المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

طموحات متصاعدة...كيف يمكن أن تعزز المسيرات والصواريخ الباليستية مكانة إيران الإقليمية؟

الأحد 02/يوليو/2023 - 01:29 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

كشفت تقديرات عدة عن إنه مع بدء تراجع قبضة إيران على وكلائها الإقليميين وتصاعد الهجمات الإسرائيلية على وكلائها ولاسيما في سوريا، شرعت طهران في تطوير المزيد من الأسلحة ولاسيما فيما يتعلق بالأسلحة عالية التقنية والقائمة في جزء منها على تطبيقات الذكاء الإصطناعي مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية لتعزيز أمنها. وفي هذا السياق، تجادل بعض التحليلات بأن النفوذ الإيراني قد تضاءل على ما يعرف بإسم "محور المقاومة" في أجزاء من  الشرق الأوسط، وخاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في يناير 2020.

وعليه، يمكن توضيح أبرز ملامح ذلك على النحو التالي:

أولاً- أبرز مظاهر فقدان إيران لنفوذها في المنطقة العربية

تتضح أبرز الأمثلة الدالة على التداعيات السلبية لاغتيال سليماني على النفوذ الإيراني بالمنطقة في قبول طهران بتعيين رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، عندما فقدت دورها المباشر ولأول مرة في تعيين رئيس الوزراء العراقي منذ أربعة عشر عاماً؛ حيث كان يتمتع سليماني بنفوذ كبير على الفصائل السياسية العراقية وبإمكانه القيام بنوع من التوافق السياسي فيما بينهما بما يحقق مصالح إيران.

  ونتج عن ذلك مجئ مصطفي الكاظمي، وهو شخصية مدعومة من واشنطن ويعارض سيطرة إيران على المشهد السياسي في العراق. وحدث الشيء نفسه خلال الانتخابات البرلمانية العراقية الخامسة في أكتوبر 2021، عندما فاز الفصيل الشيعي التابع لمقتدى الصدر، والمعارض لإيران بمقاعد في البرلمان أكثر من أي حزب سياسي آخر. وعلاوة على ذلك، خسر الحليف الوثيق لإيران حزب الله الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو 2022، وهو الأمر الذى واجه على إثره حزب الله تحديات تتعلق بعدم قبوله من قبل الرأي العام اللبناني، وبالتالي، من شأن هذه الأمثلة أن تكشف عن فقدان إيران لجزء كبير من نفوذها في دول المنطقة. لذلك، ورداً على عجز محور المقاومة السياسي وانحسار قوته، وتضاؤل دور إيران في توجيه التيارات السياسية التابعة لها في التطورات الداخلية والإقليمية، بدأت طهران في إعادة تقييم وسائل الردع الخاصة بها.

ثانياً- تصعيد إسرائيل ضغوطها على إيران

تشير العديد ن التقديرات إلى أن إسرائيل استغلت غياب سليماني عن المشهد في المنطقة لتصعيد أعمالها العدائية فيما يتعلق بالاغتيالات والأعمال العسكرية الصغيرة والفعالة على الأراضي الإيرانية، الأمر الى قلص من مصداقية أدوات الردع الإيرانية.

 وبالتوازي مع ذلك، أكدت تصريحات لمسؤولين إسرائيليين خلال الفترة اللاحقة لاغتيال سليمانى على أن تل أبيب ستقوم بتصعيد هجماتها على الداخل الإيراني؛ حيث تقوم الاستراتيجية الإسرائيلية في هذا الإطار على سلسلة طويلة من التدابير المنخفضة المستوى والتى لا يمكنها أن تثير رد فعل عنيف من قبل إيران.

 وتهدف مثل هذه الاستراتيجيات إلى وضع إيران في معضلة متعددة  الأبعاد، من منطلق أنه إذا كانت إيران غير قادرة على الرد بفعالية على جميع الاغتيالات والهجمات العسكرية منخفضة المستوى وأعمال التخريب الصغيرة والفعالة، فإنها ستفقد تدريجياً موقعها الاستراتيجي ومصداقية أدوات الردع الخاصة بها.

ونظراً لأن إيران أدركت أنها قد تفقد قريباً سيطرتها السياسية والعسكرية الكاملة على محور المقاومة، بما يؤدى لاحتفاظ إسرائيل بالقدرة على توجيه ضربات استباقية لها، فقد قررت طهران تطوير قدرات الجيش الإيراني إلى جانب الحرس الثوري فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار.

 ثالثاً- التقنيات العسكرية الجديدة للجيش الإيراني

بعد أسبوع واحد من اغتيال إسرائيل المزعوم لأحد المسؤولين البارزين في فيلق القدس حسن صياد خدائي في طهران، وبعد أربعة أيام من غارة بطائرة بدون طيار على مجمع بارشين العسكري في 25 مايو 2023، كشفت إيران النقاب عن قاعدة سرية للطائرات المسيرة تحت الأرض تسمى قاعدة" أرتش 313"، وخلال هذا الحدث غير المسبوق، قدمت القوات المسلحة الإيرانية عدداً من الطائرات بدون طيار، بما في ذلك Ababil-5”" (المجهزة بصاروخ Ghaem-9 الذي يعمل بشكل مشابه لصاروخ Hellfire الأمريكي)، و"كامان 22 "(بمسافة تبلغ 2000 كيلومتر، ومزودة بصاروخ كروز حيدر 1 بمدى 200 كيلومتر وسرعة 1000 كيلومتر في الساعة)، و"كرار" (مجهز بجيل جديد من صواريخ شفق).  و"فوتروس" التابعة لمنظمة الصناعات الجوية الإيرانية (المجهزة بقنابل الليزر وصواريخ الماس ورأس حربي شديد الانفجار)، لإثبات مدى جاهزية الجيش الإيراني على القيام بمهام عسكرية جديدة ضد إسرائيل.

وتتمثل إحدى نتائج هذه الاستراتيجية الجديدة في زيادة عدد المنصات المشتركة بين الحرس الثوري الإيراني والجيش؛ وهو الأمر الذى اتضحت أبرز ملامحه في أكتوبر 2021، أجرى الجيش والحرس الثوري مناورات عسكرية مشتركة، وبالتوازي مع ذلك تم الكشف عن أكثر من 50 طائرة بدون طيار قتالية واستطلاعية وانتحارية (بما في ذلك Kaman-22 و Mohajer-6 و Mohajer-4 و Mohajer-2 و Raad-85 و Arash و Ababil-5 و Sadegh و Shahed-136 و Yasir). كما تم الكشف عن  عدد من الأنظمة المشاركة في تشغيل الصواريخ المختلفة والذخائر ومراكز القيادة والسيطرة والحرب الإلكترونية والمراقبة والاستطلاع ومرحلات الاتصالات التكتيكية.

وعرضت وسائل الإعلام الإيرانية في هذا السياق، عدة صواريخ تكتيكية جديدة، بما في ذلك الصاروخ الباليستي Fath-360، والذي تم تشغيله سابقاً من قبل القوات البحرية والبرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وإزاحة الستار عن صاروخ Labeik-1 الباليستي، كنسخة مطورة من صاروخ نازعات، الأمر الذى يكشف عن رغبة إيرانية في تعزيز الدفاع العسكرية الخاصة بالجيش الإيراني ولاسيما فيما يتعلق بالصواريخ والطائرات بدون طيار، وبالتالي تمكين الجيش من لعب دور أكثر بروزاً في تطوير أدوات الردع الإيرانية.  

رابعاً- تأثير التقنيات العسكرية الجديدة على أداء الجيش

تشير تقديرات عدة إلى إنه رغم أن الجيش الإيراني لايزال أمامه طريق طويل حتى يصبح قوة صاروخية مماثلة لقوة الحرس الثوري، إلا أن إدخال الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار القتالية الانتحارية إلى هذه المنظمة العسكرية هو تطور حاسم ومثير للاهتمام. ومن ناحية أخرى، ورغم أن الجيش الإيراني مازال يمنح الأولوية لأنظمة الدفاع الجوي باعتبارها نقطة  لتعزيز تميزه، إلا إنه سيولى المزيد من الاهتمام للتدابير التكتيكية الدفاعية  والحرب والقدرات الالكترونية في المستقبل القريب. وبالتالي من شأن دخول الجيش بالتوازى على خط التقنيات التي كان يُنظر إليها تقليدياً على أنها مناطق نفوذ حصرية للحرس الثوري،  أن يؤثر بشكل كبير على فعاليته وكفاءته القتالية  في المستقبل.

فبالإضافة إلى أن هذه الاستراتيجية الإيرانية الجديدة من شأنها أن تعمل على ردء  فجوة الأسلحة تدريجياً بين الحرس الثوري الإيراني والجيش، فيمكنها تعزيز أداء إيران الدفاعي في أي صراع مستقبلي. على أن تتمثل النقطة الأكثر أهمية فيما يتعلق بوصول الجيش  إلى الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار  في إنه إذا تم دمج هذه القدرات الجديدة مع قدرات الحرس الثوري الإيراني، يمكن للقوات المسلحة الإيرانية الوصول إلى مجموعة شبه متكاملة من القدرات الدفاعية. ويدعم هذا الواقع الناشئ الزيادة في عدد وتنوع المناورات العسكرية التي أجراها  الجيش في السنوات الأخيرة.

ويمكن أن يُعزى هذا التحول في التوجه الاستراتيجي لإيران إلى المعدل الدراماتيكي للتطورات الإقليمية التي أثارت المزيد من المخاوف في طهران، بما يعنى أن النخب العسكرية الإيرانية انتباها الخوف بشأن الضربات الاستباقية الإسرائيلية على الداخل الإيراني وكذلك على مصالحها في سوريا، وكذلك مستقبل وكلائها في محور المقاومة، والتي أدركت إنه لا يمكن الاعتماد عليهم فقط فيما يتعلق باستراتجيات الردع طويل المدى.

وفي النهاية: يمكن القول إنه في الوقت الذى تُصر فيه العديد من القوى الغربية  وبعض دول المنطقة على  ضرورة الحد من دور إيران الإقليمي عن طريق إبعادها عن الميليشيات المسلحة التابعة لها في المنطقة وتفكيك ما يعرف بـ"محور المقاومة"، فإن إيران باتت مصممة أكثر من أي وقت مضى على زيادة إشراك الجيش في معادلتها الدفاعية الإقليمية من خلال زيادة مدى ودقة صواريخه الباليستية وطائراته بدون الطيار.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟