المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

كيف يمثل برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانى معضلة حقيقية في الشرق الأوسط؟

الخميس 19/مارس/2020 - 02:19 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
كيفين كلاى- عرض: مرﭬت زكريا

كانت الضربة الصاروخية الإيرانية على قاعدة عين الأسد الجوية في يناير2020 بمثابة المرة الأولى في التاريخ التي تتعرض فيها القوات الأمريكية لهجوم صاروخي بعيد المدى؛ حيث يجب أن يدرك القادة الأمريكيين أن زمن احتكار الذخائر الموجهة بدقة، النهج الأمريكي في الحرب الذي أتاح  حرية العمل غير المقيدة منذ نهاية الحرب الباردة قد انتهى، لذا، يجب أن يكون هذا الهجوم غير المسبوق على القوات الأمريكية بمثابة صيحة إيقاظ، مما يجبر القادة الأمريكيين على معالجة أوضاع القواعد العسكرية الضعيفة في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى المتنازع عليها.

وفي هذا السياق، أكد الكاتب الأمريكي كيفين كلان زميل مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية في العاصمة الأمريكية واشنطن، على أن هناك بعض التحديات المرتبطة بالانتشار  العسكرى الأمريكي في الشرق الأوسط وعدد من المناطق الأخري المتنازع عليها، ومدى ارتباط ذلك بالمخاطر التى يمثلها برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانى،لاسيما بعد أن أثبتت إيران قدرتها على استخدام الألة العسكرية - حتى وإن كان الأمر بطريقة غير مباشرة من خلال وكلاءها في المنطقة- في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية في عدة مواقف سابقة والتي تمثل أبرزها في الرد على اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليمانى في يناير 2020.

عملت الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة، بافتراض أساسي تمثل في قدرتها على بناء القواعد العسكرية واستخدامها في جميع أنحاء العالم - في الوقت والمكان الذي تختاره – بدون التفكير في إمكانية تغير الظروف أو العمل تحت ضغط تهديد المعاملة بالمثل من قبل بعض الدول الأخرى مثل إيران على سبيل المثال؛ حيث كان يمكن للجيش الأمريكى تجميع قوات كبيرة في مكان قريب وإجراء عمليات متصلة في صراع عسكري مفتوح. ولكن يشير الكاتب إلى أن هذا الافتراض كان صحيحًا عندما كان يعمل الجيش الأمريكى في ظل الصراعات الصغيرة غير المتكافئة وخاصًة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر؛ حيث استثمرت وزارة الدفاع في بناء عدد لا بأس به من القواعد العسكرية التي سهلت الاستخدام السريع للذخائر الموجهة بدقة، وهو الأمر الذي اعتاد عليه الخصوم – بما في ذلك إيران- لفترة طويلة من الزمن.

وفي هذا السياق، يؤكد الكاتب على أن أكثر من 60.000 جندي أمريكي منتشرين حاليًا في الشرق الأوسط يعملون من المقرات الرئيسية في القواعد العسكرية الأمريكية في دول مثل البحرين، الكويت وقطر؛ حيث تحتوى الكثير من هذه المرافق مثل مركز العمليات الجوية المشتركة في قاعدة العُديد بالدوحة، على تجمعات متزايدة من القوات الأمريكية التي تقوم بأنشطة دعم غير قتالية مختلفة من مواقع شديدة المركزية، الأمر الذى أدى إلى قدرة ورغبة إيران في شن مثل هذه الهجمات. وبالتالى، ليس من المستغرب أن إيران - وهي دولة تحتل المرتبة الثامنة والعشرين في الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم، بين كل من نيجيريا والنمسا – تمكنت من دمج العديد من تقنيات المعالجة الدقيقة، الاتصالات، الملاحة الفضائية، والوصول إلى صور الأقمار الصناعية التي كانت متاحة تجاريًا لسنوات ماضية في الصواريخ البالستية المنتجة محليًا، والقادرة على ضرب الأهداف البعيدة بدقة وإحكام.

                وعليه، تتمثل المفاجأة الكبري في أن القاعدة عين الأسد الجوية التي شنت الهجوم على اللواء سليمانى كانت غير مستعدة تمامًا لهجوم مضاد، فلو استهدف الإيرانيون منشآت أخرى ولم يوجهوا إنذارًا للقوات الأمريكية والعراقية  قبل ساعات من شن الغارة الإيرانية على قاعدة عين الأسد، لكانت الخسائر ستكون بالتأكيد أكبر بكثير. فلأكثر من عقد من الزمان، ينتقد محللو الدفاع الأمريكيين مواقف القواعد العسكرية الأمريكية الضعيفة في الخارج، مع حث القادة العسكريين على تبني مفاهيم عملياتية جديدة بالنظر إلى الانتشار الواسع لأنظمة A2 / AD للخصوم حول العالم.

وفي هذا الإطار، حذرت دراسة صادرة من مركز الأوراق المالية الأمريكية الجديدة (CNAS) تم إجراءها في عام 2017، من وضع القاعدة الأمريكية التي وصفتها بالأكثر ضعفاً من حيث الإمكانيات التقنية والعسكرية في غرب المحيط الهادئ؛ حيث يرسم المحللون الأمريكيون صورة قاتمة عن الكيفية التي يمكن بها للصين أن تلحق خسائر فادحة - أكبر بكثير في الحجم والنطاق من الهجوم الياباني الإمبراطوري على بيرل هاربور - إذا شنوا هجومًا صاروخيًا تقليديًا على القواعد الأمريكية في هذه المنطقة.                تأسيسًا على ما سبق، توصى عدد من الدراسات المتعلقة بهذا المجال في السنوات الثلاثة الماضية بإعادة ضبط وضع القواعد العسكرية الأمريكية حول العالم، تنويع وتصليب القواعد الأمامية، تفكيك القوى والوظائف المركزية، نشر تقنيات الخداع النشطة والسلبية مثل التمويه، الإخفاء والخداع، فضلاً عن إدخال التقنيات الجديدة مثل الطاقة الموجهة للأسلحة التي توفر دفاعًا نهائيًا ضد صواريخ كروز والصواريخ البالستية بتكلفة طفيفة لا تذكر.

في النهاية: يشير الكاتب إلى أن هجوم الصواريخ الباليستية الإيراني على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق في يناير 2020 يدل على أن عصر العمليات العسكرية غير المتنازع عليها من القواعد القريبة قد انتهى رسميًا؛ حيث اعترف القادة العسكريين الأمريكيين منذ فترة طويلة بهذا التحول في المشهد، لكنهم فشلوا في تنفيذ تغيير ذات جدوى، كما أن هذا الفشل في تعديل أوضاع القواعد العسكرية، تطبيق مفاهيم تشغيلية جديدة، بالإضافة إلى ظهور تقنيات ميدانية جديدة لتقوية أنظمة الدفاع محلية الصنع من شأنه جعل القوات الأمريكية المنتشرة حول العالم عرضة للهجمات الدقيقة من قبل الخصوم.

- Kevin Chlan, Why Iran's Ballistic Missiles Matter, The National Interest, March 14, 2020,  Accessible at:

 https://nationalinterest.org/blog/middle-east-watch/why-irans-ballistic-missiles-matter-132887?fbclid=IwAR0ChroXA86AI3BWHXf8-lSJRXEvwH7jpemevc4FyTZ2E7cXaEOZPBnWsSk

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟