المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

مواقف متباينة...ماذا يعنى الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان بالنسبة لدول الجوار؟

الجمعة 20/أغسطس/2021 - 12:49 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
حقي أويغور، رحيم الله فرزام، عرض: مرﭬت زكريا

يبدو أن أفغانستان تتجه نحو مزيد من عدم اليقين مع اقتراب انتهاء عملية الولايات المتحدة الأمريكية هناك والتي استمرت أكثر من 20 عامًا؛ حيث وقعت أكثر من 200 منطقة وخمسة مراكز إقليمية تحت سيطرة طالبان منذ مايو لعام 2021، وتستمر الاشتباكات بين طالبان وقوات الحكومة المركزية بشكل مكثف، بالإضافة إلى ذلك، توقفت محادثات السلام الجارية بين إدارة كابول وطالبان في الدوحة، مع انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان، من المتوقع أن تكثف طالبان هجماتها.

                كما أن التقدم السريع لطالبان يثير احتمالية سيناريو مشابه للحرب الأهلية التي اندلعت في أعقاب الانسحاب السوفيتي من أفغانستان؛ حيث  زادت دول المنطقة من جهودها الدبلوماسية لأنها لا تريد أن تفاجأ إذا حدث مثل هذا السيناريو، مما يؤثر على المنطقة بأكملها. وفي هذا السياق، ترغب العديد من البلدان في المنطقة معالجة مخاوفها الأمنية على الأقل في أفغانستان، ومن أجل تبادل المخاوف بشأن التطورات الأخيرة في أفغانستان، استضافت طهران وموسكو وبكين وفودًا من طالبان في الأسابيع الأخيرة.

وبينما تدعم بعض هذه البلدان الاستقرار الأفغاني من أجل تنمية التجارة الإقليمية، ومكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات، ومنع الهجرة غير النظامية، ويرى البعض الآخر أن عدم الاستقرار الحالي يمثل فرصة لتوسيع مجالات نفوذهم.

إيران

ترغب طهران - التي تشترك في حدود طولها 900 كيلومتر مع أفغانستان-  في لعب دور أكبر في البلاد بعد الانسحاب الأمريكي؛ حيث كانت طهران على شفا الحرب مع طالبان في عام 1998 وتعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بهذه المنظمة في عام 2001 ، ولكن مع تغير الوضع بعد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت في التعاون مع طالبان ضد الوجود الأمريكي في أفغانستان. وعلى وجه الخصوص منذ أن كثفت الولايات المتحدة الأمريكية مفاوضات الانسحاب مع طالبان في عام 2019، تم ملاحظة تحول كبير في موقف طهران تجاه طالبان؛ فخلال هذا الوقت، استضافت إيران وفدًا من طالبان مرتين: مرة في نوفمبر 2019 ومرة ​​أخرى في فبراير 2020، بعد وقت قصير من توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق مع هذه الحركة. فرغم الاختلافات الأيديولوجية، يدرك المسؤولون الإيرانيون أهمية استمرار التعاون مع طالبان، التي ظهرت كلاعب رئيسي في السياسة الأفغانية. نتيجة لذلك، غيرت إيران اللغة التي تستخدمها  للإشارة إلى طالبان. فعلى سبيل المثال، منعت إيران استخدام بعض الصفات التى كانت تستخدمها لوصف جماعة طالبان مثل "التكفيري" و "الجهادي"، والتي تم استخدامها على نطاق واسع في الصحافة في البلاد ليس فقط لطالبان ولكن أيضًا للعديد من الجماعات الأخرى التي تشكل تهديدات للمصالح الإيرانية.

ومع ذلك، فإن الاحتمال الواقعي الآن بأن تصبح طالبان القوة الوحيدة لأفغانستان التي يحسب لها حساب لا يزال خطًا أحمر بالنسبة لإيران. فبعد التقدم السريع لطالبان في الأشهر الأخيرة، والذي هدد وجود الحكومة المركزية، استضافت طهران اجتماعًا مفاجئًا  في طهران في 7 يوليو 2021.

وحث ظريف خلال الاجتماع الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات، وأعلن أن بلاده مستعدة للمساعدة في جلب الأطراف المتصارعة في أفغانستان إلى طاولة المفاوضات، مشيرًا إلى أن  القادة السياسيين في أفغانستان يجب أن يتخذوا قرارات صعبة. فرغم عدم وجود احتكاك كبير مع طالبان، التي سيطرت على مناطق قريبة من الحدود الإيرانية (بما في ذلك المعابر الحدودية) ، فإن الرأي السائد في طهران هو أن حكومة بقيادة طالبان في أفغانستان ستشكل تهديدًا لإيران، ولمصالحها الوطنية على المدى المتوسط ​​والبعيد.

لذلك، أعربت إيران عن رغبتها في استخدام ميليشيا فاطميون الأفغانية (التي استخدمتها في مناسبات مختلفة في سوريا) في أفغانستان أيضًا؛ حيث تشير هيمنة الرموز الثقافية التقليدية في كلتا الإدارتين، وكذلك الطريقة التي تعامل بها هذه الإدارات الدينية إلى حد كبير مع طوائف الأقليات داخلها، إلى أن الاستقرار طويل الأمد في العلاقات بين أفغانستان وإيران غير مرجح إذا سيطرت طالبان بشكل كامل على البلاد.

 

روسيا

تحافظ روسيا  وهي فاعل مهم آخر يبذل جهودًا من أجل التوصل إلى حل سياسي في أفغانستان ، على اتصال مع كل من طالبان والحكومة المركزي؛ حيث استضافت موسكو مؤخرًا سلسلة من محادثات السلام الأفغانية. وفي هذا السياق، تعتبر روسيا الانسحاب الأمريكي فرصة حاسمة لإعادة ترسيخ نفوذ موسكو في حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتى،لكن من ناحية أخرى ، لا تريد أن يشكل فراغ السلطة الذي أحدثه هذا الانسحاب خطرًا أمنيًا على جوارها المباشر، كما تشعر موسكو بالقلق من أن تصبح أفغانستان ملاذًا آمنًا للعناصر المتطرفة المعادية لروسيا أو الداعمة للجماعات الانفصالية في منطقة القوقاز.

لذلك، تراقب السلطات الروسية عن كثب التطورات في أفغانستان، ففي أعقاب التقدم السريع لطالبان، قام وفد كابول بقيادة حمد الله محب، مستشار الرئيس أشرف غني للأمن القومي، بزيارة موسكو في يوليو الفائت بدعوة من سكرتير مجلس الأمن الروسي "نيكولاي باتروشيف". وورد أن الطرفين ناقشا قضايا الأمن والإرهاب والقتال بشكل مشترك ضد تهريب المخدرات، وتم التأكيد خلال الاجتماع على أن عدم الاستقرار في شمال أفغانستان يهدد روسيا وآسيا الوسطى. وبعد هذا الاجتماع، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن روسيا مستعدة لاستخدام قاعدتها في طاجيكستان لحماية حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) إذا لزم الأمر، وأجرى الجيش الروسي في 6 أغسطس 2021 مناورات عسكرية مشتركة مع القوات المسلحة لطاجيكستان وأوزبكستان على طول الحدود الأفغانية بهدف ترهيب حركة طالبان التي سيطرت على المناطق الحدودية.

وتعمل وروسيا، التي تعتبر آسيا الوسطى والدول الأعضاء في الإتحاد السوفيتي السابق ضمن دائرة نفوذها الطبيعي، كضامن أمني لهذه البلدان. وفي هذا الصدد ، تمثل أزمة أفغانستان تحديا كبيرا لدور روسيا. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تقوم روسيا، التي لديها صورة سلبية للغاية بين الأفغان نتيجة للغزو السوفيتي الطويل لبلدهم، بتدخل مسلح من جانب واحد.

 

 

الصين

من المتوقع أن تنشط الصين في أفغانستان في المستقبل القريب؛ حيث يتمثل القلق الرئيسي لبكين بشأن أفغانستان في أن الاضطرابات التي تعم البلاد بعد الانسحاب الأمريكي يمكن أن تحول المنطقة إلى كابوس أمني لبكين. وفي هذا السياق، تشعر الصين بالقلق من أن إحياء داعش والتشكيلات المماثلة في أفغانستان يمكن أن يغذي حركة تركستان الشرقية الإسلامية (ETIM) في منطقة شينجيانغ الويغورية المتمتعة بالحكم الذاتي. فإن أحد السيناريوهات التي أثارت قلق بكين هو التعاون بين طالبان وحركة شرق تركستان الشرقية.

فبعد مزاعم في السنوات الأخيرة بأن أعضاء من الحركة الإسلامية التركستانية يتم تدريبهم من قبل طالبان وإرسالهم إلى الصين، ظهرت رغبة بكين في إنشاء قاعدة عسكرية في واخان، المنطقة الحدودية الأفغانية. ومع ذلك، فإن بكين  التي أقامت علاقات جيدة مع طالبان نتيجة لقربها من إسلام أباد، تمكنت حتى الآن من منع مثل هذا التعاون. أقرت بكين بأنها بحاجة إلى التعاون مع طالبان إلى حد ما لتجنب حدوث مشاكل في أفغانسان، كما استجابت طالبان بشكل إيجابي لموقف بكين الدافئ.

وتعهد وفد طالبان الذي زار بكين مؤخرًا بدعوة من الحكومة الصينية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للصين وعدم السماح باستخدام أراضي أفغانستان من قبل الجماعات التي من شأنها تهديد الأمن القومي للصين. بالإضافة إلى ذلك، تعد أفغانستان دولة مهمة بالنسبة لبكين حيث تقع على طول مسار مبادرة الحزام والطريق الصينية. وتفضل بكين استقرار أفغانستان ليس فقط لمنع الاضطرابات في البلاد من التأثير على منطقة شينجيانغ، ولكن أيضًا لضمان أمن مبادرة الحزام والطريق؛ حيث تريد الصين أن تلعب دورًا فاعلًا في المجال الاقتصادي في أفغانستان لكنها لا تريد التدخل عسكريًا.

الهند

وتعتبر الهند إحدى القوى المهمة الأخرى في المنطقة، لديها سياسة في أفغانستان يمكن تلخيصها على أنها محاربة نفوذ خصمها التقليدي باكستان ومنع أفغانستان من أن تصبح قاعدة للجماعات المتطرفة المعادية للهند؛ حيث تجنبت في السابق الاتصال مع طالبان على أساس أنها كانت تعمل بأوامر من باكستان، لكن عكست هذة السياسة عندما بدأت جماعة طالبان في السيطرة على مقاليد الحكم في أفغانستان. فعندما بدأت طالبان في توسيع نطاق سيطرتها بسرعة، انخرط المسؤولون الهنود في محادثات مباشرة مع طالبان.

كما قام وزير الشؤون الخارجية الهندي "سوبراهمانيام جيشانكار"، بزيارات دبلوماسية إلى إيران وروسيا لمناقشة التطورات في أفغانستان؛ حيث تود الهند أن تكون أكثر نشاطًا في أفغانستان كجزء من جهودها للعب دور أكثر نشاطًا في الساحة الدولية تحت قيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

Hakkı Uygur, Rahimullah Farzam, What does US withdrawal from Afghanistan mean for regional countries?, center of Iranian studies in Ankara, 14.08.2021, available at https://iramcenter.org/en/what-does-us-withdrawal-from-afghanistan-mean-for-regional-countries/?fbclid=IwAR1Cir5JkBef2xvJwVGJk9SPpr48-PXia6Kdcc4ECalNkEC6ijd_Wopq0dw

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟