المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

مسارات متعددة: اتجاهات الانتخابات البرلمانية الروسية

الخميس 23/سبتمبر/2021 - 10:37 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

أعلن حزب "روسيا الموحدة" في 20 سبتمبر 2021 الحاكم فوزه بالأغلبية المطلقة في مجلس الدوما الروسي وهو الأمر الذي يمكنه من تعديل الدستور بدون الحاجة إلى دعم من الأحزاب الأخرى. وكان حزب المعارض المسجون ألكسي نافالني قد ندد بتزوير انتخابي هائل خلال عمليتي التصويت والفرز في انتخابات لم تشهد إقبالًا على المشاركة فيها، حيث بلغت نسبة المقترعين 30 بالمئة من عدد من يحق لهم التصويت في البلاد.

ولا تبدو أن هناك نتائج مختلفة عن سابقتها في الانتخابات البرلمانية الروسية؛ حيث أظهرت بيانات لجنة الانتخابات المركزية أنه بعد فرز 85٪ من الأصوات يوم الإثنين حصد حزب روسيا الموحدة نحو 50٪ من الأصوات ، بينما حصل أقرب منافس له  "الحزب الشيوعي" أقل من 20٪.

وتعتبر الأرقام المسجلة أقل بشكل طفيف مما حققه حزب روسيا الموحدة مقارنة بالانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2016 عندما فاز بما يزيد قليلًا عن 54٪ من الأصوات، وقد حصل على ما مجموعه 315 مقعدًا في المجلس المكون من 450 عضوًا.

استمرار المشهد السياسي

يبدو من غير المرجح أن تغير النتيجة المشهد السياسي؛ حيث سيستخدم الكرملين الفوز المتوقع لحزب روسيا الموحدة الحاكم كدليل على دعم الرئيس فلاديمير بوتين من أجل ولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024 حيث يتولى بوتين السلطة في مناصب كرئيس ورئيس للوزراء منذ عام 1999، وقد سجل الناتج المحلي الإجمالي لروسيا نموًا بنسبة 10.5% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2021 فيما يعاني الاقتصاد من ارتفاع في معدلات التضخم السنوي؛ حيث وصلت وتيرة النمو خلال أغسطس 2021 إلى 6.7٪ وهو الأعلى منذ أغسطس 2016 وبعيدة عن مستهدفات المركزي البالغة 4%، فيما عادت معدلات البطالة للتراجع إلى 4.5% خلال يوليو من العام الحالي بعد أن شكلت جائحة كورونا قفزة بالمستويات لتتجاوز 6% خلال منتصف 2020.

وقد تقدم حزب فلاديمير بوتين بنسبة 49,76% على الشيوعيين (19,61%). تعد هذه النتيجة غير النهائية منخفضة عن عام 2016، عندما حصد حزب "روسيا الموحدة" 54% من الأصوات. وحصل الحزب على 334 مقعدًا. كما أكد أندريه تورتشاك أمين المجلس العام للحزب الحاكم "روسيا الموحدة" الفوز في 39 منطقة؛ حيث تم تجديد المجالس التشريعية الإقليمية.

وعلى الرغم من تحقيق الحزب الحاكم فوزًا متوقعًا في الانتخابات إلا أن الأرقام الحالية تشير إلى خسارته بعض المقاعد في البرلمان؛ حيث كانت حقق حزب "روسيا الموحدة" الانتخابات السابقة التي جرت عام 2016  فوزًا ساحقًا وحصد 343 مقعدًا من أصل 450، وحصل على دعم 54.2% في التصويت الفدرالي العام كما انتصر في 203 دوائر من المقعد الواحد. وتعد هذه آخر انتخابات عامة قبل إجراء الاستحقاق الرئاسي عام 2024، ولم يعلن بوتين، الذي سيبلغ من العمر 69 عامًا الشهر المقبل، ما إذا كان سيترشح فيها أو لا.

استجابات مختلفة

كانت هناك ادعاءات عديدة بحشو صناديق الاقتراع بأوراق اقتراع معدة مسبقًا، وادعاءات بالتصويت الإجباري، ولأول مرة منذ عام 1993، لم يكن مراقبو الانتخابات من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حاضرين بسبب القيود التي فرضتها السلطات الروسية. وأثناء الانتخابات، قالت منظمة "غولوس" المستقلة لمراقبة الانتخابات - التي وصفتها السلطات الروسية بأنها "عميل أجنبي" - إنها رصدت أكثر من 4500 تقرير عن انتهاكات للتصويت. وقالت إنها تلقت "رسائل عديدة" من أشخاص قالوا إنهم أجبروا من قبل أصحاب العمل على التصويت، بالإضافة إلى مزاعم بتزوير انتخابي.

ونددت حركة المعارض المسجون ألكسي نافالني بحدوث تزوير انتخابي هائل خلال التصويت وأثناء الفرز أيضًا. غير أن الحزب الحاكم لم يتمكن من كسب ود الروس، وفق ما أظهرت نتائج حجم الثقة التي تقل عن 30%، بحسب مركز أبحاث الرأي العام الروسي الحكومي. ويعاني الحزب من قضايا الفساد وتدهور مستوى المعيشة في البلاد.

كما أنه قبل الانتخابات التشريعية، تم حظر حركة ألكسي نافالني بسبب التطرف وتم إقصاء أنصاره من الاقتراع. ونظرا إلى عدم السماح لأي شخص مناهض للكرملين تقريبًا بالترشح للانتخابات، وأسّس أنصار نافالني استراتيجية أطلقوا عليها تسمية "التصويت الذكي" لدعم مرشحين هم في الغالب من الشيوعيين ويُعتبرون الأوفر حظًا لمقارعة مرشحي الحزب الحاكم "روسيا الموحدة".

على المستوى الخارجي أعلنت وزارة الخارجية التركية أن أنقرة لم تعترف بشرعية انتخابات مجلس الدوما الروسي في القرم، التي انضمت لروسيا في 2014، والتي تعتبرها تركيا "جزءًا من الأراضي الأوكرانية"وقالت الخارجية التركية، إن "تركيا لا تزال تدعم وحدة أراضي أوكرانيا وتعتبر ضم القرم غير شرعي".

وضمن هذا السياق وعلى غير العادة تحظى الانتخابات الروسية هذه المرة بكثير من المتابعة في الولايات المتحدة وأوروبا، وذلك لأسباب عدة قد يكون من أهمها الادعاءات الروسية بأن هناك من الدول من يرغب في التأثير على نتائج هذه الانتخابات، وقد ندّدت واشنطن، بظروف إجراء الانتخابات التشريعية في روسيا التي فاز فيها حزب الرئيس فلاديمير بوتين، معتبرةً أن الروس "مُنعوا من ممارسة حقوقهم المدنية". وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان، أن "الانتخابات التشريعية التي أُجريت بين 17 و19 سبتمبر في روسيا الاتحادية، جرت في ظروف لم تكن مؤاتية لإجراءات حرة وعادلة". من جانب آخر ندّدت بريطانيا الاثنين بسير الانتخابات التشريعية في روسيا التي حقق الحزب الحاكم فيها انتصارًا ساحقًا، معتبرةً أنها "تراجع كبير للحريات الديموقراطية". وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أن "التدابير التي اتخذتها السلطات الروسية لتهميش المجتمع المدني وإسكات وسائل الإعلام المستقلة ومنع المرشحين المعارضين الحقيقيين من المشاركة في الانتخابات، تنتهك التعددية". وأعربت عن أسفها للقيود المفروضة على المراقبين الدوليين.

في الختام تشير النتائج الخاصة بالانتخابات التشريعية الروسية إلى استمرارية في السياسة الداخلية والخارجية لحزب روسيا الموحدة بزعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو ما يمكن أن يشكل عاملًا مهمًا في استمرارية وجود الرئيس الروسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024 وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الاستمرار أيضًا في مسارات السياسة الخارجية الروسية واستمرار علاقاتها وتفاعلاتها من القضايا المثارة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟