المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

سياق مضطرب .. ملفات وخلافات في قمة كوالالمبور

الثلاثاء 17/ديسمبر/2019 - 08:15 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
مصطفى صلاح – مرﭬت زكريا

تنعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور القمة الإسلامية خلال الفترة من 18 إلى 21 ديسمبر 2019، تحت عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، وتبحث وفق منظميها عن أفضل الحلول الفعالة والقابلة للتطبيق على أرض الواقع للمشكلات التي تواجهها الأمة الإسلامية، في إطار فهم معاصر وشامل لتحقيق أعلى قيم الإسلام وسيادة الأمة، وكان من المقرر أن يحضر القمة رؤساء خمس دول إحداها عربية، وهي: "ماليزيا، تركيا، إيران، قطر، باكستان" إضافة إلى نائب الرئيس الإندونيسي، وبمشاركة 450 من العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي، إلا أن هناك بعض الدول التي اعتذرت عن الحضور من بينها باكستان وإندونيسيا.

وبحسب منظميها، تسعى القمة إلى تحقيق عدة أهداف أبرزها: استعادة أمجاد الحضارة الإسلامية، والتباحث للوصول إلى حلول قابلة للتنفيذ لمشاكل العالم الإسلامي، والمساهمة في تحسين العلاقات بين المسلمين وبين الدول الإسلامية فيما بينها، وتشكيل شبكة تواصل فعالة بين القادة والعلماء والمفكرين في العالم الإسلامي، وتركز القمة في محاورها الرئيسية على قضايا "التنمية والسيادة" و"السلام والأمن والدفاع" و"الاستقامة والحكم الرشيد" و"العدالة والحرية" و"الثقافة والهوية" و"التكنولوجيا وحاكمية الإنترنت" و"التجارة والاستثمار"  لدى الدول الإسلامية، والتباحث حول ملفات عدة مثل طرد المسلمين من أوطانهم، وتصنيف الإسلام كدين إرهاب.

وقد تم اقتراح عقد القمة بعد نقاش دار بين مهاتير محمد ونظيره الباكستاني عمران خان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مدينة نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الـ47 في سبتمبر 2019؛ حيث تم التخطيط وقتها لتأسيس قناة تلفزيونية للتغلب على ظاهرة الإسلام وفوبيا ونشر التوضيحات حول دين الإسلام.

استبعاد متعمد

يتمثل سبب انعقاد هذه القمة في قيام رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، بزيارة وصفت بـالتاريخية “إلى تركيا نفذها في يوليو 2019، واستمرت 4 أيام ، وأُعلن خلالها عن استهداف زيادة التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى 4 مليارات دولار، إضافة إلى توقيع اتفاقيات تعاون مشترك بينهما خاصة في مجال الصناعات الدفاعية، إضافة إلى ذلك قام بزيارة إلى قطر يتخللها توقيع عدد من الاتفاقيات على رأسها مذكرة تفاهم لتأسيس اللجنة الإستراتيجية العليا بين قطر وماليزيا. في حين أثار تغيب وعدم مشاركة مصر والسعودية تساؤلات حول تغيبهما أو تغييبهما. وذلك لما لهما من رمزية وثقل في العالمين العربي والإسلامي، خاصة في ظل مهاجمة ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، عن أسباب عدم مشاركة دول عربية وإسلامية في هذه القمة بالقول: لا يمكننا أن نقول إن السعودية والإمارات ومصر وغيرها من الدول القوية؛ تبدو فاعلة وصاحبة دور في إيجاد حل يصب بصالح المسلمين في ميانمار، وكشمير وفلسطين وتركستان وسوريا.

وتوالت التساؤلات حول ما إذا كانت القمة بمثابة بديل لمنظمة المؤتمر الإسلامي، خاصة في ظل أهداف القمة التي تتكون من تكتل دول إسلامية، والمتعلقة بتأسيس قنوات اتصال فعالة في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والابتكار، وتأسيس شراكة في المجال الإعلامي، من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا في العالم، على الجانب الآخر تتوالى الاتهامات إلى القمة في حقيقتها ومغزاها كونها تتخفّى وراء أجندات ميكيافيلية ووصولية، ينمو ويتمترس الفكر الإخواني من خلفها.

وفي هذا الإطار أيضًا برزت تساؤلات عديدة أثيرت مؤخرًا في الشارع العربي والإسلامي حول مآلات التكتل الذي دعا إليه رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، والمكون من خمس دول إسلامية، وعما إذا كان يمكنه تشكيل نواة لاتحاد إسلامي شبيه بالاتحاد الأوروبي؟ وما قد يواجهه هذا التكتل من صعوبات خصوصًا في ظل غياب الدور المصري والسعودي، وذلك في ظل اتجاه تلك الدول لتشكيل منصة جديدة لتحل محل منظمة التعاون الإسلامي التي قال  عنها مهاتير محمد إنها فشلت في حل المشاكل التي يواجهها المسلمون في العالم.

ومن المتوقع أن تنتهي هذه القمة قبل أن تبدأ خاصة مع غياب رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان وبذلك يكون خان هو ثاني زعيم يتراجع عن المشاركة في هذه القمة الإسلامية المصغرة، بعد تراجع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، وستقتصر  المشاركة في القمة، على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الإيراني حسن روحاني بالإضافة لمهاتير محمد. ولعل التحضيرات الأولية لتلك القمة يمكن أن تكون بداية لسياسة محاور جديدة في المنطقة من شأنها تبني مسارات موازية تشتت العمل الإسلامي الجمعي وإضعافه.

نجاح السياسة السعودية في عزلة الثلاثي

 على الرغم من إثارة  عدد لا بأس به من التساؤلات حول هذه القمة سيما فيما يتعلق بمن يقف خلفها؟ وهل هي مُخرج جديد للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؟ أم أنها بمثابة داعم لإيران سيما بعد الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي، الأمر الذي اعقبه فرض عقوبات اقتصادية أدت لإثارة الداخل الإيراني وتصاعد حدة الاحتجاجات الرامية ليس فقط إلي الاصلاح الاقتصادي و القضاء على الفساد السياسي، بل ونادت بضرورة  اسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران. ولكن تعد هذه القمة إشارة غير مباشرة لنجاح السياسة الخارجية السعودية في عزل كل من إيران، تركيا وقطر سيما بعد انسحاب كل من إندونيسيا و باكستان من الحضور، الأمر الذي أثار  عدد من الشكوك ضد أهدافها و الموضوعات المطروحة على أجندتها.

ومن الجدير بالذكر، أن هذه القمة تعيد للأذهان مؤتمرات إسلامية سابقة أقيمت بدون المملكة العربية السعودية في محاولة لإبعادها عن القيادة الإسلامية والتي فشلت بكل المقاييس، وعاد الجميع للتفاهم معها مرة اخري، باعتبارها القطب الرئيسي الذي يقود العالم السنى في المنطقة. من ناحية أخري، قلل بعض المحللين من أهمية هذه القمة على خلفية عدم وجود هدف محدد، ولكنها ليست إلا رغبة واضحة من الرئيس الماليزي "مهاتير محمد" في رفع الضغط عن طهران و الوقوف إلي جانبها في ظل الأزمة الاقتصادية و السياسية التي تمر بها حاليًا، الأمر الذي تمثل في قوله" تربطنا مع إيران العديد من الصلات والروابط ولن نقطعها لمجرد أن أمريكا تطلب منا المشاركة في العقوبات الاقتصادية تجاه ايران لذا، يجب أن لا ننخرط بذلك، حيث تسعى طهران لامتلاك  قنبلتين فقط وليس الكثير، هل هو تهديد للسلام الدولي أن تمتلك إيران قنبلتين؟! وهل ستستطيع بها خلق حرب نووية، إيران لن تهدد أو تهاجم أحد، والعقوبات ضدها غير عادلة".

يتوازى ذلك، مع عقد هذه القمة في وقت تتأجج فيه الاحتجاجات في عدد لا بأس به من دول المنطقة و سيما العراق و لبنان في مواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد هناك، فضلاً عن تصاعد التظاهرات في الجمهورية الإسلامية ذاتها، لذا فهي تعد بمثابة تغاضى عن حقوق الشعب الإيرانى الذي يواجه أشد سياسات القمع من قبل نظام ولاية الفقيه. لكن الأمر يشير إلي نجاح الرياض في ممارسة حملة من الضغوط غير المسبوقة على إيران، التي أجبرتها للبحث عن حل على الرغم من أنه غير كفء ولكنه يدل على عمق الأزمة الموجودة داخل الجمهورية الإسلامية حاليًا.

ختامًا: يمكن القول أن هذه القمة لا تختلف كثيراً عن القمم السابقة أو المؤتمرات الدولية التي عقدتها المنظمات الإسلامية مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، حركة عدم الانحياز ورابطة دول الأسيان، لذا، فأن أهداف هذه القمة باتت محل تساؤل لدى الكثيرين خصوصاً أن الكثير من القمم تعقد وتخرج بتوصيات عديدة دون الوصول إلى نتائج حقيقة أو التغييرات المنشودة التي تبحث عنها الشعوب الإسلامية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟