمدادات الوقود إلى محطات الكهرباء وفي شبكات توزيع الغاز إلى المصانع.

2-    صيانة محطات إنتاج الكهرباء في مصر بغرض تقليل تعرضها للأعطال وزيادة طاقتها الإنتاجية إلى مستويات مقبولة. وهناك الكثير من المحطات القائمة تعمل بالفعل بطاقة تقل كثيرا عن طاقتها الفعلية لأسباب فنية يتعلق معظمها بأعمال الصيانة والإصلاحات.

3-    الإسراع في معدلات الإنجاز في محطات الكهرباء قيد الإنشاء (مثل محطة أبوغالب) بحيث لا يتأخر التشغيل الفعلي للمحطات الجديدة عن التواريخ المقررة لها تخطيطيا.

4-    وضع سياسة واضحة وقواعد معيارية سليمة وموحدة لمشاريع الكهرباء الجديدة التي سيتم طرحها بنظام المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص ونزع كل عوامل الفساد أو الإجراءات الإنتقائية في العقود المقترحة لإنشاء هذه المشاريع.

5-    تقديم بدائل أقل استهلاكا للطاقة التقليدية أو بدائل جديدة تعتمد على الطاقة المتجددة خارج نطاق الشبكة القومية (off-grid) مثل السخانات الشمسية أو وحدات توليد الطاقة الصغيرة (من كيلووات/ساعة إلى 10 كيلو وات/ساعة) للإستخدام في في المناطق النائية وللأغراض المنزلية وفي المزارع والورش الصغيرة.

 

أما على جانب الطلب فمن الضروري تنفيذ سياسة واضحة لترشيد الإستهلاك تنطوي على تحقيق ثلاثة أهداف في وقت واحد أولها تقليل الفاقد (المسروق أو الضائع) وثانيها وضع معايير فنية لتخفيض الإستهلاك (تعديل أنظمة الترموستات في الأجهزة الكهربائية واستخدام اللمبات الموفرة) وثالثها زيادة كفاءة الإستخدام عن طريق التخلص تدريجيا من الأجهزة الكهربائية الرديئة مرتفعة الإستهلاك للكهرباء وإحلال أجهزة حديثة متطورة مكانها. وسوف يتطلب ذلك التوسع في إنتاج جيل جديد من الأجهزة الكهربائية (مولدات وثلاجات وغسالات وأجهزة تبريد وتكييف ولمبات للإضاءة) تتوافق مع احتياجات ترشيد استهلاك الطاقة. كذلك سيتطلب الأمر تغيير نظام الإضاءة في الشوارع والأماكن العامة إلى نظام جديد يعتمد على الطاقة الشمسية وكذلك تغيير نظام التحكم في إضاءة الشوارع والأبنية الحكومية من النظام اليدوي إلى نظام إليكتروني حديث يعتمد على مؤقتات (timers) يتم التحكم فيها عن بعد. ومن الضروري هنا الإشارة إلى احد الجوانب الخطيرة المتعلقة بالتخطيط في مصر والذي يتمثل في اتخاذ قرارات سريعة طارئة تحت ضغط الظروف يستفيد منها تجار في عقد صفقات طارئة على حساب الصناعة المحلية. والمطلوب في هذه الحالة مثلا أن نحدد مثلا إحتياجاتنا في السنوات المقبلة للأجهزة اللازمة في مجال التحكم عن بعد في أعمال الإضاءة أو احتياجاتنا من اللمبات الموفرة ثم نشرع في تقديم حزمة من الحوافز الإنتاجية الكفيلة  بتصنيع هذه الإحتياجات محليا بدلا من استيرادها، فتكون بذلك قناة من قنوات الإستثمار وتوفير فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاج والدخل بدلا من أفقار الميزانية وزيادة تحويل المدخرات ورؤوس الأموال إلى الخارج في صورة مدفوعات للواردات. 

 

وفيما يتعلق بالفحم على وجه التحديد فإنني أقترح في هذا الصدد ما يلي:

1- أن يتم إنشاء محطة كهرباء عملاقة تدار بالفحم (بطاقة تترواح بين 3 إلى 4 جيجا وات/ساعة) في المنطقة الممتدة من سفاجه إلى جنوب القصير بعيدا عن أي كتلة سكنية. وترتبط هذه المحطة بالشبكة القومية للكهرباء في مصر وتقوم بتوفير إمدادات الطاقة في مناطق التنمية الجديدة في شرق الصعيد والبحر الأحمر وجنوب مصر. وينشأ لهذا الغرض ميناء متخصص لاستيراد الفحم في القصير أو سفاجه (إما رصيف متخصص في استقبال ومناولة الفحم المستورد وإما ميناء متكامل للفحم) يكون مرتبطا بخط سكك حديد لنقل الفحم إلى مصانع الحديد والصلب والأسمنت القريبة في المنطقة ما بين شرقي النيل وجبال البحر الأحمر. ومن الضروري أن يكون إنشاء هذه المحطة في إطار منظومة كاملة وواضحة للتشغيل تتضمن عقودا طويلة الأجل لاستيراد الفحم وسياسة تسعيرية تقوم على أساس معادلات سعرية مستقرة بين الموردين والمنتجين والمستهلكين ومنظومة تكنولوجية وبيئية للإنتاج تضمن أقل مستوى ممكن من التلوث وأقصى درجة ممكنة من الإنضباط في عملية توليد الكهرباء باستخدام الفحم. وأعتقد إنه إذا افترضنا إن العمر الإنتاجي المتوقع لهذه المحطة يترواح بين 20 إلى 25 عاما فإننا سنكون في وضع آمن نسبيا من النواحي الإقتصادية والتكنولوجية بما يضمن أن تستمر هذه المحطة في العمل خلال عمرها الإفتراضي وذلك لتوفر الإمدادات الكافية من الفحم طبقا لكل السيناريوهات العالمية من الآن وحتى عام 2050.

 

2- أن يقتصر استخدام الفحم في الصناعة على الصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة فقط وأن يتم وضع معايير بيئية وجغرافية تضمن  تقليل التلوث الناتج عن استخدام الفحم إلى أدنى حد ممكن وحصره خارج الكتل السكنية. وهذا يعني إنه يجب من الآن تحديد مواقع للتراخيص الجديدة تكون ملزمة أيضا للرخص التي لم تدخل بعد حيز التنفيذ. وفي حال ترك الحرية للصناعة في استيراد الفحم أو توفير الطاقة اللازمة لها أو في حال الترخيص لشركات خاصة بإنتاج الطاقة اللازمة لهذه الصناعات، فسيكون ضروريا وضع معايير بيئيية واشتراطات تجارية صارمة تضمن استيراد نوعيات جيدة من الفحم وليس النوعيات الرديئة شديدة التلوث واستخدام المواني المتخصصة في استقبال ومناولة شحنات الفحم وكذلك استخدام سكك حديد متخصصة وتكنولوجيات حرق حديثة. إن فتح الباب على مصراعية لاستيراد الفحم بدون ضوابط من المحتمل أن يجعل مصر الوجهة المفضلة للإمدادات الرديئة من الدول المنتجة. كذلك فإن استخدام وسائل نقل غير ملائمة يمكن أن يسفر عن أخطار وكوارث بيئية مع احتمالات تطاير الغبار أو انقلاب الشاحنات المحملة بالفحم أثناء سفرها على الطرق المخصصة لحركة الركاب.

 

3- من الضروري أن ينشأ جهاز متخصص في اختبار نوعية الفحم المستورد لضمان عدم استيراد الأنواع الرديئة والرخيصة ذات الإنبعاثات الضارة الكثيفة. ويكون من مهمات هذا الجهاز أيضا قياس ومعايرة الإنبعاثات الضارة من حرق الفحم ومن نواتج الصناعة بشكل عام بما في ذلك الصرف الصناعي وضمان تنفيذ التشريعات بحزم في هذه المجالات لضمان سلامة البيئة من التلوث والمحافظة على صحة الإنسان والزرع والحيوان. إن منظومة التشريعيات البيئية الحالية ومستوى الإلتزام بها وتطبيق القانون بشأن المخالفات هي منظومة رثة ومتهالكة وعاجزة عن توفير الحد الأدنى من الحماية للبيئة في مصر. ويبدو الإستهتار بالبيئة وعدم فاعلية منظومة التشريعات والمنظومة التنفيذية القائمة عليها واضحا بصورة جلية في اتساع نطاق تلوث المياه في نهر النيل وتلوث الهواء ليس فقط في القاهرة والمدن بسبب عوادم السيارات ولكن في الأرياف أيضا بسبب الإنتشار الفجائي لقمائن حرق أخشاب الأشجار وتصنيع الفحم النباتي بدون أي تراخيص أو أي قيود فنية أو بيئية. وقد وجدت هذه القمائن تشجيعا كبيرا بدافع حافز الربح المرتفع الذي يحصل عليه منتجو الفحم النباتي من تصديره إلى إسرائيل وإلى بعض الدول العربية. ولا يقتصر الأمر على قمائن الفحم بل يمكن إضافة العديد من المجالات الأخرى التي يتم فيها تلويث البيئة على نطاق واسع تحت سمع وبصر كل الأجهزة الحكومية المعنية.

 

4- تصنيع وإعادة تدوير المخلفات المنزلية الصلبة والطرية والمخلفات الزراعية بما فيها جذوع وفروع الأشجار الناتجة عن عمليات التقليم أو التجديد الدوري للأشجار وكذلك المخلفات المنزلية بطريقة حديثة بما يسمح باستخدامها في بعض الصناعات أو للتصدير. وتظهر التكنولوجيات الحديثة لإنتاج الأسمنت أو الحديد إلى أنه في الإمكان تصنيع المخلفات في شكل كرات أو في شكل مكعبات مضغوطة إلى درجة عالية بما يرفع ناتجها الحراري عند حرقها في الأفران مخلوطة مع الفحم الحراري أو مع كل من الفحم والغاز. ومن الطبيعي الإشارة هنا إلى ان التقدم في صناعات المخلفات يساعد مصر على تحقيق ما تهدف إليه من نظافة الشوارع المليئة بتلال من المخلفات المنزلية والصناعية والتي تمثل إحدى المشكلات المستعصية في حياتنا بشكل عام ليس فقط بسبب قبح المنظر ولكن أيضا بسبب الأضرار البيئية والصحية التي تنتج عن تراكم القمامة والمخلفات.

 

خاتمة

مصر دولة غنية في مصادر الطاقة ولا تعاني من ندرة في هذه المصادر ولكنها تعاني من عجز شديد  في الإنتاج بسبب سياسات خاطئة في الإنتاج  والتسعير والإستهلاك وتخصيص الموارد. ومن الضروري أن تكون هناك استراتيجية متكاملة لتنمية الطاقة في مصر تبدأ من تحويل الطاقة إلى صناعة قائدة في القطاع الصناعي ككل وليس مجرد خادم لهذا القطاع أو مزود للخدمة (service provider). ولغرض الوصول إلى ذلك يجب أن تكون هناك خطة زمنية طويلة الأجل (تعكس طبيعة مشروعات الطاقة) تبدأ من تصنيع معدات واجهزة إنتاج الطاقة الجديدة وتخزينها وتوزيعها سواء كان ذلك لأغراض الإستخدام ضمن الشبكة القومية للكهرباء أو خارج نطاق هذه الشبكة في شكل وحدات إنتاج صغيرة تخدم احتياجات المجتمعات النائية والمشاريع الصغيرة والإستهلاك المنزلي. إن وفرة مصادر الطاقة المتجددة في مصر خصوصا طاقة الشمس وطاقة الرياح يجب أن تضع صناعة الطاقة الجديدة على قمة أولويات الإستثمار في مصر. الطاقة الجديدة هي الممستقبل.

وعلى صعيد مواجهة الأزمة في الأجل القصير فإن رفع كفاءة الموارد ومحطات توليد الكهرباء وتنويع مصادر الطاقة في الإستخدام الصناعي وإعادة تسعير الطاقة خصوصا للصناعات كثيفة الإستهلاك وسداد مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية العاملة في مصر والإسراع في معدلات الإنجاز في المحطات قيد الإنشاء وتنفيذ أعمال الصيانة الدورية بدون استهتار تمثل خطوات رئيسية على صعيد سياسات العرض. ويمثل ترشيد الإستهلاك متغيرا مهما على جانب الطلب. وأظن ان استخدام سياسات سعرية سليمة وعادلة يمكن أن تسفر عن تحقيق وفورات مهمة إلى جانب ضرورة توفير القدر الكافي من المعدات والأجهزة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة مثل محركات السيارات وأجهزة التبريد والتكييف والثلاجات واللمبات الموفرة وغيرها.

ويجب أن نعرف إن الأزمة كما إنها تكشف عن نواحي القصور فإنها أيضا يمكن أن تمدنا بقوة سحرية لاكتشاف مقومات الإنطلاق.


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟