طموحات متصاعدة...كيف يمكن لإدارة بايدن إعادة تنشيط الاقتصاد العالمي؟
من المقرر أن يسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن
عبد العزيز في غضون الإسبوعين القادمين قيادة مجموعة العشرين (G20) إلى رئيس
الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، تحت رقابة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة مرشح
الحزب الديمقراطي جوبايدن. وعليه، يقر جوش ليبسكى مدير برنامج الدراسات الجيواقتصادية بالمجلس
الأطلسي، إلى أن التحدي الأساسي الذي من المحتمل أن يواجه الرئيس الأمريكي الجديد وزملائه ما يتعلق بما هو أكثر من المال والوظائف، بل يتمحور
حول استعادة الثقة في النظام الاقتصادى الأمريكي، ومن هنا، يشير الكاتب إلى أن
الخيار الوحيد القابل للتطبيق لبايدن هو أجندة اقتصادية دولية طموحة، على غرار
اجتماع بريتون وودز الذى تم عقده في نهاية الحرب العالمية الثانية، الأمر الذى من
شأنه أن يرتكز على إنعاش النظام المالى العالمى، عن طريق منح فرصة لكل مواطن، وإعادة
تجديد البنية التحتية للتجارة الدولية.
أولاً-
إنعاش الاقتصاد العالمي...ومجموعة العشرين (G20)
عملت إدارة أوباما وبايدن في
خضم الأزمة المالية العالمية مع الحلفاء في عام 2009، لرفع مستوى مجموعة العشرين
لتنسيق استجابة اقتصادية غير مسبوقة؛ حيث ساعد الاقتصاد البريطانى الذى كان يعتبر
أفضل اقتصادات العالم في ذلك الوقت بقية
اقتصادات العالم على تحقيق الانتعاش مرة
أخرى. وخرجت كل دولة من هذه التجربة وهى تدرك جيداً ما يتعين عليها القيام به بعد ذلك، بداية من
عملية الإصلاح المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نشر المساعدات المالية في أوروبا.
ولكن لسوء الحظ، تمثل جائحة
تفشي وباء COVID-19 عائقًا أمام الانتعاش الاقتصادى في ظل إدارة بايدن، فبينما تبذل
الدول المزيد من الجهود في مجال التحفيز المالي والتيسير النقدي، فإن الافتقار إلى
الأولويات الاقتصادية المشتركة يعيق هذا الانتعاش؛ حيث توجد فقط سلسلة من ردود
الفعل الوطنية، الأمر الذى من المتوقع أن يتغير في عام 2021. ويشير الكاتب إلى أن الاجتماع المشابه لبريتون وودز لوزراء المالية
ومحافظي البنوك المركزية من المتوقع أن يتم عقده في روما العام المقبل. على أن يكون البند الأول على جدول أعمال هذا المؤتمر هو
تنسيق عملية توزيع اللقاح، وفي هذا السياق
يحتاج العالم إلى جولة جديدة من تخفيف الديون والمساعدات الدولية لمساعدة هذه
الدول على إدارة واحدة من أكثر المشاكل اللوجستية تعقيدًا في التاريخ، كما يجب أن
يكون ضمان حصول العالم على اللقاح من أولويات الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما
سيجعل وعد الرئيس المنتخب حقيقيًا لزعماء العالم بأن "أمريكا عادت".
على الرغم من أن عملية بناء
المناعة العامة قد تستغرف أكثر من عام، إلا أن هناك الملايين حول العالم يعانون
الآن، لذا تحتاج مجموعة العشرين أيضًا إلى إرسال الرسالة الصحيحة بشأن الاقتراض
والإنفاق، مع أسعار الفائدة المنخفضة والتضخم الضعيف، ولقد حان الوقت الآن للقيام
باستثمارات مهمة في البنية التحتية الخضراء والرعاية الصحية والتعليم، الأمر الذى
من شأنه تسريع عملية النمو خلال العقد
المقبل وما بعده.
ثانيًا
– الإنفاق مقابل القيم
أظهر بنك الاحتياطي الفيدرالي
في الولايات المتحدة الأمريكية مرونة غير
عادية في تطوير طرق مبتكرة لتقديم الأموال حيثما تكون هناك حاجة إليها، الأمر الذى من شأنه أن يساهم في منع عمليات التسريح
الجماعى لرجال الشرطة، الإطفاء والمعلمين، فإذا رأت أوروبا واليابان أن الاحتياطي
الفيدرالي موجَّه نحو العمل في عام 2021، فسيكون ذلك إشارة إلى أن الأزمة مازالت
موجودة وأن هناك حاجة إلى مزيد من الأموال لإنقاذ الاقتصادات المحاصرة.
حيث يعتبر الاحتياطى الفيدرالى
هو المخزون الذى يمكن أن تساهم إدارة بايدن من خلاله في العمل مع الحلفاء لتظهر
للعالم أنه لمجرد عودة الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الأسهم إلى مستويات ما قبل
الأزمة، كما أن هذا لا يعنى أن الاقتصاد الأمريكي قد تعافى حقًا. ويشير الكاتب إلى
أنه يجب أن يكون مقياس الانتعاش هذه المرة هو مستوى عدم المساواة، توظيف الشباب،
النساء، الأقليات، والمسار لجميع الفئات التي تضررت بشدة من الأزمتين الاقتصاديتين
لعامي 2008 و 2020. واللافت للانتباه في هذا السياق، هو استمرار تداعيات الأزمة
المالية العالمية في عام 2009؛ حيث أدت
إلى أزمة مالية كبيرة بمنطقة اليورو، بعض الصراعات المسلحة، أزمة اللاجئين، وصعود
الشعبوية في الغرب.
وعليه، يشير الكاتب إلى أننا
بانتظار ماذا سيكون إرث أزمة COVID إذا فشلنا في التصرف هذه المرة؟ من المتوقع
أن تكون المخاطر أكبر، من اهتزاز الإيمان بالرأسمالية الديمقراطية، والنجاح الذى
يمكن أن يظهره النموذج الاقتصادى الصيني.
ثالثًا
– التداول التجارى
على الرغم من تعرض النظام الاقتصادى الأمريكى لأضرار
بالغة حتى قبل تولى دونالد ترامب، ووعود إدارة بايدن بإعادة البناء بشكل أفضل وليس
هناك مكان أفضل للبدء من التجارة العالمية.، إلا أنه تم الكشف ولاسيما خلال إدارة
ترامب عن أن الانتعاش الاقتصادى وحده لا
يكفي. وعليه، يمكن لإدارة بايدن أن تؤكد منذ اليوم الأول على ضرورة اتباع نهج
التعددية داخل منظمة التجارة العالمية من خلال رفع الاعتراضات الأمريكية التى تم
وضعها في عهد ترامب. ومن هنا، ستكون الخطوة التالية هي محاولة تسوية القضايا
الشائكة التي دامت لعقود مثل نزاع الدعم بين بوينج وإيرباص والدخول في مفاوضات
تجارية إقليمية مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وشركاء الولايات المتحدة
الأمريكية في المحيط الهادئ.
ويشير الكاتب إلى أنه حان الوقت للتركيز على مستقبل
التجارة من خلال إدخال مبادئ القرن الحادي والعشرين لمنظمة التجارة العالمية، لذا،
يمكن القول أن العالم بات بحاجة إلى سياسات تعزز تجارة الخدمات الإلكترونية، التى
اصبحت جزء متزايد الأهمية من الاقتصاد العالمي حتى قبل تفشي الوباء.كل
هذه الجهود يمكن أن تساعد في استعادة الثقة وتقوية النفوذ الاقتصادى للولايات
المتحدة الأمريكية في الداخل والخارج. الأمر الذى يمكن أن يشكل الأساس لجدول أعمال
اقتصادي دولي يحارب الفساد، ويجد أرضية مشتركة بشأن التنظيم الرقمي،فضلاً عن
الاعتراف بقضية بتغير المناخ باعتباره التهديد الوجودي والفرصة الاقتصادية التى
يجب الاستفادة منها في عصرنا.
Josh
Lipsky, Colossal ambition: How the Biden administration can revitalize the
global economy, Atlantic Council, available at: