المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

محددات التراجع: لماذا انسحبت تركيا من عملية مخلب النسر 2 في شمال العراق؟

الأحد 02/مايو/2021 - 02:17 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار انتهاء العملية العسكرية "مخلب النسر 2"، التي نفذها الجيش التركي في 10 فبراير 2021 بعد مقتل عشرات من المقاتلين الأكراد. وقد أعلنت أنقرة وقف هذه الهجمات في دهوك، وسط تضارب بين الرواية التركية والرواية الكردية لنتائج هذه العملية، وأسباب توقفها.

ووفق ما أعلنته تركيا فقد استهدفت العملية العسكرية تدمير مخازن الذخيرة وقواعد لمقاتلين أكراد في منطقة غارا بإقليم كردستان العراق، كما نفذت فيها أيضًا ضربات جوية وتم خلالها نشر جنود جرى حملهم بالمروحيات، في حين قتل ثلاثة جنود أتراك وأصيب ثلاثة أخرين.

على الجانب الآخر وفي المقابل أعلنت القوات الكردية إن خسائر بشرية تركية فادحة وراء وقف الهجوم التركي، إذ قتل أكثر من 50 جنديًا إضافة إلى عشرات الجرحى، كما أعلنت الحكومة التركية مقتل 13 مواطنًا تركيًا بعد اختطافهم واعدامهم في كهف.

ويجب الإشارة هنا إلى أن تركيا قامت بتنفيذ مجموعة من العمليات العسكرية المختلفة داخل العراق وقد كانت العملية العسكرية مخلب النسر 2 بمثابة امتدادًا للعملية العسكرية مخلب النسر في 15 يونيو 2020. والتي استهدفت أكثر من  ثمانين هدفًا  امتدت من الحدود العراقية السورية إلى الحدود الإيرانية على بعد 200 ميل في الاتجاه الشرقي الغربي وقالت القوات المسلحة التركية إنها شنت الحملة بسبب "تزايد هجمات حزب العمال الكردستاني على نقاط المراقبة التركية في شمال العراق ومع ذلك ينبغي النظر إلى العملية العسكرية على أنها جزء من سياسات تركيا الراهنة في منطقة الشرق الأوسط.

استهداف متكرر

بعد انتهاء عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في منتصف عام 2015 واستهداف كل منهما للآخر، بدأت تركيا في وضع خطة شاملة للقضاء على المنظمة الكردية وفي سبيل تحقيق ذلك بدأت القوات المسلحة التركية في اتخاذ خطوات لوضع خطوط اتصال داخل المحافظات الجنوبية الشرقية في تركيا وامتدات إلى شمال العراق حيث ينتشر حزب العمال الكردستاني ويمتلك كثير من معسكرات التدريب المنتشرة في الجبال، وتهدف تركيا من ذلك إنشاء منطقة عازلة جنوب الحدود التركية العراقية،وضمن السياق ذاته أنشأت  القوات الجوية التركية  13 قاعدة عسكرية دائمة معززة بمختلف الدعم اللوجيستي.

ومن ناحية أخرى أنشأت وكالة المخابرات التركية مقرًا لها في مدينة أربيل عاصمة الحكومة الإقليمية الكردية حيث تقوم بجمع ومعالجة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بأنشطة حزب العمال الكردستاني، وتشن تركيا تكرارًا غارات جوية على قواعد خلفية لحزب العمال الكردستاني في المناطق الجبلية في شمال العراق كما أقام معسكرات تدريب ومخابئ أسلحة. وتقوم قوات خاصة أحيانًا بعمليات توغل محدودة. وعلى الرغم من أن تلك العمليات التركية تثير توترًا مع الحكومة العراقية، إلا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كرر أكثر من مرة التأكيد أن بلاده تعتزم معالجة مسألة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق إذا كانت بغداد غير قادرة على القيام بذلك. وتجاوز الأمر إلى حدود تعزيز العمليات العسكرية الميدانية دونما الاعتبار لسيادة العراق وأمنه.

وقد أعلن العراق إدانته للغارات الجوية التركية التي تجري عبر أجوائه، وأنها أعمال حربية منفردة تنتهك السيادة العراقية، وتعد مُناقضة لمبدأ حسن الجوار، كما سبق أن طالب العراق تركيا بمغادرة أراضيه المتواجدة فيها. ولكن وسط الشد والجذب بين الأكراد وتركيا، لا يتوقع أن يكون إعلان وقف العملية التركية العسكرية نهاية للصراع بين الطرفين، وسط إصرار أنقرة على تدمير قواعد حزب العمال الكردستاني الذي يحتفظ بقواعد في شمال العراق.

محددات التراجع

هناك مجموعة من الأسباب التي يمكن أن تفسر أسباب انتهاء العملية العسكرية التركية مخلب النسر 2 في العراق وإن بعضها يتعلق بالعملية ذاتها والبعض الآخر يتمثل في التأثيرات الإقليمية والدولية على تركيا، فالسبب الرئيسي وراء وقف تركيا لعملياتها العسكرية في إقليم كردستان العراق يتجسد في أن الولايات المتحدة دخلت على خط الأزمة وحثت أنقرة على مراعاة السيادة العراقية، إضافة إلى أن أنقرة لديها مخاوف من اتساع دائرة الخلافات مع الولايات المتحدة؛ حيث تعكر الكثير من الملفات الأخرى تعزيز العلاقة بين أنقرة وواشنطن.

وفيما يتعلق بالعملية ذاتها فقد خسرت تركيا كثير من جنودها ولم تتمكن من تحقيق أهدافها التي تم الإعلان عنها، ويؤشر على ذلك أن  استمرار وتكرار هذه العمليات إلى تعزيز قدرة المكونات الكردية داخل العراق على مواجهة هذه التدخلات، بل وإمكانية إلحاق الضرر بهذه القوات وهو المر الذي أعلنته تركيا من خلال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بأن تركيا فقدت مجموعة من جنودها هناك.

كما تواجه التدخلات التركية في العراق منافسة مع إيران على الرغم من توافقهما على مواجهة الأكراد إلا أن كل منهما يسعى إلى تعزيز نفوذه على حساب الآخر، ومن شأن التدخلات التركية أن تساهم في تعزيز نفوذها على حساب الجانب الإيراني وهو ما يمكن ان يؤثر على النفوذ الإيراني الذي تسعى إلى تعزيزه لمقايضة العراق ودول المنطقة والولايات المتحدة على الاعتراف بنفوذها وتوظيفه في تخفيف حدة الضغوط التي تواجهها إقليميًا ودوليًا.

ومن ناحية أخرى استدعت وزارة الخارجية العراقية سفير جمهورية تركيا في بغداد، فاتح يلدز، على خلفية ما وصفته بـالخروقات والانتهاكات المستمرة للجيش التركي، ومنها القصف الأخير بطائرة مسيرة والذي طال منطقة سيدكان بمحافظة أربيل في كردستان وتسبب في مقتل جنود عراقيين.

وتمثل هذه العوامل بمثابة عوامل ضغط مختلفة على السياسة التركية تجاه إمكانية استمرار عملياتها في داخل العراق، وهو ما يمكن أن يشكل عقبة جديدة أمام قيام تركيا بمثل هذه العمليات، ويؤشر على ذلك السرعة التي أوقفت بها تركيا عملياتها العسكرية هناك.

وفي الختام لابد من الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن ستعمل على استعادة علاقاتها مع الأكراد وهو ما سيشكل حائلًا أمام إمكانية قيام تركيا بمثل هذه العمليات خاصة وأن الإدارة الأمريكية السابقة سمحت من قبل بقيام تركيا بعملية نبع السلام في مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية الحليف الوثيق لواشنطن، ومن ثم فإن التدخل الأمريكي من جديد سوف يعمل على زيادة مستوى الضغوط على أنقرة من جانب ومن جانب آخر استعادة علاقاتها مع الأكراد.

المراجع:

1) نهاية "مخلب النسر 2".. تضارب في الروايات والأسباب، على الرابط: https://cutt.us/CpsDw

2) العراق يطالب تركيا بسحب قواتها ويعلن إلغاء زيارات المسؤولين الأتراك، على الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/2010484

3) تركيا تعلن انتهاء عملية "مخلب النسر-2" وتحصي نتائجها، على الرابط: https://cutt.us/2vNiE

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟