هل ستسمح إيران بترشح المرأة للرئاسة في 2021؟
أشار المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، والمسؤول
عن فحص هوية المرشحين للمناصب المنتخبة عباس علي خدخدائي في بيان صدر عن المجلس في
13 سبتمبر أنه لا يوجد أي عائق قانوني أمام ترشح المرأة للانتخابات الرئاسية، كما أنه
من الممكن أن يحدث هذا في المستقبل، على خلفية عدم تقديم مجلس صيانة الدستور تفسيرًا دستوريًا
ملزمًا بشأن هذه المسألة.
وعليه، أشار زميل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلى راز
زيمت إلى أنه يدور نقاش عام في إيران هذه الايام حول ما إذا كان للمرأة الحق في
الترشح لمنصب الرئيس؛ حيث تنص المادة 115 من الدستور الإيرانى، والتى يدور حولها
الخلاف على أن أحد معايير المرشح الرئاسي هو رجل سياسى، وهو ما تم تفسيره من قبل
البعض على أنه يقصد "شخصية سياسية" سواء أكانت رجل أو امرأة.
في السياق ذاته، سعت بعض الإيرانيات للحصول على إذن للترشح
للرئاسة منذ أواخر التسعينيات؛ ففي عام
1997، دخلت المدافعة عن حقوق المرأة عزام طالقاني، التي كانت في الثالثة والخمسين
من عمرها أنذاك، التاريخ من خلال كونها أول امرأة تسجل كمرشحة لمنصب رئيس
الجمهورية في إيران. لكن رفض مجلس صيانة الدستور ترشيحها بحجة أن المادة 115 تشير إلى الرجال
فقط.
كما كانت المدافعة عن حقوق المرأة وإبنة الرئيس السابق
أكبر هاشمي رفسنجاني فايزة هاشمي، من أوائل النساء اللاتى حاولن إثارة الرأى العام
بشأن هذا الموضوع، وقالت في 28 سبتمبر 2020 في ذلك:" على الرغم من أن
تصريحات المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس
علي خدخدائي كانت بشرى سارة، لكن ينبغي لمجلس الصيانة أن يقرر ذلك رسميًا"،
وأشارت إلى حديث والدها هاشمى رفسنجاني بشأن مصطلح "رجل" الذى صكه مجلس الخبراء
الإيراني، الذي صاغ الدستور بعد ثورة 1979، وأشارت طبقًا لحديث والدها أنه كان لا يهدف
إلى حرمان المرأة من الترشح للرئاسة، ومع ذلك، بات الفضاء الاجتماعي أكثر تحفظًا
بعد الثورة وتم تقييد حقوق المرأة بشدة، وأكد فايزة رفسنجانى إلى أن هناك الآن
دعمًا في كلا المعسكرين السياسيين المحافظين والإصلاحيين لصالح السماح للمرأة
بالترشح.
كما شككت عالمة الاجتماع والعضوة الإيرانية السابقة في
البرلمان خلال الفترة من 2016-2020 بارفانيه صلاحشوري، التي انتقدت الجوانب غير
الديمقراطية لدى نظام ولاية الفقيه في إيران خلال فترة ولايتها التي استمرت أربع
سنوات، تصريحات خدخدائي مؤكدة على أن هناك
فرقًا كبيراً بين الأقوال والأفعال. وأشارت صلاحشوري إلى وجود العديد من النساء
اللاتي يتمتعن بالخبرة السياسية والإدارية
المطلوبة، ومنهن: نائبة الرئيس الإيراني حسن روحاني لشؤون المرأة معصومة ابتكار، نائبة
الرئيس السابقة لشؤون المرأة والأسرة في حكومة روحاني الأولى شهيندخت مولافاردي،
الطبيبة والعضوة السابقة في البرلمان مارزية وحيد داسدجردي،التى شغلت منصب وزير الصحة
في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
على الناحية الأخرى، أعرب عضو المجلس المركزي لحزب
الائتلاف الإسلامي المحافظ قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2017 حسين أنفاري، عن
وجهة نظر مفادها أنه لا يجب أن يُسمح للمرأة
بتولي السلطة في مجتمع إسلامي، وأكد على أن الدستور الإيراني يعترف بالرئيس كرئيس للسلطة
التنفيذية والسلطة السياسية العليا في المرتبة الثانية بعد المرشد الأعلى،
وبالتالي، لا يمكن للمرأة القيام بهذا
الدور وفقًا لرأيه.
لكن اللافت للانتباه في هذا السياق، هو أن بعض الناشطين
المحافظين اصبحوا أكثر تأييدًا لفكرة
المرشحات من أي وقت سابق، وإن كان ذلك مع تحفظات عدة؛ حيث أكدت نائب الرئيس السابق
للشؤون القانونية في إدارة روحاني إلهام أمين زاده في أوائل أكتوبر 2020 أن هناك
الآن قبولًا اجتماعيًا أكبر للمرأة كرئيسة، وأشارت إلى أنها لم تواجه أي مشاكل
أبدًا خلال زياراتها للمحافظات وحتى أثناء المشاورات مع رجال الدين عندما كانت
تؤدى مهام عملها.
كما أشار العضو المحافظ السابق في مجلس مدينة طهران
والرئيس السابق لشرطة طهران مرتضى طلعي، إنه إذا تم حل مسألة مشاركة المرأة في
الانتخابات الرئاسية بشكل قانوني من قبل مجلس صيانة الدستور، فيمكن للمحافظين أن
يقوموا بترشيح من ينوب عنهم، مؤكداً على أن ما يهم ليس ما إذا كان المرشح ذكراً أو
أنثى أو لديه خلفية عسكرية، بل قدرة المرشح على إدارة شؤون الدولة.
في السياق ذاته، تشير رغبة مجلس صيانة الدستور في إعادة
النظر بهذه القضية ولاسيما في هذا التوقيت إلى الاعتراف المتزايد من جانب المؤسسة
الدينية في إيران بضرورة تلبية المطالب العامة لمواجهة التمييز واسع النطاق ضد
المرأة؛ حيث يشير الكاتب إلى أنه تم سلب المرأة الإيرانية الكثير من حقوقها بعد
الثورة الإيرانية لعام 1979 وتمثل أهم هذه الحقوق في إجبارها على ارتداء الحجاب،
خفض سن الزواج.
فعلى الرغم من احتفاظ المرأة بحقها في التصويت والترشح
للبرلمان، لكنها استُبعدت بالكامل من عملية صنع القرار على المستوى الوطني؛ حيث لم
يتم تعيين امرأة نائبة للوزير إلا في منتصف التسعينيات. وفي عام 1997، عين الرئيس
الإصلاحي محمد خاتمي معصومة ابتكار كأحد نوابه، ومنذ ذلك الحين، أصبحت ابتكار التي عملت كمتحدثة بإسم الطلاب
الإيرانيين الذين استلموا السفارة الأمريكية عام 1979، واحدة من الشخصيات المهيمنة
في المعسكر الإصلاحي الإيراني. بينما عيّن الرئيس الإيرانى السابق أحمدي نجاد في عام 2009، ثلاث نساء في حكومته،
لكن حصلت واحدة منهن فقط على موافقة البرلمان. كما فشل روحاني في الوفاء بوعوده
الانتخابية الهادفة لتعيين نساء في منصب
وزاري واكتفى بتعيين العديد منهن كنائبات للرئيس.
يتوازى ذلك، مع تحقيق نشطاء حقوق الإنسان خلال العقود الأخيرة بعض النجاحات في تمرير
قوانين تقلل من التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالزواج (السن القانوني للمرأة الآن
أصبح ثلاثة عشر عامًا) ، الطلاق، وحضانة الأطفال، الميراث وتعويضات التأمين. وهو الأمر الذى يأتى كنتيجة
لإطلاق العشرات من النشطاء الاجتماعيين حملة عامة تهدف إلى زيادة تمثيل المرأة
بشكل ملحوظ خلال الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية في فبراير لعام 2016.
وعليه، اتضح أن تحقيق تغيير كبير فيما يتعلق بهذا الأمر بات
صعب المنال، على خلفية استمرار المعارضة من
قبل المؤسسة الدينية المتشددة، التي تعتبر المرأة خطراً يمكنه تقويض القيم الثورية، وعلى الرغم من تصريحات المتحدث
باسم مجلس صيانة الدستور، فإن فرص السماح للمجلس بمرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية
الإيرانية في المستقبل القريب تظل ضئيلة.
ختامًا: أظهرت التجارب السابقة أن السياسيات المحافظات لا
يروجون بالضرورة لحقوق المرأة ، بل يصوتن في بعض الأحيان ضد المقترحات التشريعية
التي تسعى للنهوض بوضع المرأة، كما أن التغييرات الاجتماعية والديموغرافية في
إيران - بما في ذلك حقيقة أن العدد الأكبر من النساء حاصلات على تعليم جامعى- تشجع
اندماج النساء في الحياة العامة وتكثف الضغط على رجال الدين والسياسيين للتكيف مع
هذه الأوضاع الجديدة التى بات للمرأة بموجبها دوراً كبيراً في عملية صنع القرار، فحتى
لو استمر مجلس صيانة الدستور في العمل على عدم وجود مرشحة رئاسية، فلا يمكنه إيقاف
الحركة المنادية بحقوق المرأة.
Raz
Zimmt, Will Iran let a woman run for president in 2021? Atlantic council, OCT 15, 2020,
available at: