المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

انعكاسات متعددة.. كيف ستبدو السياسة الأمريكية تجاه تركيا في ظل إدارة بايدن؟

الأحد 22/نوفمبر/2020 - 12:12 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

تتميز العلاقات الأمريكية التركية بالكثير من التعقيدات والتشابك التي تتحكم في مسارها مجموعة مختلفة من العوامل التي ساهمت في تقارب أو تباعد علاقاتهما وقد شهدت واشنطن وأنقرة مجموعة من الخلافات خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن بعد فوز المرشح الديموقراطي جوزيف بايدن فإن هذا المتغير يمثل أهمية كبيرة في التأثير على مسار علاقاتهما.

وضمن السياق ذاته كانت الشراكة القائمة بين البلدين منذ عشرات السنين شهدت خلافات كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، بسبب خلافات على السياسات الخاصة بسوريا، والعلاقات الأوثق التي ربطت بين أنقرة وموسكو، وطموحات تركيا في شرق البحر المتوسط، واتهامات أميركية موجهة إلى بنك تركي مملوك للدولة حول علاقاتها مع إيران، إلى جانب وتراجع الحقوق والحريات في تركيا.

وقد شكل فوز الديموقراطي بايدن أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا التي تتزايد مخاوفها من التوجهات الأمريكية تجاهها نظرًا لمواقفه وتصريحاته المناهضة للسياسة التركية ولا سيما أنه انتقد مرارًا وتكرارًا علاقات الإداراة الأميركية السابقة مع نظيرتها التركية، ويؤشر على ذلك موقف الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن من الرئيس التركي رجب أردوغان والذي أعلن فيه عن دعم الولايات المتحدة المعارضة التركية للإطاحة بأردوغان الذي وصفه بـالمستبد. بالإضافة إلى ذلك موقف بايدن من السياسة التصعيدية التركية في منطقة شرق المتوسط وتعزيز علاقاتها مع روسيا من خلال امتلاكها منظومة الصواريخ إس 400، والذي أعلن أنه سيجعل أنقرة تدفع ثمن لهذه السياسات.

بجانب ذلك فإن بايدن يمتلك موقف مضاد للتحركات التركية في منطقة القوقاز وبخاصة في الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيجان باعتبار أن تركيا تساهم في تأجيج الصراع من خلال إعلانه بأن تركيا هي المسئولة عن تصاعد التوترات بين الجانبين، بالإضافة إلى رفضه الانسحاب الأمريكي من الشمال السوري حيث يتمركز الأكراد ومقاتليهم الذين يمثلون حلفاء للولايات المتحدة في حربها ضد التنظيمات المتطرفة ومن ثم معارضته للعمليات العسكرية التركية في داخل سوريا.

استعادة التأثير

يمثل وجود بايدن في قمة إدارة البيت الأبيض تأكيدًا على ملمح داخلي مهم يتمثل في إستعادة عمل المؤسسات الأمريكية التقليدية عملها بصورة فعالة، وهو الأمر الذي غاب خلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، خاصة وأن العلاقات التركية الأمريكية كانت تقع ضمن إطار العلاقات الشخصية، فيما يتعلق بإدارة الملفات الخارجية بينهما، وبناء عليه فإن فوز بايدن سيعيد عمل المؤسسات الأمريكية مثل مؤسسات الأمن والخارجية، وهو ما سينجم عنه بعض السياسات التي من شأنها الدفاع عن بعض المبادئ مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان، بعد خلاف بين تركيا وأمريكا خلال فترة ترامب وصل بهما إلى حد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على تركيا ضمن هذا الاتجاه.

وسوف يزيد من تصاعد تأثير هذه الإجراءات من حجم الضغط المتزايد من جانب الكونجرس الأمريكي لتنفيذ قانون "مكافحة أعداء أميركا" من خلال العقوبات، وهو تشريع أقره مجلس الشيوخ الأميركي بموافقة 98 عضوًا مقابل رفض عضوين، وتم تمريره لمعاقبة اعتداء روسيا وإيران وكوريا الشمالية ومواجهة الدول الأخرى التي تتعاون مع هذه الدول، ومن ثم سيفقد الرئيس التركي إردوغان أفضل حليف له في واشنطن، لتصبح أنقرة في مواجهة الكونجرس الأميركي ىالإضافة إلى بعض المؤسسات الأميركية المتخوفة من السياسات التركية وخصوصًا فيما يتعلق بتراجع حقوق الإنسان والأعراف الديمقراطية، ومن ثم ستشهد العلاقات بينهما تحولاً أقوى من إدارة بايدن ضد الحكومة التركية حين تتعارض مع المصالح الأميركية.

وبرغم ذلك فمن المستبعد أن يلجأ بايدن إلى نهج تلقائي بفرض العقوبات، مثلما يفترض كثيرون، لكنه سيضيق الهوة على الأرجح بين صفوف المسؤولين المتخصصين في الحكومة الأميركية والبيت الأبيض، وهي الهوة التي اتسعت في عهد ترامب لإعادة ترتيب الأولويات الأمريكية.

استعادة التحالفات

يُعد ملف الأمن من أهم الملفات الخلافية بين تركيا والولايات المتحدة بشكل خاص والدول الغربية بصورة عامة خاصة بعد اقتناء تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخية الروسية "إس 400"، وهو الأمر الذي تسبب في تهديد المصالح الأمنية داخل حلف شمال الأطلسي، وبسبب ذلك أفرزت التوجهات التركية نحو تعزيز علاقاتها الأمنية مع روسيا ظهرت اتجاهات داخل الحلف حول مدى إمكانية بقاء تركيا داخل الحلف أو استبعادها.

ومن جانب آخر فإن الرئيس بايدن يهدف إلى استعادة تحالفات الولايات المتحدة التقليدية وأن يعيد تكريس بلاده للتعاون متعدد الأطراف من خلال العودة إلى اتفاق باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية التي انسحبت منها واشنطن خلال إدارة ترامب، بالإضافة إلى ذلك فقد وصف بايدن الدول الأوروبية بأنها شريك لا غنى عنه  للولايات المتحدة، وأن هذه الفكرة تمثل مبدًأ إرشاديًا لإدارة بايدن الجديدة في تعاملها مع هذا الملف من خلال إعادة الاستثمار في التحالفات المتعددة الأطراف.

وبناء على ذلك فسوف يتجه بايدن نحو تنسيق الجهود الإقليمية والدولية، أو ما يمكن أن نطلق عليه عودة الإطار الجماعي لإدارة الأزمات دون تفرد الولايات المتحدة بتسوية هذه الأزمات بصورة أحادية من خلال التعاون مع الجانب الأوروبي الذي غاب في كثير من الملفات التي تولتها الإدارة الأمريكية الخارجية في فترة ترامب الذي كان شعاره "أمريكا أولًا دونما النظر إلى المصالح الأوروبية أو غيرها من الدول. وضمن السياق ذاته ومع حدوث تقارب بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية فإن هذا الأمر سيقوض مساحة تحرك تركيا التي استغلت التناقضات بين السياستين الأمريكية والأوروبية تجاه الكثير من أزمات المنطقة وهو ما استثمرته تركيا في تعزيز نفوذها، كما يجب على دول الاتحاد الأوروبي العمل بشكل أكثر تماسكًا عبر مجالات السياسة على الساحة الدولية دون أن يعطي الاتحاد الأوروبي الأولوية لاستقلاله عن الولايات المتحدة في الوقت الذي ستكون فيه مساعي إيجاد استراتيجية موحدة عبر الأطلسي تشمل التجارة والتكنولوجيا والأمن التي تمثل أفضل الاتجاهات لمواجهة التصعيد التركي ضد مصالحهم.

ومن وجهة نظر أخرى قد تدفع التنسيقات الأمريكية الأوروبية تركيا إلى إعادة النظر مجددًا في سياساتها الخارجية القائمة على تهديد مصالح هذه الدول ومن ثم إمكانية عودة تركيا مجددًا إلى المعسكر الغربي كدولة ضمن هذه المنظومة السياسية والأمنية والذي يمكن أن ينتج عنه ابتعاد تركيا عن تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين.

في الختام هناك إدارة جديدة في البيت الأبيض وتحمل استراتيجية مناوئة لما كانت عليه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهي الاستراتيجية التي وفق ما تم الإعلان عنه تهدف بصورة أو بأخرى إلى تقويض السياسة التركية وعدم السماح لها بلعب دور إقليمي يمكن أن يهدد مصالح هذه الدول.

المراجع:

1)      عرف بمواقفه العدائية لأنقرة.. كيف ينعكس فوز بايدن على العلاقات الأميركية التركية؟، على الرابط:

https://cutt.us/Dxsbx

2) بايدن وأردوغان.. تهديد بإسقاط "مستبد تركيا" ودعم سياسي متوقع للمعارضة، على الرابط:

https://www.elwatannews.com/news/details/5030051

2)      ما الفرق بين بايدن وترامب بشأن القضايا الشائكة مع تركيا؟، على الرابط:

 https://cutt.us/La3T8

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟