المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى أيمن سعد حسن
مصطفى أيمن سعد حسن

تداعيات الأدوار الخارجية على التغييرات في النظام السياسي لدولة مالي خلال الفترة (2012-2020)

الخميس 31/أغسطس/2023 - 07:14 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

المستلخص:

       تُعتبر الأزمة في دولة مالي من أهم الأزمات التي تُشكل تهديداً للاستقرار في مالي، بل في المنطقة؛ حيث أنها تشكل بشكل أو بأخر تهديداً للأمن القومي في مالي، ولا نبالغ إذا اعتبرنا أنها مصدر لتهديد الأمن القومي الإفريقي، ونستخلص من الدراسة أن الدولة التي تعجز عن تطبيق القانون وفرض سيادتها بشكل كامل على أراضيها وعلى شعبها وعلى مواردها تصبح أرض خصبة وبيئة جيدة لنشأة الأفكار المتطرفة التي تنفذ من خلال جماعات إرهابية كل أهدفها من دمار وخراب.

       ونتيجة لهذا التهديد من الصعب أن تسكت الدولة عن هذا الخطر القائم، فإذا لم تستطع أن تتعامل مع الأمر تحت نظر المجتمع الدولي ومجلس الأمن فلا يوجد سوى التدخل الخارجي حتى لو بالقوة العسكرية (التدخل الفرنسي)؛ حفاظاً على السلم والأمن الدوليين، وحفاظاً على مصالح الدول الكبرى مثل فرنسا، حتى لو أدعت أنها تتدخل من أجل القضاء على الاستقرار في المنطقة لعدم المساس بالمصالح الفرنسية، ثم بعد انسحاب فرنسا تابعتها الدول الأخرى (روسيا كافغنر، الصين، أمريكا).

       وبسبب كثرة التدخلات الخارجية الدولية لزيادة نفوذها في أفريقيا وأيضاً لحل المشاكل في الدولة الأفريقية (مالي)، وكان من أسباب تواجد الجماعات الإرهابية في المناطق النامية هو أن النظام الديكتاتوري الذي يميز بين الشعب وبعضه، وجعل الإرهابيين تحاربه وتعمل على سقوطه مهما كلفها الأمر.

مقدمة:

       تعتبر قارة أفريقيا إرث الاستعمار الذي قام بتقسيمها كما شاء هو وفقاً لمصالحه الخاصة، وهو الأمر الذي أدى إلى إثارة العديد من المشكلات الحدودية بين الدول الأفريقية فيما بعد، لتكون إحدى أهم المشكلات الاي تملئ بها أفريقيا، فهى قارة شديدة التنوع سواء من ناحية الطبيعة أو الأجناس والعرقيات والأديان.

      بدأ تاريخ أفريقيا الحديث 1800م، وقبل ذلك التاريخ كانت أفريقيا بمثابة منطقة مجهولة بالنسبة للعالم خاصة في وسط أفريقيا، فحتى وقت حملات الاستكشافات الجغرافية وصكوك الملكية كانت الدول الكبرى في ذلك الوقت تقديم مواقع تمركزها على حواف القارة، من أجل فقط توفير الإمدادات للرحلات التجارية التي تسير حول القارة، أما داخل أفريقيا فقد استمر مجهول لفترة طويلة.

     وكان التقسيم الاجتماعي في أفريقيا كان يقوم على فكرة القبلية، والقبيلة تعني "تلك الوحدة السياسية المستقلة الأقدم، والهيكل والتنظيم الاجتماعي المتماسك الذي يقوم غالباً على فكرة الانتماء لجد مشترك حقيقي أو وهمي، ولها مجموعة من الأعراف والقواعد الداخلية المنظمة لها1، واستمر نظام القبيلة هوالنظام السائد والأكثر انتشاراً في أفريقياوهو بمثابة الدولة، وكانت هذه القبائل تقسم على اعتبارات مختلفة إما لأنهم من أصل واحد، أو يتحدثون نفس اللغة أو لهم نفس المعتقدات، وكل قبيلةلها رئيس أو شيخ يتولى شئون القبيلة.

     إذاً الطابع السائد في أفريقيا هو طابع انقسامي، منقسمين إلى شمال وجنوب الصحراء، ثم جاء الاستعمار وقسمهم إلى دول قومية بالمعنى الحديث دون مراعاة لوجود القبائل وتوزيعاتهم المكانية؛ مما زاد من الطابع الإنقسامي، حيث أصبحت الدولة الواحدة تضم عدد من القبائل، وهو الأمر الذي ولد الكثير من الصراعات فيما بعد.

      بعد استقلال الدول الأفريقية عن الاستعمار أخذت كل دولة تسعى إلى بناء نفسها على أسس سياسية واقتصادية سليمة، إلا أن التجربة باءت بالفشل في كثير من هذه الدول لأسباب مختلفة، من أهمها سيطرة النظم الديكتاتورية على السلطة، فوجدت هذه الدول أنها خرجت من سيطرة الاستعمار إلى سيطرة الحكم الديكتاتوري، كما هو موجود في دولة مالي والذي بسبب هذه الديكتاتورية ظهرت الجماعات الإرهابية التي تتصارع مع الحكومة في مالي إما الإنفصال عنها، أو الإندماج الكامل في المجتمع والحصول على كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاقتصادية، إما الاستمرار في الأهمال الإرهابية لزعزعة الاستقرار الأمني في الدولة، ونظر المجتمع الدولي لها على أنها دولة ضعيفة وهشة وغير قادرة على حماية نفسها وشعبها من الإرهاب.

       وكانت دولة مالي واحدة من الدول الأفريقية التيعانت من الصراع الطائفي والعرقي، بالإضافة إلى الجماعات الإرهابية، فمالي دولة تقع غرب أفريقيا ويحدها موريتانيا والجزائر والنيجر وساحل العاج والسنغال وغينيا، ومالي تنقسم إلى عدة جماعات أهمها الماندينغ أو الماندي والصنغاي والفولاني وغيرها، أي أن مالي تتسم بتنوع عرقي وجنسي كبير.

      وتُعتبر مالي من الدول الغنية بالثروات الطبيعية، وهذه الأهمية الجيوبولوتكية هى التي زادت من حدة تنافس القوى الغربية عليها، حيث أن فرنسا تعتبرها منطقة نفوذ حيوي لها، باعتبارها مستعمرة سابقة لها، هذا بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي فهى تحاذي العديد من الدول التي تملئ بالثروات المعدنية، وعلى ضوء ما حدث في مالي والأزمات الأخيرة وما تبعها من مختلف الجهود الإقليمية والدولية.

      فقد كان واضحاً حرص فرنسا وبعض الدول داخل النظام الدولي على تضخيم ما حدث في مالي، وأنه لابد لفرنسا التدخل لإعادة سيطرة النظام الحاكم في مالي واستعادة السيادة على أراضيها، إلا أن الواقع بشير إلى أن دوافع فرنسا هى الإبقاء على مصالحها، والسعي للحصول على مكانة دولية أكبر؛ مما كانت عليه خلال الفترة الاستعمارية.

المشكلة البحثية:

      تكمن المشكلة البحثية في أن يثير العامل الخارجي وضعف البنية للنظام السياسي في دولة مالي، ووجود أضطرابات وصراعات بين النخبة السياسية وعدم الاستقرار السياسي مشكلات عميقة في هذا النظام؛ مما يستتبع بالضرورة الرغبة في إعادة إصلاح هذا النظام، حيث تتمحور المشكلة الدراسة إلى أي مدى يؤثر العامل الخارجي في التغييرات السياسية في النظام المالي؟، وكيفية تعامل الدولة مع هذه المشكلات؟، ويتفرع من هذا التساؤل الرئيسي عدة تساؤلات فرعية التي يستوجب على الباحث الإجابة عنها من خلال الفصول والمباحث المتناولة لموضوع الدراسة.

التساؤلات الفرعية:

1.     ما هى التحديات التي تواجه النظام السياسي في دولة مالي؟

2.     كيف كان دور المنظمات والدول الإقليمية في حل الأزمة وما معضلة الإرهاب والجريمة في مالي؟

3.     ما هي استراتيجيات مواجهة التهديدات الإرهابية في شمال مالي؟

4.     ما هى استرتيجيات وسيناريوهات حل الأزمة في مالي للوصول إلى الاستقرار السياسي؟

 

أهداف الدراسة:

·      معرفة النظام السياسي في دولة مالي.

·      بحث ودراسة الأزمة في مالي وتقديم سيناريوهات وإقتراحات لحل الأزمة.

·      توضيح العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على عملية التغيير السياسي داخل دولة مالي.

·      إثبات إن الدور الذي تقوم به العوامل الخارجية يحدث تأثير على التغيير السياسي في دولة مالي.

·      دراسة أثر الدور الفرنسي على الأزمة في مالي.

أهمية الدراسة:

 لكل دراسة أهمية خاصة بها، لأن أهمية الدراسة تأتي من الموضوع نفسه ومن أهمية2، حيث تجلت هذه الأهمية واضحة في تقديم الدراسة، وتنقسم الأهمية إلى قسمين: الأول أهمية علمية (نظرية)، والثاني أهمية عملية (تطبيقية):-

·      الأهمية النظرية:

1.     تزويد المكتبات العربية بمعلومات مهمة حول النظام السياسي في مالي وخاصة في ظل ندرة الدراسات لها الموضوع.

2.     توضيح تفاصيل أكثر وكشف الكثير من الحقائق حول طبيعة العلاقة بين دولة مالي، وكيفية تعامل نظامها السياسي مع الأزمات.

3.     لفت النظر إلى الكثير من المفاهيم التي قدتبدو متداخلة فيما بينها مثل الإرهاب والجريمة المنظمة.

4.     تقديم موقف ووجهة نظر الدول المجاورة في كيفية حل الأزمة في مالي، حيث أنها ذات

5.     تأثير على أمنهم القومي بطبيعة الحال.

·      الأهمية التطبيقية:

1.     تقدم الدراسة استراتيجيات لكل من الأطراف الدولية التي تساعد في حل الأزمة في مالي للوصول إلى الاستقرار السياسي.

2.     ستقدم الدراسة توصيات ونتائج تم التوصل إليها لمساعدة متخذي القرار في الشأن المالي.

3.     المساهمة في رفع وعي الفكر لدى الشعوب في المنطقة عن المخاطر المحيطة بهم.

حدود الدراسة:

·      الإطار المكاني: المجال الجغرافي في الدراسة يمكن تحديده في دولة مالي بإعتبارها محور الدراسة بالإضافة إلى بعض البلدان الأخرى، حيث تمتد جذور الجماعات المسلحة في مالي إلى الدول المجاورة كالجزائر والنيجر والسنغال وموريتانيا، وانتقلت إليها من الشمال بالأساس، كما أن أعمال العنف في مالي لا تقتصر عليها فقط بل تمتد أثارة إلى دول الجوار بالإضافة إلى الدول التي أثرت في دولة مالي وكان أبرزها التدخل الفرنسي لمواجهة محاولة السيطرة الأمريكية.

·      الإطار الزماني: تركز الدراسة على الفترة ما بين (2012-2020) وهى الفترة التي حدثت فيها الأزمة المالية بين الأجزاء الشمالية والجنوبية في مالي من أجل الحصول على الاستقلال أو إعطاء حكم ذاتي لشمال مالي، وبعدها حدث التدخل الفرنسي في الأزمة المالية، وكانت فرنسا صاحبة الدور الرئيسي في نقل أزمة مالي لتُناقش دولياً.

الدراسات السابقة:

·      الدراسات السايقة باللغة العربية:

1.     دراسة (إبراهيم، عبدالله عبدالرزاق)، بعنوان "دراسات في تاريخ غرب أفريقيا الحديث والمعاصر"، مكتبة فلسطين للكتب المصورة، القاهرة، 1998م3.

        يتناول هذا الكتاب تاريخ القارة الأفريقية، وانتشار الإسلام في غرب أفريقيا ومشكلة الرق والعبودية، والجهود المبذولة من أجل القضاء عليها، ووجود الاستعمار ونظم الحكم في أفريقيا ونشاط الدول الأوروبية فيها، كما تناول مؤتمر برلين والأوضاع الدولية التي كانت تسود في أفريقيا قبل انعقاد هذا المؤتمر، والظروف والعوامل التي أدت إلى انعقاده وأثاره على أفريقيا بعد انعقاده، وقد توصل الكتاب لعدة نتائج من أهمها أن النظام يتغير من دولة لأخرى ويختلف النظام الواحد في نفس الدولة بناءاً على الأحوال والظروف التي مرت بها كل دولة، وأن الاستعمار الفرنسي لأفريقيا قد قام على أساس تحطيم الزعامات القومية، ورسم السياسة بنفسه وقام بانتزاع السلطات والنفوذ من الزعامات القومية.

2.     دراسة (أوليفر، رونالد)، بعنوان "أفريقيا عام 1800م"، ترجمة: فريد جورج، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2005م)4.

      يُناقش هذا الكتاب تاريخ القارة الإفريقية منذ مطلع القرن التاسع عشر، ويستمر حتى عام 2003م، فيعالج هذا الكتاب عدة مشكلات في أفريقيا وأيضاً المشكلات التي مازالت مستمرة مثل: الأزمة في دارفور وغيرها من المشكلات التي واجهتها القارة الإفريقية، والصراعات التي تحدث في أفريقيا والأمراض التي تجتاح القارة، كما ناقش الدول الأجنبية التي تحارب من أجل السيطرة والهيمنة على دول القارة للاستيلاء على مواردها النادرة، كما ناقش هذا الكتاب مسألة انفتاح أفريقيا على الغرب، والاستعمار وتأثيره على البعثات التبشيرية الميسيحية، كما يناقش أحوال أفريقيا بين الحربين، حيث يُعد هذا الكتاب شاملاً لكافة الدول الإفريقية.

3.     دراسة (حسن، حمدي عبدالرحمن)، بعنوان"الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية، النظم الإفريقية نموذجاً"، المركز العلمي للدراسات السياسية، جامعة القاهرة، (2009)5.

      يهتم هذا الكتاب بمناقشة الأطر للنظرية لدراسة النظم السياسية في أفريقيابشكل عام والقضايا الأساسية التي تواجههذا النظام، كما يُناقش مرحلة الاستقلال السياسي بكافة مراحلها بداية من مرحلة سنوات تصفية الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطني وحتى المرحلة الثانية التي تمتد في منتصف الستينيات وحتى أواخر الثمانينات، والتي تم التخلص فيها من التعددية الليبرالية، والتحول نحو تبني نظام حزب واحد.

4.     دراسة (شاكر، محمود)، بعنوان "مالي"، المكتب الإسلامي، ط2، 1986م 6.

     يتناول هذا الكتاب دولة مالي كونها جزءاً لايتجزأ من أفريقيا، كما يُناقشالاستعمار ودوره في وضع حدود تفصل بين المناطق، ولكن هذا الكتاب يؤكد أن الاستعمار لم يستطيع القطع بين العقيدة التي الفت بينهم، فكانت أمة واحدة وأهالي مالي جزء منها، فهذا الكتاب يدرس مالي من كافة الجوانب الجغرافية والتاريخية والسكان.

5.     دراسة بعنوان "مالي عودة الاستعمار القديم"، منتدى العلاقات العربية الدولية، ط1، (2014)7.

    يُناقش هذا الكتاب تصوراً لمجموعة من الباحثين حول أزمة مالي، حيث ينافش الأزمة من كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يرجع الأزمة إلى بداية نشأتها وتأثير الاستعمار الفرنسي على خلق هذه الأزمة وتأثيرها أيضاً على دول الجوار، كما ركز على أزمة إقليم الأزاواد.

6.     دراسة (كانتي، مادي إبراهيم)، بعنوان "التحول الديمقراطي في جمهورية مالي"، المكتب العربي للمعارف، ط1، 1991م 8.

    يتناول هذا الكتاب الأوضاع السياسية في مالي والأزمة التي مرت بها، فقد اهتمت الدراسة برصد وتحليل الأوضاع في القارة الإفريقية وخاصة دولة مالي؛ لدراسة التحول الديمقراطي بها وانعدم الاستقرار الأمني بها، وبروز بعض الظواهر بها مثل: الإرهاب، كما توصلت الدراسىة لعدة نتائج من أهمها أن مالي مازالت مستمرة في عملية التحول الديمقراطي عن طريق اعتمادها على التداول السلمي للسلطة، وأن تدخل الجيش ليس بغرض الاستيلاء على السلطة وإما ليساعد على استقرار الأوضاع في مالي.

7.     دراسة (موسى، عايدة العزب)، بعنوان "جذور العنف في الغرب الإفريقي (مالي ونيجيريا)"، دار البشير للنشر والتوزيع، ط1، مصر 9.

     ركزت الدراسة على الاستعمار الأوروبي وخاصة الفرنسي في غرب أفريقيا، وحركات التحرر الوطني والمقاومة الوطنية الإفريقية، كما يركز على الحركات الشعبية ودوافعها في دولتي مالي ونيجيريا، كما ركزت على الجماعات الإرهابية المنتشرة في مالي والتي ظهرت بدايتها في الجزائر.

8.     دراسة (عائشة، محمد الأمين)، بعنوان "الدبلوماسية الجزائرية والمعضلة الأمنية في مالي"، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، المركز العربي الإفريقي 10.

      تناولت هذه الدراسة القارة الأفريقية وأزماتها وما هى فيه من صراعات وتجاذبات لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، والقوى الكبرى الأخرى في العالم التي تتصارع للسيطرة على القارة الإفريقية، ومحاولة كل قوى كبرى من تطبيق المشاريع الاستراتيجية الخاصة بها للاستيلاء على الثروة ومناطق النفوذ في أفريقيا، وتركز الدراسة على الجزائز وعلاقاتها بحركات التمرد التي نشأت في في شمال مالي والنيجروتأثيرهاعلى الاستقرار السياسي والأمني.

9.     دراسة (أحمد، دولاي)، بعنوان "الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء وأثره على الجزائر"، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الدكتور مولاي الطاهر، 2015م 11.

    تُناقش هذه الدراسة الأزمة في منطقة الساحل كونها واحدة من المناطق الطبيعية، وكون الدول الأفريقية من أكثر دول العالم التي تعاني من غياب الأمن، كما تُناقش الدراسة فترة الاستعمار الأوروبي وسيطرته على القارة الأفريقية، والأزمات التي خلقتها تلك الفترة، وأيضاً المشاكل المستحدثة مثل: أزمات التنمية والصراعات الداخلية والأوضاع السياسية الأمنية المتدهورة.

·      الدراسات السابقة باللغات الأجنبية:

- Naffet Keita, "Agreement for peace And Reconciliation In Mali resulting from The Algiers process Between  Euphoria And Scepticism; tarces of peace", the friedrich-ebert-stiftung( FES), 2018 12.

      تبدأ الدراسة بمقدمة عن الموضوع والحكومة في مالي، وتوجه الإشارة إلى الإتفاقيات التي تم الإتفاق عليها بين الحكومة وبين الجماعات المسلحة، وتوضح انتقال وانتشار الأزمة بين الشمال والمنطقة الوسطى حسب تعبير الدراسة، وتوضح الدراسة الهدف الرئيسي لها وهو إثبات الإمكانات الحقيقية للتغير في تنفيذ إتفاق السلام، ثم تختم الدراسة بتقديم بعض التوصيات.

- Marina caparini , "The Mali crisis and responses by regional actors", Norwegian institute of international affairs, 2015 13.     

       اشتملت الدراسة التي قدمتها الباحثة مارينا كابريني على العديد من المحاور، من أهم المحاور التي اشتملت عليها هذه الدراسة هى تمرد الطوارق والتطرف من قبل الجماعات الإسلامية، وتطرقت إلى تأثير هذه الجماعات، وهذه الأفكار، وتطرقت إلى بداية الأزمة إلى العام 2012م، كما انتقلت الدراسة إلى محور كيفية تعامل الدول الإقليمية والدول الأخرى، والقت الضوء على الدور الفرنسي في الأزمة.

- Christian josz, "Achieving strong and inclusine growth with macroeconomic stability (Mali)", Washington, international monetary fund, 2013 14.

      تركز هذه الدراسة على الاستقرار الخارجي للاقتصاد المالي، ومحاولة تقييمه مع التركيز على معايير السعر وعدم السعر، وتحقيق النمو الشامل في مالي واَلية تسوية سعر البترول المحلي، واستفرار القطاع المالي بشكل عام وتنميته، كما تؤكد الدراسة على أن سعر الصرف الحقيقي لدولة ما يتماشى بشكل عام مع الأساسيات، وأن أداء الصادرات كان مستقراً ولكن بسبب الاعتماد المفرط على الذهب وتنويع الصادرات؛ أدى ذلك إلى إنخفاض مؤشرات القدرة التنافسية التي أطلقها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي، مما يشير إلى أن الاقتصاد المالي يواجه معوقات هيكلية  ومؤسسية كبيرة من شأنها الـتأثير على الوضع الأمني والسياسي لها.

- "Inter agency expert group meeting on implementation of the third united nation decade for the eradication of poverty (2018-2027) in Mali"15.

      لقد أهتمت هذه الدراسة بالإتجاهات السائدة في دولة مالي والسياقات القطرية والفقر وعدم المساواة وتدابير الحماية الاجتماعية، كما توضح هذه الدراسة الظروف التي تمر بها الدولة من استمرار الأزمة المالية وعدم الاستقرار السياسي وتعرض البلاد للصدمات الاقتصادية والبيئية، كما توضح معاناة الغالبية العظمى من الماليين من ظروف معيشية سيئة؛ مما سيؤدي إلى الضرر بتكوين رأس المال البشري ونمو إنتاجية الاقتصاد على المدى المتوسط إلى الطويل، كما أوضحت هذه الدراسة إنه يجب على حكومة مالي أن تركز جهودها بتنفيذها عقد الأمم لأجندة القضاء على الفقر وأنه لابد من وجود معالجة سريعة للأزمة الأمنية والسياسية الحالية لخلق ظروف مواتية للنمو الاقتصاد، وتطوير برنامج حماية اجتماعية أكثر تكاملاً واستيعابه للفئات الأكثر ضعفاً، كما أكدت هذه الدراسة على أن تلك الإجراءات المقترحة سوف تتطلب تمويلاً متزايداً سيتجاوز قدرة الحكومة المالية.

الإطار المفاهيمي:

مصطلحات الدراسة:

الدور:

      يُعرفه كاتز وكاهن الدور: "بأنه إطار معياري للسيلوك يطالب به الفرد نتيجة إشتراكه في علاقة وظيفية بصرف النظر عن رغباته الخاصة والإلتزامات الداخلية الخاصة البعيدة عن هذهالعلاقة الوظيفية، ويتحدد محتوى الدور بمتطلبات الواجبات الوظيفية والنظام الهرمي، وتتميز الأدوار بأنه يمكن تعلمها وتعليمها سواء عن طريق الملاجظة والتقليد والمحاكاه ويكون أداء الدور بطريقة تلقائية ذاتية.

التدخل الخارجي:

     يعكس التدخل الخارجي بشكل عام علاقات القوة بين الدول، ويوضح من هم الفاعلين الدوليين على الساحة الدولية، فالدولة القوية هى التي توظف إمكاناتها وتجعلها على أتم الاستعداد في حال تعرضت أيا من مصالحها أو مصالح حلفائها للخطر.

    ويُعرفه جوزيف ناي التدخل الخارجي بأنه: "تلك الممارسات الخارجية التي تؤثر في الشؤون الداخلية لدولة أخرى ذات سيادة16".

التدخل الإقليمي:

    التدخل الإقليمي يكون من الوحدة الدولية التي تمتلك كلا من القوة والقدرة على التأثير داخل حدود إقليمياً، فهى مشابهة للقوى الكبرى داخل النظام الدولي، ولكن فقط على مستوى الإقليم التابعة له17.

مكافحة الإرهاب:

   هو تلك الأنشطة والتقنيات والاستراتيجيات التي تستخدمها الحكومات عبر مؤسسات الأمن والدفاع لمواجهة الإرهاب عسكرياً وهوالإجراء السريع، أو اصطلاحياً من خلال حزمة إجراءات اقتصادية منها ما يتعلق بالتنمية والقضاء على البطالة، أو فكرياً من خلال التوعية والمناصحة، وكلها خطوات تعتبر الأسس المتينة لمعالجة حقيقية للإرهاب ومسبباته، وبالتوازي مع هذه الاستراتيجيات، هناك بعض النظريات التي تدعم بدورها فكرة اتباع سياسات كبح الإرهاب في موطنه قبل ظهوره من خلال التشديد على أهمية السياسات الناجحة لفرص القانون وعدم ترك السلطة بمفهومها المؤسساتي الديمقراطي للفراغ18.

منهج الدراسة:

     يُقصد بالمناهج، "هى تلك الطرق العلمية المنهجية التي يتبعها الباحث في دراسة موضوع ما للوصول قانون عام، أو هى عمليات فنية لترتيب الأفكار بشكل مُمنهج ودقيق، حيث تؤدي إلى كشف أو فهم حقيقة، وإن المنهج يعتبر طريق الوصول إلى الدراسة العلمية الصحيحة، وإحدى الوسائل التي لايقوم البحث بدونها، ولقد استدعت الدراسة إلى استخدام أكثر من منهج، ونظراً لطبيعة الدراسة ولمعالجة موضوع الدراسة سيتم الاستعانة بالمناهج التالية:-

1. منهج الدور:

      تهتم هذه النظرية بدراسة سلوك الدول بوصفها "أدوار سياسية" تقوم بها على المسرح السياسي الدولي، وتوجه نظرية الدور في كثير من الأحياء الصورة المتشكلة في ذهنية النخب وصناع القرار، هذا بالإضافة إلى أن تشكيل الدور ناتج في الأساس عن نسق من العوامل والمحددات الموجهة لهذه النخب، وعلى رأسها الهوية الاجتماعية في الدول، والقيم السائدة بين أفرادها، وخصائصها القومية من الأيديولوجيا والتاريخ والقدرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ودراسة بنيتها وتركيبها السيكولوجي.

     وكل ذلك لأن الدور هو في الأساس "موقف واتجاه سياسي، ناتج عن منظار تتداخل في تشكيله جملة من المحددات الأساسية منها هوية المجتمع ووصفه السياسي والاجتماعي وبنيته والقيم السائدة فيه، ومدى استجابة الأدوار، لهذه البنية في تدعيم الاستقرار السياسي للمجتمع والدولة.

     ويعتبر تشكيل جوهر الدور العامل المحدد لمدى قدرة النخب في الدولة على توظيف قدراتها لتشكيل الدور وبناء إطاره وهيكله، وتعبر عن مدى نجاحها في إدراك دور دولتهم المتناسب مع تلك الإمكانيات، ولقد درس المفكرون السياسيون من أمثال:(جورج ميد/جوزيف مورينو) نظرية الدور من حيث ارتباطها بالطابع السلوكي والوظيفي التي تقوم بها الدول لحل مشكلاتها، كما قاموا بالإضافة العوامل النفسية التي تتحكم بصانع القرار السياسي، لذلك أناطوا في كثير من مقارباتهم تشكيل الدور بكونه جملة من المواقف والسلوكيات السياسية التي تتخذها النخب السياسية المسؤولة عن إدارة الدولة داخلياً وخارجياً، حيث تقود هذه القرارات الصادرة عن الصور المتشكلة في أذهان صناع القرار إلى رسم دور الدولة وتشكيله، بينما ذهب البعض الأخر إلى أن الدور موقف وطني وعليه فإن العِبرة منه هى نتائجه، أما المفكر (بروس بيدل) فيرى أن الدور يعتبر عن مجموعة من التصرفات والقرارات والسلوكيات الصادرة عن النخب السياسية والهيئات الرسمية في الدولة، والتي تحدد المواقف والمفاهيم الصادرة عنها عبر أداء الدور.

       كما تبرز أهمية تحديد قدرة الدولة على إدراك نتائج قيامها بدور ما أو جملة أدوار معينة، بحسب قدرتها على إدراك الدور وحساب نتائجه، والاستعداد للتعامل مع جميع الاحتمالات الناتجة عنه، ونتيجة لاستخدام نظرية الدور، فإنه أصبح بالإمكان توقع أدوار الدول، وذلك اعتماداً على تحليل المعطيات والبيانات حول المحددات المتوفرة لديها والتي تسمى مصادر الدور.

      ويمكن تطبيقه على هذه الدراسة من خلال إبراز ذلك من خلال دور الفاعليين الرئيسين في هذه الدراسة ومعرفة مدى فعاليتهم في سير الأحداث كإبراز لبعض أمثلة للتدخل الغربي في دولة مالي مثل فرنسا ومعرفة أدوار الدول في التغيير السياسي في دولة مالي أو حدوث اضطرابات أو مشكلات وغيرها، أو من خلال معرفة أثر أو دور العامل الخارجي على التغيير السياسي في دولة مالي وإبراز دوره.

 2. منهج تحليل النظم:

      يُعتبر من أكثر الأطر الفكرية استخداماً في دراسة النظام السياسي الداخلي والخارجي، بل أن هذه الأطر تدور في فلكه بدرجة أو أخرى من حيث تستخدم العديد من مفاهيمه، ومنهج تحليل النظم يقوم على مجموعة من المقولات ومنها أن مفهوم النظام هو وحدة التحليل والنظام هو التفاعل بين وحدات معينة، والنظام بهذا المعنى له تطبيقاته الكثيرة السياسية وغير السياسية، فالحياة السياسية تعتبر نظاماً للسلوك، وما دام التفاعل يحدث غلى أصعدة الدولة فليس عجيباً إن تتعدد النظم السياسية داخل نفس الدولة، فهناك النظام السياسيعلى المستوى القومي، وهناك النظام السياسي على مستوى المحلي، وكلاهما يضم نظم فرعية مثل: البرلمان والوزارة والقضاة، بل أن النظام الفرعي الواحد قد يضم نظمت فرعية أخرى، فالبرلمان مثلاً يشتمل على عدداً من اللجان.

      وأيضاً من مقولات منهج تحليل النظم، أن النظام السياسي باعتباره شبكة من التفاعلات السياسية، فإنه لا يحيا في فراغ، حيث أنه يعيش في بيئة أو محيط مادي وغير مادي يتفاعل معه أخذاً وعطاءاً، أي يؤثر فيه ويتأثر به على أن التفاعل لا يتعارض مع مقوله إن للنظام حدوداً أي نقاط تصويرية تعين من أي يبدأ ومن أين ينتهي، ويقول هذا المنهج أن التفاعل سواء فيما بين الوحدات المكونة للنظام أو بين النظام ومحيطه يصل إلى درجة الاعتماد المتبادل، بمعنى أن أفعال وحده واحدة ما تؤثر على باقي الوحدات، كما أن التغير في البيئة يؤثر على النظام، وإن أفعال النظام تؤثر في البيئة، كما أن المثل الأعلى أو الغاية النهائية لأي نظام هى البقاء والاستمرار، فالنظام السياسي على أي مستوى يصل على النحو الذي يضمن استمراره.

منهج التحليل عند ديفيد إيستون:-

     لقد عرف (ديفيد إيستون) النظام السياسي "بأنه التفاعلات التي تتعلق بالتخصص السلطوي للقيم في المجتمع، أي من خلال توزيع الموارد بموجب قرارات ينصاع لها الأفراد، وقدم إطاراً لتحليل النظام السياسييرى فيه دائرة متكاملة ذات الطابع الديناميكي تبدأ بالمدخلات، وتنتهي مع قيام عملية التغذية الاسترجاعية.

     وتشير المدخلات إلى تأثير البيئة على النظام، وتنقسم إلى المطالب السائدة، ويُقصد بالمطالب ماتريده البيئة من النظام بحيث يتعين عليه في سبيل الحصول على وجوده أن يستقبل المطلب ويستجيب له بشكل مرضي من وجهة نظر أصحابه، وفي نفس الوقت تقدم إلى النظام تأييداً مادياً ومعنوياً يساعده على الاستجابه للنظام، ويُقصد بالمخرجات تأثير النظام على البيئة، وهى بمثابة القرارات والسياسات التي يأخذها النظام لمواجهة المطالب، أما التغذية العكسية فهى عملية تدفق المعلومات إلى النظام عن نتائج أفعاله، أي نتائجقراراته وسياساته، وهذه النتائج تولد مدخلات جيدة في صورة مطلب أو تأييد، وتكفل التغذية للنظام نوعاً من الدينامية والحركية.

     ويتم استخدام منهج تحليل النظم في هذه الدراسة من خلال تحليل نظام الوحدة الدولية محل اهتمام الدراسة، ويتم تطبيقه على الدراسة من خلال نظام المدخلات والمخرجات الذي استخدمه ديفيد إيستون، فالمدخلات تشير إلى تأثيرات العوامل الخارجية على النظام، أما المخرجات فتتمثل في حدوث التغيير السياسي داخل دولة مالي، ثم تحدث التغذية العكسية من خلال تدفق المعلومات إلى النظام، فمنهج تحليل النظم يركز على المدخلات والمخرجات والربط بين العلاقة بين المتغيرات والعناصر، فنقوم بتطبيقه من خلال معرفة أثر أو دور العامل الخارجي على عملية التغيير السياسي في دولة مالي.

تقسيم الدراسة:

الفصل الأول: النظام السياسي في مالي والأزمات الداخلية للدولة.

المبحث الأول: التعريف بالنظام السياسي لدولة مالي وطبيعة التدخلات السياسية وتأثيرها.

المبحث الثاني: طبيعة الأزمات الداخلية لدولة مالي، وإنعكاساتها على إدارة المؤسسات السياسية ومعضلة الإرهاب والجريمة.

الفصل الثاني: انتشار ومخاطر الجماعات الجهادية على الاستقرار السياسي، والتدخل الفرنسي في مالي.

المبحث الأول: انتشار الجهاديين في مالي نتيجة لعدم الاستقرار وأثره على إنشاء مليشيات جهادية.

المبحث الثاني: التدخل الفرنسي في فرنسا وكيفية الوصول إلى الاستقرار السياسي وحل الأزمة.

الفصل الثالث: استراتيجيات وسيناريوهات لحل الأزمة في مالي.

المبحث الأول:استراتيجيات إقليمية لحل الأزمة في مالي(لجنة قيادة الأركان المشتركة/ الإتحاد الإفريقي).

المبحث الثاني:استراتيجيات دولية لحل أزمة دولة مالي(الإتحاد الأوروبي/ الولايات المتحدة/ الأمم المتحدة).

الفصل الأول - النظام الساسي في دولة مالي والتدخلات الخارجية

لقد شكلت في الأزمة حلقة جديدة من حلقات الصراع الدائر في القسم الشمالي للبلاد، فمنذ استقلال دولة مالي عانت على غرار العديد من الدول الإفريقية من أزمات عرقية كانت في أغلب الأحيان أكثر دموية بين الأطراف المتصارعة المتمثلة في حكومة باماكو  والمتمردين والطوارق، ولقد كان شمال مالي طوال عقود منطقة صراع مسلح تخوضه حركات طوارقية مالية متمردة ضد الحكومة المركزية في البلاد، على خلفية مطالب سياسية أثينية بلغت حدود المشروع الإنفصالي، لكن الصراع تحول جذرياً في عام 2012م بإنخراط جماعات إسلامية مسلحة متطرفة فيه، ودخول فرنسا ومن ورائها القوى الغربية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى جانب الحكومة المالية مع بداية عام 2013م في حرب ضد هذه الجماعات الإسلامية التي سيطرت على شمال البلاد، وقد اجتمعت العديد من المتغيرات أدت في مجملها إلى إنفجار الوضع الداخلي لدولة مالي، وقد كشف الصراع على السلطة في جنوب وشمال مالي عن ضعف المجتمع المالي، والقوى المستحكمة المختلفة التي تؤثر فيه، وتعد أزمة الطوارق التي جاءت نتيجة تراكمات تاريخية واجتماعية كبيرة أخطر التهديدات و أكثرها حساسية على دولة مالي ودول الساحل الإفريقي.

المبحث الأول- التعريف بالنظام السياسي لدولة مالي وطبيعة التدخلات السياسية

أولاً: النظام السياسي لدولة مالي:

      جمهورية مالي هى دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا، تحدها الجزائر شمالاً والنيجر شرقاً وبوركينا فاسو وساحل العاج في الجنوب وغينيا من الغرب والجنوب، والسنغال وموريتانيا في الغرب، عاصمتها باماكو، تنقسم مالي إلى عشرة مناطق(غاو/ كايس/ كيدال/ موبتي/ كويليكسورو/ سيجو/ سيكاسو/ تومبكتو/ تادويني/ دى باماكو)19.

      نظام الحكم في دولة مالي ديمقراطي جمهورية بغرفة وبرلمان واحد والسلطة التنفيذية بين الرئيس وحكومته والسلطة التشريعية ممثلة في البرلمان الوطني أما السلطة القضائية فتشرف عليها المحكمة العليا، والنظام القانوني في مالي مستمد من النظام القانوني المدني الفرنسي بحكم المرجعية التاريخية كمستعمرة فرنسية استقلت سنة 1960م، والقانون العرفي وتجري مراجعة القوانين قضائياً في المحكمة الدستورية والتي تأسست رسمياً في مارس 1999م، هذا ولم تقبل جمهورية مالي السلطة الإلزامية لمحكمة العدل الدولية، وتضم جمهورية مالي العديد من الأحزاب مثل:(حزب التجمع من أجل الديمقراطية/ حزب من أجل التجدبد الوطني/ حزب التحالف من أجل مالي).

السلطة التنفيذية:

      تتكون من رئيس الدولة ورئيس الحكومة ومجلس الوزراء المُعين من قبل رئيس الوزراء، ويُنتخب رئيس الدولة مباشرة بالأغلبية المطلقة للأصوات الشعبية في جولتين  إذا لزم الأمر لمدة خمس سنوات(مؤهلة لفترة ولاية ثانية)، والإنتخابات الأخيرة أجريت في 29يوليو 2018م مع جولة الإعادة في 12 أغسطس 2018م، ورئيس الوزراء يُعين من قِبل الرئيس.

السلطة التشريعية:

     مجلس وطني ينتخب الأعضاء مباشرة في دوائر إنتخابية فردية ومعتدة المقاعد بأغلبية مطلقة في جولتين إذا لزم الأمر، 13 مقعداً مخصص للمواطنين الذين يعيشون في الخارج ويخدم الأعضاء فترة ولاية خمس سنوات.

السلطة القضائية:

      المحكمة العليا وتتألف من 19 عضواً منظمين في 3 دوائر مدنية ودائرة جنائية والمحكمة الدستورية تتكون من 9 أعضاء، ويتم تعيين أعضاء المحكمة العليا من قِبل وزارة العدل لمدة 5 سنوات20.

     يعرف النظام السياسي في مالي عدم الاستقرار، كونه كل مراحله غرفت إنقلابات عسكرية منذ استقلاتلها من فرنسا1960م، ويرجع ذلك إلى ضعف المشاركة في الإنتخابات وعدم فهم جزء كبير من السكان لأهميتها في إرساء نظام ديمقراطي عادل؛ مما يشكل تأثيراً سلبياً على استقرار البلاد، حيث شهدت مالي مالي انتقال السلطة بين خمسة رؤساء منذ الاستقلال أغلبها كان نتيجة إنقلابات عسكرية.

      إذاً شهدت الحياة السياسية في مالي صراعات وتناحرات على السلطة، فهى كغيرها من الدول الإفريقية تعتبر الإنقلابات العسكرية إحدى وسائل التحكيم المشروعة لفض النزاعات بين شريكين في الحكم؛ مما ينتج عنه اضطرابات  أمنية لا تخدم الطرفين، كما يمكن أن تعصف بمستقبل البلاد22.

التحديات الأمنية:

      أصبحت منطقة الساحل الإفريقي محط إهتمام القوى الإقليمية والدولية، حيث أن هذه المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي غرباً إلى البحر الأحمر شرقاً يمكن أن تشكل مكاناً للإرهابيين الفارين من الدول الأخرى، وهو ما مكن التنظيمات المتطرفة من الاستفادة من إنعدام الأمن فيها.

 

المبحث الثاني- طبيعة الأزمات الداخلية لدولة مالي، وإنعكاساتها على إدارة المؤسسات السياسية ومعضلة الإرهاب والجريمة

     لقد استغل الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة وضع عدم الاستقرار في دولة مالي، فالأزمة السياسية التي تمر بها الدولة وضعف سيطرتها فتح المجال أمام التنظيمات الجهادية وتنظيم القاعدة؛ لتوسيع وبسط نفوذها السياسي والعسكري في الدولة، ولابد هنا أن نشير إلى أنه يمكن فهم العلاقات الإقليمية بين الدول الإفريقية من خلال الاتحادات الإفريقية الأساسية وأهمها:-

منظمة الإيكواس:-

     تُعد أقوى منظمة في غرب أفريقيا، حيث قامت تلك المنظمة بتوحيد جوازات السفر لكل الدول الأعضاء(15) التي تضمهم، ذلك الأمر الذي سهل انتقال الأفراد بين دول غرب أفريقيا، فأصبح للمسافر نفس حقوق المواطن ووجود تسهيلات في الجمارك، كما توجد لديها صلاحية التدخل في أي صراع أو مشكلة في أي دولة من دول غرب أفريقيا دون إذن الدولة المباشر.

     فمنظمة غرب أفريقيا هى التي أدت إلى تسهيل انتشار التنظيمات الإرهابية والجرائم المنظمة وخاصة بعد تقديم تسهيلات انتقال الأفراد بين الدول بدون رقابة، ومرحلة مابعد الثورة وما حدث في ليبيا؛ أدى إلى زيادة أنشطة هذه التنظيمات، حيث تمكن أفراد مرتزقة تعمل بالجيش بعد سقوط النظام الليبي من الهروب بأسلحتهم ونقل أسلحة مختلفة؛ لتحقيق أهدافهم في مالي، وانتشار هذه التنظيمات الإرهابية؛ بسبب سوء أحوال المعيشة، وانتشار الجماعات التبشيرية بشكل كبير وسهولة تنقل الأفراد بين الدول.

     وتعتبر كلاً من حركة التوحيد والجهاد وتنظيم القاعدة من الجماعات على المستوى الإقليمي، بينما التنظيمات الأخرى فهى على المستوى المحلي، ومازالت البيئة صالجة لاستمرار توغل وتصاعد تلك الحركات الإرهابية، ونتيجة لنجاح هذه المنظمات الإرهابية في زعزعة استقرار مالي، فحاولت الحكومة مواجهة هذه التنظيمات عدة مرات ولكنها لم تنجح نتيجة لإتباعها طرق غير مناسبة؛ مما أدى لتفاقم هذه المشكلة.

     ولقد استفاد حلفاء الرئيس"توري" من هذا الفساد والمكاسب التي تم تحصيلها من العمليات الإرهابية، حيث يدل ذلك على وجود فساد وتواطئ المسئولين في مالي وبين الجماعات الإرهابية وتنظيم القاعدة وتجار المخدرات، وفي نفس الوقت تستغل القوى الغربية الأخرى وخاصة فرنسا وجود إنقلابات كثيرة داخل الدولة، والجماعات الإرهابية تتدخل بحجة مساعدة الدولة؛ لكي تستعيد سيطرتها وسيادتها على أراضيها،بحجة تمرد بعض الفصائل في شمال مالي؛ بسبب سقوط النظام الليبي وتحالفهم مع الحركات الدينية ومطالبتهم بالاستقلال ضد الحكومة.

     ولكن نجد أن الدافع الأساسي لفرنسا هو المحافظة على مصالحها وطموحها في عودة سيطرتها ونفوذها السابقة على مالي أثناء الاستعمار؛ بسبب ما تحتويه مالي من مواد أولية هامة وثروات طبيعية، وهذا ما جعلها مطمعاً للقوى الكبرى.

    وبسبب عدم مراعاة الاستعمار الفرنسي لخريطة توزيع الأقليات وقيامهم بالتقسيم العشوائي للحدود؛ قد أدى إلى خلق دول هشة وضعيفة ومصطنعة تحمل في طياتها عوامل الانقسام، ومثل هذه الجماعات(الطوارق)، وهذا ما دفهم للتفكير في الإنفصال عن الدولة وبناء دولة مستقلة، وكان هدف تلك الجماعات تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب ما كانت تعانية الدولة من أوضاع رديئة، وبعد عدة تمردات ونزاعات تم التوصل إلى عقد إتفاقية سلام بين الحكومة المالية برئاسة "أمادو توري" وممثلي هذه الحركة، ولكن عادت النزاعات والتمرد مرة أخرى بسبب مطلب الأزواد بفصل المناطق الشمالية عن الدولة.

معضلة الإرهاب والجريمة المنظمة في مالي:

      لقد انتهزت الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة الأزمة السياسية في الدولة المالية؛ لتحقيق مكاسب سياسية ومالية وأصبح لها نفوذ سياسي وعسكري خطير في المنطقة.

                                    

الفصل الثاني- انتشار ومخاطر الجماعات الجهادية على الاستقرار السياسي والتدخل الفرنسي في مالي     

      يتناول الفصل الثاني الكشف عن الأزمة في مالي، وكيف أن هناك جماعات في مالي تطالب بالإنفصال عن الدولة، وهو ما تسبب في وجود جماعات إرهابية متطرفة تعمل على زعزعة الاستقرار في الدولة، الأمر الذي ترتب عليه تدخل دولي وإقليمي للحفاظ على وحدة الدولة، وإن كان أهم هذا التدخل يأتي من التدخل الفرنسي.

       لقد أختلفت السياسة الفرنسية الاستعمارية عن السياسة الاستعمارية البريطانية والبرتغالية والسياسات الاستعمارية الأخرى، فقد اعتبرت الدولة الفرنسية المستعمارات التابعة لها جزء لا يتجزأ من الدولة الفرنسية، فلم تعمل تعمل على استغلال موارد الدولة فقط، ولكن عملت على خلق الهوية الفرنسية في الدول الفقيرة، حتى بعد الاستقلال عن فرنسا، استمرت فرنسا في سياسة التبعية مع مستعمراتها المستقلة، فقد تحكمت في العديد من الدول الإفريقية على مستوى الأنظمة السياسية والاقتصادية في هذه الدول23.

المبحث الأول- انتشار الجهاديين في مالي نتيجة لعدم الاستقرار وأثره على إنشاء مليشيات جهادية

الجماعات الإرهابية في شمال مالي:

·      تنظيم القاعدة:

       تختلف طبيعة تنظيم القاعدة عن تلك الصور التي عرفناها فس سائر الجماعات والتنظيمات الإرهابية، فالقاعدة لم تتفرع من غيرها لا من خلال إنتماء مسبق لقائدها لإحدى الجماعات ولا من خلال إنفصال فصيل أو مجموعة من الأعضاء عن الجماعة، وتكوين تنظيم اَخر كما رأينا عند إنفصال بعض أعضاء الإخوان المسلمين وتكوين تنظيم مستقل كتنظيم الجهاد الإسلامي في مصر، ويعرف قائدها ومؤسسها بأسامة بن محمد عوض بن لادن نشأ في ظل أسرة محافظة فاحشة الثراء، وقد أكمل دراسته الإبتدائية والثانوية والجامعية في المملكة العربية السعودية، وتبنى بن لادن الفكر الجهادي؛ بسبب ما يعتبره غز والكفار للأراضي الإسلامية المقدسة وبلاد الحرمين24.

·      القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي:

        يقول التنظيم أنه يسعى إلى لتحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي- الفرنسي والأمريكي تحديداً والموالين له من الأنظمة المرتدة وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية وإقامة دولة كبرى تحكم بالشريعة الإسلامية، وينتشر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في منا طق جغرافية متعددة في المغرب العربي، وشمال أفريقيا، وبين الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر والتشاد وصولاً إلى نيجيريا والصومال، ويعود أصل هذا التنظيم إلى سنوات التسعينيات أيام العشرية بالجماعات السلفية للدعوة والقتال وتعرف إختصاراً ب(GSPC).

      وقد شكلت هذه الجماعة هيكل تنظيمي خاص بها ويعتبر مجلس الأعيان مؤسسة للقيادة تضم الأمراء والأعيان المشرفين على النواحي، بعده نجد مجلس الشورى التشريعي ويضم الأعضاء ورؤساء اللجان المختلفة، كما قسمت التراب الجزائري إلى تسعة نواحي وتتمركز النواحي الأولى والثانية والثالثة في الوسط بالجزائر العاصمة ومنطقة القبائل والناحيتين الرابعة والثامنة في الغرب الجزائري، في حين تقع الناحية الخامسة والسادسة والسابعة في منطقة الجنوب الغربي حتى حدود المغرب، والمنطقة التاسعة تشمل الجنوب تحت قيادة مختار بلمختار، التي تحولت فيما بعد إلى إنطلاق للقاعدة في بلاد المغرب25.

·      حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا:

     كان الظهور الأول لجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا أواخر 2011م، فيما كثفت الجماعة عملياتها في شمال مالي، كما وصف موقع صحيفة "ليبرتيه الجزائرية" في 20 مايو، الجماعة بأنها "الجماعة الإرهابية المسلحة الأكثر إثارة للرعب في شمال مالي".

     وعن أماكن تمركز الجماعة التي صنفت بأنها الأشخر في مالي، قالت بعض التقارير إن الهضبة الصحراوية الشاسعة الممتدة من منطقة تساليت في أقصى شمال مالي إلى مدينة غاو بأنها معقل حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، حيث تفرض الحركة سيطرتها بلا منازع على عدد من القرى في تلك المنطقة، وأرجح متابعون من خبراء الحركات الراديكالية أسباب نفوذ حركة التوحيد والجهاد المالية والمادية، كونها تتشكل من عصابات لتهريب مخدرات، ولأنها إستولت على كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة القادمة من ليبيا، بعد سقوط نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي26.

·      عمليات التوحيد والجهاد الإرهابية:

1.     في أكتوبر2011، احتجزت جماعة التوحيد والجهاد، أربع أفراد أسبان وإيطاليين في الجزائر، وطالبت بفدية قدرها 30 مليون يورو لإطلاق سراح الرهائن، وكان الرهائن قد خطفوا في منطقة تندوف معقل جبهة البوليساري والإنفصالية.

2.     في 3مارس 2012، تبنت جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا إنتحارية استهدفت مقراً للدرك الوطني الجزائري بتمنراست.

3.     في 24 يونيو، اقترحت جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا على الجزائر إطلاق أحد الدبلوماسين الجزائرين المحتجزين لدى هذه الجماعة الجهادية الناشطة في شمال مالي، مقابل الإفراج عن (3) من مقاتليها مسجونين في الجزائر.

                                    

المبحث الثاني- التدخل الفرنسي في فرنسا وكيفية الوصول إلى الاستقرار السياسي وحل الأزمة

أولاً: أهداف ودوافع السياسة االخارجية الفرنسية تجاه أفريقيا:

 تتجة السياسة الخارجية الفرنسية للتحكم والتدخل في الدول الأفريقية من أجل العديد من الأهداف التي تريد تحقيقها في القارة السمراء:

1.     السيطرة على المواقع الاستراتيجية والموارد الاستراتيجية والموارد الثقيلة التي تختزنها القارة الإفريقية، والتي تساعد في الصناعات الثقيلة والنووية مثل : اليورانيوم فب بعض الدول الإفريقية، فمثلاً تعطي القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي لفرنسا ميزة عامة، ألا وهى مراقبة المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهو الممر المائي بالغ الأهمية على المستوى الاستراتيجي والتجاري وذلك لمشاطأته للمملكة العربية السعودية، وقربه من بقية دول الخليج.

2.     منع انتشار مد نفوذ الدول الأوروبية والولايات المتحدة والصين واليابان في أفريقيا، والتي تهدد بشكل كبير النفوذ الفرنسي في أفريقيا.

3.     العمل على تدفق السلاح في الدول الإفريقية وعمل قواعد عسكرية فرنسية في دول أفريقيا، بالإضافة إلى غزو الأسواق الإفريقية بالمنتجات الفرنسية لزيادة الصادرات الفرنسية للدول الخارجية، مع استقرار كافة الموارد الأولية في دول أفريقيا27.

4.     على المستوى الدبلوماسي، كسب تأييد الدول الإفريقية ومساندة لفرنسا دبلوماسياً في منظمة الأمم المتحدة؛ مما يعزز من دور فرنسا في مجلس الأمن كدولة كبرى.

ثانياً: التدخل الفرنسي في أزمة مالي( 2012-2020م):

     بعد تفاقم الوضع في مالي عام 2013م وزيادة سيطرت الجماعات الإرهابية المتطرفة على شمال مالي، أصدر مجلس الأمن قرار بانتشار قوات دولية لمواجهة الوضع المتدهور في مالي، وطلب تقديم الإتحاد الأوروبي للدعم اللوجستي لقوات الحكومة في مالي، ولكن الدولة الفرنسية لم تنتظر هذه القرارات، حيث قامت بإنزال قواتها في مالي في عملية(القط المتوحش- سرفال)، فقامت فرنسا بمناوشات وإسقاطات جوية على مواقع الجماعات الإرهابية، بلإضافة إلى ضخ قوات فرنسية وصلت (5000) جندي مجهزين بالأسلحة والدبابات ومردعات الدفع الخاصة والطائرات الحربية، وتعزيز الوضع في العاصمة باماكو منعاً لوصول الجماعات الإرهابية لها.

     لقد خلق الاستعمار الفرنسي التفرقة العنصرية في دولة مالي بين إقليم مالي الشمالي الذي يسكنه الطوارق الغرب، والجنوب الزنجي ويكنه الزنوج من غير العرب، فقد فشلت مشروعات التنمية في الشمال فكان إقليم الشمال يتهم الحكومة، بالتنمية في الجنوب على حساب الشمال، بدأت الأزمة عام 2012 عندما قام مجموعة من العسكرين بالإنقلاب على الرئيس المالي"أمادو توري" في مارس 2012، بحجة أنه أخفق في تجهيز الجيش وأنه قد فشل في حسم الصراع بين الطوارق المتمردين في الشمال الأزواد الذي يضم مدن تمبكتو وغاو وكيدال، ثم استغل الطوارق فرصة الإنقلاب على توماني الذي كان يمثل شوكة في حلقهم، وبدأوا في تكوين حلف خاص بهم أطلقوا عليه اسم:"الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، والتي تسعى لتحقيق الاستقلال الذاتي لشمال مالي والذي يدافعون فيه عن هويتهم التي تحاول الحكومة المالية طمسها28.

     إن محاولات الوساطة السلمية التي تجددت خلال عام 2012، سواء تلك التي قامت بها الجزائر أو تلك التي رعتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا(الإيكواس)، جاءت متأخرة لأن الوضع على الأرض قد تغير لفائدة حركة التمرد، إضافة إلى أن العناصر الفاعلة في حركة التمرد الجديدة كانت مختلفة عن الفاعلين في حركات التمرد السابقة، فالحركات الإسلامية المتطرفة وكذلك الجناح السلفي للمتمردين الطوارق(جماعة أنصار الدين) أصبحت أطرافاً فاعلة في التمرد، وقيادة هذا التمرد غير معنية أو مهتمة بما يمكن أن تقدمه هذه التسوية لها أو لسكان شمال مالي، كما أن جهد دول الجوار للوصول إلى إتفاق تسوية لم يكن مجدياً على الإطلاق، إذ كان المستهدفون منها والمدعون للحوار هم الحركات الوطنية الطوارقية التي لاتملك أن تغير شيئاً على أرض الواقع بعد أن طُردت من شمال مالي حين أصبح الإقليم تحت سيطرة الحركات الإسلامية المتطرفة.

      أما بالنسبة للسياسات الفرنسية في مالي والتدخل الفرنسي، فيها فقد كانت أكبر الفاعلين الدوليين في الأزمة المالية، حيث استطاعت استصدار قرارات من مجلس الأمن تسمح بالتدخل الشرعي العسكري الفرنسي في دولة مالي، وقد أدت السياسة الفرنسية والتصعيد الخارجي إرسال قوات الإيكواس إلى مالي تحت غطاء جوي فرنسي، والذي أتت هذه القوات لتحقيق سياسات فرنسا في دولة مالي، بالإضافة إلى قيام فرنسا بدعم دول غرب أفريقيا عسكرياً ولوجستياً ومالياً؛ لتحقيق مصالحها في هذه الدول وفي دولة مالي.

ثالثاً: تأثير السياسة الخارجية الفرنسية على الأوضاع في مالي ومدى فعاليتها في تحقيق أهدافها:

    إن وجود السياسات الفرنسية في مالي مرهون بشكل كبير بوجود الجماعات المسلحة فيها، والتي تولد للدولة الفرنسية الذريعة للتدخل في مالي، إن النشاط المتزايد للتنظيمات المسلحة في منطقة الساحل نشاط يعززه تعدد الفصائل وتوزع لها على فضاءات مختلفة هنا وهناك، ففي نتبكتو وجوارها ينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

    بينما حركة أنصار الدين بقيادة رئيسها الزعيم الطارقي والدبلوماسي المالي السابق"إياد أغ غالي" في منطقة كيدال، كما أن لها امتداداً في جنوب مالي بالقرب من الحدود الإيفوارية29.

الفصل الثالث- استراتيجيات وسيناريوهات لحل الأزمة في مالي

       شكلت التهديدات الجديدة المتنامية في منطقة الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى الهاجس الأكبر لدول المنطقة والقوى الكبرى، فمن منطلق إفريقيا للإفريقيين وإيمان قادتها بأن المشاكل التي تعيشها إفريقيا والنزاعات المتعددة التي تعاني منها تقع مسؤولة معالجتها على عاتقهم، بحكم إنتمائهم ودرايتهم الجيدة بدواليب السلطة واحتيجات شعوب المنطقة وحقوقهم، لذلك قامت التنظيمات الإقليمية بدورها تجاه الأزمة.

     ولكن لإشتداد الأزمة في مالي وانعكاساتها السلبية على أمن دول الجوار إلى تحرك المجتمع الدولي من أجل إحتواء الأزمة وإيجاد حل سلمي لها لإبعاد هاجس الأفغنة الذي قد يصيب المنطقة والمخاطر المترتبة عنه، وقد عمد المجتمع الدولي إلى وضع أزمة شمال مالي ضمن التهديد الذي يمس السلم والأمن الدوليين، نظراً للخطر الداهم الذي شكلته الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة على رأسها القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ومختلف فروعها، وبالموازاة مع طلب الحكومة المالية المؤقتة للمساعدة الدولية والدبلوماسي لقضية الطوارق في الشمال، والثاني يقوم على العمل العسكري لمواجهة تهديد التنظيمات الإرهابية وضغطها للتوجه نحو الجنوب بناءاً على الطلب المالي.

المبحث الأول- الاستراتيجيات الإقليمية لحل الأزمة في مالي(لجنة قيادة الأركان المشتركة/ الإتحاد الإفريقي)

أولاً: لجنة قيادة الأركان العملياتية المشتركة(CEMOC):

     سعت الجزائر منذ سنة 2007م، بعد إتساع نشاط الجماعات السلفية للدعوة والقتال (GSPC) وإنصهارها ضمن تنظيم القاعدة العالمي، لتصبح أحد فروعه في شمال إفريقيا تحت اسم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي(AQMI)، إلى إيجاد اَليات إقليمية لمواجهة هذا التنظيم وفروعه بعد إتساع نشاطه ليأخذ الطابغ الإقليمي.

      تم الإتفاق في الإجتماع الأول لقادة الأركان لكل من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر في 2009م بمدينة تامنراست الجزائرية المنضوون تحت إسم دول الميدان(Pays Du Champ)، على تشكيل لجنة لقيادة الأركان العملياتية المشتركة، حيث تم الإعلان الرسمي عن تشكيلها في 21 أبريل 2010م وتعتبر مدينة تامنراست مقراً لها30.

     وهى هدفها معالجة المسائل الأمنية في إطار الإقليمي إبعاد أي محاولات للتدخل الأجنبي، وتضم لجنة الأركان المشتركة قيادة لأركان الجيش تتولي إدارة المهام التكتيكية والإمكانات العسكرية للدول الأعضاء إلى جانب مهمة تبادل المعلومات الاستخبارية.

·      دور لجنة الأركان العملياتية المشتركة في مواجهة تهديد الجماعات الإرهابية شمال مالي:

    اعتبرت لجنة الأركان العملياتية المشتركة مبادرة للتعاون الأمني المشترك بين الدول الأربعة المنفتحة على منطقة الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى وما تحويه من تهديدات مختلفة، في البداية نالت المبادرة دعم كبير من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعتبرتها خطوة نحو التعاون الإقليمي دون أن يحول إلى تحويل الساحل الإفريقي إلى أفغانيستان جديدة، وهى المبادرة التي إعتبرها كتوجه يتماشى وسياستها في الحرب على الإرهاب غير أن الواقع يقر غير ذلك، وطالما أن العمالية لفرنسا التي تميز معظم الدول الإفريقية منها الأعضاء في لجنة قيادة الأركان المشتركة حال جون التبادل السريع والفعال للمعلومات السريعة وعدم إيصالها للدول الأعضاء في المبادرة من طرف الجزائر؛ بسبب تسريبها إلى الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا نظير المساعدات التي تحصل عليها من طرف هذه الأخيرة.

ثانياً: الاتحاد الإفريقي(UE):

    يقع القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي في ديباجة وثلاثة وثلاثون مادة، ظهر في الوجود في قمة لوزاكا المنعقدة في جولية 2001م31، حيث قام على هيكل منظمة الوحدة الإفريقية، وقد تنوعت الأهداف التي من أجلها تأسس المجلس، كما جاء في ميثاقة التأسيسي، وهذه الأهداف منها ماله صله مباشرة بالمجال الاقتصادي ومنها مالها علاقة بالسياسة، والأمن والثقافة، وتذكر الدراسة بعض أجهزة الإتحاد:- مثال: محكمة العدل الإفريقية، المجلس التنفيذي، برلمان عموم إفريقيا وغيرها من الأجهزة.

·      دور الإتحاد الإفريقي في حل الأزمة المالية:

     لقد كان رد فعل الإتحاد الإفريقي إتجاه الأزمة المالية سريعاً، حيث إتخذ قادته إجراءات ردعية ضد الإنقلابيين، من خلال تجريم الإنقلاب العسكري الذي قاده "أمادو سانغو" وتجميد عضوية مالي في مؤسسات الدولة، وبعد تفاقم الأزمة وسيطرت الطوارق الداعية للإنفصال والجماعات الإرهابية المسلحة في شمال مالي وبداية زحفها نحو الجنوب بإتجاه العاصمة باماكو، شدد القادة الأفارقة على ضرورة إحترام الوحدة الترابية المالية، كما دعوا الفصائل الطوارقية إلى الحوار والحل السلمي للأزمة والتخلي عن المطالب الإنفصالية بعد إعلان الحركة الوطنية لتحرير الأزواد(MNLA) استقلال الإقليم، كما طالبوا من جميع الحركات الطوارقية المسلحة التي تتبنى مطالب سياسة بقطع علاقاتها مع الحركات الإرهابية المنتشرة وعلى رأسها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مع ضرورة تسريع الحوار السياسي الداخلي وإجراء إنتخابات من أجل عودة المؤسسات الدستورية، وهو الموقف الذي عبرت عنه رئيسة المفوضية الإفريقية "نيكوسازانا لاميسي زوما" بقولها "أن الوضع في مالي معقداً جداً وسلامة البلاد الترابية أصبحت مهددة بعد الإنقلاب العسكري وينبغي تنظيم إنتخابات حتى يتاح للحكومة بسط سلطتها وشرعيتها الضروريتين".

المبحث الثاني- الاستراتيجيات الدولية لحل الأزمة في دولة مالي(الأمم المتحدة)

أولاً: الأمم المتحدة:

     عملت المنظمات الإقليمية المتمثلة في الإتحاد الإفريقي وجماعة الإيكواس على تدويل الأزمة في شمال مالي بناءاً على طلب مالي لتدخل عسكري في الشمال، بإعتبار الأمم المتحدة هيئة عالمية أوكلت لها مهام حفظ السلم والأمن الدوليين والعمل على فض النزاعات بالطرق السلمية واستخدام القوة إن تطلب ذلك، لهذا أصدرت عدة قرارات من خلال مجلس الأمن الدولي تتمحور في مجملها حول الأوضاع الأمنية في مالي والعمل من أجل إعادة الأمن والاستقرار في شمال البلاد، بالإضافة إلى محاولة القضاء على مصادر التمويل للتنظيمات الإرهابية من خلال عملية دفع الفدية لتحرير الرهائن.

·      قرار مجلس الأمن رقم 2056الصادر في جوان 2012:

   قامت فرنسا بإعداد نص هذا القرار وتقديمه إلى مجلس الأمن الدولي، حيث تضمن الرفض التام لاستقلال إقليم أزواد في شمال مالي والحفاظ على وحدته الترابية، كما ألزم السلطة العسكرية بحل المجلس الوطني لاستعادة الديمقراطية وإعادة بناء الدولة الذي تم تشكيله بعد الإنقلاب على الرئيس "أمادو توماني"، دعوته لضرورة دعم جهود مجموعة الإيكواس والإفريقي، وقد عبر مجلس الأمن عن قلقةه البالغ من التهديد الإرهابي المتصاعد في شمال مالي بسبب تمدد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ليطلب من جهة أخر السلطة الإنتقالية في باماكو بإعداد خارطة طريق لبناء المؤسسات الدستورية وإعادة تنظيم القوات المالية بهدف بسط سلطة الدولة على كامل التراب المالي مع إجراء إنتخابات رئاسية في 6 أبريل 2012.

    وقد تم في هذا القرار إرجاء طلب مجموعة الإيكواس والإتحاد الإفريقي بالترخيص لهما بنشر قوات عسكرية لإعادة الاستقرار في شمال مالي، ومرافقة المسار السياسي الداخلي، إلى غاية تحديد الأهداف والوسائل وكيفيات الانتشار العسكري في سبتمبر 2012م، تقدمت السلطة الإنتقالية مرة أخرى بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة تلتمس فيه إصدار قرار من مجلس الأمن يأذن بنشر قوة عسكرية إفريقية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحددة، من أجل مساعدة القوات المالية واستعادة مناطق الشمال من قبضة الحركات الطوارقية المسلحة المدعومة بالتنظيمات الإرهابية، وفي هذا السياق أرسلت دول الإيكواس رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر 2012م، تطلب فيها إصدار قرار لمجلس الأمن يأذن بتدخل عسكري لتحقيق الاستقرار في مالي، وبموجب هذين الطلبين صدر القرار الأممي رقم 2071.

·      القراران رقم 2085، 2100:

     إتخذ مجلس الأمن الدولي القرار 2085 ديسمبر 2012 الذي يدين بلهجة مشددة تدخل النخبة العسكرية في عمل السلطة المدنية الإنتقالية في مالي، والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ارتكبها المتمردين الطوارق ومختلف التنظيمات الإرهابية المسلحة في الشمال، كما وضح طلب السلطات المالية المدعوم بموافقة الإتحاد الإفريقي وجماعة الإيكواس لنشر قوات عسكرية إفريقية بغية دعم قوات الأمن والجيش الماليين بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في المقابل حث السلطات الإنتقالية في مالي على التعجيل بوضعإطار ذي مصداقية للتفوض مع جميع الأطراف المتصارعة منها التي قطعت علاقاتها مع التنظيمات الإرهابية خلال مدة أقصاها عام واحد، وقد أكد القرار على ضرورة إتباع مسارين في نفس الوقت للتعامل مع الأزمة الأول سياسي يهدف إلى إدارة المفاوضات بين مختلف الأطراف المتصارعة، والثاني أمني يهدف إلى القيام بمختلف الترتيبات لنشر قوات عسكرية في مالي، وبناءاً على الطلب المالي استجاب مجلس الأمن بترخيص نشر قوات عسكرية تحت إسم الدعم الدولي لمالي بقيادة إفريقية مسما(MISMA) مدتها عام واحد لدعم السلطات المالية لاستعادة منطقة الشمال من قبضة الجماعات المسلحة مع التأكيد على ضرورة إسهام المجتمع الدولي في تقديم الدعم المالي للبعثة على أن تتكفل الأمم المتحدة بتقديم دعم اللوجستي من معدات وخدمات لمدة عام واحد.

    وبعد مباشرة بعثة الدعم الدولي لمالي تحت القيادة الإفريقية عملها في شمال مالي بالتزامن مع التدخل الغسكري الفرنسي إلى جانب القوات الإفريقية ساهم ذلك في وقف تقدم الحركات المسلحة المدعومة بقوة التنظيمات الإرهابية، إتخذ مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2100 في أبريل 2013م، حيث تم من خلاله تحويل إسم البعثة إلى بعثة الأمم المتحدة التابعة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (MINUSMA)، بهدف ضمان السير السياسي الحسن في مالي.

خاتمة:

     يتبين من خلال الدراسة أنها تناولت النظام السياسي المالي وأن الأزمة التي تمر بها مالي اليوم عميقة كما أنها متعددة الأبعاد، وتتجاوز الحدود المحلية والإقليمية، لتلامس السياق العالمي، وصراع القوى وتدافعها وتتمركز في شمال مالي العديد من الحركات الطوارقية المسلحة تتبنى مطالب سياسية تهدف إلى استعادة حقوق مجتمع الطوارق المهضومة وتحقيق الاستقلال عن مالي، منها الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والحركة الشعبية لتحرير الأزواد والحركة العربية المسلحة، وقد أعلنت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد عن استقلال الإقليم أبريل 2012م، ونتيجة لحالة الفوضى واللأمن المنتشرة في شمال مالي قامت العديد من التنظيمات الإرهابية في الإقليم، كتنظيم أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يقوده عبد المالك دروكدال من الجماعة السلفية للدعوة والقتال.

     وناقشت الدراسة السياسة الخارجية الفرنسية في مالي، ورغبتهم في فرض الحكم الديمقراطي في مالي، وهذا لن يؤدي إلى تأسيس دولة الديمقراطية وإنما يُشكل العديد من المخاطر على الدولة، فالتدخلات العسكرية لاتؤدي إذاً الديمقراطية كما رأينا في الصومال وليبيا، وأنما التدخلات الخارجية تؤدي إلى النزعة الإنفصالية في الدولة وطغيان الحكومات المستبدة والمليشات المسلحة، حيث هذا لا يدعلى أهمية الدور الذي تلعبه فرنسا في إفريقية.

     تناولت الدراسة الاستراتيجيات الدولية والإقليمية لحل الزمة في دولة مالي بعد أن تفاقمت الأزمة المالية وتزايدها نمو تواجد التنظيمات الإرهابية، حيث تناولت دور الأمم المتحدة في حل الأزمة المالية بإعتلارها المنظمة القائمة على حماية الأمن والسلم فقد كان تعاملها مع الأزمة من خلال قرارات مجلس الأمن (2056/2100/2085) التي تسمح بنشر الفرق العسكرية والدعم ببعثة مينوسما، وكان هناك تدخلات إقليمية من قِبل المنظمة الإفريقية للمجموعة الاقتصادية والإيكواس.

    ويمكن القول أخيراً أن حالات الفوضى والصراع التي تعيشها منطقة شمال مالي بسبب الصراع المزمن بين قبائل الطوارق والسلطة الحاكمة في مالي، وجعلها ملاذا اَمن لمختلف التنظيمات الإرهابية والجماعات المتشددة.    

النتائج:

·      نستنتج من هذه الدراسة لهذه الحالة مالي أنه غياب سيادة القانون وقوة الدولة، تنفتح أبواب الخراب والضعف للدولة على أيدي الإرهابين والجماعات المسلحة عن طريق استغلال هذا الضعف.

·      في ظل الاستبداد التي تمارسه الدولة ضد شعبها، تخرج جماعة_ تبدو في الاَونة الأولى وكأنها ضعيفة لا شكل أية تهديد_ من داخل الدولة تطالب برفع هذه المظالم، إذا سدت الدولة اَذانها عن الاستجابة لمطالبهم، تتحول هذه الجماعة لقوة لايستهان بها تهدد أمن الدولة قد يكون أكثر من تهديد خارجي من دولة عدو.

·      نستنتج أن إرتفاع معدلات الفقر ومعدلات البطالة والجهل في الدولة، ينتج عنه خروج جيل غير واعٍ بشكل كافي بالأمور السياسية وإداركه لمفهوم الدولة ومواردها وخططها وكيفية الحفاظ على وحدتها.

·      كما توضح المؤشرات المؤشرات زيادة التدخل الفرنسي اقتصادياً للسيطرة على الموارد الخام.

·      نرى أيضاً أن مالي مازالت تتبع الأساليب التقليدية من أجل محاولة حل الأزمة.

التوصيات:

·      على الصعيد الإقليمي:

1.     يتعين على الدول الإفريقية وبخاصة الدول المجاورة ضرورة التدخل لمساعدة مالي في التخلص من الأزمة.

2.     محاولة إيجاد حلول سلمية للنزاعات الإفريقيةعن طريق المفاوضات والوساطة.

·      على الصعيد الدولي:

3.     على الجمعية العامة للأمم المتحدة تحديد جلسة للتشاور في حل هذه الأزمة بوجود الدول المجاورة وذات الصلة بالقضية.

4.    تدخل قوات دولية لحفظ السلام في مالي ونزع السلاح من المنطقة الشمالية لحين القضاء على الجماعات الإرهابية. 

المصادر والمراجع:

أولاً: الكتب العربية:

·       إبراهيم عبدالله عبدالرزاق، "دراسات في تاريخ غرب أفريقيا الحديث والمعاصر"، (مكتبة فلسطين للكتب المصورة، القاهرة، 1998م)..

·       السيد أبو فرحة، "نظم سياسية أفريقية"، (كلية السياسة والاقتصاد، جامعة بني سويف، 2019).

·       الشيماء عبدالسلام إبراهيم، أسس إعداد البحث العلمي، (دار الأصول للطبع والتوزيع، مصر، ط1، 2019).

·       جمال عبدالناصر، "التنظيم الدولي: النظرية العامة والمنظمات العالمية والإقليمية المتخصصة"، (عناية: دار العلوم للنشر والتوزيع، 2006م).

·       حسن حمدي عبدالرحمن، "الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية، النظم الإفريقية نموذجاً"، (المركز العلمي للدراسات السياسية، جامعة القاهرة، 2009).

·       سعيد علي عبيد، "تنظيم القاعدة: النشأة...الخلفية الفكرية...الإمتداد"، (ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2008م).

·       شاكر محمود، "مالي"، (المكتب الإسلامي، ط2، 1986م).

·       عيد محمد، "إسهامات المؤسسات والهيئات في التصدي للإرهاب"، (نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1999م).

·       عائشة محمد الأمين، "الدبلوماسية الجزائرية والمعضلة الأمنية في مالي"، (كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، المركز العربي الإفريقي).

·       علاء أبو عامر، "الوظيفة الدبلوماسية"، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، ،2008).

·       كانتي مادي إبراهيم، "التحول الديمقراطي في جمهورية مالي"، (المكتب العربي للمعارف، ط1، 1991م).

·       موسى عايدة العزب، "جذور العنف في الغرب الإفريقي (مالي ونيجيريا)"، (دار البشير للنشر والتوزيع، ط1، مصر).

·       يوسف ناصيف، النظرية في العلاقات الدولية"، (دار الكتاب العربي، بيروت،1985).

·       "مالي عودة الاستعمار القديم (منتدى العلاقات العربية الدولية، ط1، 2014).

ثانياً: الكتب المترجمة:

·       أوليفر رونالد، "أفريقيا عام 1800م"، (ترجمة: فريد جورج، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2005م).

ثالثاً: الكتب الأجنبية:

·       ) Naffet Keita, "Agreement for peace And Reconciliation In Mali resulting from The Algiers process Between  Euphoria And Scepticism; tarces of peace", (the friedrich-ebert-stiftung( FES), 2018).

·       ) Marina caparini , "The Mali crisis and responses by regional actors", (Norwegian institute of international affairs, 2015)

·       Christian josz, "Achieving strong and inclusine growth with macroeconomic stability (Mali)", Washington, international monetary fund, 2013).

·       Inter agency expert group meeting on implementation of the third united nation decade for the eradication of poverty (2018-2027) in Mali

رابعاً: الرسائل العلمية:

·       أحمد دولاي، "الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء وأثره على الجزائر"، (رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الدكتور مولاي الطاهر، 2015م).

·       محمد ايدايير، "التعددية الإثنية والأمن المجتمعي، دراسة حالة مالي"، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية العلوم السياسية والإعلام، 2010م، جامعة الجزائر.

·       خامساً: الدوريات والمقالات العلمية:

·       أحمد إدريس، "الأزمة الليبية وتداعياتها على منطقة الغرب العربي"،( مركز الدراسات المتوسطة والدولية، تونس، العدد6، 2001م)،

·       إسراء محمد فوزي، "السياسة الخارجية الفرنسية تجاه الصراعات العرقية في أفريقيا"، (المركز الديمقراطي، 20 مايو 2021م).

·       أميرة محمد عبدالحليم، "ما بعد التدخل: التداعيات الداخلية والاقليمية للحرب على مالي"، (السياسة الدولية، أبريل 2013).

·       حسن حمدي عبدالرحمن، "الاتجاهات الحديثة في دراسة النظم السياسية، النظم الإفريقية نموذجاً"، (المركز العلمي للدراسات السياسية، جامعة القاهرة، 2009).

·       الحافظ  الدنويني، "أزمة الدولة ما بعد الاستعمار في أفؤيقيا"، (المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد422، بيروت، 2013م).

·       علي أحمد صلاح، "الدول الإفريقية ونظرية العلاقات الدولية"، (مجلة السياسة الدولية، العدد160، 2005).

·       محمد حسين، "جمهورية مالي"،( اَفاق أفرقية، العدد 26، السعودية، 2007م).


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟