المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
فاطمة صلاح الجندي
فاطمة صلاح الجندي

آفاق المستقبل .. العلاقات الأمريكية الإيرانية في عهد الرئيس ترامب من 2016-2019

الخميس 22/أغسطس/2019 - 07:09 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

مرت العلاقات الأمريكية الإيرانية بتقلبات وتوترات بعد قيام الثورة الإسلامية وإعلان قيام جمهورية إسلامية، وقد شهدت هذه العلاقات تقارب بسيط في فترة رئاسة باراك اوباما، حيث تم توقيع الاتفاق النووي الإيراني والذي يعرف إعلاميا بصفقة إيران النووية، الا أن هذا التقارب لم يستمر لفترة طويلة، فعندما وصل الرئيس دونالد ترامب للحكم وجه النقد للرئيس السابق باراك اوباما وصرح بأن هذه الصفقة تعطي إيران الحق في الاستمرار في برنامجها النووي، وأعلن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاقية وقام بفرض عقوبات جديدة على إيران، الا ان إيران لم تنسحب من الاتفاقية وأعلنت تمسكها بها.

وقد تصاعدت حدة التهديدات وتم تبادل الاتهامات بين المسؤولين الأمريكيين والقادة الإيرانيين لمرحلة غير مسبوقة، والتي بدأت بتهديدات الرئيس روحاني بغلق مضيق هرمز في حالة إذا قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمنع إيران من تصدير نفطها بعد التهديدات الأمريكية لإيران، واتهام الولايات المتحدة الأمريكية لإيران بأنها المسؤولة عن الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان، وأخيرًا قيام إيران بإسقاط طائرة تجسس أمريكية كانت تحلق أعلى مضيق هُرمز، كل هذه الأحداث جعلت البعض يتساءل هل تتجه الولايات المتحدة نحو المواجهة العسكرية مع إيران أم لا؟.

إشكالية الدراسة

تقوم الدراسة للإجابة على عدة تساؤلات:

§       إلى أي مدى يمكن أن تؤثر الأحداث الأخيرة على العلاقات الأمريكية الإيرانية؟

§       إلى أي مدى يمكن أن تؤدي تلك الأحداث الى وقوع مواجهة عسكرية بين الدولتين؟

أولًا- تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية

أ‌-       العلاقات الأمريكية الإيرانية قبل الثورة الإسلامية

بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران عندما قدمت الولايات المتحدة مساعدات تعليمية وصحية لإيران، وتم توقيع أول اتفاقية تعاون وصداقة بين الدولتين، وفي عام 1856 أُرسل شاه إيران ناصر الدين كأول سفير الى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1883 تم إرسال صمويل بنجامين الى إيران كأول مبعوث دبلوماسي للولايات المتحدة، تعززت العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بمرور الأيام، وصادق مجلس الشورى الوطني على اتفاقية من اجل تعين مستشارين أمريكيين في وزارة المالية، وبذلك بدأت الولايات المتحدة تخلق لها نفوذ في إيران بشكل تدريجي وقللت من نفوذ بريطانيا في إيران، ودخلت في منافسة قوية ضد الاتحاد السوفيتي، واجهت هذه العلاقة خلال 1927 العديد من المشكلات مثل مقتل أحد موظفي السفارة الأمريكية في إيران، وإلغاء الامتيازات الأمريكية في إيران، وفي عام 1941 احتلت بريطانيا والقوات السوفيتية إيران، وسمحت إيران للقوات العسكرية الأمريكية  بالدخول لأراضيها، وطالبت الولايات المتحدة الأمريكية عبر مذكرة سحب بريطانيا وروسيا لقواتها تنفيذا لاتفاقية بوت سدام. (bbc ، 2013)

وفي عام 1949 خلال زيارة محمد رضا شاه للولايات المتحدة الأمريكية تم توقيع اتفاقية تعاون دفاعي متبادل بين الدولتين، وأصبح الغرب يعتمد على إيران وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج العربي بعد أن ساهمت في قمع ثورة ظفار في عمان، وجعلت الولايات المتحدة الأمريكية  لإيران دور في دعم الكيان الصهيوني في عهد الشاه عام 1948 عندما سمحت ليهود إيران بالهجرة الى فلسطين. (عليان، 2017، صفحة 99)

وفي عام 1952 قام رئيس الوزراء محمد صدقي بالوقوف أمام المحكمة للدفاع عن قراره الخاص بتأميم النفط الإيراني، وترتب عليه أن لندن قامت بفرض عقوبات قاسية على إيران من اجل التراجع عن هذا القرار، ولكن رئيس الوزراء محمد مصدق تمسك بقراره، وكانت النتيجة أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا خططوا لانقلاب عرف بعملية اجاكس في عام 1953، واستطاعت الاستخبارات الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وانتهى أثر التأميم،[i] وفي عام 1955 تم عقد اتفاقية بين محمد رضا بهلوي والرئيس الأمريكي إيزنهاور وتضمنت هذه الاتفاقية ثلاث وعشرين مادة من اجل تعزيز سبل التعاون بين الدولتين ونصت على مجموعة من البنود أهمها:(bbc,2013)

·       أن تُقام بين الدولتين علاقة صداقة وسلام مستمرة، وأن يُسمح لرعايا الدولتين الدخول والإقامة بأراضي الطرف الآخر من اجل إقامة نشاطات تجارية والتنقل بحرية، وأيضًا حق ممارسة الشعائر الدينية، وأن يتمتع رعايا الدولتين بمستوى عالي من الأمن.

·       على الدولتين أن تراعي العدل والمساواة أثناء تعاملها مع الرعايا والشركات والمؤسسات التابعة للطرف الآخر.

·       إعفاء المواطنون والشركات من الرسوم والضرائب.

·       حرية التجارة والإيجار لطرفي المعاهدة.

·       يسمح لحكومة طرفي المعاهدة أن تملك او تحتفظ او تستأجر أرض تابعة للطرف الآخر لغرض حكومي وليس لغرض عسكري .

ب‌-   العلاقات الإيرانية الأمريكية بعد الثورة الإسلامية

شهدت العلاقات تحولات عبر أحداث متسارعة ومتشابكة عدة، أهمها:

(1)  الثورة الإسلامية الإيرانية

تولى محمد بهلوي السلطة في عام 1941 وبقي في الحكم حتى عام 1953، وغادر إيران نتيجة الصراع على السلطة مع رئيس الوزراء محمد مصدق، وعاد مرة أخرى بعد تعرض محمد مصدق لإنقلاب دعمته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، بعد عودة الشاه الى إيران شهدت إيران العديد من الانتقادات والاحتجاجات من جهة المعارضة، ولكن الشاه نجح في قمعها وكان أبرزهم المعارضة الإسلامية بقيادة اية الله الخميني والذي تم اعتقاله في 1963، وخرجت الحشود في أول مظاهرة تشهدها إيران، وتم نفي الخميني الى تركيا ثم الى مدينة النجف بالعراق والتي أمضى بها 15 عاما، ثم انتقل الى باريس، وفي عام 1978 نتيجة للظلم الذي ساد إيران حدثت انتفاضات ولم تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية بجدية مع هذا الوضع ظنًا منها أن الأوضاع مشابه لأحداث 1953، وتواصل الشاه مع المعارضة من اجل إيقاف الانتفاضات ودعا الى إجراء انتخابات مبكرة، كما نظمت الجامعات العديد من المسيرات والتي راح ضحيتها العديد من الطلاب ورجال الأمن؛ فأعلن الشاه حالة الطوارئ وعزل الحكومة المدنية وعين بدلًا منها حكومة عسكرية ولكن ذلك لم يوقف الاحتجاجات وغادر الشاه في 1979، تحولت الولايات المتحدة الأمريكية الى ألد أعداء إيران بعد إن كانت حليفتها، بعد وصول الخميني الى السلطة عمل على المساواة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة واعتبرهما قوة استعمارية وأطلق على الولايات المتحدة الأمريكية "الشيطان الاكبر". (مهر للأنباء، 2سبتمر 2018)

توترت العلاقة أكثر بين الطرفين عندما قام طلبة باقتحام السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 أمريكيا لمطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بتسليم الشاه للمحاكمة، نفذت الولايات المتحدة الأمريكية عملية عسكرية لإنقاذ الرهائن ولكنها فشلت، وكانت نهاية الأزمة عندما وقعت إيران على اتفاقية الجزائر عام 1981. (قاسم، 2015)

(2) الحرب العراقية الإيرانية

وجد صدام حسين فرصته بعد رحيل الشاه عن إيران وما شهدته إيران من اضطرابات خلال تلك الفترة بعد الثورة الإسلامية فأرسل جنود في 1980 للاستيلاء على حقول النفط وشط العرب المائي، وكان للولايات المتحدة الأمريكية دور مهما في إشعال الحرب بين الطرفين، حيث شجعت الولايات المتحدة العراق لكي تنتهز الفرصة وتزعزع نظام الخميني، قامت الولايات المتحدة خلال الحرب بتزويد العراق بمعلومات استخبارية من ناحية ومن ناحية أخرى كانت تزود إيران بقطع الغيار والأسلحة عن طريق إسرائيل مقابل السماح بهجرة آلاف اليهود الإيرانيين والتي سميت بفضيحة كونترا، تركت الحرب العراقية الإيرانية الدولتين بالعديد من الخسائر الفادحة، وتركت الاقتصاد العراقي غارق في الديون وقُتل وجُرح أكثر من مليون عراقي فخرج كلا الطرفين من الحرب خاسرين، فخرجت إيران أكثر عزلة وخرجت العراق بعد ثماني سنوات منهكة اجتماعيًا واقتصاديًا، وأصبحت العراق تطالب بخروج القوى الأجنبية من منطقة الخليج؛ فرأت الولايات المتحدة الأمريكية أن العراق سوف تشكل خطرًا على مصالحها، بعد وفاة الخميني في عام 1989 حدثت العديد من التغيرات في إيران فتولى "هاشمي رفسنجاني" من 1989 الى 1997 الرئاسة والذي أجرى العديد من الاتفاقيات مع الدول منها الاتحاد السوفيتي، وانتخب بعد ذلك "محمد الخاتمي" والذي فاز بنسبة 70% من أصوات الناخبين.(عرفة، 4 نوفمبر 2018)

(3)العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001

 العلاقات الإيرانية الأمريكية تأثيرا كبيرا بأحداث 11 سبتمبر 2001، وكانت نقطة تحول كبيرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وألقى الرئيس بوش خطابًا وصف فيه كلا من إيران والعراق وكوريا الشمالية بمحور الشر، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت ترى إيران تمثل خطرًا بالنسبة لها في منطقة الشرق الأوسط؛ فهي تمتلك أسلحة نووية كما أنها تدعم المنظمات الإرهابية التي تشكل خطرًا على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مثل حماس وحزب الله، غزت الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بهدف تدمير تنظيم القاعدة وردًا على أحداث 11 سبتمبر وشاركت معها المملكة المتحدة.

ثانياً- العلاقات الأمريكية الإيرانية والبرنامج النووي الإيراني في عهد ترامب

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من الحد من انتشار الأسلحة النووية على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي ضد اليابان، وزاد اهتمام الولايات الأمريكية بقضية منع انتشار الأسلحة النووية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ويحظى البرنامج النووي الإيراني باهتمام كبير من جانب الولايات المتحدة الأمريكية بعد إن كانت الولايات المتحدة الأمريكية من أول الدول الداعمة له أثناء فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي.

أ‌-       التطور التاريخي للبرنامج النووي الإيراني وأثره على العلاقات بين الطرفين.

وقعت إيران اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1957 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وفي عام 1958 وقعت إيران على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والتي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1968 وأصبحت سارية المفعول عام 1970 . (قاسم، 2015)

في عام 1974 قام شاه إيران محمد رضا بتأسيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وأعلن عن إنشاء 23 محطة للطاقة النووية مستقبلًا، ولكن قيام الثورة الإيرانية في عام 1979 أدت الى قطع العلاقات الإيرانية الأمريكية وتوقف المشروع. (nti، 2018)

وخلال الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 حتى عام 1988 قامت القوات العراقية بإلحاق الضرر بالمفاعل النووي الإيراني؛ فأغلقت الحكومة الإيرانية المفاعل النووي لعدة سنوات، وفي عام 1987 عقدت إيران اتفاقية مع الأرجنتين لتحويل مفاعل من وقود اليورانيوم عالي التخصيب الى يورانيوم مخفض التخصيب وتصديره الى إيران عام 1993، وفي عام 1992 دعت إيران مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المرافق النووية في إيران وأكدت الوكالة أن أنشطتها تتفق مع الاستخدام السلمي، واستأنفت إيران العمل في مفاعل بوشهر النووي بشكل جزئي في عام 1995 بعد توقيع عقدًا مع روسيا، ومع محاولات إيران لاستئناف العمل بالمفاعل النووي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تضغط على الدول لوقف هذه المحاولات، وضغطت على الموردين المحتملين لإيقاف التعاون النووي مع إيران كالصين والأرجنتين. (iranwatchorg، 2016).

واستطاعت إيران من خلال الصفقات الغير قانونية التي أبرمتها من تحقيق تقدم في برنامجها النووي، في عام 2003 أصدرت وكالة الطاقة الذرية تقرير أكدت فيه خرق إيران للاتفاقية الخاصة بتعليق أنشطة التخصيب، وفي عام 2004 كان على إيران أن تتوقف عن برنامج تخصيب اليورانيوم نتيجة لضغوط بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وفي عام 2005 عادت إيران الى تخصيب اليورانيوم وتراجعت إيران عن وعدها للسماح لوكالة الطاقة الذرية بالقيام بعمليات التفتيش ونتيجة لذلك تم إحالة إيران الى مجلس الأمن الدولي، وفي عام 2006 طالب مجلس الأمن الدولي من إيران بوقف أنشطتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم وتم فرض عقوبات بعد رفضها، وخلال 2007 الى 2011 تم توسيع العقوبات التي فرضها مجلس الامن على إيران والسماح بتفتيش ومصادرة الشحنات، وفي عام 2013 اتجهت إيران الى المفاوضات لرفع العقوبات عنها شمل خمس دول وهم أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا (5+1) بعد نجاح اتفاقية جنيف في تحقيق أهدافها، توصلت إيران والدول الستة الى اتفاقية جديدة نصت على أن تقوم إيران بتخفيض العمل في البرنامج النووي مقابل إلغاء العقوبات المفروضة عليها، وسمحت إيران للوكالة الدولية للطاقة للقيام بعملية التفتيش في المواقع النووية والسماح لها بإجراء بحوثها لمدة 10 سنوات، حصل الاتفاق على موافقة معظم دول العالم وعارضت إسرائيل هذا الاتفاق لأنه يسمح لإيران بامتلاك القنبلة النووية مما يمثل خطرًا على الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط. (الطيب، 2014) واستمر العمل بهذه الاتفاقية حتى وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم عام 2016.

ب‌-               الملف النووي الإيراني وتأثيره على العلاقات الأمريكية الإيرانية في عهد ترامب

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب الكامل من الاتفاق النووي الإيراني او ما يعرف بصفقة إيران في مايو 2018، وقام بفرض عقوبات جديدة على إيران. (صوت الامة، 2018) قام دونالد ترامب بهذه الخطوة بعد إعلان إيران بأنها قد تجاوزت الحد المتفق عليه في الاتفاقية من تخصيب اليورانيوم، حيث تنص الاتفاقية على كمية محددة لتخصيب اليورانيوم وذلك مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران والسماح لها بتصدير النفط، ولكن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الصفقة وفرض عقوبات جديدة ، أثر على الاقتصاد الإيراني بشكل كبير حيث تراجع سعر صرف العملة المحلية وابتعد المستثمرين الأجانب عن إكمال المشروعات بإيران، وأثر على ندرة بعض المنتجات المستوردة. (iranwatchorg، 2016)

وقد كان لدى ترامب بعض المبررات التي جعلته يقوم بإلغاء الاتفاقية وهى:

·       وقف نفوذ وهيمنة إيران في كلا من لبنان واليمن وسوريا، ووضع حد لبرنامج إيران الخاص بالصواريخ الباليستية. (nti، 2018)

·       إن صفقة إيران تعتبر فرصة تسمح لها بمواصلة تخصيب اليورانيوم. (nti، 2018)

وقد شدد ترامب على عدم تعامل أي دولة مع إيران وأي دولة تتعامل معها فهي معرضة لعقوبات أيضًا، ومع ذلك أكد ترامب على ترك بابًا مفتوحًا أمام مفاوضات جديدة تُرضي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وحول ردود أفعال المسؤولين الأمريكيين في المخابرات الأمريكية ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية والبيت الابيض يرون أن هذا القرار من الممكن أن يدفع شركاء الولايات المتحدة وخاصة الأوروبيين الى الدخول في اتفاق مع إيران، أما عن ردود الأفعال الدولية حول انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من صفقة إيران،(Davenport، 2019)، فإن رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قد رحبوا بهذا الانسحاب واعتبراه قرارًا حكيمًا، ووصف رئيس إيران حسين روحاني الولايات المتحدة الأمريكية بأنها دولة داعمة للإرهاب وأنها دولة تنتقض العهود، وقد صرح كلا من ماكرون عبر موقعه على تويتر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلادهم سوف تعمل بشكل جماعي على إبرام اتفاقيات أوسع مع إيران. (nti، 2018)

وفي مؤتمر عُقد في ألمانيا بمدينة مونستر صرحت المستشارة ميركل بأن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية البرنامج النووي الإيراني سوف يؤثر على المجتمع الدولي بشكل سلبي، أما روسيا فقد تمسكت بالاتفاق النووي الإيراني ورأت أن ليس هناك بديلًا آخر ورحبت العديد من الدول العربية بقرار الانسحاب مثل الإمارات والبحرين والسعودية. (CNN، 2019)

ثالثاً- سيناريوهات العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية

أ‌-       سيناريو الحرب

·       يتوقع بعض الخبراء العسكريين والاستراتيجيين وقوع حرب استراتيجية شاملة تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران للقضاء على النظام الايراني من جذوره، ويعتبر هذا السيناريو الاسوأ.

·       أو قد تلجا الولايات المتحدة الأمريكية طبقا لهذا السيناريو الى حرب سريعة (محدودة النطاق ) أو متوسطة (تشمل مناطق أوسع من الحرب السريعة) مستهدفة مناطق حيوية من اجل إرباك النظام الإيراني وإضعافه لإرغامه للجوء الى المفاوضات والاتفاقيات بشروط محددة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. (Habeeb، 2018)

ب‌-   سيناريو عدم حدوث حرب

طبقًا لهذا السيناريو يوجد عدة اتجاهات ترجح عدم حدوث حرب تقليدية بين الدولتين وهما:

الاتجاه الأول: يتوقع السفير الإيراني السابق "فريدون هوفيدا" إن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقوم بعمل أي شيء وإنها ستقوم فقط بإهمال الملف الإيراني، وهو احتمال ضعيف.

الاتجاه الثاني: يرى بعض الباحثين إن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تلجأ فقط الى تغيير النظام السياسي الإيراني من الداخل، من خلال تنفيذ انقلاب، مستغلة عدم قدرة الحكومة على تحسين الأوضاع الاقتصادية المتردية والوفاء بوعودها

الاتجاه الثالث: يرى أصحاب الاتجاه الثالث إن الولايات المتحدة الأمريكية وإيران سوف يستمرون في التفاوض الدبلوماسي عن طريق الدول الأوروبية.

ومن الممكن ان تلجأ الولايات المتحدة الأمريكية الى فرض المزيد من العقوبات إذا استمرت إيران في زيادة تخصيب اليورانيوم .

أو أن تعمل الولايات المتحدة على عزل إيران عن دول منطقة الشرق الاوسط وزيادة التوتر بينهما وإبراز أن مصالحها تتناقض مع الدول الأخرى وبأنها تحاول التدخل في شؤون الدول العربية.

ومن خلال ما تم تقديمه، يرى الباحث أن السيناريو الأكثر ترجيحًا من وجهة نظره هو السيناريو الثاني ( عدم حدوث حرب) ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها:

·       إن خوض حرب بالنسبة لإيران يتطلب اولًا استقرارًا داخليًا واقتصاد قوي.

·       أنه رغم انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق ألا أن إيران لم تنسحب من الاتفاقية ومازالت متمسكة بها، وهو ما يؤكد عدم رغبة إيران في الدخول في حرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

·       امتلاك إيران الأسلحة النووية سواء المعلن عنها أو السرية سوف يجعل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أكثر حذرًا من الدخول في حرب ضد إيران؛ فهى لديها القدرة والخبرة لإنتاج قنبلة نووية.

·       سوف يزداد الوضع في منطقة الشرق الأوسط سوءًا مما يمثل تهديدًا لأمن واستقرار الكيان الصهيوني، فالرعب الإسرائيلي من رد إيران على الهجمات التي كانت ستقوم بها الولايات المتحدة ردًا منها على إسقاطها لطائرة أمريكية فوق مضيق هُرمز هو الذي دفع ترامب للتراجع عن القيام بهجوم عسكري على إيران.

·       عدم رغبة الدول الأوروبية في القيام بأي عمل عسكري في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في إيران.

·       تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن الضرر الذي سوف تلحقه إيران بها وبحلفائها لن يكون بسيطًا، فالاقتصاد العالمي يعتمد بشكل كبير على النفط والغاز الإيراني في منطقة الخليج.

·       سوف تستغل إيران الفرصة لتحقيق انتصار عسكري لها في العراق على القوات الأمريكية الموجودة هناك مما يؤثر على خطط ومصالح الولايات المتحدة.

·       إن إيران تمثل للولايات المتحدة الأمريكية ورقة ضغط تستخدمها مع دول الخليج العربي، حيث تهدد إيران العرب ويدفع العرب للولايات المتحدة الأمريكية مقابل حمايتهم من هذه التهديدات.

·       إن رفض الدول الموقعة على اتفاقية البرنامج النووي الإيراني الخروج من الاتفاقية وإعلانهم أنهم ملتزمون بها سوف يدفع الولايات المتحدة الأمريكية الى الدخول في اتفاقيات جديدة مع إيران.

خاتمة

من خلال ما تقدم يبدو أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران قد تباينت خلال فترات زمنية معينة، ويظهر ذلك واضحًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران قبل وبعد الثورة الإسلامية الإيرانية، فقبل الثورة الإسلامية كانت العلاقة بين الدولتين تتسم بالوئام والصداقة وشهدت إبرام اتفاقيات تعاون بين الدولتين ، وشهدت هذه الفترة بعض الخلافات ولكنها لم تؤثر على علاقة التعاون بين الطرفين، أما بعد الثورة الإسلامية فقد تحولت هذه الصداقة الى صراع وأصبحت إيران بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية تشكل خطرًا أمامها في منطقة الشرق الاوسط وخاصة بعد احداث 11 سبتمبر 2001؛ نتيجة لشكوك حول تورط إيران في هذا الحادث والذي أكدته إيران في اعتراف رسمي فيما بعد بمساعدتها لتنظيم القاعدة.

منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران وتدهور العلاقة بين الدولتين تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى اعادة إيران لهيمنتها باعتبارها أنها كانت حليفتها والتي تعتمد عليها في منطقة الشرق الاوسط لتحقيق مصالحها وأهدافها، وقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الأساليب والتكتيكات من اجل ذلك فقد استخدمت دول مجلس التعاون الخليجي ضد إيران، وحاولت تنفيذ العديد من الإنقلابات العسكرية لتغير النظام السياسي داخل إيران ولكنها فشلت في تحقيق ذلك وقد صرح الرئيس الحالي للولايات المتحدة دونالد ترامب في خطاب له أنه يأمل في تغير النظام في إيران، وأعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية البرنامج النووي الإيراني وفرض عقوبات جديدة على إيران وأهمها ادراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الارهابية ويأتي ذلك بعد إسقاط إيران طائرة عسكرية أمريكية كانت تحلق فوق مضيق هُرمز وأيضًا بعد إعلان إيران أنها مستمرة في تخصيب اليورانيوم ولكن سيترك الباب مفتوحًا أمام الدخول في مفاوضات جديدة بشروط أمريكية وإسرائيلية.

إن الأحداث الأخيرة لا تستدعي دخول الطرفين في مواجهة عسكرية،  رغم تبادل الطرفين الاتهامات والتهديدات ألا أنهم قد أكدوا على عدم رغبتهم للدخول في حرب تقليدية، ويظهر ذلك من خلال إعلان ترامب الاستعداد للدخول في مفاوضات وعلى الجانب الإيراني ظهر ذلك من خلال تمسكها بالاتفاقية رغم انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها.

إن دخول الولايات المتحدة مع إيران في مواجهه عسكرية شبه مستحيل فهي تدرك مدى قدرة إيران العسكرية وأنها من اهم الدول المنتجة للنفط والغاز والذي يعتمد عليه الاقتصاد العالمي، كما يتطلب الدخول في حرب سحب الولايات المتحدة لقواتها من العراق مما يعطل مصالحها وخططها في منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا في العراق. 

قائمة المراجع

المراجع باللغة العربية

§        bbc . (2013). رصد موجز لتاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية. بي بي سي.

§        خالد الطيب. (2014). ما هي أهم تداعيات هجمات 11 سبتمبر على سياسة الولايات المتحدة؟ مونت كارلو الدولية.

§        سارة عرفة. (4 نوفمبر 2018). بعد 39 عاما.. ماذا نعرف عن أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران؟ مصراوي.

§        صوت الامة. (2018). هل فعلتها إيران أم تغيظ واشنطن؟.. سر الاعتراف الإيراني يدعم القاعدة في 11 سبتمر. صوت الامة.

§        عدنان هياجنة. (2007). الملف النووي الايراني وسيناريوهات الموقف الامريكي المحتمل:دراسة استراتيجية. دراسات شرق أوسطية، الصفحات 17-22.

§        عليان محمود عليان. (2017). العلاقات الإيرانية الأمريكية بعد النصف الثاني من القرن العشرين. ألمانيا: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

§        أﻣﻴﻨﺔ قاسم. (2015). اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ إﻳﺮان واﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪول اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ 2003-2014. 76. الجزائر: ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺠﻴﻼﻟﻲ ﺑﻮﻧﻌﺎﻣﺔ ﺧﻤﻴﺲ ﻣﻠﻴﺎﻧة- كلية الحقوق .

§        مهر للأنباء. (2سبتمر 2018). ما هي معاهدة الصداقة بين ايران وامريكا؟ مهر للأنباء.

المراجع باللغة الأجنبية

§  CNN. (2019). Iran's Nuclear Capabilities Fast Facts. cnn.

§  iranwatchorg. (9 8, 2016). A History of Iran's Nuclear Program. تاريخ الاسترداد 3 8, 2019، من https://www.iranwatch.org/our-publications/weapon-program-background-report/history-irans-nuclear-program.

§  Kelsey Davenport. (7, 2019). https://www.armscontrol.org/factsheet/Timeline-of-Nuclear-Diplomacy-With-Iran. تاريخ الاسترداد 3 8, 2019، من arms control association.

§  Mark Habeeb. (2018). Scenarios for US-Iran relations. the arab weekly.

§  nti. (may, 2018). nuclear. تاريخ الاسترداد 3 august, 2019، من https://www.nti.org/learn/countries/iran/nuclear/.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟