الكتاب الأزرق .... قراءة في تقرير التنمية السورية
اعتبر المركز السوري للأبحاث
بجامعة نورث وسترن، في الصين، في كتاب أصدره بعنوان: «تقرير التنمية السورية
(2020)»، أن العام 2019 شهد بداية إعادة إعمار سورية، ووصف الدور الروسي في سورية،
بأنه كبير ومتنام، حيث استطاعت روسيا تحييد الدور الأميركي إلى حد ما.
ورأى المركز، أن عملية إعادة إعمار سورية تتطلب
تعاون وتفهم دول مثل: روسيا وتركيا وإيران، لافتاً إلى أن بعض الشركات الصينية
الكبيرة بدأت في تتبع مشاريع الطاقة والسيارات، ودخلت بعض الشركات الخاصة إلى
سورية.
والكتاب الذي يقع في 250 صفحة،
أعده مجموعة من الخبراء والباحثين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط، وسورية على وجه
التحديد، برئاسة رئيس تحرير مركز الدراسات السورية بجامعة نورث وسترن / وانغ شينغانغ.
ويتألف الكتاب من مقدمة، وتقرير
عام وتقرير فرعي وتقرير خاص، وفصل عن العلاقات الصينية السورية وعدة ملاحق.
وتناول التقرير التطورات في سورية
في عام 2019، على الصعد كافة، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وآخر
المستجدات في القضايا المتعلقة بالشأن السوري.
وأشار التقرير إلى أنه ومنذ اندلاع الحرب في سورية،
قدمت الصين لسورية كمية كبيرة من إمدادات الإغاثة الإنسانية في سياق مشاركة الصين
في إعادة إعمار البنية التحتية المحلية في سورية، حيث تزود الصين سورية بالمعدات
الطبية والمعدات الكهربائية وغيرها من المساعدات المادية، كما بدأت بعض الشركات
الصينية الكبيرة في تتبع مشاريع الطاقة والسيارات، ودخلت بعض الشركات الخاصة إلى
سورية.
وفي تشرين الأول 2016 وكانون الثاني 2017، قدمت
الحكومة الصينية مليوني دولار أميركي ومليون دولار أميركي كمساعدة نقدية خاصة
لمنظمة الصحة العالمية، على التوالي، لدعم العديد من المشاريع المتعلقة بسورية
لمنظمة الصحة العالمية، بما في ذلك توفير الخدمات الطبية والصحية: رعاية اللاجئين
السوريين، الخدمات، تعزيز الرعاية الصحية الأساسية في سورية وتوسيع نطاق الخدمات
الصحية.
ورأى التقرير، أن عام 2019 شهد بداية إعادة إعمار
سورية، بعد أن استقر الوضع الميداني إلى حد ما، حيث حقق الجيش السوري العديد من
الإنجازات واستعاد عدة مناطق من أيدي المجموعات الإرهابية، وأن تلك المجموعات في
إدلب تتعرض لحصار وضغط شديد، كما أن الجيش العربي السوري استعاد زمام المبادرة
وأصبح من الصعب على المجموعات الإرهابية التفكير في السيطرة على مناطق أخرى.
وتحدث التقرير عن الدعم التركي للميليشيات المسلحة،
ورأى أنه لا تزال هناك احتمالية للصراع في المستقبل ما بقيت تركيا تتدخل وتدعم تلك
الميليشيات.
وذكر أنه تم تشكيل اللجنة الدستورية في عام 2019، التي
تشكل بداية لعملية إعادة الإعمار السياسي على حد وصفهم.
وعلى الصعيد الاقتصادي رأى الكتاب
أن الحكومة السورية أقامت عدداً من المعارض التجارية بمقاييس مختلفة، بهدف جذب
المستثمرين الأجانب وإعادة تنشيط الاقتصاد السوري، وأن إعادة إعمار سورية تشكل
فرصة كبيرة للشركات الصينية التي ترغب بالمساهمة في إعادة الإعمار بشرط إحلال
السلام والاستقرار، إلا أن عملية إعادة إعمار سورية تتطلب تعاون وتفهم دول مثل:
روسيا وتركيا وإيران.
وأشار إلى أن هناك خلافات واضحة بين روسيا وتركيا
في الشأن السوري، فللدولتين أهداف مختلفة في سلسلة من القضايا الإقليمية الحساسة،
مثل قضية ليبيا وتطوير الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وهو ما سيؤثر حتماً في توجه
التنمية في المنطقة بشكل عام، وسورية بوجه خاص.
وذكر أن عملية إعادة الإعمار تتم في بيئة دولية
ومحلية معقدة، حيث تعاني سورية نقص الأموال والموارد البشرية وغيرها من القيود،
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لسورية 19.381 مليار دولار أميركي، بمعدل نمو 4.9
بالمئة، وهو أبطأ مما كان عليه في عام 2018.
ولفت إلى أنه على الرغم من جميع
القيود والتعقيدات فقد نفذت الحكومة السورية إعادة إعمار اقتصادية محدودة في
المناطق المستعادة، وصاغت وأصدرت مشاريع قوانين مالية، وقوانين إعادة الإعمار، وما
إلى ذلك، وشجعت الاستثمار.
وأضاف: «وفي الوقت نفسه، أطلقت الحكومة حملة
لمكافحة الفساد لتعزيز الثقة الاجتماعية وخلق بيئة عمل جيدة، مثل إنشاء مناطق
صناعية وإقامة معارض متعددة، ما جذب العديد من الشركات ذات الصلة حول العالم
للمشاركة في إعادة الإعمار.
وتناول الكتاب موضوع التعليم في
سورية، والتخريب الذي تعرض له هذا القطاع جراء الحرب على سورية، والإجراءات التي
اتبعتها الحكومة السورية لتدارك ذلك، وكذلك مشكلة فقدان التعليم لعدد كبير من
السوريين في مناطق القتال، وواقع التعليم في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة
السورية.
وأفرد الكتاب فصلاً للحديث عن العلاقة بين سورية
والمنظمات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وكيف أن سورية كانت
من الدول المؤسسة لهاتين المنظمتين وكيف عانت سورية ازدواجية المعايير والظلم في
المواقف الصادرة عن هاتين المنظمتين تجاهها. ويرى الباحثون أن الخطوات اللازمة
لعودة سورية إلى الجامعة العربية قد بدأت بالفعل، وأن القضية قضية وقت فقط.
وأشار الكتاب إلى أهمية سورية كدولة من دول مبادرة
الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ في عام ٢٠١٣.
وتحدث الكتاب عن الدور الروسي في
سورية، وهو «دور كبير ومتنام، حيث لعبت روسيا دوراً كبيراً استطاعت من خلاله تحييد
الدور الأميركي إلى حد ما، كما أصبحت موسكو الراعي الأساسي للعملية السياسية بين
الحكومة السورية والمعارضة، عبر التنسيق الكبير مع كل من تركيا وإيران».
كما تحدث عن الدور الأميركي في الأزمة السورية،
وأسهب في الحديث عن إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب قواته من
سورية، لكنه عاد وتراجع وأبقى عدداً من القوات الأميركية في شمال سورية للسيطرة
على آبار النفط هناك، ولتقديم الدعم اللوجستي لميليشيات «قوات سورية الديمقراطية-
قسد».
أيضاً تحدث الكتاب عن الدور
التركي في الأزمة السورية، ففي عام 2019، شنت تركيا والمسلحون السوريون المدعومون
منها هجوماً واسع النطاق في شمال سورية لتحقيق أهدافها في شمال سورية (حيث احتل
نظام الرئيس رجب طيب أردوغان العديد من المدن والقرى والبلدات في شمال سورية).
كما تواصل إيران، وفق الكتاب، تقديم الدعم
والمساعدة للحكومة السورية لاستعادة الأراضي التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية
والميليشيات المسلحة.
وأشار إلى أن «إسرائيل» ودول
الخليج العربي تولي اهتماماً وثيقاً بتطور الوضع في سورية «بعقلية معقدة»، حيث
تواصل «إسرائيل» استخدام الطائرات المقاتلة والصواريخ لمهاجمة أهداف عسكرية داخل
سورية، بحجة ردع إيران وتقليص دورها.
كما أشار إلى أن دول الخليج
العربية أصبحت أكثر حذراً من التوسع التركي في سورية، وبدأت تستشعر الخطر التركي
على الدول العربية ما دفع بعضها للبدء بالاتصالات مع الحكومة السورية ببطء في عام
2019.
أما عن مستقبل الأزمة السورية،
فرأى الكتاب أن الوضع في سورية ما زال معقداً، وأن تسوية القضية السورية ما زالت
تواجه مخاطر كثيرة، لافتاً إلى أن الوضع حول محافظة إدلب في شمال غرب سورية لا
يزال غير واضح وغير مستقر، وقد يتصاعد «الصراع» بين الجيش العربي السوري
و«المتمردين» في أي وقت.
واعتبر أن «النزاع» في الجولان قد
يؤدي إلى صراع عسكري بين «إسرائيل» وسورية، على الرغم من أن المجتمع الدولي يعتبر
بشكل عام الجولان المحتل أرضاً سورية ويطالب «إسرائيل» بإعادتها إلى سورية.
ورجح أن تؤدي «الضربات» الجوية الإسرائيلية
المستمرة عبر الحدود ضد أهداف عسكرية سورية إلى تصعيد التوترات الإقليمية.
واعتبر الكتاب، أن العلاقة بين روسيا وتركيا ستصبح عاملاً خارجياً مهماً يؤثر في اتجاه الوضع في سورية.