المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

حقوق المرأة الأفغانية في ظل نظام حكم طالبان

الأربعاء 29/سبتمبر/2021 - 07:19 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
علياء عبدالرحمن السيد

·       منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، وهناك مخاوف عديده حول مستقبل الدولة الأفغانية بصفه عامه، وحقوق الإنسان والمرأة بصفه خاصه، حيث تجدر الإشارة هنا إلى وضع المرأة أثناء حكم طالبان في الفترة من 1996 إلى ٢٠٠١، حيث فرضت رؤيتها الإسلامية المتشددة، وقامت بالتضييق على المرأة، ومنعها من العمل والخروج دون محرم، مع فرض قوانين متشددة، ومنع الموسيقى والصور وغير ذلك، لذلك يجب الاهتمام وتسليط الضوء على مستقبل المرأة الأفغانية في ظل سيطرة الحركة على الحكم مره أخرى في ١٥ أغسطس ٢٠٢١، وهذا ما سوف نتناوله فيما يلي:

أولاً- الجذور التاريخية للحركة:

تجدر الإشارة في سياق الحديث عن حقوق المرأة، إلى جذور حركة طالبان ونشأتها والفكر المسيطر عليها، لكي يتم استيعاب نهجها في الحكم والتعامل مع ملف حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

ظهرت حركة طالبان في أفغانستان في العام ١٩٩٤، على إثر حرب شهدتها البلاد مع القوات السوفيتية في الفترة من ١٩٧٩ – ١٩٨٩ ، ونزاعاً داخلياً بين صفوف المجاهدين بسبب انهيار النظام الشيوعي في كابُل في العام ١٩٩٢، ونشأت الحركة في المدارس القرآنية بباكستان، بقيادة الملا محمد عُمر الذي تُوفي عام ٢٠٠٣، وحالياً يقود الحركة المُلا هيبة الله أخوند زاده.

تعتبر حركة طالبان نفسها ممثلاً للإسلام الحقيقي الذي كان يُتبع من قبل المسلمين الأوائل، كما يتبنون أفكاراً متشددة تختلف عن تيار الإسلام السائد، وترى أنها تطبق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، ولذلك يمنحون لأنفسهم الحق في استخدام أساليب القوه، لقمع أي جهة أو فرد أو جماعه مخالفه لهم، بالإضافة لاعتقادهم بمحاربة الكفرة والمنافقين وتعتمد في سياستها على الكتب والمرجعيات الدينية المتشددة.

وبالتمعن في فكر طالبان، نجد أنها تحصر دور المرأة في الإنجاب، والإقامة في المنزل وعدم الخروج إلا بمحرم وتربية الأطفال، فليس لها حق العمل أو المشاركة في الحياه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويبدو ذلك واضحاً عندما تولت الحركة الحكم في أفغانستان في الفترة من ١٩٩٦ إلى ٢٠٠١، حيث قامت بالتضييق على المرأة وعدم السماح لها بالتعليم، وحرمانها من العمل، بالإضافة لأعمال العنف ضد المرأة مثل قطع الرأس والرجم حتي الموت، والإجبار علي ارتداء البرقع وتزويجها في سنٍ مبكره.

ثانيًا- سيطرة طالبان على حكم أفغانستان :

تمكنت حركة طالبان من السيطرة على حكم أفغانستان مره أخرى في ١٥ أغسطس ٢٠٢١، في ظل انسحاب القوات الأمريكية من مطار كابُل، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" أنا ٣١ أغسطس/آب سيكون تاريخ انتهاء انسحاب قوات بلاده من أفغانستان، قائلاً أن واشنطن حققت أهدافها في مكافحة التهديد الإرهابي. سارت الأحداث بشكل سريع وتمكنت طالبان من السيطرة على إقليم بانجواي ذي الأهمية الاستراتيجية في ولاية قندهار الجنوبية بعد معارك ليليه مع القوات الأفغانية، وتعد قندهار بداية حركة طالبان التي سيطرت على السلطة في أفغانستان عام ١٩٩٦، وتمكنت من فرض رؤيتها الإسلامية المتشددة خاصة تجاه المرأة الأفغانية وقيامها بأعمال عنف مثل حرمانهم من الحق في التعليم والعمل، وإجبارهم على ارتداء البرقع، وحصر دور المرأة في القيام بالأعمال المنزلية وتربية الأطفال. واستمر الحال إلى ٢٠٠١ حين تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة ائتلاف عسكري بإطاحة حكم طالبان بعد اعتداءات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وتمكنت من التدخل العسكري وإنشاء قواعد عسكريه أمريكية في أفغانستان بدعوى القضاء على الإرهاب. واستمر الوضع في أفغانستان وتمكنت من إحراز تقدم خاصة في مجال حقوق المرأة، إلى أن سيطرت الحركة مره أخرى على الحكم في ١٥ أغسطس ٢٠٢١، ومنذ أن استولت طالبان على الحكم وهي تكثف هجماتها على القوات الأفغانية السيطرة على مناطق ريفيه أخرى عبر البلاد، في ظل وجود معارضه في الداخل الأفغاني تحديداً في وادي بنجشير شمال أفغانستان، تتمثل هذه المعارضة في " أحمد مسعود" قائد قوات تحالف الشمال في وادي بنجشير، آخر معقل رئيسي ضد حكم طالبان، وله تاريخ طويل في مقاومة الجماعة المتمردة، وحدثت اشتباكات بين الطرفين أعلنت فيها "فهيم دشتي" المتحدث بإسم جبهة المقاومة الوطنية، إن طالبان فقدت ٤٠ مقاتلاً من قولتها في محاولاتها المستمرة لدخول بنجشير، وقال على نظاري، متحدث آخر بإسم الجماعة إن طالبان فقدت أيضاً عدد من المعدات الثقيلة والأسلحة التي تم تدميرها، وانتهى الأمر بإعلان المتحدث بإسم حركة طالبان "ذبيح الله مجاهد" بالسيطرة على وادي بنجشير بعد معارك استمرت عدة أيام، وقال "ذبيح الله مجاهد" في بيان (بهذا الانتصار، خرج بلدنا بشكل كامل من مستنقع الحرب).

ثالثًا-  الوضع الحالي للمرأة الأفغانية :

تشهد أفغانستان حاله من الاضطرابات وعدم الاستقرار، في ظل سيطرة طالبان على الحكم، كما تسيطر حاله من الذعر والخوف بين المواطنين الأفغان وخاصة النساء، إذ تخشى المرأة الأفغانية من حرمانه من الحقوق التي تمتعت بها في ظل العقدين الأخيرين، حيث تمكنت أفغانستان بعد التخلص من سيطرة طالبان على الحكم في ٢٠٠١ بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية من إحراز تقدم كبير في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية بالنسبة للمرأة، فأصبحت المرأة بعد حرمانها من الحق في التعليم والعمل وفرض القوانين المتشددة عليها والتسبب بحاله من الاختناق لها في ظل حكم طالبان، تمكنت من أولى الوظائف العليا، وتولى مناصب وزاريه ومنحها الحق الكامل في التعليم والعمل والمساواة بالرجل، فبعد تولي حركة طالبان الحكم مره أخرى، وتسيطر حاله من الذعر على المرأة الأفغانية، ولا يمكن التنبؤ بما تنويه طالبان بصدد المرأة الأفغانية، إذ نجد أن طالبان أعلنت بعد السيطرة على البلاد أنها "ستحترم حقوق المرأة" في إطار الشريعة الإسلامية، وطلبت من النساء العاملات البقاء في المنزل حتى يتحسن الوضع الأمني، ومن ناحية أخرى قام مقاتلو طالبان بضرب النساء المحتجات ضد الحكومة المؤقتة المكونة من ذكور فقط، كما أغلقت وزارة شؤون المرأة واستبدلت بها إدارة كانت تفرض عقائد دينيه صارمه، وأُعيد فتح المدارس الثانوية ولكن لم يُسمح إلا للأولاد والمدرسين بالعود إلى الفصول الدراسية، وقالت طالبان إنها تعمل على إعادة فتح المدارس للفتيات، كما أزالت طالبان لافته كانت تحمل اسم وزارة المرأة من مبنى الوزارة ووضعت مكانها لافته مكتوب عليها وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لإسكاتها المعارضة، وفرضها قيود صارمه على المواطنين، خاصة النساء والفتيات، بالإضافة إلى نشر الخوف وانعدام الثقة في المجتمع، ولكن أعضاء الحركه يقولون أنها مؤسسة مهمه والهدف الرئيسي منها هو خدمة الإسلام. تجدر الإشارة إلى أن هذه الوزارة مسؤوله عن نشر ما يسمي بشرطة الآداب في الشوارع لغرض تفسير حركة طالبان المتطرف الشريعة الإسلامية، ولاقت هذه الوزارة انتقادات لاذعه من جانب عدد من المنظمات الدولية ومنها منظمة هيومن رايتس ووتش، وصفت الوزاره بأنها (رمز سيء السمعة للانتهاكات التعسفيه).

الخاتمة:

نستخلص مما سبق أن المرأة الأفغانية تواجه مستقبل غامض، حيث كانت حياة النساء في ظل حكم طالبان بين عامي ١٩٩٦ و ٢٠٠١ حياه قاسيه وصعبه، واليوم تخشى العديد من الأفغانيات من أن يعيد التاريخ نفسه، في ذات الوقت الذي تسعي فيه الدول الغربية للتصدي لتداعيات عودة حركة طالبان إلى السلطة، وبالعودة إلى جذور الحركه نجد أنها تسعي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية حيث يترسخ لديهم أن المرأة ليس لها حق في العمل والتعليم، وأن دور المرأة ينحصر في إدارة المنزل وتربية الأبناء، لذلك يتزايد القلق من عدم احترام حركة طالبان لحقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء في فترة استيلاء الحركه على السلطة في أجزاء كثيره من البلاد. ولكن من غير الواضح ما إذا كان المجتمع الدولي سيكون قادراً على منع تحوّل انتهاكات الحقوق إلى عرف سائد، ومحاسبة حركة طالبان على أفعالها، ولذلك مسألة تدخل المجتمع الدولي لحماية حقوق المرأة أمر مشكوك فيه، حيث دعا بعض القادة السياسيين في الغرب إلى إجلاء أكبر عدد ممكن من عمليات إجلاء النساء والفتيات، ولكن لا تخلو عمليات الإجلاء هذه من المخاطر.

*المراجع :

1-https://www.skynewsarabia.com/world/1464390

٢-https://www.bbc.com/arabic/middleeast-58351878

٣-https://www.bbc.com/arabic/world-58451560

٤-https://www.bbc.com/arabic/inthepress-58226702

٥-https://gate.ahram.org.eg/News/2894897.aspx

٦-https://acpss.ahram.org.eg/News/17045.aspx

٧-https://gate.ahram.org.eg/News/2923869.aspx

٨-https://gate.ahram.org.eg/News//2921665.aspx

٩-https://gate.ahram.org.eg/News//2921795.aspx

١٠-https://www.kaiciid.org/ar/news-events/features/%D8%A5%D9%86-%D8%AE%D8%B0%D9%84%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%8C-%D9%81%D8%B3%D9%88%D9%81-%D9%86%D8%AE%D8%B0%D9%84%D9%87%D9%86%D9%91%D9%8E-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D9%84-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86

١١-https://www.skynewsarabia.com/business/1457710-%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9

١٢-https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%AE%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2--%D8%A8%D8%A7%D9%83%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D9%8A%D9%85%D8%AA%D9%84%D9%83-%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86--/46873910

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟