المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

جهود حثيثة للتطوير...إيران والقمة الخامسة عشر لرؤساء منظمة التعاون الاقتصادي

الثلاثاء 30/نوفمبر/2021 - 08:05 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
حسن قاسم

رغم تعدد أعداء إيران مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، لكن يمكنها الصمود أمام تلك القوى بمساعدة حلفائها؛ لذلك تسعى طهران إلى تقوية علاقاتها الإقليمية مع دول الجوار على كافة الأصعدة، وهو الأمر الذى إتجه بموجبه الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسي إلى تركمانستان، من أجل المشاركة في فعاليات القمة الخامسة عشر لرؤساء منظمة التعاون الاقتصادي.

رئيسي: إيران تولي أولوية خاصة للتعاون والمشاركة الاقتصادية مع دول الجوار.

في إطار ذلك التصريح، إتجه رئيسي في 27 نوفمبر الجارى إلى عشق اباد عاصمة تركمانستان، من أجل المشاركة في فعاليات الاجتماع الخامس عشر لرؤساء منظمة التعاون الاقتصادي، ويهدف الاجتماع إلى تبادل وجهات النظر والبحث في طرق تنمية الصلات المزدوجة والتعاون الاقليمي. كما شهدت هذه الجلسة تواجد رؤساء سبع دول وهم: إيران، وتركمانستان، وطاجيكستان، وأوزباكستان، وباكستان، وتركيا وأذربيجان.

وفي هذا السياق، صرح رئيسي في 28 نوفمبر الجارى بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تولي أهمية خاصة للتعاون والمشاركة الاقتصادية مع دول آسيا، ولاسيما دول الجوار في جنوب وغرب آسیا، وآسيا الوسطى والقوقاز. وقال رئيسى في ذلك: "مما لا شك فيه أن تقوية دور ومكانة المنظمات الإقليمية كميسرٍ في التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف هو موضع اهتمامنا، حيث تُعد منظمة التعاون الاقتصادي إحدى أهم ظواهره الواضحة".

وشدد رئيسي على أن مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي تتضمن هوية ممتازة وهي الإسلام، وتمتعها بالخصائص المادية للقوة، المتمثلة في عدد السكان البالغ نصف مليار نسمة، وامتلاك ثلث مصادر الطاقة في العالم،  فضلاً عن القوى البشرية الشابة والموقع المتميز المتصل بين أوروبا والصين وروسيا مع الخليج والمحيط الهندي.

كما أضاف آية الله رئيسي قائلًا: "لسنا فقط جيرانا أقوياء؛ ولكننا أصحاب تراث كذلك، وفي الوقت نفسه مروجون لهوية أصلية مقتبسة من الثقافة الإسلامية، وهذه الثقافة قادرة في المستقبل على قيادة البشرية في أزهى حالة، وقادرة كذلك على إحداث التقدم والرخاء في هذه المنظمة، ولكن لا زالت توجد مسافة ذات مغزى بين النجاحات الحاصلة وبين القدرات والإمكانيات الحقيقية للمنظمة، فرغم الجهود التجارية المبذولة، إلا أن التجارة الإقليمية لا تزال أقل من 10 %".

واستأنف حديثه مشيرًا إلى أن جمهورية إيران الإسلامية تسعى كدولة مهمة إلى الرقي بمستوى التعاون في المنظمة، والارتقاء بمكانتها في العلاقات الإقليمية والدولية.

وتبلور الحوار خلال هذا الاجتماع في عدة نقاط رئيسية منها:

1- الجدية في التجارة؛ حيث وضح أن معظم التوسعات الاقتصادية تتعلق بتنمية التجارة الإقليمية، كما أعلن عن استعداد إيران للقيام بالمزيد من الأدوار في تحرير التجارة الإقليمية، ولكنه شدد في الوقت ذاته على الجدية في التعامل.

2- إنشاء شبكة المواصلات كاملة؛ أشار في هذا الشأن رئيسي إلى أن شبكات المواصلات في منطقة المنظمة ليست ضرورية فقط لتحقيق التنمية في التجارة الإقليمية؛ ولكنها ضرورية كذلك لخدمة تجارة الدول الأعضاء - خاصة الدول الحبيسة – مع العالم الخارجي، ووضح كذلك اعتقادهم بأن الجهود التجارية داخل المنطقة وخارجها محدودة، ولكن عاجلًا أم آجلًا يجب فتح كل الطرق المحتملة في منطقة المنظمة، مشيدًا بدور الممرات التجارية في تحقيق التنمية.

3- الطاقة والقدرات التجارية وتنميتها: أكد رئيسي على استكمال الإجراءات التي لم تتم بعد كـإنشاء سوق الكهرباء الإقليمي في منطقة المنظمة، وتأسيس الإتحاد المالي لشركات الطاقة، وتشغيل مركز الطاقة النظيفة، مؤكدًا على أن آلية التعاون في صناعات التكرير من الأولويات المهمة. ولم يقتصر الأمر على ذلك،  بل وأعلن أن إيران قد أعدت برنامجًا علميًا في مجال النفط والغاز، بهدف تحقيق التنمية المستهدفة للدول الأعضاء، وأشار كذلك إلى مشاريع نقل المياه للدول التي تعاني من ندرة المياه كإيران، وأنها ستُدرج ضمن قواعد عمل المنظمة.

4- تعزيز دور الاقتصاد الرقمي: علق رئيسي في هذا السياق مشيرًا إلى أن إيران لديها استعداد للتعاون مع الأعضاء في مجالات مثل الألياف الضوئية، وايجاد منصات رقمية مشتركة، وأشكال التبادل التكنولوجي والعلمي والجامعي، وكذلك التعاون في مجال التجربة التعليمية الناجحة، والذكاء الاصطناعي والتعليم الافتراضي، والهدف من هذا الاستعداد هو أن تكون إيران هي النقطة المحورية لهذا التعاون وتساعد المنظمة في عقد اجتماع سنوي يتعلق بالأمن الإلكتروني والتعليم الافتراضي على المستوى المهني بين الدول الأعضاء.

5- آلية مالية جديدة في المنظمة: أوضح رئيسي أن القدرات التجارية في المنطقة وضروريات البنية التحتية وتنمية المنظمة وقيود الحصول على التمويل من خارج المنطقة تقتضي استخدام آليات أكثر تأثيرًا في إطار بنيةٍ ماليةٍ جديدةٍ في المنظمة. وأشار إلى أن بنك التجارة والتنمية في المنظمة يجب أن يلعب دورًا محوريًا في التمويل المالي للتبادل التجاري بين الدول الأعضاء بجانب الإصلاحات القانونية والشكلية. كما تطرق في حديثه إلى الصندوق الاستثماري المشترك لأعضاء المنظمة، موضحًا مساعي إيران من أجل إنشاء هذا الصندوق.

وفي سياق أخر من حديثه أشار رئيسي خلال هذا الاجتماع إلى تجميد الموارد المالية لأفغانستان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وفيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية ضد إيران، فقد وصفها بأنها ظالمة وغير عادلة، ورغم ذلك لا تؤثر في تعاون إيران مع المنطقة والدول المجاورة، ووصف المصالح الإقليمية الأمريكية مع إيران بأنها ليست على ما يرام، وأن دعم إيران للمنظمة هو دعم غير مشروط.

وضمن جهود جمهورية إيران الإسلامية أشار رئيسي إلى أنها تدعم توسيع العلاقات الثقافية خاصة التعاون الجامعي، بهدف الاستفادة من قدرات النخب والتنمية الدبلوماسية العلمية، كما تدعم كل اقتراح يؤدي إلى تنمية خطط وآليات التعاون في المنظمة لكل الأعضاء. وأكد رئيسي على أن إيران لديها استعداد تام للقيام بجهود مكاملة من أجل إنشاء شرطة المنظمة وايجاد آليات التعاون القضائي في أسرع وقت، ولديها استعداد كذلك لتشغيل مركز مكافحة الفساد والتعاون التابع للمنظمة (إيكو) الموجود في طهران.

وفي هذا الاجتماع التقى رئيس جمهورية إيران برؤساء بعض الدول الأعضاء، من بينهم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ورئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، واستغرق لقائه مع نظيره التركي مايقرب النصف ساعة، في حين لم تنشر وسائل الإعلام الإيرانية ولا التركية أي تقرير يتعلق بمحور هذا الحوار بين الرئيسين. وقد صرح رئيسي  في هذا الإطار، بأن منطقة منظمة التعاون الاقتصادي يجب أن تكون إحدى المناطق التي تهدف إلى السلام، والتنمية المستدامة، والرفاهية للجميع وتحقيق العدالة والمعنوية في التواصل مع دول العالم.

وفيما يتعلق بأزمة منطقة القوقاز، فقد علق رئيسي قائلًا: "تعتقد إيران بأن إدارة المنطقة يجب أن تكون من قبل دول المنطقة أنفسهم، وأن انتهاء العداوة والخصومات في منطقة القوقاز يبشر بالاستقرار وبداية مرحلة جديدة من التنمية والتقارب الإقليمي، وواجبنا العمل في هذا الاتجاه. كما أن مشاركة وتعاون الدول الأعضاء مع القوقاز يمكن أن يساعد في تعميق وتعزيز دور المنظمة، ووفقا للأوضاع الجديدة في منطقة القوقاز، فإننا نعتقد بأن احياء الطرق التقليدية وتسهيل نقل البضائع والسفر في هذه المنطقة سيساهم في تقدم وتنمية منطقة التعاون الاقتصادي (إيكو) بعد ثلاثة عقود، ونعتقد كذلك بأن التغيير في الجغرافيا السياسية للمنطقة لن يساعد فقط في احداث الاستقرر والأمن، بل سيمهد الطريق للمزيد من التوترات في المستقبل.

وأضاف قائلاً: "إن التعاون بين دول القوقاز القائم على الاحترام المتبادل والحفاظ على وحدة أراضي الدول والقواعد الدولية سيضمن السلام والاستقرار، وتمهيد المجال لتحقيق التنمية والتقدم لدول المنطقة، بالإضافة إلى أن التعاون في منطقة القوقاز سيهئ الأوضاع لتشكيل التعاون الغير إقليمي كإنشاء ممر دولي بين الخليج والبحر الأسود، والذي سيكون سببًا في تسهيل التجارة والاتصالات الاقتصادية بين أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي (إيكو)".

ومن ناحية أخرى، أجرى رئيسي حوارًا مع الإيرانيين المقيمين في تركمانستان، والتجار والنشطاء الإيرانيين بشأن المشكلات التي يواجهوها في تلك البلد. واختتم حديثه موضحًا أن هناك بعض الوسائل المؤثرة التي قد تؤدي إلى حدوث طفرة في المنظمة، وذكر من ضمنها أنه في حالة تعاون أعضاء هذا التكتل، يمكن ضمان سعادة الأجيال القادمة علاوة على تقدم دول هذه المنظمة.

وفي النهاية: يتضح مما سبق، حجم مساعي إيران ودورها الفعال في المنظمة، وحرصها الشديد على أن يكون لهذه المنظمة تواجد سياسي، لكي تكون ريكزة تتكأ عليها أمام العقوبات الأمريكية التي هي بمثابة حجر عثرة أمام إيران. والجدير بالذكر أن هذه المنظمة تم تأسيسها عام 1985 بهدف التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء، وتضم سبع دول آسيوية وثلاث أوروبية وهي: إيران، وباكستان، وأفغانستان، وأذربيجان، وأوزباكستان، وتركيا، وتركمانستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان وكازاخستان، على أن تتواجد أمانتها العامة وقسمها الثقافي في طهران، بينما يقع المكتب الاقتصادي في تركيا، أما المكتب العلمي فيقع في باكستان.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟