المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
روان عبد الرؤوف
روان عبد الرؤوف

اقليم مضطرب ومصالح متغيرة .. النزاع الأرميني الأذربيجاني حول إقليم ناجورنو كاراباخ

الخميس 19/نوفمبر/2020 - 02:29 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

في ظل تصاعد المساعي الدبلوماسية لحل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناجورنو  كاراباخ، وتضارب مصالح الأطراف الخارجية المعنية يتطور الصراع بين الطرفين المتنازعين غافلين هدنة وقف إطلاق النار وتوصيات الدول المجاورة لأهمية  إنهاء الأزمة واستقرار الأوضاع في كاراباخ، ومن هنا تتأتى أهمية تناول موجز لأسباب تطور هذا الصراع واندلاع الحروب منذ بدايته حتى الآن وتحليل مواقف وتوجهات أهم دول الجوار الجغرافى  لكل من أرمينيا وأذربيجان وبعض الدول الأخرى كفواعل دولية أو اقليمية تؤثر وتتأثر بهذا النزاع، ومن ثم طرح السيناريوهات المتوقع أن تستقر عليها الأمور بين أذربيجان وأرمينيا على  إقليم ناجورنو كاراباخ.

أولاً- بداية الأزمة

تعود قصة هذا الإقليم إلى عشرينيات القرن العشرين، حين قرر الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين عام 1923 أن إقليم ناجورنو كاراباخ ضمن الأراضي الأذربيجانية بالرغم من أن غالبية قاطنيها من الأرمن و منح هذا الإقليم حكماً ذاتياً  واسعاً؛ بحجة توطيد العلاقات بين مسيحى الأرمن ومسلمي أذربيجان، ولم تكن هذه الحجة سوي ساتراً لهدف أدهى ألا وهو استراتيجية "فرق تسُد"(1)؛ بحيث يضمن ولاء أرمينيا للاتحاد السوفياتى لحمايته من البطش الأذرى وفي ذات الوقت يضغط به على أذربيجان في حالة تحول ولائها بعيداً عن الاتحاد السوفياتي. وفي عام 1988 طالب الأرمن بتصحيح الوضع وضم كاراباخ إلى أرمينيا ومن هنا بدأ اندلاع الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، وبلغ ذروته منذ عام 1991 حينما اُعلن استقلال أرمينيا وأذربيجان عن الاتحاد السوفياتى وأعلن إقليم كاراباخ استقلاله ولم يعترف به أحد حتى أرمينيا نفسها، ومن هنا اشتعلت الحرب من جديد وانتهت بخسائر بشرية قدرت بحوالي أكثر من 30 ألف مقاتلاً، وانتهت بهدنة عام 1994 لوقف إطلاق النار بين الطرفين بإشراف مجموعة مينسك المكونة من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، واعتراف دولي بتبعية  إقليم كاراباخ لأذربيجان، ولكن لم يُنفذ على أرض الواقع وتم الاكتفاء بهدنة وقف إطلاق النار وبقاء الأمر كما هو عليه؛ حيث كان الميزان العسكرى لصالح أرمينيا مسيطرة على 20% من أراضي أذربيجان بالإضافة لأماكن متاخمة لإقليم كاراباخ(2).

ثانياً- تجدد الاشتباكات

ربما لأن الحل لم يجتث جذور الأزمة، بل اُكتفي بتسكين الاعراض؛ فتصاعد الأحداث حالياً لم يحدث فجأة، بل يتجدد من حين لآخر على مدار السنوات وأبرزها عام 2016، وقد شهد الصراع  تطوراً هائلاً لاسباب عديدة في 2020، فبدايته منذ 12 يوليو 2020 حينما  ازدادت التهديدات واشتبكت القوات الأرمينية مع القوات الآذرية على مدينة توفوز(3)، وهي بمثابة معبر نقل وغاز ونفط  مقرها  أذربيجان لتركيا؛ فهي خط سكة حديد بين أذربيجان وتركيا، وممر الغاز الجنوبي إلى أوروبا من خلال تركيا، وتحوي خط أنابيب نفط لحليفتها تركيا، ثم تطورت الاشتباكات لتصبح على مدن أهم وأكبر منذ 27 سبتمبر لتشمل ستيباناكيرت "عاصمة الإقليم" ومدينة غنجة ثاني أكبر مدن أذربيجان، لترد أذربيجان بقصفها مدناً أرمينية وسيطرتها على مدن وقرى أرمينية هامة، ونتج عن ذلك نزوح نصف سكان إقليم كاراباخ جراء الحرب(4)، والميزان العسكري حالياً لصالح أذربيجان حيث سيطرت على مدن عديدة، ولجأت أذربيجان لحليفتها تركيا التي سارعت بإرسال وحداتها العسكرية إلى منطقة (ناخيتشفان) الاذربيجانية إثر اتفاقية الشراكة الاستراتيجية والدعم المتبادل المبرمة بينهما عام 2010، بينما ارتمت أرمينيا في أحضان روسيا والتي  تمتلك قاعدة عسكرية بمدينة (جيومري) الأرمينية لتخلصها من الخطر الآذري التركي ، ومع تزايد الاشتباكات العسكرية توسطت موسكو بين باكو ويريفان لعقد هدنة لوقف إطلاق النار والبدء في التفاوض وذلك في 10 أكتوبر 2020 الفائت، وسرعان ما خُرقت الهدنة الهشة وتجدد الصراع(5)؛ لتقود روسيا نحو وساطة جديدة وهدنة ثانية في 17 أكتوبر وقد لاقت مصرع سابقتها(6)، وبدأت المساعي الأمريكية لعقد هدنة آخرى وتقريب وجهات النظر في 23 أكتوبر لإبرام هدنة لعدم استهداف المدنيين؛ حيث اجتمع مايك بومبيو بنظيره الأرميني (زوهراب مناتساكانيان) والآذري ( جيهون بيرموف) وسرعان ما فشلت بعدها بساعات قليلة وما زالت الصراعات مستمرة حتى الآن(7).

ثالثاً- دوافع الأطراف الاقليمية والدولية تجاه إقليم كاراباخ

يستعرض هذا الجزء من الورقة مواقف دول الجوار وبعض الفواعل من الدول الإقليمية والقوى الكبرى، وتبيان الدوافع المعلنة وغير المعلنة (من وراء الكواليس) والتى تؤثر فى تشكيل مواقف هذه الدول تجاه إقليم كاراباخ.

1-الدافع التركي

لا شك في الدعم التركي للجانب الأذربيجاني؛ فمنذ بداية اشتعال فتيل الأزمة والرئيس التركي (أردوغان) يعلن بصراحة مطلقة عن دعمه الكامل لحليفته أذربيجان بإرساله مرتزقة سوريين – رغم إنكاره ذلك- كنهج سياسته في أى تمدد(8)، وعزمه لاستخدام منظومة الدفاع الروسية  إس-400 وضرب مواقع للجنود الأرمن، ولعل الدافع من وراء ذلك عدة أسباب أهمها: السبب الساتر ألا وهو التقارب الأذربيجاني التركي إثنياً وعرقياً ودينياً حتى ولو باختلاف المذهب؛ فتركيا دائما تصف هذا التقارب بشعار "أمة واحدة في دولتين"  والشائع تقارب اللغة الآذرية مع اللغة التركية إلى حد كبير، وتمثل أذربيجان أداة ضغط تركية على روسيا في نزاعاتها الممتدة في جبهات عدة خاصةً إدلب في سوريا بعد أن زودت روسيا قواتها بحوالى 25 مدرعة(9)؛ ووسيلة  للمساومة على بعض التنازلات في الملف الليبي، والسبب الأبرز هو الملف الطاقي؛ حيث إن أذربيجان تسبح على  بحيرة نفط وغاز طبيعي؛ وتغطي حاجة تركيا من الغاز بنسبة 30%؛ فتركيا هي أكبر مشترِ للغاز الاذربيجاني؛ كما أن أردوغان يسعى لتزويد إمدادات الطاقة وقد ظهر ذلك في خلافاته في شرق المتوسط؛ خاصةً بعد تزعزع الاقتصاد التركى إثر وباء كورونا؛ ويخطط أردوغان  لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي  لتخوفه من خصمه الروسي (بوتين) وعدم الثقة بينهما وتأرجح العلاقات بين دولتيهما بين الاتفاق فى قضايا والاختلاف فى قضايا أخرى(10).

بل يمكن أن تمتد التكهنات إلى أن تركيا هي من وراء الزج بالصراع ليشتعل ويطفو من حين لآخر؛ لخلافها الأزلي مع أرمينيا؛ فالعلاقات التركية الأرمينية هي الأسوء منذ قرون إثر المجازر والإبادة الجماعية التي ارتكبتها تركيا في حق الشعب الأرميني عام 1915 حيث قتل حوالي أكثر من مليون أرميني، وحتى وقتنا هذا لا يوجد تمثيل علاقات أو تبادل تجاري بين البلدين وأغلقت تركيا حدودها مع أرمينيا منذ عام 1993 دعماً  لحليفتها أذربيجان، بالإضافة إلى أن تركيا هي أول دولة اعترفت باستقلال أذربيجان عام 1991(11).

2 -الدافع الروسي

عند التحدث عن السياسة الروسية الخارجية بإدارة الرئيس فلاديمير بوتين؛ فلابد أن نعي تماماً أنها سياسة التصويب نحو الهدف بدهاء وخفة، كعادة الرئيس بوتين يتبع سياسة الحياد البروتوكولي بالرغم أنه منحاز لطرف وعينه على أهدافه المراد الوصول لها.

لاشك أن روسيا وأرمينيا تجمعهم صلة تاريخية وطيدة وأبعاد تقارب متعددة، فأرمينيا ما زال ولائها لروسيا قائماً، بالإضافة  للمذهب الديني المسيحى الواحد الذي يجمعهم، تمتلك روسيا قاعدة عسكرية في أرمينيا تضم 20 ألف جندي بالإضافة لاتفاقيات الدفاع المشترك.

منذ بداية الحرب، وبوتين يعول دائماً على الأدوات الدبلوماسية لإنهاء الحرب، وبالفعل اتفقت موسكو مع يريفان وباكو حول عقد هدنة إنسانية يوم 10 أكتوبر للسماح بتبادل الأسرى وجثامين القتلى؛ لكن سرعان ما خُرقت الهدنة وتبادلت أذربيجان القصف مع خصمها الأرميني، ثم تجددت هذه الهدنة للمرة الثانية في 18 أكتوبر بعد أسبوع من الهدنة الأولى مع تشديد الرئيس بوتين على إبعاد تركيا من المشهد وعدم إرسالها لمزيد من المرتزقة السوريين ولكن ما يدور حالياً على أرض الواقع يثبت أن ترنح وهشاشة الهدنة الثانية شأنها شأن الهدنة الأولى؛ فما زال القصف المتبادل مستمراً.

ويصف المراقبون موقف بوتين بالمتهاون حتى الآن (كتابة هذه الورقة) رغم أهمية أرمينيا الاستراتيجية لروسيا، ولعل أقرب تفسير لهذا هو تأني بوتين لإرسال رسالة خفية لرئيس الوزراء الأرميني (نيكول باشينيان) – بعد قيام ثورة في أرمينيا أطاحت بالرئيس السابق الموالي لروسيا (روبرت كوتشاريان) – مفادها أن أرمينيا لا خيار لها سوى روسيا في الأزمات ويلوح بعدم  ذهاب أرمينيا للتعاون مع الغرب حتى لا تتكرر أزمة القرم مرة آخرى (12)؛ ويمكن أن يكون هذا مبرراً للتعامل الروسي المتأني والهادئ تجاه حرب كاراباخ؛ وما يبرر ذلك هو تصريح رئيس الوزراء الأرميني بعدم رغبة بلاده في التدخل الروسي العسكري حتى لا تتحول المنطقة إلى سوريا جديدة في جنوب القوقاز(13)، بالإضافة إلى العلاقات الطيبة بين روسيا وأذربيجان فالرئيس الروسي لا يريد خسارتهم في نفس الوقت(14). وربما تباطؤ موسكو بسبب مشروع الغاز من جانب الاتحاد الأوروبي و تركيا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي؛ ففي حالة تنفيذ المشروع ستتكبد روسيا خسائر كثيرة؛ فبوتين المستفيد في حالة استمرار الصراع لفترة من الوقت(15).

ويمكن تعليل هدوء بوتين أيضاً بسبب الملفات الضاغطة التي يعاني منها في الوقت الحالي داخلياً و خارجياً، فهو يعاني من ضغوط وخاصةً بعد أزمة تسمم المعارض نافالني والضغوط الأوروبية حول هذا الموضوع، وضغوط دول الجوار التي تعنيه مثل أزمة بيلاروسيا، والضغوط في سوريا وليبيا.  وما يؤكد على المبررات السابق ذكرها هو تصريحات دبلوماسي روسي حول عدم تدخل روسيا وحسم الأمر سريعا ؛ فعلى حد وصفه أن روسيا مسئولة عن أمن أرمينيا بالفعل ولكن هذا لا يعني أن تشترك معها في كل صراع عسكري  تخوضه شأن حلف الناتو تماماً مع تركيا لم يشترك معه في صراعاته في سوريا و ليبيا والعراق بل بالعكس أدى ذلك لتوتر العلاقات معها(16).

ولكن بوتين سيتدخل في الوقت المناسب عندما يستنفذ كافة الأدوات الدبلوماسية للحفاظ على صورتها بأنها حليف محل ثقة لأرمينيا ودول الجوار؛  سيلجأ لأدوات الضغط في سوريا وليبيا ولن يسمح للجانب التركي بتخطى الخطوط الحمراء، وربما يستخدم ورقة أرمينيا بالتنازل قليلاً وإجلاسها على طاولة المفاوضات في مقابل تنازل تركيا عن تعنتها في سوريا وليبيا.

3- التذبذب الإيراني

ربما أكثر طرف متضرراً في كل هذا، هو الجانب الإيراني فهو موقف لا يُلام عليه، ويعود ذلك لازدواجية النزاع بالنسبة له، فإيران دولة مسلمة شيعية المذهب وكذلك أذربيجان، وبما إن إيران تصف نفسها أنها حامي حمى المذهب الشيعي في العالم؛ فبديهياً دعمها الواضح يكون منحاز لأذربيجان، ولكنها في حقيقة الأمر تدعم أرمينيا المسيحية على حساب أذربيجان الشيعية؛ ومع ذلك فهي لم تعلن انحيازها لطرف دون الآخر لعدة أسباب لمعرفتها ؛ لابد من تناول الجذور التاريخية بين إيران وأذربيجان، كانت أذربيجان إقليم هاماً للغاية لإيران قبل الفتح العثماني وسيطرته على أذربيجان، وبعد الحرب العالمية الثانية احتلت موسكو أذربيجان الإيرانية وحاولت فصلها عن طهران ومع الضعوط الدبلوماسية الأمريكية حُلت أذربيجان لتتمتع بالاستقلال الذاتي بعيداً عن إيران وروسيا وتركيا، وبالتالي يمثل الأذربيجانيون قومية لا يستهان بها؛ فأكثر من 16% من الايرانيين ذو أصل آذري؛ و ما يزيد من صعوبة الأمر هو أن الإيرانيين من أصل آذري يقطنون في المناطق الحدودية القريبة من اذربيجان(17).

ففي حالة دعم إيران لأرمينيا، لا نستقصي احتمالية مطالبة القومية الآذرية بالانفصال عن إيران، خاصةً بعد خروج مظاهرات للاّذريين الايرانيين لمظاهرات داعمة لأذربيجان والتنديد بأرمينيا، وإيران غير مستعدة تماماً لنزاع داخلي فوق اقتصاد البلاد جراء فيرس كورونا ومعاركها الخارجية مع الولايات المتحدة وغيرها(18).

من ناحيةٍ آخرى، ترتبط أذربيجان بعلاقات ودية بالولايات المتحدة، وهي المنافس والخصم الأكبر لإيران، فهي تخشى امتداد الصراع لأن أذربيجان تمثل هكذا ورقة ضغط ممكن أن تستخدمها أمريكا بخصوص البرنامج النووي الإيراني لردعها، بالإضافة لتقرب تركيا ذات المذهب السنى والموالية لأمريكا تجاه أذربيجان؛ فهي تريد إضعاف الجانب التركى لأن أذربيجان هي معبر الطاقة لتركيا و سيؤثر ذلك عن الإمداد الطاقي الإيراني وفي دعمها لأذربيجان ستكون متوافقة مع السياستين التركية والامريكية وهذا ما لا تريده أبداً. والسبب الثالث لعدم دعمها لأذربيجان هو عمق الخلافات بين الدولتين حول تقسيم بحر قزوين؛ إيران تريد تقسيمه بالتساوي بينهما؛ بينما تريد أذربيجان اعتباره بحر دولي يخضع لقانون البحار الدولي.

وفي هذا السياق، مكاسب إيران تدفعها نحو دعم أرمينيا؛ فأرمينيا توفر معبراً بديلاً  للنقل لإيران إلى روسيا وأوروبا مما سيساعدها في تصدير منتجاتها بسهولة. وأيضاً افتقار أرمينيا للنفط والغاز وهناك اتفاقيات لتبادل الطاقة بينهما وبالفعل حصلت أرمينيا على حاجتها من الكهرباء من إيران؛ بالإضافة لامتلاك إيران جالية أرمينية بها حوالي 10 مليون أرميني وفي حالة الدعم الواضح لأذربيجان ستتشعل مظاهرات تندد بالوضع، وما يزيد الأمر تعقيداً هو التضرر الإيراني على أرض الواقع جراء سقوط قذائف هاون على مناطقها الحدودية المتاخمة لأذربيجان؛ مما أدى لتحذيرات من القيادة الإيرانية بعدم مساس حدود إيران واحترام حسن الجوار لتضرر المدنيين الإيرانيين وإلا فإنها لن تتهاون بالرد بالمثل(19).

مما سبق نجد أن إيران هي الاكثر حرجاً حيث احتفظت بدعمها الحقيقي لطرف على حساب الاخر وسياستها في هذه القضية غير واضحة على عكس طبيعتها في أى نزاع خارجى آخر؛ فهي تواصل التحذيرات باحترام أمنها القومي وتشجيع هدن وقف إطلاق النار بين الطرفين.

الموقف الأمريكي

إن النزاع الأرميني الأذربيجاني جاء في وقت حرج بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية؛ ترامب مشغولاً بالمنافسة الانتخابية تحسين موقفه لتزويد شعبيته ليفوز أمام منافسه جو بايدن، ولذلك نحن (حتى كتابة هذه الورقة) ربما أمام سيناريوهات مختلفة في تعامل الإدارة الإمريكية مع الأزمة مع إعلان فوز بايدن.

بالنسبة للموقف الأمريكى الحالي تجاه الأزمة، فنجد أن الولايات المتحدة تجمعها علاقات وثيقة مع أذربيجان لسبب أساسي وهو النفط والغاز الأذربيجاني والذي يضمن للولايات المتحدة لجوء الدول الأوروبية للطاقة الأذربيجانية والابتعاد عن روسيا، وكذلك هي بطاقة لعب للضغط على إيران وإجبارها على الامتثال لقرارات السياسة الخارجية الأمريكية(20).

وعلى الصعيد الآخر تمتلك الولايات المتحدة جالية أرمينية كبرى ولوبي أرميني فاعل ومؤثر، وفي وسط كل هذا التزمت أمريكا بالحياد وعدم التحيز المباشر؛ لتمكنها من القيام بدور الوسيط ضمن مجموعة مينسك؛ حيث إن وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو اتخذ خطوة مع طرفي النزاع واجتمع بهما بشكل منفصل لمناقشة وتهدئة الأوضاع وذلك يوم 23 أكتوبر؛ ولكن سرعان ما خُرقت الهدنة وتجدد القصف المتبادل، وصرح ترامب بان النزاع سيتم حله بالاتفاق مع الطرفين دون الإفصاح عن تفاصيل، ولذلك يبدو أن الموقف الأمريكى ما زال في حالة التشاور مع القيادات المتنازعة ولن يلجأ لاستخدام القوة ويبدو أنه سيقر بحق تقرير المصير بعد إجلاس جميع الأطراف على طاولة المفاوضات.

الدعم الإسرائيلي

لقد اتسم الموقف الإسرائيلى بالوضوح على عكس اضطراب موقف العديد من الدول؛ حيث تدعم أذربيجان نظراً لمشروعات الطاقة بينهما، كما أنها قامت باستئجار قواعد عسكرية داخل أذربيجان في الحدود المتاخمة لإيران لاستخدامها في أي عملية عسكرية بالإضافة إلى محطة تجسس على إيران بواسطة الاراضي الأذربيجانية؛ وأكثر من ذلك؛ هناك اتفاقيات لتبادل الأسلحة من إسرائيل إلى أذربيجان؛ وهذا يدل على دعم إسرائيلي عسكري وطيد مع أذربيجان، وربما هذا سبباً مفسراً للتقدم العسكري الأذربيجاني على الأرض(21).

موقف دول الاتحاد الاوروبي

يأتي موقف الاتحاد الأوروبي في ظل غضب معظم أعضائه من حليفة أذربيجان تركيا، جراء استفزازها لهم في ملف شرق المتوسط وليبيا(22)، والموقف هنا له خلفيتين متضادتين: الخلفية السياسية  يأتي على أساس دعم أرمينيا المسيحية، خاصةً من الجانب الفرنسي باعتبارها مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي؛ فهي تدعم الأقليات المسيحية ضد تركيا المسلمة، خاصةً بعد الخلاف الفرنسي التركي للإساءة للرسول الكريم (محمد) –صل الله عليه وسلم- واستدعاء السفير الفرنسي من تركيا؛ وأيضاً وجود جالية أرمينية كبرى في فرنسا.

ولكن من الخلفية الاقتصادية، نجد أن هناك اتجاه أوروبي لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد عل الغاز الروسي؛ وبذلك فدول الاتحاد الأوروربي من الاولَي تدعم أذربيجان الغنية بالنفط والغاز والمطلة على بحر قزوين(23). ومع فشل الهدنة الانسانية حذر الاتحاد الاوروبي من مخاطر اشتعال الحرب و شدد على ضرورة العودة الفورية للمفاوضات(24).

السيناريوهات الاستشرافية  للأزمة في إقليم كاراباخ

بعد استعراض المواقف المضطربة والمتذبذبة الدولية حول مشهد الصراع المعقد بإقليم ناجورنو كاراباخ ؛ نجد أنفسنا أمام سيناريوهات متعددة تتمثل في:

السيناريو الأول: استمرار الحرب  

إن خرق أكثر من ثلاث هدن إنسانية متتالية غرضها وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى لا ينم سوى على أن هذا الصراع لن يهدأ بين ليلة وضحاها خاصة مع دعم قوى اقليمية ودولية وبحسب مستوى هذا الدعم؛ أذن فسيستمر الصراع من حين لآخر إلى أن يحقق أحد الطرفين المكسب الفعلي على الأرض مقابل إذعان الطرف الآخر واستسلامه للأمر الواقع. وحتى وقتنا هذا المكسب على الأرض لصالح اللاعب الأذربيجاني المدعوم من تركيا والمرتزقة السوريين البالغ عددهم  2000 مقاتلاً(25)، ويفصلهم فقط المدينة الاستراتيجية بالإقليم مدينة (شوشة) وانتزاعها من الجانب الآذربيجاني يعنى حسم المعركة لصالحه(26) بعد تقدمه في عدة مدن مثل (جبرائيل و فضولي وزنغيلان و3 مدن آخرى وأكثر من 130 قرية وعدد لا بأس به من المرتفعات الاستراتيجية؛ بالإضافة إلى اقتحام باكو عاصمة الإقليم (ستيباناكيرت) والتي تجلَت من خلال إطلاقها أكثر من 18 غارة عليها؛ وأيضاً تصريحات (الهام علييف) رئيس أذربيجان بنيته في عدم الانسحاب وعدم الانسياق لرغبة أي دولة في انسحابها، واشتراطه لانسحاب أرمينيا حتى يعودوا للمفاوضات(26).

لا شك أن يريفان في وضع حرج و لكنها متعنتة في استكمال الحرب وتجلى ذلك من تصريحات رئيسها(باشينكيان) ووزير خارجيتها(مناتسكانيان) و مفادها أن إقليم كاراباخ ليس آذرياً ولن يكون أبداً فهو مستقل ويسكنه أرمن(27)؛ فإذا ما تم السيطرة على كاراباخ ، فالفوز الأذري يعني شيئاً واحداً رضوخ أرمينيا وانتهاء المعركة باستعادة أذربيجان إقليمها لأراضيها وذلك بعد أن كان متكدساً بالسكان الأرمن والذي كانت أرمينيا تقوده بوضع اليد؛ ولكن أيضاً هذه النتيجة ربما تتغير بتغير الظروف ومحددات القوة في السنوات والقرون القادمة ويستمر النزاع في الاشتعال والخمود من حين لآخر كما يحدث منذ أزل الأزمة، إذا ما تم عقد اتفاقيات قيد التفعيل بين الطرفين.

السيناريو الثاني: اشتراك الأطراف الدولية المعنية بالصراع لإنهاء الحرب

جدير بالذكر، مصالح دول الجوار هي التي تحدد إما إنهاء الحرب أو تصعيدها بأن تكون طرفاً فيها، وتعويل أذربيجان على تركيا و إسرائيل واضحاً، وتعويل أرمينيا على روسيا ورغبتها في تدخلها عسكرياً لإنقاذها أيضاً واضحاً. فتركيا لا تنوي أبدا  التخلي عن حليفتها أذربيجان مهما كلفها الامر ولن تتخلى عن حلمها في إعادة كاراباخ لأذربيجان وعزل الأرمن، من جانب آخر، يبدو أن مصلحة روسيا لا تصب في التدخل في الصراع وستخذل "ابنها المدلل" ليعتمد على ذاته؛ وذلك ما نمَت عليه تصريحات بوتين و وزير خارجيته سيرجي لافروف؛ ففي حواره مع صحيفة (كوميرسانت) الروسية صرَح بأن روسيا ما زالت تعول على الأدوات السياسية ولن تلجأ إلى القوة لحل النزاع(28).

أما من جانب إيران؛ فمسكت العصا من المنتصف في الثالث من نوفمبر عندما صرح خامئني معبراً عن موقف بلاده بأن إيران تدعم انسحاب أرمينيا من أراضي أذربيجان المحتلة ولكن مع ضمان حقوق الأرمن في نفس الوقت، وعبَر عن غضبه من تأثر بلاده من ويلات الحرب من قصف الصواريخ وإلحاق الضرر بالمدنيين، وحذر من استغلال إسرائيل لذلك وأن بلاده على أتم الاستعداد للدفاع عن حدودها ولن يتدخل بغرض إنصاف طرف على الآخر(29).

أما عن احتمالية التدخل الامريكي، فالسياسات معلقة حتى استلام الإدارة الديمقراطية بعد إعلان فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية.

السيناريو الثالث: الجلوس على طاولة المفاوضات

تشير بوصلة النزاع الآذري الأرميني خاصة بعد فشل ثلاث هدن إنسانية لوقف إطلاق النار إلى صعوبة هذا السيناريو، ولكن محددات ومتغيرات العالم اليوم تفرض علينا التفاوض مهما طال الأمر؛ فهو السبيل الوحيد بعد أى حرب وصراع، ربما تكمن الصعوبة في كيفية جمع الطرفين على طاولة التفاوض والالتزام بالاتفاقيات؛ و ذلك بسبب تعنت الطرفين في مواصلة الحرب واستخدام القوة العسكرية دون تنازل، على عكس التفاوض؛ فالتنازلات حتمية للطرفين.

ولكن مع تصريحات بوتين وعدم نيته في التدخل بالقوة العسكرية رغم طلب أرمينيا من مجموعة مينسك وعلى رأسها روسيا لإرسال قوات حفظ السلام في كاراباخ، إلا أن موسكو ترى أن إرسال القوات يأتي بموافقة الطرفين أي بالجلوس للتفاوض والاتفاق(30)؛ وموسكو –على الرغم من اتفاقيات الدفاع المشترك مع أرمينيا- فلن تدعم أرمينيا عسكرياً؛ لأن النزاع ليس في داخل حدودها حسب تصريحات بوتين و لافروف(31).

أما عن أردوغان فهو سيتدخل في هذا الشأن سواء كان عسكرياً أو في التفاوض؛ خاصةً بعد إعلانه برغبته في التوسط في المفاوضات و ألا يقتصر الأمر على مجموعة مينسك فقط، وإعطاء روسيا مجالاً له في ذلك؛ حيث يتشاور بوتين مع أردوغان لحل الأزمة وإبعاد المرتزقة السوريين من المشهد؛ كي لا تتحول المنطقة لجيب إرهابي(32).

ومع احتدام الأزمة، سيظل التفاوض والالتزام بوقف إطلاق النار من جانب الطرفين هو الحل الأمثل لاجتذاع الأزمة وإنهائها، وهذا الحل إن تأخر فهو قادم لا محالة؛ سواء في حالة تمكن أذربيجان من كاراباخ فلن تجد أرمينيا مفراً من التفاوض لتحديد مصير الأرمن في الإقليم، أو باتفاق الطرفين على التفاوض وتقرير المسار الصحيح سواء بإعلان حق تقرير المصير لأهالي الإقليم أو الاعتراف باستقلالية أرتساخ بعيداً عن أرمينيا وأذربيجان أو انقسامها فيما بينهم.

الخاتمة

ما زال النزاع في ناجورنو كاراباخ لغزاً ستكشفه التفاعلات القادمة، ولكن لا شك أنه تحدياً كبيرا للأطراف المعنية مثل تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة وغيرها، وامتداده لفترة أطول سيلحق خسائر بالغة بهم على مستقبل الأمن الطاقي والشرق الأوسط وعلى المدنيين المشتتين جراء ويلات الحرب.

هوامش البحث

1.      "حرب واحدة و ستة خاسرين"،جريدة الشرق الأوسط، أمير طاهري،16 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/38jr9sp

2.      "أذربيجان وأرمينيا: ناغورنو كاراباخ وسر الصراع المستمر بين البلدين"، BBC news، 27 سبتمبر2020،متاح على: https://bbc.in/2U4lq1j

3.      الخبر الأرمني، متاح على: https://bit.ly/3p4LjfH

4.      "الأرمنيون يسقطون مروحيتين عسكريتين أذربيجانيتين: هل هي الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؟"،مونت كارلو الدولية، متاح على: https://bit.ly/2GAkUoH

5.      "تجدد القصف في قره باغ بعد ساعات على إعلان الهدنة"، فادية السيد، اندبندنت عربية،10 أكتوبر2020، متاح على: https://bit.ly/3p9Dl5k

6.      "أرمينيا وأذربيجان تعلنان توصلهما إلى اتفاق حول هدنة إنسانية"، روسيا اليوم،17 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/38jz4Gg

7.      "بعد دقائق من بدء سريان الهدنة "الأمريكية".. باكو ويريفان تتبادلان الاتهامات بخرقها"، روسيا اليوم،26 أكتوبر2020، متاح على: https://bit.ly/3eHa6ll

8.      "علييف يشكر أردوغان على دعم تركيا لأذربيجان"، روسيا اليوم، تاريخ النشر:28 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/3k7KOy3

9.      " مقاتلات روسية تدمر دبابات ومدرعات شمالي سوريا"، بوابة الأخبار، تاريخ النشر :20 فبراير 2020، متاح على: https://bit.ly/2GAr9J8

10.  "لماذا أعلنت تركيا دعمها المطلق لأذربيجان في صدامها المسلح مع أرمينيا؟"، بهاء الدين عياد، اندبندنت عربية، تاريخ النشر:29 سبتمبر 2020، متاح على : https://bit.ly/3eBonjF

11.  "أهداف ودلالات المناورات العسكرية بين تركيا وأذربيجان"، عبداللطيف حجازي، مركز المستقبل، تاريخ النشر:24 أغسطس2020، متاح على:  https://bit.ly/3l7AqHV

12.  "نار تحت رماد نزاع أرمينيا وأذربيجان"،باسل الحاج جاسم، اندبندنت عربية، تاريخ النشر:27 سبتمبر2020، متاح على: https://bit.ly/2IfaAmP

13.  "أرمينيا تدرس الاعتراف باستقلال ناجورنو كاراباخ"،صحيفة الموجز،تاريخ النشر 30 سبتمبر2020، متاح على: https://bit.ly/3p8K935

14.  "ما حاجة روسيا إلى أذربيجان"، روسيا اليوم، تاريخ النشر: 5 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/3l8Sstf

15.  "7 أنابيب تلخّص صراع السيطرة على خريطة الغاز العالمية"، خالد بشير، صحيفة حفريات، تاريخ النشر: 3 سبتمبر2020، متاح على: https://bit.ly/3eERUsv

16.  انظر:

,Laurence Broers"New Armenian-Azerbaijani war forces Russia to make tough choice

, 5 oct. 2020, eurasianet, available at: https://bit.ly/3eERUsv

17.   تلمح لدعم أذربيجان وتمرر السلاح الروسي لأرمينيا.. تفاصيل الأزمة الداخلية الإيرانية التي اندلعت بسبب حرب القوقاز، عربي بوست، تاريخ النشر: 15 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/2GDcI7b

18.  انظر:

Nagorno-Karabakh: why Iran is trying to remain neutral over the conflict on its doorstep”, 7 oct. 2020,  the conversation, available at: https://bit.ly/38kEhxr

19.  انظر:

 “Tehran’s Worst Nightmare”, ALEX VATANKA, 14 oct. 2020, foreign policy, available at:

https://bit.ly/3mYo05B

20.  "ارتساخ جمهورية تعدادها 150 الف نسمة تهدد استقرار العالم لماذا؟"، سيد جبيل، متاح على : https://bit.ly/3p8kzek

21.  انظر:

Israel and Azerbaijan: unlikely allies?, the guardian, available at; https://bit.ly/3ezhDCG

22.  "الاتحاد الأوروبي يدعو أرمينيا وأذربيجان لوقف فوري لإطلاق النار"، سبوتنيك عربي، تاريخ النشر:1أكتوبر2020، متاح على: https://sptnkne.ws/DQEW

23.  "مضاعفة مشتريات غاز أذربيجان على قائمة اهتمامات أوروبا"، بوابة الأخبار، تاريخ النشر: 29 فبراير 2020، متاح على: https://bit.ly/366UjIw

24.  "الاتحاد الاوروبي يدعو لوقف القتال في قرة باغ و«العودة فوراً للمفاوضات"، الشرق الأوسط، تاريخ النشر: 27 سبتمبر 2020، متاح على: https://bit.ly/2U5m9z

25.  "خطة أردوغان لتأجيج الصراع  المسلح بين أرمينيا و أذربيجان"، جريدة الموجز، تاريخ النشر: 3 نوفمبر 2020، متاح على: https://bit.ly/2GBggXw

26.  ناغورني كره باغ: القوات الأذربيجانية على بعد بضعة كيلومترات من مدينة شوشة الاستراتيجية، يورو نيوز، متاح على: https://bit.ly/38oTihQ

27.  " رئيس أذربيجان يعلن إعطاء أرمينيا فرصة أخيرة"، وكالة سبوتنيك، تاريخ النشر: 23 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/3kf1pQA

28.  "وزير خارجية أرمينيا: قره باغ ليس لديها أي مستقبل ضمن أذربيجان"، وكالة سبوتنيك، تاريخ النشر: 5 نوفمبر 2020، متاح على: https://bit.ly/3kbrUWO

29.  "لافروف يكشف عدد المسلحين من الشرق الأوسط في قره باغ ويؤكد مواصلة العمل مع تركيا"، روسيا اليوم، متاح على: https://bit.ly/3p6hbR7

30.  "خامنئي يدعو أرمينيا لإنهاء سيطرتها على أراض أذربيجانية"، روسيا اليوم، تاريخ النشر: 3 نوفمبر 2020، متاح على: https://bit.ly/3n39byw

31.  "وزير خارجية أرمينيا: نشر قوات لحفظ السلام في قره باغ قيد النقاش"، روسيا اليوم، تاريخ النشر: 24 أكتوبر 2020، متاح على: https://bit.ly/2U2GVzR

32.  "الدعم الروسي لأرمينيا.. اتفاقات ملزمة وسيناريوهات مفتوحة"، الشرق نيوز، 2 نوفمبر 2020، متاح على: https://bit.ly/2IjfYVC

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟