إن
اهتمام النظرية الاقتصادية بقضية رأس المال البشرى هو اهتمام قديم يرتبط بعلم
الاقتصاد ذاته، فمنذ كتابات آدم سميث والتي أولت أهمية لعنصر العمل في أسباب ثروة
الأمم، كان العنصر البشرى محور عملية التنمية، ولقد اعتبرت الأدبيات التي تناولت
نماذج النمو الاقتصادي الجديدة رأس المال البشرى عنصر حاسم في عملية التنمية ،
وأرجعت إليه الفضل في معظم النجاحات التي تحققت في العديد من دول العالم ومنها
النمور الأسيوية ، وسبق لنا في دراسة
سالفة أن وقفنا على مفهوم التنمية المستدامة(1)، كونها تلك التنمية التي
تعتمد على تلبية حاجات الحاضر مع ضمان سلامة البيئة و عدم المساس بموارد الأجيال
القادمة، كذلك أنها التزام أخلاقي من الجيل الحالي نحو الأجيال القادمة يضمن خلاله
الجيل الحالي تحقيق الاستجابة لحاجاته المتعددة على نحو يكفل عدم المساس بحاجات الأجيال القادمة أو تعرُضها للخطر
،كذلك رأينا أن منظمة الأمم المتحدة حينما أقرت خطة
التنمية المستدامة تحت عنوان (تحويل عالمنا : خطة التنمية المستدامة 2030م) في
مؤتمر التنمية المستدامة الذي انعقد في نيويورك في سبتمبر 2015 م اعتمدت و شملت
تلك الخطة 15 هدفا ،على أن يبدأ العمل على تنفيذ هذه الأهداف ابتداء ً من يناير 2016م و تتحقق في
ديسمبر2030م ، ولقد انبثقت الأهداف من اتجاهين رئيسيين هما :
-
اقتصادي: من خلال تحقيق حالة الرفاه الاقتصادي وفقا ً لما هو متاح
من المقدرات والثروات و الموارد الطبيعية
مع ضرورة حمايتها و الحرص على عدم اهلاكها .
-
اجتماعي: يقوم على فكرة تنفيذ مجموعة من الالتزامات الاخلاقية
والتي اهمها حماية البيئة والعمل على خطط بناء و تدبير يدخل في اعتباراتها الاجيال
القادمة وذلك بحماية اكبر قدر من الموارد و اعتبارها مخزون مستقبلي .
وعلى ما سبق يمكن القول بأن عملية
التنمية المستدامة تعتمد على حالة من التكامل بين الإطار الاقتصادي الذى يعمل على
تلبية متطلبات المجتمعات و الإطار السلوكي الذي ينظم حركة أنشطة أفراد تلك
المجتمعات والذي يعتمد على السمات الثقافية غالبا ً ، و يعتبر مجموعة السمات التي
يتصف بها نشاط تلك المجتمعات على وجه العموم في حياتهم اليومية وفي نشاطهم
الاقتصادي بصفة خاصة .
من هذه الرؤية نتناول في دراستنا
هذه ، فلسفة البناء الإنساني باعتباره احد أعمدة عملية التنمية المستدامة ، فلما
كانت عملية التنمية المستدامة شأنها شأن أي نشاط بشري يهدف لصالح المجتمعات و
خدمتها ، ذلك النشاط البشري الذي لا يمكن تصوره إلا بوجود الإنسان الذي خُلق خليفةً
لله في الأرض لإعمار الكون ، و لما كان نجاح هذا النشاط رهنا ًعلى مهارة العنصر
البشرى و كفاءته و قدراته المعرفية ، ما يتبع ذلك من ضرورة تطوير تلك المهارات و
القدرات بما يتناسب مع النشاط البشرى ومتطلباته و بما يضمن تحقيق أهدافه ، فإن عملية التنمية المستدامة بوصفها نشاطا ً
بشريا ً تتطلب الإعداد البشري الجيد و التأهيل السليم
للمجتمع ممثلا ً في أفراده ، ذلك التأهيل الذي يعتبر عملية متكررة تتشابه فيها
المجتمعات والعصور المختلفة من خلال مجموعة الأهداف المرتبطة بالتنمية وتلبية
الحاجات الإنسانية ، ولكنها تختلف في آلياتها و أدواتها ، حيث أن التأهيل البشري
لابد و أن يحمل الخصائص والسمات الحضارية
و الثقافية لهذه المجتمعات ، ذلك كله يعنى أنه لا عجب في القول بأن الثقافة
والسلوك يرتبطان كامل الارتباط بالعملية الاقتصادية ولابد من التسليم بذلك ،
فالسمات الثقافية والسلوكية للمجتمع تتدرج في تأثيرها و تأثرها مع الحياة
الاقتصادية تماما ً مثل المعادلات الحسابية ، بمعنى أن تلك السمات طالما كانت
قابله للاكتساب و التعلم بين الأفراد فهي بالطبع قابله للاستمرار والانتشار ، وهى
في تأثرها و تأثيرها تعتمد على انتشارها
واستمرارها ، فثقافة المجتمع هي مجموع ثقافات أفراده ، وثقافة الأفراد هي
نتاج ثقافة المجتمع . هذا بالطبع يفسر أهمية الكفاءة و المعرفة البشرية بالنظر إلى
عملية التنمية المستدامة كونها عمل بشري يتأثر في مدخلاته و مخرجاته بسمات ثقافة
المجتمعات و سلوكيات أفرادها ، كذلك ترجع
أهمية الكفاءة والمعرفة البشرية في عملية التنمية المستدامة إلى حالة التحول التدريجي للنظام الاقتصادي نحو
اقتصاد معرفي قائم على المعلومات والبيانات .
مما
سبق كله تتضح لنا أهمية الدراسة التي نحن بصددها حيث أن المعرفة و الكفاءة البشرية
قوام جودتهما هي تلك العملية الى يعهد إليها إعداد و تأهيل الفرد داخل المجتمع
بحيث يكتسب تلك السمات الثقافية التي تجعله متمتعا ً بقدر معرفي يتناسب و دوره في
التنمية ، ذلك الإعداد الذي يجعله داخل
اطار المجتمع و أهدافه يؤدى دوره بعناية ولا ينسلخ منه ، تلك هي عملية بناء الإنسان وفي ذلك سنتناول الدراسة على النحو
التالي :
أولاً - ماهية عملية بناء الإنسان
1-
مفهوم عملية بناء الإنسان وخصائصها
عملية
بناء الإنسان هي عملية إعداد وتأهيل الفرد ، ذلك الكائن الحى المكون من عقل و جسد
باعتباره العنصر الرئيسي في المجتمع ، ويتم ذلك الإعداد ثقافياً، واجتماعياً، و
صحياً ، وهى عملية اجتماعية منتظمة ومتتالية يتكاتف فيها جميع أطياف المجتمع
مؤسساته وأفراده بحيث يتم تعديل السمات السلوكية والثقافية الغير سليمه بما يخدم
مصالح الأمن القومي من صحة واقتصاد وسياسة ..الخ ، ومع استمرار هذا التأهيل تنشأ
أجيالا ً تتسم بالإدراك و المعرفة والإبداع. تلك السمات التي في مجموعها تشكل ما
يسمى بالشخصية وتعبر عنها ، فبناء الإنسان يقوم على بناء الشخص و الشخصية ، بمعنى
أن عملية بناء الإنسان تتلاقي مع مفهوم بناء الشخصية ، كونها ترتبط بسماته الصحية
والجسدية والثقافية والنفسية والاجتماعية ، فالإنسان بناؤه من بناء شخصيته .
وعملية
بناء الإنسان تتمثل في بناؤه كشخص باعتباره ذاتاً تعي وجودها وتوازن بين تمتعها
بالإرادة و شعورها بالمسؤولية و تدرك تماما ً دورها في المجتمع، و من ثم يكون
الشخص هو الجوهر والأساس المادي و تصبح الشخصية الأساس المعنوي ويفسرها ذلك المظهر
الخارجي الذي يعكس حقيقة الجوهر وبالتالي فإن بناء الإنسان يشمل الشخصية مجتمعة
ًمع البيئة المحيطة به ، والشخصية تتمثل في مجموعة السمات والخصائص النفسية و
الثقافية التي تظهر في أنشطة وعلاقات الفرد بما حوله في البيئة المحيطة به سواء
كانت مع أفراد المجتمع أو مع مكونات الطبيعة . وبذلك فإن مصطلح بناء الإنسان
يأخذنا تلقائيا ً نحو مفهوم الشخصية وبناؤها ، ورغم أن مصطلح الشخصية مصطلح شائع
ومتداول إلا أنه من أعقد المصطلحات التي يحاول علماء النفس وعلماء الاجتماع توضيحها،
والشخصية لغة ً تأتى من مادة (ش خ ص): «الشخص: شخص
الإنسان، وكلّ شيء رأيت جسمه فقد رأيت شخصه، والشخص كلّ جسم له ارتفاع وظهور،
ويقال رجل شخيص إذا كان سيّداً»(2) - أي - سهل التمييز عن غيره ، فيقال: «
الرجل الشخيص أي السيّد عظيم الخُلق، وتشخيص الشيء تعيينه»(3) ،و في
اللغتين الفرنسية والإنجليزية تأتي كلمة الشخصية (personality)
(personalité) مشتقة من الأصل اللاتيني (persona)، وتعني القناع الذي كان يلبسه الممثل في العصور القديمة، ثم شاعت
في الدلالة على مظهر الشخص في وظائفه المختلفة على مسرح الحياة ،أي أنها لغةً تعنى مكانة
الفرد في المجتمع وفق معيارين أساسيين: معيار مادي يتمثل في المظهر الجسدي، ومعيار
معنوي يتمثل في ما يحمله من الأخلاق والعلم والمعرفة ، فالشخصية من أصعب الاصطلاحات فهماً وتفسيراً ، ولا يمكن
القول بأن هناك تعريف واحد صحيح و بقية التعريفات خاطئة والوقوف عند تعريف مقبول
يقتضي دراسة مختلف التعريفات التي وضعت للشخصية ، ولقد تعددت المفاهيم والتعريفات
الخاصة بها ، إلا أنهُ يمكن أن نميز بين اتجاهين رئيسيين في دراسة الشخصية ،
أولهما ذلك الاتجاه الذي يضم بعض علماء النفس المهتمين بالأفعال السلوكية و
دراستها عن طريق الملاحظة الخارجية، وثانيهما بعض العلماء المهتمين المفاهيم
الديناميكية (أي القوة المركزية الداخلية التي توجه الفرد نحو اقتراف سلوكيات
وأفعال معينه).
فالاتجاه
الأول مثلاً نجد أنه يري الشخصية تعتمد في تفسيرها على المظهر الخارجي و أنها (هي
كمية النشاط التي يمكن اكتشافها بالملاحظة الدقيقة مدة طويلة حتى يتمكن الملاحظ من
إعطاء معلومات دقيقة وثابتة وأنها عبارة عن
انماط دائمة من الافكار والمشاعر والسلوكيات التي يعبر عنها في ظروف مختلفة.و
الاتجاه الثاني نجد أنه يعتمد في تعريفها
على المكونات الداخلية للفرد باعتبار أنها ( هي الكمية الكلية من الاستعدادات
والميول والغرائز والدوافع والقوة البيولوجية الفطرية والموروثة ، وكذلك الصفات
والاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة و التنظيم الثابت المستمر نسبيا لأخلاق الشخص ومزاجه وعقله
وجسده وهذا التنظيم هو الذي يحدد تكيفه الفريد مع محيطه ) ،
ويعد كلا التعريفين قاصراً ، لأنهُ يصور جانباً واحداً من الشخصية ولا يندمج مع
التعريف الأخر . فالأول خارجي يهتم بالسلوك الناتج عن الفرد كما يراهُ غيره والأخر
يهتم بالمكونات الداخلية التي توجه وتحدد سلوكه ، حيث لا يمكن اهمال المكونات
الداخلية مثل الدوافع والغرائز على حساب السلوك الخارجي والعكس صحيح، كذلك ينظر
إلى الشخصية كونها هي مجموع الخصال والطباع والسمات المتنوعة الموجودة في كيان
الشخص باستمرار ، والتي تميزه عن غيره وتنعكس على تفاعله مع البيئة من حوله بما
فيها من أشخاص ومواقف وظواهر، سواء في فهمه وإدراكه و في مشاعره وسلوكه وتصرفاته
ومظهره الخارجي ، ويضاف إلى ذلك القيم و الميول والرغبات والمواهب والأفكار
والتصورات الشخصية، وبذلك فالشخصية إذاً لا تقتصر فقط على المظهر الخارجي للفرد أو
على الصفات النفسية الداخلية أو على تلك التصرفات والسلوكيات
المتنوعة التي يقوم بها، وإنما هي
نظام متكامل من هذه الأمور مجتمعة مع
بعضها ويؤثر بعضها في بعض مما يعطي طابعاً محدداً لذاتية
الفرد و للكيان المعنوي للشخص ،فهي البناء الخاص بصفات
الفرد وأنماط سلوكه الذي من شأنه أن يحدد لنا طريقته الخاصة والذاتية في تكيفه
واستجاباته مع بيئته،
و يأتي مفهومها في علم الاجتماع أنها التكامل النفسي الاجتماعي للسلوك عند الكائن الإنساني
الذي تُعبّر عنه العادات والاتجاهات والآراء، فعند ألبورت هي: التنظيم الديناميكي
للأنظمة السيكو فيزيولوجية التي تحدّد تكيّف الفرد مع محيطه، وعند جوزيف نوسان:
تمثل بناءً نظرياً أو نموذجاً علمياً يبنيه العالم... انطلاقاً من السلوكيات
الملاحظة والعلاقات المعاينة ،وفي علم النفس يفسر الشخصية محدّدات دراسة طبيعة الشخصية ونموها وتقييمها،
ففي الصحة النفسية هي: توافق الفرد مع ذاته ومع غيره، وعند السلوكيين هي مجموعة
العادات السلوكية للفرد التي يمارسها في أوجه النشاط المختلفة، في حين يرى علماء
التحليل النفسي أن الشخصية قوة داخلية توجه الفرد في كل تصرفاته(4).
وأما
في الفلسفة، فيركز «ديكارت» على التفكير النظري محدّداً رئيساً لفهم الشخصية،
بينما يبني «كانت» تصوّره لمفهوم الشخصية على أساس الوعي الأخلاقي، كما يرتبط
المفهوم عند «برغسون» بعنصري التغير والزمن ، فالشخصية عبارة عن «تعاقب مستمر
لمجموعة من الحالات النفسية»(5) .مما
سبق يمكن القول بأن الشخصية هي مجموعة السمات المميزة للإنسان بوصفة كائن فيزيقي
في سلوكه والتي تعتمد على مجموعة عناصر محدده لها تتنوع بين ما يحمله الإنسان من
سمات ثقافية مكتسبه و دوافع وشعور والتكوين البيولوجي ،فهي تكامل نفسي واجتماعي، يجسّده سلوك الإنسان الذي تحكمه
قيمه وعاداته وتقاليده ، ويُظهر مدى توافقه مع ذاته ومع غيره، وهو يرتبط بالتغيّر
الزماني والمكاني وكذلك التكوين البيولوجي ،وبالتالي يمكن القول بأن عملية
بناء الإنسان تعتمد في المقام الأول على إعداد شخصيته وبناؤها ، وتتم عملية بناء الشخصية خلال فترات زمنية عن طريق وسائل
الاتصال وتوريث الخبرات والتقاليد، فالمجتمع - كما يرى جي روشي - يقوم ببناء
الشخصية على طريق التنشئة الاجتماعية، وذلك بواسطة مؤسسات اجتماعية تقوم بتكييف
الفرد مع النظم الاجتماعية والقيم الأخلاقية المقبولة (6)، وتتشكل الشخصية العامة للمجتمع من خلال النمطية
المعبّرة عنه من خلال توافق شخصيات أفراده
في المعارف والمعتقدات والقوانين والتقاليد والأخلاق، حيث أن مجموعة السمات
الثقافية للمجتمع هي التي تقوم عليها الشخصية الأساسية للمجتمع والتى تعبر عن القطاع العريض منه، وفي ذلك يقال أن : الشخصية الأساسية تعبّر عن
سلوك واحد مشترك تجده عند جميع أفراد المجتمع الواحد، بحيث يتصرفون إزاء مواقف
معينة بطريقة نمطية واحدة بغض النظر عن
الفروق الاجتماعية بين أفراده ،والشخصية الأساسية للمجتمع و إن كانت تتسم نظريا ً
بالثبات النسبي إلا أن واقع الحال يقول أنه أصبح من السهل التأثير على عناصر تكوين
تلك الشخصية خاصة في المجتمعات البسيطة -
ومنها إفريقيا – حيث أنه لم تعد سمات ثقافاتها هي التي تجسّد هوياتها ، بل إن بعض
السمات المميزة لتلك الشخصية الأساسية
مهدّد بالتلاشي بسبب قوة الاختراق الذي ساعد عليه تطوّر تقنيات الاتصال
التكنولوجي مثال وسائل التواصل الاجتماعي ،فأصبحت شخصية بعض المجتمعات خليط من
التقاليد المتوارثة، ومن التمازج مع ثقافات الشعوب الأخرى وبعض السمات التي يتم
بثها لتمتزج بشخصيتها وتختلط بها، وتتسم
عملية البناء بمجموعة خصائص هي:
-
عملية
مركبة: حيث ترتبط بفكرة الإعداد الصحي بفرعية النفسي و
الجسدي ، وكذلك الإعداد الثقافي والسلوكي من خلال تأهيل شخصية الفرد بعناصر ثقافية
سليمة تساهم في تطوير السلوك نحو حالة أفضل و أنضج تلائم دوره نحو متطلبات المجتمع
.
-
عملية
تراكمية: حيث أن بناء الإنسان لا يتم من خلال معادلات
رياضيه ،فهي في المقام الأول تعتمد على مجموعة العلوم والدراسات الإنسانية
والاجتماعية التي تتسم بسرعة التطور والتأثر ، إذ أن عملية البناء الإنساني تقوم
على خطة قومية تهدف لصالح المجتمع كله لكنها غالبا ً ما تجنى ثمارها وفقا ً لقدرة
الفرد على الاستجابة للعناصر الثقافية المطورة ، تلك الاستجابة التي قد تختلف من
مجتمع لآخر وفقا ً للزمان والمكان بل قد تختلف من فرد لآخر داخل المجتمع الواحد .
-
عملية
إلزامية : و ذلك كونها تمثل تربية واعداد أجيال واعيه
تقدر ما لها و ما عليها ، بما يضمن تحقيق حالة الأمن للمجتمع داخليا ً و خارجيا ً
.
-
عملية متغيرة: ذلك نتيجة لاختلاف سمات الشخصية الأساسية لكل مجتمع فهي
ترتبط بالمجتمع ذاته .
-
تعددية
المسئولية فيها : بمعنى أنها وإن كانت تهدف لبناء
الفرد داخل المجتمع إلا أنه لا يلعب فيها صفة المستقبل فقط ، ففيها تشترك مؤسسات
الدولة وكذلك الأسرة والفرد ، فالفرد فيها يؤثر و يتأثر ولا يمكن له تجاهل ما عليه
من واجبات نحو مجتمعه .
2- العوامل المؤثرة في عملية بناء
الإنسان
إن
الإنسان في حالة نمو وبناء دائمين ، باعتباره كائن حي ،يعتمد في حياته على المعرفة
، و هو في ذلك يتسم بخصائص يتميز بها سلوكه الخارجي الذي يكون نتيجة سمات ثقافية
اكتسبها الإنسان خلال حياته و نشأته و علاقاته بالغير و يفسر ذلك ما يعرف بشخصية
الإنسان التي تتسم بمجموعة خصائص هي النمو والتكامل والذاتية والثبات النسبي ،فالشخصية
تنمو وتتطور في شكل متكامل، من خلال تشابك سماتها وقدراتها، وتعرضها بصورة مستمرة
ومتفاعلة مع مواقف الحياة المختلفة، ولا سيما تفاعل الإنسان مع بيئته المحيطة به
ومن خلال أنماط التنشئة الاجتماعية التي يتعرض لها مثال الأسرة والمدرسة والعمل ،
فالإنسان في كل مرحلة عمريه يضاف لعملية بناؤه جديدا ً وهو في ذلك يتأثر ويؤثر
فيمن حوله من أفراد وكذلك عناصر البيئة الطبيعية، فهو ينشأ داخل أسرته مكتسبا ً
ثقافاتها و حاملا ً لسمات وراثية من أبوية حتى يبدأ التعامل مع العالم الخارجي فيكتسب
سمات ثقافية جديدة ويُصدر أخرى ، كل هذه المؤثرات تأتى بنتائج تلقائيه في شخصية
الفرد ومن ثم السلوك الظاهري له .
كذلك تتسم الشخصية بالذاتية بمعني أن شعور الفرد
بأنه هو ذاته حتى وإن حدثت لـه تغيّرات
جسدية ونفسيّة عبر مراحل نموه لأن طبيعة الإنسان أن يتغيّر وينمو من يوم إلى آخر،
بحكم التطور والذي يشمل جوانب الشخصية كافة من بداية الحياة وحتى نهايتها، غير أن
هويته الأساسية تبقى هي ذاتها، على الرغم من التغيرات الجسدية أو الفكرية التي
تحدث بفعل عاملي العمر والثقافة ، وتوصف أيضا ً الشخصية بالثبات النسبي أي أن
الشخصية الإنسانية حتى وإن كانت تتسم بالثبات ، لكن في المقابل فهذه الشخصية تخضع
لخاصية التغير والتطور، التي تحدث بفعل المؤثّرات المحيطة بالشخص ، وبالتالي
يمكن القول بأن العوامل المؤثرة في بناء الإنسان و تكون سماته الشخصية هي :-
-
عوامل
بيولوجية: تتمثل في التكوين الجسدي للإنسان مع الوضع في
الاعتبار أن عنصري الصحة الجسدية والنفسية و كذلك الجينات الوراثية التي يحملها من
أبويه جميعاً تمثل عناصر تؤثر في سلوك الفرد لما لها من دور في اكتساب الشخص بعض الصفات التي
تظهر في الشخصية ، كما إن الأمزجة و التي تمثل مجموع انفعالات الفرد وهي من
المكونات الثابتة نسبياً للشخصية إذ يصعب تغير مزاج الفرد كونه يتأثر بعوامل
وراثية ترتبط بحالة الجهاز العصبي وإفرازات الغدد من الهرمونات ، وهكذا فهي تؤثر
في الشخصية والسلوك، كذلك معدلات الذكاء قد تتأثر بالعوامل الوراثية وهو الأخر
يحدد الصفات الشخصية للفرد ويحدد سلوكه .
-
عوامل
ثقافية : إن شخصيّة الفرد تنمو وتتطوّر في جوانبها
المختلفة، داخل الإطار الثقافي الذي تنشأ فيه وتعيش ، وتتفاعل معه حتى تتكامل وتكتسب
الأنماط الفكرية والسلوكية التي تسهل تكيف الفرد داخل المجتمع وتنظيم علاقاته بمحيطه الاجتماعي العام ، ولاشك في
أن الثقافة مسئولة عن الجزء الأكبر من الشخصية، وكذلك عن جانب مهم من التنظيم
السطحي للشخصيات، وذلك عن طريق تشديدها على اهتمامات أو أهداف معينة، فمجموعة
الأفكار والقيم والمعتقدات وكذلك الأعراف والتقاليد التي يكتسبها الفرد تمثل حجر
الزاوية في سماته السلوكية التي تعبر بالطبع عن شخصية صاحبها، ويكمن سر مشكلة العلاقة بين الثقافة والشخصيّة في
السؤال التالي : إلى أي مدى يمكن اعتبار الثقافة مسؤولة عن التنظيم المركزي للشخصيات؟
وبعبارة أخرى : هل يمكن للتأثيرات الثقافية أن تنفذ إلى لباب الشخصيّة وتعدلها؟ إن
الجواب على هذا التساؤل، يكمن في أن عملية تكوين الشخصية هي عملية تربوية و تثقيفية، حيث يجري فيها اندماج خبرات الفرد
التي يحصل عليها من البيئة المحيطة ،مع صفاته التكوينية التي اكتسها في نشأته لتشكل
معاً الشخصية، ، وإن كانت أكثر فاعلية في مراحل النمو الأولى من حياة الفرد (7).
-
عوامل
بيئية اجتماعية وجغرافية: حيث أن جميع العوامل الموجودة في
البيئة الاجتماعية والجغرافية تؤثر في تحديد شخصية الفرد من خلال تعامله مع أفراد
المجتمع المحيط وجغرافية البيئة التي يعيش فيها ، مثل المدرسة والأصدقاء والنظام
الاجتماعي والاقتصادي وعدد أفراد العائلة وتسلسل الفرد بالعائلة والعيش في السهول
أو الجبال .. الخ ، فسلوك الشخص وأخلاقه هما المرآة لمعتقداته وقناعاته واتجاهاته
، والتي تجسد مدى تطابق تصرفاته من معايير وقيم مجتمعه تعتمد على الخبرة البيئية بشقيها
الاجتماعية مثال الأسرة والمدرسة ، والجغرافية ممثله في ظروف البيئة الجغرافية
والطبيعية ، فلأسرة دور كبير في تكوين البناء الأساسي للشخصية خلال المراحل
المبكرة في حياة الإنسان لأنها البيئة الأولى التي ترعى البذرة الإنسانية بعد
الولادة ومنها يكتسب الطفل الكثير من الخبرات والمعلومات والسلوكيات والمهارات والقدرات
التي تؤثر في نمو الشخصية وسماتها إيجاباً أو سلبا ويلعب الاستقرار الأسري دور كبير
في ذلك فكلما كانت الأسرة أكثر استقراراً صار الفرد فيها أكثر أمناً وثقة في نفسه
بما يمنحه مقومات الشخصية السوية ، كذلك تؤثر الخصائص الجغرافية على سمات الشخصية
مثلا تختلف سمات النشأة في البيئة الصحراوية عنها في الحضر .
ثانياً- العلاقة بين بناء الإنسان و التنمية المستدامة
ذكرنا أن العنصر البشري يرتبط
كليا في تحديد القوى الاقتصادية للمجتمع ويؤثر في حركة المجتمع نحو التنمية ، ومن
ثم فإن عملية إعداد و تأهيل الثروة البشرية يعتبر أولى خطوات النمو الاقتصادي
وكذلك التنمية المستدامة ، لا سيما و أن التنمية المستدامة تحمل في طياتها
التزامات أخلاقية كما رأينا ، ولقد أصبح مفهوم رأس المال البشري جزءاً لا يتجزأ من
استراتيجيات النمو الاقتصادي، وفي هذا الصدد فإن الاقتصادي (شولتز) ربما يكون
الشخص الأكثر شهرة من بين أنصار نظرية راس المال البشري، حيث يري أن مفتاح النمو الاقتصادي يعتمد على نوعية
السكان ، ويعتقد أن البشر انفسهم يمثلون الازدهار الاقتصادي المتوقع ، وأن رأس
المال البشري يختلف عن النوعين الآخرين من رأس المال وهما رأس المال الطبيعي ورأس
المال الآلي، حيث يمثل رأس المال البشري عنده القدرة والمعلومات ذات القيمة
الاقتصادية، كما أنه مصدراً قابلاً للتجديد والتطوير وليس هناك أية حدود نظرية
لمخزونه بخلاف الأنواع الأخرى لرأس المال ، وانتهي شولتز إلى أن " فكرته
الأساسية عن رأس المال البشري قادته إلى فكرة الاستثمار في رأس المال البشري ،
بمعنى الاستثمار في تعليمهم وصحتهم وفي تدريبهم وفي تنمية مهاراتهم التنظيمية
والإدارية(8) ، ولما كان
العنصر البشري من أهم العناصر الإنتاجية التي يمكن أن تساهم في تحقيق التنمية، فلن
يؤدي هذا العنصر دوره بدون تدريب و تأهيل حيث أن رفع معدلات التنمية المستدامة يتم
عن طريق زيادة الطاقة الإنتاجية والاستثمار في الأصول المادية والمعنوية مثل
الابتكار والتعليم والمعرفة . وبذلك يمكن القول بوجود ارتباط وثيق بين بناء
الإنسان وإعداده و بين التنمية المستدامة كونها تمثل أهم متطلباتها .
ثالثاً- آليات بناء الإنسان لدعم التنمية المستدامة
انتهينا إلى أن التنمية المستدامة
تتطلب كفاءة العنصر البشري والذي يعرف اقتصاديا ً برأس المال البشري ، وهنا نقول
أن جودة المخرجات تعتمد على جودة المدخلات ، بمعنى أن كفاءة رأس المال البشري تظهر
من خلال الكفاءة السلوكية في التعامل مع متطلبات الحياة بما يحقق أهداف التنمية
المستدامة ، تلك الكفاءة السلوكية التي تعبر عن الشخصية والتي بدورها تتوقف على ما
يتمتع به العنصر البشري من معارف و سمات ثقافية ولقد رأينا أن الشخصية تتأثر
بمجموعة العوامل الاجتماعية والثقافية وكذلك المستوى الصحي العضوي و النفسي و من
ثم فإن بناء الإنسان وشخصيته يتم من خلال مجموعة آليات تمثل قنوات دعم للعوامل
المؤثرة في الشخصية ، وتلك الآليات وإن كانت تتسم بالثبات في المستوى الصحي إلا
أنها على غير ذلك في الجانب الثقافي والاجتماعي ، حيث أن الجانب الصحي يرتبط
بمجموعة العلوم البيولوجية التي تتسم بالثبات في قواعدها التي تحكمها بحيث نكون
أمام ما يشبه العملية الحسابية ،فمثلا ً (إنسان +تغذية سليمة+ نظام رياضي = جسد
سويا ًوحالة صحية سوية) ، هذا الثبات لا ينطبق على الجانب الاجتماعي والثقافي ،
حيث ما يصلح في مجتمع أو مع فرد قد لا يصلح مع آخر، فمثلا ً ما يصلح من سمات
ثقافية في مجتمعات أوروبا قد لا يصلح في مجتمعات الشرق ، بحيث أنه بالرغم من اسقاط
ذات السمات لكن قد تتغير النتائج وذلك قد يرجع إلى اختلاف ظروف البيئة الاجتماعية
او الجغرافية ، و لذلك يمكن القول كما أشرنا سابقا ُ بأن عملية بناء الإنسان تختلف باختلاف المجتمع ، وفيما يلي نتناول آليات
بناء الإنسان وهي :
1-
التعليم
القائم على التدريب والابتكار:
يعتبر
التعليم منذ القدم أحد أهم العوامل
المكونة للشخصية الإنسانية والتي ترتبط كليا ً بقدرة الفرد الإنتاجية وقدرته على
تلبية حاجاته ومتطلباته ولقد
تناول تقرير التنافسية العربية الصادر عن المعهد العربي للتخطيط عام 2003م التعليم
كأحد مؤشرات رأس المال البشري من خلال معدلات الالتحاق الصافي بالتعليم الجامعي، و
الالتحاق الصافي بالتعليم الثانوي ، و انخفاض الأمية لدى الكبار، ونسبة الانفاق
العام على التعليم (9)،
والتعليم في عصرنا اليوم- عصر اقتصاد المعرفة القائم على العلم والمعلومات- قد
اختلف مفهومه وزادت أهميته والحاجة إليه، حيث أصبح يرتبط مباشرة بالتدريب ليتحول
إلي استثمار يعود بقيمة مضافة عالية على الاقتصاد القومي من خلال زيادة الإنتاجية
للعنصر البشري، ولا تنحصر فوائد التعليم والتدريب في زيادة إنتاجية الموارد البشرية
فقط بل تتعداها الى زيادة معدلات النضج والفعالية في الاستهلاك وترشيده فضلا عن
إسهامه في زيادة الطلب الفعال على السلع والخدمات مما يزيد الحافز للمزيد من
الإنتاج وللمزيد من تحويل الموارد الطبيعية الى موارد اقتصادية لتستخدم في إنتاج
السلع والخدمات وزيادة فرص العمالة الفعالة ومن ثم خفض معدلات البطالة ، فيزيد
الناتج القومي الإجمالي المحلي ويزيد الدخل القومي الأمر الذي يسهم في دعم مسيرة
التنمية الاقتصادية والشاملة ،فالتعليم يتم من خلاله تزويد الفرد بالمعلومات
والمعارف والمهارات الضرورية واللازمة لأداء أعمال معينة ومعروفة، ولبناء إنسان
فعال يتطلب الأمر تثقيفه بالاطلاع على
معلومات ومعارف أكثر شمولا والتعرف على ما يجري من حوله من مشاكل ومواقف و وسائل
للحل، والتدريب يصل بالفرد إلى مرحلة أعلى يصقل فيه شخصيته بخبرات و بمهارات أكثر
تخصصا ودقة ليتمكن من رفع كفاءته الإنتاجية والاقتصادية من خلال إعمال عقله في
ابتكار مقومات تساعده على تطوير الذات والمجتمع ، وعلى مستوى الاقتصادي نجد علاقة
وثيقة بين نسبة التعليم ومعدلات الدخل القومي الإجمالي للمجتمع حيث يمكن القول
بوجود علاقة طردية بينهما فالتعليم يحقق المهارة العملية التي تساهم في زيادة
الإنتاج ومن ثم زيادة الدخل و الزيادة في الدخل بدورها ترتب زيادة الإنفاق على
التعليم في المستويين الفردي والقومي ،
وهنا يجب أن تقوم العملية التعليمية على أساس نوعى وليس فقط الكمي بحيث يتم النظر
في التخصصات المطلوبة فعليا ًلدى سوق العمل وخاصة التعليم المهني والتأهيل مما
يرتب رفع المهارات الفنية والإدارية معا ً.
2-
اتساع
دائرة الثقافة والمعارف :
حيث أصبحت تنمية المعارف و تطوير السمات الثقافية تمثلان
ضرورة أساسية في ظل اتجاه العالم نحو
اقتصاد معلوماتي ، يعتمد أولا ً على نضج الثقافات و قابليتها للتجديد وثراءها
الفكري الذي يمنح لحامليها ميزة تنافسية في البيانات والمعلومات والأفكار ،
إذ أن للثقافة خصائص تتمثل
في أنها عملية مكتسبة – أي – أن الإنسان لا يولد بها بل يكتسبها من خلال
التفاعل والاحتكاك بينه وبين الأفراد في مجتمعه, مثال المدرسة والعمل
(10) ، كما أن للثقافة
دور كبير في تحديد أنماط سلوك الفرد في الحياة اليومية عموماً وفي الجانب
الاقتصادي بصفة خاصة ، حيث تختلف السمات الثقافية من مجتمع إلي آخر ومن زمان إلي آخر
فنجد الثقافة الموجودة في المدينة مختلفة عن الثقافة الموجودة في الريف والبادية فيتباين سلوك المجتمعات
في المناطق المختلفة حتى أنه هناك اختلاف نسبي في سلوك الأفراد الذين في بيئة اجتماعية
واحدة ، ومن ثَم تتباين سمات وسائل العيش وطرق الحياة
اليومية.
3-
التنشئة
الاجتماعية السليمة :
يأتي تعريفها في معجم مصطلحات
العلوم الاجتماعية أنها (العملية التي يتم بها انتقال الثقافة من جيل إلى جيل
والطريقة التي يتم من خلالها تشكيل الأفراد منذ طفولتهم حتى يمكنهم المعيشة في
مجتمع ذي ثقافة معينة ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسة والمجتمع للأفراد من
لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات ومهارات ...إلخ)(11) ، وفي قاموس
علم الاجتماع هي (العملية التي يتعلم عن طريقها الطفل كيف يتكيف مع الجماعة عند
اكتسابه السلوك الاجتماعي الذي توافق عليه هذه الجماعة)(12)، التنشئة
الاجتماعية تعبر عن التربية الشاملة والتكوين وتمكن الفرد من الاندماج في المجتمع و اكتساب أنماط سلوكية وعادات ومعايير ودلالات وقيم ،
عندما يقيم العلاقة بين فئة من الفاعلين من جهة ومجموعة من الأفعال من جهة ثانية.
وبالتالي فهي تنطلق من المجتمع وتعود لخدمته مرة أخرى ، ولهذا يمكن القول أن
التنشئة الاجتماعية بمثابة مشروع اجتماعي تهيمن عليه مجموعة من القيم والمعايير
والنظم ، والهدف منه خلق علاقات بين الأفراد المكونة للمجتمع لتسهيل دمجها داخل
هذا المجتمع بما يحقق الاستقرار و التطور.
ويعني بها كذلك عملية اكتساب القيم والمعايير الاجتماعية عن طريق آلية الاندماج
ولغرض تحقيق تكيف الفرد مع سياق اجتماعي يتسم بالدينامية والتغير وهنا يمكن التمييز بين تنشئة اجتماعية أولية
وتنشئة اجتماعية ثانوية ، حيث بفضل التنشئة الأولية يصير الفرد عضوا في المجتمع ،
والتي تتم بالدرجة الأولى داخل الأسرة والتي تتطلب القاعدة الأساسية فيها أن لتكون
فعالة لما لها من آثر في تكوين شخصية
الفرد خلال عملية التنشئة الثانوية خلال المراحل اللاحقة للأولية . والتنشئة
الثانوية تشمل جميع العمليات الاجتماعية اللاحقة التي بفضلها يتعرف الفرد على
مجالات جديدة من العالم الموضوعي بعد أن صار اجتماعيا بفضل التنشئة الأولية ،ولذلك يمكن القول بان الأسرة والمدرسة (خاصة التعليم
الأساسي) يشكلان ويعتبران مؤسسات للتنشئة الأولية ومنهما ينطلق الفرد ويكتسب
القواعد الأولية التي تمكنه من الاندماج والانفتاح من وإلى المجتمع .
4-
الرعاية
الصحية :
مثلما تُعد عملية الإعداد الاجتماعي حجر الزاوية في بناء الإنسان فإن الرعاية بالصحة النفسية والجسدية تشاركها ذات الأهمية في التأثير على تكوين الشخصية ، فإذا كانت مستويات الصحة النفسية تؤثر بالطبع في السلوك وسماته ، فإن الصحة الجسدية تعتبر أحد المحركات الأساسية للفرد داخل المجتمع وقدرته على التعليم والتعلم واكتساب مهارات جديدة تدفعه لزيادة الانتاج و تحقيق معدلات أفضل في التنمية ،فهناك علاقة تبادلية بين الصحة والتنمية الاقتصادية تُعني أن تحقيق التنمية الاقتصادية يؤدي إلى تحسين الأوضاع الصحية، وعلى النحو الآخر فإن الصحة الأفضل تساهم في التنمية الاقتصادية. و المنادين ببرامج القطاع الصحي عادة ما يحذرون من أن التنمية بمفردها لا يمكن الاعتماد عليها لتخفيض العجز والوفاة ،وأنه لابد من الإهتمام بالبرامج الخاصة بالتغذية ،والرعاية الصحية، والصحة البيئية .
قائمة المراجع
1-
اسلام عيسي ، بحث بعنوان:
الأنثروبولوجيا و دورها في التنمية المستدامة ، الموقع الإليكتروني للمركز العربي
للبحوث والدراسات ،بتاريخ 21/10/2019م ، www.acrseg.org
.
2-
أبو الفضل جمال الدين ابن منظور
، لسان العرب ،ج 8، مادة شَخَصَ ،دار صادر للنشر ،بيروت ، 2003 م .
3-
محمد بن محمد الزبيدي ،
تاج العروس من جواهر القاموس – مادة شَخَصَ ، المطبعة الخيرية ، القاهرة 1306هـ.
4-
محمد العقيد ، الشخصية
الإفريقية - مكوناتها وسماتها وخصائصها، الموقع الإليكتروني لمجلة قراءات
أفريقية،بتاريخ28/7/2016م ،www.qiraatafrican.com
5-
صبري محمد خليل ،دراسة
منهجية للمظاهر الفكرية والسلوكية للشخصية ،صـ20-26 ، هيئة الخرطوم للصحافة والنشر
،بدون تاريخ .
6-
محمد العقيد ، مرجع سابق .
7-
رالف لينتون ،دراسة
الإنسان ،ترجمة عبدالملك الناشف ،ص609، المكتبة العصرية ، بيروت ، 1964م .
8-
د/ أشرف العربي ،التنمية
البشرية في مصر :الوضع الحالي – الأسباب والانعكاسات ،رسالة ماجستير ، كلية الاقتصاد
والعلوم السياسية – جامعة القاهرة ، 1997م .
9-
تقرير التنافسية العربية
عن عام 2003م ، المعد العربي للتخطيط ،الكويت .
10
- محمود عرفان ، التدخل المهني للخدمة
الاجتماعية وتنمية الوعى البيئي بالمجتمعات العشوائية ،المجلة المصرية للتنمية
والتخطيط ، العدد الأول – المجلد الحادي عشر ،ص132،القاهرة ، 2003 م .
11
– د/ أحمد زكى بدوى معجم مصطلحات العلوم
الاجتماعية ،ص400 ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، بدون تاريخ .
12 – محمد عاطف غيث ، قاموس علم الاجتماع ، ص449 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1979م .