مساعى الوسطاء...والعودة التدريجية للعلاقات الإيرانية السعودية
انقطعت القناة الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية
منذ عام 2016وحتى 2020؛ فعندما ترك الرئيس الأمريكي السابق "دونالد
ترامب" اللعبة السياسية لخلفه جوبايدن، كانت علاقات الدولتين معقدة للغاية،
ومع دخول بايدن للبيت الأبيض غيرت الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجيتها حيال
الشرق الأوسط، وتمثلت أبرز ملامح هذا
التغير في تقليل عدد الجنود في غرب آسيا
والتقدم في المفاوضات النووية، وبهذا وجدت السلطات السعودية الحل لتغيير اللعبة.
وفي هذا السياق، تشير لهجة "آل سعود" بطلب
المصالحة إلى تغير استراتجيتهم بالمنطقة ؛
حيث اتخذ ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" أول المواقف الطيبة
والتصالحية للمملكة العربية السعودية، عندما صرح خلال حوار في الـ 28من مايو
السابق، مجيباً على سؤال حول احتمالية
إقامة علاقات بين الرياض وطهران قائلاً: "إن إيران دولة مجاورة، وجميعنا
يأمل أن نقيم علاقة طيبة ومميزة مع إيران، وأن الدولتين لهما مصالح مشتركة
ومتبادلة لأجل تقدم ورقي المنطقة والعالم".
ورحب المسؤوليين الإيرانيين بالتصريحات المشرقة لولي
العهد السعودي الذي يرغب في تحسين العلاقات وفي نفس الوقت صرح المتحدث باسم وزارة
الخارجية "سعيد خطيب زاده" ردًا على سؤال بشأن تصريحات ولي العهد
السعودي:" مع وجهات النظر البناءة ونهج الحوار وتجاوز
الخلافات قائلاً: "يمكن لهاتين الدولتين المهمتين للمنطقة والعالم
الإسلامي الدخول في عهد جديد من التعامل والتعاون لتحقيق السلام والاستقرار
والتنمية الإقليمية".
وبناءًا على ذلك، كانت باكستان إحدى الدول التي لعبت دور
الوسيط بشكلٍ جيد، وقد كان لرئيس وزرائها ـ"عمران خان" جهود لافتة
للنظر لتطوير العلاقات الإيرانية السعودية، وفي شهر أغسطس من
العام الماضي صرح في حوار مع قناة "الجزيرة" قائلاً: "إننا نبذل
قصارى جهدنا لأجل الحيلولة دون المواجهة العسكرية بين إيران والمملكة العربية
السعودية، وقد أثمرت هذه المساعي أيضا". وأضاف عمران خان: " لن تتوقف
وساطتنا بين إيران والسعودية وستستمر التطورات بشكل هادئ ورزين".
وكان قد سافر عمران خان إلى إيران مرتين في عام2019 لأجل
تخفيف حدة توتر العلاقات بين طهران والرياض، وذهب عقب سفره إلى الولايات المتحدة
الأمريكية ولقاء دونالد ترامب إلى إيران مجددًا في شهر أغسطس من نفس العام، والجدير
بالذكر أنه قد سافر كثيرًا إلى المملكة
العربية السعودية أيضًا.
كما تعد قطر من الدول الأخرى التي ترحب بأداء دور وسيط
بين إيران والمملكة العربية السعودية؛ ففي شهر يونيو الفائت كشفت المتحدثة باسم
وزارة الخارجية القطرية ومساعد وزير الخارجية "لؤلؤة الخاطر" في حوار مع وكالة أنباء سبوتنيك على أن الدوحة
متأهبة لأداء دور وسيط بين القوى الإقليمية لأجل إقامة السلام والاستقرار في الشرق
الأوسط، وقالت الخاطر أيضا ردًا على سؤال احتمالية وساطة الدوحة بين إيران والرياض:
"حتى الآن لم يُطلب من قطر ولكننا نرحب
بهذا الأمر".
وفي شهر يناير
من العام الماضي أيضًا ناشد وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل
ثاني" الدول العربية المجاورة للخليج
أن يتباحثوا مع إيران، وأعلن كذلك جاهزية دولته كوسيط لأجل عقد جلسة بين إيران
وأعضاء مجلس التعاون الخليجي.
ولكن حتى اليوم قد سُجلت جهود الوساطة الأكثر كفاءة وإنتاجية، في سجل الحكومة
العراقية؛ ففي شهر يونيو2021 أعلنت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن مفاوضات
مباشرة للمسؤولين الإيرانيين والسعوديين في العراق وذلك لأجل إصلاح العلاقات
بينهم، وأضاف هذا المصدر أن مقابلة رئيس الوزراء العراقي "مصطفى
الكاظمي" مع ولي العهد السعودي في يوليو الفائت بالرياض، قد سهلت عملية إجراء
مباحثات إيرانية- سعودية.
وتشير بعض المصادر الإخبارية أن وساطة رئيس الوزراء
العراقي في العلاقات الإيرانية السعودية قد تمت بدعوة من المملكة العربية السعودية، وفي شهر مايو 2021زعم الموقع الإخباري "ميدل إيست
آي" نقلاً عن مصادر إخبارية إن أول مكالمة هاتفية تلقاها رئيس الوزراء
العراقي مصطفى الكاظمي بعد تنصيبه قد كانت من
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وطلب بن سلمان إلى الكاظمي بدء وساطة بين
إيران والمملكة العربية السعودية.
وبشكلٍ عام يرى بعض الخبراء أن عقد اجتماعين في
بغداد سيكون مفيدًا وفي مؤتمر صحفي في
السادس من يوليو السابق أعرب المتحدث
الرسمي باسم الحكومة الإيرانية "على ربيعي" عن رضاه بشأن التقدم في المفاوضات
ولكن أشار إلى أن بعض القضايا معقدة وحلها سوف يستغرق وقت.
وتذكر بعض وسائل الإعلام الآن أنه من المحتمل أن نتنقل
الجولة القادمة من المباحثات الإيرانية السعودية من بغداد إلى "مسقط"
عاصمة عمان، وفقا للعادة عمان دائما تتخذ إجراءات وساطة، وقد كانت تستضيف المفاوضات النووية الإيرانية أيضًا؛ حيث
شهد يوليو الفائت سفر "هيثم بن طارق" سلطان عمان إلى المملكة العربية
السعودية، ومن وجهة نظر الخبراء أن إيران
أحد محاور هذه المفاوضات وتسعى مسقط إلى تقريب وجهات نظر الرياض
مع إيران، لأن المباحثات بين إيران والمملكة العربية السعودية قائمة حاليًا ويزال
الاتفاق النهائي بشأن المشروع النووي الإيراني القضية الأهم.
ولكن في النهاية يؤكد الكاتب على أنه يجب أن ننتظر حلول
يوم 5 أغسطس الجارى ومباشرة عمل الحكومة الجديدة في إيران حتى نرى كيف ستكون عملية
الحد من التوتر في حكومة رئيسي ؟! . وبعد فوز
رئيسي في المعترك الانتخابي، ورغم تأكيد وزير الخارجية السعودي "فيصل
بن فرحان" على أن علاقاتهم مع إيران سوف يتم تنظيمها على أساس الحقائق، لكن
توقع الخبراء أن عملية الحد من التوتر سوف تستمر تدريجياً في المستقبل .
عنوان المقال: ترمیم تدریجی روابط تهران – ریاض با تلاشهای
میانجیگرانه
المصدر: إيرنا وكالة الأنباء الرسمية لإيران
اللينك: https://www.irna.ir/news/84419638/ترمیم-تدریجی-روابط-تهران-ریاض-با-تلاش-های-میانجیگرانه