المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تعقيد المشهد .. إيران وتجدد الهجمات الإسرائيلية على لبنان

الخميس 29/أغسطس/2019 - 07:13 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

ارتبطت العلاقة بين إسرائيل وإيران بالتنافس والعداء بعد قيام الثورة الإسلامية في طهران لعام 1979؛ وبعد سقوط العراق باتت كل من طهران وتل أبيب بمثابة قوي إقليمية كبيرة في الشرق الأوسط تتزاحم على قيادته، بين الرغبة الإيرانية في قيادة مسلمي العالم من (الشيعة والسنة)، وإسرائيل الطامحة إلى التوسع في الضفة الغربية لتنمية اقتصادها على حساب الفلسطينيين.

وبعد أحداث الربيع العربي في عام 2011 قامت إيران بتكوين عدد كبير من الميليشيات في الشرق الأوسط، وسيما داخل الدول التي تتمتع فيها بنفوذ كبير وأبرزها سوريا والعراق، وبمرور الوقت باتت تستخدمها كورقة ضغط في مواجهة جميع أعدائها، وأبرزهم إسرائيل. 

وفي هذا السياق، قامت إسرائيل بشن مجموعة من الهجمات على مواقع في العراق، سوريا وأخيراً على مواقع هامة لجماعة "حزب الله" اللبناني في إشارة إلى محاولة الإضرار بالمصالح الإيرانية في المنطقة.  وفي المقابل توعد الأمين العام "لحزب الله" حسن نصر الله بالرد الحاسم على مقتل أثنين من مقاتلي الحزب والطائرات الإسرائيلية المسيرة في لبنان. 

أولاً- جذور العداء الإيراني الإسرائيلي

تعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل من القوى الإقليمية الموجودة داخل الشرق الأوسط، ولسلوكهم تأثير كبير على المنطقة بشكل خاص وعلى العالم بشكل عام. لم تدخل الدولتان في أي حرب سابقة، ولكنهم في صراع كبير منذ عقود طويلة، ويتم التعبير عن ذلك من خلال الصور الذهنية السلبية والتهديدات المتبادلة بالخطر الذي تشكله كل منهم على الأخرى، سيما بعد قيام الثورة الإسلامية في عام 1979 وتبني نظام ولاية الفقيه داخل إيران لشعارات نصرة المستضعفين ومقاومة قوي الاستكبار والشر.

ويشير الكثير من المحللين إلى أن تل أبيب كانت عامل كبير في استهداف الولايات المتحدة الأمريكية للبرنامج النووي الإيراني وإصرارها على توقف طهران عن تخصيب اليورانيوم، فضلاً عن المطالبة بزيادة العقوبات الاقتصادية وتصعيد التهديدات العسكرية.  كما تتهم إسرائيل الجمهورية الإسلامية بأنها مصدر الإرهاب الراديكالي في المنطقة، ونشر العنف في الشرق الأوسط والعالم بأسره(1).  

من ناحية أخري، تحاول إسرائيل حشد أكبر عدد ممكن من دول العالم وسيما الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي في مواجهة التهديدات الإيرانية المتمثلة في دعم التطرف والإرهاب؛ حيث تري إسرائيل في إيران تحدي أمني كبير يشكل تحديات استراتيجية وأيديولوجية خطيرة علي الدولة اليهودية، وفي المقابل تري إيران في تل أبيب مصدر كبير لتقويض دعائم نظامها الثوري.

والجدير بالذكر، أن برنامج الصواريخ الباليستية والتقدم النووي، فضلاً عن النفوذ الإيراني في المنطقة وتداعياته السلبية على الكثير من دولها وسيما إسرائيل يعتبر مصدر تهديد أمنى كبير بالنسبة لتل أبيب. كما زادت الانتفاضات العربية في عام 2011 من حدة المخاوف الإسرائيلية، فعلى الرغم من أن هذه الاحتجاجات وتداعياتها خلقت بعض نقاط الضعف الجديدة في المنطقة العربية، ولكنها فتحت أفاق جديدة لزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة (2).

ثانياً- العلاقة بين إسرائيل والميليشيات الإيرانية في المنطقة "حزب الله" نموذجاً

تحاول الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ فترة طويلة تثبيت دعائم استقرارها في المنطقة العربية، فضلاً عن تحقيق مكانة سياسية واقتصادية كبيرة داخل المجتمع الدولي بما يمكنها من القدرة على ردع الأعداء، ومن ناحية أخري تحاول طهران الاستفادة من الطرق غير التقليدية التي تستند إلى استخدام الوكلاء بما يمكنها من العمل دائماً في المنطقة الرمادية التي تقع بين السلام والحرب؛ حيث تمكنها طريقة استخدام الوكلاء من وجود مساحة خاصة لاستهداف خصومها دون الانخراط بشكل مباشر في حرب ضدهم.

وتتبني مؤسسة الحرس الثوري الإيراني الإشراف على هذه الميليشيات من حيث التمويل والتدريب العسكري، فضلاً عن نشر المذهب الشيعي وتقوية النزعة المذهبية الطائفية في المنطقة، دعم الأنظمة الحليفة؛ حيث يقوم الحرس بعملية واجهتها عسكرية أمنية معقدة، على أن تكون الأبعاد الثقافية والاجتماعية هي الظاهرة في سياق الأهداف المعلنة (3).

كما تمتلك الدولة اللبنانية تاريخ طويل من الصراع مع الجانب الإسرائيلي؛ حيث يمتد الخلاف إلى عام 1978 عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية الجنوب اللبناني على خلفية عملية استشهادية لهجوم فلسطيني على حافلة ركاب إسرائيليين أدت إلى مقتل حوالي 35 جندي إسرائيلي.  وجاءت الحرب الكبيرة بينهم في عام 2006 لتزيد إلي العداء الموجود أصلاً سيما بين تل أبيب والحزب نفسه، لأنه يعتبر نفسه المدافع الحقيقي عن الدولة بأكملها، وزادت الأزمة بينهم أيضاً، بسبب تدخل الطرفين في النزاع السوري بعد أحداث الربيع العربي في عام2011(4).

ثالثاً- الهجمات الأخيرة وتداعياتها على المنطقة

تحاول إسرائيل الرد على النفوذ الإيراني المزعزع لاستقرارها في المنطقة بكل السبل الممكنة، وكان أخرها الهجمات التي قامت بها "تل أبيب" لضرب الدولة اللبنانية، مما أثار استياء جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران، في إشارة إلى أن طهران بدأت في نقل بعض الأسلحة والمعدات المتطورة عسكرياً إلى وكلائها في العراق وسوريا ويمكن أن تستخدمها هذه الجماعات في تهديد أمن إسرائيل.

ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية علي خط المواجهة مع إيران من خلال التأكيد على أنه من حق "تل أبيب" الدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات الإيرانية، وفي المقابل أقر قائد جماعة "حزب الله" حسن نصر الله أن هذا الهجوم يمثل انتهاكاً كبيراً للعهود والمواثيق القائمة منذ عام منذ عام 2006، في إشارة إلى الصراع الدائم مع "تل أبيب" والذي غالباً ما ينتهي إلى طريق مسدود.  وكان لهذا الهجوم تداعيات جمة تمثل أبرزها في: -

1-     احتمالية القيام برد عسكري من قبل "حزب الله"

خرج رئيس جماعة "حزب الله" السيد "حسن نصر الله" في مؤتمر صحفي يوم 25 أغسطس/ أب لعام 2019، محذراً "تل أبيب" من رد عسكري علي هجماتها الأخيرة من خلال الطائرات المسيرة الانتحارية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي السياق ذاته، هدد "نصر الله" بإسقاط أي طائرة إسرائيلية تحاول دخول المجال الجوي اللبناني، فضلاً عن الرد على أي هجوم على مقرات الحزب في سوريا وأن الرد سيكون من داخل الأراضي اللبنانية وليس السورية. وعليه، فمن شأن كل هذه الصراعات أن تزيد من مقدار العنف الموجود داخل الشرق الأوسط(5).

 وأكدت الأمم المتحدة أنه يجب أن تلتزم جميع الأطراف بأقصى درجات ضبط النفس، سيما بعد التصعيد الإيراني الإسرائيلي الذي ترك تداعيات سلبية على المنطقة بأكملها، في ظل اعتراف "تل أبيب" بالهجمات التي تمت على سوريا ونفيها لما حدث في لبنان والعراق(6).  

2-     زيادة معدل التهديدات الإيرانية في المنطقة

ستحاول طهران بلا شك إيجاد رد مناسب على الهجمات الإسرائيلية التي طالت وكلائها والميليشيات التابعة لها في معاقل نفوذها الرئيسية بالمنطقة (سوريا، العراق ولبنان)، من خلال زيادة نسبة التمويل الممنوحة للوكلاء وسيما في تطوير الجانب العسكري والأمني. ويشير بعض المحللين إلى إمكانية لجوء الجمهورية الإسلامية إلى تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة، على خلفية التحالف الكبير بين واشنطن و"تل أبيب".

 وفي هذا السياق، أكد المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني للشؤون الدولية "حسين أمير عبد اللهيان" أن ما ارتكبته إسرائيل كان خطأ فادحاً يستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالأساس، والقضاء على نفوذها في المنطقة قبل الدول الثلاث (7).

 الهوامش

1.             Mordechai Levy, Iran in the Minds of the Israelis, Yezreel Valley College, Yezreel Valley, 2015, pp 1-5.

2.             Dalia Dassa Kaye, Alireza Nader, Parisa Roshan, Israel and Iran a Dangerous Rivalry, Rand: National Defense Research Institute, pp 1-5.

3.             Melissa G. Dalton,  “Iranian Backed Militias: Destabilizing the Middle East, House Foreign Affairs Committee Subcommittee on Terrorism, Nonproliferation, and Trade, Center for Strategic and International Studies, 2017, pp 1-8.  

4.             Daniel  baman and  Bilal Y. Saab, Hezbollah In A Time Of Transition, Atlantic Council: Center for middle East policy, 2014, pp 1-8.

5.       نصر الله يهدد إسرائيل مرة أخرى وإسرائيل تهدد إيران، وكالة الأنباء الألمانية(دويتشة فيليه)، 25/8/2019، متاح علي الرابط التالي:

 https://www.dw.com/ar/نصر-الله-يهدد-إسرائيل-مرة-أخرى-وإسرائيل-تهدد-إيران/a-50160131.

6.             Oliver Holmes, UN calls for 'maximum restraint' after alleged Israeli strike in Lebanon, the Guardian, 26/8/2019, available at:

 https://www.theguardian.com/world/2019/aug/26/israel-accused-of-targeting-iran-allies-in-lebanon-bombing.

7.       "الرد سيكون صادما ومزلزلا"... إيران تكشف ماذا يفعل "حزب الله" مع إسرائيل، سبوتنيك عربي، 27/8/2019، متاح علي الرابط التالي:

 https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201908271042728309-الرد-سيكون-صادما-ومزلزلا-إيران-تكشف-ماذا-يفعل-حزب-الله-مع-إسرائيل/

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟