ترامب أم بايدن...من الذى سيضع الاستراتجية الأمريكية تجاه إيران خلال السنوات الأربع القادمة؟
من المؤكد أن تكون إقامة أو إعادة العلاقات مع إيران إحدى
الأولويات الرئيسية لمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبغض النظر عن
الطريقة التي ستسير بها، سيكون للنتيجة تداعيات هائلة على الأمن الإقليمي في الشرق
الأوسط. وفي هذا السياق يشير مساعد رئيس المعهد الاسترالى للشؤون الدولية إيان
دودجون أنه بالنسبة لكل من دونالد ترامب وجو بايدن، من المقرر أن تكون هناك ثلاث
قضايا رئيسية على جدول الأعمال، تتمثل في منع إيران من امتلاك القدرة على تطوير
أسلحة نووية، الحد من تطوير الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الصواريخ ذات القدرة
النووية المحتملة، فضلاً عن ضمان
الاستقرار الاقليمي، بما يتضمن منع إيران من
دعم الإرهاب.
ومع ذلك، يختلف ترامب وبايدن بشكل كبير حول ما الأهداف
المبتغاة والنتائج المطلوب تحقيقها؛ حيث يتمثل هدف ترامب في إعادة التفاوض حول خطة العمل الشاملة
المشتركة، ولكن المؤكد أنه في قلب أي اتفاق من هذا القبيل ستكون المطالب الـ 12
التي قدمها وزير الخارجية مايك بومبيو في مايو 2018 في الجوهر من ذلك، وعليه، من
المحتمل أن تتضمن استراتيجية ترامب المواجهة المستمرة.
على الناحية الأخرى، أشار بايدن إلى إمكانية العودة إلى
خطة العمل المشتركة الشاملة والتفاوض بشأن قضية الصواريخ الباليستية ودور إيران في
الإقليم بشكل منفصل، وعليه، يؤكد الكاتب أن بايدن سيسلك طريقًا صعبًا ولكنه قابل
للتفاوض، ومن شأنه أن يقدم نتيجة نظرية مربحة للفوز. بينما
تتمثل تكتيكات ترامب في إجبار إيران
على تغيير النظام، من خلال حملة الضغط الأقصى باستخدام العزلة والعقوبات الشاملة
لخلق مستوى من الصعوبات الاقتصادية الشديدة اللازمة لدفع الإيرانيين إلى طاولة
المفاوضات، ولكن في حال فشل ذلك، فإن نيته الواضحة ستكون هي إثارة معارضة عامة
كافية للتسبب في الإطاحة بالنظام، ثم التفاوض على سياسة متوافقة مع من يتولى
السلطة لاحقًا.
ومن المرجح أن يسعى ترامب في حال أُعيد انتخابه إلى
إجبار الإيرانيين على إجراء مفاوضات في وقت مبكر من عام 2021. ومن المقرر إجراء
الانتخابات الرئاسية الإيرانية في منتصف عام 2021 ، وتشير نتائج الانتخابات
البرلمانية الأخيرة إلى إمكانية مجئ رئيس متشدد إلى رئاسة السلطة التنفيذية في
إيران أيضًا خلال العام القادم. ولكن من المتوقع أن يتم قمع أي معارضة محلية كبيرة
تهدد النظام الإيراني بالقوة. وفي أسوأ الأحوال، إذا فقد النظام الإيراني السيطرة،
فلا يمكن أن يكون هناك سيطرة على الحكومة من قبل معارضة منظمة. ولكن سيكون لزعزعة
استقرار الدولة الإيرانية وسكانها البالغ عددهم 83 مليون نسمة عواقب وخيمة على
الصعيدين المحلي والإقليمي.
وكذلك الأمر بالنسبة للنزاع المسلح، الذي قد يشمل في
نهاية المطاف دولًا إقليمية أخرى مثل إسرائيل، المملكة العربية السعودية، الإمارات
العربية المتحدة، العراق وحزب الله وغيره من الوكلاء المؤيدين والمعارضين لإيران. وعلى
الرغم من أن كلا الطرفين لا يرغب في الحرب، فإن أحد المخاوف الرئيسية هو أن مثل
هذا الصراع يمكن أن ينطلق عن غير قصد من خلال سوء التقدير ، خاصًة إذا كان أي من
الجانبين يخطط لاستراتيجية تقوم على شن ضربة وقائية، إذا حدث صراع، وعليه، من شبه
المؤكد أن المنشآت النووية الإيرانية وقواعد الصواريخ ومنشآت الإنتاج ستكون
أهدافًا أمريكية أساسية. ومن المؤكد أن إيران ستسعى لتجنب أي من النتيجتين لحماية
نظام ولاية الفقيه، لكن من المتوقع أن تكون المفاوضات في هذه الظروف في ظل حالة من
الاستسلام.
بينما من المحتمل أن تسعى إستراتيجية بايدن الدبلوماسية،
التي تحظى بدعم الموقعين الآخرين على خطة العمل الشاملة المشتركة (بريطانيا ،
وفرنسا ، وألمانيا ، والاتحاد الأوروبي ، وروسيا ، والصين، والأمم المتحدة) أيضًا
إلى الاستفادة من أي نوايا حسنة وثقة متبقية قد تكون موجودة منذ عهد باراك أوباما
لدعم هذه الجهود التفاوضية لكن المكاسب ستكون ضعيفة. فمن بين المخاوف الثلاثة
الرئيسية، فمن المحتمل أن تكون قضية الصواريخ هي الأبسط للتفاوض؛ ففي عام 2017،
أفادت بعض التقارير بأن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي ، قد حصر مدى
الصواريخ الباليستية لبلاده على مسافة 2000 كيلومتر، والتي أكد بعض الخبراء
العسكريون أنها توفر قدرة دفاعية إقليمية مناسبة.
والجدير بالذكر، أن الإيرانيون يزعمون أنهم لا ينوون
تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات أو قادرة على حمل أسلحة نووية، ويشيرون إلى إنهم لا يملكون مثل هذه الأسلحة ولا ينوون
الحصول عليها؛ حيث تزعم طهران أن قدرتها
الصاروخية تشكل تهديدًا أقل بكثير من المجموعة الهائلة من الأسلحة المتطورة، بما
في ذلك الصواريخ، التي تم نشرها ضدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها
الإقليميين. فإذا إذا أعادت إيران قبول هذه القيود على صواريخها، وتم إبرام صفقة
تحد من تصدير الصواريخ - خاصةً إلى حزب الله، الذي تعتبره إسرائيل تهديدًا مباشرًا
- فمن المحتمل أن يكون الاتفاق قابلاً للتفاوض.
كما يمكن لخطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) التي أعيد
التفاوض بشأنها أن تقدم موقفًا يعود بالفائدة على الجميع إذا تم استيفاء شروط
معينة؛ سيتعين على طهران إعادة تأكيد التزامها بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة بأنها
لن تسعى أبدًا إلى تطوير أو امتلاك أي أسلحة نووية تحت أي ظرف من الظروف. وعليه،
من المتوقع أن يلتزم كلا الجانبين بالاتفاق على طبيعة وتوقيت بنود الانقضاء
المعدلة، وسيتعين على إيران العودة إلى القيود التي يمكن التحقق منها من قبل
الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تخصيب اليورانيوم ، فضلاً عن رفع جميع عقوبات
الإدارة الأمريكية التى تم فرضها في
عهد ترامب.
لكن الأمر لن يكون بهذه البساطة، فمن غير المتوقع أن يرفع بايدن جميع العقوبات اللاحقة
على خطة العمل الشاملة المشتركة التي
فرضها ترامب في الحال، بل سيكون الأمر بشكل تدريجى لتوفير النفوذ اللازم للتأثير
على أنشطة إيران الإقليمية. على الرغم من أن بايدن لم يعلن بعد عن أي خطة سلام
أوسع في الشرق الأوسط، إلا أن الظروف مناسبة وهناك ضرورة ملحة للقيام بذلك. مثل
ترامب يواجه بايدن نفس الضغوط المرتبطة
بعامل الوقت للتفاوض مع حكومة روحانى؛ حيث يمكن لخطة سلام مبتكرة وطموحة أن تجلب
إيران وأصحاب المصلحة الإقليميين الآخرين لترجمة الالتزامات العامة الجديدة إلى أفعال تجاه تحقيق السلام، الأمن والاستقرار.
كما يمكن أن يتطرق بايدن إلى جميع القضايا الثلاث
بالإضافة إلى مبادرة روحاني للسلام لعام 2019 فيما يعرف بخطة الأمل إلى جانب
المبادرات الإقليمية الأخرى ، بما في ذلك اتفاقيات السلام الخليجية الإسرائيلية،
وبالتالي، من المتوقع أن توفر مثل هذه الخطة منتدى حيًا لإيران وغيرها لإظهار
استعدادهم للتعاون واستخدام النفوذ مع الدول الإقليمية والجهات الفاعلة غير
الحكومية لتصميم حلول بناءة للواقع الإقليمي. ستكون التحديات كبيرة، وكذلك الفرص؛
حيث يمكن رفع العقوبات المتبقية تدريجياً مع ظهور بعض النتائج الإيجابية، وعليه،
من المحتمل أن يكون هناك حوار عبر القنوات الخلفية بين ممثلي بايدن وروحاني
لاستكشاف مثل هذه القضايا وعودة الثقة مرة أخرى.
Ian
Dudgeon, Trump or Biden: who will set the US–Iran agenda over the next four
years?, The Strategist, 26/10/2020, available at :