المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

ما هى أبرز ملامح دور ايران التخريبي في الشرق الأوسط؟

الأربعاء 04/أغسطس/2021 - 03:10 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
كتب: بول بيلر... ترجمة: أحمد سامي عبدالفتاح

إن نبذ دولة أخرى- عزلها ورفض القيام بأعمال طبيعية معها- لمعاقبة الدولة أو إضعافها أو محاولة إجبارها على تغيير سياساتها ينطوي حتما على إنكار الذات. إن دبلوماسية النبذ، وليس هدف النبذ فحسب، قد تقلصت وربما أظهرت عدم الفعالية في كثير من المواقف لدرجة أنه قد أصبح من الصعب على المنبوذ تحقيق أي شيء إيجابي مما تسعى هذه الدبلوماسية لتحقيقه.

وإيران كهدف للولايات المتحدة مثال رائد على ذلك. لقد تعرضت الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية للإعاقة بدرجات متفاوتة خلال ما يقرب من أربعة عقود منذ قيام الثورة الإيرانية في عام 1979. ولم يتم تحقيق هدف منع الانتشار النووي، كما لم يتم إغلاق كل المسارات التي قد تساعد إيران على امتلاك سلاح نووي. على الرغم من ذلك، نجد أن الجهود الدبلوماسية التي قامت بها الولايات المتحدة أثبتت فعالية أكبر في وضع حد للطموح الإيراني بامتلاك سلاح نووي بالمقارنة بسياسة العزل أو النبذ. وبطبيعة الحال، تعد الحلول الدبلوماسية أفضل بكثير من سياسة النبذ لأنها تمنح الغرب والولايات المتحدة تحديدا الفرصة لاحتواء إيران ومنعها من القيام بأي أعمال غبية قد تؤدي لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.

وقد واجه الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران اعتراضات كبيرة في الداخل الأمريكي ليس بسبب النقاط المتعلقة بالنشاط النووي الإيراني، ولكن لأن الاتفاق لم يلزم إيران بوقف أنشطتها المزعزعة لأمن منطقة الشرق الأوسط. ويعني ذلك أن الإتفاق قد أطلق يد إيران في المنطقة مقابل ضمان عدم امتلاكها سلاح نووي. علاوة على ذلك، يتقيد الإتفاق بإطار زمني، ما يعني أن إيران قد تعود مجددا لرفع نسب تخصيب اليورانيوم، لكنها في ذلك الوقت سوف تكون أقوي بكل تأكيد بسبب زيادة نفوذها في الشرق الأوسط. في حالة تحقق ذلك، فإن الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة سوف تتقلص بشكل كبير لصالح إيران.

على صعيد آخر، لا يمكن أن ننكر أن الدبلوماسية هي الوسيلة الأكثر فاعلية لوضع حد لتهديدات إيران في الشرق الأوسط، منطقة الخليج، وجنوب شرق آسيا. وتعد إيران، صاحبة الثمانين مليونا، دولة فاعلة في المنطقة ولا يمكن تجنبها على الإطلاق. ولأن منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا تواجهان العديد من التحديات، فإنه يمكننا القول أن دور إيران المحوري في كلا المنطقتين لا يمكن تجاوزه بسياسة النبذ أو العزل. بل إن سياسة العزل سوف تعمل على تعميق الدور السلبي لإيران. وفي ضوء التطورات الراهنة، يمكننا الحديث عن ثلاثة مناطق رئيسية.

1- أفغانستان: بسبب الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، يجب على واشنطن أن تقوم بحملة تقييم لدور كل الأطراف الفاعلة في أفغانستان من أجل تقليل محاولات نشوب حرب أهلية أو فوضي داخلية، خاصة أن مثل هذه الأحداث توفر غطاءا للتنظيمات الإرهابية من أجل النمو. بالعودة إلى الخلف، حينما قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان في 2001، نجد أن إيران قد تعاونت مع الولايات المتحدة وقدمت لها معلومات استخبارية بخصوص حركة طالبان. كما حاولت إيران التعاون مع الولايات المتحدة من أجل احلال الأمن، لكنّ ذلك لم يسهم في تطوير العلاقات بين الطرفين.  

وقد انتهي هذا التعاون بشكل واضح حينما أعلن جورج بوش عن خطته لغزو العراق بعدما وضع إيران مع كل من العراق وكوريا الشمالية ضمن ما أطلق عليه" محور الشر". ورغم أن التنظيمات الإرهابية كانت تمثل تهديدا لايران مثل الولايات المتحدة، إلا أن إيران نجحت بشكل واضح في تطوير علاقاتها مع هذه التنظيمات بحيث أقنعتها بتوجيه ضرباتها نحو الولايات المتحدة فقط.

2- العراق: تعد العراق هي الدولة الثانية التي تشارك فيها إيران نفس المصالح مع الولايات المتحدة منذ عام 2003. كما تم تشكيل تحالف عسكري غير معلن عنه من أجل محاربة تنظيم داعش. فبينما كانت تقاتل قوات الحشد الشعبي المدعومة ايرانيا تنظيم داعش على الأرض، كان الطيران الأمريكي يقدم الدعم العسكري اللازم من خلال حملة قصف جوي. وتعد العراق مثل أفغانستان تماما، حيث تتشارك إيران حدودا برية كبيرة مع العراق الذي يعاني من عدم استقرار داخلي. ويفسر ذلك الإهتمام الإيراني الكبير بهذا البلد لما له من تأثير مباشر على الأمن القومي الإيراني. بكل تأكيد، تريد إيران أن تضمن عدم قيام حرب جديدة مع العراق على غرار ما حدث في الثمانينات من القرن الماضي. ورغم خلافات الولايات المتحدة الحالية مع إيران، إلا أن الطرفين لا يزالان يتشاركان نفس المصالح، مثل محاربة التنظيمات الإرهابية العمل على إعادة الاستقرار إلى العراق.

3- منطقة الخليج العربي: تشكل هذه المنطقة أهمية كبيرة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، خاصة أن هذه المنطقة تعد الأغنى في العالم من حيث احتياطات النفط، ومن ثم فإن الحفاظ على أمن هذه المنطقة يأتي دوما على أولويات السياسية الخارجية الأمريكية.

ان عقد المزيد من التحالفات العسكرية بين دول الخليج ضد إيران لا يسهم في إحلال الأمن بقدر ما قد يؤدي إلى خلق مواجهة عسكرية مع إيران. ورغم الخلافات الكبيرة بين الطرف الخليجي وإيران، إلا أن الصمت دوما هو ما يسيطر على العلاقات الثنائية؛ حيث يلجأ كل طرف إلى استخدام أوراقه المختلفة على الأرض بعيدا عن المناوشات الإعلامية.  

 

Paul R. Pillar, Tehrans Troubling Role in the Middle East Security Showdown. National Interest. https://nationalinterest.org/blog/paul-pillar/tehran%E2%80%99s-troubling-role-middle-east-security-showdown-190824

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟