الحديث عن الإرهاب ودو المرأة فيها
ليس جديدا انما الجديد هو انتقال دور
المرأة من دائرة «الخدمات اللوجستية» التي
تُسند لجنس النساء غالباً إلى المنازلة الميدانية والانخراط في الصفوف الأولى من
التنظيمات التطرفية، التي وإن تبدلت أسماؤها وتنوعت شعاراتها وأشكالها إلا أنها في
النهاية تصب في التوجه ذاته، وتنزع للغاية ذاتها، وتسلك الطريق نفسه، وتتخذ العنف
منهجاً وسبيلاً. كما أن “النساء يعتبرن عنصرا مهما بالنسبة للتنظيمات الإرهابية في
جذب مزيد من الأعداد المنضوية تحت لوائه، حيث نجد انتشار ظاهرة سبي النساء
واستعبادهن، مما يؤكد استغلال هذا التنظيم للنساء بغية تحقيق أهدافه من خلال
تفسيرات خاطئة لمفهوم الجهاد في الإسلام ليلبس على قليلي العلم والعقل من شباب
المسلمين دينهم؛ حيث حوّل النساء إلى سبايا وعبيد جنس يجري بيعهن لمن يدفع أكثر
وتنظر المنظمات الارهابية الى أنّ
النساء يتميّزن بميزات أخرى منها أنّهن أكثر قدرة على تعبئة الحشود، وإلهاب
المشاعر من خلال توظيف قيم الشرف، والعرض، والعار، ودعوة الرجال إلى حماية
المستضعفات، والذود عن حمى الأمة. وقد نشر موقع صوت الجهاد رسالة بعنوان "يا
نساء دوركن.. فقد نام الرجال" لـــ”منى صالح الشرقاوي” كرّست فيها ثقافة
الكره والعنف. وقد خاطبت النساء على وجه
التحديد داعية إياهن إلى عدم التباطؤ في نصرة الدين، وعدم التعويل على الرجال.
تقول: “فيا من أكرمك الله ورفع قدرك لا تحقري من المعروف شيئاً، فتتباطئي منتظرةً
دور الرجال في نصرة دينك وتتكاسلي في خدمته، وأخُصُّ من ذلك فروض الأعيان فلا فرق
بين الرجل والمرأة في ذلك، فلا تتهاوني وتَفَكّري معي في واقع أمتنا المرير وكيف
تخاذل عنه أكثر رجالاتها في الوقت الذي يسام فيه أهل الإسلام سوء العذاب”.
وبالإضافة إلى ما سبق تعمد الشرقاوي إلى التحريض ضدّ العلماء معتبرة أنّهم أدوات
يستخدمها "الصليبيون" في تحصيل مآربهم، وقضاء حاجاتهم، محذّرة في ذات
الوقت، شباب الإسلام من الانخداع بالعلماء الساعين وراء مصالحهم الشخصية،
وشهواتهم، وملذّاتهم فهم ليسوا غيورين على أمّتهم ودينهم
المرأة داخل المنظمات الإرهابية
تنامي
ظاهرة تجنيد النساء في صفوف التنظيمات الإرهابية لقيامهن بأعمال وهجمات إرهابية
يعتبر من اخطر الظواهر الاجتماعية الذي يشهده المجتمع الدولي حاليا، اذ ما سلمنا
بان المرأة تمثل نصف المجتمع، فان قدرة الجماعات الإرهابية على التحرك و اختراق
هذا النصف و تجنيد مناصرات أو منفذات لأجندتهم هي من اخطر القضايا التي تواجه
عالمنا وخاصة منطقة الشرق الاوسط، بكون المرأة في مجتمعاتنا الشرقية بطبيعة
الأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية بعيدة عن عيون الأجهزة الأمنية
والاستخبارات لاعتبارات دينية واجتماعية وهذا ما يجعها تتحرك بحرية لتنفيذ أجندة
مجنديها من التنظيمات الإرهابية، فيتم استغلالهن واستخدامهن كأداة ووسيلة في تنفيذ
مأربهم الإجرامية، بإخضاعها لعملية مسح العقل
وإشباعها بأفكار جهادية، وهم يعتبرون تجنيدها أسلوبا استراتيجيا، ليؤمنوا
لأنفسهم دعما من المرأة باعتبارها نصف المجتمع التي يتعامل معها الأمن بطريقة
خاصة، فالإمكانات والخيارات وصول بها إلى الأهداف تكون أسهل من قيام الرجل بتنفيذ
الأفعال الإجرامية .
وتوسعت التنظيمات الجهادية خلال
العقد الأخير في توظيف النساء في عملياتها لأسباب منها :التضييق الأمني على
الإرهاب يؤدي به إلى مرونة في اقتراح الوسائل المبتكرة التي تساعده على النجاة
وتحقيق أهدافه. وباختلاف الفضاءات الاجتماعية السياسية، ظهرت عشرات الحالات لتجنيد
النساء في صفوف «القاعدة» و»داعش».وراوحت المهمات الموكلة اليهن ما بين الدعم
اللوجستي وجمع التبرعات والدعاية وصولاً إلى المشاركة الميدانية في العمليات
الإرهابية. وصُدم الناس بدراما مهولة عمادها الهاربات من بيوتهن الآمنة في تونس
والسعودية وبريطانيا، للالتحاق بركب «القاعدة» أو «داعش» في سورية والعراق.
نماذج لدور المرأة داخل التنظيمات الإرهابية
ابتكر
تنظيم ما يعرف (الدولة الإسلامية/ داعش) الكثير من الأساليب الجديدة، كمنظمة
جهادية تتبنى الفكر المتطرف وتنفذه بوسائل العنف وبث الرعب والرهيب، وكان استخدام
النساء كسلاح مزدوج -بين تجنيد النساء
للعمل ضمن صفوف داعش وسوقهن كإماء وجواري
لعناصر التنظيم- أثر واضح في كسب المزيد من المقاتلين عن طريق استخدام النساء في
الترغيب لإغراء المتطرفين في التنظيم إلى الانضمام لصفوف داعش، كما كان هناك اعتماد كبر على
النساء الغربيات ومدى معرفتهن للغات الأجنبية، فضا عن استخدامهن مواقع التواصل
الاجتماعي ومواقع الانترنت الأخرى، لتجنيد العشرات من النساء والرجال القاطنين في
الدول الغربية، من خلال شبكات جهادية سرية
مارست التجنيد للخلافة الإسلامية
التي يزعم التنظيم تطبيقها في سوريا
والعراق، وأسفرت هذه الحملات عن انضمام
الآلاف من أكثر من 50 جنسية )غير العربية (للمشاركة في القتال مع تنظيم داعش). وتناولت
صحيفة الفاينانشال تامز( البريطانية) الأحاديث عن مئات النساء المسلمات من دول
غربية توجهن إلى سوريا للزواج من مسلحي تنظيم الدولة، وهن من يشكلن الآن تلك
”القوة الناعمة“ للتنظيم، واستخدم التنظيم وسائل التواصل الاجتماعي من أجل جذب
متعاطفين وبناء صورة للتنظيم على أنه إحياء لنظام العدل السامي.
أسباب لجوء القاعدة إلى تجنيد النساء في الأدوار
اللوجستية والعسكرية
·
تعود
أسباب تجنيد النساء حسب البعض إلى تعقّد الوضع في بلدان النزاع ممّا يستوجب
الاستعانة بجميع الفئات كالنساء والأطفال، والشيوخ وذوي العاهات. وكان أبو مصعب
الزرقاوي، قائد القاعدة في العراق قد استخدم النساء في العمليات الإرهابيّة في ظلّ
غياب المتطوّعين الرجال، ورغبة في الحصول على تغطية إعلامية أوسع
·
صعوبة
قيام الرجال بمهام التنظيم نتيجة الحصار الأمني المكثف وتجفيف منابع الإرهاب إذ إن
جميع الإرهابيين أصبحوا مستهدفين ومعروفين لدى الأجهزة الأمنية.
·
الحاجة إلى الأضواء والرغبة في إحداث ضجة
إعلامية كبيرة بعد خفوت تلك التنظيمات والتضييق عليها وجفاف الكثير من منابعها،
وليس أدل على ذلك من كون جميع العمليات الإرهابية التي كانت النساء طرفاً فيها
أحدثت ردة فعل واهتماماً إعلامياً كبيراً، بالرغم من كون تلك العمليات في كثير من
أحوالها لا ترتقي إلى الحد الذي يجعلها تحدث معه تلك الضجة إذا ما كان العنصر
المرتكب لها غير أنثى.
·
أنّ
بروز النساء في المعسكرات يعدّ خبرا مثيرا يشدّ الجمهور الذي اعتاد تسييج المرأة
في إطار الصور النمطيّة. فممّا لا شكّ فيه أنّ وجود النساء في الفضاء العامّ
المخصّص للحرب مستغرب إذا ما تذكّرنا أنّ ساحات الوغى تعدّ فضاء لتشكيل الرجولة
بامتياز
وترى الدكتورة آمال قرامي أن الأسباب قد
ترجع إلى:
·
الانبهار
بقدرة هذا التنظيم على تحقيق ما وعد به، ونعني بذلك تحويل الخلافة الإسلامية إلى
واقع ملموس؟ أيعود سرّ شدّ الرحال إلى "بلاد الإسلام" إلى الرغبة في
استرجاع زمن تمثله بعضهن على أساس أنّه زمن البدايات حيث العدل أساس العمران؟ هل
وراء نفير النسوان إلى بلاد الشامّ رغبة في استبدال نمط عيش أجبرهن على العمل وفرض
الذات بنمط عيش أرسته مؤسسة الحريم يتحمّل فيه الرجل عبء القوامة وتؤدي فيه المرأة
طقوس الولاء والطاعة؟ ما مقومات الخطاب الذي تتوجه به الجماعات المتشدّدة إلى
النساء؟ وهل استطاعت هذه الجماعات أن تقنع النساء بضرورة الاضطلاع بأدوار مختلفة
عن السائد في مجتمعاتهن؟(1)
ومن وجهة نظري الشخصية، أرى أن هناك عدة أسباب
أخرى قد تدفع النساء إلى التطرف منها :
1- انعدام
المساواة بين الرجل والمرأة على أساس الجنس.
2- التمييز
العنصري للنساء.
3- غياب
فرص التعليم اللازمة للمرأة .
4- عدم
السماح للمرأة بممارسة حقوقها المدنية والسياسية.
5- عدم
اتاحة الفرصة للمرأة لأداء دورها السياسي.
6- إقصاء
المرأة عن حريتها في التعبير.
7- انتهاك
حريتها الفكرية والوجدانية والعقائدية.
8- غض
الطرف وتهميش الأعمال والأدوار التي تقوم بها المرأة.
وكان السبب الأساسي في ذلك هو أن
ضياع القرار والمسؤولين غضوا الطرف عن المرأة وعملوا على إقصائها وإبعادها. الأمر
الذي يفرض على المؤسسات الأمنية والوطنية النظر في تعزيز المساواة بين الجنسين، والنظر
في حقوق المرأة باعتبارها حقوقًا إنسانية بوجه عام - وهو ما أثبته إعلان بكين لعام
1995 - وكذلك قرار مجلس الأمن التابع
للأمم المتحدة رقم 1325 الذي أكد على أهمية دور المرأة وتمثيلها في عملية صنع
القرار، ودورها الداعم في منع النزاعات والقيام بادراتها وتسويتها .وقد أكدت الأحداث والظروف على أن
سياسات مكافحة الإرهاب لابد وأن تقوم على أساس سيادة القانون مع احترام حقوق
الإنسان كما أن مشاركة المرأة في وضع هذه السياسات وتنفيذها أمر حتمي لضمان نجاحها
.كما أن التخطيط لمعالجة خطر الإرهاب المتشدد يجب أن يبدأ في الأساس من الأسرة حيث
إن الأفكار المتطرفة غالباً ما تبدأ عند الأبناء من سن مبكرة، وتتبلور بين سن 12 –
20 عام، وهنا تتعاظم مشاركة المرأة الأم المؤثرة والإيجابية في هذا الشأن لدرء
أخطار الفكر المتطرف لدى الأبناء.
نماذج تطبيقية
وبالنظر في الأدوار التي تتقلدها
المرأة نتبين أنّ انضمام النساء إلى
الجماعات الإرهابية يختلف من فئة إلى أخرى، ويكون جماعيا أو فرديا. فنجد من النساء
من ترغب في الانخراط في التنظيمات، والعمل تحت إمرة ذكورية في مقابل نساء آثرن
تنفيذ عمليات إرهابية خططنا لها بطريقة فردية. فالمرأة المنتقبة في الإمارات التي
عُرفت بـ”شبح الريم” كانت مطلعة على بعض المواقع الإلكترونية الإرهابية على شبكة
الإنترنت، وتمكنت من معرفة طريقة صنع القنابل البدائية الصنع، واستطاعت بعد ذلك
ارتكاب جرائم تمثلت في قتل معلمة أمريكية في أحد المراكز التجارية بجزيرة الريم
بإمارة أبوظبي في الأول من كانون الأول 2014، وكانت قد زرعت قبلها قنبلة بدائية
الصنع للتخلص من طبيب أمريكي من أصل مصري في منطقة كورنيش أبو ظبي. وعلى الرغم من
قلّة العمليات الإرهابية الفردية إلاّ أنّها تعدّ كسرا للقاعدة في المجتمعات
البطريركية التي تكرّس "للذكر من العقل والتدبير حظّ الأنثيين ،وترسي مبدأ
"وراء كلّ مجاهد امرأة عظيمة"، فإذا بالمرأة تتحوّل من عائق من عوائق
الجهاد إلى فاعلة تملك رأسا مدبرا، وإرادة على التنفيذ. وتعدّ السعودية "بنت
نجد" المسئولة الإعلامية لتنظيم القاعدة على الإنترنت، وقد اكتشف دخولها
بأسماء مستعارة، وتزويدها لمواقع المتطرفين بالتسجيلات الصوتية والمرئية،
والبيانات الرسمية للتنظيم، وبثّها عن طريق تلك المواقع .أمّا "وفاء
اليحيا" فإنّها كانت تعمل محاضرة في جامعة الملك سعود وقد أخذت تتعامل مع
شبكة الإنترنت بشكل متزايد. فقد بدأت بالمشاركة من خلال الردود والتعليقات على
المواضيع التي تطرح في بعض المنتديات الخاصّة بمواضيع الجهاد وأخبار المجاهدين.
ثمّ سرعان ما تطوّر الأمر فأصبحت تشارك في بعض المنتديات المتطرفة بكُنًى مجهولة
منها: "المدوّية"، و"البارقة"، و"بارقة السيوف"، في
بعض المواقع المتطرفة مثل: "الفوائد الإسلامية"، و"التجديد"،
"القلعة"، و"الأنصار"، و"الإصلاح". وشملت مشاركاتها
التعليق على ما حصل من تغيير في مواقف الدول تجاه "المجاهدين". وكانت
تكتب عن مناصرة المجاهدين في العراق وأفغانستان، وتشيد بأعمال
"القاعدة"، وعملياتها في الأراضي السعودية
المراجع
1-
الاستراتيجية الاقليمية حماية
المرأة العربية (الامن والسلام ) منظمة المرأة
العربية ـ جامعة الدول العربية، القاهرة، الطبعة الاولى 2012 م ص 21
2-
د آمال قرامي، الجهاد
النسائيّ: الإرهاب بتاء التأنيث، المركز العربي للبحوث والدراسات بتاريخ 20 يونيو
2015م
3-
احمد عابد، نساء
داعش... قوة ناعمة بعقيدة متطرفة
،مجلة المختار - -تصدر عن مؤسسة
النبأ للثقافة والإعلام - العدد الثامن - كانون الثاني 2015 - ربيع الأول 32 -
1436
4-
مركز السكينة للدراسات والبحوث،
قراءة مختصرة في ملف التطرف النسائي في السعودية، بتاريخ 2 اغسطس 2014
5-
مركز مساواه لدراسات المرأة،
المرآه داخل التنظيمات الارهابية، بتاريخ مايو 2015
6-
) مركز بحوث السكينة : نساء القاعدة وأخواتها دراسة تحليلية – مترجمة – عن دوافع مشاركة النساء
مع داعش