المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

لماذا لا يمكن للفلسطينيين أن يغادروا أرضهم؟

السبت 22/مايو/2021 - 11:51 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
كتب: بول بيلر..عرض: أحمد سامي عبد الفتاح

إن الجولة الأخيرة من العنف الإسرائيلي الفلسطيني أظهرت بشكل واضح أن الفلسطينيين لا يزالون فاعل رئيسي داخل أراضيهم، بحيث لا يمكن لاسرائيل أن تفعل ما يحلوا لها دون تقديم تنازلات ضرورية للسلام. وقد روّج الإعلام الإسرائيلي لفكرة أن الفلسطينيين مشتتين وقد فقدوا دورهم الفعال في القضية الفلسطينية، لكنّ الجولة الأخيرة من المواجهة أكدت أن أندلاع أي مواجهة مع اسرائيل قادرة على توحيد الصف الفلسطيني.

وقد أدرك الصهاينة الأوائل أن مشروعهم الاستيطاني سيترتب عليه حتما صراع مع السكان الأصليين. وقد أدرج زئيف جابوتينسكي، القومي اليهودي اليميني الذي أسس جماعة إرغون الإرهابية، هذا الاعتراف في مفهومه ل "الجدار الحديدي". وكتب جابوتينسكي: "أي شعب أصلي سيقاتل المستوطنين طالما أن هناك شرارة أمل في التخلص من المستوطنة الأجنبية". وقال جابوتينسكي إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع العرب الفلسطينيين، الذين "لن يقبلوا الصهيونية إلا عندما يجدوا أنفسهم في مواجهة جدار حديدي.

لقد ظلت فكرة بناء جدار حديدي لإضعاف معنويات الفلسطينيين قائمة، خاصة بعد أن قبلت القيادة الفلسطينية بوجود دولة إسرائيل وأصبحت القضايا تتعلق بمدى ما ستذهب إليه إسرائيل للقضاء على أي إمكانية لقيام دولة للفلسطينيين. وقد استمر في هذه الأيديولوجية رؤساء وزراء مثل مناحيم بيغن، الذي خلف جابوتينسكي على رأس إرغون، و بنيامين نتنياهو، الذي كان والده يعمل لدى جابوتينسكي.

وتتزامن الفكرة الاستراتيجية الخاصة بتطبيق القوة الساحقة مع الممارسات الاسرائيلية الخاصة بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم. وتعد المواجهة في غزة هذه المرة تكريسا واضحا للاستراتيجية الاسرائيلية الهادفة إلى استخدام القوة من أجل إسكات الفلسطينيين وإجبارهم على القبول بواقع جديد قائم على مبدأ الدولة الواحدة. بالإضافة إلى محاولة تدمير الروح المعنوية بين الفلسطينيين، فإن جعلهم عاملا غير مؤثر هو الهدف الأسمى لإسرائيل، بحيث يتمكن مواطنوها من القيام بمهامهم في الأراضي المحتلة بطريقة مريحة وخالية من القلق وخالية من الذنب.

أولاً- التأثير على الدول الخارجية

وإلى جانب محاولة سحق معنويات الفلسطينيين والحفاظ على معنويات الإسرائيليين اليهود، كانت الدعاية التي تستهدف الجماهير في الخارج جزءا آخر من الجهود الرامية إلى محو تاريخ الفلسطينيين وأحقيتهم في أرضهم. كانت العبارة المركزية هنا هي "شعب بلا أرض، لأرض بلا شعب". هذا الوصف التاريخي لعب دورا هاما في تزييف الوعي الغربي حيث روجت الصهيونية إلى فكرة أن فلسطين هي أرض فارغة لا يوجد بها أي شعب.

وقد اقتنع بعض الساسة الأميركيين بهذه الفكرة. وقد قال السيناتور جيمس إنهوفي أنه كان خطأ كبيرا أن الفلسطينيين لم يكونوا متواجدين في وقت إعلان بلفور، حيث كانت فلسطين آنذاك تحت سيطرة تركيا العثمانية. كما كانت الكثافة السكانية محدودة نوعا ما. وفي 2012، أعلن رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش أن الفلسطينين شعب مخترع ولم يكن له وجود، ما يؤكد تأثير الدعاية الصهيونية على الغرب.

وكان النهج الأحدث في محاولة تهميش دور الفلسطينيين هو استراتيجية "الصفقات الخارجية مع القوى الفاعلة"، حيث تتوصل الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية إلى صفقات مع الحكومات العربية التي كان من المتوقع أن تضغط على الفلسطينيين أو تقنعهم بالتخلي عن الأمل في أن يكون لديهم منزل خاص بهم وألا يعيشوا تحت حذاء شخص آخر. وكان أساس هذه الاستراتيجية هو التعب الذي أصاب العرب بعد عقود من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لم يتم حله، فضلا عن حقيقة أن كل حكومة عربية لديها مخاوف أخرى قد توليها أولوية أعلى من القضية الفلسطينية. وقد سلكت إدارة ترامب هذا الطريق وحاولت تصفية القضية الفلسطينية من خلال خطة سلام منحت فيها اسرائيل اليد العليا، بينما منح الفلسطينيون حق تكوين منزوعة السلاح في غزة وجزء من الضفة الغربية.

ثانيًا-  مهمة بادين

تعي إدارة بايدن بشكل واضح أن القضايا العالقة بالشرق الأوسط لن تزول بسهولة، ولذلك قر بادين منح الأولوية لملفات أخرى مثل الصين وروسيا. إن إرسال نائب مساعد وزير الخارجية لمحاولة تخفيف حدة العنف الحالي لا يفعل شيئا لمعالجة الظروف التي أدت إلى هذه الجولة وغيرها من جولات العنف. كما يعد الإعتراف بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها مع رفض الاعتراف بحق الفلسطينيين في الأمر ذاته هو خطأ وقعت فيه ادارة بادين مثل سابقيه تماما.

وتستمر الولايات المتحدة في تقديم إعانات عسكرية لاسرائيل بمليارات الدولارات، ولكن يجب أن يطلق على هذا الأمر مصطلح مساعدة عسكرية بدلا من معونة عسكرية لأن اسرائيل دولة غنية وقادرة على تلبية احتياجاتها العسكرية. وبالتالي تطبيق معايير المعونات قد تمنع اسرائيل من مساعدة عسكرية قوية. ويعد هذا الأمر في حالة تحققه بداية جيدة لدور أمريكي محايد في القضية الفلسطينية.

وفي النهاية: أكد الكاتب أن أي تغيير في سياسات الولايات المتحدة تجاه اسرائيل سوف يؤدي إلى تغيير في السلوكيات الإسرائيلية مع الفلسطينين الذين لن يذهبوا بعيدا لأنه ليس لهم أي مكان آخر إلا بلادهم.

المصدر

Paul Pillar, Why the Palestinians are not going away, National Interest. https://nationalinterest.org/feature/palestinians-aren%E2%80%99t-going-away-185402?fbclid=IwAR0d8wgkIQ8krrO4On_LNo5c0s3bDcvRzrKQv__9O9kln5WskJF2NqgzWHQ

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟