تصعيد متزايد...تكثيف الضغوط الدولية ضد قمع حقوق الإنسان في إيران
تزايدت حدة الضغوط الدولية ضد طهران خلال الفترة الماضية
على خلفية أوجه القصور الكبيرة التى تم ملاحظتها داخل المجتمع الإيرانى ولاسيما
فيما يتعلق بالناشطين السياسيين، الأقليات وحتى الطلبة والمثقفين؛ حيث أفاد عدد من
المسؤولين في 8 سبتمبر لعام 2020 بمحافظة كرمنشاه الإيرانية بارتفاع عدد من تسمموا
بمياه الشرب في قرية شيخ صلة حتى وصل عددهم إلى 120 شخصًا. في السياق ذاته، تتصاعد
حدة الاحتجاجات داخل الدولة الإيرانية وبخاصًة فيما يتعلق بالاضرابات النقابية،
كما شهدت صناعات النفط والبتروكمياويات الإيرانية إضرابات عمالية بمحافظة خوزستان
جنوب غرب إيران.
وعليه بدأت بعض المنظمات الدولية والقوى الكبرى في توجيه
انتقادات حادة لطهران، وهو الأمر الذى يطرح بعض الدلالات الهامة يمكن توضيحها فيما
يلى:
أولاً-
الدور الإيرانى في المنطقة
تحاول بعض القوى الإقليمية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية
استخدام ملف حقوق الإنسان كأداة للضغط على إيران على خلفية دورها الإقليمى المزعزع
لاستقرار المنطقة؛ حيث تقوم جماعة الحوثى اليمنية التابعة لإيران في المنطقة
بتهديد أمن دول الخليج ولاسيما الرياض. وفي هذا السياق، أعلن تحالف دعم الشرعية في
اليمن في 30 أغسطس 2020 اعتراض وتدمير طائرة درون مفخخة أطلقتها الميليشيات
الحوثية المدعومة من إيران تجاه المملكة العربية السعودية(1).
كما أعلنت
السلطات السعودية في 17 أغسطس 2020 سقوط مقذوف عسكري أطلقته ميليشيا الحوثي على
إحدى القرى الحدودية جنوب المملكة العربية السعودية، دون إصابات أو وفيات، وهو
الأمر الذى نتج عنه تضرر منزلين متجاورين ومركبة إثر الشظايا المتطايرة(2).
لذا، تحاول الرياض التعويل على إساءة التعامل مع قضايا
حقوق الإنسان في إيران ولاسيما فيما يتعلق بحقوق الناشطين السياسيين؛ حيث روجت
المنصات الإعلامية السعودية في 23 أغسطس 2020 لإضراب المدافعة الإيرانية البارزة
عن حقوق الإنسان نسرين ستوده ومعتقلين سياسيين آخرين على إنهاء إضرابهم عن الطعام
وتجنب تعريض حياتهم للخطر(3).
ثانيًا
– محاولة تحسين وضع حقوق الإنسان في إيران
تحاول القوى الكبرى الضغط على طهران لتحسين وضع حقوق
الإنسان، على خلفية معاناة مواطنيها من مزدوجى الجنسية؛ حاولت إيران ابتزاز
المملكة المتحدة من خلال اعتقال الصحفية الإيرانية - البريطانية نازانين زاغري
راتكليف العاملة في مؤسسة طومسون رويترز ومطالبة لندن بدفع 400 مليار دولار كديون
لصفقة سلاح لم تتم أبان عهد الشاه(4).
كما تؤكد بعض
التقارير الدولية زيادة عدد المعتقلين من مزدوجي الجنسية في إيران بمعدل الثلاثة
أضعاف بعد الخروج الأمريكي من خطة العمل المشتركة الشاملة مع إيران ومجموعة (4+1)؛
حيث تسعى طهران لمقايضة الدول الغربية على مواطنيها الذين يحملون الجنسية
الإيرانية كجزء من المناورة لإعادة الأموال المجمدة كما حدث في عام 2016 في قضية
الصحفي الذي يحمل الجنسية الأمريكية "جيسون ريفان" الذي أفرجت عنه
السلطات الإيرانية أثر تفاوض مباشر مع واشنطن أفضى لإعادة نحو 400 مليون دولار
طالبت بها طهران.
وتستغل الجمهورية الإسلامية مزدوجي الجنسية في مساومة
الدول الغربية لمبادلاتهم بمواطنيها المعتقلين في السجون الأوروبية، على خلفية
اتهامهم بالإرهاب وقتل المعارضة الإيرانية في الخارج. في السياق ذاته، القت
الصراعات الداخلية للنظام الإيراني ظلالها علي قضية مزدوجي الجنسية؛ حيث يقوم
الحرس الثوري المحسوب على التيار المحافظ في طهران باعتقال العديد من مواطني الدول
الأخرى ذوي الأصول الإيرانية من أجل الضغط على الحكومة الحالية المحسوبة على
التيار الإصلاحي بغرض ابراز فشلها واحراجها أمام المجتمع الدولي(5).
ثالثًا
– تكثيف الضغوط على إيران من قبل واشنطن
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ملف حقوق الإنسان في
إيران بمثابة أحد الملفات العالقة والتي تستطيع من خلالها تكثيف الضغوط على طهران
على خلفية التصعيد المتبادل فيما بينهما بشأن عدد من الملفات يتمثل أهمها في
الاتفاق النووي الإيراني الذى خرجت منه طهران في مايو لعام 2018، وترتبت عليه
مجموعة من النتائج تمثلت في فرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية وخروج عشرات
الشركات الأجنبية متعددة الجنسية من طهران إثر ذلك.
من ناحية أخرى، ما تزال قضية حظر السلاح تلقى بظلالها
على العلاقات بين واشنطن وطهران؛ حيث ترى واشنطن ضرورة تمديد حظر السلاح الذي من
المقرر انتهاءه في أكتوبر 2020، مبررة ذلك بأنه سيمنع إيران من تقديم الدعم
العسكري للميليشيات التابعة لها في المنطقة، والتي تقوم بتهديد مصالح الولايات
المتحدة الأمريكية وحلفاءها بشكل أساسي. وفي المقابل، أكدت طهران على أن رفع الحظر
المفروض على استيرادها أو تصديرها للأسلحة هو أحد الحقوق المكتسبة لها بموجب
الاتفاق، فضلاً عن أنه ليس من حق الولايات المتحدة الأمريكية التدخل في هكذا قضية
بحكم أنها أصبحت ليست طرفًا رئيسيًا في الاتفاق النووي بعد خروجها منه في مايو
لعام 2018(6).
وتصاعدت حدة التهديد فيما بينهما بعد فشل الولايات
المتحدة الأمريكية في تمديد قرار حظر
السلاح على إيران في جلسة مجلس الأمن التى
عقدت في 14 أغسطس 2020 ووقفت غالبية الدول الأوروبية مع فكرة ضرورة الحفاظ على ما
تبقي من مزايا بالاتفاق النووي ومساعدة
طهران على البقاء بداخله، وهو الأمر الذى أدى بالولايات المتحدة الأمريكية باللجوء
لتفعيل ألية "سناب باك"، والتي تقر بعودة عقوبات مجلس الأمن كاملة على
إيران بحلول 20 سبتمبر 2020 .
الهوامش:
1- التحالف: اعتراض
وتدمير درون حوثية مفخخة باتجاه السعودية، العربية.نت، 30/8/2020، متاح على
الرابط التالى https://ara.tv/6dhm5
2- مقذوف عسكري حوثي يسقط على إحدى قرى جازان السعودية، الرواية،
17/8/2020، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/hfRQhFh
3- إيران.. الحقوقية نسرين ستودة في خطر عقب إضرابها عن
الطعام، العربية.نت، 23 /8/2020 ، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/IfRQKoS
4- محام: إيران تمدد إطلاق السراح المؤقت لموظفة إغاثة بريطانية
إيرانية، رويترز، 21 /4/2020 ، متاح على الرابط التالى https://ara.reuters.com/article/idARAKCN2231RR
5- مزدوجي الجنسية في إيران... بين قمع الداخل والمناورة مع
الغرب، المركز العربي للبحوث والدراسات، 1 /12/2018، متاح على الرابط
التالى http://www.acrseg.org/41036
6- غضب أمريكي وترحيب إيراني بعد رفض تمديد حظر السلاح على
طهران، وكالة الانباء الألمانية (دويتشة فله)، 15/8/2020، متاح على الرابط
التالى https://cutt.ly/gfRTtu9
7- ترامب يعلن أن بلاده تعتزم تفعيل آلية "سناباك" لإعادة فرض كامل العقوبات الأممية على إيران، فرانس 24 ، 20/8/2020 ، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/qfRTbAb