خلال
الشهور الأخيرة، تصاعدت هجمات إيران علي أهداف ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في منطقة الشرق
الأوسط. وبالتأكيد هذه الهجمات شنتها الميليشيات
التابعة لطهران بالوكالة، ولاسيما الحوثيون في اليمن، والمليشيات الشيعية العراقية؛
لكن الهجمات التي حدثت في ميناء الفجيرة بالإمارات ليست من صنيع الميليشيات
بالوكالة التابعة لطهران؛ بل هناك فيديو نشرته المخابرات الأمريكية ينم علي أن هذه
الهجمات هي من صنيع إيران نفسها طبقا لمجموعة
تقصي الحقيقة الدولية التي ُشكلت لأجل الوقوف علي حقيقة الفجيرة.
وفي
الوقت الراهن إذا حدث أي فعل إرهابي تتجه كل الرؤي والتحليلات ناحية إيران؛ بسبب تبنيها
لقضايا الإرهاب، والجماعات الإرهابية في المنطقة، لذلك تمارس الولايات المتحدة الأمريكية
سياسية الضغط الأقصى علي إيران لتقويض أنشطتها الإرهابية، وكذا الحد من برامجها الصاروخية
.
وتتمثل
أهم أسباب التصعيد الأمريكي مع إيران خلال هذه الفترة حسب رؤية المحللين الإيرانيين
فيما يلي:-
1 – سياسية التهديد: رأي المحلل السياسي الإيراني
" علي حيدري" في مقال له نشر في موقع "إيران انترناشونال"، أن
الولايات المتحدة الأمريكية تمارس في الوقت الراهن سياسة الضغط الأقصى، وكذا سياسية
التهديد ضد السلطات الإيرانية، للحد من أنشطتها الإرهابية، وأيضاً لتصفير النفط الإيراني،
حيث أن إيران قالت أنه في حالة منع تصدير النفط الإيراني، سنقوم بغلق مضيق هرمز .
ويشير
"علي حيدري" إلي أنه بعد سقوط نظام صدام حسين ونهاية الاستراتيجية الأمريكية
"مواجهة إيران، العراق"، كانت إيران هيئت الأجواء إلي رد فعل دولي وبادرت
بتشكيل مليشيات طائفية في دول المنطقة، ولاسيما العراق، وأفغانستان؛ حتي تستطيع مجابهة
سياسات الولايات المتحدة الامريكية، وضرب المصالح الأمريكية بشكل غير مباشر وبالشكل
الذي لا تستطيع الولايات المتحدة الامريكية الصاق التهمة بإيران .
ونوه
"حيدري" إلي أن أحد أهم انتقادات الرئيس الأمريكي" دونالد ترامب"
هو الاتفاق النووي، لأن هذا الاتفاق ليس فقط لم يلجم استمرار السياسات الإيرانية الإقليمية؛
بل تحرير الأصول المجمدة في الخارج والتي تمثل نحو 150 مليار دولار والتي السبب فيها
إيران، فلقد ضخت إيران رأس مال كبير في أطار برنامجها الصاروخي، وتسليح وتجهيز الجماعات
الإرهابية بمعدات مثل طائرات بدون طيار، صواريخ متوسطة المدى من ما أسفر عن تهديد الأمن
القومي الامريكي والسلام والاستقرار العالمي، ناهيك عن زعزعة امن الممرات المائية الدولية الهامة.
2 – سياسة الضغط الأقصى: وأكد
"حيدري" أن خروج الولايات المتحدة من الإتفاق النووي وعودة العقوبات الأمريكية
الأكثر صرامة ضد إيران، استراتيجية إيران الإقليمية التي يبدو ظاهرها نجاحاً؛ لكن واجهت
فشل ذريع وتحديدات كبيرة، وأسفرت عن مشكلات
وأزمات السبب فيها نثر بذورها إيران ،
ناهيك عن، إلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية وحلفائها؛ -لكن تأتي الرياح بما لاتشتهي
السفن- فلقد اتجهت هذه المشاكل والأزمات داخل المجتمع الإيراني وأسفرت عن خلق فجوات وأزمات ظاهرة وخفية في جوانب متعددة كالجانب
الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي داخل المجتمع الإيراني.
وأضاف
"حيدري" أن المجتمع الإيراني في الوقت الراهن يعيش حال غير مسبوقة من تردي
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية....؛ بسبب الضغوطات المفروضة علي إيران من قبل الولايات
المتحدة الأمريكية، مما أسفرت عن ظهور مشكلات، نظير احتجاجات واسعة، اضرابات عارمة،
مشاكل داخلية. علي النقيض النظام الإيراني يستخدم سياسية الكبت وقمع الحريات مع الشعب
الإيراني ؛ لذلك من الممكن أن يخرج المجتمع الإيراني في أي لحظة عن السيطرة بسبب هذه
السياسات.
ويؤكد
"حيدري" علي أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت من خلال خطوتين هما
(الخروج من الاتفاق النووي وتكثيف العقوبات)
أن تحول استراتيجية إيران الإقليمية ضد إيران، ناهيك عن ، قدرت إيران الإقليمية والتي
تتمثل في وجود قواتها النيابية حولتها الولايات المتحدة إلي تهديد رئيس عن طريق استخدام
القوى السياسية والاجتماعية الداخلية الإيرانية
.لذلك إن اعادة النظر في الإستراتيجية الإيرانية
هو أمر ضروري ولهذا السبب الهجوم المباشر من القوات الإيرانية علي الطائرة الامريكية بدون طيار في مضيق هرمز هو مؤشر علي رغبة إيران
في الدخول في مواجهة مباشرة وحتما ستكون في صالح الولايات المتحدة الامريكية( حالة
حدوث مواجهة)، وهذ التغيير في الاستراتيجية الإيرانية التي استخدمتها الولايات المتحدة سيتبعه هدفان رئيسان:
الأول: المواجهة
المباشرة والمحددة مع الولايات المتحدة الأمريكية وهي تعد أزمة خارجية التي سيتخلص النظام الإيراني إلي حد كبير من الضغوط الداخلية وسيستخدم
أسلوب القمع والتهديد الأمني، وفي نفس الوقت، سيحرك النعرة الوطنية لدى محبي الوطن
في جميع طوائف المجتمع ضد أي عداء خارجي (في حالة اندلاع حرب).
الثاني:
نفس هذه المواجهة من الممكن أن تجبر الولايات المتحدة علي استخدام الرد العسكري، وهذا
الرد شدته منوط بخلق تحديات أمام ترامب في الانتخابات المقبلة والتي ستعقد عام
2020، وخلق فرصة لهجوم منافسي ترامب الديموقراطيين الراغبين في العودة إلي الاتفاق
النووي وخلال هذه الأجواء ستكون نسبة فوز "ترامب "مجدد في الانتخابات فرصة
ضئيلة.
وبالنظر
إلي وضع الداخل الإيراني، وتحري تأثير العقوبات وكذلك أجواء الانتخابات الامريكية ترامب اخذ أمرا بالعدول عن توجيه ضربة عسكرية بصدد
إسقاط الطائرة بدون طيار في اللحظات الاخير عشر دقائق تقريبا بدلا من تشديد وتكثيف
العقوبات المحددة والمثيرة حيال النظام الإيراني والسلطات الإيرانية هذا الأمر ينم
علي أشياء كثيرة.
العقوبات وجرائم الحرب
في
الوقت الراهن، يلجأ النظام الإيراني لاستخدام مصطلحات اعلامية من الممكن أن تغير نظرة
الجيل الجديد من الصحفيين عن إيران، فضلًا عن
محاولة كل من المسؤولين الإيرانيين استخدامها في التغريد علي تويتر حتي
تكون منفذهم لتعبير عن الضغوطات المفروضة عليهم لكي ينسي العالم الجرائم الإيرانية
ويغير نظرته تجاه إيران .
1– ترويج مصطلحات إعلامية: أكد المحلل
السياسي "مجيد محمدي" أن المسؤولين الإيرانيين في الوقت الراهن يروجون لإطلاق
مصطلحات إعلامية الهدف منها أن يستخدمها الجيل
الجديد من الصحفيين الغربيين الكارهون للرئيس الراهن "ترامب " الإرهاب الاقتصادي،
جرائم العقوبات،- ........وهذه مصطلحات ترويجية إعلامية منوط بتنميق وتجويد الأفكار
العامة لأجل تلاشي الإرهاب وجرائم النظام الإيراني التي يرتكبها ضد البشرية .
2 – الاتفاق النووي: ويتفق مع هذا الرأي الصحفي
والكاتب "أندرو مكارثي" فيعيب في البداية علي الاتفاق النووي الذي أبرمته
حكومة أوباما لأجل تمهيد الطريق أمام إيران لأن تتحول إلي قوة عظمى، ومنحها مصادر مالية
والتي أنفقتها في النهاية لدعم الإرهاب الدولي ناهيك عن الاتفاق النووي، هناك ايضا
ما يسمى بالبرامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.
وأضاف"مكارثي"أن
ما يسمى بتأثير سياسية العقوبات وتفعيل الضغط حيال إيران وقلة عائدات تصدير النفط والكساد
الاقتصادي والهبوط السريع لاحتياطيات العملة الإيرانية، أدي إلي عجز إيران عن توفير
احتياجاتها الأولية وكذلك الحد من العداء العسكري الإيراني مع دول المنطقة ، مؤكدًا
علي أن نظام الموت لأمريكا يواجة في الوقت
الراهن أزمة فعلية.
وفي
نفس الصدد، تطرق موقع "البسيج الإيراني" في مقال له بعنوان "سياسية
الضغط ستأتي بنتيجة عكسية" نقلًا عن "كوري إنترناسيونال" إلى أن هدف
الولايات المتحدة الأمريكية هو الضغط علي إيران واجبارها للتغاضي عن برنامجها النووي
وأنشطتها الصاروخية البالستية وكذلك الحيلولة دون استخدام سياسة دس الأنوف في شؤون
دول المنطقة .
وأكد
" الموقع " علي إن استخدام واشنطن لسياسة الضغط الأقصى مع تفعيل أشد أنواع
العقوبات ضد الاقتصاد الإيراني هو بمثابة سلاح قوي بالنسبة لها لتصل من خلاله إلي اضعاف النظام الإيراني؛ لكن هذه
السياسة هي علي عكس توقع واشنطن ستسفر عن تطرف سياسية إيران في المنطقة بالشكل الذي
أن طهران خلال الشهور الأخيرة لم تتراجع للخلف ولو خطوة واحدة من موضعها.
وبالتزامن
مع هذا الأمر، أشار الصحفي "لوموند" إلي أن اسقاط إيران للطائرة الأمريكية تمثل نجاحا
كبيرا بالنسبة لإيران. وأكد"لوموند" أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"
لأجل وقاية خطر المواجهة العسكرية مع طهران عزم علي تلطيف لهجته خلال رده قائلًا إن
هذه الحادثة لم تقع عمدًا.
وختامًا، يمكن القول إن إيران ستلجأ للمفاوضات عاجلًا أم آجلاً لأجل تخفيف الضغوط من عليها، علي الصعيد الآخر، ترامب لن يستطيع في الوقت الراهن أن يوجه أي ضربة عسكرية لإيران لأن هذه الضربة من الممكن أن يكون لها رد عكسي عليه ، ومن شأنها أن تؤثر عليه في الانتخابات المقبلة عام 2020 وستفتح الطريق أمام معارضيه لاستغلالها ضده والسعي للرجوع للاتفاق النووي مع إيران مرة ثانية.