المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
ريم عبد المجيد
ريم عبد المجيد

تغيرات متوقعة .. تداعيات مقتل البغدادي على سلوك الناخب الأمريكي

الأحد 10/نوفمبر/2019 - 05:25 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

في خضم المعركة من أجل البقاء في السلطة، التي يخوضها الرئيس الأمريكي مع منافسيه من الديمقراطيين الذين يدفعون باتجاه إقالته، جاء الإعلان عن نجاح عملية قتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي ليمثل ضربة لصالحه وبخاصة وأنه بحاجة لتحقيق انتصارات تقوى من فرص إعادة انتخابه مرة أخرى من قبل الناخب الأمريكي. وقد انقسمت الرؤى حول تأثير هذه العملية على فرص فوز الرئيس ترامب فرأى البعض أنها لن تحسن من موقفه أمام الناخبين بعد الحملة التي خاضها الديمقراطيون ضده، ورأى آخرون أنها تدعمه.

تأسيسًا على ذلك سيتم تناول الرؤى المتباينة حول تأثير هذا الحدث على فرص الرئيس ترامب في الانتخابات القادمة 2020 مع التركيز على تأثيره على الناخب الأمريكي في ظل وجود عدة دراسات ونظريات تؤكد أنه سيدفع الناخب لتأيده وكذلك وجود تجربة مماثلة سابقة للرئيس الأسبق جورج بوش.

ردود أفعال الداخل على قتل البغدادي

كان رد الفعل بين كل من المنافسين الديمقراطيين والجمهوريين متوقعًا ومتسقًا إلى حد كبير من حيث الإشادة بالأخبار وبمجال الاستخبارات لتحديد موقع البغدادي وفريق القوات الخاصة لقيامهم بالغارة، ولكنهم اختلفوا حول الموقف من الرئيس ترامب. فقد قام المحافظون بالإشادة بقدرته على القضاء على زعيم إرهابي هدد استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط وقاد تنظيمًا أثارت عملياته وأعضاءه خوف شعوب العالم وبخاصة الشعب الأمريكي المصاب بفوبيا من الإسلام والمسلمين فيما يعرف بالإسلاموفوبيا، إلى حد وصفهم ترامب بالرئيس العظيم العبقري. (1)

أما الديمقراطيون فقد انتقدوا الرئيس ترامب نقدًا متباينًا، فانتقد البعض نسب هذا الانتصار لنفسه، بحجة أن الغارة كانت ستنجح بوجوده أو غيابه وليس بسببه، ورأى آخر إن العملية اعتمدت على الحلفاء بشكل أكبر ، واجتمع البعض على نقد عدم اخطار الكونجرس بهذه العملية كونها ليست مجرد قضية خلافية بين الأحزاب بل هو الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية. ورأى أخرون أن نجاح عملية قتل البغدادي لا تنفي عن سياسة ترامب الخارجية سمة الكارثية.(2)

وقد انعكس الاختلاف في الرؤى على اعتقاد كلا الفريقين بتأثير قتل البغدادي على موقف الرئيس ترامب الانتخابي، فرأى المحافظون أنه سيسهم في ترجيح كفته على حساب منافسيه، بينما رأي الديمقراطيين أنه ليس بانتصار حققه هو بل حققته أجهزة الاستخبارات الأمريكية ومن ثم لن يؤثر إيجابًا لصالحه في الانتخابات القادمة.

التأثير على السلوك التصويتي للناخب

يعتقد المواطن الأمريكي أن المسلمين هم بإرهابيين وبخاصة العرب منهم، فقد أشارت عدة استطلاعات للرأي أن المواطن الأمريكي يراهم مصدرًا للتهديد الشخصي والقومي، إلى حد أن أصبح ليس فقط من يحمل ديانة مسلم هو مصدر خوف وتهديد بل من يتحدث العربية أيضًا، إلى حد يدفعهم لتأييد احتجاز أو استجواب متحدثين بالعربية فقط بسبب ارتباطهم اللغوي. أي أصبح هناك ارتباط شرطي بين الإسلام و/أو اللغة العربية من جانب والإرهاب والخوف من جانب آخر لدى المواطن الأمريكي. وعلى ذلك يصبح التخلص من زعيم تنظيم إرهابي يقدم نفسه كخليفة للمسلمين، إنجازًا كبيرًا في نظر المواطن يدفعه لتأييد والإشادة بمحققه –وإن كان مختلفًا عنه إيديولوجيًا- كونه حفظ أمنه وأزال عنه مصدرًا للخوف.

وفي هذا الصدد أشارت دراسات عدة إلى أن السلوك التصويتي للناخبين وتوجهاتهم الأيدولوجية تتأثر بالبيئة المحيطة بهم وتتأثر بالعوامل الظرفية، مثل التهديدات الإرهابية، والسياقات التي يعيشون فيها، بما يدور فيها من أحداث كبرى. وأشارت تلك الدراسات إلى أن التهديدات الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن تزيد التعصب الاجتماعي نحو توجه سياسي معين.(3) وخلصت إلى أن الليبراليين عند تعرضهم لمواقف تمثل تهديدًا بالموت أصبحوا أكثر ميلًا للمحافظة، حيث أظهروا قدرًا أكبر من التأييد لعقوبة الإعدام ورفض الإجهاض، كما أصبحوا غير مؤيدين بشدة للمثليين جنسيًا كما كان المحافظون. ويزيد من توجههم نحو حمل الأسلحة والدعوة لتقنين ذلك حتى يتمكنوا من حماية أنفسهم، ومن ثُم يمكن القول إن التهديدات الإرهابية والمجتمعية تجعل الليبراليين أكثر تحفظًا عند تعرضهم للتهديد.(4)

وتناولت دراسات أخرى أثر الهجمات الخارجية على تأييد القادة وبخاصة أحداث  الحادي عشر من سبتمبر 2001، فتوصلت إلى إن التذكير بالموت والإرهاب ورؤية مشاهد الدماء وجثث القتلى، يزيد من جاذبية الآراء والقادة المحافظين وتأييد الأفراد لهم، وكذلك أكدت على وجود علاقة ارتباطية موجبة بين التحذيرات الإرهابية وتأييد الرؤساء، حيث أدت تلك التحذيرات الصادرة عن الحكومة عقب أحداث 11 سبتمبر  إلى زيادة تأييد المواطنين لقرارات الرئيس بوش.(5) كما أكدت على أن تعرض المواطنين لمشاهد 11 سبتمبر أدى إلى تأييد المواطنين لبوش وسياساته المحافظة لمكافحة الإرهاب وعبروا عن دعمهم له في الانتخابات التالية في مواجهة منافسه جون كيري.(6)

ويمكن تفسير التحول نحو المحافظة وبالتبعية تأييد مرشح الحزب المحافظ باستخدام نظريتي الهوية الاجتماعية وإدارة الإرهاب المؤكدتان على أن الخوف من الهجمات الخارجية الإرهابية يؤدي إلى زيادة دعم القادة السياسيين. يرجع سبب ذلك إلى أن التهديدات البيئية المحيطة تثير مشاعر الخوف وعدم اليقين، والقلق من الموت ومن تهديد الاستقرار لدى الأفراد وهو ما يؤدي إلى اتخاذ الأفراد مواقف محافظة مثل رفض التغيير.(7) يضاف لذلك أن التهديد بعدم اليقين الشخصي يستجيب له بعض الأفراد بردود فعل استبدادية مثل رفض الاندماج مع الجماعات الأخرى وتصلب المواقف بشأن بعض القضايا، هذه الاستجابة المتكررة تؤدي تدريجيًا إلى تأصل قيم ذاتية في الفرد مثل التطرف السلوكي والانغلاق الذهني، كما أنها تكون السبب في العدوان ضد الآخرين الذين يمثلون الأديان، أو الثقافات، أو الأعراق، أو أنماط الحياة التي تختلف عنهم. هذه القيم والمواقف يتبناها المحافظون عند تعرضهم لتهديد مجتمعي بخلاف الليبراليين الذين يميلون للاندماج والتعاون مع الآخر، ولديهم عقل أكثر تفتحًا من المحافظين.(8)

تأسيسًا على ما تقدم، يمكن القول بإن عملية قتل البغدادي ستكون مؤثرة إيجابيًا على فرص الرئيس ترامب في الانتخابات القادمة، وتمثل نقطة لصالحه قد تدفع الناخبين –وحتى الليبراليين منهم- إلى تأييد بقاءه لولاية ثانية رغم الانتقادات الموجهة ضده ومحاولات سحب الثقة منه وذلك لأن الناخب الأمريكي يضع الأمن غاية عليا عنده تدفعه للتنازل عن أي غايات أخرى مقابل ضمان أمنه، وهو ما أكد عليه منظرو العقد الاجتماعي.   

الهوامش

(1) Julian Borger, “Killing of Abu Bakr al-Baghdadi gives Trump lifeline amid political battle”, The guardian, 27/10/2019, available at: https://www.theguardian.com/world/2019/oct/27/abu-bakr-al-baghdadi-killing-trump-lifeline-political-battle.

(2) James M. Lindsay,” Election 2020 Foreign Policy Roundup: Abu Bakr Al-Baghdadi, Israel, and Campaign Advisors”, Council on foreign relations, 1/11/2019, available at: https://www.cfr.org/blog/election-2020-foreign-policy-roundup-abu-bakr-al-baghdadi-israel-and-campaign-advisors.

(3) Christian Kandler, WiebkeBleidorn, and Rainer Riemann, “Left or Right?Sources of Political Orientation: The Roles of Genetic Factors, Cultural Transmission, Assortative Mating, and Personality”, Journal of Personality and Social Psychology, 2012, Vol.102, No.3, pp 633–645.

(4) Paul R. Nail, Ian McGregor b, April E. Drinkwater, Garrett M. Steele, Anthony W. Thompson, “Threat causes liberals to think like conservatives”, Journal of Experimental Social Psychology, July 2009, Vol.45, No.4, pp.1-9؛ Stewart J. H. McCann, “Societal Threat, Authoritarianism, Conservatism, and U.S. State Death Penalty Sentencing (1977–2004)”, Journal of Personality and Social Psychology, 2008, Vol. 94, No. 5, pp.913–923.

(5) Robb Willer, “The Effects of Government-Issued Terror Warnings on Presidential Approval Ratings”, Current Research in Social Psychology, September 2004, Vol.10, No.1.pp.1-12.

(6) Mark J. Landau, Sheldon Solomon, Jeff Greenberg, and others, “Deliver us from evil: The effects of mortality salience and reminders of 9/11 on support for President George W. Bush”,Personality and Social Psychology Bulletin,  September 2004, Vol.30, No.9, pp.1136-1150.

(7) John T. Jost, Jack Glaser, Arie W. Kruglanski, & Frank J. Sulloway, “Political Conservatism as Motivated Social Cognition”, Psychological Bulletin, 2003, Vol. 129, No. 3, pp.339–375.

(8) Ian McGregor,Mark P. Zanna, John G. Holmes, and Steven J. Spencer, “Compensatory Conviction in the Face of Personal Uncertainty:Going to Extremes and Being Oneself”, Journal of Personality and Social Psychology, 2001, Vol. 80, No. 3,pp. 472-488.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟