المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

لماذا تمثل أسباب نجاح ترامب في 2016 هي نفسها أسباب نجاحه في 2020

الثلاثاء 03/نوفمبر/2020 - 11:43 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
كرستيان وايتون، عرض: مصطفى صلاح

في عام 2016 ، عندما تم انتخاب الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب،كان هناك تصور بأن مجموعات مختلفة من المواطنين الأمريكيين في غياب تام عن المشاركة في انتخابه، وهو الأمر الذي أقرته النخب السياسية الأمريكية، ولعل نتائج الانتخابات في هذا الوقت أكدت عكس ما تم التنبؤ به وهو الأمر الذي تكرره نفس النخف في انتخابات 2020 بين الرئيس ترامب والمرشح الآخر جو بايدن المنتمي للحزب الديموقراطي.

                وتتمثل المشكلة الرئيسية في أن هذه التوجهات قاصرة فقط على العاصمة واشنطن دون غيرها من باقي الولايات الأمريكية، وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على توجيه هذه الاحصائيات للرأي العام خاصة وأن هذه النخب تعيش في ظل هذه التقديرات دون غيرها، وضمن السياق ذاته فإن هذا الأمر انعكس أيضًا على توجهات وسائل الإعلام وعدم حيادتها وتبنيها لهذه التوجهات واتجاهها نحو دعم المرشح الديموقراطي جو بايدن  بالإضافة إلى دعمها الضمني لجهود التكنولوجيا الكبيرة لفرض رقابة على تحركات الرئيس ترامب، وهذا الأمر يمثل انحرافًا كبيرًا في طريقة عمل وسائل الإعلام الأمريكية.

نتائج مختلفة

                هناك مجموعة من النتائج حول اتجاه وسائل الأعلام والنخب الأمريكية إلى الاعتماد على هذه التقديرات تتمثل في عدم تقديم صورة واضحة حول الشعبية الحقيقية لكل مرشح، وهو ما دفع الرئيس ترامب إلى تقديم اتهامات حادة إلى المرشح الديموقراطي بايدن في مختلف وسائل الدعاية، وتخصيص جزء كبير من حديثه لهذا الشأن.

واستكمالًا لما سبق هناك ما يمكن أن نسميه قاعدتان أساسيتان في مسار التأثير على الانتخابات الأمريكية هما أن الحضور القوي للمرشح وقوة المرشح يمكن أن تساعد المرشح على الفوز من خلال تعزيز مستوى تأثيره.

                ومن ثم يمكن القول بأن الرئيس الأمريكي ترامب يمتلك حضورًا كبيرًا وهو الأمر الذي ظهر بصورة كبيرة من خلال مجموعة مؤشرات أهمها انتقاده لتوجهات وسائل الإعلام والصحافة، وما أظهرته المناظرات بينه وبين بايدن من نتائج كبيرة في صالحه من حيث اقتناع المواطنين بتوجهاته، وعلى العكس من معظم الرؤساء الذين يتقدمون في السن بشكل واضح في مناصبهم، فإن الرئيس ترامب لم يخسر خطوة خلال أربع سنوات من الصراع السياسي المستمر وظل محاربًا قويًا رغم الضغوط التي تعرض لها خلال فترة ولايته الأولى.

تراجع جو بايدن

                بالنظر إلى حملة المرشح الديموقراطي جو بايدن فإن هناك مجموعة مختلفة من المؤشرات تؤكد على تراجع شعبيته وما تمر به من حملته من انعكاسات سلبية على سبيل المثال هناك تراجع في ظهور بايدن خلال المؤتمرات العامة وفي حال ظهوره فإنه بمثابة ظهور ضعيف لا حضور قوي له، ولعل غيابه والوقت الذي يقضيه في منزله يُظهر ضعفًا وحتى جبنًا على عكس ما يسميه الجيش في استراتيجيته العسكرية "الوجود القيادي" وما يمكن أن يتوقعه الجمهور من القائد العام.

                وضمن السياق ذاته فإن النتيجة الأخرى للتعبير عن تراجع حضور المرشح بايدن هو أنه ليس مستعدًا للامتداد الرئيسي لمواجهة الحملات المضادة لحملته الانتخابة خاصة فيما يتعلق بشائعات حول ابنه هنتر بايدن حول إمكانية استغلال صلاحياته في التأصير على بعض الملفات في علاقات الولايات المتحدة مع كل من  الصين و أوكرانيا والتي أمتدت منذ سنوات.

بالإضافة إلى ذلك الحديث عن التدهور المعرفي للمرشح جو بايدن فيما يتعلق بإمكانية إظهار هذا الأمر في وسائل الإعلام المختلفة وهو ما يمكن أن يفسر اتجاه وسائل الإعلام المختلفة إلى محاولة التستر على هذه الادعاءات، ومن ثم فإن هذا الأمر قد ينعكس على مسار الانتخابات الأمريكية خاصة في ظل الجهود الكبيرة التي تقودها بعض وسائل الإعلام والوسائل التكنولوجية الكبيرة لإخفاء هذه المعلومات عن الجمهور.

محاولة النهوض

                خلال المناظرة الأخيرة بين المرشحين ترامب وبايدن؛ أعلن بايدن عن مجموعة متنوعة من السياسات والتي تتضمن على سبيل المثال تعهد بايدن في النهاية بحظر استخدام الوقود الأحفوري وإعادة النظر في التخطيط المركزي للإدارة  السابقة الذي تسبب وفق ما أعلنه في خسارة الحكومة 500 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب، وذلك من خلال الاستثمار في الصناعات ذات الصلة بمفهوم "الطاقة النظيفة".

                وتعكس هذه التوجهات المتمثلة في إثارة القلق بشأن تغير المناخ مخاوف عديدة خاصة أنها تمتد لتشمل قطاعات وخدمات كثيرة بما في ذلك الكهرباء والغذاء والبنية التحتية والإسكان، كما ستساهم في التحول نحو  الاعتماد على الموارد من الأنشطة التي تعمل بالفعل على تحسين البيئة.

                من جهة أخرى يهدف بايدن إلى مواجهة سياسات ترامب التي تضمنت التشدد مع الصين وإيران، والتحدث مع كوريا الشمالية وروسيا، ورفض بدء حروب جديدة في الشرق الأوسط في حال فوزه في الانتخابات القادمة، بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار في مؤسسة الأمن القومي خاصة بعدما أصابها من خلافات بعد النهاية الوشيكة لحرب الولايات المتحدو التي استمرت 19 عامًا في أفغانستان ضد حركة طالبان، بجانب تعزيز علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء القدامى في آسيا وأوروبا كإطار جديد لتوجهات بايدن الخارجية.

                كما أوضح بايدن أنه سيعمل على تمكين أولئك الموجودين هنا في الوطن والذين يبدو أنهم يمتلكون رؤية سلبية تجاه الولايات المتحدة ويعتقدون خطأ أنها دولة عنصرية، وأنه في إطار مواجهة العنصرية في الداخل الأمريكي سيتخذ من مبادئ مارتن لوثر كنج أساس لتحقيق المواطنة، وذلك في مواجهة الادعاءات الخاصة بأن المجتمع الأمريكي مصاب بهذا المرض، وتأسيس قواعد تتعلق بتنظيم المجتمع سياسيًا واجتماعيًا على أساس التظلمات والعوامل الفطرية مثل العرق، وبناء على ذلك تتضح استراتيجية بايدن تجاه مواجهة مقولة أن أمريكا تعاني من "العنصرية المؤسسية".

مواجهة محتملة

                قد تكون هذه التوجهات من جانب المرشح بايدن جنبًا إلى جنب مع رغبة بايدن المعلنة لإغلاق المؤسسات الاقتصادية، وفرض الحظر الصحي على الأمريكيين بالبقاء في منازلهم لمكافحة فيروس كورونا، من أكثر الأخطاء المميتة على امتداد الحملة؛ حيث يعارض الكثير من الناس الإغلاق بسبب الآثار الاقتصادية والصحية العقلية التي يسببها هذا الاجراء لكن جزءًا من المجتمع لا يعارضه فقط بل هو غاضب من التلويح بهذه التوجهات.

                ويشعر هؤلاء الأمريكيون بالفزع لأنهم يعتبرون ذلك بمثابة مصادرة وانتهاك لحقوقهم الدستورية، كفكرة البقاء في المنزل، وعدم الذهاب إلى الكنيسة أو الاحتجاج السلمي على الإغلاق، إلا أنه من جانب آخر هناك احتجاجات شعبية من جانب المجموعات اليسارية المشاغبة التي ساهمت في تهديد أمن واستقرار الولايات.

في الختام هناك مجموعة من المؤشرات الدالة على تصاعد المنافسة بين كل من ترامب وبايدن ولكن في النهاية سوف يتم إجراء الانتخابات في ظل مجموعة من الضغوط الداخلية والخارجية التي تمر بها الولايات المتحدة وهو ما ينذر بصعوبة التكهن بالفائز خاصة وأن هناك معركة إعلامية كبيرة بين المرشحين.

 

Christian Whiton, Why Trump Won in 2016 Is Why He Will Win in 2020, October 24, 2020, at:

 https://nationalinterest.org/blog/2020-election/why-trump-won-2016-why-he-will-win-2020-171365

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟