المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

داعش وجبهة النصرة .. أنماط تفاعل الجمهور مع إعلام التنظيمات الإرهابية (2-2)

الأربعاء 04/ديسمبر/2019 - 11:59 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. شريف درويش اللبان - د. نهى إبراهيم محمد

الأساليب المتبعة عند تعرض القنوات الإعلامية للإغلاق أو الحذف

أوضحت الدراسة الإجراء الذي يلجأ إليه أفراد العينة عند تعرض أيّ من قنوات تنظيميْ الدراسة للإغلاق أو الحذف؛ حيث أفاد 34% بقيامهم بمتابعة أخبار تنظيم داعش عبر تغطيات وسائل الاعلام و26% يقومون بتتبع الحسابات والمواقع البديلة التي يطلقها داعش في محاولة منه لتوصيل المحتوى الإعلامي الخاص به ووصوله للجمهور، و21.5% يلجأون لقناة أخرى لمتابعة أخبار التنظيم، بينما أبدى 18.5% عدم اهتمامهم في حالة تعرض أيّ من القنوات للحذف أو الإغلاق.

أما عن الإجراء الذي يلجأ إليه أفراد العينة عن تعرض أي من قنوات تنظيم جبهة النصرة للإغلاق أو الحذف، فقد أبدى 39.4% عدم اهتمامهم بالأمر، بينما أكد 32.5% قيامهم بمتابعة أخبار التنظيم عبر تغطيات وسائل الاعلام، و14.5% من أفراد العينة أشاروا لقيامهم بتتبع الحسابات والمواقع البديلة التي يقوم التنظيم ببث أخباره عن طريقها، و13.6% من أفراد العينة أشاروا لقيامهم بمتابعة قناة أخرى تابعة لجبهة النصرة.

التفاعل مع المحتوى المنشور عبر الوسائل الجديدة والتقليدية

أشارت الدراسة إلى نوع المادة الإعلامية التي اطلع عليها أفراد العينة لكلٍ من تنظيميْ الدراسة؛ فبالنسبة لتنظيم داعش أشار11.5% إلي اطلاعهم بشكل دائم علي مقاطع فيديو مصورة و33.5% يتعرضون لتلك المقاطع أحيانًا و55% لم يتعرضوا نهائيًا لأيّ من مقاطع الفيديو الصادرة عن داعش، بينما أبدى 12.75% تعرضهم دائمًا لمقاطع مسموعة صادرة عن التنظيم و24.5% بتعرضهم أحيانًا و62.75% بعدم التعرض لأيّ من تلك المقاطع. وبالنسبة للمقاطع المصورة فأبدى 25.5% تعرضهم دائمًا لمثل هذه التقارير و56.75% أكدوا بتعرضهم لها أحيانًا و17.75% أبدوا عدم تعرضهم لها. أما بالنسبة للتعرض لمنشور أو بيان إعلامي، فقد أبدي 35.25% من أفراد العينة تعرضهم لمنشور أو بيان إعلامي صادر عن داعش و60.5% يتعرضون له أحيانًا بينما أشار 4.25% بعدم تعرضهم لأي منشور إعلامي صادر عن التنظيم. وأعرب 16.75% بتعرضهم دائمًا لمجلة مطبوعة و33.25% بتعرضهم أحيانًا للمجلات المطبوعة الصادرة عن داعش بينما ذكر 50% بعدم تعرضهم لأي مجلة مطبوعة صادرة عن داعش. ويطالع 46% من أفراد العينة يطلعون بشكل دائم على تغريدات صادرة عن أعضاء داعش على تويتر و52.5% يطالعونها أحيانًا بينما أشار 1.5% بعدم تعرضهم لأيّ من هذه التغريدات.

أما بالنسبة لتنظيم جبهة النصرة فقد أشار14.3% إلى اطلاعهم بشكل دائم علي مقاطع فيديو مصورة و43% يتعرضون لتلك المقاطع أحيانًا و42.7% لم يتعرضوا نهائيًا لأيّ من مقاطع الفيديو الصادرة عن داعش، بينما أبدى 5% تعرضهم دائمًا لمقاطع مسموعة صادرة عن التنظيم و22.6% بتعرضهم لها أحيانًا و72.4% بعدم التعرض لأي من تلك المقاطع المسموعة، بالنسبة للمقاطع المصورة فأبدى 6% تعرضهم لها دائمًا لمثل هذه التقارير و20% أكدوا بتعرضهم أحيانًا للتقارير المصورة و74% أبدوا عدم تعرضهم لتلك التقارير المصورة، أما التعرض لمنشور أو بيان إعلامي فقد أبدي 2.6% من أفراد العينة تعرضهم لمنشور او بيان إعلامي صادر عن جبهة النصرة و19.2% يتعرضون أحيانًا لتلك المنشورات والبيانات الصحفية، بينما أشار 78.2% بعدم تعرضهم لأيّ منشور إعلامي صادر عن التنظيم، بينما ذكر 100% لم يتعرضوا لأي من مطبوعات صادرة عن تنظيم جبهة النصرة، و22.2% من أفراد العينة يطالعون بشكل دائم تغريدات صادرة عن أعضاء جبهة النصرة على موقع تويتر و29.5% يطالعون أحيانًا تلك التغريدات بينما أشار 48.3% بعدم تعرضهم لأيّ من هذه التغريدات.

وتشير النتائج السابقة إلى أن التغريدات والمنشورات الصحفية والتقارير المصورة هى أكثر ما تعرض له أفراد العينة لتنظيم داعش، بينما كانت مقاطع الفيديو المصورة والتغريدات أكثر ما تعرض له أفراد العينة لتنظيم جبهة النصرة، ويؤكد ذلك أن التغريدات السريعة والفورية التي تُنشر فور وقوع الحدث أو أثناء الحدث في بعض الأحيان وكذلك الصورة الصحفية كانتا الأسهل في الوصول للجمهور، خاصة وأن تلك التغريدات والصور الصحفية التي يتم بثها عبر تويتر هى التي تخترق المجال للوصول للجمهور بشكل عشوائي باستغلال ميزة الهاشتاجات الرائجة وتداولها بين المغردين حتى وإن تم حذف الحسابات بعد عملية النشر وتداول المنشورات أو الصور سواء عبر حسابات المواقع الإخبارية التي سرعان ما تقوم بنقل وإعادة نشر هذه التغريدات طمعًا في تحقيق السبق الإعلامي، أو عبر انتشارها علي حسابات الأفراد العاديين المهتمين بمتابعة أخبار تلك التنظيمات أو المتعاطفين معها، والذين يقومون بإعادة نشر تلك الصور سواء بهدف مناقشها مع الأصدقاء من المتابعين  الآخرين أو بدافع مناهضة مضمون المحتوى الذي تم نشره من قبل التنظيم الإرهابي.

طبيعة المضامين التي يتم التعرض لها وأساليب التفاعل معها

كان أكثر مضمون اطلع عليه أفراد العينة لتنظيم داعش هو المنشورات الصحفية التي يعلن فيها التنظيم عن تبنيه عملية إرهابية ومسئوليته عن أعمال تفجيرية في أماكن مختلفة؛ حيث أكد 46% باطلاعهم الدائم على هذه المنشورات و41% بتعرضهم أحيانًا لها، جاء بعدها التقارير المصورة التي ينشرها التنظيم التي تعرض مظاهر التعايش والحياة في المناطق التي تقع تحت سيطرة التنظيم أو تلك التي تعرض تصوير العمليات التي يقوم بها أفراد التنظيم، حيث أكد 20.75% بتعرضهم الدائم لهذه التقارير و43% بتعرضهم أحيانًا لها، وجاءت الحوارات الصحفية سواء مع أعضاء التنظيم أو مع أسرى لدى التنظيم في المرتبة الأخيرة من حيث تعرض أفراد العينة لها فيما يتعلق بتنظيم داعش، أما تنظيم جبهة النصرة فكانت أكثر المضامين التي تعرض لها أفراد العينة هى تلك التي تتناول معارك أفراد التنظيم في مناطق الصراع حيث أكد 26.5% بتعرضهم الدائم لتلك المضامين و42.5% بتعرضهم أحيانًا لها، بينما لم يتعرض أيّ من أفراد العينة لأيّ أفلام وثائقية أو أناشيد حماسية أو حوارات صحفية لأعضاء التنظيم أو مع أسرى لدى التنظيم.

أما عن الإجراء الذي يقوم به أفراد العينة عند تعرضهم لأيّ من أخبار تنظيميْ الدراسة، أشار 30% بالمشاركة بفاعلية والتعليق عند التعرض لأخبار داعش بشكل دائم و39% يقومون بالمشاركة والتعليق أحيانًا بينما قال 31% من أفراد العينة أنهم لا يقومون بمشاركة الخبر أو التعليق عليه نهائيًا، بينما أشار 20.5% بقيامهم بإعادة نشر المادة الإعلامية بشكل دائم و24.5% بإعادة نشرها أحيانًا وأكد 55% أنهم لا يقومون بإعادة نشرها على الإطلاق، ويقوم 38.25% من أفراد العينة دائمًا بالاطلاع فقط على محتوى الأخبار و42.75% منهم يكتفون أحيانًا بعملية الاطلاع فقط على المحتوى، كما أشار 45.5% بعدم الاهتمام بالتفاعل مع أخبار تنظيم داعش المتطرف، وأشار 3% فقط من أفراد العينة بقيامهم بالحذف والحظر بشكل دائم لهذا المحتوى و15.25% يقومون بالحذف أحيانًا بينما قال 86.75% أنهم لا يقومون بحذف أو حظر المحتوى بعد الاطلاع عليه.

وبالنسبة للإجراء الذي يقوم به أفراد العينة عند تعرضهم لأيّ من أخبار جبهة النصرة؛ فقد أشار 23% بالمشاركة بفاعلية والتعليق عند التعرض لأخبار جبهة النصرة بشكل دائم و36% يقومون بالمشاركة والتعليق أحيانًا بينما قال 41% من أفراد العينة أنهم لا يقومون بمشاركة الخبر أو التعليق عليه نهائيًا، بينما أشار 10.7% بقيامهم بإعادة نشر المادة الإعلامية بشكل دائم و31.6% بإعادة نشرها أحيانًا وأكد 57.7% أنهم لا يقومون بإعادة نشرها على الاطلاق، ويقوم 36% من أفراد العينة دائمًا بالاطلاع فقط على محتوى الأخبار و37% منهم يكتفون أحيانًا بعملية الاطلاع فقط على المحتوى، كما أشار 34.6% بعدم الاهتمام بالتفاعل مع أخبار تنظيم داعش المتطرف ، وأشار 6% من أفراد العينة فقط بقيامهم بحذف أو حظر المضمون الذي يطلعون عليه لتنظيم جبهة النصرة.

ويتضح من النتائج السابقة اتفاق معظم أفراد العينة في عدم قيامهم بحذف أو حظر المحتوى المقدم من تنظيمي الدراسة، وهو ما يؤكد رغبتهم في حب الاطلاع والمتابعة مع تراوح التفاعل مع هذا المحتوى ما بين المشاركة والتعليق أو إعادة النشر أو مجرد الاطلاع على هذا المحتوى.

دور المضامين الإعلامية في تشكيل اتجاهات الجمهور نحو التنظيمات الإرهابية

بالنسبة لمدى مساهمة إطلاع أفراد العينة على المحتوى الإعلامي الخاص بتنظيمي الدراسة داعش وجبهة النصرة على تغير رأيهم حول التنظيم، أفاد 38.5% من أفراد العينة أن اطلاعهم على المحتوى الإعلامي لداعش أثر على رأيهم حول التنظيم، بينما أكد 61.5% لم يتأثروا بالمحتوى ولم يؤدي لتغير رأيهم حول التنظيم، أما عن تغير رأي أفراد العينة بعد اطلاعهم على المحتوى الإعلامي الخاص بجبهة النصرة فقد ذكر 16.6% أن رأيهم حول التنظيم قد تغير بعد الاطلاع على المحتوى الإعلامي الخاص بجبهة النصرة بينما 83.3% لم يتغير رأيهم حول التنظيم.

وبسؤال أفراد العينة عن كيفية تغير رأيهم بعد الاطلاع علي المحتوى الإعلامي الذي يقدمه تنظيما الدراسة، فرغم ما عكسته آراء معظم أفراد العينة على وجود موقف سلبي تجاه تنظيمي الدراسة وداعش بشكل خاص، إلا أن بعض أفراد العينة أعربوا عن تغير آرائه ايجابًا تجاه التنظيم بعد الاطلاع على هذا المحتوى من مصادر تنظيميْ الدراسة بشكل مباشر، فذكر بعض أفراد العينة أن رأيهم حول داعش تغير إيجابًا بعد الاطلاع علي المحتوى الإعلامي للتنظيم؛ حيث رأي البعض أن إصدارات تنظيم داعش توضح ما يجري فعليًا على أرض الواقع مما يفضح ضعف الدول الكبرى ويفضح الإعلام العالمي الذي وصفوه بالكاذب فيما يتعلق بتغطيات أخبار تنظيم داعش، والبعض أكد أن اطلاعه على المحتوى الإعلامي لداعش من مصادره مباشرة أدى لتعاطفه نسبيًا مع التنظيم وأفكاره وسياساته، بل وأصبح البعض يتبنى الرأي الخاص بالتنظيم والبعض ينتظر إصداراته وبياناته الرسمية بشيء من اللهفة حتى وإن كان له بعض الاستفهامات حول المسائل الشرعية المتعلقة بالتشدد، حتى أن أحد أفراد العينة ذكر (أن تشدد التنظيم أهون لدينا من ظلم الحكومات الفاسدة).

في حين ذكر البعض الآخر أن اطلاعه على إصدارات التنظيم والمحتوى الإعلامي الذي يقدمه داعش قد ساهم في تغير رأيهم ولكن بطريقة عكسية، فبعد أن كانوا يتبنون رأيًا متعاطفًا حول التنظيم وسياساته، اتضحت لهم وحشية التنظيم وتجاوزاته وتشدده الديني مما زاد من كراهيتهم لداعش وتأييدهم لكل محاولة لمحاربة التنظيم، بينما أكد البعض أن داعش بعيد كل البعد عن تمثيل الإسلام أو الحديث باسمه وأن ما يفعله ما هو الا مجازر وحشية تتعارض مع تعاليم الإسلام، وصنّف البعض التنظيم على أنه جماعات مسلحة مموله لأهداف سياسية، بينما وصفه آخرون بأنها جماعات إرهابية غبية ونهايتها حتمية وقريبة.

بينما ذكر أفراد آخرون أن اطلاعهم على إصدارات داعش كوّن لديهم رأيًا حول التنظيم؛ حيث بدا التنظيم في إصداراته كدولة منظمة وليس مجرد كيان محارب، دولة لديها مدارس وهيئات حكومية وأنظمة للفصل بين الناس ومتابعة أحوال للرعية بالإضافة إلى التسليح وتدريب الجنود وتأهيل الصغار للمعارك القادمة، فمن يتابع الإصدارات يدرك أن لتنظيم داعش وزنـًا فعليًا على الأرض حتى وإن كانت كيان فهي كيان ليس بهيّن أبدًا، أما جبهة النصرة فقد رأى أفراد العينة أنها ككيان تحاول أن يظهر أقل بطشًا وبأسًا فهى تحاول دومـًا أن تظهر نفسها كراعي للمدارس القديمة في الجهاد مع دعم موقفها وتوجهها بإظهار الحجج والبراهين الشرعية وتنجح في ذلك في كثير من الأحيان.

رأي أفراد العينة في وسائل الاعلام الجديدة والتقليدية التابعة لتنظيمي الدراسة

انتهت الدراسة إلى تفضيل أفراد العينة للقنوات الإعلامية المختلفة التابعة لتنظيميْ الدراسة، حيث فضل 31.25% من أفراد العينة متابعة صفحات تنظيم داعش على موقع تويتر، بينما فضل 24% متابعة المواقع الاليكترونية التي تهتم بنشر أخبار داعش و17.75% أشاروا لتفضيلهم الاطلاع على الصحف الصادرة عن التنظيم وبينما فضل 15.75% من أفراد العينة الاكتفاء بمتابعة أخبار التنظيم التي تنشر عبر وسائل الاعلام و11.25% يفضلون متابعة قنوات داعش على يوتيوب التي تقوم ببث مقاطع الفيديو الخاصة بالتنظيم وتقوم بنشر إصداراته المصورة. أما بالنسبة لتفضيل أفراد العينة في متابعة قنوات تنظيم جبهة النصرة ففضل 41.5% متابعة صفحات التنظيم على موقع تويتر و36.2% فضلوا متابعة المواقع الإلكترونية التي تقوم بنشر أخبار التنظيم، وبينما فضل 12.8% الاكتفاء بمتابعة الأخبار التي تنشر عن التنظيم بوسائل الاعلام، فإن 9.5% فضلوا متابعة قنوات التنظيم على موقع يوتيوب.

ويتضح مما سبق اتفاق أفراد العينة في تفضيل متابعتهم صفحات التنظيميْن على موقع تويتر في المقام الأول وكانت الأسباب التي ذكرها أفراد العينة عن تفضيلهم لصفحات تويتر:

-      سهولة المتابعة حيث اعتبر أفراد العينة تويتر أسهل القنوات في الوصول إلى المحتوى المقدم من تنظيميْ الدراسة، حيث يقوم أفراد العينة بمتابعة الحسابات التي تقوم بنشر أخبار التنظيم وحتى في حالة تعرض إحداها للحجب يقوم أفراد التنظيم بسرعة إطلاق حسابات بديلة والترويج لها، فضلًا أن التنظيم لا ينتظر الجمهور للبحث عن أخباره بل يخترق هو المجال ويصل لهم عبر استغلال الهاشتاجات الرائجة دون مجهود كبير من أفراد العينة في البحث عن تلك الحسابات.

-        فورية النشر لأخبار التنظيم سواء كانت هذه الاخبار عن العمليات التي يقوم بها مقاتلو التنظيم في أماكن الصراع المختلفة أو نشر البيانات الصحفية الصادرة عن القنوات الرسمية التابعة للتنظيم للإعلان عن تبني إحدى العمليات ونتائجها، فكان تويتر هو الوسيلة الأسرع في نشر البيانات الصحفية الصادرة عن التنظيم بنشر هذه البيانات على هيئة صورة يسهل تداولها عبر حسابات مختلفة خاصة بالتنظيم بإطلاقها عبر الهاشتاجات الرائجة حتى يتحقق لها الانتشار.

 

ويشير ما سبق أن تويتر كان بوابة العبور الأولى لتلك التنظيمات المتطرفة للوصول للجمهور واختراق العقول والتأثير عليها، حيث تتمتع شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام بعدد من المميزات التي سهلت استخدامها من قبل الجماعات المتطرفة كالتفاعلية وآنية النشر، وسهولة الوصول والاستخدام، وإمكانية متابعتها وإعادة المتابعة في أي زمان ومكان، إلى جانب تخويلها أي شخص بنشر المعلومات والوصول إليها، حيث تستخدم التنظيمات والجماعات الإرهابية هذه الوسائل لعدة أسباب أهمها أن لهذه الوسائل شعبية لدى الجماهير المستهدفة ومن ثم تسهل لهذه الجماعات عملية الوصول لهم، كما أنها بعيدة عن الرقابة والسيطرة الحكومية، بالإضافة إلى أن هذه المواقع سهلت لهذه الجماعات طرق أبواب الزوار على عكس المواقع الإلكترونية القديمة التي كان المتطرفون ينتظرون الزوار بأن يأتوا إليهم.

بينما جاء في المرتبة الثانية من حيث تفضيلات أفراد العينة للقنوات التابعة لداعش المواقع الإلكترونية التي تهتم بنشر أخبار التنظيم وكانت الأسباب التي ذكرها أفراد العينة سرعة النشر وتحديث الأخبار بشكل فوري، وتقديم تحليلات للأحداث وعدم الاكتفاء بتقديم الخبر مع إتاحة روابط إلكترونية صالحة لأطول فترة ممكنة، إدراج المصادر وإرفاقها بمقاطع الفيديو أو الصور، دقة المعلومات و التحري في النقل وعدم الاجتزاء وتقديم نصائح مستمرة للتغلب علي عدم القدرة للوصول لمصادر معلوماتهم ونشر روابط بديلة في حال عدم القدرة للوصول للموقع فضلًا عن رؤية بعض أفراد العينة لمصداقية هذه المواقع في نشر الحقيقة بدلًا من تزييفها عبر تغطيات وسائل الإعلام العالمية لبعض الأحداث والتي وصفوها بعدم المصداقية، حيث رأى البعض أن جميع تغطيات وسائل الاعلام عن داعش ملفقة وكاذبة، ولعل أهم ما يميز الكثير من المواقع الإلكترونية التي تروج للتطرف والعنف والإرهاب أنها دائمة التجدد وتلاحق الحدث.

بينما جاء تفضيل أفراد العينة لموقع يوتيوب لكلا التنظيميْن في المرتبة الأخيرة وكانت الأسباب وراء ذلك صعوبة الوصول للقنوات التي تقوم ببث مقاطع الفيديو الصادرة عن التنظيمات الإرهابية بسبب الإجراءات الفورية التي يتخذها الموقع بحجب القناة فور الإبلاغ عن المحتوى المتطرف المنشور عليها.

وقد أوضحت الدراسة رأي أفراد العينة وتقييمهم لمدى نجاح تنظيميْ الدراسة في وضع استراتيجيات إعلامية ناجحة استطاعت أن تحقق أهداف هذه التنظيمات وتتغلب على العقبات التي تتعرض لها عند تقديم المحتوى الإعلامي الخاص بها؛ ففيما يتعلق بتنظيم داعش فقد رأي ما يقرب من 52% من أفراد العينة أن التنظيم ينجح في التغلب على إجراءات الحذف والإغلاق التي تتعرض له قنواته، بينما رأي 48% عدم قدرة داعش على التغلب على حملات المواقع الكبرى لإغلاق وحجب قنواته، ورأى ما يقرب من 77% من أفراد العينة أن داعش استطاع أن يتبع سياسة إعلامية ناجحة ويستطيع توصيل صوته للرأي العام، واتفق جميع أفراد العينة علي أن داعش يقدم مادة إعلامية علي قدر عالٍ من الاحترافية والمهنية، ورأى 82% أن داعش نجح في توظيف واستغلال الاعلام بشقيه الجديد والتقليدي لخدمة أهدافه بشكل كبير، كما رأى معظم أفراد العينة 90% أن داعش نجحت في فرض الخطاب الإعلامي المتطرف واستطاعت الوصول للجمهور.

أما فيما يتعلق بتقييم أفراد العينة لتنظيم جبهة النصرة فكان رأيهم مختلفًا إلى حد كبير وملحوظ عن تقييم سياسات داعش وقدراته الإعلامية، حيث رأي 76.5% أن جبهة النصرة لم ينجح في التغلب على إجراءات الحذف والحجب، بينما رأي 82% أن جبهة النصرة لم يكن لديه القدرة على اتباع سياسة إعلامية قوية وناجحة تخدم أهدافه بعكس داعش، و58.2%من أفراد العينة رأوا أن التنظيم لم يقدم مادة إعلامية على مستوى المهنية والاحترافية التي اتصف بها المنتج الإعلامي لتنظيم داعش، 64% أقروا أن التنظيم لم ينجح في توظيف الاعلام بشقيه الجديد والتقليدي بالشكل الذي يخدمه ويحقق أهدافه، بينما رأى 72.2% أن القنوات الإعلامية لجبهة النصرة لم يكن لها دور في فرض الخطاب الإعلامي المتطرف.

ويتضح مما سبق اتفاق معظم أفراد العينة على أن المحتوى الإعلامي لتنظيم داعش بدا أكثر قوة واحترافية ومهنية من المحتوى الإعلامي الخاص بتنظيم جبهة النصرة، حيث ساهم إعلام داعش بشكل كبير في إظهار قوة التنظيم وبطشه وبث حالة من الرعب والفزع، حتى أن داعش تمكن من فرض أخباره على أجندة الإعلام العالمي لما يتمتع به محتواه الإعلامي من عناصر الإبهار والاحترافية، فعند المقارنة بين داعش وجبهة النصرة من حيث بث الدعاية الإعلامية نجد أن داعش يمتلك استراتيجية اتصالية غير عفوية أو تلقائية، وهى أكثر تماسكًا وفعالية وتأثيرًا من تلك التي تبناها تنظيم جبهة النصرة.

وأبرزت الدراسة رأي أفراد العينة في مدى مساهمة تغطية وسائل الاعلام العالمية لأخبار التنظيمات الإرهابية في زيادة متابعة أفراد العينة لتلك الأخبار والمساهمة في نشر أخبارها على نطاق واسع، حيث رأى 43.5% أن تغطية وسائل الإعلام العالمية لأخبار داعش ساهم في متابعته لأخبار التنظيم وزاد من انتشار أخبار التنظيم على نطاق واسع، بينما لم يتفق 18.5% مع هذا الرأي، و38% تبنوا الرأي المحايد بشأن دور تغطية وسائل الاعلام العالمية لأخبار داعش.

أما جبهة النصرة فرأي 28.6% من إجمالي المبحوثين أن تغطية وسائل الأعلام لأخبارها زاد من متابعتهم لأخبار التنظيم بينما لم يتفق 33.4% مع هذا الرأي وتبنى 38% الرأي المحايد، ويتضح مما سبق اتفاق معظم أفراد العينة على الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام في نشر أخبار التنظيمات الإرهابية ومساهمتها في زيادة متابعة أفراد العينة لتلك الأخبار بغض النظر عن تقيمهم لهذه التغطية ومدى صدقها أو دقتها.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟