المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

ما هي السيناريوهات المحتملة لمستقبل الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (4+1)؟

الخميس 29/أبريل/2021 - 01:24 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

يمكن القول أن الاتفاق النووي الحالي بين إيران ومجموعة (4+1) بات بمثابة القضية الأهم والتي يوجد بشأنها الكثير من الخلاف سواء على المستوى الإقليمي بين إيران وجيرانها من العرب والإسرائيليين، أو على المستوى العالمي بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين ولاسيما بعد فوز مرشح الحزب الديمقراطي جوبايدن في الاستحقاقات الرئاسية الأمريكية التي عقدت في بداية نوفمبر الفائت، تأسيسًا على إقراره بالعودة للاتفاق النووي مع إيران، بعد أن خرجت منه واشنطن بقيادة دونالد ترامب في مايو لعام 2018.

كما ثارت بعض الخلافات الحادة بشأن الاتفاق النووي في إيران على الصعيد الداخلي بين التيارات السياسية ولاسيما بعد اغتيال رئيس مؤسسة التطوير والابتكار التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية محسن فخرى زاده؛ حيث  صوت البرلمان الإيراني في 2 نوفمبر 2020 على قرار يلزم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية برفع نسبة التخصيب إلى 20%، وانتاج 120 كيلوجرامًا من اليورانيوم المخصب بشكل سنوي في منشأة فوردو، وتخزينها داخل إيران. كما ينص القرار أيضاً على تشغيل 1000 جهاز طرد مركزي من طراز IR-6 بحلول مارس 2021، واتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة تأهيل مفاعل أراك، الأمر الذى بات يحمل انتهاكات غير مسبوقة للخطة العمل المشتركة الشاملة.

وعليه، سيتم العرض فيما يلي لأبرز المسارات المحتملة فيما يتعلق بمستقبل الاتفاق النووي بين إيران ودول (4+1):

أولاً- العودة لخطة العمل المشتركة الشاملة لعام 2015

 يمكن القول أنه انطلاقًا من المعارضة الإيرانية الكبيرة لإجراء أي مفاوضات حول اتفاق نووي جديد، وتوسيع نطاق التفاوض ليشمل دولاً أخرى مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن لإيران أن تعمل على تصعيد حدة التوترات مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، ولاسيما أن تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جوبايدن يتزامن مع ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، بما ينذر بتصاعد التوترات الأمريكية الإيرانية في بغداد، وهو الأمر الذى ظهرت بوادره في الهجوم الصاروخي الذى تم شنه على المنطقة الخضراء بالعراق بالقرب من السفارة الأمريكية في 20 ديسمبر 2020(1).

وعليه، ستضطر واشنطن وحلفاءها في أوروبا للانصياع لرغبات إيران فيما يتعلق بالعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وبخاصة بعد أن أعرب أكثر من 150 نائباً من الحزب الديمقراطي في 25 ديسمبر الجاري عن دعمهم لمساعي جو بايدن لإعادة بلاده إلى الاتفاق النووي الإيراني "دون شروط مسبقة"؛ حيث أشارت رسالة وجهها النواب إلى بايدن، إنهم يؤيدون خطته للانضمام لخطة العمل المشتركة الشاملة من دون فرض أي شروط. وجاء في الرسالة "نؤيد دعواتك لإيران بالعودة إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي وانضمام الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق والمفاوضات التي ستلحق هذه الخطوات"(2).

ثانيًا- عقد اتفاق جديد

 تعتمد المؤشرات القوية لإمكانية تبني هذا السيناريو على سعى الدول الأوروبية في الوقت الحالي لرفع مستوى التنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جوبايدن بشأن طرح نهج موحد أمام إيران حتى يتم استيعاب كافة القضايا الخلافية فيما بينهم داخل الاتفاقية الجديدة، بما يتضمن(البرنامج النووي، والباليستى فضلاً عن النفوذ الإيراني في الإقليم).

 ويتمثل أبرز ما يدعم هذا الاتجاه في التداعيات السلبية المتصاعدة للعقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تتزامن مع تفشي فيروس كورونا بشدة في إيران، الأمر الذى وصل إلى استغاثة بعض الناشطين الإيرانيين في 26 ديسمبر الجاري بمنظمة الصحة العالمية من أجل الحصول على لقاحات معتمدة دوليًا لفيروس كورونا، مُعبرين عن قلقهم من أن تفرض عليهم السلطات في بلدهم أخذ لقاح محلي الصنع، لا يزال في مرحلة التجربة(3).

كما أكد النائب الإيراني فدا حسين مالكي في تصريح له لموقع "انتخاب" المقرب من أوساط الحكومة الإيرانية في 30 ديسمبر 2020 أنه من المحتمل أن يتم عقد اتفاق نووي جديد حتى في ظل التوقعات المشيرة  إلى أن الرئيس الإيراني القادم سيكون ذو توجه محافظ، قائلاً:" إن المحافظين يأخذون القضايا الكبيرة والمصالح الوطنية أكثر من الإصلاحيين على محمل الجد، وحريصون على أخطاء أقل أو عدم ارتكابها"، مضيفًا " الوضع في البلاد اليوم ليس جيداً، وشعبنا ليس في مزاج جيد، معاشه اليومي يمر بصعوبة؛ بطالة الشباب لا تطاق،  ومن المؤسف أن حكومة الاعتدال والإصلاحات، مجرد متابع جيد، وتكيل بمكيالين"(4).

ثالثًا – الخروج من الاتفاق

 يعد هذا السيناريو بمثابة خياراً أخيراً بالنسبة لطهران بعد فشل الخيارين السابقين، ومن الممكن أن تلجأ إليه طهران إذا أصرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في أوروبا على ضرورة اتباع خيار توسيع التفاوض ليشمل بعض دول المنطقة، وهو الأمر الذى من المتوقع أن يتم بعد مرور الـ 6 أشهر الأخيرة من الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الإيراني حسن روحاني ومجيء أحد القادة المحسوبين على التيار المتشدد ولاسيما التابعين للحرس الثوري.

وما يدعم هذا الخيار هي الفترة الزمنية الطويلة التي فُرضت فيها العقوبات الاقتصادية على إيران، والتكيف التدريجي الإيراني عليها، ومعرفة كيفية خرقها، بل والتغلب عليها، الأمر الذى اتضح في التقرير الذى نشرته الصحيفة الفرنسية أتلانتيكو في 22 ديسمبر الجاري والذى يشير إلى أنه على رغم من الضغوط القصوى التي مارستها إدارة ترامب منذ عام 2017 على إيران، لكن الاقتصاد الإيراني لايزال قويًا، وجاء في التقرير:" من المدهش أن إيران تمكنت من التكيف مع هذه الظروف ومواصلة مسيرتها، بعد أكثر من أربعين عامًا من فرض العقوبات الدولية، كما أن ممارسة الضغوط القصوى ضد الاقتصاد الايراني أوجد الفرص لدى الايرانيين لإحياء اقتصادهم وايجاد أعمال جديدة"(5).

الهوامش:

1-     القيادة المركزية الأميركية: هجوم السفارة خرق مباشر للسيادة العراقية، الحرة، 24-12-2020، متاح على الرابط التالي https://cutt.ly/9jrwvHZ .

2-     ديمقراطيون يدعمون عودة بايدن للاتفاق النووي «بدون شروط مسبقة، الشرق الأوسط، 25-12-2020، متاح على الرابط التالي https://cutt.ly/yjrwHW7 .

3-     "انقذونا".. الإيرانيون يستغيثون بمنظمة الصحة العالمية من "لقاح محلي الصنع"، الحرة، 24-12-2020، متاح على الرابط التالي https://cutt.ly/ojrq0tN .

4-      تراجع اهتمام الصين بـ"شراكة استراتيجية" مع حكومة روحاني: نائب إيراني لا يستبعد إمكانية التفاوض بين بايدن والمحافظين، الشرق الأوسط، 30 -12-2020، متاح على الرابط التالي  https://cutt.ly/hjrw2sZ .

5-     صحيفة فرنسية : الاقتصاد الإيراني لايزال مستقرًا رغم الضغوط الامريكية القصوى، وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية(إرنا)، 22 ديسمبر 2020، متاح على الرابط التالي https://cutt.ly/4jreTKM .

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟