دور الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء الوطنى لدى طلاب المرحلة الإعدادية في ضوء التحديات المعاصرة
تهدف
التربية الحديثة عن طريق المدرسة إلى مساعدة تلاميذها على النمو السوى جسمياً
وعقلياً ومعرفياً ووجدانياً ودينياً حتى يصبحوا مواطنين صالحين مسئولين عن أنفسهم
ووطنهم، ويتفهموا بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية والثقافية بكافة مستوياتها، ويتحقق
ذلك كله من خلال التعليم وممارسة الأنشطة الطلابية داخل المدرسة وخارجها.
وتعد
الأنشطة الطلابية في المرحلة الإعدادية مجالاً خصباً يتحقق فيه الكثير من الأغراض
التربوية على سبيل المثال منها، تعويد التلاميذ على الاعتماد على الذات وتحمل
المسئولية، وإدراكهم بأنهم جزء من المجتمع الذى ينتموا إليه، كما تساعد الأنشطة
الطلابية في إتاحة الفرصة للتلاميذ للقيام بالتجريب، واستخدام مبادئ التفكير
العلمى السليم، وتغرس لديهم الإيمان بأهمية التخطيط في ضوء الإمكانات والمعلومات
المتاحة.
وتُعد
مسألة الانتماء الوطنى من القضايا العالمية المهمة في عالمنا المعاصر، والتي
تستأثر باهتمام واسع في مصادر المعرفة المتخصصة الأكاديمية والتربوية ووسائل
الإعلام في مختلف أنحاء الأرض، وأضحت قضية ملحة في ظل التحديات والتغيرات التى
تتعرض لها الدولة القومية في الوقت الراهن، فالدولة اليوم تحتاج بالفعل إلى بناء
هذه الرؤية في ظل التوجهات نحو تحقيق التنمية المستدامة، ولتأكيد حقيقة مسلمة وهي
أن الشعب المصرى يقدم نموذجا عملياً للانتماء، من خلال تحديد طبيعة العلاقات التي
تربط المواطنين بعضهم بعضاً من جانب، وعلاقتهم بدولتهم وانصهارهم في بوتقتها من
جانب آخر، بالإضافة إلى تحديد طبيعة مسئوليات والتزامات المواطنين التي تفرضها هذه
العلاقات ودلالات ذلك في إطار من الواجبات والحقوق، في هذا الشأن تأتى محورية
الاهتمام بغرس هذه المعانى وتشكيل وعى وطنى لدى النشئ في مراحل تكوينهم الوجدانى
والعقلى الناضجة الأولى.
هنا يدور
مضمون هذه الأطروحة للباحث أحمد حمدى بعنوان "دور الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء
الوطنى لدى طلاب المرحلة الإعدادية في ضوء التحديات المعاصرة"، رسالة مقدمة للحصول
على درجة الماجستير في التربية، تخصص أصول تربية، والتى نوقشت وتمت إجازتها فى
العام الجامعى 2018/ 2019.
تقع
الأطروحة في (218) صفحة اشتملت علي خمس فصول رئيسية قسمها الباحث بشكل متوازن، ثم قائمة
المراجع وملاحق الدراسة، فضلا عن تضمنها أشكال وجداول، وتناول الباحث دور الأنشطة
التى تقدم للطلاب داخل المدارس الإعدادية وخارجها، لتدعيم الانتماء لدى الطلاب،
وذلك بتوفير المكان المناسب من مبانى وتجهيزات وملاعب تتلائم مع إعداد الطلاب،
ونوعية الأنشطة التى تقدم لهم والأساليب التى تستخدم ومدى سعيها لتدعيم الانتماء
لدى الطلاب، وضرورة العمل على تكامل الأنشطة، وأن تتيح الفرصة المتكافئة أمام جميع
الطلاب للإشتراك فى هذه الأنشطة، حيث أن التعليم الجيد هو الذى يسعى لإشباع حاجات
الطلاب.
وبرغم ما
تعانيه المدارس وخاصة فى المرحلة الإعدادية من قصور في عدم قدرتها على مجاراة
المتغيرات العالمية، ورغم ما تبذله الدولة من جهود الإصلاح والتطوير فى مصر، إلا أن
هناك ضرورة قصوى لتفعيل دور الأنشطة الطلابية فى تدعيم الانتماء الوطنى لدى الطلاب
في التعليم بشكل عام والمرحلة الإعدادية بشكل خاص، بما يعزز المنتج التعليمى
وقدرته التنافسية فى ظل التحديات والمتغيرات العالمية المعاصرة.
إلا أن
الدراسات المصرية السابقة التي تناولت مسألة الانتماء الوطنى ودور الأنشطة
الطلابية في تدعيمها، لم تقدم معرفة واضحة لرؤية مصرية، في ظل الأوضاع الراهنة
التى تشهدها الدولة المصرية، وعليه كانت الحاجة الماسة لدراسة معمقة لكيفية تدعيم
والتأكيد على ترسيخ قيم الانتماء الوطنى بأبعاده المختلفة من خلال تفعيل دور
الأنشطة الطلابية في ذلك، وبالتالي تختلف الدراسة الحالية عن الدراسات الأخري التي
استعرضها الباحث في هدفها إذ أنها تتمحور حول دور الأنشطة الطلابية في تدعيم
الانتماء الوطني لدي طلاب المرحلة الإعدادية، وتطبق ميدانياً علي بعض المدارس
الإعدادية العامة بمحافظة قنا، ولم يجد الباحث أي من الدراسات في جمهورية مصر
العربية التي تناولت دور الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء الوطني لدي طلاب
المرحلة الإعدادية، الأمر الذي دفع الباحث لإجراء هذه الدراسة .
قسمت الدراسة وفقاً للفصول الآتية:
- الفصل
الأول
الاطار العام للدراسة، ويشتمل علي مقدمة الدراسة، مشكلتها، تساؤلاتها، أهميتها، أهدافها،
حدودها، منهجها، أدواتها، المصطلحات المستخدمة فيها، ثم الدراسات السابقة .
-
الفصل الثاني تناول الأنشطة الطلابية مفهومها وأنواعها وواقعها فى
مراحل التعليم الأساسي بشكل عام، وفى المرحلة الإعدادية بشكل خاص.
-
الفصل الثالث يتناول الانتماء
الوطني مفهومه، مكوناته، وأبعاده، والتحديات التي تواجه الأنشطة الطلابية في
تدعيمه.
-
الفصل الرابع يعنى بدراسة الواقع الفعلي لدور الأنشطة الطلابية في
تدعيم الانتماء الوطني لدي طلاب المرحلة الإعدادية، وتطبيق الدراسة الميدانية
وتحليل نتائجها.
-
الفصل الخامس عرض أهم نتائج الدراسة الميدانية، والتصور المقترح
لتفعيل دور الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء الوطني لدي طلاب المرحلة الإعدادية،
وأهم توصياتها.
واستهدفت
هذه الدراسة تحقيق ما يلى:
-
التعرف على دور الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء
الوطنى لدى طلاب المرحلة الإعدادية.
-
التعرف على مفهوم الانتماء الوطنى، وأهميته، وأهدافه،
وأبعاده.
-
الكشف عن أبرز التحديات المعاصرة التى تواجه الانتماء
الوطنى لدى طلاب المرحلة الإعدادية.
استخدم الباحث المنهج الوصفي وتمثل مجتمع الدراسة الميدانية بالمدارس الإعدادية فى محافظة
قنا بقطاعاتها السكانية (الحضرية – الريفية)، حيث يبلغ عدد المدارس الابتدائية بها
(387) مدرسة موزعة على( 9) إدارات تعليمية، تكونت عينة الدراسة الحالية من (600) مفردة
موزعة على (500 ) طلبة وطالبات و(100) مشرف نشاط ومدير مدرسة وقد مثلت هذه العينة خمس
إدارات تعليمية وهى (قنا- دشنا – نجع حمادي- قوص- نقادة)، بلغت نسبة (5%) من مجموع
المجتمع الدراسي الكلى.
تمثلت حدود الدراسة في
المحددات التى تأتى في نطاق عنوان الدراسة: "دور الأنشطة الطلابية في تدعيم
الانتماء الوطنى لدي طلاب المرحلة الإعدادية في ضوء التحديات المعاصرة"، وهى:
-
الحد
الموضوعي: تناولت هذه الدراسة دور الأنشطة الطلابية في تدعيم
الانتماء الوطنى لدى طلاب المرحلة الإعدادية، وتقتصر الأنشطة تلك التى تتطرق لها
الدراسة في:
1. الأنشطة الثقافية.
2. الأنشطة الاجتماعية.
3. الأنشطة العلمية.
4. الأنشطة الفنية.
5. الأنشطة الرياضية والكشفية.
-
الحد
المكاني: تطرقت الدراسة في نطاق تطبيقها الميدانى لبعض المدارس
الإعدادية في التعليم العام الحكومى داخل عدد من مراكز محافظة قنا في صعيد مصر، والحلقة الثانية هي
حلقة التعليم الإعدادى تستكمل تنمية شخصية التلميذ في المرحلة العمرية من 12- 14 سنة، وتكسبه المعارف والمهارات التي
تعده للالتحاق بمرحلة التعليم الثانوي، وتنمية قدراته
الابتكارية والإبداعية، والتواصل على مستوى عالمي، مع تأكيد ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة،
والهوية العربية والقيم الدينية، وقبول الآخر والتفاعل معه.
- الحد الزماني: إن تطبيق أداة الدراسة وإجراءاتها خلال الفصل
الدراسى الثانى للعام الدراسى 2018/ 2019.
في الأخیر وبناء على ما تناوله الباحث
في فصول الدراسة ومن خلال المعطيات والإحصائيات، ومحاولة منه للإجابة على الإشكالیة
الرئیسیة والتساؤلات الفرعیة للبحث، قد تمكن من الخروج بأهم النتائج والتوصیات لأطروحته،
منها: التنويع في أشكال الأنشطة
الطلابية لتشمل كافة أبعاد الانتماء الوطني، وشمل جميع الطلبة ودفعهم للمشاركة، والتركيز
على الطالب الموهوب، ودفع الجهات التربوية العليا (وزارة التربية والتعليم)، نحو
تبني موهبته، وإخراجها نحو دائرة أوسع، وتعزيز الطالب إيجاباً بعد مشاركته الفعالة
في الأنشطة الطلابية، مع ضرورة إعلام الأهل بمدى التزام الطالب بتلك الأنشطة،
وتمتعه بروح المبادرة، أو امتلاكه لموهبةٍ لم يستطع الأهل اكتشافها أو تنميتها،
فكل ذلك ينعكس إيجاباً على ثقة الطالب بنفسه، وبأهمية ما يقوم به ويدعم حبه لوطنه.
كما قدم الباحث تصور مقترح، استند
على عدة آليات، من أبرزها: مراجعة تطوير اللوائح
والنشرات الوزارية المنظمة للأنشطة، والغاء ما قد يوجد بها من قيود تعوق ممارسة
الطلاب لأدوارهم ونشاطاتهم داخل المدرسة وتوعية الطلاب باللوائح والتشريعات
المنظمة لها، مما يساهم في تفعيل دور الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء الوطني،
وتنويع الانشطة الطلابية وشمولها لتقابل الميول والاهتمامات المتعددة للطلاب في
مختلف المجالات الاجتماعية والرياضية والكشفيه والثقافية والفنية حتي تتاح الفرصة أمام
جميع الطلاب لممارسة ما يرغبونه من انشطه ويرفع من روح الانتماء لديهم، وتوفير
الأمكانيات المادية والبشرية اللازمة لممارسة الطلاب للأنشطة من ملاعب وصالات
رياضية، وقاعات للاجتماعات واقامة الندوات، وكذلك توفير مشرفين للأنشطة، وتشجيع
الطلاب علي تنظيم الندوات والأنشطة الإبداعية الحرة، ودعوة ادارة المدرسة للقيادات
الطبيعية والشخصيات العامة من كافة المجالات للمناقشة والحوار مع الطلاب والرد علي
استفساراتهم في القضايا المجتمعية.
یمكن القول أنه ما يزيد من أهمية هذه الأطروحة أيضا، توصلها إلي أن يبقـى
مـن الضـروري الإشـارة إلـى أبعاد المشاركة المجتمعية في دور
الأنشطة الطلابية في تدعيم الانتماء الوطنى عن طريق التنمية المحلية
وتلمس بعض احتياجات المجتمع والمناطق أو
القرى؛ وهذا له تأثير كبير على نفوس
أهالي المدينة والحي والقرية أى الوحدة المحلية، فإن القيام بأداء احتياجات أساسية
أو ضرورية للحي له مردود فعلي على نفوس المواطنين فى المدن والقرى، مما يجعلهم
يدفعون بأولادهم نحو الاشتراك في الأنشطة، ومن الأعمال التي يمكن القيام بها في
الحي مثلا:
· عمل مركز للإسعافات الأولية.
· تفعيل مراكز الشباب حيث يجتمع فيها شباب الحي أو
القرية، بحيث يكون مشتملا على الألعاب المختلفة والأنشطة التي يرغب المواطنين فى
المدن والقرى بممارستها.
· عمل بعض المسرحيات الهادفة التي تتناول مشاكل المواطنين
فى المدن والقرى وتطرح العلاج المناسب لكل مشكلة.
· عمل مركز لمحو الأمية في القرى ويساهم طلاب المرحلة الإعدادية في التعليم والتوعية.