تعد ليبيا هي البوابه الغربية الإستراتيجية
لمصر وهي العمق الإستراتيجي لتأمين مصر من جهة الغرب، وهو ما يستدعي دائما تنسيق
التعاون في كافة المجالات بين مصر وليبيا وخاصة التعاون العسكري حيث كشفت مصادر
ليبية رفيعة المستوى عن اتفاق عسكري مصري - ليبي مشترك على ضبط الحدود وتعزيز
التعاون الأمني والعسكري، وقيام مصر بتقديم المساعدات في رفع الكفاءة القتالية
لوحدات من الجيش الليبي، وهو الأمر الذي أثار قلق الجماعات المتطرفة في ليبيا.
وبعدما تأكد على ضرورة تكثيف التعاون بين
البلدين في مجال ضبط المنافذ الحدودية، أعربت الدولة الليبية رغبتها في الاستفادة
من خبرات وزارة الدفاع المصرية في مجال تدريب كوادر القوات الليبية ورفع كفاءتهم،
مشيرا إلى ضرورة استمرار التواصل بين وزارتي الدفاع المصرية والليبية لتبادل
المعلومات المتصلة بمكافحة الإرهاب وتحديد عناصره، وذلك بهدف إحباط مخططاتهم
الرامية لزعزعة الأمن والاستقرار في البلدين.
كما برزت إتفاقيات التعاون العسكري بين مصر وليبيا بشكل رئيسي في
العلاقات المصرية الليبية كما شهدت
المرحلة الرئيسية للمناورات العسكرية بين مصر وليبيا قيام طائرات متعددة المهمات، بتأمين أعمال قتال
القوات وتقديم المعونة الجوية، بغرض القضاء على عناصر المرتزقة، من الجيوش غير
النظامية، وتنفيذ رماية لاستهداف مناطق تجمع تلك العناصر، ومراكز القيادة والدعم
اللوجستي، إضافة إلى تنفيذ عدد من الطائرات المروحية، غارات على مركز قيادة مكتشف
لعناصر المرتزقة، وتعد من أبرز أشكال الدعم المصري العسكرية لليبيا هو توقيع أهم
إتفاقية عسكرية في تاريخ البلدين.
حيث وقعت مصر وليبيا اتفاقية تعاون عسكري صنفت بـ"سرية
جداً" ومكونة من ثلاثة أقسام رئيسية وقعها كلها عن الجانب المصري، رئيس
هيئة عمليات القوات المسلحة في الجيش، لواء أركان حرب، محمد محسن الشاذلي، الأول
منها اتفاق عام يشبه اتفاقيات الدفاع المشترك بين الدول، وهو عبارة عن ديباجة
وثلاث عشرة مادة، أهم ما جاء في "اتفاقية التعاون العسكري الاستراتيجي
المشترك بين جمهورية مصر العربية ودولة ليبيا"، تختصرها المادة الخامسة التي
أكدت أن "كل تهديد أو اعتداء مسلح يقع على أي منهما أو أي من قواتهما المسلحة
على نحو مباشر أو غير مباشر يعد اعتداء على الطرف الآخر، ومن ثم يلتزم كل منهما
بمعاونة الآخر المعتدى عليه، بما في ذلك القوة المسلحة لرد الاعتداء مع إخطار
المنظمات الدولية والإقليمية بطبيعة ونوع التهديد أو الاعتداء وما اتخذ في شأنها
من تدابير وإجراءات".
أما المادة السادسة من الاتفاق العام فتنص على أن "يتشاور
الطرفان في ما بينهما، بناء على طلب أحدهما، كلما هددت سلامة أراضي أي منهما، أو
استقلاله أو أمنه". ويرى عسكريون أن الجانب الليبي أوفى بالتزامه في هذه
المادة بالمطالبات المتكررة لرئيس الحكومة المستقيلة عبد الله الثني ووزير خارجيته
محمد عبد العزيز، ورئيس مجلس النواب الليبي المنعقد بمدينة طبرق شرقي ليبيا عقيله
صالح، إذ إنهم في كل المناسبات الدولية والإقليمية طالبوا بضرورة التدخل العاجل
لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة، وهو ما يعتبره الجانب المصري في الاتفاقية
التزاماً عليه بضرورة التدخل تطبيقاً لنص المادة السابقة.
أما القسم الأخير من الاتفاقية، فهو عبارة عن ملحق إضافي لاتفاق
التعاون العسكري المصري الليبي، مكون من 15 بنداً تفصيلياً حول التزامات الطرف
المرسل لقوات عسكرية برية أو جوية أو بحرية إلى البلد الآخر، والتزامات الطرف
المستقبل لهذه القوات، فضلاً عن تفاصيل دقيقة من لحظة انتقال القوات وحتى عودتها
من ناحية التأمين والانتشار واللوجستيات للعمليات العسكرية المزمع القيام بها. وقد
تم اعتباره جزءاً لا يتجزأ من اتفاق التعاون العسكري المشترك، وتشير المواد
السابعة حتى الرابعة عشرة، إلى مسائل عسكرية لوجستية، واتفاقات حول الطرف الذي
يتحمل تكاليف العمليات العسكرية، وهو الطرف المستقبل لتلك القوات، وتنسيق
الإجراءات الأمنية وحماية المعلومات بين الجانبين، وتراخيص المركبات الآلية
والولاية القضائية ومطالبات التعويض، وقيادة القوات وحرية التنقل والزي العسكري.
كما أعرب مشايخ وأعيان القبائل الليبية خلال لقائهم مع فخامة الرئيس
عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، عن كامل تفويضهم للرئيس السيسي والقوات المسلحة
المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين مصالح الأمن
القومي لليبيا ومصر ومواجهة التحديات المشتركة وذلك ترسيخًا لدعوة مجلس النواب
الليبي لمصر للتدخل لحماية الشعب الليبي والحفاظ على وحدة وسلامة اراضي بلاده،
وجاء لقاء السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مع مشايخ وأعيان القبائل الليبية في خضم
التوترات في المشهد الليبي، وقد ألقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة قال
فيها: "إن الخطوط الحمراء التي أعلناها في سيدي براني هي بالأساس دعوة للسلام
وإنهاء الصراع في ليبيا، إلا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أية تحركات
تشكل تهديدًا مباشرًا قويًا للأمن القومي ليس المصري والليبي فقط وإنما العربي
والإقليمي والدولي.
لذلك سيظل الملف الليبي مرتبطًا بالأمن القومي المصري لأن ليبيا دولة
جوار بالنسبة لمصر وتربطهما حدود طويلة وبالتالي تواجد تركيا وتوجهاتها المضادة
لمصر سيكون له تأثير على مصر لاسيما أن بعض الدول الداعمة للمليشيات الإرهابية
والمتطرفة تقوم بتسليح جماعات معادية لمصر، بالإضافة
إلى التنقيب عن الغاز في البحر الابيض المتوسط وتقويض النظام القانوني الذي تسعى
مصر إلى إرسائه
في المنطقة.
المصادر:
العلاقات
المصرية الليبية، الهيئة العامة للإستعلامات، 2020م.
باحث
عسكري يكشف هدف المناورات العسكرية المفاجئة للجيش المصري قرب ليبيا وسبب تسميتها
"حسم 2020"، روسيا اليوم.
اتفاقية
سرية للتعاون العسكري بين مصر وليبيا، مجلة المجتمع الكويتية، 2020م.
اتفاق مصري ـ ليبي لتعزيز التعاون
الأمني وتدريب الجيش يثير قلق «المتطرفين» مصادر
لـ {الشرق الأوسط} : يشمل إعادة تأهيل المؤسسات الاستخباراتية، جريدة الشرق
الأوسط، 2014م.