المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تصعيد مستمر...مستقبل الدولة الإيرانية في ظل هيمنة المحافظين على البرلمان

الخميس 27/فبراير/2020 - 10:21 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

حازت الانتخابات البرلمانية التي تم إجراء أولى جولاتها في 21 فبراير لعام 2020 أهمية كبيرة على خلفية حالة التصعيد المتفاقمة مع الولايات المتحدة الأمريكية لاسيما بعد حادثة اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيرانى قاسم سليماني في 3 يناير  2020، ويتوازى ذلك مع حالة التوتر الكبيرة الموجودة مع دول المنطقة وخاصًة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهو الأمر الذى وصل إلى ذروته بعد أن أعلنت جماعة الحوثي المدعومة من إيران مسؤوليتها عن الهجوم على منشأتا نفط سعوديتين في سبتمبر لعام 2019. كما تأتى هذه الانتخابات في سياق حالة متصاعدة من الجدل والسخط الداخلي بعد اسقاط الوحدة الصاروخية التابعة للحرس الثوري لطائرة ركاب أوكرانية راح ضحيتها عدد لا بأس من طلبة الجامعات الإيرانية.

وعليه، شهدت الجولة الأولى من الاستحقاقات البرلمانية الحالية أضعف نسبة مشاركة من قبل الناخب الإيرانى منذ قيام الثورة الإسلامية لعام 1979؛ حيث أعلن وزير الداخلية الإيرانى عبد الرحمن فضلي أن نسبة المشاركة بلغت 42.6%، على خلفية اقصاء مجلس صيانة الدستور لعدد كبير من مرشحي التيار  الإصلاحي. وجاءت النتائج بحصول مرشحي التيار المحافظ على العدد الأكبر من مقاعد مجلس الشورى الإسلامي، وهو الأمر الذي سيترتب عليه الكثير من التداعيات على المستوى الدولي، الإقليمى والداخلي، وهو ما سنحاول توضيحه على النحو التالي:- 

أولاً- تفاقم التصعيد مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين

من المتوقع أن تودى سيطرة التيار المحافظ على مقاعد مجلس الشورى الإسلامي بعد حسم نتيجة الاستحقاقات البرلمانية التي جرت أولى جولاتها في 21 فبراير لعام 2020 إلى تصعيد العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين؛ حيث يوجد عدد من الملفات العالقة بين طهران وواشنطن تتمثل في خطة العمل المشتركة الشاملة أو ما يعرف بالاتفاق النووي بين إيران ودول (4+1) الذي انسحبت منه الولايات المتحدة الأمريكية في مايو لعام 2018 على خلفية اعتراضها على مجموعة من البنود تعرف بأسم "بنود الغروب" وهى تلك المتعلقة بمدة سريان الاتفاق والتي يمكن لطهران بعدها الانضمام للنادى النووي مع وجود عدة قيود. على أن يتعلق الملف الأخر الذي يوجد حوله الكثير من الجدل والخلافات بين الطرفين بالنفوذ الإيراني في المنطقة ولاسيما فيما يتعلق بدعم طهران لعدد من الميليشيات الشيعية في العواصم العربية مثل الحشد الشعبي في العراق، جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان، وهو ما يهدد مصالح واشنطن في المنطقة من خلال الهجمات المتكررة التى تمارسها مثل هذه الجماعات على المنشآت العسكرية الأمريكية في المنطقة، ولاسيما في العراق.

كما قامت طهران فيما سبق ومازالت تعمل على تعطيل حركة الملاحة في المنطقة وهو الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية بمثابة تهديد كبير لمصالحها في الشرق الأوسط. وكثيراً ما لجأت طهران للتهديد باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، وهو الأمر الذي تحقق كرد على حادثة اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليمانى في يناير لعام 2020. ويمكن أن يلجأ حلفاء واشنطن (الدول الأوروبية)، على خلفية النهج التصعيدى الذي من المتوقع أن يسير عليه التيار المحافظ في إيران إلى تفعيل ألية فض النزاع بسبب تخفيض إيران لالتزاماتها النووية، الأمر الذي تمثل في إعادة تخصيب اليورانيوم مرة أخري بنسب تفوق المعدل المنصوص عليه في خطة العمل المشتركة الشاملة والإعلان عن بعض المنشآت النووية الجديدة مثل فوردو.

وتمثلت الخطوات الأولى للتصعيد بين طهران والقوى الكبري في تصنيف منظمة العمل المالى لإيران في 21 فبراير الجارى بالتوازى مع أولى أيام الاستحقاقات البرلمانية إيران ضمن الدول التى تم وضعها على القائمة السوداء لديها، على خلفية فشل حكومة الرئيس الإيرانى حسن روحانى في تمرير مشروعات قوانين مرتبطة بمحاربة الإرهاب والقضاء على ظاهرة غسيل الأموال والسوق السوداء وهى أحد المقومات اللازمة للانضمام لمعاهدة فاتف المتعلقة بغسيل الأموال والقضاء على الإرهاب.

ثانيًا- استمرار حالة التوتر مع دول المنطقة

من المحتمل أن تستمر حالة التوتر المتصاعدة في الشرق الأوسط بين طهران ودول المنطقة ولاسيما مع المملكة العربية السعودية بعد سيطرة التيار المتشدد في إيران على قرارات مجلس الشورى الإسلامي القادم في دورته الجديدة، وهو الأمر الذي وصل إلى ذروته عندما اعلنت جماعة الحوثى اليمنية المدعومة من إيران مسؤوليتها عن الهجوم على منشأتا نفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية في سبتمبر لعام 2019 الأمر الذي خلف عدد كبير من التداعيات السلبية تمثل أبرزها في ارتفاع سعر النفط ونقص المعروض منه في السوق العالمى للطاقة. ويتعارض ذلك مع الجهود الكبيرة التى بذلها ومازال الرئيس الإيرانى حسن روحانى ووزير خارجيته جواد ظريف فيما يتعلق برغبة الجمهورية الإسلامية في التفاوض مع دول المنطقة وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بعدد من الملفات العالقة فيما بينهم والتى يتمثل أبرزها في التصعيد الحالى في اليمن ولاسيما مع جماعة الحوثى اليمنية وتحالف دعم الشرعية الذى تقوده الرياض.

                وتتمثل أبرز المبادرات التى دعا إليها حسن روحانى في هذا الإطار في "مبادرة هرمز للسلام" أو "الأمل" التي أطلقها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر لعام 2019، كما زادت حدة التوتر بين طهران وبعض دول المنطقة الأخرى مثل سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، وخاصًة بعد أعلن وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو استشارته لدول المنطقة فيما يتعلق بحادثة اغتيال سليمانى وموافقتهم على ذلك، وهو الأمر الذي شرعت طهران على أساسه في تهديد دول المنطقة والتأكيد على أن الانتقام لمقتل سليمانى لن يشمل العراق فقط، وإنما سيمتد ليشمل حلفاءها في المنطقة.

لذا، من المتوقع خلال الفترة القادمة وفي ظل سيطرة مرشحى التيار المحافظ على مجلس الشورى الإسلامى أن تختفى الأصوات المنادية بالتقارب مع دول المنطقة وخاصًة المملكة العربية السعودية، على خلفية التوافق الذي من المقرر أن يحدث بين قرارات البرلمان الإيرانى والتوجه العام لمؤسسات الدولة الراغبة في اتباع الاتجاه التصعيدى مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في المنطقة.

ثالثًا- تصاعد حدة الغضب الداخلي

من المتوقع أن تستمر حالة السخط الداخلي بعد حسم نتيجة الانتخابات البرلمانية لعام 2020 في إيران، على خلفية حالة التدهور الاقتصادي التي تعيشها الدولة الإيرانية منذ الخروج الأمريكي من خطة العمل المشتركة الشاملة أو ما يعرف بالاتفاق النووي في مايو لعام 2018 بسبب إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية مرة أخرى وبالتالي، خروج عدد كبير من الشركات الأجنبية متعددة الجنسية من السوق الإيرانى.  

كما اتضح خلال الفترة التي تولى فيها بعض الرؤساء المحسوبين على التيار المحافظ مثل الرئيس الإيرانى السابق أحمدي نجاد أنهم يملكون فكراً غير كفء على الصعيد السياسي والاقتصادي، لاسيما فيما يتعلق بإدارة شؤونهم الداخلية والتعامل مع القوى الكبرى على المستوى الخارجي. تأسيسًا على ما سبق، يعتنق أبناء التيار المحافظ على المستوى الاقتصادي أفكاراً من قبيل الاقتصاد المقاوم والاعتماد على السوق السوداء وغسيل الأموال خاصًة في فترة العقوبات التي كانت مفروضة في عهد أحمدي نجاد، وهو ما يحاولون العمل به حاليًا بعد فرض العقوبات الاقتصادية اللاحقة على الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي، ولكن أثبتت هذه الأفكار عدم كفاءتها لاسيما في ظل عصر العولمة والاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول.

أما على الصعيد السياسي فيرى هؤلاء ضرورة الاعتماد على النهج القمعي فيما يتعلق بمطالبة المواطن الإيرانى بحقوقه المدنية أو حتى مطالبته بتحسين مستوى المعيشة المتدهور بالفعل، وهو ما يتم التعامل معه من خلال الألة القمعية لقوات الشرطة والباسيج التابعة للحرس الثوري الإيرانى. أما على الصعيد الخارجي فيؤمنون بضرورة تصدير الثورة الذي يتمثل في التدخل في شؤون دول الجوار  عن طريق تحقيق نوع من الترابط السياسي، الاقتصادي، بل والعسكري أيضًا من خلال عدد من الميليشيات التابعة لها، وهو الأمر الذي من شأنه تفسير الوضع المتدني للمشاركة السياسية خلال الاستحقاقات البرلمانية الحالية، وبنبأ في الوقت ذاته، بمجيء رئيس محسوب على التيار المتشدد خلال الانتخابات الرئاسية في إيران لعام 2021. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟