ظاهرة العدالة الشعبية في أفريقيا جنوب الصحراء.. دراسة تحليلية

تعد السلطة القضائية هي المؤسسة الوحيدة في ظل الدولة
القومية الحديثة المخول لها تحقيق العدالة، من خلال نظر القضايا، وإصدار الأحكام التي
تستند إلي نصوص القوانين والتشريعات التي بدورها تتوافق مع أحكام الدساتير الوطنية،
غير أنه في العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء يوجد ما يطلق عليه العدالة الشعبية،
والتي يقوم فيها الأفراد بإصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات علي المتهم في الحال، دون
الرجوع إلي أي جهة قضائية أو تنفيذية، وهو ما يسفر عن العديد من الإنتهاكات في حق
المتهمين، حيث تكون تلك العقوبات مبالغا فيها في الكثير من الأحيان، والتي تصل إلي
القتل حرقا أو ضربا من قبل مجموعة كبيرة من السكان، دون أدني رحمة للمتهم، والذي
يكون جريمته أحيانا لا تتفق مع العقوبة القاسية التي تعرض لها، كما أن الأشخاص
الذين قاموا بتطبيق تلك العقوبة القاسية علي المتهم، لا يخضعون إلي أية عقوبات
قانونية، في كثير من الأحيان حيث بتم التستر عليهم، وحمايتهم، وهو ما يسمح بتفشي
ظاهرة العدالة الشعبية التي توصف أحيانا بعدالة الغوغاء لما يصاحبها من انتهاك
لحقوق المتهم وأولها حقه في المحاكمة العادلة، كما يسميها آخرون بعدالة الغابة
نظرا لكونها تستند إلي مبدأ العنف والقوة في محاكمة المتهم، ومن خلال هذه المقالة
سوف نسلط الضوء علي موضوع العدالة الشعبية في أفريقيا جنوب الصحراء وذلك فيما يلي:
أولاً- تعريف العدالة الشعبية
يمكن تعريف العدالة الشعبية بأنها الأفعال التي يتم
ارتكابها من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص تجاه شخص أو مجموعة من الأشخاص لتحقيق
العدالة بأيديهم، عندما يتم ارتكاب جريمة ما، أو حتي حدوث تهديد محتمل بارتكاب هذه
الجريمة، وعادة ما يكون تطبيق هذه العدالة الشعبية مرتبطا بالعنف المبالغ فيه، والذي
تعد أبرز صوره الإعدام خارج نطاق القانون من خلال حرق المتهم أو جلده أو ضربه بعنف،
مع التمثيل بجثته، وذلك دون اللجوء إلي أية مؤسسة قضائية أو تنفيذية.(1)
ثانياً- أسباب اللجوء إلي العدالة الشعبية
تتعدد الأسباب الدافعة إلي اللجوء للعدالة الشعبية
وتطبيقها من قبل الأشخاص العاديين، ويمكن عرض أبرز تلك الأسباب فيما يلي:
1-قصور المؤسسات
القضائية عن التطبيق السريع للعدالة:
حيث تعد أبرز الأسباب التي تدفع الأشخاص إلي تطبيق نظام
العدالة الشعبية، ضعف المؤسسة القضائية في العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بجانب
طول إجراءات التقاضي التي تستمر لسنوات دون محاكمة نهائية، مع انتشار الفساد في
المؤسسة القضائية حيث تم الكشف عن حالات عديدة في أكثر من دولة ضبط فيها القضاة
متلبسين بجرائم الرشوة المالية أو الرشوة الجنسية مقابل منح أحكام بالبراءة لصالح
المتهمين، وهو ما أفقد المؤسسة القضائية نزاهتها أمام المجتمع، وجعلها محل نظر، مما
يساهم في رفع معدلات اللجوء لنظام العدالة الشعبية رغم مثالبه.(2)
2-انعدام الثقة
الشعبية في النظم القضائية:
حيث أن النظام القضائي الأفريقي الموروث عن النظم
الإستعمارية الغربية لا يلبي تطلعات الكثير من الشعوب الأفريقية، بسبب ضياع حقوقهم
في كثير من الأحيان بسبب الثغرات القانونية التي يستطيع من خلالها بعض المحامين، تضيع
حقوق صاحب الحق، رغم طول إجراءات التقاضي، وتكاليفها المادية المرتفعة، وهو ما
يجعل صاحب الحق يشعر بالظلم الواقع عليه، وتنعدم ثقته في النظام القضائي برمته، وهو
ما يجعل البعض يستحضر تلك التجارب السلبية عند وقوع جريمة أمامه وبالتالي يلجأ إلي
تطبيق نظام العدالة الشعبية في الحال دون الرجوع إلي السلطات المختصة.(3)
3-تراجع الثقة الشعبية
في المؤسسات الأمنية:
حيث برر الكثيرون من الأشخاص الذين شاركوا في تطبيق
العدالة الشعبية بأنفسهم أن الدافع من وراء ذلك هو عدم ثقتهم في أجهزة الشرطة التي
ترفض التدخل في الكثير من الأحيان لفض النزاع بين المتنازعين، وتتركهم حتي النهاية
حفاظا علي أفراد الشرطة من التدخل وتعرضهم للخطر، بالإضافة إلي اتهام بعض القيادات
الشرطية بالحصول علي رشاوي من قبل المتهمين وأسرهم خاصة إذ كانوا من أصحاب النفوذ
أو الثراء مقابل التلاعب في محاضر جمع الإستدلالات وإتلاف الأدلة التي تدين
المتهمين، كما أشار آخرون إلي أنه في حالة الحكم علي المتهمين، وجدت العديد من
الحالات التي دفعت رشاوي لمدراء السجون مقابل السماح لهم بالهروب، وهو ما يسبب
حالة من الإحباط لدي أصحاب الحق، ويجعلهم يلجؤون إلي العدالة الشعبية واصفين إياها
بالعدالة الناجزة.(4)
4-ارتفاع نسبة الأمية والجهل وغياب الوعي
بالقانون:
فرغم انتشار العلوم والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة في
ربوع القارة الأفريقية، مازالت نسب الأمية والجهل مرتفعة بصورة كبيرة، وخاصة الجهل
بالقانون، نتيجة لغياب مؤسسات التوعية القانونية التي يمكن أن تقوم بنشر ثقافة
اللجوء إلي القانون، والبعد عن العنف، وكذلك قصور المؤسسات الأكاديمية، والإعلامية،
والتوعوية عن القيام بدورها في نشر ثقافة التحاكم إلي القانون، ولهذا يقوم العديد
من الأشخاص بتطبيق نظام العدالة الشعبية اعتقادا منهم أن لديهم الحق في الدفاع عن
أنفسهم وحماية ممتلكاتهم من خلال العنف المبالغ فيه، جهلا منهم بخطورة ذلك الأمر.
5-ارتفاع معدلات الفقر
وغياب التنمية الإقتصادية:
حيث يكون الفقر وغياب التنمية الإقتصادية والإجتماعية هو
أحد عوامل اللجوء إلي تطبيق العدالة الشعبية، فكثيرا من الجرائم التي لوحظت في هذا
المجال تكون مرتبطة بالسرقات البسيطة، كسرقة أحد الماشية أو الدراجات أو حتي
الهواتف القديمة، وبسبب كون تلك المسروقات قد تكون هي أحد الركائز التي يعتمد
عليها صاحبها في حياته بصورة أساسية لشدة فقره، فيقوم بالإنتقام من السارق في
الحال، دون أدني رحمة معتقدا أن من حقه القضاء علي حياته.(5)
6-دعم الزعماء
التقليدين ورجال الدين للعدالة الشعبية أحياناً:
حيث يقوم بعض الزعماء التقليدين في بعض الدول الأفريقية
بدعم السكان في تطبيق نظام العدالة الشعبية، وخاصة إذا كان المتهم غريبا عن
المنطقة التي يعيش فيها الزعيم أو ينتمي لجماعة إثنية معادية لهم، بالإضافة إلي
دعم رجال الدين لتطبيق العدالة الشعبية أيضا وخاصة في الجرائم المتعلقة بممارسة
السحر وطقوسه، حيث لوحظ تطبيق نظام العدالة الشعبية في العديد من الدول ضد الأشخاص
المتهمين بالسحر وممارسة طقوس سحرية تضر بالسكان، وهو ما يجعل رجال الدين يدعمون
السكان في التخلص من هؤلاء السحرة عن طرق قتلهم حرقا مع هدم بيوتهم وتدمير
ممتلكاتهم دون اللجوء إلي المؤسسات القضائية.(6)
7-تآكل مكانة السلطات
العرفية في العديد من الدول الأفريقية:
حيث أن السلطات العرفية، والقيادات القبلية كان لها دورا
كبيرا فيما سبق في الحكم بين الخصوم وتسوية النزاعات، غير أنه مع التطور السياسي
الذي شهدته دول القارة الأفريقية بعد تأسيس الدولة القومية الحديثة، وتراجع مكانة
السلطات العرفية، وتآكل مكانتها في نفوس العديد من الأشخاص أدي إلي عدم التحاكم
إليها في كثير من الأحيان، رغم إسناد بعض الحكومات إليها مهام تحقيق الأمن وحل
المشكلات في مجتمعاتها المحلية، ومنحها بعض السلطات التقليدية من أجل تنفيذ تلك
المهام، لكن نظرا لتراجع مكانة تلك السلطات العرفية، مع عدم إحلال سلطات أمنية
قريبة من السكان بدلا منها، يتم اللجوء إليها عند وقوع الجرائم، يكون ذلك دافع
للجوء إلي نظام العدالة الشعبية.(7)
8-دوافع تتعلق بطبيعة
الجريمة أو طبيعة الضحية:
حيث أحيانا تكون طبيعة الجريمة المرتكبة هي الدافع من
وراء اللجوء إلي تطبيق نظام العدالة الشعبية، مثل الجرائم المتعلقة بالشرف والعرض،
فعلي سبيل المثال عندما تكون الجريمة عبارة عن اغتصاب فتاة من قبل أحد الأشخاص فأن
أولياء الفتاة يقررون قتل الجاني مباشرة إذا تمكنوا منه دون الرجوع للقضاء، وكذلك
أحيانا تكون طبيعة الضحية هي الدافع أيضا وراء تبرير الأخذ بالعدالة الشعبية، كأن
يكون الضحية أو المجني عليه أحد الشخصيات المعروفة محليا وشعبيا وتحظي بالإحترام، وبالتالي
عندما يقع عليه أذي معين يسرع أنصاره ومحبيه بتطبيق العدالة الشعبية وتوقيع العقاب
علي الجاني بأنفسهم، نظرا لما يتمتع به المجني عليه من مكانة في نفوسهم.(8)
9-الميراث العدائي بين
العديد من الشعوب الأفريقية:
حيث أدت الحروب الأهلية، والصراع علي السلطة والموارد
الإقتصادية كالأرض بين المجموعات الإثنية المختلفة داخل الدول الأفريقية إلي وجود
ميراث عدائي، وعمليات قتل متبادل أورثت الأجيال اللاحقة العداء فيما بينهم، مما
ساهم في انتشار ثقافة الثأر للآباء والأجداد، دون اللجوء إلي السلطات القضائية
للحصول علي الحق، واستبداله بنظام العدالة الشعبية.
10-انتشار ثقافة العنف
في المجتمع بجانب انتشار السلاح:
حيث أن معدلات العنف في أفريقيا جنوب الصحراء أصبحت في
ازدياد بدءا من قمة الهرم الإجتماعي المتمثل في الوصول إلي السلطة بالقوة والعنف، وخير
دليل علي ذلك موجة الإنقلابات العسكرية التي ابتليت بها عدة دول في إقليم غرب
أفريقيا مؤخرا، وصولا إلي الطبقات الوسطي، والدنيا، والتي تري في ثقافة العنف
وسيلة إلي الحصول علي حقوقها، وخاصة الشباب، حيث لوحظ أن معظم منفذي العقوبات التي
يقررها نظام العدالة الشعبية هم من فئة الشباب، بجانب انتشار الأسلحة الصغيرة في
أيديهم، والتي تساهم في الإسراع بتطبيق العقوبات الشعبية المقررة من جانبهم، سواء
بطعن المتهم أو ذبحة أو حتي ضربه بالرصاص.
11-غياب العدالة
الإجتماعية والمساواة أمام القانون:
حيث أن غياب العدالة الإجتماعية في العديد من الدول
الأفريقية، وعدم الإلتزام بمبدأ المساواة بين الجميع أمام القانون، وانتهاك مبدأ
تكافؤ الفرص أدي إلي تشويه صورة نظام العدالة الرسمية المطبق من قبل الدولة بصورة
كبيرة، حيث يتم اتهام المؤسسات التي يفترض أنها تقوم بتطبيق العدالة في المجتمع
بالفساد، كما يدعي البعض أن هناك كثيرا من المجرمين تم منحهم براءة، نتيجة
للمحسوبيات وعلاقات القوة، ورشوة القضاة، كما أن بعض المحكوم عليهم قاموا بالهروب
من السجن بمساعدة الأجهزة الأمنية، بل أشار آخرون إلي أن بعض الضباط يحمون بعض
اللصوص، ويقومون ببيع المسروقات التي حصل عليها اللصوص مقابل الحصول علي نسبة من
ثمن هذه المسروقات، وهو ما يجعل البعض يميل إلي تجنب مؤسسات العدالة الرسمية، ويلجأ
إلي تطبيق نظام العدالة الشعبية بنفسه.(9)
ثالثاً- أبرز تطبيقات نظام العدالة الشعبية في
أفريقيا جنوب الصحراء
يمكن من خلال هذه النقطة أن نلقي الضوء علي جانب من
تطبيقات نظام العدالة الشعبية في دول أفريقيا جنوب الصحراء من خلال الإشارة إلي
بعض من الوقائع المختارة من دول القارة وذلك فيما يلي:
1- نماذج العدالة الشعبية في إقليم غرب
أفريقيا:
أ-غانا: مقتل ضابط بالجيش وحرقه من قبل
مجموعة من الشباب:
وتعود وقائع هذه الحادثة إلي شهر مايو من عام 2017، وتتلخص
في قيام مجموعة من الشباب في منطقة دينكيرا بشرق غانا، بقتل ماكسويل ماهاما، وهو
نقيب في الجيش تم انتدابه لحماية منجم ذهب في هذه المنطقة، وأثناء قيامه بالرياضة
بملابسه المدنية لاحظت النساء حمله سلاح خاص به تحت ملابسه، مما جعلهم يشكون أنه
لص جاء ليسرق، وهو ما جعلهم يطلبوا نجدة شباب الحي، والذين قاموا بدورهم بمهاجمة
الضابط والتعدي عليه بالضرب حتي الموت دون أن يسمحوا له بالتعريف بنفسه، ثم قاموا
بحرق جثته فيما بعد، وقد أسفرت هذه الحادثة عن استياء مجتمعي شديد وتدخلت القوات
المسلحة الغانية التي نشرت قواتها في المنطقة للوصول إلي الجناة وهو ما جعل الشباب
يفرون من المنطقة خشية تعرضهم للعقاب، كما تدخلت مؤسسة الرئاسة حيث أدان الرئيس
الغاني نانا أكوفو أدو هذه الجريمة، وقام بتعزية أسرة الضابط، ووعد أن هذه الجريمة
لن تمر دون عقاب، كما شغلت القضية الرأي العام في غانا بسبب أن الضحية كان هو
الابن الوحيد لأسرته، وقد طالبت منظمات المجتمع المدني بالتصدي لظاهرة العدالة
الشعبية والقضاء عليها في البلاد.(10)
ب-غينيا كوناكري: مقتل شاب بعد اتهامه
بسرقة دراجة نارية:
حيث أنه في 21 إبريل 2022، وفي منطقة دوبريكا تم اتهام الشاب موسي كامارا بسرقة دراجة نارية،
وهو ما جعل مجموعة من الأشخاص يعتدون عليه ويقومون بحرقه حيا، ثم تم تصوير مشهد
حرقه وبثه عبر الشبكات الإجتماعية، مما أدي إلي اندلاع موجة سخط شعبي عبر وسائل
التواصل الإجتماعي بسبب انتشار ثقافة العدالة الشعبية، وقد حاول البعض تبرير تلك
الأفعال قائلين أن تطبيق نظام العدالة القضائية في غينيا مرتبط بدفع الرشاوي
والقدرة علي امتلاك الأموال، وهو ما يجعل السكان يعتمدون علي أنفسهم في تطبيق
العدالة وحماية أنفسهم، كما أنهم يبررون قتل اللصوص بحجة أنه في حالة محاولة
استرجاع المسروقات من اللصوص فأنهم سوف يحاولون أن يمنعوا ذلك بالقوة، وقد يقتلون
المسروق، ولذلك فأنهم يبررون قتله مباشرة. ومن جانب الشرطة في البلاد فقد استهجنت
هذه الحادثة، وقد تعهد المدعي العام بمحاسبة المسؤولين عن قتل وحرق هذا الشاب، وبالفعل
تم القبض علي 20 شخصا يشتبه في مشاركتهم في قتله خارج إطار القانون . ومحاولة
للحد من إنهاء ظاهرة العدالة الشعبية في غينيا فقد تم إطلاق عريضة تطالب بإنهاء
تلك الظاهرة المتصاعدة في البلاد، والتوقف عن قبول فكرة قتل البشر كأنهم حيوانات، لكون
تلك الأفعال تخالف القواعد الأخلاقية والدينية والقضائية.(11)
ج-بوركينا فاسو: تعرض الفنانة أدجا ديفاين
للضرب المبرح بتهمة سرقة طفل:
حيث أنه في مايو 2017 تعرضت الفنانة البوركينابية للضرب
المبرح علي يد مجموعة من الجماهير، الذين كادوا يقتلونها لولا تدخل بعض المارة
الذين قاموا بإنقاذها، وذلك بسبب رفضها لخضوع للفحص من قبل الشرطة لأنها كانت
متعجلة لشراء حليب لطفلها، وهو ما جعلهم يشكون أنها من لصوص الأطفال، وبعد انتشار
شائعة سريعة أن الشرطة تطارد أحد لصوص الأطفال تم القبض عليها من قبل بعض الأشخاص
وانهالوا عليها بالضرب وقام آخرون بخنقها وكادت أن تموت لولا إنقاذها بصعوبة، وقد
قامت برفع دعوي قضائية علي المتهمين بالإعتداء عليها، ورغم أن الواقعة مصورة
والفيديو يوضح الجناة غير أنه لم يتم إلا محاكمة شخص واحد بالسجن ثلاثة سنوات، وهو
ما أدي إلي سخط جمعيات الفنانين، التي طالبت بالعدالة لزميلتهم وتعويضها عما لحق
بها.(12)
د-توجو: حرق شخص حيا لاتهامه بتدنيس
القبور:
حيث أنه في شهر يونيو 2021 وفي قرية ووغبا الواقعة علي
بعد 60 كم شرق لومي عاصمة توجو، قام السكان بالقبض علي شخص تم اتهامه بتدنيس
القبور، حيث انهالوا عليه بالضرب، وقاموا بحرقه حيا في المقبرة، ومن جانب الشرطة
فقد فتح المدعي العام تحقيقيا قضائيا للكشف عن مرتكبي تلك الوقائع، وفي ذات السياق
فقد تعرض شخص للضرب من قبل الشباب حتي وفاته بعد اتهامه بالشروع في سرقة دراجة
نارية من أمام أحد المنازل، ويبرر السكان تصرفاتهم بأن النظام القضائي في توجو لا
يجري تحقيقات جدية، ويسمح بإفلات المتهمين من العقاب مما يدفعهم إلي تطبيق العدالة
بأنفسهم. وقد أدانت العديد من منظمات المجتمع المدني تلك الظاهرة مطالبة بمكافحة
عملية انعدام الأمن القضائي، الذي يؤدي إلي لجوء الناس إلي ممارسة العدالة الشعبية.(13)
هـ-نيجيريا: التعدي علي نائب بالبرلمان
بعد اتهامه بالثراء غير الشرعي:
حيث قام حشد غاضب في نيجيريا بالتعدي علي رئيس مجلس
الشيوخ السابق أبو بكر بوكولا سراكي، أثناء
صلاة العيد في عام 2015، حيث قاموا برشقه بالحجارة، ووجهوا إليه الشتائم والإهانات،
وذلك بعد انتشار شائعات عبر وسائل التواصل الإجتماعي تزعم أنه أغني نفسه بشكل غير
قانوني، وأنه متهم بالفساد، بالإضافة إلي انتشار ثقافة تطبيق نظام العدالة الشعبية
في العديد من مناطق نيجيريا وخاصة تجاه اللصوص، ومن أمثلة ذلك ما حدث للص شاب في
لاجوس، حيث تم تجريده من ملابسه، والتعدي عليه بالضرب ثم حرقه حيا، وذلك بعد اتهامه
بمحاولة سرقة هاتف، ومحفظة من أنثي، مما جعل البعض ينتقد تلك الوقائع التي قيل
أنها حدثت لطفل يبلغ من العمر 7 سنوات، وانتقد الناس الشرطة قائلين أن نظام
العدالة لو قام بنصف عمله فقط، سوف يقلل من عدالة الغابة المنتشرة في البلاد بسبب
فقدان الثقة في نظام العدالة والقضاء، وبسبب قسوة العقوبات فأن نظام العدالة
الشعبية في نيجيريا يطلق عليه مصطلح العدالة المتوحشة لما يصاحبها من غلظة.(14)
و-السنغال: عدالة الشوارع توشك أن تصبح
ظاهرة في السنغال:
حيث يفضل البعض في السنغال أطلاق لفظ عدالة الشوارع علي
العدالة الشعبية، وذلك لكون العقوبات تنفذ في الشوارع علي مرأي ومسمع من الجماهير،
بل وتنفذ علي أيديهم، ومن أبرز الحوادث التي شهدتها السنغال مؤخرا القبض علي صبي
صغير بتهمة محاولة السرقة، واقتياده إلي ملعب كرة قدم والتعدي عليه بالضرب حتي
الموت، وكذلك القبض علي عدد من المتهمين بممارسة أعمال البلطجة، وتقييدهم في أعمدة
خشبية وضربهم حتي الموت. ومع ازياد حالة انعدام الأمن بسبب ارتفاع جرائم السرقة
بالإكراه والخطف والسطو، فقد ارتفعت الأصوات التي تشجع السكان بتطبيق العدالة
بأنفسهم، بسبب تقاعس الشرطة في تنفيذ مهامها الأمنية، وهو ما دفع البعض إلي مناشدة
الحكومة بنشر الشرطة في الأحياء والقري والبلديات والضواحي التي نادرا ما تتواجد
فيها دوريات الشرطة، كما ناشدوا الدولة في مساعدة الشباب العاطلين عن العمل، والذي
يكون سببا في لجوئهم إلي السرقة والعنف لتوفير النفقات اللازمة لهم بطريقة غير
مشروعة. بالإضافة إلي مناداة البعض بضرورة إعادة إصلاح القيم والمعتقدات المجتمعية،
التي انفلت منها العديد وخاصة الشباب في محاولة منهم لتقليد القيم الغربية، وكذلك
محاولة إزالة الفوارق الإجتماعية الناتجة عن غياب عدالة التوزيع، حيث لوحظ أن
الأغنياء يشكلون نحو 10% من السكان، ويتعاملون بغطرسة مع باقي المجتمع وهو ما يدفع
إلي الجريمة والعنف بسبب الحرمان والتهميش الذي يشعر به الكثيرون.(15)
ل-مالي: العدالة الشعبية هي الدواء الشافي
ضد الظلم في وجهة نظر الكثيرون:
حيث يري الكثيرون أن تطبيق العدالة الشعبية بسبب عجز رجال
القانون عن حماية المواطنين، هي بمثابة علاج مناسب للقضاء علي الظلم، ومرتكبيه، وتخليص
المجتمع من شرور الفاسدين، وقد أشارت الإحصاءات أنه في عام 2016 فقط تم حرق أكثر
من 30 شخص أحياء بعد اتهامهم بأعمال السرقة والبلطجة، كما صرحوا أنه لا يكاد يمر
أسبوع في باماكو بدون إعدام لص من قبل حشد غاضب، وقد حذر مدير الشرطة من تلك
التصرفات قائلا نحن في بلد يحكمه الدستور والقانون، ولا ينبغي لأحد تطبيق العدالة
بمفرده.(16)
م-بنين: العدالة الشعبية تتصدر عناوين
الصحف بعد تصاعدها مؤخراً:
نظراً لنقص أعداد قوات الشرطة والدرك في العديد من
المناطق في بنين، فيلجأ السكان إلي ممارسة أعمال الإنتقام الشعبي من المتهمين
بأيديهم، وذلك من خلال رجم المتهم بوابل من الحجارة، والطعن بالمناجل المحلية، والحرق
بالنار، كما حدث للصوص الدراجات النارية المزعومين من قبل، ويأتي تزايد لجوء
السكان لنظام العدالة الشعبية لادعائهم أن السلطات القضائية والأمنية تتجاهل
حمايتهم من المجرمين، ولا توفر لهم الأمن اللازم لحياتهم وممتلكاتهم، وهو ما
يرغمهم علي التصدي للجناة بأنفسهم، وتوقيع العقاب السريع عليهم.(17)
2-نماذج العدالة الشعبية في إقليم وسط أفريقيا:
أ-الكونغو الديمقراطية: مقتل عشرات النساء
حرقاً لاتهامهم بالسحر:
ففي منطقة جنوب كيفو وهي مقاطعة في شرق جمهورية الكونغو
الديمقراطية، تم قتل عشرات النساء كبار السن الذين تم اتهامهم بممارسة طقوس السحر
التي تضر بالسكان، ومن بين تلك القضايا حرق السيدة نيابادو، الذي تم اتهامها
بممارسة السحر، حيث تم غمرها بالبنزين وأشعلت النيران في جسدها، وهي علي قيد
الحياة، حيث تم إحراقها حتي الموت. وهذه الحادثة سبقها العديد من الحالات فعلي
مدار شهر واحد تم الكشف عن 8 حالات حرق وقتل خارج نطاق القانون من خلال تطبيق نظام
العدالة الشعبية، كما وجدت تصريحات أنه خلال أربعة أشهر فقط تم تسجيل 324 حالة
اتهام بالسحر أسفرت عن حرق وقتل المتهمين خارج إطار القانون. ولمحاولة الحد من
تطبيق نظام العدالة الشعبية، فقد أصدر نواب الإقليم مرسوماً منذ عام 2014 يحظر
اللجوء إلي العدالة الشعبية في جنوب كيفو، لكن السكان لا يلتزمون بتطبيقه بسبب
غياب الوعي، كما أن رؤساء القري يرفضون الإفصاح عن منفذي العقوبات المقررة من قبل
نظام العدالة الشعبية مما يساهم في إفلاتهم من العقاب، واستمرار تلك الظاهرة.(18)
ب-الكاميرون: مقتل شاب حرقا لاتهامه بسرقة
سلسلة ذهبية وهاتف محمول:
حيث تعد الكاميرون من بين الدول الذي ينتشر فيها تطبيق
نظام العدالة الشعبية بكثرة، وذلك رغم تأكيد وزير العدل في 2012 أن العدالة غير
الرسمية محظورة في قانون الإجراءات الجنائية، وأن من يشارك في أعمال الإنتقام
الشخصي سوف يتم محاكمته من قبل القانون، غير أنه واقعيا مازالت العديد من المناطق
في البلاد تطبق العقوبات الشعبية بنفسها، مثل منطقة دوالا، والتي حدثت فيها واقعة
تم تصويرها ونشرها في مقطع فيديو يظهر شاب يدعو سولو، كان قد خرج من السجن بعد
اتهامه بالسرقة من قبل، وأثناء حضور السكان لجنازة يوم الجمعة تم الإعلان أن هذا
الشخص قام بسرقة سلسلة ذهبية وهاتف محمول وهرب، وهو ما جعل السكان يقسمون علي قتله،
وفي اليوم التالي عثروا علي هذا الشخص في الصباح، حيث وجدوه يرتدي السلسلة وفي
جيبه بطاقة الهاتف المحمول، وبعد أن استعادوا متعلقات المسروق، قال البعض لابد من
قتله لأنها ليست المرة الأولي لفعلته، وأنهم لا يثقون بالشرطة ونظام العدالة في عقابه، وهو ما جعلهم يقتادونه إلي الميدان، وانهالوا
عليه ضربا بالهراوات والعصي والحجارة، ثم صبوا عليه البنزين ووضعوه داخل إطارات
سيارة وأشعلوا فيه النيران، ولم تصل الشرطة إلا بعد الساعة 2 ظهرا، ولكنه كان
مازال علي قيد الحياة، ولكن الناس رفضوا تركه إلا بعد القضاء عليه، ولم تستطع قوات
الشرطة ولا بعض الأشخاص تهدئة الحشد الغاضب، الذين استمروا في إلقاء الحجارة عليه
ودهسه بدراجة نارية، وهو ما أدي إلي وفاته قبل نقل جثته إلي المستشفى الذي رفضت
المستشفى قبول جثته لعدم رغبة أسرته في دفع رسوم المشرحة. وفي ذات السياق قام
سائقي الدراجات النارية في منطقة ماروا بمحافظة دياماري أقصي شمال البلاد بإعدام
ثلاثة أشخاص لاتهامهم بسرقة الدراجات النارية الخاصة بزملائهم، ولمحاولة استعادة
الأمن في المنطقة قام محافظ المنطقة بفرض حظر للتجوال في المدينة لتهدئة الأوضاع
بين السكان منتقدا تخطيهم قواعد العدالة القانونية.(19)
ج-بوروندي: الصراع علي الأراضي كذريعة
للقتل بتهمة السحر:
يعد الصراع علي الأراضي في بوروندي من بين المشاكل التي
تؤدي إلي حدوث نزاعات وصراعات بين العديد من السكان، ولمحاولة التحايل علي القانون
والتخلص من الخصوم يلجأ بعض أفراد النزاع إلي اتهام خصومهم بممارسة السحر، ومن ثم
القيام بقتلهم كمبرر أمام الناس يحميهم من العقاب، بل يدعمهم البعض أحيانا في
التنفيذ مطبقين نظام العدالة الشعبية الذي يبرر قتل ممارسي السحر، ومن بين تلك
النماذج مقتل شخص في أغسطس الماضي مع حرق مجموعة من المنازل في بلدية بويرو، بتهمة
السحر، وأعلنت السلطات أنها هي المسؤولة عن فرض العقوبات، واستنكرت موقف السكان من
التواطؤ في عدم الكشف عن الجناة، مطالبة إياهم التخلي عن هذه العادة السيئة، وفي
ذات السياق فقد تم قتل نحو 6 أشخاص خلال أسبوعين بعد اتهامهم بممارسة أعمال السحر
في مقاطعة سيبيتوكي، ولكن جمعيات حقوق الإنسان أشارت إلي أن النزاعات علي الأراضي
هي الباعث علي ارتكاب هذه الجرائم.(20)
د-جمهورية أفريقيا الوسطي: حرق المنازل
ومقتل العشرات بتهمة الدجل:
حيث أنه في عام 2016 تم اتهام أكثر من 110 شخص بممارسة
أعمال الدجل والشعوذة والسحر في البلاد، وقد تم تطبيق نظام العدالة الشعبية عليهم
بأكثر من طريقة فمنهم من تم قتله بالرصاص، ومنهم من تم قتله ضربا وحرقا، وبعضهم تم
حرق منزله وممتلكاته وإجباره علي مغادرة المنطقة، كما تم إحراق نحو 30 منزلا خلال
تلك الأعمال، بالإضافة إلي إلقاء ثلاثة نساء في نهر أوهام شمال البلاد بتهمة
ممارسة السحر، ومن جانبه فقد أدان وزير العدل حينها تلك الأفعال ووعد باتخاذ
الإجراءات القانونية ضد مرتكبي هذه الأعمال الغوغائية.(21)
5-الجابون: حركة العدالة الشعبية تتزايد
منذ مطلع 2020:
حيث أنه مع تزايد جرائم السرقة، وانتشار اللصوص في
الشوارع وخاصة شوارع العاصمة ليبرفيل، فقد شهدت الجابون سلسلة من الأحداث المتعلقة
بالعدالة الشعبية، حيث تم قتل لص مراهق علي يد شخص مجهول بطلق ناري بعد خطفه
لحقيبة من امرأة كبيرة في السن، وتعرض عدة لصوص آخرين للضرب حتي الموت في أكثر من
منطقة، وقد برر السكان تصرفاتهم هذه قائلين أن العدالة لا تؤدي بشكل جيد في البلاد،
حيث أن الأجهزة الأمنية لا تتصرف كما ينبغي، وتتأخر دائما في التصدي للصوص، وأحيانا
تفرج عنهم مباشرة دون عقاب، وهو ما يفقد الناس الثقة في نظام العدالة الرسمي، ورغم
تحفظ عدد من الأشخاص علي تلك العدالة الشعبية واصفين لها بأنها ليست سوي شكل من
أشكال البربرية، لكنهم عاجزين عن التصدي لمكافحة تلك الظاهرة الآخذة في التصاعد في
الجابون.(22)
3-نماذج العدالة الشعبية في إقليم شرق أفريقيا:
أ-مدغشقر: إحراق سجن ومساكن الدرك لمحاولة
تطبيق العدالة الشعبية:
حيث قام حشد غاضب من السكان في نوفمبر 2016 بمهاجمة
منطقة سكنية لرجال الدرك، وسجن حكومي في شمال غرب مدغشقر، في محاولة منهم للإنتقام
من قتلة قاموا بقتل أحد الأطباء المحلين، وقد أضطر ضباط السجن لإطلاق النار علي
الحشود لمنعهم من مهاجمة السجن، وفي ذات السياق تم الإعتداء علي امرأة بالضرب، قبل
حرقها علي قيد الحياة في منطقة ماننجاري شرق البلاد، بعد اتهامها بمحاولة انتهاك
مكان مقدس للغاية في المنطقة، بالإضافة إلي قيام السكان بالقبض علي مجموعة من
اللصوص وإعدامهم، بعد شعور السكان بخيبة أملهم في قوات الشرطة التي عجزت عن القبض
علي اللصوص، مما جعلهم يقيمون العدالة بأيديهم، معتقدين أنهم ينظفون المجتمع من
الفاسدين من خلال هذه الطريقة، وفي ذات السياق فقد تم قتل 32 شخص بينهم 15 طفل عن
طريق حرقهم أحياء في أحد القري شمال البلاد، حيث ارتفعت معدلات انعدام الأمن نتيجة
للأزمة الإقتصادية التي شهدتها مدغشقر في أعقاب جائحة كوفيد-19، بجانب التداعيات
السلبية لإعصار باتسيراي الذي ضرب البلاد في فبراير 2022، وبسبب عجز المؤسسة
الأمنية فقد ارتفعت عمليات تطبيق العدالة الشعبية في البلاد.(23)
ب-كينيا: يفضل العديد نظام العدالة
الشعبية علي العدالة الرسمية:
حيث يلجأ العديد من أبناء الشعب الكيني إلي البعد عن
نظام العدالة الحكومي الرسمي، واستبداله بنظام العدالة الشعبية أو عدالة الزعماء
التقليدين أو العدالة العرفية، وذلك بسبب اعتقادهم أن نحو ثلث القضاة متورطون في
الفساد، وأن نحو نصف ضباط الشرطة كذلك يمارسون أعمال فساد، وهو ما يزعزع ثقتهم في
المؤسسات الرسمية، بالإضافة إلي وجود مشاكل تحول بينهم وبين القضاء الطبيعي، تتمثل
في ارتفاع التكاليف المالية للتقاضي، وطول إجراءات التقاضي، وتعقيدات القوانين وما
يتعلق بها من إجراءات، مع عدم القدرة علي توفير محامين ذوي كفاءة لمساعدتهم في
قضاياهم، وبالتالي يفضلون نظام العدالة الشعبية. ومن بين نماذج تطبيق العدالة
الشعبية ما تعرض له بعض المتهمين بعمليات خطف الفتيات الصغيرات من عقوبات شعبية
قاسية، وما تعرضت له 4 نساء تتراوح أعمارهن بين 57 و83 في أكتوبر 2021، حيث تم
حرقهن أحياء، وتم هدم منازلهم بالإضافة إلي الإستيلاء علي مواشيهم وبيعها، وذلك
بعد اتهامهن بممارسة أعمال السحر الأسود، وقد شعر سكان نيروبي بالرعب من انتشار
ثقافة العدالة الشعبية التي لا تمنح المتهم أية وسيلة للدفاع عن نفسه، حيث وصفت
العقوبات بالقاسية، وفي ذات السياق فقد تعرض المراسل الصحفي بإذاعة دويتشه فيله
الألمانية في كينيا إلي الضرب والسحل أثناء عمله في مدينة مومباسا الساحلية في
كينيا، حيث عبر أحد المشاة أمام سيارته فجأة، وفي محاولة لتفاديه كاد أن يصطدم
بالمشاة، ولكنه استطاع إيقاف السيارة، وما لبث إلا وقد هاجمه السكان وخرجوا من
المنازل وأخرجوه من السيارة وقاموا بضربه وسرقة كل معداته الموجودة بالسيارة، وحاولوا
حرق السيارة، وحرقه حيا لولا مرور سيارة شرطة لحسن حظه، وقامت بإنقاذه، ولم يستدل
علي هوية الفاعلين. هذا وقد أدرجت الشرطة في كينيا عام 2011 مسألة الإعدام خارج
القانون في إحصاءاتها الخاصة بالجرائم، وسجلت حوالي 543 حالة وفاة سنويا نتيجة
لتطبيق العدالة الشعبية.(24)
ج-أوغندا: عدم الإيمان بالمؤسسة القضائية
دافع لنظام العدالة الشعبية:
حيث قام الكاتب سام موتابازي بكتابة مؤلف يتناول ظاهرة
العدالة الشعبية في أوغندا، واصفاً تلك الظاهرة بأنها وحش صامت في البلدان النامية، حيث أنها تسفر عن
وفاة مئات الأشخاص دون خضوع لمحاكمة قضائية عادلة، وقد أشار هذا الكتاب إلي أسباب
انتشار تلك الظاهرة في الدول الأفريقية بصورة عامة، ودولة أوغندا بصورة خاصة، واصفا
تلك الممارسات أنها تتعارض مع قواعد حقوق الإنسان، وتهدد مبادئ العدالة الطبيعية، كما
أشار أن العامل الأول للجوء إلي هذا النظام هو عدم الإيمان بفاعلية ونزاهة المؤسسة
القضائية في أوغندا، ومن أبرز تطبيقات نظام العدالة الشعبية في أوغندا إعدام
اللصوص وحرقهم أحياء دون محاكمة قضائية، كما أشارت الإحصاءات أن نحو 582 شخص تم
إعدامه خارج نطاق القانون خلال عام 2014 فقط.(25)
4-نماذج العدالة الشعبية في إقليم جنوب فريقيا:
أ-جنوب أفريقيا: التخلص من أفراد العصابات
من خلال العدالة الشعبية:
حيث يلجأ العديد من سكان جنوب أفريقيا إلي التصدي لأفراد
العصابات واللصوص بأنفسهم بسبب عدم كفاءة نظام الشرطة والقضاء من وجهة نظرهم، ومن
أمثلة ذلك قيام السكان بقتل 6 أفراد يعتقد أنهم ينتمون إلي أفراد العصابات، حيث تم
حرق اثنين من المتهمين أحياء، بينما قاموا برجم اثنين منهم حتي الموت، بينما تم
حرق الباقين، وحرق منازلهم، وذلك بعد اجتماع ضم نحو 400 شخص ناقش تزايد خطر
العصابات في المنطقة، مع ضعف تصدي قوات الشرطة لهم، مما جعل السكان يقررون
الإنتقام منهم بأيديهم، وبعد محاولة تدخل قوات الشرطة في الموضوع قام السكان
الغاضبون برشق سيارات الشرطة بالحجارة، وهو ما جعل وزير الداخلية ينتقد تصرفات
السكان، واصفا إياها بأنها ليست مبررة، وأنهم سوف يخضعون للقانون، كما أضاف أنه لا
يمكن مواجهة الجرائم بارتكاب جرائم أخري لأن ذلك غير مقبول ولا يتفق مع القانون.(26)
ب-مالاوي: حرق 7 أشخاص يشتبه في قيامهم
بالإتجار في العظام البشرية:
حيث أنه في مارس 2016 قام مجموعة من الأشخاص في جنوب
مالاوي بالقبض علي 7 أشخاص بعد ملاحظة حملهم حقائب بها عظام بشرية، وهو ما دفع
السكان القرويون إلي القبض عليهم واتهامهم بممارسة أعمال السحر، والقيام بحرقهم
أحياء واحدا تلو الآخر بعد وضع البنزين علي أجسادهم، ومن جانب الشرطة فلم تقم
باعتقال أي أحد من منفذي العقاب، ولكنها سلمت جثث القتلى السبعة إلي مشرحة مستشفى
محلي لحين التعرف عليهم من قبل أقاربهم، كما فتحت الشرطة تحقيقا لتحديد أصل العظام
التي كانت موجودة معها للتعرف عليها وما إذ كانت تنتمي إلي أحد الأشخاص المصابين
بمرض المهق، حيث تعاني مالاوي من استهداف مصابي المهق وخطفهم وقتلهم اعتقادا من أن
أعضائهم البشرية مفيدة في أعمال السحر ويمكن أن تسبب الثراء والسعادة عند
استخدامها في الوصفات السحرية. كما صرحت الشرطة أنها ستسعي لمعرفة مرتكبي حادثة
الحرق، مستنكرة قيامهم بتطبيق القانون بأيديهم.(27)
ج-زامبيا: 43 قتيلا علي خلفية الرش
الكيميائي للمواد السامة في المنازل:
حيث أنه في فبراير 2020 اندلعت موجة من العنف في لوساكا
عقب تعرض المنازل إلي الرش بالمواد الكيميائية السامة علي يد مجموعة من اللصوص، وهو
ما أسفر عن تقديم نحو 511 بلاغا إلي الشرطة، وتعرض نحو 1687 حالة للخطر بالتسمم، وهو
ما دفع السكان إلي عمل مبادرة شعبية للتصدي لمرتكبي تلك الجرائم، ولكن هذه
المبادرة تم تنفيذها بصورة خاطئة حيث أسفرت عن قتل العديد من المشتبه بهم دون
إثبات، وتدمير نحو 11 منشأة شرطية في جميع أنحاء البلاد، كما قام السكان بقتل نحو
43 شخص من المتهمين في تلك الأحداث، مع عدم تقديمهم للشرطة، مقررين تطبيق العدالة
بأنفسهم.(28)
رابعاً- الآثار السلبية لتطبيق نظام العدالة
الشعبية في أفريقيا جنوب الصحراء
بعد استعراضنا لأبرز النماذج التي تتعلق بنظام العدالة
الشعبية في العديد من الدول الأفريقية يتضح لنا أن هذا النظم ينتج عنه العديد من
الآثار السلبية، سواء علي المتهم نفسه، أو علي المجتمع، بل وكذلك علي الدولة، ويمكن
أن نوضح هذه الآثار السلبية فيما يلي:
1-الآثار السلبية الواقعة علي المتهم:
أ-حرمان المتهم من حقوقه الأساسية
والقانونية:
حيث أن من أبرز الآثار السلبية التي تقع علي المتهم
نتيجة لعقابه من خلال نظام العدالة الشعبية، حرمانه من حقوقه الأساسية وأولها الحق
في الحياة، والحق في المحاكمة العدالة، وكذلك حقه في الدفاع عن نفسه، والحصول علي
محامي للدفاع عنه، بالإضافة إلي انتهاك مبدأ افتراض البراءة، حيث من المفترض أن
يحصل أي شخص علي حقه القانوني في الخضوع للقاضي الطبيعي والعدالة القانونية
الرسمية، وانتهاك العدالة الشعبية لتلك الحقوق من شأنه حرمان المتهم من أدني
الحقوق المكفولة له بغير وجه حق.
ب-تعريض الأبرياء للخطر والعقاب دون
ارتكاب جريمة:
حيث أشارت العديد من الوقائع إلي أنه قد يخضع شخص ما
للعقاب من قبل منفذي نظام العدالة الشعبية دون ارتكابه أية جريمة، وذلك نتيجة
للخطأ في تحديد شخص الجاني. أو تفسير تصرفاته خلافا للحقيقة، وهو ما ينجم عنه
تعريض الأبرياء للخطر دون مبرر.
3-انتهاك المواثيق الدولية والوطنية
المتعلقة بحقوق الإنسان: حيث أن المواثيق الدولية
والوطنية، تمنح الإنسان بصورة عامة، والمتهم بصورة خاصة العديد من الحقوق التي
ينبغي مراعاتها عند خضوعه للمحاكمة والعقاب، غير أن نظام العدالة الشعبية ينتهك كل
تلك المبادئ ضاربا بها عرض الحائط.
2-الآثار السلبية الواقعة علي المجتمع:
أ-ظهور عمليات تصفية حسابات متبادلة
وانتشار ثقافة الثأر:
حيث تسمح عمليات العدالة الشعبية بحدوث عمليات انتقام من
قبل أهل المتهم القتيل تجاه الأشخاص الذين قاموا بقتله، والأخذ بثأره، وهو ما يؤدي
إلي تفشي عمليات تصفية الحسابات، والأخذ بالثأر بين العائلات وبعضها البعض، نتيجة
للبعد عن اللجوء للعدالة الرسمية، واتباع نظام العدالة الشعبية، ومن أمثلة ذلك ما
حدث في أغسطس الماضي في العاصمة السنغالية داكار حيث تعرض شخص للضرب حتي الموت علي
يد مجموعة من مطبقي نظام العدالة الشعبية، وهو ما دفع أقاربه إلي شن هجوم مضاد علي
سكان المنطقة التي قتل بها، وقاموا بنهب ممتلكات السكان، ورجموا السيارات بالحجارة،
وهجموا علي السكان، مما أسفر عن العديد من الإصابات والخسائر للطرفين، وكذلك حدث
نفس الأمر في منطقة سوق بوبيس حيث قام أصدقاء القتيل بمهاجمة السكان واتهامهم بضرب
صديقهم حتي الموت دون مبرر.(29)
ب-فتح الباب إلي انتشار الصراعات الإثنية،
والإنقسام الإجتماعي:
وذلك في حالة كون المتهم كان ينتمي إلي مجموعة إثنية ما،
وكان معاقبوه ينتمون إلي مجموعة إثنية أخري، وهو ما قد يؤدي إلي حدوث صراع بين
أفراد المجموعتين، قد يسفر عن العديد من الضحايا، ويزيد من حدة الإنقسام الإجتماعي
داخل البلاد.
ج-تربية النشأ علي ثقافة العنف والتمرد علي
حكم القانون:
حيث لوحظ أثناء حالات العقاب الجماعي الناتج عن نظام
العدالة الشعبية مشاركة العديد من الأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم عن 5: 10 سنوات، وهو
ما يغرس في أذهانهم ثقافة العنف، والإستخفاف بحرمة النفس الإنسانية، وهو ما قد
يؤثر علي سلوكياتهم النفسية التي تتشبع بالعنف والعداء من الصغر، وعدم القدرة علي
تقبل ثقافة التسامح، والبعد عن اللجوء إلي حكم القانون، واتباع الإجراءات القضائية
الرسمية، وهو ما يؤثر سلبا علي كل أفراد المجتمع.
3-الآثار السلبية الواقعة علي الدولة:
أ-انتهاك
حق الدولة في تطبيق وفرض القانون:
حيث تعد عملية الضبط الإجتماعي وصناعة القاعدة القانونية
والتحاكم إليها هي أحدي الوظائف الخاصة بالدولة، كما أن ممارسة حق العقاب بالقوة
هو أحد الخصائص التي يسمح بها للدولة دون غيرها من الأفراد، وبالتالي فأن ممارسة
نظام العدالة الشعبية من قبل الأشخاص ينتهك حق من حقوق الدولة ووظائفها الأساسية، كما
ينتهك كذلك الإلتزام الواقع علي الدولة أمام الشعب والمتمثل في ضمان سلامة جميع
مواطنيها بمن فيهم المشتبه بارتكابهم جرائم، مع تقديمهم للعدالة الرسمية، وتحقيق
الأمن القضائي لجميع مواطني الدولة دون تمييز.
ب-انتهاك قواعد القانون، والتعدي علي
وظائف السلطة القضائية:
حيث تعد السلطة القضائية في الدولة القومية الحديثة
بكافة مؤسساتها هي السلطة التي يخول لها حق إجراء المحاكمات وإصدار العقوبات
المناسبة وذلك بموجب قواعد الدستور والقانون، وذلك من أجل تحقيق الأمن والسلم
الإجتماعي، وتطبيق العدالة بكافة أنواعها داخل المجتمع، غير أن ممارسة نظام
العدالة الشعبية ينتقص من وظائف السلطة القضائية، ويشكك في قدرتها علي تحقيق
العدالة.
ج-زعزعة النظام السياسي والإجتماعي
وتعريضه للخطر:
حيث أن كثيرا من حالات تطبيق العدالة الشعبية ينتج عنها
مصادمات مع أجهزة الأمن والتعدي عليها، وعلي المنشآت والمركبات التابعة لها، وهو
ما يؤدي إلي الكثير من الخسائر البشرية والمادية، بالإضافة إلي حدوث مصادمات
مجتمعية بين أهل القتيل، ومطبقي العدالة الشعبية، وهو ما قد يؤدي إلي حدوث حالة من
عدم الإستقرار السياسي والإجتماعي، ويزعزع أمن المجتمعات، ويتسبب في اندلاع موجات
من العنف داخل البلاد.
د-تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب:
حيث تؤدي ظاهرة التستر علي مرتكبي عمليات العدالة
الشعبية إلي ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب داخل الدولة، وهو ما قد ينجم عنه آثار
سلبية عديدة أبرزها اللجوء إلي الإنتقام الشخصي، وتفشي عمليات العنف دون التحاكم
إلي القانون، وخاصة في الحالات التي يكون المتهم الذي خضع للعدالة الشعبية كان قد
فقد حياته بغير جرم، وتم قتله نتيجة للعقاب السريع دون التثبت من حقيقة أفعاله، وهو
ما يجعل أهله يحاولون القصاص له عند التستر علي الجناة في حقه.
خامساً- المواقف الدولية من ظاهرة العدالة
الشعبية:
لقد اهتمت العديد من المنظمات الدولية والحقوقية بالتصدي
لظاهرة العدالة الشعبية، والعمل علي مكافحتها، وعلي رأس هذه المنظمات الأمم
المتحدة، حيث حذرت من مخاطر انتشار هذه الظاهرة في شتي دول العالم، كما قام برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي بتنظيم عدد من البرامج وورش العمل من أجل توعية المواطنين
في الدول المختلفة بمخاطر هذه الظاهرة، وأهمية التخلي عنها. كما أدانت المفوضية
السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة هذه الظاهرة، ودعت العديد من الدول
إلي منع الممارسات المتعلقة بها وإدانتها بصورة علنية، مع حضها علي ضمان التحقيق
النزيه في أعمال القتل والعنف الناجمة عنها، ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم في أسرع
وقت ممكن. ومن جهتها أدانت منظمة العفو الدولية عمليات تطبيق العدالة الشعبية، داعية
إلي التحاكم إلي القانون أمام السلطات الرسمية. كما دعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان
""Human
Rights Watch إلي التصدي
لتلك الظاهرة، كما أدانتها بشدة، ودعت إلي معاقبة مرتكبيها. كما أشارت العديد من
المنظمات الحقوقية الوطنية إلي ضرورة الحفاظ علي حقوق المتهم وفقا لما جاء في
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص علي أنه لكل فرد الحق في الحصول علي محامي
للدفاع عنه، بجانب أن إدانته يجب أن تثبت بأدلة قاطعة بعيدة عن الشكوك والإشاعات، وهو
ما ينتهكه منفذي عمليات العدالة الشعبية.(30)
الخاتمة: توصيات لمكافحة ظاهرة العدالة
الشعبية في أفريقيا جنوب الصحراء:
في ختام هذه المقالة يمكن أن نشير إلي مجموعة من
التوصيات، التي قد تساهم في مكافحة ظاهرة العدالة الشعبية، خاصة أن هذا الموضوع من
الموضوعات التي تعد جديدة علي الساحة الأكاديمية، ولا تكاد توجد كتابات صادرة
باللغة العربية تطرقت إليه من قبل، بحيث يكاد يكون مساهمة علمية بناءة تضيء الطريق
للباحثين الراغبين في تناول هذا الموضوع بتوسع وخاصة المتخصصين في حقل الدراسات
الأفريقية والدراسات الأمنية والدراسات القانونية، وأخيرا يمكن عرض التوصيات فيما
يلي:
1-إصلاح مؤسسات الدولة القومية بصورة عامة، وتحقيق قواعد
العدالة الإجتماعية علي الجميع دون تميز، ومكافحة الفقر، وتحقيق التنمية
الإقتصادية، بالإضافة إلي مكافحة الجهل بالقانون المتفشي في العديد من الدول، وهي
من أهم الأمور لمكافحة ممارسات العدالة الشعبية.
2-استعادة الثقة الشعبية في مؤسسات العدالة الرسمية وعلي
رأسها المؤسسات القضائية والأمنية، ومكافحة الفساد المتفشي فيها، وإعادة هيكلتها، والقيام
بواجبها القانوني بكل نزاهة، مع التحقيق في القضايا المنظورة أمامها بشكل فعال
ومقاضاة مرتكبيها بصورة عاجلة تسمح بحصول كل صاحب حق علي حقه، وهو ما يساعد في
إزالة المدركات السلبية التي تكونت تجاه تلك المؤسسات في العقل الجمعي الشعبي، وهو
ما يؤدي إلي العودة للتحاكم أمامها والتخلي عن نظام العدالة الشعبية.
3-التصدي لمرتكبي ممارسات العدالة الشعبية، وعدم السماح
لهم بالإفلات من العقاب، وهو أحد العوامل المهمة في مكافحة هذه الظاهرة، حيث أن
الشخص عندما يعلم أنه سوف يخضع للعقاب عند انتهاكه لتشريعات وقوانين الدولة لن
يقدم علي ارتكاب تلك الممارسات الخاطئة.
4-إصدار تشريعات قانونية وطنية داخل كل دولة أفريقية
تتعلق بتجريم ظاهرة العدالة الشعبية، أو إضافة نصوص قانونية في قوانين العقوبات
الوطنية تجرم هذه الظاهرة، كما يمكن عمل بروتوكولات من قبل الإتحاد الأفريقي، والمنظمات
الدولية الإقليمية تنص علي تجريم تلك الظاهرة، وتضع أدوات تشريعية، وتنفيذية، ومجتمعية
للحد منها والقضاء عليها.
5-إنشاء مرصد وطني، وآخر إقليمي، وثالث قاري، لتتبع
عمليات العدالة الشعبية داخل كل دولة، من أجل متابعتها بصورة قانونية، من أجل
تحقيق العدالة لطرفي النزاع، ومعاقبة منتهكي القوانين الوطنية، وعدم السماح لهم
بالإفلات من العقاب.
6-إدراج مقررات علمية في المراحل الدراسية المختلفة
للتوعوية من هذه الظاهرة وآثارها السلبية.
7-تنظيم برامج توعوية في المؤسسات الإعلامية كالإذاعة
والتلفزيون، وكذلك في المؤسسات الثقافية من أجل توعية الشعوب بأهمية احترام
القانون واللجوء إلي المؤسسات الرسمية والتقاضي أمامها، والتخلي عن ممارسات
العدالة الشعبية، مع بيان أنها صورة غير شرعية للعقاب.
8-استهداف المناطق المترسخ فيها تلك الممارسات بحملات
توعية جماهيرية، ومنتديات شعبية عامة، من أجل الوصول إليهم عن قرب لوضع حد لهذه
الظاهرة، مع إشراك مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، والأحزاب السياسية في
حضور تلك الحملات، وكذلك إشراك الزعامات التقليدية، والسلطات القبلية لما لها من
مكانة في إقناع السكان بترك هذه الممارسات.
9-نشر ثقافة الحوار والدعوة إليها، وبيان خطر العنف
الفردي والجماعي، والدعوة للتحاكم إلي العقل، والتعايش السلمي، وقبول ثقافة اللجوء
إلي القانون، والقبول بأحكامه، ورفض الظلم، والقبول بأن العقوبة يجب أن تتوافق مع
قدر الجرم الواقع، دون مبالغة فيها.
10-استخدام الخطاب الديني لمكافحة هذه الظاهرة، حيث أن المؤسسات الدينية لها دور كبير في الحد من هذه الظاهرة ، من خلال بيان الظلم الذي يقع علي المتهم بناء علي تطبيق ذلك النظام في كثير من الأحيان دون مبرر، مع بيان أن الإنسان من طبعه الخطأ، لكن باب التوبة والعفو مفتوح له من قبل الخالق، وهو ما ينبغي أن يرقق القلوب من أجل احترام الإنسانية، وعدم مجاوزة الحد في العقاب، والتمسك بقواعد الرحمة.
الهوامش
1)
"La
lutte contre la « justice populaire » au Cambodge "،
at: https://www.ohchr.org/fr/stories/2019/10/fight-against-popular-justice-cambodia، 4/10/2019.
2)
Christian Alain Djoko ; " La
justice populaire en Afrique: l’envers du décor"،
at: https://www.wathi.org/laboratoire/tribune/justice-populaire-afrique-lenvers-decor،
17/7/2017.
3)
"REGAIN DE LA
VINDICTE POPULAIRE AU BÉNIN: Les populations ne croient plus à la justice
étatique?"، at:
https://daabaaru.bj/regain-de-la-vindicte-populaire-au-benin-les-populations-ne-croient-plus-a-la-justice-etatique/ ،20 /2/2022.
4)
Theresa Krinninger
; "Mob justice in Africa: Why people take the law into their own
hands"، at:
https://www.dw.com/en/mob-justice-in-africa-why-people-take-the-law-into-their-own-hands/a، 5/5/2016.
5)
"Les
accusations de sorcellerie perpétuent l'oppression des femmes en Afrique
subsaharienne"، at:
https://www.mediaterre.org/rsdd/exportactu،20150601101633،11.html،
6)
"RDC: les
meurtres de femmes accusées de sorcellerie se multiplient au Sud-Kivu"، at:
7)
Judith Verweijen
;" Between ‘Justice’ and ‘Injustice’: Justice Populaire in the Eastern DR
Congo"، at:
8)
"Vindicte
populaire à Madagascar"، at:
https://www.zinfos974.com/Vindicte-populaire-a-Madagascar_a107290.html، 7/11/2016.
9)
La « justice »
populaire au Burundi: Complicité des autorités et impunité،
at:
10) Carole KOUASSI ; "Indignation au Ghana après le
lynchage d'un officier de l'armée "، at:
https://fr.africanews.com/2017/05/30/indignation-au-ghana-apres-le-lynchage-d-un-officier-de-l-armee، 30/5/2017.
11)
"Guinée: longtemps tolérée،
la justice populaire fait désormais l'objet de critiques"،
at:
12) Charly Hessoun ;" Burkina Faso: l’artiste Adja
Divine rouée de coups par une foule en furie"،
at:
https://lanouvelletribune.info/2017/05/burkina-adja-divine-rouee-de-coups
26/5/2017.
13) "Vindicte populaire au Togo: «les citoyens n’ont
pas confiance en leur justice"، at:
14)
"Nigeria: un jeune voleur frappé
et brûlé vif par la foule à Lagos"، at:
15) EAN LOUIS VERDIER ; " Le recours à la justice
populaire au Sénégal: une solution dangereuse "،
at:
http://www.dakar-echo.com/le-recours-a-la-justice-populaire-au-senegal-une-solution-dangereuse، 1/6/2022.
16) JUSTICE POPULAIRE AU MALI: LE SYNDROME DE L’« ARTICLE
320 » GAGNE DE NOUVEAU LES RUES DE BAMAKO، at:
17) "Recours à la vindicte populaire: Pourquoi les Béninois
se font-ils justice ?"، at:
https://www.fraternitebj.info/societe/article/recours-a-la-vindicte-populaire، 24/6/2016.
18)
" RDC:
justice populaire dans le Sud-Kivu،
une recrudescence de cas qui inquiète "، at:
https://www.rfi.fr/fr/m%C3%A9dias-partenaires/20220427-justice-populaire-sud-kivu-rdc، 27/4/2022.
19)
"Scène barbare de "justice
populaire" au Cameroun "، at:
https://observers.france24.com/fr/20130702-scene-barbare-justice-populaire-cameroun-douala،
3/7/2013.
20) Jackson Bahati ; "Cibitoke: six personnes tuées à
moins de deux semaines suite à la sorcellerie"،
at:
21) "La justice populaire est encore monnaie courante
en Centrafrique"، at:
https://www.voaafrique.com/a/la-justice-de-rue-est-encore-monnaie-courante-en-centrafrique/3475205.html، 22/8/2016.
22)
Naty ABOGHO ;" GABON: La justice
populaire vaut - elle la peine ?"، at:
http://gabonews.com/fr/actus/libre-propos/article/gabon-la-justice-populaire-vaut-elle-la-peine،
15/1/2020.
23) Laurence Caramel ; " Growing insecurity in
Madagascar is leading to a rise in mob justice "،
at:
24) "Lynchages. Une chasse aux sorcières indigne le
Kenya "، at:
https://www.courrierinternational.com/revue-de-presse/lynchages-une-chasse-aux-sorcieres-indigne-le-kenya، 27/10/2021.
25) Sam Stewart Mutabazi ; Mob Justice in Uganda:Lack of
Faith in the Judicial Process: Communities taking the Law in their hands، at:
https://www.amazon.com/Mob-Justice-Uganda-Judicial-Communities/dp/3846592587، 28/3/2012.
26) "Afrique du Sud: justice populaire dans un
township، 6 morts"،
at:
27) "Malawi: sept personnes soupçonnées de
sorcellerie brûlées vives par la foule"، at:
https://www.voaafrique.com/a/malawi-sept-personnes-soupconnees-sorcelleries-brulees-vives-foule، 2/3/2016.
28) "43 personnes mortes en Zambie suite à une vague
de justice populaire "، at:
https://www.infosplusgabon.com/actualites/submenu-1/22426-2020-02-23-16-37-09، 23/2/2020.
29) " Justice populaire et vendetta: Vers un cycle de
règlement de compte à Dakar "، https://lequotidien.sn/justice-populaire-et-vendetta-vers-un-cycle-de-reglements-de-compte-a-dakar، 31/8/2022.
30)
"Burundi: HRW s’inquiète de la «
justice populaire » et des lynchages"، at: