المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

استهداف بالعقوبات: كيف يمكن لواشنطن تفعيل عقوباتها على إيران؟

الأحد 26/ديسمبر/2021 - 10:43 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
سعيد جاسمينجاد- عرض: مصطفى صلاح

يمثل التحسن في الوضع الاقتصادي لطهران بمثابة تقليل من نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة إيران، كما يشجع قيادتها على المطالبة بالمزيد والتنازل عن القليل على طاولة المفاوضات، ومن هنا يجب الإشارة إلى أنه في وقت سابق من شهر ديسمبر 2021 في فيينا، وصلت المحادثات الدبلوماسية بين جمهورية إيران الإسلامية ومجموعة 5 + 1 إلى طريق مسدود؛ حيث تبنت طهران موقفًا متطرفًا. وقد جاءت ثقة النظام بالنفس جزئيًا نتيجة لتحسن وضعه المالي بعدما أظهرت أحدث البيانات عن الصادرات الإيرانية غير النفطية زيادة بنسبة 47٪ في الأشهر السبعة الأولى من العام الفارسي 1400 (أبريل 2021 - نوفمبر 2021) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

تداعيات التحسن

لا يزال الاقتصاد الإيراني يعاني من تضخم هائل وعجز كبير في الميزانية ونقص في الاستثمار وتراجع معدل مشاركة العمالة وتراجع أيضًا في مستويات النمو، ومع ذلك، هناك حقيقة واحدة لا يمكن تجاهلها وهي أنه بالرغم من العقوبات الأمريكية على إيران، إلا أن الاقتصاد الإيراني يعمل بشكل أفضل في ظل هذه المشكلات الإقليمية والدولية.

وضمن السياق ذاته، فإن أي تحسن في الوضع الاقتصادي لطهران يقلل من نفوذ واشنطن على نظام الملالي ويشجع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، وكبير المفاوضين النوويين علي باقري كاني للمطالبة أكثر والتخلي عن شروط واشنطن للضغط عليها. كما أن التحسن المطرد في الاقتصاد الإيراني دون إحياء الاتفاق النووي والرفع الكامل للعقوبات قد يقنع خامنئي باتخاذ الخطوة الأخيرة والتحول بإيران إلى دولة نووية على أمل أن يصبح الاقتصاد مرنًا بدرجة كافية لمقاومة موجة جديدة من العقوبات حتى يقرر العالم ضرورة تطبيع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية النووية.

وبالتالي، يجب أن تعمل إدارة الرئيس الأمريكي بايدن على تغيير هذه المعادلة من خلال بدء حملة ضغط أقصى جديدة باستخدام جميع عناصر القوة الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية، وفي القلب منها إعادة فرض ضغوط عقوبات حقيقية على النظام.

مسببات التحسن

لمعرفة ما الذي يقف وراء تحسن المؤشرات الاقتصادية الإيرانية، وكيف يمكن لإدارة بايدن إحباطها؟ لابد في البداية من إلقاء الضوء على الصادرات غير النفطية الإيرانية والتي تشمل كما حددتها طهران، كل شيء باستثناء النفط الخام، خاصة وأن إيران متكتمة بشأن صادراتها النفطية ولا تعلن قيمتها الإجمالية. وعلى الرغم من أن النظام لا يقدم تقارير منتظمة ومفصلة عن صادراته غير النفطية، إلا أنه لا يزال ينشر بعض التفاصيل التي تسلط الضوء على تجارته.

ووفق ما تم رصده من بيانات، وصلت الصادرات الإيرانية حوالي 27 مليار دولار من السلع غير النفطية  بين أبريل 2021 ونوفمبر 2021، أي ما يقرب من 9 مليارات دولار أكثر مما صدرته في نفس الفترة من عام 2020. كما بلغت الصادرات في عام 2021، 56 في المائة، أو 14.7 مليار دولار، من البلاد غير النفطية، وقد جاءت الصادرات من المنتجات البتروكيماوية ومكثفات الغاز.

كما تظهر البيانات التي قدمتها منظمة تنمية التجارة أن كمية الصادرات في هذه الفئة قد زادت بنسبة 16 في المائة فقط، بينما زادت الإيرادات بنسبة 50 في المائة، و24 في المائة أخرى من إجمالي الصادرات غير النفطية تأتي من تصدير المنتجات المعدنية التي نمت كميتها 15 في المائة بينما نمت قيمتها 110 في المائة.

وتوفر هذه الصناعات الخاضعة للعقوبات معًا ما يقرب من 80 في المائة من الإيرادات غير النفطية لإيران. وهنا يمثل عدم تطبيق العقوبات مشكلة كبيرة؛ حيث احتلت مجموعة من الدول وجهات التصدير الرئيسية للجمهورية الإسلامية، والتي تمثل 70 في المائة من صادرات هي العراق والصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا. وتعد البلدان الثلاثة الأخيرة هي أكبر المصدرين لإيران؛ حيث تمثل 64 في المائة من إجمالي واردات إيران.

طرق التحايل الإيرانية

لتفسير طرق الالتفاف الإيراني على العقوبات الأمريكية يمكن القول إنه يتم إعادة تدوير صادرات إيران الخاضعة للعقوبات إلى هذه البلدان من خلال أنظمتها المالية وتستخدم طهران العائدات لاستيراد ما تحتاجه. كما تأتي معظم الزيادة في عائدات الصادرات غير النفطية للجمهورية الإسلامية من ارتفاع الأسعار العالمية التي لا علاقة لها بسياسة واشنطن تجاه إيران.

ومع ذلك، قد يكون لسياسة بايدن تجاه إيران تأثير على الخصومات التي تقدمها طهران لعملائها؛ حيث أجبرت العقوبات طهران على تقديم خصومات كبيرة للعملاء بسبب زيادة مخاطر ممارسة الأعمال التجارية. وربما يكون نهج بايدن التصالحي تجاه طهران قد قلل من هذه المخاطر ومكّن النظام من منح تخفيضات أقل لعملائه. كما يمكن أن تكون الزيادة المتواضعة في كمية صادرات إيران غير النفطية من البتروكيماويات ومكثفات الغاز والمعادن نتيجة نهاية الركود العالمي لـ Covid-19 وزيادة الطلب على هذه المنتجات. بالإضافة إلى ذلك، يلعب تطبيق العقوبات المخفف دورًا مؤثرًا، وهو ما يسمح لطهران ببيع المزيد من هذه المنتجات.

وفي عالم غير واقعي؛ حيث تبنت إدارة بايدن استراتيجية الضغط الأقصى، وضاعفت حملتها للعقوبات، ووجدت طرقًا مبتكرة لعزل النظام، يمكن توقع انخفاض كمية الصادرات الإيرانية - حتى لو لم يكن ذلك كافيًا لتحييد ارتفاع كبير في الأسعار-. علاوة على ذلك، فإنه من خلال تشديد الحصار المالي على طهران، يمكن لواشنطن أن تزيد من تقييد وصول النظام الديني إلى عائداته واحتياطاته من العملات. وهذا ما يجب أن تفعله إدارة بايدن في ظل ما تسببه تحركات الأسعار العالمية من ضغوط على المصالح والأهداف الأمريكية، لذلك يجب على البيت الأبيض إحياء حملة الضغط الأقصى وتضخيمها لاستعادة النفوذ الذي فقده في عام 2021 من خلال تطبيق العقوبات الفضفاض والتغييرات في الاقتصاد العالمي.

في الختام، وفي حال إذا كانت هناك طريقة للولايات المتحدة لحل الأزمة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال المفاوضات، وهو أمر يمكن أن يكون لدى الأشخاص العقلانيين شكوك معقولة بشأنه، فلا يمكن أن يحدث ذلك إلا من خلال الضغط  وليس الاسترضاء .

Saeed Ghasseminejad, Loose Sanctions Enforcement Is Letting Iran Off the Hook, December 19, 2021, at: https://nationalinterest.org/feature/loose-sanctions-enforcement-letting-iran-hook-198103

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟