صدر
العدد الثانى والثلاثين من التقرير الإستراتيجى العربى في فبراير ٢٠٢٠ عن مركز
الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية؛ والذي يترأس تحريره الدكتور عمرو هاشم
ومدير تحريره الدكتور محمد عزالعرب. ويقع التقرير في 278 صفحة، وشارك فيه اثنان
وأربعون خبير وباحث، منهم سبعة وثلاثين خبير وباحث وباحث مساعد من داخل المركز،
وخمسة خبراء من خارج المركز، على نحو يعكس القدرة على الإستمرارية في الإنتاج
البحثي، منذ صدور العدد الأول في عام ١٩٨٥.
وقد
عبر تقرير ٢٠١٩ عن الإتجاهات السائدة في العالم والإقليم ومصر في عام، بعد النقاش
الداخلى المكثف بين معديه للإستقرار حول المفهوم الحاكم له عام بعد آخر، فضلا عن
جلسات حوارية مكثفة داخل وحدات عمل المركز، استغرقت عدة أشهر بما يؤدى إلى إحداث
بعض التغييرات سواء من حيث الشكل أو المضمون، لكن بدون المساس بالهيكل الموروث.
كما
تم إعطاء أهمية مركزية في معالجة عدد من موضوعات تقرير ٢٠١٩ للتحول من تقديم
توصيفات وتحليلات إلى توجيه "إنذارات" مبكرة لما قد نشهده مستقبلا، وهو
نمط من التحليلات التي يتضمن الوصول إليها الاهتمام ببناء القدرات للأجيال الجديدة
من شباب خبراء وباحثى المركز، ليس فقط على التحليل الدقيق أو التشخيص السليم
للقضية محل البحث وإنما عبر التمتع بأدوات أخرى تتمثل في استخدام المؤشرات
"الإجرائية" وتوظيف الإحصاءات والرسوم البيانية والخرائط التوضيحية
والصور المعبرة وأطر المعلومات المركزة، وهو ما يعطي صدقية للتقرير.
ويمثل
الخيط الناظم في تقرير ٢٠١٩ في الأقسام الثلاثة في التركيز على مسار الأزمات
الدولية وانعكاساتها على الأزمات العربية وسبل السياسة الخارجية المصرية للتعامل
معها حيث استمر اشتعال بؤر الأزمات العربية.
ويشير
دكتور وحيد عبدالمجيد -مدير المركز- في إفتتاحية التقرير إلى ما بقى العالم العربى
والشرق الأوسط عمومًا عليه، حيث أصبح
الأكثر اضطرابًا، والأقل استقرارا على المستوى الدولى في ذلك العام، - ومثلما
الحال في أعوام عدة سبقته. حيث تعد الحروب بالوكالة أبرز تجليات الصراع في المنطقة
في ٢٠١٩. ويليها تصاعد التوتر بين بعض البلدان العربية وتركيا.
ويمكن
القول أن التقرير هذا العام، شهد تغير ملحوظ من حيث التقسيم الداخلى للهيكل
الموروث، على نحو أن الأقسام الثلاثة تم تقسيمها إلى ملفات داخلية كل ملف منهم
يهتم بقضية منفصلة عن الأخرى داخل القسم نفسه، كما يرد في البيان:
القسم الأول- التفاعلات الدولية
يتناول
هذا القسم أربعة ملفات مرتبطة بتطورات التفاعلات الدولية على مستوى العالم، كما
يلى:
1.
الصراعات والتحالفات
العسكرية والإستراتيجية
يشير
هذا الملف إلى أسباب ازدياد التنافس الإستراتيجى والعسكرة في النظام الدولى، ومن
أهمها الطريقة التى تنظر بها القوى الدولية الرئيسية لتصرفات بعضها، وطبيعة ردود
الفعل للتعامل مع التطورات. فالقوى الدولية الرئيسية، خاصة الولايات المتحدة،
والصين وروسيا، تنظر لتصرفات بعضها بعضًا باعتبارها تهديداً مباشرا، وسياسية
مقصودة تستهدف إلحاق الضرر بمصالحها الحيوية ومكانتها الإستراتيجية؛ الأمر الذى
يدفعها لزيادة التسلح كإجراء تراه دفاعيا ومشروعا، لكنه يسهم بدوره في زيادة
الشكوك بين القوى الكبرى، ويدفعها إلى مزيد من التنافس الإستراتيجى، فيما يبدو أنه
حلقة مفرغة، ليس معروفا متى سيتم كسرها، وكيف سيمكن للقوى الكبرى المتنافسة التوصل
لطريقة أقل خطرا لإدارة علاقتها.
ويعد
صعود الصين إلى مكانة القوة العظمى هو المتغير الإستراتيجى الرئيسى الذى أطلق
الموجة الراهنة من التنافس الإستراتيجى بين القوى الكبرى. كما يعد التوتر المتزايد
في بحر الصين الجنوبى المظهر الأهم للتنافس الإستراتيجى بين الصين، والولايات
المتحدة ودول المنطقة الأخرى. وتظهر آثار هذا التنافس أيضًا في جهود تسريع التسلح،
كمًا وكيفًا، التى شرع البلدان فيها، والتى لا تقتصر عليهما فقط، لكنها تتحول إلى
سباق تسلح ثلاثى بالتحاق روسيا المنافسة؛ ليهيمن على مشهد النظام الدولى صورة
تنافس بين قوة عظمى، اقتصاديًا وعسكريًا.
ويختتم
هذا الملف بما تتعرض له ترتيبات الحد من التسلح من ضغوط شديدة بسبب العودة لسياسات
التنافس الإستراتيجى بين القوى الكبرى. وتتمثل أهم مظاهر هذه الضغوط في انتهاء
معاهدة الحد من الأسلحة متوسطة المدى، التى لا يبدو أنها ستكون آخر الأضرار التى
تلحق بالنظام دولى.
2.
التطورات والظواهر
الجديدة في قضية الإرهاب
يشير
هذا الملف إلى ما شهده عام ٢٠١٩ من تطورات وظواهر جديدة نسبيا في قضية الإرهاب على
مستوى العالم. فيشير الموضوع الأول إلى ؛ تصاعد سعى تنظيمى القاعدة وداعش نحو خلق
نقاط تمركز جديدة لهما، خاصة في قارتى أفريقيا وآسيا، إلى جانب الإعلان عن إقامة ولاية وسط أفريقيا، وولاية الهند. وكذلك
الحال بالنسبة لتنظيم القاعدة، الذى تتزايد فروعه، في محاولة للتحايل على الحصار
الأمنى والعسكرى الدولى، وتعزيز الانتشار الجغرافى؛ وتظل هذه المساعى رهنًا بعدم
تسليم القوى الدولية بهزيمة الإرهاب.
ويشير
الموضوع الثانى إلى قضية أعضاء داعش المحتجزين والمأزق الأوروبى، بعد هزائم عسكرية
متتالية، تركت وراءها أعدادًا كبيرة من المقاتلين وأعدادًا أكبر من عائلاتهم؛ وزاد
الأمر تعقيدًا بعد الغزو التركى لشمال سوريا في أكتوبر ٢٠١٩. وأصبحت الدول
الأوروبية معلقة بين مخاطر الإستغلال التركى لورقة محتجزى داعش ضدها، والمأزق
القانونى والأخلاقى والأمنى في تعاملها مع مواطنيها المحتجزين في سجون دول أخرى،
ومعرضين لمحاكمات وظروف احتجاز مخالفة لقوانين أوروبية.
أما
الموضوع الثالث، فيتعلق بالمحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان وأفغانستان بشأن
ظاهرة الإرهاب، حيث أثار الأمر تساؤلات تتعلق بتأثيراتها على مستقبل ظاهرة
الإرهاب. ويتمثل التأثير الأول في تكريس غموض مفهوم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية.
ويتمثل التأثير الثانى في إفساح المجال أمام حركة لبناء نظام دينى جديد في
أفغانستان. ويتعلق التأثير الثالث بمستقبل كل من شبكة حقانى والقاعدة، وداعش.
واختتم
هذا الملف، بتصاعد ظاهرة الإرهاب الأبيض -فى الدول الغربية-، الذى يعظم العرق
الأنجلوسكسونى، بعد أن أضحى يشكل تهديدات كبيرة، حيث بدأت هذه الظاهرة تأخذ مسارًا
مثيرًا للقلق، لاسيما بعد تكاثر الجماعات اليمينية المتطرفة، التى تعبر عن نزعات
قومية، وإثنية، وعرقية، وتعصب دينى برغم قلة عدد أعضائها.
3.
ظاهرة اليسار
الراديكالى - الشعبوى في الغرب: مغزاها وأبعادها
ويشير
هذا الملف، إلى
انتشار اتجاهات اليسار الراديكالى الشعبوى، حيث أن هذا الإنتشار جاء في أوساط
الأجيال الجديدة في الغرب، خلال العقدين الأولين من القرن الحادى والعشرين، وتتخذ
هذه الاتجاهات مواقف مناوئة من المؤسسات السياسية والتقليدية، وتعبر بطريقة لا
تخلو من الراديكالية عن التفاوتات الإجتماعية المتزايدة، فضلا عن التواصل مع
قطاعات واسعة من الرأى العام من خارج الأطر الحزبية. وتتيح مواقف حركات اليسار
الراديكالى وأحزابه في العقد الحالى عامة، وفي عام ٢٠١٩خاصة، استخلاص خصائص
رئيسية، من بينها: التصدى للنخبوية المرتبطة بجمود المؤسسات القائمة وإعادة إنتاج
نفسها. والإنطلاق من رؤية إنسانية تتجاوز المسألة الطبقية.
وتجدر
الإشارة إلى أن هناك مجموعة من العوامل التى تدعم ظهور اليسار الراديكالى في أوساط
الشباب، أبرزها أن مستوى الوعى فى أوساط جيل الألفية يمكن أن يكون أعلى، مقارنة
بأجيال سابقة، لأن هذا الجيل نشأ في قلب ثورة الاتصالات والمعلومات، ودخل أبناؤه
العصر الرقمى مبكرًا. كما أن هذا الجيل هو الأكثر معاناة من جمود المؤسسات
السياسية، وازدياد الفجوة التى تفصلها عن المجتمع، وتدنى معدلات التجديد فيها،
نتيجة إعادة تدوير النخب ويتوازى مع ذلك صعود لليمين الراديكالى، بحيث يمكن القول
إن العوامل المشتركة الدافعة إلى هذا الصعود تتيح إمكانات للتعاون بينهما، بفعل
تشاركهما مواقف نقدية متفاوتة في مدى قوتها وحدتها، كما في سبل التعبير عنها، ضد
المنظومة السياسية التقليدية، ومؤسساتها وأحزابها.
4.
الاتجاهات الجديدة
المؤثرة في الإقتصاد العالمى
يشير
الملف الرابع والأخير في قسم ”التفاعلات الدولية“، إلى التطورات التى شهدها الاقتصاد
العالمى خلال عام ٢٠١٩، ففى شهر مايو إنهارت الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة
الأمريكية والصين. ومع نهاية هذه الهدنة المؤقتة تبادلت حكومتا البلدين زيادة
التعريفات الجمركية على السلع الصينية إلى أكثر من ثمانية أضعاف مستويات من قبل
النزاع، وردت الصين برفع متوسط التعريفات الجمركية الصينية على السلع الأمريكية
إلى مستويات مماثلة تقريبا. ونتيجة للنزاع التجارى، فقد تباطأ معدل النمو
الاقتصادى الأمريكى، وعلى جانب آخر، تراجع نمو الاقتصاد الصينى بدوره خلال عام
٢٠١٩.
ويشير
الموضوع الثانى في هذا الملف إلى، تصاعد اقتصاد العمل الحر القائم على التعاقد مع
العمالة المستقلة، لتأدية مهام مؤقتة مختلفة، نظرا لاعتماده على التقنيات الحديثة
التى يسرت العمل عن بعد. وتحمل التطورات التقنية الحديثة إيجابيات للعمالة على
صعيد زيادة الإنتاجية وحرية العمل، إلا أنها في الوقت ذاته، تحمل كذلك مخاطر
احتمال زيادة عدم المساواة، وتدهور الأوضاع المعيشية، بل وحتى زيادة معدلات
البطالة.
كما
تطرق هذا الملف في موضوعه الأخير، إلى قمة المناخ العالمية التى عقدت خلال عام
٢٠١٩ بمشاركة قادة العالم، والتى دعا خلالها الأمين العام للأمم المتحدة إلى ضرورة
تنفيذ بنود إتفاقية باريس المناخى، والذى وافقت عليه ٢٠٠ دولة. وتأتى هذه القمة في
ضوء تحذيرات من خبراء ومؤسسات في مقدمتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير
المناخ IPCC، والبنك دولى من تصاعد مخاطر التغير المناخى.
ثانيًا-
النظام العربى والإقليمى
ينقسم
هذا القسم إلى ست ملفات مختلفة حول ما جرى من تحولات في النظام العربى والإقليمى
خلال العام ٢٠١٩، وتشمل هذا الملفات ما يلى:
5.
الأزمات العربية ..
تعثر الحل العسكرى وقيود التسويات السياسية
يسعى
هذا الملف إلى إبراز ما تشهده الأزمات العربية من حالة جمود وتعثر على جبهتى
الحلول السياسية وجهود الأمم المتحدة في الوقت التى ظلت التفاعلات العسكرية نشطة، ولكن
بدون حسم لمصلحة أى من الأطراف المتحاربة، وساعد على ذلك كثرة التداخلات الخارجية،
ولكل منها معايير ومصالح لا تراعى بالضرورة العمل من أجل تسوية الأزمة، وإنهاء
معانة شعوبها.
ويحلل
الموضوع الأول الأزمة السورية، حيث يستمر التصعيد العسكرى للصراع في منطقتين إستراتيجيتين
تتصلان مباشرة بجملة من المصالح المتعارضة للقوى الدولية والإقليمية المعنية
بالأزمة وهما؛ منطقة إدلب شمال غرب سوريا، ومنطقة شرق الفرات، مما أدى إلى تشكيل
تحالفات تتسم بالسيولة والقابلية للتفكك بعد وقت قصير، ومن إضفاء مزيد من
التعقيدات على الأزمة ككل.
ويشير
الموضوع الثانى إلى ما وصلت إليه الأزمة الليبية، إذ كان مفترضا أن يشهد عام ٢٠١٩
لقاءات تحت رعاية الأمم المتحدة، وفق جدول زمنى بهدف جمع القوى السياسية الليبية،
وممثلى المجتمع المدنى الليبى في مؤتمر عام ينتج عنه تصور سياسى متفق عليه لإنهاء
الأزمة؛ بيد أن التطورات الميدانية، لاسيما حملة الجيش الوطنى الليبى، لتحرير
العاصمة طرابلس من المليشيات المسلحة، والتى لم تستطع أن تحقق هدفها المعلن حتى
نهاية العام نظرا للمقاومة التى أبدتها التشكيلات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق
الوطنى بدعم من تركيا، أدت إلى صعوبة مهمة الأمم المتحدة، وقيدت المبادرات التى
سعت إليها بعض الدول مثل مصر، وفرنسا.
ويختتم
الملف، بالأزمة اليمنية، حيث شهدت تطورات متسارعة أبرزت تناقضات بين جميع الأطراف،
حتى التى يفترض أنها تقف في صف واحد ضد إنقلاب حركة ”أنصار الله“ الحوثية، وهو ما
تجسد في جبهة الجنوب، حيث ظهرت الدعوات للإنفصال بصورة واضحة، إضافة إلى تعثر
تنفيذ اتفاق استوكهولم.
كما
شهد عام ٢٠١٩ أكثر التحولات دراماتيكية في مسار الحرب، مما تمثل في الضربات
الصاروخية، وضربات الطائرات المسيرة على مواقع ميدانية، ومطارات ومنشآت اقتصادية
بالمملكة العربية السعودية. فضلا عن تهديدات قادة جماعة ”أنصار الله“ بتوسيع مجال
الحرب لتطول دول أخرى بالإقليم.
6.
الاتجاهات الرئيسية
في الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى
يسعى
هذا الملف إلى تحليل الوضع في إسرائيل، ومدلوله على الصراع الفلسطينى -
الإسرائيلى. فيشير الموضوع الأول إلى ما أظهرته تفاعلات عام ٢٠١٩، من
تعثر التغير في
موازين القوى الداخلية الإسرائيلية، حيث لم تنجح الإنتخابات التشريعية التى جرت
مرتان، في تشكيل حكومة ائتلافية، وهو ما يؤكد تنامى الإنقسام الحاد في الداخل. ويرى
البعض أن مفتاح تفكيك حالة الإنسداد والإستعصاء السياسى في إسرائيل يكمن في خروج
نتنياهو من المشهد السياسى.
ويسعى
الموضوع الثانى إلى تحليل الوضع الفلسطينى، حيث تستمر الأزمة الحادة، سواء داخل
السلطة الفلسطينية، أو حركة حماس، أو العلاقة بين السلطة والحركة. فالسلطة
الفلسطينية تواجه تحدى الوحدة الفلسطينية، بعد تعزيز حماس مسار الإنفصال عن الضفة
الغربية، ولم تحقق معارك نزع الشرعية نتائج للطرفين. وازدادت في الوقت نفسه، وتيرة
استباحة قوات الإحتلال الإسرائيلى للأراضى الخاضعة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذى
يعكس رغبة اليمين في إزالة خطوط أوسلو الجغرافية.
ويختتم
هذا الملف، بتكتيكات إدارة الصراع، فقد واصلت إسرائيل مساعيها نحو تعزيز احتواء
حماس، من أجل التهرب من استحقاقات التهدئة، وذلك من خلال فرض معدلة جديدة تعتمد
على ثنائية الهدوء مقابل التسهيلات الإنسانية، مع الإحتفاظ بحقها في توجيه ضربات
ضد أى هدف في القطاع. في المقابل، سعت فصائل المقاومة، نحو خلخلة هذه الإستراتيجية،
من أجل فرض معادلة جديدة تعتمد على ثنائية الهدوء مقابل فك الحصار.
7.
أزمات الإنتقال
السياسى بين الإحتجاجات والإنتخابات
يسعى
هذا الملف إلى رصد وتحليل الشواهد التى قادت إلى سقوط رأسى النظام في السودان
والجزائر، ثم تحديد طبيعة العوامل المسئولة عن اختلاف المسارات الانتقالية في
البلدين. فيلقى الموضوع الأول نظرة تفصيلية على حدود القارب والاختلاف في أسباب
تفجر الإحتجاجات.
ويركز
الموضوع الثانى من الملف، على التفاعلات داخل النخب الحاكمة في السودان والجزائر،
ساعيًا لاستكشاف العوامل التى أفشلت قدرتها على تجاوز اختبار الإحتجاجات. وبينما
أخذ ذلك الإنكشاف ذروته عام ٢٠١٩، فقد اختلفت القدرة على التأقلم معه باختلاف
سياقات البلدين التى أفرزت مسارات انتقالية مختلفة.
ويختتم
هذا الملف، بطرح دروس مستفادة من تجربتى السودان والجزائر، تبدأ من الخبرات
الثورية والتاريخية المتراكمة، التى أظهرت زحمًا أكبر في السودان قياسًا بالجزائر.
8.
تحديات تماسك
الحكومات الائتلافية وأثرها في التفاعلات الإقليمية
يحتوى
هذا الملف على الملامح الأساسية في تفاعلات ٢٠١٩، والتى تتمثل في تصاعد الحكومات
الائتلافية في المنطقة العربية، والدعوة إلى تشكيل حكومات بديلة، أو إجراء
انتخابات نيابية مبكرة، في بعضها، وذلك على نحو ما عكسته حالات العراق، ولبنان
وتونس، ولبنان، والمغرب، بعد تعثر بقائها، أو انهيار تحالفاتها، وإن اختلفت
السياقات الداخلية والتأثيرات الإقليمية لكل حالة. فاللجوء إلى النمط من الحكومات
يهدف إلى استيعاب التعددية السياسية والمجتمعية، وتوسيع نطاق المشاركة في السلطة،
في ظل تآكل قدرة أى من القوى السياسية والحزبية على تحقيق الأغلبية المطلقة في الإنتخابات
التشريعية، التى تؤهلها لتشكيل الحكومة، دون الائتلاف مع غيرها من الأحزاب والقوى
والكتل والتيارات السياسية.
وفيما
يتعلق بالعامل الإقليمى، فهو يظهر في حالتى العراق ولبنان برجته أكبر من حالتى
تونس والمغرب، لاسيما في ظل تشابكات علاقات الأطراف المحلية بالقوى الإقليمية.
ويظل التحدى الأكبر الذى يواجه الحكومات الائتلافية في المنطقة العربية هو قدرتها
على احتواء مطالب القوى السياسية الداخلية، وتحييد تأثير الأطراف الإقليمية.
9.
الاتجاهات الجديدة في
السياستين الإيرانية والتركية والمواقف العربية تجاهها
يشير
هذا الملف إلى ازدياد الحذر، الذى يمثله كل من تركيا وإيران بالنسبة للعالم العربى
خلال ٢٠١٩، وذلك وفقا لثلاثة عوامل رئيسية، يتمثل الأول في الدعم المقدم للوكلاء
على الأرض، إذ أصبحت الدولتان منخرطين في معظم الأزمات الإقليمية. ويتعلق الثانى،
باعتماد طهران وأنقرة على القوة الصلبة في تفاعلاتهما مع التطورات السياسية
والميدانية التى تشهدها تلك الأزمات. وينصرف العامل الثالث، إلى طريقة تفاعل إيران
وتركيا مع القوى الدولية المعنية بالأمة. إذ تباينت أنماط التفاعلات بين طهران
وأنقرة من جهة، القوى الدولية من جهة أخرى. فقد كان التعاون والتنسيق هو السمة
الرئيسية في العلاقات بين الدولتين وروسيا في ظل استمرار حوارات الإستبانة الخاصة
بالأزمة السورية. ولكن في مقابل ذلك، كان التوتر والتصعيد هما السمتين الرئيسيتين
لعلاقات الدولتين مع الدول الغربية، لاسيما الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
10.
اتجاهات التسلح في
الشرق الأوسط وآثارها على الاستقرار الإقليمى
يحلل
هذا الملف من التقرير ثلاثة موضوعات رئيسية توضح الطابع المعقد للتفاعلات الأمنية
في المنطقة، طوال عام ٢٠١٩. حيث يهتم الموضوع الأول بتحليل مؤشرات تزايد التسلح
بين الدول العربية حيث يعد تزايد الاهتمام بالتسلح إحدى السمات المميزة لسياسات
عدد من الدول العربية، على نحو يجعل المنطقة ثانى أكثر المناطق استيراداً للأسلحة
في العالم. يتزامن ذلك مع حدوث تغيير نسبى في خريطة الدول المصدرة للأسلحة للمنطقة
العربية. هذا بالإضافة إلى، تزايد قدرة الفاعلين من غير الدول للحصول على الأسلحة
التى يتم توريدها للمنطقة العربية، مما يؤثر على الأمن الأقليمى في المنطقة.
ويحلل
الموضوع الثانى، حدود التوازن العسكرى بين القوى الإقليمية غير العربية (إسرائيل،
وإيران، وتركيا)، حيث تعد هذه البلدان أطرافًا رئيسية تؤخذ في الاعتبار عند تحليل
التوازن العسكرى في منطقة الشرق الأوسط، ليس فقط بسبب قوتها العسكرية بل أيضًا
بسبب سياستها العدائية، التى تهدد الأمن في شمال شرق المنطقة العربية.
ويشير
الموضوع الثالث إلى، ترتيبات الأمن الإقليمى في منطقة الشرق الأوسط التى طرحت من
أطراف إقليمية ودولية، سعيًا في تكوين آلية جماعية قادرة على مواجهة التهديدات التى
يتعرض لها الأمن في المنطقة. ويمثل بعض تلك المبادرات إمتدادًا لأفكار أمريكية
قديمة، طرحت في عقود سابقة.
القسم الثالث- جمهورية مصر العربية
يحتوى
هذا القسم على ملفين: يشير الملف الأول إلى، الملامح الأساسية للتطورات
السياسية والاقتصادية والأمنية ليشمل ست موضوعات هما: ملامح تحولات المجال العام
ومساراته، حيث شهد تحولات محدودة، سواء ارتبط ذلك بقضايا سياسية أو تعديلات
دستورية. كما استمر الإهتمام بمسألة تجديد الخطاب الدينى نظرا لازيادة الطلب
السياسى والثقافى عليه، لاسيما بعد انتشار خطاب السلفية الدينى والسياسى الإقصائى
للآخر، وتزايد أشكال التطرف السلوكى في الحياة اليومية ضد الأقباط في بعض
المحافظات المصرية، لاسيما الوجه القبلى.
وفيما
يخص الإصلاح الاقتصادى، فقد شهد ٢٠١٩ تحسنًا ملحوظًا في المؤشرات النقدية، التى
مرت باضطرابات حادة، عقب تطبيق أول إجراءات برنامج الإصلاح. وفيما يتعلق بالتطورات
المالية، فقد استمرت الحكومة في تطبيق إجراءات إصلاح تهدف في مجملها إلى ترشيد
الإنفاق العام، بالتزامن مع زيادة الإيرادات، أو على الأقل تحقيق الإستقرار في
معدلاتها.
وعلى
صعيد سياسات الحماية الإجتماعية، فقد حرصت الحكومة على التوسع فيها لتشمل العديد
من فئات المجتمع الأكثر تأثرًا ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو ما تجلى في
الاستمرار في إصلاح منظومة الدعم بهدف وصوله إلى مستحقيه، وتطوير منظومة دعم السلع
التموينية، والعمل على دمج وتمكين المرأة والشباب، مع تطوير منظومات الأجور وتطوير
الرعاية الصحية.
وفيما
يتعلق بسياسات تمكين المرأة المصرية، فقد تحسنت على الصعيد السياسى، وهو ما أظهرته
مؤشرات دالة على ذلك. لكن في المقابل، لا تزال مؤشرات التمكين على الصعيدين
الاقتصادى والاجتماعى ضعيفة. الأمر الذى يشير إلى أن هناك حزمة من المعوقات التى
تعمل على الحد من التمكين الكامل للمرأة.
كما،
تواصلت خلال ٢٠١٩، المهام العسكرية والأمنية والأدوار التنموية للقوات المسلحة
المصرية. فقد نجحت في تقليص خطر الإرهاب في بؤر جغرافية محددة في شمال سيناء، وهو
ما يتوازى مع تأمين الحدود في مختلف الإتجاهات الإستراتيجية، شرقا م قطاع غزة،
وغربا مع ليبيا، وجنوبا مع السودان، التى تتسم باضطرابات داخلية، وتحمل تأثيرات
إقليمية لا يمكن تجاهلها.
أما الملف
الثانى، يحلل السياسة الخارجية المصرية تجاه التطورات والقضايا الدولية
والإقليمية.
حيث شهدت السياسة الخارجية المصرية تحركات مكثفة
على الصعيدين الدولى والإقليمى، سعيا للحفاظ على المصالح الوطنية القائمة، وبلورة
مصالح جديدة، ودرء التهديدات الموجهة لتلك المصالح. فقد تولت مصر مسئولية الدفاع
عن المصالح الأفريقية بعد تسلمها رئاسة الاتحاد الأفريقى لمدة عام، على نحو يؤدى
إلى إشراك المجتمع الدولى في حل الملفات والقضايا الشائكة التى تعوق جهود التنمية
المستدامة أفريقيًا، وهو ما انعكس في جملة من المؤشرات.
وعربياً،
لم تتوقف مصر عن دعم جهود التسوية السلمية للأزمات العربية، وفقًا للمرجعيات
الدولية، استنادا لاقتناعها بضرورة وأهمية الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها
باعتبارها الرافعة الرئيسية التى تحمى الحقوق لكل المواطنين، وتسهم بفعالية في
مواجهة التهديدات، لاسيما التنظيمات الإرهابية، وتعمل بكفاءة واقتدار لتحقيق الإستقرار
الإقليمى والدولى.
وعلى صعيد القضايا الدولية، فقد برزت قضيتا مكافحة الإرهاب، ومواجهة الهجرة غير النظامية في الخطاب السياسى والتحرك الخارجى، نظرًا لتهديدهما للأمن الوطنى والإستقرار الاقليمى.