دراسة في الأبعاد والمستويات .. النظريات النقدية الجديدة المفسرة للأمن
يناقش هذا
المقال الإشكال التالي:- كيف تنظر مدارس الأمن النقدي لإشكالية الأمن والتهديدات المتعلقة
به؟ ومحاولة للإجابة على الإشكال تم تقسيم المداخلة إلى محورين أساسيين.
نناقش في المحور أهم مدارس
مقاربات الأمن النقدي من خلال التركيز على مدرسة كوبن هاغن والقطاعات الخمس للأمن
التي يقدمها باري بوزان، لذا يعرض هذا المحور كيفية توسيع مفهوم الأمن من خلال هذه
القطاعات.
أما المحور الثاني: فحاولت
الدراسة إعطاء المفهوم المعمق للأمن الذي يمثل مستويات التحليل الأمني، وكيف تحدى
الإطار التقليدي المتمثل في الدولة إلى مستوى الفرد والمجتمع والإقليم والتي أصبحت
مستويات في غاية الأهمية
وفي نهاية
الدراسة والتحليل تم إعطاء مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات التي توصلت إليها
الدراسة.
مقدمة
يعد الأمن من أصعب المفاهيم التي يتناولها التفسير
العلمي, فهو أحد أبر مفاهيم العلاقات الدولية التي لا تزال تتميز بالغموض هذا ما جعله
يفتقد لتعريف دقيق ومحدد بشكل تام, وفي ذلك يرى باري بوزان أنه مفهوم - معقد –
ينبغي تعريفه الإلمام بالعديد من الأشياء من بينها السياق السياسي للمفهوم مرورا بالأبعاد
المختلفة للأمن و الغموض الذي يغطيه يرتبط بتطبيقه في حقل العلاقات الدولية1،فالأمن
يحوي بعض العناصر المعيارية التي لا يمكن الاتفاق على تعريفها سواء نظريا أو
بالاعتماد على البيانات التجريبية , كما أن مصطلح الأمن ورد في القرآن الكريم
كمقابل لمصطلح الخوف وذكر *هذا المصطلح في مواضع كثيرة من القرآن وهذا نظرا لأهميته
في التشريع الإسلامي يعرف ارنولد ولفرز الأمن *وليسمان* يقدرا الأمن بالمعنى
الموضوعي بغياب التهديد للقيم المكتسبة و بالمعنى الذاتي غياب الخوف من أن تهاجم
هذه القيم.
تأسيساً على ما سبق من اختلاف في تقديم تعريف دقيق
لثنائية الأمن وتهديد, وتفادي الخوف في إعطاء تعريفات لكلا المصطلحين، وما يثيران
من خلافات سنحاول مقاربة المفهومين طبقا لما ورد عن مفكري العلاقات الدولية
والمقاربات الجديدة للأمن وعلى هذا الأساس نطرح الإشكال التالي:
- كيف تفسر أهم مقاربات الأمن النقدي إشكالية الأمن والتهديدات
المرتبطة به وأهم مستويات التحليل الأمني؟
يكتسي
هذا الموضوع أهمية بالغة كونه يدرس أهم التهديدات الأمنية التي تعصف بالمنطقة
المغاربية ويعد موضوع التهديدات الأمنية الجديدة في صلب وكنه التخصص وهو الدراسات الإستراتيجية.
كما اعتمدت الدراسة على محورين تمثلا في ما يلي:
المحور الأول- توسيع الدراسات الأمنية
دخلت دراسات الأمن النقدي حقل
الدراسات الأمنية في بداية التسعينيات التي زعزعت المنطلقات النظرية لدراسات الأمن
القومي بالتركيز على أمن الفرد بدل أمن الدولة.
أ- أهم المدارس الثلاث للأمن النقدي
برزت
ثلاث مدارس أساسية هي: مدرسة باريس,مدرسة ابرستويث (ويلز) ومدرسة كوبن هاغن .
1/مدرسة باريس للدراسات
الأمنية: ركز
دراسات الأمن النقدي على مواضيع الأمن الداخلي كتقنية حكومية2 ،ظهرت في
باريس وركزت على المستويات الدنيا للأمن كالجريمة والاختطاف و التهديدات المرتكزة
على الأمن المجتمعي و كالجريمة المنظمة, نقاط العبور, موجات شغب والعنف والاحتجاج ومع
بروز العولمة وتلاشي فكرة الحدود الوطنية برزت الاتجاهات النقدية في الدراسات الأمنية
وظهرت معها عدة مدارس منها مدرسة باريس,ممثلة العديد من الأفكار أهمها :
- دمج الأمن الداخلي و الخارجي هذه العملية يعتبرها رواد
هذه المدرسة بمثابة توسيع أنشطة الأمن الداخلي وإضفاء الطابع المحلي على الأمن
الخارجي كتوسيع نشاط الأمن الداخلي بتصدير أسلوب الشرطة على المستوى الدولي
(الشرطة العالمية – انتربول-) والعكس بإضفاء الطابع المحلي على الأمن الخارجي من
خلال الميزة الروتينية للعملية العسكرية على الساحة العالمية2 .
- توجيه نقد لاذع للدراسات الأمنية التقليدية التي أهملت
دور ممتهني الأمن الذين تعتبرهم هذه المدرسة بمثابة التمثيل العملي للدراسات الأمنية
ويشير – فيغو- إلى الفواعل والأجهزة والتقنيات
المنتجة للحقيقة الأمنية من خلال البيانات والأرقام والمعلومات بهدف بناء استراتيجيات
أمنية بالإضافة إلى ممارستها لفعل القوة و الإكراه.3
2/ مدرسة ابريستويث (ويلز): ركزوا في إعادة تعريفهم للأمن
على ثلاث بنى فكرية كان أولها فكرة الانعتاق. EMACIPATION .
- البناء
الأول هو الانعتاق كموضوع للدراسات الأمنية ويمثل قلب النظرية للامن العالمي حسب -كين بوث-KIN BOOTH:
يسعى الانعتاق إلى الحرية من جميع القيود و كل أشكال
الاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي 4
- البناء
الثاني هو الأفراد هم الموضوع المرجعي أو الوحدة المرجعية للأمن :
يرون أن الدولة تكون أحيانا سبب
انعدام الأمن, وبتالي وضع الفرد كمرجعية مركزية لتحليل الأمني يؤدي إلى صعود جملة
من التهديدات كالعنف الجسدي والاضطهاد والتهميش والبطالة وهو كفاح مستمر ضد الأمن
من خلال سعي الأفراد للانعتاق من مثل هذه الظروف، الحقيقة الأمنية مثل ما
يعتبرها مفكرو هذه المدرسة لن تكون من
فراغ, كما أنها ليست مجرد قرارات, بل تعبر عن تضارب أفكار وقيم وتقليد, ومصالح
مختلفة داخل الإطار المؤسسي, ويعتبر الانعتاق شرط أساسي في المؤسسات الأكاديمية
وهو ما ذهبت إليه –ريتاتوراك- في تحليلها لأعمال هذه المدرسة "ابريستويث"
5
3/مدرسة كوين هاغن والأمن الموسع: قبل الخوض في مهمات هذه المدرسة
في مجال الدراسات الأمنية يجب الإشارة إلى الاختلاف في التصنيف النظري بين
الباحثين حول المدرسة داخل حقل العلاقات الدولية التي أفرزت ثلاثة توجهات أي ثلاثة
تصنيفات .
الأول,
يصنفها داخل الاتجاه الواقعي بسبب كون المفكر باري بوزان أحد أقطاب هذه المدرسة
والمحسوب على التيار البنيوي، والتصنيف الثاني هو ضمن الاتجاه البنائي
وذالك لتقاطعها مع التوجهات البنائية بتركزها على متغير الهوية بطرحها للأمن
المجتمعي، والتصنيف الثالث هو ضمن المقاربة النقدية الذي يعنى بالفرد والمجمعات
كإطار مركزي للتحليل، بدأت دراسات الأمن في التوسيع في إطار مدرسة كوبن هاغن مع كتابات
بري بوزان من خلال كتابه الموسم بـ: الافراد, الدولة والخوف: مشكلة الأمن الوطني
في علاقات الدولية عام1983 ناقش فيه فكرة توسيع مفهوم الأمن ليشمل عدة قطاعات
السياسية ,الاقتصادية ,الاجتماعية 6والبيئية، من خلال كتاباته هذه إلى أن
يكون هذا التوسيع خارج حقل الدراسات الإستراتيجية التقليدية وضمن الدراسات الأمنية
الموسوعة.7
عام1998في
محاولة جماعية في توسيع وتعميق الدراسات الأمنية هو كتاب الأمن إطار جديد للتحليل
جمع كل من باري بوزان و-اولي وايفر- و-جاك دويل- تم وضع مجموعة من التصورات حول الأمن
انطلاقا من تعريفه الموسع, حيث قال بوزان بضرورة توسيع الأمن.8
تم
توسيع الأمن ضمن مدرسة كوبن هاغن من خلال مرتكزين أساسيين (لباري بوزان) وهما مصطلح
القطاعات والمستويات القطاعات الأمنية الجديدة المتمثلة في خمسة قطاعات بين من
خلال هذه القطاعات الأساسية العديد من
أنواع التهديدات وفيما بعد تعرض الدراسة المستويات.
ب- القطاعات الخمس للأمن حسب مدرسة كوبن هاغن:
ركزت مقاربة باري بوزان كما
ذكرت الدراسة سالفا أنها تركز على القطاعات الجديدة للأمن على غرار الأمن العسكري
وهي الأمن السياسي،الاقتصادي،الاجتماعي والبيئي مؤكدا على ارتباطها ببعضها وتفكيك
كل قطاع على حدا بهدف معرفة كيفية تأثير كل قطاع منها على باقي القطاعات الأخرى مع
تعقيد وتركيب هذه العملية المنهجية من "الجزء إلى الكل"9 يراها بري يوازن فكرة جيدة للتعاطي مع ما يسميه
بمشكلة أو معضلة الأمن الوطني, تمثل الأمن حسب باري بوازن في خمسة قطاعات وهي
كالتالي:
1/القطاع العسكري: يقصد به الأمن في مفهومه الصلب والذي يشمل التهديدات العسكرية
التي تمس جميع مكونات الدولة ومؤسساتها وسلامة مواطنيها ويشغل هذا القطاع بقاء
الدولة والفاعل بين قدراتها العسكرية الهجومية والدفاعية وإدراك النوايا اتجاه
بعضها البعض, وبتالي يخص هذا القطاع المستويين المتفاعلين للهجوم المسلح والقدرات
الدفاعية للدولة.
3/القطاع السياسي: يقصد به مدى استقرار أنظمة الحكم ومؤسسات الدولة وشرعيتها
وشرعية إيديولوجيتها.
ضمن
هذا القطاع نلمس ثلاث مرجعيات أمنية هي:الدولة, الأنظمة الدولية(الآسيان والاتحاد الأوروبي
مثلا) الحركات العابرة للحدود الوطنية (الكنيسة الكاثوليكية والدين الإسلامي) فيمكن
للسيادة مثلا أن تهدد موضوعيا بأشياء كالاعتراف أو الشرعية أو السلطة الحاكمة. 10
تهديدات
القطاع السياسي تأخذ بعدين احدها داخلي ويشمل كل ما يتعلق بالمساس بقيم الديمقراطية
وجميع الحركات التي تستهدف وتناهض وتعارض مؤسسات الدولة ورموزها, أما البعد الخارجي
فيتعلق بمدى تأثير النظام الدولي في الدولة كوحدة سيادية.
4/القطاع الاقتصادي: على مستوى هذا القطاع تتعد
الوحدات المرجعية من الإفراد إلى الدول إلى النظام الاقتصادي العالمي بمختلف
معاييره لكن الارتباط الأول هو قدرة الدول على توفير الموارد الطبيعية وقدرتها على
تلبية متطلبات سكانها بما يضمن لهم المستوى المعيشي المقبول الذي يجنبهم الوقوع في
الفقر والبطالة, أما على المستوى الدولي يرتبط بمدى قدرة الدول على الوصول إلى
الأسواق العالمية والتمويلات الضرورية للحصول على مستويات مقبولة من الرفاهية و
السلطة في النظام الدولي.
لأنه
كما يوضح باري بوزان أن الوضع الطبيعي للفاعلين في اقتصاد السوق هو المخاطرة
والمنافسة العنيفة واللايقين كمثال: الضغوط التي تمارسها الشركات الدولية على
مؤسسات الدول وتحكمها في مستويات تمويل وضررها بالاقتصاد الوطني لذا لا يمكن
اعتبارها ضمن رهانات الأمن الوطني 11
بالإضافة
إلى كل هذا يضيف باري بوزان ويشير إلى الترابط المهم بين الأمن الاقتصادي والأمن
العسكري, وكيف أن الأمن العسكري تابع للأمن الاقتصادي بسبب القيود التي يفرضها
الاقتصاد على ميزان الدفاع والأمن 12
4/ القطاع الاجتماعي: يعتبر المجتمع كيانا قائما
وموضوعا متميزا للأمن والأمن المجتمعي واحد من اهم قطاعات برنامج البحث في
الدراسات الأمنية يتمحور الأمن الاجتماعي حول الهوية اي ما يطلق على جماعة معينة
ضمير ( نحن ) في مقابل الآخرين والذي قد يكون تهديدا موضوعيا لهذه الهوية التي
تمثل امة, اثنيه أو جماعة دينية وهذا النوع من الأمن متعلق بالهوية والانتماءات الثقافية،
الدينية والعرقية وبالتالي هو اعقد الأمون في القطاعات الخمس لباري بوزان
القطاع
المتعلق بالأمن المجتمعي: جد معقد لأنه يتعامل مع الهويات التي تعتبر ذاتية وذات بناءات سياقية مما يقود في اغلب الأحيان إلي
تبني سياسات عنصرية اقصائية13 وهذا ما يولد عدة مشاكل وصراعات مستعصية
على الحل ومصدرها هي النزاعات الأمنية والعرقية فعندما تحس مجموعة بالا أمن إزاء
محيطها الإقليمي فذلك يؤدي إلى ما يسميه باري بوزان بالمأزق المجتمعي ( مأزق أمني
مجتمعي ) الذي يعتبره مولر ناتج عن غياب الأمن المجتمعي وسيكون نتيجة إحساس هذه
المجموعة بمساس أحد مكونات هويتها كالدين,اللغة, الثقافة, العادات والتقاليد.14
ما
سبق ذكره جعل باحثي مدرسة كوبن هاغن يؤكدون على أن مفهوم الأمن ليس ثابتا وبالتالي
هو ديناميكي ويتشكل عبر الممارسة الوطنية فهو بناء اجتماعي, ووضعوا المجتمع كموضوع
مرجعي للأمن في مواجهة الدولة التي أصبحت تعتبر المصدر الأساسي للتهديد 15
5/ القطاع
البيئي: يعنى
بالحفاظ على المحيط والمجال الايكولوجي المحلي والعالمي وحماية البيئة من
الممارسات البشرية المتسببة في العديد من ظواهر التدهور الايكولوجي كالاحتباس
الحراري , التلوث والجفاف كحوصلة
للمحور الأول من الدراسة يمكن القول في إطار توسيع مفهوم الأمن حسب الاتجاهات
النقدية والمدارس الثلاث التي تمكنت من إدخال العديد من المفاهيم والأدوات
التحليلية الجديدة إلى حقل الدراسات الأمنية كما ساهمت في بلورة مفهوم موسع جدا
للأمن, حيث لم يصبح الأمن هو الحماية من التهديدات والسيطرة المجتمعية, وهو ما
انعكس على الخطابات الأمنية والتغيرات في مجال الأمن ليشمل عدة قطاعات حسب مدرسة
كوبن هاغن وتحويل الأمن من موقع دفاعي والحماية من التهديد إلى موقع هجومي بتوقع
مصدر التهديد و استباقه عبر الطريق التكنو استراتيجي وتعيين المصادر المحتملة
للتهديد حسب ما ذهبت إليه مدرسة باريس أو تحقيق امن الأفراد بتحررهم من جميع
القيود عن طريق المراكز الأكاديمية الموجهة للأمن بهدف حماية الفرد وهو ما جادلت
فيه مدرسة ابريستويث.
المحور الثاني- مستويات التحليل الأمني: تعميق الدراسات الأمنية
قبل الخوض في تعميق حقل الدراسات الأمنية
ومرجعية التحليل الأمني استنادا إلى المقاربات التي تحدثت عن مستويات التحليل الأمني،
وفي سياق التهديدات الأمنية الجديدة يعد روبرت كابلن أهم باحث أشارة إلى القارة
الإفريقية والى تهديدها بالعديد من الظواهر كالندرة، الجريمة،العشائرية والأمراض
ومهددات النسيج الاجتماعي كما قال كابلن واعتبر القارة الإفريقية أكثر طردا للسكان
جراء المشاكل المركبة ذات الطبيعة الاقتصادية، السياسية والاجتماعية ويضيف في ذات
السياق بأن البيئة تلعب دور القوة المعادية وكذا الصراع على الموارد هو السبب
الرئيسي للمشاكل والتهديدات في القارة الإفريقية 16.
إن
معانات القارة الإفريقية من كل هذه المشاكل جعلها مصدرا للقلق المتنامي على الأمن
الوطني، الإقليمي أو حتى العالمي وبالتالي ستكون هاجس المستقبل بتعبير -روبرت
كابلن-.
1/مستوى
الفرد والمجتمع: أصبح امن الدولة غير ممكن دون تحقيق امن الفرد وتنمية عوامل
رفاهيته وهو ما تترجمه التشريعات الدولية خاصة مشاريع الأمم المتحدة والعديد من
الاتفاقيات الدولية وأدانت كل أشكال العنصرية والتميز وكل جريمة ضد الفرد تعتبر
انتهاكا ضد الأمن العالمي هو ما سوف تشير إليه في مطلع هذا المحور وذالك بدراسة الإبعاد
المختلفة للأمن المتمثلة في امن الفرد(الأمن الإنساني والمجتمعي ),الأمن الوطني
القومي, الأمن الإقليمي (مركب الأمن الإقليمي) والأمن الدولي وهو المستوى الأخير
في مستويات الأمن وبالتالي تنطلق من أضيق لأمن مستوى ما أنتج لنا تعميق مفهوم الأمن
.
يعرف
الأمن على مستوى ما تحت دولتي بأنه أضيق الآمون واعقدها فامن الفرد أصبح تابعا لمفهوم
الأمن الإنساني, وذالك نتيجة للعديد من الأسباب أولها التحول في مصادر التهديد
لفترة ما بعد الحرب الباردة الذي كشف عن عمق مشاكل الأمن الإنساني(المخدرات,
الجريمة, الإرهاب الدولي والفقر) وثانيا التغير في طبيعة النزاعات الدولية
وتزايدها من خلال تراجع النزعات التماثلية وبروز التهديدات اللاتماثلية وأصبحت
الصراعات داخل الدول القومية أكثر منها بين الدول كالحروب الأهلية، بوراندي
والسودان وهي صراعات معقدة لأنها تتعلق بالهوية والدين, فبين عامي1990-2001 شهد
العالم 57 صراعا داخليا 17
فاليوم أصبح الإنسان محورا أساسيا في أي عملية تنموية
تهدف إلى تحقيق الأمن الوطني وهو الإطار النظري الذي سيسمح بتحليل الواقع المغربي
خاصة في الحديث عن الأمن المجتمعي مثلما تحدثنا عليه سالفا وذالك لخصوصية هذه
المنطقة.
2/المستوى الإقليمي: فسوف نتحاشى الحديث عن مستوى
الدولة لان الواقعية تحدثت وركزت عن هذا المستوى وهو النقد الموجه لها من طرف
المنظور النقدي وبالتالي يمكن في هذا الإطار الحديث عن الأمن الإقليمي الذي هو
عبارة عن تنظيم مركب من عدد محدود من الدول تجمعهم المصالح المشتركة, تهدف إلى دعم
ركائز وأسس الأمن الإقليمي ومن ابرز النماذج عن هذا المستوى مجلس التعاون الخليجي
ومنظمة جامعة الدول العربية كمنظومة إقليمية أوسع.
يعتبر
هذا المستوى من أهم المستويات التي تطرقت لها مدرسة كوبن هاغن بالدراسة والتحليل
وهي -المجمعات الأمنية- كمقاربة للأمن الإقليمي الذي اعتبرها بوزان ظاهرة علائقية
فلا يمكن لأحد أن يفهم الأمن الدولي لأي دولة بمعزل عن سياقاته الإقليمية 18
هذا
المستوى طرحه باري بوزان وأطلق عليه اسم المركب الأمني الإقليمي فالأمن الوطني الجزائري
لا يمكن عند دراسته وتحليله اعتماد مستوى معين لان ديناميكيات الأمن مركبة بالأساس
ولا يمكن لها تحقيق أمنها بعيدا عن هذا المستوى الإقليمي ألمغاربي.
3/ المستوى الدولي: فكرة نظرية الأمن الدولي انه أي
اعتداء يقع على أي دولة تعد اعتداء على الجماعة الدولية ,ولا تقع مسؤولية رد
الاعتداء على دولة لوجدها بل هي مسؤولية جماعية,وتضامن المجتمع الدولي لأول مرة
وبعد الحرب العالمية الأولى بإنشاء عصبة الأمم وبعدها جاءت هيئة الأمم المتحدة كهيئة عالمية شهر على تكريس واحترام القانون
الدولي وحفظ السلم والأمن العالميين جراء ما لحق بالعالم من خسائر مادية وبشرية
خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
استنتاجات
§
أخذ الأمن صيغ ومدلولات جديدة وأصبح
أكثر اتساعا وشمولية من خلال دخول أبعاد جديدة تحوي الأمن بمفهومه الصلب والناعم
§
يقدم باري بوزان مفهومه للأمن
على انه تصور شامل قوامه العلاقة الجدلية القائمة على عدة مستويات هي الفرد ,
الدولة والنظام الدولي بالرغم من ارتكازه على امن الدولة .
§
أكد باري بوزان على ضرورة تجاوز
المفهوم التقليدي للأمن حيث أعطى قطاعات عديدة للأمن والدول القوية حسب بوزان هي
شرط بقاء الفرد و الدولة
§ انتشرت فكرة التجمعات الإقليمية ذات الطابع الأمني وذالك جراء تنوع وتزايد التهديدات الأمنية, حيث أضحى من غير الممكن أن نجد منطقة في العالم تخلو من مثل هذه المنظومات الأمنية الإقليمية وعلى هذا الأساس أصبح مستوى تحليل أساسي في الدراسات الأمنية .
الهوامش
1-
سليمان عبد الله الحربي, مفهوم الأمن, مستوياته وصيغة وتهديداته: دراسة نظرية
المفاهيم والأطر المحلية للعلوم السياسية, العدد 19, صيف
2008, ص.09.
2-
سيد احمد قوجيلي الدراسات الأمنية النقدية: مقربات جديدة لإعادة تعريف الأمن ,عمان , الأردن, المركز الإعلامي
للدراسات السياسية, ص.ص59-60
3-
الحامدي عبدون ,امن الحدود وتداعياته الجيوسياسية على الجزائر مذكرة مقدمة , لنيل
شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية , تخصص دراسات سياسية
مقارنة,جامعة المسيلة,2015, ص.26-27
4-Ken booth; theory of world security, New York Cambridge university
press, us, 2007, p.112
سيد احمد قوجيلي ,مرجع سابق ,ص.ص. 39-41-5
6-Booy
buzan, people, states and fear: An Agenda for international studies
in the post cold war era, 2nded, Boulder, co: lyne rienner publishers, Inc, 1991, p.116-140.
7-Ibid, p,23.
8-Charles Philppu David
et jean jacques Roche, théories
de la sécurité paris :Mont chrestien,
2002,p.97.
9-Barry
Buzan, New Pattensof Global Security in the Tweuty-First
century ,International Affairs,1991,p.433.
10-Barry
Buzan, Rethinking Security after thecold war, cooper –ation
and conflict,1997,p:16.
11-
قسوم سليم ,الاتجاهات الجديدة في الدراسات الأمنية :دراسة في تطور مفهوم الأمن عبر
نظرات العلاقات الدولية ,رسالة ماجستير في العلوم السياسية و ع.د تخصص الإستراتيجية
والمستقبليات جامعة الجزائر3 ,2014ص.113
12-
المرجع نفسه.
13-
قسوم سليم المرجع السابق,ص.114.
14-
تاكايوكي مامورا, مفهوم الأمن في نظرية العلاقات الدولية, تر:عادل زقاغ, موقع
سياسة على الرابط rttp://politics-ar.com /ar2/:3045 التالي:
15- المرجع نفسه.
16-Robert D.Kaplon ,the coming Anarchy How
xarity, crime, over populion, tribalism and disease are rapidly destroying the
social fabric of our planet ,from the web sit:www.theatlantic.com
/1994/th-coning-anarchy/4670/.
17- Human development Report1994,by united
nations development programme (UNDP),New York: Oxford University
Press,1994,p.25.
18- قسوم سليم، مرجع سابق, ص.115.