المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
فطيمة الزهراء رمون
فطيمة الزهراء رمون

المساعي الإسرائيلية لتقويض النفوذ الإيراني وتأثيرها على دول الخليج

الإثنين 05/أبريل/2021 - 01:29 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

تعتبر إيران من القوى الفاعلة في الشرق الأوسط  التي تنافس إسرائيل ودول الخليج ويتضح ذلك من خلال بسط نفوذها في المنطقة عبروكلائها حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن ، المليشيات المسلحة في سوريا والعراق إلى جانب برنامجها النووي وأسلحتها المتقدمة  ، وبما أن العامل الأمني مهم لضمان وجود إسرائيل كدولة ناشطة في الشرق الأوسط فإن عليها الحد من تنامي النفوذ الإيراني وتقوية علاقاتها مع دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي التي تحرص على استقرار أمنها خصوصا في ظل التهديدات الإيرانية لمصالحها الحيوية .

إن إشكالية الدراسة تسلط الضوء على  الاستراتيجية الإسرائيلية لتقويض النفوذ الإيراني و تأثيرها على دول الخليج العربي ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي أسئلة فرعية :ماهي مخاطر تصاعد النفوذ الإيراني في منطقة  الشرق الأوسط؟ ماهي السياسة التي اتبعتها إسرائيل للحد من التهديد الإيراني في المنطقة  ؟  كيف يمكن أن يكون التقارب الإسرائيلي الخليجي لمواجهة النفوذ الإيراني ؟ ، وللإجابة عن هذه التساؤلات تم الاستعانة باقتراب الدور الإقليمي الذي ينطلق من افتراض أن لكل وحدة دولية دورا أو مجموعة من الأدوار التي تلعبها في النظامين الإقليمي والدولي بدافع ايديولوجي أو براغماتي وأن هذه الأدوار تحددها الوحدة الدولية بناءا على فهم صانعي قرار السياسة الخارجية وإدراكهم  لإمكانيات دولهم ،  فدافع الدور الإيراني استراتيجي سياسي لتوسيع دائرة نفوذه في المنطقة لتصبح إيران قوة إقليمية  مؤثرة في ميزان القوى في الشرق الأوسط ، وكذلك تم استخدام منهج  المصلحة الوطنية الذي يحدد سلوك الدولة وتوجهاتها على الصعيد الخارجي لمعرفة طبيعة السياسة الإسرائيلية المتبعة لتقويض النفوذ الإيراني .

تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة الشرق الأوسط

ساعدت الأحداث السياسية  التي عرفتها المنطقة العربية منذ سقوط نظام العراقي إلى  الثورات العربية عام2011   ، إيران في أن تعزز دورها كفاعل إقليمي مهم  في الشرق الأوسط  ولأجل ذلك تسعي إلى بسط نفوذها الإقليمي لتنفيذ مشروعها  التوسعي ولخدمة استراتيجتها اعتمدت إيران على القوة الناعمة  إلى جانب القوة العسكرية حيث  وظفت طهران  الأيديولوجية الدينية و  المذهبية كأداة لتكوين أذرع شيعية موالية لها تؤيد طرحها التوسعي (1 ) .

يصنف حزب الله ضمن أهم أذرع إيران في الشرق الأوسط  حيث تقوم بدعمه عسكريا و ماليا ومعنويا من خلال تمويل مشاريعه الاقتصادية في لبنان وتطور هذا الدعم بتقديم التكنولوجيا العسكرية من أجل تحويله إلى قوة عسكرية يمتلك صواريخ موجهة بدقة ، كما يساهم الحرس الثوري الإيراني في تدريب عناصره وظهر ذلك واضحا في سبتمبر 2019 عندما استخدمت ميليشيات حزب الله صورايخ موجهة مضادة للدبابات ضد قاعدة الجيش  الإسرائيلي   ، ومن هنا يتضح أن الحزب بات يشكل تهديدا متزايدا للاستقراراللبناني والإقليمي  ، حيث  ترى طهران  أن حزب الله امتداد لها في المنطقة  لتبنيه شعارات الخطاب الثوري الإيراني فيما يتعلق بالصراع مع إسرائيل وتقديمه الدعم لنظام  السوري  وللمليشيات  المسلحة في العراق (2) .

                فحزب الله أبرز خطر التمدد الإيراني وتأثيره السياسي في المنطقة  بدعمه للنظام السوري وتحالفه مع إيران في تأجيج الخلاف مع دول الخليج بقيادة  المملكة العربية السعودية التي تعد المنافس الأكبر لطهران في المنطقة وهذا  ما دفع  الرياض  إلى التحرك في جامعة  الدول العربية عام 2016 وتصنيفها لحزب الله كمنظمة إرهابية بتهمة القيام بأعمال عدائية كما تم تصنيفه  من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والدول الغربية(3 ) .

وبلاشك أن من أهداف الثورة الإيرانية هو تصدير الثورة ومن أهم شعاراتها " اليوم إيران وغدا فلسطين "انطلاقا من هذا المبدأ شغلت القضية الفلسطينية  حيزا من اهتمام صناع قرار السياسة الخارجية الإيرانية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية  وقدمت نفسها على أنها  تلعب دور قيادة العالم الإسلامي وهذا يتطلب منها  تقليص  دورالنفوذ الإسرائيلي في  النظام الإقليمي لذلك وطدت إيران علأقاتها  مع  قوى المقاومة  الفلسطينية وقدمت لهم الدعم بما فيها حركة حماس  التي تسيطر على قطاع غزة ونظرا للمصالح المشتركة بينهما   استمر تطور العمل طوال الفترة الماضية حيث ترى طهران أن وجودها في قطاع غزة إمكانية أخرى لتهديد إسرائيل أو على الأقل لإثارة قلقها  بالمقابل تدعم حماس  إيران في المنطقة  وأنها ستقف إلى جانب  طهران إذا شنت إسرائيل هجوما على مفاعلاتها النووية وأن الطرفين في جبهة  إسلامية ممتدة لمواجهة إسرائيل (4 ) .

رأت طهران بأن تدخلها في الأزمة السورية ليس فقط لحماية مصالحها وإنما هي فرصة لتعزيز حضورها الإقليمي والدولي الذي يمكنها من التحكم في الشرق الأوسط والذي تدعمه ببناء قواعد عسكرية لزيادة الضغط السياسي على أمريكا والمجتمع الدولي من أجل الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وتأمين بقاء النظام الإيراني ، ويعتبر النظام السوري أحد أهم أذرع إيران الذي توظفه كأداة للردع الإقليمي لتهديد أمن إسرائيل واستقرار الإقليمي وكورقة ضغط تستغلها لتفاوض في ملفها النووي أو في حال تعرضها لضربة عسكرية تستهدف مشروعها النووي (5 ) .

ومن الملاحظ أن التغلغل الإيراني في الشرق الأوسط لايهدد أمن إسرائيل فحسب بل حتى دول الخليج  وذلك عبردعم  طهران لجماعة الحوثي في اليمن تحقيقا لطموحاتها التوسعية  بما يؤثر على أمن واستقرار دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية بصفة مباشرة حيث تعتبر اليمن عمقا استراتيجيا للرياض من  الجهة الجنوبية ، كما يسمح تواجدها في اليمن تأمين وجودها بالقرب من الممرات البحرية خصوصا البحر الأحمر وباب المندب ما يمكنها  من الحفاظ على مصالحها لذا أصبح التدخل في صعدة مطلبا أمنيا واستراتيجيا يحقق لها الترابط المطلوب مع استراتيجيتها الدفاعية حيث تصبح العراق واليمن وكل شواطيء الخليج الشرقية وصولا إلى الساحل الجنوبي والغربي للبحر الأحمر ساحة للمعركة تضمن لإيران مستقبلها في الشرق الأوسط (6 ) .

ولفرض دورها الاستراتيجي في المنطقة سعت إيران إلى تطوير أسلحتها البالستية  إلى جانب برنامجها النووي ، فبعد توقيع الاتفاق النووي بين طهران و مجموعة 5 + 1 عام 2015   حققت إيران مكاسب أهمها تخفيف حدة الضغوط الدولية عليها وانتهى إلى رفع العقوبات الأمريكية في عهد إدارة باراك أوباما والحفاظ على البنية التحتية لبرنامجها النووي وحقها في تخصيب اليورانيوم واستمرارها في إجراء الأبحاث ضمن شروط وضوابط الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا ما شجعها على  اتباع سياسة خارجية أكثر تأثيرا في الشرق الأوسط يأتي ذلك على حساب إسرائيل وعلى دول الخليج ولاسيما السعودية التي تحرص على المحافظة على دورها  المؤثر في عملية تشكيل سياسات الشرق الاوسطية (7 ) .

السياسة الإسرائيلية للحد من التهديد  الإيراني في المنطقة  

باتت إسرائيل تشعر أن الدورالإيراني ينافسها في المنطقة فهي تؤمن بأن الاتفاق النووي مع إيران   يعد انتصارا لها  وقد أعطاها مساحة كبيرة من القوة والتدخل في شؤون العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وبالتالي تلاشي النفوذ الإسرائيلي المهيمن ،حيث اعتبرت إسرائيل  أن الخطر  الأمني الرئيسي ليس  الملف  النووي فحسب بل أصبحت طهران  مشكلة إقليمية  ينبغي  مواجهتها وتقليص  دورها في المنطقة  وعليه اعتمدت إسرائيل على عدة آليات أهمها :

1 – تنسيق الأمني والاستخباراتي  مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاتفاق النووي وبرنامج الصواريخ البالستية اللذان يشكلان تهديدا لأمن إسرائيل  وفي هذا الإطار تعهدت الولايات المتحدة بضمان تفوق إسرائيل في المجال النووي يضمن لها الاستمرار والبقاء لتحقيق أمنها القومي  .

2 – ترحيب إسرائيل بالعقوبات على إيران التي فرضتها إدارة ترامب فمنذ أن تقلد ترامب منصبه في 20 يناير 2017 كان هناك تغييرات واضحة في مواقف الولايات المتحدة من طهران وذلك بالمقارنة مع السياسة التي اتبعها باراك أوباما ، فقد نجحت إسرائيل في اقناع الولايات المتحدة من الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو2018، وفرض  دونالد  ترامب حزمة من العقوبات المفروضة على إيران من أجل ابرام اتفاق جديد بشرط التخلي عن دعمها للجماعات المسلحة في سوريا واليمن والتخلي عن برنامجها للصواريخ الباليستية وهو ما رفضته طهران ، وطبقت الحزمة الأولى من العقوبات الخاصة بالمشتريات الإيرانية بالدولار وتجارة المعادن وغيرها من التعاملات والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعة وقطاع السيارات في إيران ، ثم الحزمة الثانية من العقوبات في نوفمبر 2018 الخاصة بالمعاملات في البترول والمؤسسات المالية الأجنبية (8 ) .

3 –  لجأت  إسرائيل  إلى التصعيد العسكري والاستفزازات السياسية كنوع من أنواع الردع لمواجهة إيران في مناطق نفوذها الإقليمي  ، حيث شن الجيش الإسرائيلي هجوم على قواعد إيران وحزب الله في سوريا بعد إعلان واشنطن انسحابها من دمشق و تصاعدت المواجهات المباشرة بين الطرفين خاصة في المناطق الحدودية لإسرائيل للتقليل من التأثير الإيراني في سوريا للحفاظ على أمنها القومي كما أرفقت إلى جانب التصعيد العسكري التحرك الدبلوماسي الإسرائيلي ضد  الوجود العسكري الإيراني وذلك بمطالبتها بإنشاء منطقة عازلة جديدة خالية من القوات الأجنبية لحماية منطقتها العازلة الأصلية  (9 ) .

لم تتخذ إيران أي إجراء ضد الحصار المشدد الذي فرضته إسرائيل عليها ومن المتوقع أن طهران لا تنوي  تصعيد التوتر إلا بعد تثبيت مكاسبها وتعزيز موقعها في الجنوب وجنوب شرق البلاد وأخذها بعين الاعتبار الدور الروسي المؤثرفي سوريا  ونتيجة لذلك اختارت إيران غض الطرف عن الهجمات الإسرائيلية في سوريا  (10).

4 –  وكجزء من سياستها المتبعة لردع طهران نفذت  إسرائيل سلسلة  الاغتيالات  التي استهدفت فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في الثالث من يناير2020 الذي كان مهندس سياسة إيران الإقليمية والمسؤول عن تعبئة المليشيات في سوريا والعراق ولبنان ،و كان لإسرائيل دورا في تسريب المعلومات عن مكان تواجده مما ساعد   الولايات المتحدة على اغتياله في غارة جوية  ردا على السلوك العدائي الذي مارسته طهران والميليشيات التابعة لها في المنطقة دون رد مناسب لها ما أوجد لدى طهران انطباع بأنها في موقف أقوى يتيح لها التمادي في سياساتها التصعيدية دون رادع ، وخاصة بعد الهجمات المتتالية التي تعرضت لها المصالح الأمريكية في العراق نتيجة قيام ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران باستهداف القاعدة العسكرية العراقية الأمريكية (11) .

 عبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن دعمه المطلق لهذه الخطوة قائلا " إن السيد ترامب اتخذ إجراءات ضد إرهابي كبير كان العقل المدبر وراء حملة القتل والإرهاب التي نفذتها إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم " (12 ) .

تزامن اغتيال العالم النووي الإيراني   محسن فخري زاده مع توعد إدارة ترامب بتوجيه ضربة قوية لإيران قبل خروجها من البيت الأبيض 20 يناير 2021 ، حيث شكل اغتيال مهندس برنامج النووي زاده ضربة قوية لإيران ونظامها الأمني ، وكشف مدى الاختراق الأجنبي للداخل الإيراني من قبل إسرائيل و حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية وعملائها المحترفين رغم كل القيود والإجرءات المحكمة المطبقة في إيران ، وقد تسارع الاتهام الإيراني بمسؤولية إسرائيل والولايات المتحدة من أجل تهدئة مستوى الغضب لاسيما الذي يعبر عنه المحافظون والرافضون أساسا أي احتمال بفتح ولو نافذة صغيرة للحوار المحتمل مع إدارة بايدن ، يلاحظ هنا أن وضع حادثة الاغتيال في سياق الصراع بين هاتين الدولتين المتنافستين إسرائيل وطهران هو أمر طبيعي لاسيما أن إسرائيل على لسان بنيامين نتنياهو تعلن صراحة إصرارها على انهاء القدرات النووية الإيرانية بكل السبل ومنه التخلص من كبار العلماء الإيرانين كعامل يؤدي إلى إرباك جسيم أو شلل تام في منظومة إيران النووية سلميا أو عسكريا (13 ) .

 

5-  و للتنويع في آليات الردع  حاولت إسرائيل الضغط على طهران عبر إختراق شبكة الحواسيب العاملة في مراكز الأبحاث النووية الإيرانية ، حيث تعرضت إيران لعدة هجمات سيبرانية  مثل فيروس " ستوكسنت " الذي هاجم أنظمة التحكم الصناعية عام2010 وتسبب في أضرار للمفاعلات النووية الإيرانية  استهدفت أنظمة التحكم  ، ومن الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تقفان وراء الهجمات السيبرانية التي طالت المؤسسات الحكومية الإيرانية في ديسمبر 2019  ،والهجوم الذي وقع في 8 فبراير 2020 الذي نتج عنه انقطاع بنسبة 75 بالمئة من خدمة الأنترنت وتسبب في فشل الأقمار الصناعية الإيرانية (14 ) .

التقارب الإسرائيلي الخليجي لمواجهة النفوذ الإيراني

بدأ التقارب بين إسرائيل ودول الخليج يتضح بعد تصاعد موجة الثورات العربية وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط لصالح إيران على حساب دول الخليج ،و تنظر إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين إلى النفوذ الإيراني المتعاظم على أنه تهديد وخطر مباشر على أمنها القومي، ومن هنا جاء العزف على وتر تحالف بين إسرائيل وتلك الدول .

 أما الجمهورية الإسلامية الإيرانية  فقد استثمرت في  اخفاقات الولايات الأمريكية في تحقيق الاستقرار في العراق هذا من جهة ، ومن جهة أخرى استغلت إيران الأزمة السورية والاضطربات في اليمن بتدخلها في شؤونه الداخلية بدعمها لجماعة الحوثي لإحكام قبضتهم وفرض سيطرتهم على صنعاء .   وقد إزدادت حدة توترات في المنطقة  في  أعقاب انسحاب إدارة باراك أوباما تدريجيا من صراعات الشرق الأوسط وهي السياسة التي واصلها دونالد ترامب بشكل واضح وتبنيه لغة الحوار الحادة مع إيران حول برنامجها النووي  (15 )  .

انطلاقاً مما سبق ذكره جاءت " اتفاقيات أبراهام " لتضفي طابعا رسميا على سنوات من التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول الخليج وإسرائيل لمواجهة الخطر الإيراني ،حيث وقعت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل اتفاقية أبراهام في 15 سبتمبر 2020 وتلتها بعد ذلك مملكة البحرين ولاقت هذه الخطوة ترحيبا من المملكة العربية السعودية (16 ) .

تمثل هذه الاتفاقية تفاعل جديد في السياسة الإقليمية حيث سمحت لإسرائيل بالتواجد في منطقة الخليج لسعيها لتقويض النفوذ الإقليمي الإيراني وفرصة لخلق تحالفات إقليمية تساهم في تقوية ما يعرف ب " محور الاعتدال " في المنطقة والذي يضم دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن في مواجهة إيران وتركيا اللتان تعتبران منافستان للمملكة العربية السعودية لزعامة العالم الإسلامي  .

إن تقارب العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج يتماشى مع إدارة الحزبين الجمهوري والديمقراطي ولطالما حاولت الإدارات الأمريكية المتعاقبة دمج إسرائيل في الشرق الأوسط ،لذلك لاقى هذا المسعى ترحيبا من الرئيس الأمريكي جوبايدن الذي تعهد بإعادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق النووي مع طهران الذي انسحب منه دونالد ترامب عام 2018 وحاول بناء اتفاقيات أوسع لتقييد برنامج إيران النووي ودعمها للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط (17 ).

إن من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن تحافظ على الأمن والاستقرار في المنطقة ،حيث لديها مصالح كبرى في منطقة الخليج والعراق والسعودية وضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكري في المنطقة وعدم تعرضها لأية تهديد وبالأخص من جانب إيران التي لديها طموحات نووية وبرامج تسليح صاروخية باليستية تستطيع أن تصل إلى إسرائيل بشكل أو بآخر، وبالتالي فهذا الملف يجب أن يعامل بمنتهى الحذر والحيطة وعدم الإخلال بثوابت السياسة الخارجية  التي تؤمن بها الدولة الأمريكية سواء ديمقراطيون أو جمهوريون يحكمون في البيت الأبيض فالختلاف الذي يمكن أن يحدث في إدارة بايدن هو في كيفية التعامل مع الملف الإيراني بطريقة هادئة نسبيا لا يبعد عن أسس حماية إسرائيل ومحاصرة التهديدات الإيرانية في المنطقة والتحكم في برنامج النووي الإيراني هذه المنظومة من وجهة نظر ترامب كانت تتطلب نوع من الضغوط المتتالية التي تؤدي إلى تراجع إيران وقبولها بالشروط العشرة التي صرح بها وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو منذ عدة أشهر، فإن إدارة بايدن لا تسعى إلى تغير في السلوك ولكن في الأسلوب (18 ) .

وعلى هذا الأساس يمكن أن تستفيد إدارة بايدن من التحالف بين إسرائيل ودول الخليج وتستغلها كورقة ضغط على طهران ومن الممكن أن هذا التحالف يقدم إقتراحات لإدارة بايدن لصياغة اتفاقيات جديدة فيما يخص الاتفاق النووي الإيراني وخصوصا بعدما طالبت كلا من إسرائيل ودول الخليج إشراكها في المفاوضات .

وعلى خلفية هذا التقارب الإسرائيلي الخليجي يظهر ارتباك طهران من تبعات هذه الاتفاقية وتنظر لها على أنها موجهة ضدها وتمثل تطويقا لنفوذها في المنطقة وتهديدا لأمنها القومي ناهيك عن أذربيجان الجارة الشمالية لإيران حليفة إسرائيل مما يعني تطويق إيران وحصارها سياسيا ، كما ترى طهران أنه بموجب هذا الاتفاق الإسرائيلي مع دولة الإمارات العربية المتحدة يكون لإسرائيل موطئ قدم في الخليج ما قد يسمح بإنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية في مواجهة إيران في الخليج ويسهل عملية التجسسس عليها خاصة أن الإمارات العربية المتحدة تعد أقرب الدول مسافة من الناحية الجغرافية إلى إيران فضلا عن مخاوفها الاقتصادية من المنافسة الإسرائيلية لها في سوق الإمارات (19).

هذا ما يدفع طهران إلى الإصرار والمضيء قدما في إعادة تنشيط برنامجها النووي وزيادة قدراتها الصاروخية البالستية وهذا ما أكده الرئيس حسن روحاني أنه لن يكون هناك تفاوض على البرنامج الصاروخي (20 ) .

خاتمة

مما سبق ذكره نستنتج أن التغييرات التي شهدتها المنطقة ولاسيما ما يتعلق ب " اتفاق أبراهام " ما بين إسرائيل ودول الخليج تعد تحولا استراتيجيا عميقا في المنطقة  يعكس مدى تقبل دور إسرائيل واندماجها بطريقة عملياتية في الشرق الأوسط ، ومن البديهي أن هذا التقارب أدى إلى تشكيل حلف يسعى إلى تقويض الدور الإيراني في المنطقة باعتبارها قوة إقليمية تهدد أمن إسرائيل والمنطقة وخصوصا بعد صدور قرار من  إدارة الرئيس جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي مع طهران حيث طالبت تل أبيب ودول الخليج بالانضمام إلى الاتفاق النووي بما يضمن سيطرة أكبر على قدرات إيران النووية في المستقبل وترغب كذلك ألا تفتح واشنطن مجال التفاوض بدون وضع حد لطموحات إيران الإقليمية والحد من خطر امتلاك إيران وأذرعها في المنطقة لصواريخ وأنظمة مسلحة متطورة بما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي ، بلاشك أن إيران نجحت وبقوة في إختراق المنطقة وإنشاء شبكة علاقات استراتيجية سيكون من الصعب على أي حلف التأثير على المسار الإيراني  المؤثر في قضايا المنطقة ومن ناحية أخرى  إن موقف طهران التفاوضي ضعيف وخيارات التصعيد محدودة فهي لاتمتلك الوقت في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تواجهها وبالتالي لديها حاجة ملحة لرفع العقوبات .


قائمة المراجع

1 – أمل مدحت عبد الحميد ،" أثر السياسة الإيرانية على الأمن القومي العربي "، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية  ، الاقتصادية والسياسية  ، 12 يوليو 2016  ، متاح على الرابط  التالي

https://democraticac.de/?p=33848

2 – "إيران وحلفاؤها قوة عنيدة في الشرق الأوسط " ، 29 أوت 2019 ، متاح على الرابط التالي :

https://www.dw.com/ar/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AD%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A4%D9%87%D8%A7-%D9%80-%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/a-50197452

3 – الوليد أبو حنيفة  ، " البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه المنطقة العربية " ، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية ، 15 جوان 2019 ، متاح على الرابط التالي :

https://www.politics-dz.com/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A/

4 – دينا محسن محمود عبده ، " الاتجاهات العامة للمصالح الإقليمية لإيران في المنطقة العربية ، دراسة مقارنة بين سوريا واليمن " ،  المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية ، الاقتصادية والسياسية ، 25 يوليو 2016 ، متاح على الرابط التالي :

https://democraticac.de/?p=34554

5 – المرجع السابق

6 –  لينا الخطيب ، " الدور السعودي النافذ في الخليج و  الشرق الأوسط "، مركز كارنيغي للشرق الأوسط ، 10 أبريل 2015 ، متاح على الرابط التالي :

http://carnegie-mec.org/2015/04/01/ar-pub-59558.

7 _"  خمس سنوات على الاتفاق النووي الإيراني : انبعاث جديد " ، 21 يناير 2021 ، متاح على الرابط التالي :

https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/iran/220-iran-nuclea

8 – داليا داسا كاي ،" سياسات إسرائيل بشأن إيران بعد الاتفاق النووي "، مركز السياسات العامة للشرق الأوسط ، متاح على الرابط التالي:

https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE200/PE207/RAND_PE207z1.arabic.pdf

9 – ضفاف كامل كاظم ، "السياسة الإسرائيلية تجاه إيران بعد الاتفاق النووي" ، 05  أكتوبر2020 ، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية ، متاح على الرابط التالي :

https://www.politics-dz.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84/

10 – المرجع السابق .

 

11 –" تداعيات مقتل سليماني على الصراع الإيراني الأمريكي في العراق " ، 26 يناير 20 ، مركز الإمارات للسياسات ، متاح الرابط التالي :

 https://epc.ae/ar/topic/impact-of-soleimani-killing-on-usiran-conflict-in-iraq

12 – نتنياهو يشيد بمقتل قاسم سليماني ، 3 يناير 2020 ، متاح على الرابط التالي :

https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2020/01/03/natanyahu-israel-sleimani-usa

13 –  د . حسن أبوطالب ، " اغتيال محسن فخري زاده هل ترد إيران ؟ ، 01 ديسمبر 2020 ، العدد  15344 ، جريدة الشرق الأوسط  ، متاح على الرابط التالي :

https://aawsat.com/home/article/2656731/%D8%AF-%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8/%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D8%B2%D8%A7%D8%AF%D9%87-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%AF-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F

 

14 –" الهجمات السيبرانية على إيران : أبعاد وتداعيات" ، 05 مارس 2020 ، مركز الإمارات للسياسات ، متاح على الرابط التالي :

https://epc.ae/ar/brief/cyber-attack-on-iran-dimensions-and-implications

15 –" دول الخليج وإسرائيل بعد اتفاقيات إبراهيم" ، 6 نوفمبر 2020 ، مبادرة الإصلاح العربي ، متاح على الرابط التالي :

https://www.arab-reform.net/ar/publication/%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7

16 – عمر رحمان ، ماذا وراء العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربية ، 28 يناير 2019 ، متاح على الرابط التالي :

https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2019/01/31/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE/

17 – جاي سولومون ،" على بايدن البناء على " اتفاقيات إبراهيم" وليس التراجع عنها "، 4 يناير 2021 ، معهد واشنطن ، متاح على الرابط التالي :

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/ly-baydn-albna-ly-atfaqyat-abrahym-wlys-altraj-nha

 

18 – المرجع السابق .

 

19 – اسراء إبراهيم  ، " على خلفية الانفتاح الخليجي على إسرائيل هل تصعد إيران من تحركها ضد دول الخليج " ، 26 سبتمبر 2020 ، متاح على الرابط التالي :

 https://www.ecsstudies.com/11088/

 

20 – "روحاني : برنامج إيران الصاروخي غير قابل للتفاوض " ، 14 ديسمبر 2020 ، جريدة الشرق الأوسط ، متاح على الرابط التالي :

https://aawsat.com/home/article/2682596/%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AE%D9%8A-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟