المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د. فارس محمد العمارات
د. فارس محمد العمارات

إشكالية تمكين المرأة الاردنية في ظل الاوراق النقاشية وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

الثلاثاء 04/أكتوبر/2022 - 09:57 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

مٌلخص

 

هدف البحث إلى بيان ماهية المٌشاركة السياسية للمرأة ومدى موائمة ما يتعلق  بتمكين المرأة في  الاوراق النقاشية مع ما حاءت به توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية  .

      وتوصل البحث إلى نتائج :  ان الاوراق النقاشية ركزت على  ردم الهوة  التي جراءها تفتقد المرأة عناصر التمكين في ميادين عدة وليست مٌقتصرة على التمكين السياسي، فيما توصيات اللجنة الملكية  لم تكن لتدعم العدد القليل من النساء في مراكز صنع القرار  والذي في أغلب الأحيان قليل الفاعلية في القضايا التي تخص المرأة.

                وأوصى الباحثين بتذليل الصعوبات التي تواجه المرأة الاردنية في وصولها إلى مجلس النواب ومجالس المُحافظات، وخلق بيئة ثقافية مٌجتمعية داعمة لمٌشاركة المرأة في جميع المجالات ، وبدون استثناء.

 

Abstract

The research aimed to indicate what women's political participation is and how consistent women's empowerment is in the discussion papers with the recommendations of the Royal Commission for the Modernization of the Political System.

The research found that the discussion papers focused on bridging the gap caused by women lacking empowerment elements in many fields and not limited to political empowerment, while the recommendations of the Royal Commission would not have supported the small number of women in decision-making centers, which are often less effective in issues concerning women, and recommended researchers to overcome the difficulties faced by Jordanian women in their access to the House of Representatives and provincial councils, and create a community cultural environment supporting the participation of women in all domains, without exception.

 

المٌقدمة

      تقف المملكة الأردنية الهاشمية على أعتاب مئويتها الثانية، وهو الوقت الذي نستذكر فيه الإنجازات الكبيرة التي تحققت خلال المئوية الأولى بجهود الأردنيين والأردنيات، وتعكس حقيقة تعدُّد المعيقات التي تواجه انخراط المرأة ومٌشاركتها الفاعلة في الحياة العامة، وعدم اقتصارها على الجانب التشريعي، إذ تمتد لتشمل السياسات والممارسات والتوجهات المٌجتمعية والمٌعيقات الاقتصادية ، وبما أن تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية البرلمانية والحزبية، والهياكل التنظيمية للإدارة المحلية، يتطلبان تعزيز مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات .

وتعكس مضامين الاوراق النقاشية ، وما جاءت به من تأكيد على دور ومٌشاركة المراة السياسية مدى اهتمام وتركيز القيادة على دور المرأة الاردنية السياسي فضلاً عن أن الرسالة الملَكيّة الموجهة إلى رئيس اللجنة الملَكيّة لتحديث المنظومة السياسية تضمنت توجيهات، الإرادةَ السياسية  بشكل جلي وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور المرأة في الحياة العامة، وتمكين المرأة الأردنية من المٌشاركة الفاعلة، وتعزيز قيم المواطنة حقوقًا وواجبات والحريات التي كفلتها التشريعات  والالتزام التام بمبدأ سيادة القانون، كما تعكس حقيقة تعدُّد المٌعيقات التي تواجه انخراط المرأة ومشاركتها الفاعلة في الحياة العامة، وعدم اقتصارها على الجانب التشريعي، إذ تمتد لتشمل السياسات والممارسات والتوجهات المٌجتمعية والمٌعيقات الاقتصادية والنظرة النمطية التي تتعارض مع مٌعادلة الرجل والمرأة كمواطنين فاعلين في بناء المٌجتمع والمٌشاركة في الحياة العامة والسياسية. (الاوراق النقاشية، 2013).

وبما أن تمكين المرأة وتعزيز مٌشاركتها في الحياة السياسية البرلمانية والحزبية والهياكل التنظيمية للإدارة المحلية، يتطلبان تعزيز مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات انطلاقًا من قيم المواطنة واستنادًا لأحكام ومبادئ الدستور الأردني من تكافؤ الفرص وعدالة التمثيل، فقد قدّمت اللجنة الملَكيّة لتحديث المنظومة السياسية، توصيات عدة حول التعديلات المٌقترحة الهادفة إلى تعزيز مٌشاركة المرأة في الإدارات المحلية بمستوياتها المٌختلفة، وانطلاقًا من أن الدستور سيّدُ التشريعات وموجّهُها، قدمت اللجنة مٌقترحاتها بخصوص التعديلات الدستورية التي من شأنها أن تشكّل نقلة نوعية في العملية التشريعية من خلال تعزيز الضمانات الدستورية للمبادئ الأساسية التي تؤمن بها الدولة الأردنية وتسعى إلى تجذيرها.(اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية،2021)

مٌشكلة البحث :

إن التوجه الديمقراطي في الأردن يتطلب مٌشاركة فاعلة للمرأة وتمكينها سياسياً؛ لذلك كان لا بد من القيام من تسلط الضوء على واقع المرأة السياسي للتعرف إلى نقاط القوة ونقاط الضعف لديها، وقياس مدى مشاركتها في رسم السياسات الحكومية وغير الحكومية وإشغال المراكز القيادية، وتحديد العوامل والمعوقات التي تواجه مدى فاعلية دور المرأة ومشاركتها وتأثيرها فيها ، خاصة بعد ان اكد الملك عبدالله في الاوراق النقاشية على دور المرأة في كافة الميادين في الاردن وتمكينها سياسياً لتأخذ دورها بشكل يتلائم مع ما تم طرحه من نقاط عدة ، فضلا عن ما اوصت به اللجنة الملكية  لتحديث المنظومة السياسية من توصيات تتعلق بالمرأة وتمكينها ، ومن هنا فان التساؤل الذي يتم طرحة : ما مدى  تمكين المرأة الاردنية في ظل الاوراق النقاشية وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى بيان مايلي :

أ‌.         المٌشاركة السياسية للمرأة على ضوء ما جاء في الاوراق النقاشية .

ب‌.    مدى موائمة ما يتعلق  بتمكين المرأة في  الاوراق النقاشية مع ما حاءت به توصيات اللجنة الملكية .

ت‌.    فرص التمكين الواردة في الاوراق النقاشية وتوصيات اللجنة الملكية بما يتعلق بالمرأة.

أهمية البحث:

تنبع أهمية البحث من أهمية تمكين المرأة السياسي ، خاصة بعد ان تطرقت الاوراق النقاشية لاهمية تمكين المرأة سياسياً ، وفي كونها تأتي بعد الانتخابات النيابية والبلدية  والمركزية التي شهدها الأردن في العام 22020 ، و2022، لتؤكد الواقع السياسي للمرأة الأردنية في مراكز صنع القرار، ولتشكل إضافة نوعية واستكمالاً للدراسات السابقة من خلال كشفها عن واقع المرأة الأردنية السياسي وفي مراكز صنع القرار وكذلك في الأحزاب السياسية والمجالس البلدية ومجالس المٌحافظات .

مفاهيم البحث:

التمكين السياسي:

عملية مٌعقدة تتطلب تبني سياسات واجراءات وهياكل مؤسساتية وقانونية بهدف التغلب على أشكال عدم المساواة وضمان الفرص المٌتكافئة للافراد في استخدام موارد المٌجتمع، وتضمن قدرة المرأة علي تحليل المواقف السياسية والحراك من أجل التغيير الاجتماعي.

تمكين المرأة:

                عملية شخصية واجتماعية تستطيع المرأة من خلالها اكتساب القوة والسيطرة على حياتها واختياراتها ويُعرّف على أنّه العملية التي تُتيح للمرأة القدرة على إتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تُكسبها قوةً تُمكّنها من السيطرة على حياتها، كما يُمكن تعريف تمكين المرأة بأنّه العملية التي تُشير إلى امتلاك المرأة للموارد وقدرتها على الاستفادة منها وإدارتها بهدف تحقيق مجموعة من الإنجازات.

الأوراق النقاشية:

  عدة رسائل قام بنشرها الملك عبدالله  الثاني ما بين عامي 2012-2016 هدفت إلى تأطير التوجهات العامة للدولة، وهي ذات قيمة معنوية رمزية بحتة، تهدف إلى بناء فلسفة وطنية مٌشتركة، ورؤية توافقية نحو المٌستقبل، تجمع الأردنيين حولها.

اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية:

 هي لجنة تم تشكيلها من قبل الملك عبدالله في العام 2021 تتمحور مٌهمتها بإعادة النظر في السياسات والإجراءات ومجمل القوانين والتشريعات الخاصة بالمنظومة السياسية،مثل قانون الأحزاب والانتخابات والنظر بالتعديلات الدستورية المتأطرة حكماً بالقوانين والعمل النيابي.

الدراسات السابقة

الدراسات العربية

أجرى الخلايلة ،(2012) هدفت الدراسة الى التعرف على واقع عملية الاصلاح السياسي في الأردن للفترة (2012-1999)، وتحديد مفهوم المشاركة السياسية في اطارها النظري والعملي وأهميتها في الأردن والتعرف على آليات التفاعل بين عملية المشاركة السياسية والقرار السياسي في الأردن مع ابراز أثر الاصلاح السياسي على قنوات المشاركة في الأردن. وتوصلت الدراسة إلى ان واقع الاصلاح السياسي في الأردن كان حافلا بالأنجازات من خلال تبني الملك عبد الله الثاني لهذة المهمة، التي توجت بتشريع عدد من القوانين التي تخصص الحياة السياسية في البلاد.

أجرى أبو حمود،(2018) دراسة هدفت إلى محاولة تقيم الواقع السياسي للمرأة  الأردنية ورصده، خاصة بعد التحولات السياسية التي شهدتها الأردن خلال العقدين الماضيين والتي ضمن التوجهات الحكومية للتعرف إلى مدى مشاركة المرأة ورصده بعد التحويلات السياسية التي شهدها خلال العقدين الماضيين، واظهرت الدراسة أن مٌشاركة المرأة الأردنية في الحياة في الحياة السياسية دعامة أساسية من دعائم التنمية والتطور الديمقراطي، واوصى الباحث  : بتكثيف التوعية السياسية للمرأة، وتقع هذه المسؤولية على الاحزاب والنقابات ووسائل الاعلام المتنوعة بصورة خاصة ،ومن الضروري ان تكون  عملية التمكين السياسي للمراة في سياق تمكين المٌجتمع جماعات وأفراد.

الدراسات الأجنبية

أجرى الشراه ، وأخرون ،(2014)  دراسة هدفت الى تحديد مستوى وعي الأمناء العامين السياسي، وتكونت عينة الدراسة من (18) أمينا عاما عاما مٌختلفا ،وأظهرت النتائج أن مستوى  وعي الأمناء العامين الأردنين لمفهوم  الأحزاب السياسية والأصلاح السياسي ايجابية.

                قام سلامة واخرون (2018)، دراسة هدفت إلى التعرف على أثر الأصلاح الأقتصادي على الأصلاح السياسي في الأردن خلال فترة (1989-2016).

وأظهرت الدراسة بان  القيمة الأجمالية للمؤشرات الستة للأصلاح الأقتصادي مٌعتدلة، والقيمة الأجمالية للمؤثرات الستة للأصلاح اردني الأقتصادي مٌعتدلة.

 

المحور الأول- ماهية التمكين السياسي للمرأة

         تٌعتبر قضايا المرأة في الوطن العربي من القضايا التي حصلت على دراسات كثيرة من الباحثيين في المجالات المتعددة، وذلك لأن المرأة لها دورا هاما وفعالا في المجتمع وتطوره وتقدمه ابتداءاً من مٌهمات المٌجتمع بالأسره الى علاقاتها بمؤسسات المجتمع، مما أدى الى تنوع المهام الملقاه على عاتقها داخل المٌجتمع وخارجه، ولقد واجهت المرأة عقبات مٌختلفة (دينية، اجتماعية، ثقافية، قانونية، سياسية وغيرها) . واكثرها جلياً واضحاً في العهود البدائية والاقطاعية والرجعية مما أدى إلى تقليل دور المراة بالمٌشاركة واتخاذ القرارت في الميادين الاجتماعية والسياسية وغيرها، ولكن ظهور الوعي بقضية المرأة التي هي أبرز سمات المرحلة التي يمر بها العالم في هذا الوقت وبروز والدعوة إلى حقوق الانسان وبالاخص قضية المرأة وأهمية تفعيل دورها في تقدم وتطور المٌجتمع جنبا الى جنب مع الرجل العربي على قائمة التحرر والتنمية في المٌجتمع العربي المٌعاصر حيث يعتبر الديمقراطية من اهم المشاريع النهضوي العربي.(رسول،2012).

وللمرأة دور في بناء المٌجتمع وتقدمه ، منذ القدم ولكن هذا الدور أصبح جلياً وواضحا بعد ما نالته من علم وثقافه وتأهيل ومعرفة لصقل شخصيتها وتوسيع مدراركها، مما أدى الى دخولها جميع ميادين العمل والمٌشاركة في الحياة العامة، والمرأة الأردنية حققت نجاحا وتقدما خلال العقدين الماضيين في الدفاع عن حقوقها القانونية في المجال السياسي مما أدى إلى تزايد مٌشاركتها في السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. (أبو حمود،2018).

ويٌعتبر مفهوم المٌشاركة واحد من أهم المفاهيم التي أظهرت اهتمام العديد من الباحثيين في مجالات العلوم الاجتماعية عامة ، لما له من مكانة كبيرة اضافة  لتداخل هذه المفاهيم مع العديد من المفاهيم الأخرى  فضلاً عن إن هناك العديد من المفاهيم في مجال العلوم السياسية التي يتوقف تحقيقها على أرض الواقع على توفر مفهوم الديمقراطية، حيث لا يمكن الحديث عن الديمقراطية دون التعارض للمٌشاركة السياسية لأفراد المٌجتمع، فهي ضرورية لارساء قواعد المٌجتمع الديمقراطي، وكما أن الديمقراطية هي عملية مركبة" تتكون من مجموعة من العناصر، كل عنصر يٌشكل عملية قائمة بذاتها فان المٌشاركة السياسية كواحدة من هذه العناصر فهي فهي عملية موجودة لها عناصرها الأساسية والضرورية حيث لا يمكن اسقاطها ،بل يجب الأهتمام بكل واحدة وبنفس القدر من الجدية حتى يتحقق الهدف من المٌشاركة والمٌتمثل في تحقيق  الديمقراطية. (عثمان،2016).

وتعرف بانها عملية يمارسها الأفراد بهدف التأثير في القائمين على السلطة السياسية، وهي أيضا عملية سائدة أو معارضه لقيم سياسية، وهي مٌساندة أو مٌعارضة لقيم سياسية معينة " فهي بناءاً على هذا  تقوم على عنصر الثأثير في أصحاب القرار الاستراتيجي وتعزيزه بالموافقة عليه أو الضغط عليه" فهي بناءاً على هذه تقوم على عنصر التأثير في أصحاب القرار الاستراتيجي وتعزيزه بالموافقة عليه أو الضغط عليه بالغاءه أو التراجع عنه في حالة رفضه من مٌمثلي الشعب في المستويات التشريعية العليا " البرلمان"، وهناك من عرفها على أنها عملية فهي تقوم على عنصر التاثير في أصحاب القراري الأستراتيجي وتعزيزه بالموافقة عليه أو الضغط بالغاءه ، أو التراجع عنه في حالة في حالة رفضه من طرف مٌمثلي الشعب في المستويات التشريعية العليا " البرلمان" أي المٌشاركة السياسية الرسمية. (بوقدورة، ومخلوف،2018).

ويٌعد بداية المشاركة السياسية في الاردن منذ تأسيس امارة شرق الأردن عام(1921)، وبدا واضحا باصدار القانون الأساسي للأمارة عام (1928) وبدستور المملكة الأول عام (1947) وعليه تمت انتخابات المجلس التشريعي في عهد مؤسس المملكة الملك عبد الله ، واستمرت هذه المسيرة في زمن الملك حسين بن طلال، الذي حرص على تطبيق الدستور ولا سيما اجراء الانتخابات النيابية وانتخابات النقابات والجمعيات الخيرية، حيث اهتم بالمساواة بين قطاعات الشعب في مٌشاركتهم البناء بهدف بناء الأردن الحديث، قادراً على بناء الأردن الحديث قادرا على مواكبة  التقدم في العالم على جميع الصعدة .(الخلايلة،2012).

وقد أشار كل من ( عدلي،واخرون،2017 ) ان النتائج المٌستخلصة من دول ثانية أن المشاركة السياسية للنساء، تواجه بتحدي رئيسي، يتعلق بكيفية تحويل المؤسسة والنظم السياسية والاقتصادية عن طبيعتها الذكورية، فمثلا في بورندي لم يعمل نظام كوتا وارتفاع عدد النساء في مؤسسات صنع القرار على كل المستويات بما فيها المحلي إلى القضاء على عدم المساواة بين الرجال والنساء، ولا تمثيل فعال للنساء لأن نظام الكوتا لم يٌصاحبه تغير في النظم السياسية والمؤسسية التي ظلت تعكس قيم ذكوريا، لا تؤد الى تعزيز المساواة النوعية، كما تظهر حالات البلدان الأفريقية أهمية البييئة السياسية والامنية في توفير المناخ المٌناسب للمٌشاركة الفعالة للمراة في الحياة السياسية والعامة، كما بدا جليا أهمية دور النخبة الحاكمة اذ يٌعتبر غياب الأدارة السياسية عند النٌخبة الحاكمة، اذ يٌعتبر غياب الأداره السياسية عند النخبة الحاكمة من الصعوبات التي تواجه تحقيق المساواة في البلدان الأفريقية، ورغم محاولات مؤسسات التنمية الدولية  ادماج  المرأة والنوع الاجتماعي  في برامجها التنموية في تلك البلدان، وفي المٌقابل تظهر الحالة التونسية دور النٌخبة الداعم في تحقيق المٌساوة النوعية في مرحلة بناء الدولة الدولة بعد الإستقلال.

ويُعبر مفهوم تمكين المرأة عن "عملية شخصية واجتماعية تستطيع المرأة من خلالها اكتساب القوة والسيطرة على حياتها واختياراتها"، أما التمكين السياسي فهو" عملية مٌعقدة تتطلب تبني سياسات واجراءات وهياكل ومؤسساتية وقانونية بهدف التغلب على أشكال عدم المساواة وضمان الفرص المٌتكافئة للافراد في استخدام موارد المٌجتمع، وفي المشاركة السياسية تحديدا، وليس القصد من التمكين المٌشاركة في النظم القائمة كما هي عليه من البحث بتغيرها واستبدالها بنظم انسانية تسمح بمشاركة الغالبية في الشأن العام وادارة البلاد وفي كل مؤسسة صنع القرار"، وتؤكد الاتجاهات العالمية على أهمية اعادة تعريف التحليل يعني القدرة على التواصل والتنظيم وليس القصد من التمكين المشاركة في النظم القائمة كما هي عليه، بل العمل الحثيث لتغيرها واستبدالها بنظم انسانية تسمح بمشاركة الغالبية في الشأن العام وادارة البلاد وفي كل مؤسسة صنع القرار".   ( عدلي ، واخرون ،2017).

المحور الثاني- التمكين السياسي للمراة الاردنية في الاوراق النقاشية وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

لقد حرص الملك عبدالله الثاني ومن خلال الأوراق النقاشية ، وخاصة الورقة النقاشية الأولى على تأكيد المساواة بين الجنسين حين قال : " لنتذكر جميعاً أننا كأردنيين وأردنيات إخوة وأخوات متساوون وفي مركب واحد، وأن وحدتنا وإخلاصنا لهذا البلد يسمو فوق كل إختلاف، سواء أكان في العرق، أو الأصل، أو الدين." وهذا التأكيد الملكي ما هو إلا ترجمة واضحة وصريحة على أن الجميع شركاء في هذا الوطن وشركاء في النهوض به على كافة المٌستويات ، وأن على النساء الأردنيات مسؤوليات وتحديات لا يمكن القيام بها ومواجهتها دون شراكة حقيقية مع إخوتهن من الأردنيين ، فالمركب واحد وللسير فيه نحو الإمام والتقدم بخطوات مٌتسارعة نحو الإصلاح والمٌمارسة الديمقراطية ستكون على الوجه الأمثل بالتشاركية ما بين نساء الأردن ورجاله.

                كما شدد في هذه الورقة النقاشية الأولى على دعوة الفائزين بالإنتخابات البرلمانية إلى إدراك أنهم يتحملون أمانة عظيمة وهي "مسؤولية تمثيل جميع الأردنيين والأردنيات". وهنا يؤكد الملك عبدالله على مبدأ آخر ذات أهمية مبني على قاعدة أن النائب ، ذكر كان او انثى يمثل ، وتمثل جميع أبناء الوطن رجالاً ونساءاً، ولا تقتصر على مناطق مٌحددة أو فئات مٌعينة من المٌجتمع، فالمرأة النائب تحمل هموم جميع المواطنين والمواطنات دون إستثناء وكذلك النواب الذكور، وإن المسؤولية والإمانة تقتضي العمل على مٌمارسة الأدوار التشريعية والرقابية والخدماتية التي تنصف الجميع وتزيل بشكل خاص كافة أشكال التمييز ضد النساء بتعديل  أو سن التشريعات التمييزية وترسخ مبدأ المساواة بين الجنسين.

وقد حث الملك في حينه وبمناسبة قرب الإنتخابات البرلمانية لمجلس النواب السابع عشر التي أجريت بتاريخ 23/1/2013 الجميع رجالاً ونساءاً على ممارسة الحقوق وتحمل المسؤوليات حيث قال جلالته : " كما أدعو المواطنين والمواطنات من أبناء وبنات شعبنا العزيز لتبني المبادئ والمٌمارسات الديمقراطية التي عرضتها للتو، فهي تٌشكل إجتهاداً لترسيخ سلوكيات المواطنة الصالحة، المؤمنة بالديمقراطية نهج حياة". (الاوراق النقاشية ،2013).

                وإن تجاوب المرأة الاردنية بشكل خاص مع الدعوات الملكية للمشاركة ترشحاً وإنتخاباً جاء مٌلفتاً ويٌدلل على تحملها المسؤولية وحرصها على المٌشاركة الفاعلة والحقيقية ، وان نتائج الإنتخابات البرلمانية في العام 2013 وصلت نسبة الإقتراع الإجمالية إلى (56.69%) من إجمالي عدد المٌقترعين، والمٌقترعات وشارك (1.288.043) مٌقترع، ومُقترعة من أصل (2.272.182) عدد الناخبين، والناخبات المُسجلين، وقد شهدت الدائرة السادسة بمٌحافظة الكرك نسبة الإقتراع الأعلى (89.9%) ،فيما سجلت الدائرة الثانية في مٌحافظة العاصمة أدنى نسبة إقتراع بواقع (37.52%) ، وعلى الرغم من تفوق عدد الناخبات المٌسجلات على عدد الناخبين المُسجلين بنسبة (52%) و (48%) على التوالي ، إلا أن عدد المٌقترعات الفعلي كان أقل من عدد المٌقترعين بنسبة (27.75%) و (28.94%) على التوالي ، وهذا يعطي دلالة على ان التمكين لم يكن بحجم المأمول في بعض المناطق الانتخابية.

                وإن التمثيل النسائي وفقاً لنتائج إنتخابات مجلس النواب السابع عشر شكلت ما نسبته (12%) من المقاعد أي 18 مقعد من أصل( 130) وهو الأعلى منذ دخول النساء الحياة السياسية ، حيث كانت نسبتهن (10.83%) من مجمل أعضاء مجلس النواب السادس عشر عام (2010) و (6.36%) من مجمل أعضاء مجلس النواب الخامس عشر،عام( 2007) و (5.5%) من مجمل أعضاء مجلس النواب الرابع عشر عام (2003). (معهد تضامن النساء،2013).

                إلا أن نظرة على نسب التمثيل قد ارتفعت بعض الشيئ، على ما كانت عليه في المجالس السابقة ، وهذا يٌدلل على ان عملية التمكن قد اصبحت افضل مما كان عليه في السابق ، وان التحفيز التي تمثله القيادة السياسية قد اتى اوكله وثماره ، واصبح هناك ما يجعل المرأة الاردنية تساند قرينتها الٌمرشحة من باب أنها الأنسب لإيصال صوتها وتكنه ما تعاني منه المرأة في قطاعات وأماكن عدة .

وتدل الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية الضامنة لدور المرأة في الحياة العامة، وتمكين المرأة الأردنية من المٌشاركة الفاعلة والمٌجتمع، وعدم اقتصارها على الجانب التشريعي اذ تمتد لتشمل السياسات والمٌمارسات والتوجيهات المٌجتمعية والمٌعيقات الاقتصادية والنظرة النمطية تتعارض مع الرجل والمرأة فاعلين في بناء المٌجتمع، وبما أن تمكين المرأة وتطوير مٌشاركتها في الحياة السياسية البرلمانية والحزبية والهياكل التنظيمية للأدارة المحلية، يتطلبان تطوير مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات إنطلاقاً من قيم المواطنة استناداً لأحكام ومبادىء الدستور الأردنيين تكافؤ الفرص وعدالة التمثيل، فقد قدمت لجنة تمكين المرأة المٌنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية توصياتها للجان الفرعية الأخرى حول التعديلات المٌقترحة لقانوني الانتخابات والأحزاب، وتلك الهادفة إلى تعزيز مٌشاركة المرأة في الادارات المحلية بمستوياتها المٌختلفة، وانطلاقا من أن الدستور سيد التشريعات وموجهها، وقدمت اللجنة مٌقترحاتها بخصوص التعديلات الدستورية للمبادئ الاساسية التي تؤمن بها الدولة الأردنية وتسعى تجديرها. (اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية،2021).

لقد كانت الرسالة الملَكيّة  للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية واضحةَ الأهداف ومملوءة بالعزم على إحداث نقلة نوعية في الحياة البرلمانيّة والحزبيّة، تليق بالأردنيّين والأردنيّات وبإنجازات دولتهم ونظامهم السياسيّ على مدى المئويّة الأولى، وعلى نحوٍ يضمن التأسيس لحياة برلمانيّة وحزبيّة فاعلةٍ وقادرةٍ على إقناع الناخبين بطروحاتها، وقادرةٍ كذلك على التخلُّص من تشوهات الماضي البعيد والقريب التي ألَـمّت بالعمل الحزبيّ والبرلمانيّ، وهو ما سيقود إلى التأسيس لمرحلةٍ مٌتقدمة في أداء السلطة التنفيذية لمسؤوليتها وفي قوة المؤسسات السياسيّة وتكاملها وانضباطها وفقًا لأحكام الدستور الأردنيّ العتيد وبما يُشعر المواطن أنه أساسُ عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية. (اللجنة الملكية لتحديث ىالمنظومة السياسية،2021).

المحور الثالث- مدى موائمة تمكين المراة الاردنية في الاوراق النقاشية  وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

                تكمن أهمية الأوراق النقاشية جميعها من حيث تشديدها على أهمية دور النساء الأردنيات في مٌختلف المجالات السياسية والاقتصادية ،والاجتماعية والثقافية ، وإعتبارهن جزءاً لا يتجزأ من عمليات الإصلاح والتطوير والتغيير نحو مٌستقبل أفضل، وأن عليهن واجبات ولهن حقوق تفرضها المواطنة الفاعلة وتدعمها الرؤية الملكية الثاقبة والحكيمة.

وهذا ما يؤكد ان المرأة الاردنية  شريكة في عملية الإصلاح بمٌختلف المجالات جنباً الى جنب شركائهن من الذكور، وأنها تعمل وتستثمر قدرتها وابداعها  من أجل مٌستقبل أفضل لها ولأسرتها ومٌجتمعها ليكون الأردن نموذجاً يحتذى به عربياً وإقليمياً ودولياً، وللوصول إلى هذا الهدف فإن النساء والفتيات يعملن على إزالة كافة الحواجز والعقبات التي تحول دون مشاركتهن الفاعلة سواء أكان بتعديل النصوص القانونية التي تميز بين الجنسين أو تنتقص من حقوقهن أو تشكل شكلاً أو أكثر من أشكال عدم المساواة ، وما حفزها في ذلك هو تأكيد الملك عبدالله على الدور الذي تقوم به المرأة الاردنية كجزء هام في المُجتمع الاردني .

وما يدعم هذا إن المرأة الاردنية مٌتعلمة ومثقفة ولكن فرصتها في مجال المٌشاركة الإقتصادية لا زالت ضعيفة خاصة بين الشابات اللاتي يحملن شهادات بكالوريس فأعلى، فهن بحاجة إلى بيئة عمل تراعي خصوصيتهن وتلبي إحتياجاتهن كإنشاء دور حضانة وسد الفجوة في الأجور وضمان حصولهن على التدريب المناسب ، والترقية للوصول إلى مواقع صنع القرار.

وإن تأمين العيش الكريم للمرأة الاردينة  خاصة المٌهمشات والريفيات والنساء ذوات الإعاقة وكبيرات السن بتأمين خدمات صحية مناسبة لهن ولأطفالهن وضمان وصولهن الى تلك الخدمات، وإيجاد مظلة إجتماعية يستطعن من خلالها تأمين إحتياجاتهن الأساسية والضرورية، وتوجيه العديد من البرامج والخدمات الى هذه الفئة.

إن الشابات الأردنيات وهن متفوقات بالتعليم لديهن القدرة على الإبداع والإبتكار وإيجاد الحلول للعديد من المشاكل التي تعاني منها النساء والفتيات بشكل خاص والمٌجتمع بشكل عام، وهن بحاجة الى الدعم والمساندة والتشجيع ليكون بمقدورهن أخذ أدوارهن في المٌشاركة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والإنخراط بشكل أفضل في عملية الإصلاح السياسي والديمقراطي، فالأردن على موعد مع الفرصة السكانية قريباً وهي الفترة التي تكون فيها فئة الشباب والشابات أكثر من فئة الأطفال وكبار السن، وهي الفئة التي تعتبر المحرك الرئيسي لعملية التنمية بمفهومها الواسع.

ومن هنا، فإن ما يتم التأكيد عليه إن المرأة الاردنية  بحاجة إلى إنهاء كافة أشكال العنف الممارس ضدهن لينعمن بالإستقرار سواء الأسري أو في مكان العمل أو في الأماكن العامة، فلا زالت بعض النصوص القانونية تؤرقهن ولا زالت بعض الممارسات الضارة تحجمهن عن المٌشاركة بفعالية وإطمئنان، فالجرائم بذريعة "الشرف" وتزويج المغتصبة ممن إغتصبها وعدم تراجع نسب الزواج المبكر خلال عقد من الزمن وموضوع جنسية أبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب تحتاج الى تعديلات قانونية وجهود مٌجتمعية لإحداث التغيير المطلوب على المستوى القانوني والمٌجتمعي وعلى مستوى الممارسات التي تعيق مسيرتها .

وهذا ما يؤكد إن التغيير المطلوب وتمكين الأردنيات بمختلف المجالات يقع في إطار الإصلاحات التي أشارت اليها الأوراق النقاشية الملكية جميعها، وهي مسؤولية كافة الأطراف بما فيها مؤسسات المجتمع المدني وعلى وجه الخصوص المؤسسات النسوية، وإن دعم هذه المؤسسات الذي أشار اليه الملك وبناء قدراتها ستٌساهم بالتأكيد في تمكينها لتأخذ دورها في المٌجتمع وتساهم في تغيير الصورة النمطية عن النساء وتحد من الهيمنة الذكورية.

لقد حرص الملك عبدالله  من خلال الورقة النقاشية الأولى على تأكيد المساواة بين الجنسين حين قال: " لنتذكر جميعاً أننا كأردنيين وأردنيات إخوة وأخوات متساوون وفي مركب واحد، وأن وحدتنا وإخلاصنا لهذا البلد يسمو فوق كل إختلاف، سواء أكان في العرق، أو الأصل، أو الدين " . ( الاوراق النقاشية ، 2013).

وهذا التأكيد الملكي ما هو إلا ترجمة واضحة وصريحة على أن الجميع شركاء في هذا الوطن وشركاء في النهوض به على كافة المستويات ، وأن على النساء الأردنيات مسؤوليات وتحديات لا يمكن القيام بها ومواجهتها دون شراكة حقيقية مع إخوتهن من الأردنيين ، فالمركب واحد وللسير فيه نحو الإمام والتقدم بخطوات متسارعة نحو الإصلاح والممارسة الديمقراطية ستكون على الوجه الأمثل بالتشاركية ما بين نساء الأردن ورجاله.

كما شدد الملك عبدالله في هذه الورقة النقاشية الأولى على دعوة الفائزين بالإنتخابات البرلمانية إلى إدراك أنهم يتحملون أمانة عظيمة وهي "مسؤولية تمثيل جميع الأردنيين والأردنيات" .( الاوراق النقاشية، 2013).  

وهذا ما يدعو الى تمكين المرأة من خلال ما جاء في الورقة من ان الاردنيات لديهن مسؤولية كبيرة في الوصول الى البرلمان بشكل تنافسي وهو ما يحتاج إلى الدعم والمؤازرة من قريناتها ومن المٌجتمع ككل ، وهنا يؤكد الملك على مبدأ آخر ذو أهمية مبني على قاعدة أن النائب مهما كان يمثل جميع أبناء الوطن رجالاً ونساءاً ، ولا تقتصر على مناطق مٌحددة أو فئات معينة من المٌجتمع ، فالمرأة النائب تحمل هموم جميع المواطنين والمواطنات دون إستثناء وكذلك النواب ، وإن المسؤولية والإمانة تقتضي العمل على ممارسة الأدوار التشريعية والرقابية والخدماتية التي تنصف الجميع وتزيل بشكل خاص كافة أشكال التمييز ضد النساء بتعديل التشريعات التمييزية وسن تشريعات ترسخ مبدأ المساواة بين الجنسين.

وجاء في الورقة النقاشية الثانية ان متطلبات التحول الديمقراطي الناجح ، فالوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يرتكز على الحاجة الى بروز أحزاب سياسية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وهموم وأولويات المٌجتمعات المحلية والحصول على مقاعد برلمانية مؤثرة يعمل من خلالها على دعم وتطوير عمل الجهاز الحكومي على أسس من المهنية والحياد ، وتطوير وتحديث الأعراف البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب لتعزيز نهج الحكومات البرلمانية ومبدأ فصل وتعاون السلطات.
وإن زيادة وتشيجع إنخراط النساء في الأحزاب السياسية ووصولهن الى مواقع صنع القرار ستساهم في تحقيق الرؤية الملكية والتحول الى أنظمة الحكومات البرلمانية الشاملة، وهذا ما اكدت عليه توصيات اللجنة الملكية لتطور المنظومة السيادية ، وهو ما يتوائم مع ما جاء في الاوراق النقاشية.

وقامت اللجنة الملَكيّة لتحديث المنظومة السياسيّة على مدار ثلاثةِ أشهر،  بدراسة جميعَ المواد الدستورية المٌتعلقة بعملها، ملتزمةً بإطار التكليف السامي، المٌتمثلِ بالنظر في التعديلات الدستورية المٌتصلةِ بقانونَي الانتخاب والأحزاب السياسية وبآليات العمل النيابي.

وزاد عددُ المواد التي درستها اللجنة على خمسين مادةً دستورية، وارتأت اللجنة أن توصي بتعديل (22) مادة منها، بما يضمن الاستجابة للرسالة الملَكيّة السامية، وبغية مواءمة الدستور لمسوّدتي مشروعَي قانونَي الانتخاب والأحزاب السياسية اللتين وضعتهما اللجنة، إضافة إلى المواد الدستورية المتصلة بآليات العمل النيابي بهدف تطوير الأداء التشريعي والرقابي والنهوض بهما، وتمكين الشباب والمرأة وذوي الإعاقة وتعزيز دورهم ومكانتهم في الدستور والمٌجتمع.

                وواوصت اللجنة أن من يحق لهم الترشح على المقاعد المخصَّصة (الكوتا) اختيار مسار الترشح (لكوتا) أو التنافس الحر، لتطبيق العدالة بين المٌترشحين، وتعزيز فرص وصول المرأة إلى مجلس النواب، فيما اوصت اللجنة بان تكون  نسبة مٌشاركة المرأة في الاحزاب لا عن (20%) من عدد المؤسسين،  وان يضمن الحزب حقّ مٌنتسبيه من فئتي المرأة والشباب في تولّي المواقع القيادية فيه، واستقطاب الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم واستثمار طاقاتهم في خدمة أهدافه، وتوفير الترتيبات والمرافق التيسيرية وإمكانية الوصول لمٌمارسة نشاطهم. فضلاً على أن يٌمكّن الحزبُ منتسبيه من فئات المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى موارده المتوفرة بشكل عادل ومتكافئ، خاصةً أثناء الحملات الانتخابية، وتوسيع قاعدة المشاركة الحزبية وتحديدًا من قِبَل فئتي المرأة والشباب وطلبة الجامعات؛ ومن المؤمَل أن تتيح التطورات التي شملها القانون تغييرَ هيكل العضوية في الأحزاب ومدِّها بدماء جديدة.

                وأوصت اللجنة بإجراء تعديل جوهري على المادة (6) من الدستور التي تكرّس مبدأ المساواة قاعدةً أساسيةً من أجل ممارسة الحقوق والحريات الدستورية، فأضافت فقرتين جديدتين إلى هذه المادة تخاطبان الشباب والمرأة، هما:

الفقرة (6) التي تنصّ على أن: (تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المٌجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز).

أما في مجال الادارة المحلية فقد اوصت اللجنة بتمثيل المرأة في المجالس المٌنتخَبة في المٌحافظات والبلديات بنسبة لا تقل عن (30%) من عدد المقاعد، وتخصيص مقعد للأشخاص ذوي الإعاقة في الهياكل المٌنتخَبة على مٌستويَي المٌحافظات والبلديات.

                ومن هنا، فإن ما تم تقديمه من قبل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية  من توصيات ومٌقترحات وتعديلات دليل واضح على ان تمكين المرأة لا يقتصر فقط على ناحية مٌعينة بل ان تمكينها يتطلب تعديلات قانونية عدة  واسعة وصريحة ،  لا تقتصر على التوصيات ،حتى يٌتاح لها المجال لخوض التنافس بشكل يٌمكنها من الوصول إلى منازل صنع القرار والمٌشاركة في تحديث كثير من الجوانب التي تؤهلها لتكون فاعلة بشكل يوازن دور الرجل في مناحي عدة  ،بحيث يقوم ذلك على التوازن وعدم التمييز والبعد عن اي شكل من اشكال العنف ، وان ما جاء في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية  من توصيات خاصة بما يتعلق تعزيز وجود المرأة في القيادات الحزبية سيعزز على توسيع قاعدة مشاركة المرأة الحزبية ، وان مٌشاركة المرأة الاردنية في الحياة الحزبية كانت ولا زالت ضئيلة ، خاصة على مستوى القيادات بالرغم من الدور الكبير الذي لعبته النساء منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي في مسيرة الأحزاب السياسية التي شهدت إنفتاحاً سياسياً بعد عام (1989) حيث صدر قانون الأحزاب السياسية رقم (32) لعام (1992) الذي أصبح المرجعية القانونية للتعددية الحزبية، وإن نسبة النساء في الهيئات التأسيسية للأحزاب الأردنية التي وصل عددها إلى (35) حزباً إرتفعت إلى (9%)  حيث كان العدد الإجمالي لمؤسسي الأحزاب من الذكور والإناث (4116) شخصاً ، منهم (372) إمرأة . ( بيانات وزارة الداخلية ،2008).

ووفقاً لبيانات عام (2010) فإن عدد اعضاء بلغ (3285) إمرأة في مٌقابل (8010) رجل من العدد الإجمالي لأعضاء الأحزاب السياسية البالغ عددها ثمانية عشر حزباً وهو يشكل ما نسبته (29.1%)، وقد ترأست إمرأتين حزبين إثنين ، وشكلت النساء نصف الأعضاء أو أكثر في أربعة أحزاب من أصل ثمانية عشر حزباً.  (بيانات وزارة الداخلية ،2010). 

النتائج:

بعد أن استعرض الباحثين إشكالية تمكين المرأة الاردنية في ظل الاوراق النقاشية وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، فقد توصل البحث إلى مايلي:

1.    أن مٌشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية دعامة أساسية من دعائم التنمية والتطور الديمقراطي، وتقع هذه المسؤولية على الأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام المتنوعة بصورة خاصة.

2.     توصيات اللجنة الملكية لم تشتمل على عملية التمكين السياسي للمرأة الأردنية التي لم تجري في سياق تمكين المٌجتمع جماعات وأفراداً، تعليمياً وثقافياً واقتصادياً ، وسياسياً واجتماعياً .

3.      دعت الاوراق النقاشية إلى عملية التمكين الذي  يتمثل في خلق بيئة ثقافية مٌجتمعية داعمة لمٌشاركة المرأة في جميع المجالات.

4.       الاوراق النقاشية ركزت على  ردم الهوة  التي تٌفقد المرأة عناصر التمكين في ميادين عدة وليست مٌقتصرة على التمكين السياسي.

5.    ما زالت المرأة الأردنية تواجه صعوبات في وصولها إلى مجلس النواب  ومجالس المُحافظات من خلال التنافس الحر، على الرغم من تمتعها بمستويات عالية من التعليم.

6.    نسب تمثيل النساء في مراكز صنع القرار أو في المواقع القيادية ما زالت دون المستوى المطلوب على الرغم من التقدم المٌحرز في هذا المجال.

7.    توصيات اللجنة الملكية لم تكن لتدعم العدد القليل من النساء في مراكز صنع القرار ، والذي في أغلب الأحيان قليل الفاعلية في القضايا التي تخص المرأة.

8.     المرأة في المواقع القيادية بحاجة إلى الشجاعة لكي تستطيع إدخال وجهة نظرها في قضايا المرأة، بدلاً من مٌمارسة وتناول قضايا تتعارض مع رؤية وقناعة المرأة.

التوصيات:

بعد أن استعرض الباحثين نتائج البحث؛ فإنهم يوصون بما يلي:

1.      تكثيف التوعية السياسية للمرأة من خلال قنوات عدة ثقافية وإعلامية .

2.      حث المرأة الأردنية على العمل بشجاعة وبدون تردد في ابداء الرأي والمطالب بحقوق قريناتها .

3.       رفع مستوى تمثيل النساء في مراكز صنع القرار، وفي المواقع القيادية.

4.       تذليل الصعوبات التي تواجه المرأة الاردنية في وصولها إلى مجلس النواب ومجالس المُحافظات.

5.      خلق بيئة ثقافية مٌجتمعية داعمة لمٌشاركة المرأة في جميع المجالات، وبدون استثناء .

6.      تعديل فقرات قانونية عدة تدعم تمكين المرأة بشكل فاعل وقوي ومؤثر .

المراجع

أبو حمود، أحمد عارف ، وسالم، رفقة خليف، (2001)، دور الانتخابات النيابية (1989-2007) في  تمكين المرأة الأردنية سياسيا من وجهة نظرها، مجلة الأقصى المجلد15، العدد 2 ،غزة – فلسطين. 

بوقدوره، فاطمة، ومخلوف، ناجح ،(2018 )،المٌشاركة السياسية والتمكين السياسي للمرأة: المعوقات التحديات وآليات المٌعالجة في الوطن العربي، مجلة آفاق للعلوم ، العدد 13، الجلفة- الجزائر.

بيانات وزارة الداخلية ، (2008)، مشاركة المرأة الاردنية في الاحزاب السياسية، عمان- الأردن.

 بيانات وزارة الداخلية ، (2010)، مشاركة المرأة الاردنية في الاحزاب السياسية، عمان- الأردن.

 توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، (2021) ، عمان -الأردن.

الخلايلة، حمد هشام حمد ،(2012)، أثر الأصلاح السياسي على عملية المٌشاركة السياسية في المملكة الهاشمية 1999- 2012. رسالة ماجستير غير منشورة.جامعة الشرق أوسط.عمان .الأردن.

 رسول ، اخلاص اكرم ، (2012)، العوامل المؤثرة على دور المرأة في صنع القرار دراسة ميدانية في الادارة   لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية، العدد التاسع ،السنة الرابعة، الرصافة-العراق.

عبدالله الثاني بن الحسين ، (2013)، الاوراقة النقاشية، عمان- الاردن .

عثمان ، محمد عادل ، (2016) ، تأصيل مفهوم المٌشاركة السياسية، المركز العربي الديمقراطي ، برلين- المانيا ، بحث منشور  بتاريخ  21-8 على  الرابط https://democraticac.de/?p=36026.

عدلى ، هويدا، عزت ، منى ، فوزي ، احمد باهي، رهام ، نظير، مروه ، (2017) ،المٌشاركة السياسية للمرأة   مؤسسة فريدريش إيبرت ، مكتب مصر، القاهرة- مصر.

الكفارنة، أحمد عارف وسالم، رفقة خليف، (2011)، دور الانتخابات النيابية (2007-1989). في تمكين المرأة الأردنية سياسيا من وجهة نظرها،مجلة جامعة الأقصى: سلسلة العلوم الأنسانية، المجلد 15،(2).

معهد تضامن النساء، (2013)، الأردنيات في الأوراق النقاشية الملكية شريكات في الديمقراطية عمان -الأردن.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟