المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

إعادة الانتشار: مسارات وتداعيات ظهور فيروس أوميكرون اقتصاديًا

الأربعاء 01/ديسمبر/2021 - 09:56 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

ما إن بدأ الناس في أنحاء العالم، يتنفسون الصعداء قليلًا، مستبشيرن بقرب نهاية مأساة كورونا التي استطالت، وما إن بدأوا في التفكير، في العودة إلى حياة شبه طبيعية، والتخطيط لرحلاتهم وأسفارهم، إلا وخرج عليهم (أوميكرون)، ذلك المتحور الجديد من فيروس كورونا، ليهدم لذاتهم، ويعيدهم إلى المربع الأول، من زمن الخوف والقلق.

وضمن هذا الإطار، تراجعت بصورة كبيرة آمال الاقتصاديين المتفائلة بأنَّ الاقتصاد العالمي سيدخل عام 2022 على أُسس أكثر رسوخًا بعد انتشار سلالة "أوميكرون" الجديدة من فيروس كورونا، مما قد يقوض خطط صنَّاع السياسات للتركيز على التضخم بدلًا من ضعف الطلب، كما أن مدى استمرار تأثير سلالة كورونا أوميكرون، يرتبط بتحديد العلماء فاعلية اللقاحات والمناعة. وأن مختلف السياسات الاقتصادية الآن والوضع الاقتصادي مرهون بالسلالة الجديدة من فيروس كورونا. كما أنه من الواضح اليوم على الأرجح أننا أمام وقفة إذا لم يكن هناك إغلاقات وبالتالي سيكون هناك تباطؤ في الاقتصاد، وأيضًا ستأتي وقفة أخرى من قرار "أوبك+" بعدم زيادة الإنتاج.

تداعيات اقتصادية

إن التذبذب في الأسواق هو العنوان الأبرز منذ الإعلان عن ظهور هذا المتحور الجديد، وعلى مستوى المنطقة فإنها تتأثر بأسعار النفط وهبوطه بنحو 10 دولارات أو أكثر يؤثر على الأسواق، بالإضافة إلى ذلك فإن النتائج المعلنة لقطاع البنوك عن شهر أكتوبر لم تكن مشجعة وهذا يضغط على السوق، وأيضاً قطاع البتروكيماويات دون الأسمدة، يشهد تراجعا في الأسعار بداية من الربع الرابع ويؤثر على السوق.

وتشير التقديرات إلى أنه لم يسبق لأي متحور من فيروس كورونا المستجد أن أثار هذا القدر من القلق حول العالم، منذ ظهور المتحور “دلتا”. وتصف منظمة الصحة العالمية هذا المتحور بأنه الأشد عدوى بين كل متحورات كورونا حتى الآن، وأنه متحور مثير للقلق. وتتشكل خطورة "أوميكرون" في كونه مجموعة من الطفرات تثير المزيد من القلق؛ حيث تحمل السلالة الجديدة تحورات من المحتمل أن تتفادى الاستجابة المناعية الناتجة عن كل من العدوى السابقة والتطعيم؛ ما يجعلها أكثر قابليةً للانتقال والانتشار.

وضمن السياق ذاته، عالميًا يتجه سعر النفط للانخفاض، فبعد الارتفاع الرهيب لسعر النفط الذي تجاوز الـ85  دولار للبرميل، انخفض أكثر من 15٪؜ ومتوقع انخفاضه أكثر من ذلك خلال الأيام المقبلة، خاصه بعد قيام الولايات المتحدة باللجوء إلى سحب 50 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي لديها، كرد فعل على عدم قيام «أوبك» بالموافقة على زيادة الإنتاج اليومي، وقد تسير الصين على خطى واشنطن وتستخدم الاحتياطي الاستراتيجي من النفط كأداة للضغط على «أوبك+»، وكذلك البورصات العالمية والعربية تتجه نحو الانخفاض؛ حيث إن أسعار الأسهم تنخفض بشكل تلقائي في أسواق المال العالمية للهبوط بقوة بسبب حالة عدم اليقين، التي قد تستمر خلال تداولات الأيام القادمة، ولم تسلم البورصات العربية أيضًا من الانخفاض؛ حيث تراجعت أسواق مالية خليجية، أهمها السعودية والكويت والبحرين ومسقط، بعد تزايد المخاوف لدى المستثمرين من المتحور الجديد لفيروس كورونا

اتخذت الكثير من الإجراءات الاحترازية، فالمغرب أغلقت حدودها لمده أسبوعين، كذلك سويسرا اتخذت إجراءات مشددة في السفر، وأيضًا إنجلترا شددت من الإجراءات الاحترازية، وفرض استخدام الكمامات في الشوارع والأماكن العامة.

وتشهد الأسواق والبورصات حالة من القلق في ظل مخاوف اقتصادية من تداعيات انتشار النسخة الجديدة، واليوم تراجعت الأسواق بعد أن قال رئيس شركة "مودرنا" لصحيفة "فاينانشال تايمز"، إن اللقاحات الحالية المضادة لكوفيد-19 من المرجح أن تكون أقل فاعلية بكثير في مواجهة "أوميكرون" بالمقارنة بالسلالات المتحورة السابقة. 

مسارات متنوعة

تتزايد المخاوف من أن الفيروس الجديد أصبح الآن مختلفًا جذريًا عن الأصلي الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية، وهذا يعني أن اللقاحات، التي صممت باستخدام السلالة الأصلية، قد لا تكون فعالة، وشوهدت بعض الطفرات في متحورات أخرى، ما يعطي فكرة عن دورها المحتمل في تطور هذا المتحور.

 ونحن أمام سيناريوهات للتعامل مع هذا المتحور السيناريو، الأول أن تستطيع الشركات الطبية العالمية من تعديل اللقاح الحالي، لكي يواجه ويقاوم المتحور الجديد وسيكون في هذه الحالة التأثير منخفض اقتصاديًا، وقد يشهد الاقتصاد تباطؤ وانخفاضًا نوعيًا ولكن سرعان ما سيبدأ في التعافي سريعًا.

في حين يتمثل السيناريو الثاني في عد قدرة اللقاحات الحالية على مواجهة المتحور الحالي، ويكون المتحور عصي علي اللقاح أو عدم قدرة الشركات الطبية العالمية في تعديل المصل، وفي هذه الحالة الوضع سيكون أسوأ اقتصاديًا؛ حيث سيتجه العالم إلى الإغلاق والتوقف عن الأنشطة الاقتصادية، وهو ما سيؤثر سلبًا على معدل النمو الاقتصادي عالميًا ومحليًا وزيادة معدلات البطالة وانخفاض حجم التجارة العالمية، وبالتالي سيكون إعادة إنتاج لما حدث في عام 2020، وتعطيل الحياة العامة لفترات غير معلومة، بسبب تمدد الجائحة وظهور المتحور الجديد «أوميكرون» أو متحورات جديدة. ويفترض هذا السيناريو انتشار الفيروس بشكل سريع وأن السلالة الجديدة ستستطيع تجاوز اللقاحات الموجودة والاختبارات الحالية، وهذا السيناريو هو الأكثر سلبية، وهو ما سيظهر إذا كان المتحور الجديد يستلزم إعادة فرض عمليات الإغلاق التي تعيق النمو، وبالتالي؛ تهديد سلاسل الإمداد المضطربة بالفعل والإضرار بالطلب، وهذا من شأنه إثارة المخاوف بشأن نشوب مزيج تضخمي يتكون من تضخم أسرع، ونمو أبطأ.

في الختام، تتزايد المخاوف العالمية من تداعيات انتشار الفيروس المتحور الجديد أوميكرون بعد أن تمكنت الدول من تجاوز الانعكاسات السلبية لانتشار فيروس كورونا ومتحوراته السابقة، وهو ما عبرت عنه بصورة كبيرة تصاعد المخاوف الاقتصادية من إعادة الإغلاق من جديد  بين الدول، بالإضافة إلى أن دول العالم تسعى إلى مواجهة هذه التحورات، من ناحية أخرى فإن الخطوات التالية سيجري تحديدها بناءً على ما يكتشفه العلماء بشأن المتحور الجديد، مثل مدى مقاومته للقاحات، ومدى قابلية انتقاله مقارنة بمتحور "دلتا" الذي تفشى في الأشهر الأخيرة دون إعادة الاقتصادات إلى حالة الركود.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟